الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الشيعة»
| سطر ٣٩: | سطر ٣٩: | ||
أسماء وخصائص الأئمة الاثني عشر في الشيعة وردت في أحاديث عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله). وهم: | أسماء وخصائص الأئمة الاثني عشر في الشيعة وردت في أحاديث عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله). وهم: | ||
۱- [[علي بن أبي طالب|علي بن أبي طالب (عليه السلام)]]؛ | ۱- [[علي بن أبي طالب(أميرالمؤمنين)|علي بن أبي طالب (عليه السلام)]]؛ | ||
۲- [[حسن بن علي ( | ۲- [[حسن بن علي (المجتبی)|حسن بن علي (عليه السلام)]]؛ | ||
۳- [[حسين بن علي (سيد الشهداء)|حسين بن علي (عليه السلام)]]؛ | ۳- [[حسين بن علي (سيد الشهداء)|حسين بن علي (عليه السلام)]]؛ | ||
۴- [[علي بن الحسين ( | ۴- [[علي بن الحسين (السجاد)|علي بن الحسين (عليه السلام)]]؛ | ||
۵- [[محمد بن علي ( | ۵- [[محمد بن علي (الباقر)|محمد بن علي (عليه السلام)]]؛ | ||
۶- [[جعفر بن محمد ( | ۶- [[جعفر بن محمد (الصادق)|جعفر بن محمد (عليه السلام)]]؛ | ||
۷- [[موسى بن جعفر (الكاظم)|موسى بن جعفر (عليه السلام)]]؛ | ۷- [[موسى بن جعفر (الكاظم)|موسى بن جعفر (عليه السلام)]]؛ | ||
| سطر ٥٥: | سطر ٥٥: | ||
۸- [[علي بن موسى (الرضا)|علي بن موسى (عليه السلام)]]؛ | ۸- [[علي بن موسى (الرضا)|علي بن موسى (عليه السلام)]]؛ | ||
۹- [[محمد بن علي ( | ۹- [[محمد بن علي (الجواد)|محمد بن علي (عليه السلام)]]؛ | ||
۱۰- [[علي بن محمد ( | ۱۰- [[علي بن محمد (الهادي)|علي بن محمد (عليه السلام)]]؛ | ||
۱۱- [[حسن بن علي ( | ۱۱- [[حسن بن علي (العسكري)|حسن بن علي (عليه السلام)]]؛ | ||
۱۲- [[ | ۱۲- [[الإمام المهدي|حجت بن الحسن (عليه السلام)]]. | ||
== تاريخ نشأة التشيع == | == تاريخ نشأة التشيع == | ||
مراجعة ٠٨:٣٨، ٢ أغسطس ٢٠٢٥
الشيعة أحد المذهبين الرئيسيين في الدين الإسلامي وثاني أكبر مذهب من المذاهب الإسلامية من حيث العدد. وفقًا لمذهب الشيعة، فقد اختار نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله), بأمر من الله، الإمام علي (عليه السلام) كخليفة مباشر له. الإمامة من أصول عقيدة الشيعة ووجه تميزهم عن أهل السنة. وفق هذا الأصل، يُعيّن الإمام من قبل الله ويُعرّف به الناس عبر النبي. جميع الشيعة ما عدا الزيدية يعتبرون الإمام معصومًا ويؤمنون بأن المهدي المنتظر هو الإمام الأخير الذي في الغيبة وسيقوم يومًا لإقامة العدل في العالم. بعض المعتقدات الكلامية المميزة للشيعة تشمل: الحسن والقبح العقلي، تنزيه صفات الله، نظرية الأمر بين الأمرين، التقية، التوسل والشفاعة. بعض فرق الشيعة لديها آراء مختلفة في بعض هذه المعتقدات. في مذهب الشيعة، كما في مذهب أهل السنة، مصادر استنباط الأحكام الفقهية هي القرآن، السنة، العقل والإجماع. ولكن خلافًا لـأهل السنة، بالإضافة إلى سنة النبي، تعتبر سنة الأئمة، أي أقوالهم وأفعالهم، حججًا أيضًا.
المعنى اللغوي
الشيعة في اللغة تعني أتباع أو أنصار شخص ما، وجمعها «شِيع» و«أشياع»، ويقال: تبعه كما يقال: والاه وتآزر معه[١].
قال ابن فارس: للشيعة معنيان أصليان، أحدهما يدل على النصرة والآخر على التفرق والانتشار. وقولهم: فلان لما خرج، مشى الآخرون معه، من المعنى الأول[٢].
يطلق لفظ الشيعة في اللغة على معنيين: أحدهما اتفاق وتوافق اثنين أو أكثر على أمر، والآخر متابعة فرد أو جماعة لفرد أو جماعة أخرى؛ قال ابن منظور في لسان العرب: «الشيعة قوم اجتمعوا على أمر، وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة»[٣].
كلمة «شيعة» هي اختصار لـ «شيعة علي»، أي أتباع أو حزب علي بن أبي طالب. يشكل الشيعة ۱۰ إلى ۱۳[٤] بالمئة من سكان المسلمين في العالم، و۳۸ بالمئة من سكان المسلمين في الشرق الأوسط[٥].
المعنى الاصطلاحي
يطلق اسم «شيعة» اصطلاحيًا على أولئك المسلمين الذين يؤمنون بخلافة وإمامة علي (عليه السلام) المباشرة، ويقولون إن الإمام وخليفة النبي (صلى الله عليه وآله) يُعيّن عبر نص شرعي، وأن إمامة علي (عليه السلام) والإمامان الآخرون في مذهب الشيعة مثبتة بنفس الطريقة[٦][٧]. وقد أُطلق لفظ الشيعة على أصدقاء وأتباع علي (عليه السلام) أولًا من قبل النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وورد في أحاديثه المتعلقة به. فقد روى السيوطي عن جابر بن عبد الله الأنصاري وابن عباس عن علي (عليه السلام) أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في تفسير الآية الكريمة: «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية»[٨] أشار إلى علي (عليه السلام) وقال: «أنت وشيعتك» ستكونون ناجين يوم القيامة»[٩][١٠].
الخاستگاه
بعد وفاة رسول الله، كان الذين يؤمنون بأولوية علي بن أبي طالب للخلافة يُسمون شيعة. ولم يكن تميز هذه الجماعة عن بقية المسلمين واضحًا إلا في زمن الإمام محمد باقر، حيث برزت المحبة لأهل البيت والاعتقاد بأحقية حصرية لهم في حكم المسلمين. ومنذ ذلك الحين، أصبح الشيعة تدريجيًا مذهبًا فقهيًا وقانونيًا مستقلًا. في زمن الإمام جعفر الصادق، ومع توسع النقاشات الكلامية للشيعة (أتباعه)، أسسوا مذهبًا خاصًا بهم إلى جانب المعتزلة والأشاعرة[١١]. ومنذ زمن الإمام جعفر الصادق، وبسبب تجنبه السعي للسلطة السياسية في ظل الصراع بين الأمويين والعباسيين، كان الاعتقاد السائد بين غالبية أتباعه أنه لن يحدث تغيير في الوضع السياسي للشيعة حتى قيام القائم آل محمد، ولهذا السبب كان الشيعة الإثنا عشرية لسنوات عديدة يستفسرون من الأئمة التاليين عن كونهم القائم أم لا[١٢].
«الشيعة» في الاصطلاح الحديث يُطلق على أولئك المسلمين الذين يؤمنون بخلافة وإمامة علي (عليه السلام) المباشرة ويعتقدون أن الإمام وخليفة رسول الله يُعيّن عبر نص شرعي، وأن إمامة علي والإمامان الآخرون في مذهب الشيعة مثبتة بنفس الطريقة[١٣][١٤]. وبحسب مادلونغ، لم يُعطِ القرآن ولا وثيقة المدينة مكانة تفضيلية لقريش، كما لم تحدد وثيقة المدينة طريقة خلافة النبي. ومع ذلك، فإن طريقة انتقال الإرث العامة مذكورة في سورة النساء، وفي القرآن، تنتقل النبوة أيضًا بالوراثة. يمكن لكل فرد أن يعيّن وصيًا لنفسه قبل موته ويكتب «وصية» لتنفيذها بعد موته. ظل النبي يأمل في وجود وريث ذكر حتى آخر خمس سنوات من حياته، وبعد ثلاث سنوات أنجبت جاريته القبطية ماريه ولدًا اسمه إبراهيم، لكنه توفي مبكرًا. لذلك، كانت فاطمة (عليها السلام) الوارثة الشرعية الوحيدة لرسول الله وخليفته الشرعية. مرض النبي بعد عشر سنوات من الهجرة، وبعد عدة أشهر من عودته من حجة الوداع، وتوفي ظهر يوم الاثنين ۱۲ ربيع الأول سنة ۱۱ هـ الموافق ۷ يونيو ۶۳۲ م في بيت زوجته عائشة في المدينة عن عمر يناهز ۶۳ عامًا[١٥]. بعد ذلك، توجهت مجموعة من الناس إلى سقيفة بني ساعدة لمناقشة خلافة رسول الله[١٦]. وكان ذلك بينما كان علي مع طلحة وزبير وجماعة من أقاربه وصحابة النبي مشغولين بتكفين وتدفين جسد النبي الطاهر، لكن نتيجة اجتماع المسلمين في سقيفة كانت اختيار أبي بكر خليفة لمحمد. كان بعض الأنصار في سقيفة بني ساعدة يدعمون سعد بن عبادة، لكن المهاجرين رفضوا ذلك واعتبروا أنفسهم أقرب نسبًا إلى النبي. ومن بين المهاجرين كان علي وزعيمهم زبير وطلحة وعباس بن عبد المطلب ومقداد وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري وعمّار ياسر، الذين اعتبروا علي وارث الرسالة الشرعي. يعتقد بوناوالا أن المؤرخين المسلمين يتفقون على أن الأزمة في تلك المرحلة حُلّت بواسطة ثلاثة من المهاجرين المعروفين بأسماء أبي بكر وعمر وأبو عبيدة جراح، حيث جمعوا الأنصار وفرضوا أبي بكر عليهم. وقد سهّلت الحسد بين قبيلتي الأنصار المهمتين، أوس وخزرج، وعدم نشاط بني هاشم في نشر رأيهم، نجاح هؤلاء الثلاثة. أدى هذا الاختيار إلى خلاف بين مؤيدي أبي بكر وأنصار علي. كان أنصار علي يرون أنه عُين خليفة من قبل النبي شخصيًا وأن الخلافة يجب أن تكون له. نقل الطبري في تاريخه أن مجموعة من معارضي أبي بكر، منهم زبير، اجتمعوا في بيت فاطمة (عليها السلام) وطردهم عمر مهددًا بإحراق البيت. قال علي لاحقًا إنه لو كان لديه أربعون من أنصاره لثار. ووفقًا لبوناوالا، رفض علي وبنو هاشم البيعة لأبي بكر حتى استشهاد فاطمة (حوالي ستة أشهر). لم يصر علي على حقه لأنه لم يرغب في أن يقع الصراع في الأمة الناشئة. وهكذا نشأت تدريجيًا مؤسسة الخلافة التي ليس لها مثيل خارج العالم الإسلامي. كان للخليفة مكانة القيادة وحق اختيار الحكام. وكان التعيين في الخلافة نوعًا من العقد الذي يخلق التزامات متبادلة بين الخليفة والأمة. جميع الشيعة يؤمنون بأن اختيار الإمامة من قبل الله وإبلاغها عبر النبي، وبناءً على حديث الغدير (وآيات مثل آية الولاية[١٧] وآية التطهير[١٨] وأحاديث متواترة أخرى مثل حديث المنزلة وحديث الثقلين)[١٩]، يرون عليًا إمامًا بحق، بينما أهل السنة يؤمنون بالشورى. يعتقد الشيعة أن محمدًا في حياته عين خليفة من بعده وهو ابن عمه وصهره علي بن أبي طالب، كوصي وخليفة له. ويرون أن أساس وخاستگاه الشيعة هو الدفاع عن الإسلام والولاية والعدل. ويستندون في ذلك إلى واقعة غدير خم[٢٠]. كما يستند الشيعة في إثبات حقانيتهم إلى روايات من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مصادر أهل السنة التي تشير إلى «شيعة علي». من بينها يروي السيوطي، وهو من أهل السنة، أن النبي قال لعلي: «والذي نفسي بيده إن هذا الرجل – علي – وشيعته في الآخرة ناجون»[٢١]. أما العلامة الأميني، وهو من علماء الشيعة المشهورين والمحبوبين لدى الشيعة، فقد جمع كل الروايات المتعلقة بواقعة الغدير من كتب أهل السنة ونشرها في أربعين مجلدًا تحت عنوان الغدير. يربط بعضهم التشيع بشخص يدعى عبد الله بن سبأ. رغم أن بعض الكتب التاريخية و«كتب الملل والنحل» تعتبره من الغلاة في الشيعة ومؤسس فرقة السبئية التي تعتقد بألوهية علي، ولهذا السبب لُعن وتكفّر علي بن أبي طالب، وبعض الأخبار تقول إنه وأتباعه أُحرقوا بأمر علي. يرى مرتضى العسكري في كتابه وبعض المستشرقين وبعض علماء السنة في القرون الأخيرة أن عبد الله بن سبأ شخصية خيالية ومختلقة من خصوم الشيعة[٢٢]. يعتقد بعض أهل السنة، مثل الشيخ شلتوت، مفتي الأزهر الأكبر، أن تقليد فقه مذهب جعفري مثل المذاهب الأربعة لأهل السنة معتبر[٢٣].
كلمة شيعة في القرآن الكريم
في القرآن الكريم وردت كلمة «شيعة» بمعنى أتباع الأنبياء والشخصيات العظيمة. قال الله تعالى في قصة موسى (عليه السلام): «فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ»[٢٤]. وقال أيضًا: «وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإبراهيم...»[٢٥]. ووردت كلمة شيع في قوله تعالى: «مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا»[٢٦]. جمع «شيعة» تعني فرقة يتفقون على اتباع سنة ومذهب واحد[٢٧].
فرق الشيعة
تاريخيًا، ظهرت فرق كثيرة في الشيعة، وقد انقرضت معظمها، ولا فائدة من مناقشتها. ومع ذلك، الفرق الرئيسية الموجودة حاليًا هي: الشيعة الاثني عشرية، الشيعة الزيدية، والشيعة الإسماعيلية. ومن منظور آخر، ينقسم الشيعة إلى الزيدية والكيسانية والإمامية. الزيدية ثلاثة فرق، والكيسانية فرقتان، والإمامية خمسة عشر فرقة[٢٨] والمعروفة بفرق الإمامية. اليوم توجد عدة فروع رئيسية للشيعة الإثني عشرية، الإسماعيلية، العلويون والزيدية.
سبب التسمية
الغالبية العظمى من الشيعة هم شيعة الإمامية أو الاثني عشرية. يؤمنون بإمامة اثني عشر إمامًا بعد نبي الإسلام، ويعتبرونهم خلفاء النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) الشرعيين، لذا سُمّوا الاثني عشرية. ويسمى هذا المذهب أيضًا الشيعة الجعفرية أو الشيعة الاثني عشرية. تركز الشيعة الاثني عشرية بشكل خاص على مسألة الإمامة، وتعتبر عصمة الإمام وفضله على باقي أفراد الأمة الإسلامية أمرًا مهمًا وأساسيًا. وترى الإمامة بعد الأئمة الثلاثة الأوائل محصورة في نسل الإمام الحسين (عليه السلام). وبناءً على هذه المعتقدات الخاصة بالإمامة، يُعرف الشيعة الاثني عشرية بالإمامية. الشيعة الاثني عشرية اليوم، في بداية القرن الحادي والعشرين، هم أكبر فرع من مذهب الشيعة. وتعتبر الإمامية من أشهر المصطلحات الكلامية لهذا المذهب، والمأخوذة من كلمة «إمام» التي تعني القائد والذي يُتبع قوله، وجمعها «أئمة». حرف الياء في نهايتها هو ياء النسبة بمعنى المنسوب إلى الإمام، ولأنها وصف لـ«فرقة» فهي مؤنثة، أي فرقة الإمامية، ويقصد بها الجماعة التي تتبع «الإمام المعين من قبل النبي» بعد وفاة النبي.
الشيخ مفيد بعد تعريفه للشيعة الذين يؤمنون بالإمامة المباشرة لعلي (عليه السلام)، قال عنهم: «هذا اللقب خاص بالشيعة الذين يؤمنون بوجود إمام في كل زمان، ووجوب النص الجلي والعصمة والكمال لكل إمام، ويرون أن الإمامة (باستثناء الأئمة الثلاثة الأوائل) محصورة في ذرية الإمام الحسين (عليه السلام)»[٢٩].
أئمة الشيعة
أسماء وخصائص الأئمة الاثني عشر في الشيعة وردت في أحاديث عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله). وهم:
۱- علي بن أبي طالب (عليه السلام)؛
۴- علي بن الحسين (عليه السلام)؛
۶- جعفر بن محمد (عليه السلام)؛
۷- موسى بن جعفر (عليه السلام)؛
۱۰- علي بن محمد (عليه السلام)؛
۱۲- حجت بن الحسن (عليه السلام).
تاريخ نشأة التشيع
رغم وجود بعض الخلافات بين المسلمين في عصر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في بعض المسائل[٣٠]، إلا أن الفرق والتصنيفات التي ظهرت لاحقًا لم تكن موجودة في ذلك الوقت، ولكن بعد وفاة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ظهرت خلافات أدت إلى نشوء فرق مختلفة بين المسلمين. أهم خلاف ظهر في الأيام الأولى بعد وفاة النبي كان حول مسألة الخلافة والإمامة، مما قسم المسلمين إلى فريقين. فريق يؤمن أن الإمامة مثل النبوة منصب ومقام إلهي، ومن شروط الإمام العصمة من الخطأ والمعصية، ولا يعلم هذه الصفة إلا الله، وطريقة تعيين الإمام هي النص الإلهي المذكور في القرآن أو الأحاديث النبوية، ووفقًا لهذه النصوص، فإن علي بن أبي طالب (عليه السلام) هو خليفة النبي وإمام المسلمين. كان الإمام علي (عليه السلام) وبنو هاشم وبعض كبار الصحابة، من المهاجرين والأنصار، من أنصار هذا الرأي، وهو عقيدة الشيعة - خصوصًا الشيعة الإمامية - في مسألة الإمامة. والفريق الآخر - الذي كان في مقدمتهم أبو بكر وعمر - كانوا يرون أن النبي الأكرم لم يعين خليفة لنفسه، وترك الأمر للمسلمين ليقرروا بأنفسهم. وبناءً على ذلك، وبالنظر لأهمية مسألة الخلافة والإمامة ودورها الحيوي في مصير الأمة الإسلامية، في خطوة متسرعة - في ظل تجهيز علي بن أبي طالب وبعض كبار الصحابة لجثمان النبي - اجتمع عدد من المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة، وبعد مناقشات حول خليفة النبي (صلى الله عليه وآله) بينهم، بايعوا أخيرًا أبو بكر خليفة للنبي (صلى الله عليه وآله).
صمت علي
نظرًا للظروف السياسية والاجتماعية في العالم الإسلامي، ولأن الإمام علي (عليه السلام) وأنصاره كانوا قد يلجؤون لأعمال عدائية لإثبات عقيدتهم وتطبيقها، وكان وجود الإسلام مهددًا من أعداء خارجيين (الإمبراطورية الفارسية والرومانية) وأعداء داخليين (المنافقين)، رأى الإمام علي (عليه السلام) مصلحة الإسلام والمسلمين في اتباع منهج الصبر والتسامح، ورغم أنه كان ينتقد أداء الآخرين في الأوقات المناسبة، إلا أنه تجنب النزاعات العدائية، ولم يتوانَ في قيادة وتطوير المجتمع الإسلامي، وساعد في حل المشاكل ودعم جهاز الخلافة. وقد نقل عن الخليفة الثاني قوله سبعين مرة: «لو لم يكن علي لهلك عمر»[٣١]، وقال أيضًا: «اللهم لا تتركني لمشكلة لا يوجد فيها علي»[٣٢].
الشيعة في زمن النبي
على كل حال، ظهر الشيعة كأتباع علي بن أبي طالب ومؤمنين بإمامته المباشرة في الأيام الأولى بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله). وهناك روايات تشير إلى أن لفظ «شيعة» كان يُطلق في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) على أربعة من الصحابة وهم: سلمان، مقداد، أبو ذر، وعمار ياسر[٣٣][٣٤]. وكان هؤلاء من الذين يرون أن الإمامة والخلافة لعلي (عليه السلام). وبناءً على أن نظرية الشيعة في مسألة الإمامة مستندة إلى نصوص الكتاب والسنة، يمكن القول إن التشيع كان مصاحبًا للإسلام، رغم أن وجوده كمذهب مستقل بدأ بعد وفاة النبي.
فرق الشيعة
لأن مذهب الشيعة فهم الإمامة بشكل كامل خلال قرنين ونصف، واجه العديد من الأحداث والأزمات خاصة في مسألة الإمامة والمهديّة. ولهذا السبب، ظهرت فرق شيعية منحرفة نتيجة انحراف بعض الأفراد عن الشيعة الإمامية، منها: الكيسانية، الزيدية، الإسماعيلية، الفتحية والواقفيات. على كل حال، هذه الفرق هي فروع منحرفة عن عقائد الشيعة الحقّة، وحتى مع تطور هذه الفرق، لا يُطلق لفظ «شيعة» عليها إلا إذا أضيف إلى مذهبها، مثل الشيعة الإسماعيلية والزيدية وغيرها من الفرق المنقرضة.
الغلو في الشيعة
كان الغلو في مذهب الشيعة بالنسبة لبعض المستغلين أو الغافلين عن حقائق عقيدة الشيعة طريقًا إلى الكفر والشرك، ووقع بعض الأفراد في الكفر والغلو. هؤلاء الكفار المغالون لا يمثلون جوهر عقائد الشيعة، لكن بعض الكتاب مثل شهرستاني وسمعاني يحاولون تصوير جميع الأفراد والفرق المنحرفة عن الشيعة، مثل الكيسانية، الإسماعيلية، الزيدية، الغلاة وغيرهم، كشيعة غلاة، ويوهمون القارئ بأن فرق الشيعة كثيرة جدًا ويهدفون إلى إخفاء العقائد الصحيحة للشيعة وتقديم صورة مشوهة لهم[٣٥][٣٦].
الشيعة والصمود
أصدقاء وأنصار علي (عليه السلام) الذين عرفوا بالشيعة، بعد وفاة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) انتقدوا واحتجوا من أجل استعادة حقوق أهل البيت في الخلافة والمرجعية العلمية، وانفصلوا عن غالبية الناس الذين بايعوا أبو بكر لأسباب مختلفة. وكان سلمان وأبو ذر ومقداد وعمّار وحذيفة بن اليمان وغيرهم من أنصار الإمام علي الحقيقيين الذين دافعوا عن حقه في مناسبات متعددة[٣٧]. كان شيعة آل محمد عليهم السلام في ذلك الوقت تحت ضغط مستمر حتى تعرض أبو ذر الغفاري للتعذيب من قبل معاوية بسبب كشفه للحقائق، ثم نُفي إلى صحراء ربذة حيث توفي في الغربة[٣٨]. كما استشهد كبار الشيعة مثل مالك الأشتر، محمد بن أبي بكر، حجر بن عدي، جويرة بن مسهر، ميثم تمار، كميل بن زياد، رشيد هجري وقنبر... بمكر معاوية[٣٩]. وفي عهد بني أمية (۴۰ـ۱۳۲ هـ) أُزيلت كل الحصانات عن الشيعة في النفس والمال، حتى أن حجاج بن يوسف كان يقتل من يشاء من الشيعة متى أراد[٤٠]. لكن كلما اشتد الظلم والاضطهاد على الشيعة، ازدادوا ثباتًا في عقيدتهم. ومع قيام بني العباس، تصاعدت قسوة الاضطهاد على الإمامة والشيعة، وكانوا أحيانًا يلجأون إلى التقية لحماية أنفسهم. في بداية القرن الرابع، وصل سلاطين آل بويه إلى السلطة. دعمهم للمذهب والعقائد الشيعية أعطى قوة كبيرة للمجتمع الشيعي. وقد وفر الدعم السياسي للشيعة حرية عمل كبيرة. في هذه الفترة برز علماء مثل الشيخ الكليني، الشيخ الصدوق، الشيخ مفيد، الشيخ الطوسي وغيرهم، الذين أعلنوا عن عقائدهم وناقشوا آراء الآخرين، وتركوا تراثًا ثمينًا من المؤلفات والمصادر الأساسية للعلوم الدينية كالحديث والفقه والتفسير وغيرها من علوم آل محمد (عليهم السلام). في بداية القرن السادس، مع بداية الغزو المغولي، ساهم اعتناق بعض سلاطين المغول في إيران للشيعة وحكم سلاطين المرعشي في مازندران، ومركزية الشيعة في قم، الكوفة والنجف في تقوية مكانة الشيعة وعددهم. استمر هذا الوضع حتى أواخر القرن التاسع الهجري، ومنذ القرن العاشر الهجري، مع ظهور الدولة الصفوية في إيران، اكتسب مذهب الشيعة صفة رسمية ولا يزال كذلك حتى القرن الخامس عشر الهجري، وإلى جانب ذلك يعيش مئات الملايين من الشيعة في أنحاء العالم.
واجب الشيعة
اليوم، أعداء الشيعة الأساسيون هم قادة الاستكبار والكفر وحلفاؤهم. يستثمر قادة الاستكبار ويدعمون بلا حدود التيارات المنحرفة ليس فقط لإلحاق الضرر بالتشيع، بل لوضع مخططات لضرب عالم الإسلام. ومن الضروري لجميع الشيعة أن يدافعوا عن عقائد هذا المذهب علميًا ودقيقًا، إلى جانب معرفتهم بأعداء التشيع الأساسيين.
المعتقدات
عقيدة الشيعة هي نصب علي بن أبي طالب لخلافة النبي، والإمامة بعده. بينما عقيدة أهل السنة هي أن نبي الإسلام لم يعين خليفة لنفسه، وكان يرغب أن يقرر المجتمع أمر القيادة بين أفراده[٤١]. معظم عقائد ومناسبات الشيعة الاثني عشرية اليوم جمّعها ونظّمها محمد باقر مجلسی في عهد الصفويين[٤٢].
أصول الدين
وفقًا لمعتقد الشيعة، أصول الدين خمسة، بالإضافة إلى ثلاثة أصول وهي التوحيد، النبوة والمعاد، يؤمنون أيضًا بوجود أصلين آخرين هما العدل والإمامة.
المعاد
يؤمن الشيعة بالمعاد الجسدي[٤٣]. رغم وجود بعض الشبهات حول روحية المعاد[٤٤] إلا أن معظم علماء الشيعة مثل الشيخ الطوسي، خواجه نصير الدين الطوسي والإمام محمد الغزالي يؤكدون على المعاد الجسدي[٤٥].
القرآن
يعتبر الشيعة القرآن محفوظًا[٤٦]، ويؤكدون على اتباع القرآن والسنة، ويعتقدون أن تعيين خليفة النبي هو أمر خاص بالله والنبي فقط.
المنجي
الإيمان بظهور أو عودة المنجي (المنقذ) والموعود أمر واضح في معظم الفرق الإسلامية وكذلك في الديانات الأخرى، إذ ينتظر اليهود ملك بني إسرائيل، والمسيحيون يؤمنون بعودة عيسى، وفي معتقدات الزرادشتيين، البوذيين وبعض الديانات الأخرى توجد أشكال مشابهة لهذا الاعتقاد. في الفرق الإسلامية، خصوصًا الشيعية، كان هذا الاعتقاد شائعًا وظاهرًا بعد الإسلام. تعتبر الكيسانية القائم محمد حنفيّة ابن علي بن أبي طالب الآخر، وتعتبر الإسماعيلية القائم إسماعيل ابن جعفر الصادق الأكبر. أما معتقد الشيعة الاثني عشرية فهو أن المنجي في آخر الزمان من آل محمد، ويسمونه قائم آل محمد أو المهدي، ويعتقدون أنه الإمام الثاني عشر حجت بن الحسن العسكري.
الرجعة
الإيمان بـالرجعة بمعنى عودة بعض الموتى إلى الحياة في هذه الدنيا عند ظهور المهدي، من معتقدات الشيعة، وبعض علماء الشيعة لا يعتبرون الرجعة من الضروريات[٤٧]، لكن لا ينكرها أحد بسبب الأدلة العقلية والنقلية والقرآنية عليها[٤٨]. رغم أن بعض الديانات وحتى الفرق الإسلامية تؤمن بأشكال مختلفة من الرجوع إلى الحياة بعد الموت كعودة الروح إلى جسد آخر أو بالتناسخ أو حلول، إلا أن نظرة الشيعة في الرجعة هي من أكبر الفروق بينهم وبين الآخرين، بمعنى أن الشيعة يؤمنون ليس فقط بالمعاد الجسدي، بل يعتقدون أنه في الآخر الزمان وبعد ظهور قائم آل محمد،[٤٩] سيعود بعض الأنبياء مثل عيسى المسيح والأولياء مثل مالك الأشتر وبعض أئمة الشيعة وأيضًا بعض الأشرار والفجار من أزمنة البشر إلى الحياة. وبهذا يحكم الصالحون على الدنيا ويُعاقب الأشرار[٥٠].
العصمة
كلمة «العصمة» في اللغة العربية تعني الحفظ، والحماية، والمنع[٥١]. أما في علم الكلام، فتعني الحصانة من الذنب أو الخطأ لبعض الأشخاص مثل الأنبياء والأئمة. وقد كانت نظرية العصمة في أئمة الشيعة أول مرة عند هشام بن حكم، أحد المتكلمين المهمين في الشيعة ومن أصحاب الإمام السادس[٥٢]. وقد أشار علماء الكلام الإسلامي مثل خواجه نصير الدين الطوسي في كتاب تجريد الاعتقاد وعلامة حلي في شرح التجريد إلى أن موضوع العصمة يُطرح على ثلاث مستويات:
المستوى الأول: العصمة بمعنى الحفظ من الخطأ في تبليغ الرسالة. في هذا المجال، يؤكد علماء الكلام من أهل التشيع والتسنن عصمة النبي محمد (صلى الله عليه وآله)؛ لأن الآية الثالثة من سورة النجم توضح صراحة أن النبي لا ينطق عن الهوى وأن كلامه ليس إلا وحيًا إلهيًا[٥٣].
المستوى الثاني: العصمة بمعنى الحفظ من الذنب والمعصية. في هذا المجال، يؤمن غالب علماء الكلام الشيعة بعصمة الأنبياء والأئمة وفاطمة بنت محمد (زهرا)[٥٤].
المستوى الثالث: العصمة بمعنى الحفظ من كل زلة وخطأ. في هذا المجال، لا يوجد اتفاق بين علماء الكلام الشيعة، لكن الغالبية منهم يرون أن النبي محمد وابنته فاطمة الزهراء وأئمة الشيعة في مرتبة تجعلهم معصومين من كل خطأ وزلل، ولذلك يسمى هؤلاء «معصومين». بالمقابل، بعض علماء الشيعة مثل الشيخ الصدوق في مبحث «سهو النبي» لا يرون استحالة صدور أخطاء صغيرة في الأمور الشخصية وغير المتعلقة بالتبليغ والرسالة[٥٥][٥٦][٥٧][٥٨].
التبرك
يعتقد أن أسلحة وأدوات الأنبياء المقدسة، بما في ذلك النبي محمد، ورثها الأئمة من بعدهم. قال الإمام جعفر الصادق، الإمام السادس للشيعة، في كتاب الكافي: «سلاح رسول الله عندي».
وأضاف أنه يمتلك سيف رسول الله، والراية، والعمامة، والقبعة، والعصا التي كانت لعيسى، وخاتم سليمان بن داود، والصينية التي كان موسى يقدم عليها هداياه. وكان كلما وضع رسول الله هذه الأشياء بين المسلمين والمشركين، لم تصب المشركين سهام، وهي ذات الشيء الذي جاء به الملائكة.
ونقل أن وراثة سلاح النبي تعادل نيل مقام الإمامة، كما أن وراثة عرش العهد في بني إسرائيل تعني نيل مقام النبوة. قال الإمام الرضا: إذا ذهب السلاح من بيننا، يذهب العلم معه، ولن يبتعد السلاح عن أهل العلم (الإمامة)[٥٩].
الشيعة في مصادر الفرق الإسلامية
يقسم الأشعريون الشيعة إلى ثلاث طوائف باسم «الغلاة»، «الرافضة»، و«الزيدية»، ويعتبرون الإمامية مساوية للرافضة. في كتابه، ذكر للأغالي ۱۵ فرقة، وللرافضة ۲۴ فرقة، وللزيدية ۶ فرق[٦٠]. يرى الملطي أن الرافضة والإمامية فرقة واحدة، وذكر لها ۱۸ فرقة، منها الزيدية. ويستخدم الإمامية بمعنى عام أي المؤمن بالإمام المعين، ويجمع الجميع تحت هذا العنوان. وذكر محقق كتاب محمد زاهد كوثرى في الحاشية أن الإمامية هي ذات الفرقة الإثني عشرية، لكن المؤلف اعتبر كل من يؤمن بالإمامة إماميًا[٦١]. عدد بغدادي أربعة فرق رئيسية للروافض وهي الزيدية، الكيسانية، الإمامية، والغلاة، وللزيدية ثلاث فرق، وللكيسانية فرقتان، وللإمامية ۱۵ فرقة، وللغلاة ست فرق[٦٢]. ولم يذكر الأسفرائيني أسماء الغلاة، واعتبر الروافض ثلاثة فرق فقط: زيدية، إمامية، وكيسانية، وذكر للإمامية ۱۵ فرقة[٦٣]. ذكر شهرستاني خمسة فرق للشيعة: كيسانية، زيدية، إمامية، غالية، وإسماعيلية[٦٤]. يرى أحمد أمين المصري أن أساس التشيع هو الإيمان بأن علي (عليه السلام) وذريته هم الأحق بالخلافة والإمامة، وأن النبي اختارهم لهذا المنصب؛ ويطلق على باقي فرق الشيعة، عدا الزيدية، اسم الإمامية، وأهمها الإثني عشرية[٦٥]. وفقًا لرأي شيخ كوثرى، محقق كتاب الملطي، لا يوجد خلاف في المصطلح؛ إذا كان المقصود بالإمامية الإيمان بالإمام المعين، فإن جميع فرق الشيعة إمامية ويمكن تسميتهم بالإمامية، إلا الفرق الغالية التي يثار حول إسلامها الشك، وإذا كان المقصود المصطلح الشائع بين الشيعة وغيرهم، فالحق أن الإمامية قسم من الشيعة ومرادف للإثني عشرية والإيمان باثني عشر إمامًا. ولهذا قال شيخ مفيد: الإمامية يركزون الإمامة بعد الإمام علي والحسنين في أولاد الحسين بن علي، ويستمرون في الإمامة حتى الإمام الرضا ثم الإمام المهدي[٦٦]. اتبع فخر الدين الرازي نفس الرأي، وقال: الإمامية فرقة من الشيعة تقول: الإمام بعد النبي محمد هو علي بن أبي طالب، ثم ابنه الحسن، ثم أخوه الحسين، ثم ابن الحسين علي بن الحسين، ثم ابنه محمد الباقر، ثم ابنه جعفر الصادق، ثم ابنه موسى الكاظم، ثم ابنه علي بن موسى الرضا، ثم ابنه محمد التقي، ثم ابنه علي النقي، ثم ابنه الحسن الزكي، ثم ابنه محمد وهو الإمام القائم المنتظر[٦٧]. منذ زمن الشيخ الصدوق، الذي ازداد فيه تدوين العقائد والفرق بين الشيعة، صار مصطلح الإمامية يستخدم لوصف الفرقة الإثني عشرية. ألف سعد بن عبد الله الأشعري القمي، أحد أصحاب الإمام العسكري، كتابًا بعنوان «مقالات الإمامية» وتوفي سنة ۲۹۹ هـ[٦٨]. وكتب الشيخ الصدوق (۳۰۶–۳۸۱ هـ) رسالة في دين الإمامية، تعرف برسالة اعتقادات الصدوق، ومنذ ذلك الحين يستخدم مصطلح الإمامية في كلام الشيخ مفيد في كتاب «أوائل المقالات» للإشارة إلى الإثني عشرية. ويشير ذلك إلى أن تقسيم الأشعري وغيره لم يكن دقيقًا أو كان يقصد به المعنى العام. يعتقد بعض الباحثين المعاصرين في الفرق الإسلامية أن كثيرًا من هذه الفرق التي ذكرها الأشعريون والملطي وغيرهم تحت اسم «الإمامية» لم تكن موجودة فعليًا، وأنها نوع من اختلاق الفرق، مثل «الزرارية» و«الهشامية»، أو حتى لو صحت، فإن وجود اعتقاد خاص في مسألة كلامية لا يسبب تعدد الفرق. وما يمكن أن يكون محور التقسيم في مفهوم «الإمامية» بالمعنى العام هو الخلاف والانقسام في استمرار الإمامة ومصاديقها؛ لذلك يمكن عد «الزيدية» و«الإسماعيلية» و«الواقفية» فقط من فرق الشيعة. وربما كان الدافع لتكثير الفرق تحقيق الحديث المعروف الذي يقول بأن الأمة الإسلامية تنقسم إلى ثلاث وسبعين فرقة[٦٩].
فروع الشيعة
فرق الإمامية
منذ القرن الثاني الهجري، تشعب الشيعة إلى عدة فروع. أهم المذاهب الأخرى التي انبثقت من الشيعة هي الإسماعيلية، الزيدية، الفضلية، الكيسانية، الواقفية، والفتحية... هذه المذاهب، رغم اختلافاتها العقائدية والفقهية الواضحة في مسألة ضرورة «الإمامة»، تتفق على هذا الأصل. لكن تفسير كل منهم للإمام ومصداقه مختلف.
في كتاب مفاتيح العلوم، يقسم الشيعة إلى ستة فروع: الاثني عشرية التي تؤمن باثني عشر إمامًا، الزيدية (أتباع زيد بن علي), الكيسانية (أتباع كيسان غلام علي بن أبي طالب)، العباسية (نسبة إلى آل عباس بن عبد المطلب)، الغالية، والإمامية[٧٠]. ويقسم الإمامية إلى ۷ طوائف: الناووسية (نسبة إلى عبد الله بن ناووس)، المفضلية (نسبة إلى سيد بن طاووس), القطعية (التي تؤمن بشهادة موسى بن جعفر)، الشمطية (نسبة إلى يحيى بن أشمط)، الواقفية (التي توقفت في إمامة موسى بن جعفر وتعتبره حيًا)، الممطورة، والأحمدية (نسبة إلى أحمد بن موسى بن جعفر الذي يعتبرونه الإمام الثامن). وقد ذكر الدكتور محمد جواد مشكور المزيد من الفروع في كتابه «ثقافة الفرق الإسلامية».
تختلف مجموعات الشيعة في شروط الإمامة، والأشخاص الذين عينوا كأئمة، ومهام الإمام، ويُميز فروع الشيعة بناءً على اختلاف آرائهم في موضوع الإمامة. على سبيل المثال، تعتبر الزيدية قيام الإمام بالسيف من صفاته، بينما تؤكد الإسماعيلية والإمامية على علم وعصمة الإمام. ومعظم الشيعة، باستثناء بعض الفرق مثل الناووسية، يرون الإمام رجلاً من نسل فاطمة الزهراء.
تاريخيًا، نشأ الشيعة في القرن الأول كمجموعة من المسلمين. يعتقد البعض أن هذه النشأة كانت في حياة النبي، وآخرون يرون أنها بعد وفاته بسبب الخلاف على من يخلفه. منذ خلافة علي بن أبي طالب، تشكلت جماعة شيعية منظمة، وخصوصًا بعد واقعة عاشوراء، ظهرت عدة فرق شيعية مثل الناووسية، الزيدية، الإمامية، والفضلية، وتبلورت في أواخر القرن الأول وأوائل القرن الثاني كمذهب فقهي وكلامي.
جغرافية التشيع
خريطة انتشار المذاهب الإسلامية (الإباضية، السنة، الشيعة) يشكل الشيعة حوالي ۱۶٪ إلى ۳۰٪ من إجمالي سكان المسلمين. يعيش معظم الشيعة الإثني عشرية في الهند، إيران، العراق، جمهورية أذربيجان، لبنان، أفغانستان، باكستان، ودول حوض الخليج الفارسي مثل اليمن والبحرين. وفقًا لإحصائيات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه وورلد فاكت بوك)، ۸۹٪ من سكان إيران[٧١]، ۶۰ إلى ۶۵٪ من سكان العراق[٧٢]، ۸۵٪ من سكان أذربيجان[٧٣]، ۳۰٪ من سكان الكويت[٧٤]، ۲۰ إلى ۳۰٪ من سكان أفغانستان[٧٥]، و۱۶٪ من سكان الإمارات العربية المتحدة[٧٦] هم من الشيعة الإثني عشرية. لا توجد إحصائيات دقيقة عن الشيعة في لبنان، السعودية، البحرين، وقطر. كما أن ۲۰٪ من سكان باكستان[٧٧] شيعة، وبعضهم إسماعيليون خصوصًا في كشمير[٧٨]. غالبية شيعة اليمن هم من الزيدية، لكن لا توجد إحصائيات دقيقة عنهم. كما أن ۲۰٪ من سكان تركيا المعروفين بالعلويين[٧٩] وشيعة سوريا هم أيضًا علويون.
الدول التي تشكل أغلبية شيعية هي إيران، العراق، أذربيجان، والبحرين[٨٠]. كما أن الشيعة هم أكبر مجموعة دينية في لبنان، حيث يشكلون ۳۶٫۳٪ من إجمالي السكان و۳۸٫۶٪ من المسلمين في الشرق الأوسط[٨١].
مراجع التقليد في الشيعة
من أهم مراجع التقليد في الشيعة:
مواضيع ذات صلة
الهوامش
- ↑ لسان العرب، ج ۸، ص ۱۸۸، واژه «تشیّع».
- ↑ مقاییس اللغة، ج ۳، ص ۲۳۵، واژه «شیع».
- ↑ ابن منظور، لسان العرب، ج ۸، ص ۱۸۸. طباطبایی، محمد حسین، المیزان، ج ۱۷، ص۱۴۷.
- ↑ خريطة توزيع المسلمين في العالم
- ↑ أطلس الشرق الأوسط
- ↑ شيخ مفيد، محمد بن محمد بن نعمان، أوائل المقالات، ص۳۵.
- ↑ شهرستاني، محمد بن عبدالکريم، الملل والنحل، ج۱، ص۱۴۶.
- ↑ سورة البينة، آية 7
- ↑ السيوطي، جلال الدين، الدر المنثور، ج۸، ص۵۸۹.
- ↑ الأمين، عبد الحسين، الغدير، ج ۲، ص ۵۷۵۸.
- ↑ مدرسي طباطبائي، المذهب في مسيرة التطور، شابك ۹۶۴–۸۱۶۱–۷۵–۵، صفحات: ۲۹–۳۲
- ↑ مدرسي طباطبائي، المذهب في مسيرة التطور، شابك ۹۶۴–۸۱۶۱–۷۵–۵، صفحات: ۳۵–۴۰
- ↑ أوائل المقالات، ص۳۵
- ↑ شهرستاني، الملل والنحل، ج۱، ص۱۴۶
- ↑ شبارو، عصام محمد (۱۹۹۵). الدولة العربية الإسلامية الأولى (۱-٤۱هـ/٦۲۳-٦٦۱م) (الطبعة 3). بيروت: دار النهضة العربية. ص. ۲۰۲
- ↑ مصطفى حلمي (۲۰۰۶): الخلافة، ص۳۷–۳۸
- ↑ آية ۵۵، من سورة ۵: المائدة
- ↑ آخر آية ۳۳، من سورة ۳۳: الأحزاب
- ↑ راجع دورة الإمامشناسي، العلامة سيد محمد حسين الحسيني الطهراني، منشورات العلامة الطباطبائي
- ↑ موقع سوره
- ↑ السيوطي (عالم سني)، «الدر المنثور» تحت آية ۷ سورة البينة
- ↑ الغلاة
- ↑ نص فتوى الشيخ محمود شلتوت بجواز اتباع المذهب الشيعي
- ↑ سورة القصص، آية ۱۵
- ↑ سورة الصافات، آية ۸۳
- ↑ سورة الروم، آية ۳۲
- ↑ طباطبائي سيد محمد حسين، تفسير الميزان، ج ۱۲، ص ۱۹۵.
- ↑ تاريخ مذاهب الإسلام - محمد جواد مشكور، ص ۴۸، في بيان كلام الرافضة
- ↑ الشيخ مفيد، محمد بن محمد بن نعمان، أوائل المقالات، ص۳۸.
- ↑ الإمام شرف الدين، النص والاجتهاد.
- ↑ الكليني، محمد بن يعقوب، ج۷، ص۴۲۴.
- ↑ الأمين، عبد الحسين، الغدير، ج۶، ص۲۴۷.
- ↑ النوبختي، حسن بن موسى، فرق الشيعة، ص۱۷۱۸.
- ↑ الأمين، سيد محسن، أعیان الشيعة، ج۱، ص۱۸۱۹.
- ↑ شهرستاني، محمد بن عبدالکريم، الملل والنحل، ج۱، ص۹۲.
- ↑ شهرستاني، محمد بن عبدالکريم، الملل والنحل، ج۱، ص۱۴۶
- ↑ الكشي، محمد بن عمر، رجال الكشي، مجلد ۱، منشورات جامعة مشهد، ۱۳۴۸ هـ ش، ص۶-۷.
- ↑ مجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت - لبنان، مؤسسة الوفاء، ۱۴۰۴ هـ ق، ۱۱۰ مجلد، ج۲۲، ص۳۹۹.
- ↑ علامة حلي، حسن بن يوسف، كشف اليقين، مؤسسة الطباعة والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد، ۱۴۱۱ هـ ق، ج ۱، ص۷۷.
- ↑ علامة حلي، حسن بن يوسف، كشف اليقين، مؤسسة الطباعة والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد، ۱۴۱۱ هـ ق، مجلد واحد، ص۷۷.
- ↑ Sodiq, Yushau (2010). An Insider's Guide to Islam. Trafford Publishing. و اختيار الخليفة يكون ديمقراطيًا من قبل المجتمع المسلم Khadduri, Majid; Liebesny, Herbert J. (2008). Origin and Development of Islamic Law. The Lawbook Exchange, Ltd
- ↑ الخرافة كأيديولوجيا في السياسة الإيرانية من مجلسی إلى أحمدي نجاد، علي رهنما (مقدمة)
- ↑ ناصر مكارم شيرازي. «اعتقادنا، المعاد الجسدي». الموقع الرسمي لدانشنامه پایگاه حوزه
- ↑ إبراهيمي ديناني. «شبهة الأكل والمأكول». دائرة المعارف الإسلامية الكبرى
- ↑ دورة المعادشناسي، العلامة سيد محمد حسين الحسيني الطهراني، ج ۶، ص ۶۴، نقلاً عن آخر الفصول في الهیّات الشفاء، بوعلي سينا
- ↑ أقوال العلماء والأساطين في مذهب التشيع في نفي تحريف القرآن
- ↑ مرتضى مطهري. «الرجعة في اعتقاد الشيعة». الموقع الرسمي لحوزة قم
- ↑ «الرجعة». الموقع الرسمي لمكتب التبليغات الإسلامية في حوزة قم؛ شبكة البلاغ
- ↑ «الظهور والرجعة». الموقع الرسمي لمكتب التبليغات الإسلامية في حوزة قم؛ شبكة البلاغ
- ↑ «مفهوم الرجعة». الموقع الرسمي لمكتب التبليغات الإسلامية في حوزة قم؛ شبكة البلاغ
- ↑ المنجد في اللغة/مادة «عصم»
- ↑ مدرسي طباطبائي، المذهب في مسيرة التطور، شابك ۹۶۴–۸۱۶۱–۷۵–۵، صفحة: ۳۹
- ↑ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَ مَا غَوَیٰ* وَ مَا یَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَیٰٓ (الذي معكم لم يضل ولم يزل عن الطريق)* ولا يتكلم عن الهوى)، القرآن الكريم، سورة النجم، آيات 2-3-4
- ↑ تجريد الاعتقاد/نصير الدين الطوسي/مبحث العصمة
- ↑ الغدير، ج ۳، ص ۲۹۸–۲۹۷
- ↑ راهنماشناسي، ص ۳۷۷–۳۷۶
- ↑ الإمامة والقيادة، ص ۷۶–۷۵
- ↑ دراسة مسائل عامة في الإمامة، ص ۲۲۸–۲۲۷
- ↑ الكليني، أبو جعفر محمد بن يعقوب (۲۰۱۵). كتاب الكافي. ساوث هنتنغتون، نيويورك: المعهد الإسلامي.
- ↑ مقالات الإسلاميين، ص ۵–۶۵، بتحقيق هاملوت ريتر، طبعة فرانتز آشيانر، فيسبادن، ألمانيا
- ↑ التنبيه والرد، الملطي، ص ۱۸
- ↑ الفرق بين الفرق، بغدادي، ص ۲۳
- ↑ التبصير في الدين، الأسفرائيني، ص ۲۷
- ↑ الملل والنحل، شهرستاني، ج۱، ص ۱۷۰
- ↑ ضحى الإسلام، أحمد أمين، ج۳، ص ۱۵۴
- ↑ أوائل المقالات، ص ۴۶
- ↑ محصل، فخر الرازي، ص ۲۴۱
- ↑ معالم العلماء:۱۴۴
- ↑ بحوث في الملل والنحل، ج۱، ص ۳۶–۲۷
- ↑ «الشيعة» و«التشيع»؛ المفهوم، الجوهر والخاستگاه
- ↑ إيران
- ↑ العراق
- ↑ أذربيجان
- ↑ الكويت
- ↑ أفغانستان
- ↑ الإمارات العربية المتحدة
- ↑ باكستان
- ↑ شيعة كشمير
- ↑ تركيا
- ↑ عندما يقوم الشيعة
- ↑ أطلس الشرق الأوسط