الإسلام

من ویکي‌وحدت

الإسلام هو آخر الأديان السماوية، وهو أكثرها كمالاً وشمولاً، وقد أنزل على النبي محمد بن عبدالله.

المعنى اللغوي

كلمة "إسلام" مأخوذة من «سلم»، وتعني الصحة والراحة. يعتبر البعض أن السلامة هي عدم وجود الآفات والأمراض الظاهرة والباطنة[١]. كما يُفهم الإسلام من نفس الجذر بمعنى الخضوع. لذا فإن الإسلام يعني السلامة من الإنكار والامتناع وعدم التمرد[٢]. ابن منظور يعتبر الإسلام والاستسلام والخضوع مترادفات، ويعتبرها تعبيراً عن الخضوع لشيء ما[٣]. وبالتالي، فإن الإسلام يعني الخضوع والامتثال، لأنه خالٍ من التمرد والعصيان، وهو دخول في حالة من السلام.

شيخ طبرسی يعتقد أن الإسلام يمكن أن يُفهم من «تسليم» بمعنى الخضوع لأمر الله، لأن التسليم أيضاً مأخوذ من «سلام»، ويعني القيام بعمل خالٍ من الفساد؛ لذلك، يمكن القول إن الإسلام هو طاعة الله.

كذلك، كلمة «سلام» بمعنى التحية مأخوذة من نفس الجذر، مما يدل على أن العلاقة بين الأطراف سلمية وخالية من أي نوع من النزاع - الذي يُعتبر عيباً[٤].

المعنى القرآني لكلمة الإسلام

لقد ذكرنا أن المعنى اللغوي للإسلام هو الخضوع والتسليم. في القرآن الكريم، تم استخدام هذه الكلمة بنفس المعنى في آيات مختلفة مثل آيات 112 و131 من سورة البقرة، وآيات 20 و83 من سورة آل عمران، وآية 44 من سورة النمل. القرآن الكريم استخدم كلمة «إسلام» في ثماني مواضع[٥].

من منظور القرآن الكريم، لا يوجد سوى دين واحد إلهي، وجميع الأنبياء جاءوا لنشر وتعزيز هذا الدين الواحد (الشورى/13). وبالتالي، لا يوجد انقطاع أو تناقض بين تعاليم الأنبياء، حيث ليس هناك أي نوع من الفواصل أو التباين (البقرة/136). (البقرة/285)؛ لذلك، الدين الذي أُنزل على الأنبياء من آدم أبوالبشر إلى النبي الخاتم هو واحد، وجوهره هو «التسليم» أمام الرب المتعال وأوامره.

لهذا السبب، يُنسب الإسلام والمسلمون إلى الأنبياء السابقين وأتباعهم أيضاً: النبي ابراهيم (عليه السلام) وسيدناإسماعيل (عليه‌السلام) ضمن دعائهم لقبول أعمالهم في حضرة الله، يطلبون منه أن يجعلهم من الخاضعين لأوامره[٦]. كما أوصى النبی ابراهيم ويعقوب أبناءهم بالتمسك بالدين، وأوصوهم ألا يموتوا إلا وهم مسلمون[٧]، لأن حقيقة الدين هي التسليم المطلق أمام الله الحكيم وأوامره ونواهيه.

الحواريون أيضاً يقدمون أنفسهم كمسلمين وخاضعين أمام الله الرحمن[٨]. النبی موسى - عليه السلام - استخدم نفس المصطلح لقومه[٩]، والنبی يوسف - عليه السلام - أيضاً في دعائه إلى الله، يطلب منه أن يتوفاه وهو مسلم[١٠]، ولهذا السبب، يعتبر القرآن الدين عند الله هو الإسلام فقط[١١].

لذا، بناءً على الآيات الكريمة المذكورة، فإن الإسلام هو الخضوع لله وأوامره، وهذه الأوامر تم إعلانها للناس بواسطة الأنبياء الإلهيين من الأولين إلى الآخرين. وبالتالي، في ثقافة القرآن، لا يُطلق مصطلح مسلم فقط على أتباع النبي محمد (ص)، بل الإسلام بمعناه الواسع (المعنى اللغوي) هو التسليم المطلق أمام أمر الله وتوحيد كامل خالص من أي نوع من الشرك أو الثنائية، ولهذا السبب يُعرف القرآن الكريم حضرة ابراهيم (ع) بأنه مسلم.

المعنى الإصطلاحي للإسلام

الإسلام في الاصطلاح هو أحد الأديان السماوية، ويُطلق على دين النبي الخاتم محمد بن عبدالله (ص). يمكن القول إن العلاقة بين المعنى الاصطلاحي واللغوي للإسلام هي أن دين الإسلام هو طاعة وخضوع كامل لله، وقبول لأوامره دون أي اعتراض[١٢]. سبب تسمية الشريعة الخاتمة بالإسلام هو أن العبد في هذا الدين يخضع لإرادة الله سبحانه وتعالى[١٣]. دين الإسلام هو خاتم الأديان وهو أكملها، ومن هنا فإن النبي محمد خاتم الأنبياء[١٤] سيبقى حتى نهاية العالم.

الدين الواحد والشرائع المختلفة

«إن الدين عند الله الإسلام»[١٥](والخضوع أمام الحق)، ولا يُقبل دين غيره[١٦]؛ ولكن الشريعة هي الفروع والتفاصيل التي تم بيانها لكل نبي بشكل محدد، وتختلف بين الأمم المختلفة؛ وبالتالي، الخطوط الرئيسية للدين ثابتة وغير قابلة للتغيير.

تعاليم الإسلام

الإسلام هو مذهب شامل وواقعي يعالج جميع جوانب الاحتياجات الإنسانية. يمكن تقسيم تعاليم الإسلام إلى ثلاثة أقسام رئيسية[١٧]:

  1. أصول العقائد: أي الأمور التي يجب على كل مسلم الإيمان بها. العمل في هذا المجال هو من نوع العمل البحثي ومن الأعمال القلبية.
  2. الأخلاق: أي الصفات التي يجب على كل مسلم التحلي بها والابتعاد عن ضدها.
  3. الأحكام: أي الأوامر المتعلقة بالنشاطات الخارجية والعملية للإنسان، سواء كانت في أمور معاشه أو معاده أو الأمور الفردية والاجتماعية.

الإسلام الظاهري والإسلام الحقيقي

يوجد نوعان من الإسلام. أحدهما إسلام اجتماعي ظاهري، والذي يترتب عليه آثار مثل طهارة البدن، وجواز الزواج، والوراثة من المسلم. هذا الإسلام يتحقق حتى لو لم يكن الشخص مؤمناً بأصول الإسلام. بمجرد أن ينطق الشخص بالشهادتين، تُترتب هذه الآثار عليه. حتى المنافق الذي يظهر الإسلام للحصول على فوائد إسلامية في الظاهر يُعتبر طاهراً، ويمكن للمسلمين أن يتزوجوا منه أو يرثوا منه. هذا هو الإسلام الظاهري. في العديد من المصادر الدينية، عندما يُستخدم مصطلح الإسلام، يُقصد به هذا الإسلام الظاهري. هذا الإسلام لا يضمن شيئاً بعد الموت، ولا يرتبط الذهاب إلى الجنة أو عدمه بهذا الإسلام. هذا الإسلام هو مجرد قول الشهادتين، وآثاره هي نفس الأحكام؛ بشرط ألا يكون هناك دليل على إنكار حقيقي لتلك العقائد. نحن مأمورون بالظاهر، ومجرد قوله يكفي، ولكن إذا قام بعمل يُظهر أنه يكذب، تثار مسألة الردة. في زمن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) كان هناك من يُصلي خلفه (أحياناً في الصف الأول) لكنهم كانوا منافقين. هناك آيات عديدة تدل على هذا الأمر. هذا هو الإسلام الظاهري، وتأثيره مقتصر على الأحكام الظاهرة في هذه الدنيا. لكن إذا كان الإنسان يؤمن حقاً بما قاله الله، فإنه يحصل على السعادة الأبدية[١٨].

مراتب الإسلام

للإسلام أربع مراتب ودرجات:

  1. المرتبة الأولى: قبول الأوامر والنواهي الإلهية ظاهرياً، بأن ينطق بالشهادتين (سواء كان لديه اعتقاد قلبي أم لا)، عدم قبول هذه المرتبة يعني الكفر.
  2. المرتبة الثانية: التسليم والانقياد القلبي بالنسبة للاعتقادات الصحيحة والأعمال الصالحة التي تترتب عليها، حتى لو حدثت بعض المخالفات، وملخص القول هو أن وجود هذه المرتبة لا يتعارض مع ارتكاب بعض الذنوب.
  3. المرتبة الثالثة: عندما يقوم الإنسان بأعمال صالحة ويتخلق بالأخلاق الفاضلة، فإن بقية القوى الحيوانية والشهوانية تُصبح مروضة، بحيث يمكن للنفس أن تمنعها من التمرد. هنا، يعبد الإنسان الله كما لو كان يراه، أو يوقن بأن الله يراه، ولا يرى في باطنه قوة تمرد تخالف أوامره.
  4. المرتبة الرابعة: في حين أن الإنسان في المرتبة السابقة من الإسلام والتسليم، قد يشمل عليه لطف رباني، حيث يدرك أن الملك لله وحده، وأن غير الله ليس مالكاً لنفسه أو لأي شيء آخر، إلا إذا ملكه الله، وبالتالي لا رب له سوى الله، وهذه معنى موهبي وإلهي لا يتدخل فيه إرادة الإنسان[١٩].

الهوامش

  1. (ابن فارس، معجم مقاییس اللغة، ج 3: 68).
  2. (ابن فارس، معجم مقاییس اللغة:68).
  3. (ابن منظور، لسان العرب، ج 12: 289)
  4. (ابن منظور، لسان العرب، ج 12: 289)
  5. آيات: 19 و85 آل عمران؛ آية 3 سورة المائدة؛ آية 125 سورة الأنعام؛ آية 74 سورة التوبة؛ آية 22 سورة الزمر؛ آية 17 سورة الحجرات؛ آية 7 سورة الصف.
  6. (البقرة/128)
  7. (البقرة/132).
  8. (آل عمران/52).
  9. (يونس/84).
  10. :(يوسف/101).
  11. :«إن الدين عند الله الإسلام» (آل عمران/19).
  12. الوجوه والنظائر، ج 1، ص 248
  13. طباطبائی، محمدحسین، المیزان فی تفسیر القرآن، قم، دفتر انتشارات اسلامی جامعهٔ مدرسین حوزه علمیه، 1417، ج‌16، ص 193
  14. (سورة الأحزاب: 40)
  15. (آل عمران/19)
  16. «ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه...» (آل عمران/85)
  17. المیزان، ج1، ص267 و ج10، ص 168 و 293 و ج18،ص 159؛ مصباح یزدی، محمدتقی، مجموعة معارف القرآن، خداشناسی، قم، در راه حق، 1365ش، ص 14-12؛ مطهری، مرتضی، مجموعة آثار، قم، صدرا، 1383، ج 2، ص 63 و 64.
  18. https://mesbahyazdi.ir/node/6744/%D8%AC%D9%84%D8%B3%D9%87-%D9%BE%D8%A7%D9%86%D8%B2%D8%AF%D9%87%D9%85%D8%9B-%D8%A7%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D9%88-%D8%A7%DB%8C%D9%85%D8%A7%D9%86
  19. المیزان، ج 1، ص 457-454.