انتقل إلى المحتوى

علي بن محمد (الهادي)

من ویکي‌وحدت


علي بن محمد (علي الهادي) هو الإمام العاشر من الشيعة. وُلِدَ في عام 212 هجري قمري، وتولى الإمامة في عام 220 هجري قمري بعد وفاة والده. استمرت إمامته حوالي 34 سنة، واستشهد في عام 254 هجري قمري على يد المعتمد العباسي. يُطلق على الإمام الهادي وابنه الإمام حسن العسكري (عليه السلام) لقب "الإمامين العسكريين" لأنهما كانا يقيمان في سامراء في منطقة تُدعى عسكر.

ولادة الإمام الهادي

وُلِدَ علي بن محمد المعروف بالإمام الهادي أو علي النقي في 15 ذو الحجة عام 212 ق في منطقة تُدعى صريا بالقرب من المدينة المنورة. والده هو الإمام الجواد (عليه السلام)، ووالدته كانت جارية تُدعى سمانة مغربية.

ألقاب وكُنى الإمام الهادي

أشهر لقب للإمام العاشر من الشيعة هو "هادي" لأنه كان أفضل هادٍ للناس نحو الخير في زمانه. ومن ألقابه الأخرى:

  • نقي؛
  • مرتضى؛
  • عالم، فقيه؛
  • أمين؛
  • ناصح؛
  • متوكل؛
  • خالص؛
  • طيب.

الشيعة يُطلقون على الإمام الهادي والإمام حسن العسكري (عليه السلام) لقب "الإمامين العسكريين" لأنهما كانا يقيمان في سامراء في منطقة تُدعى عسكر. كنية الإمام العاشر هي أبو الحسن.

الخصائص الظاهرة والأخلاقية للإمام الهادي

كان الإمام الهادي (عليه السلام) متوسط القامة، وجنتاه قليلاً بارزتين، وبشرته حمراء وبيضاء، وعيونه واسعة. كان لباسه جبة خشنة، وكان يفرش تحت قدميه حصيراً، وكان يعيش حياة بسيطة. كان لديه خاتم يحمل نقش "الله ربي وهو عصمني من خلقه؛ الله هو ربي وهو حاميني من شر مخلوقاته". كما وُجد نقش خاتم آخر له، "حفظ العهود من أخلاق المعبود؛ الالتزام بالعهد من أخلاق الله".

كان الإمام الهادي (عليه السلام) كريماً جداً، ودائماً ما كان الابتسامة على شفتيه، حتى أن كل حزين كان ينظر إليه يشعر بالسعادة. كان له هيبة وشموخ، مما جعل الجميع، بما في ذلك الحكام في زمانه، يكنون له احتراماً كبيراً. كان يتمتع بخصال حسنة وزهد وعلم واسع، وكان لديه تسلط كامل على المسائل الفقهية والإسلامية. كانت ليالي الإمام (عليه السلام) تمر في الصلاة والطاعة وتلاوة القرآن والتضرع إلى الله.

إمامة الإمام الهادي

بعد استشهاد الإمام الجواد (عليه السلام) في عام 220هـ، تولى ابنه الإمام الهادي (عليه السلام) الإمامة وهو لم يتجاوز الثامنة من عمره. وبما أن الشيعة، باستثناء عدد قليل، قد تجاوزوا مشكلة بلوغ الإمام بشأن الإمام الجواد (عليه السلام)، لم يكن هناك تردد خاص لدى كبار الشيعة بشأن إمامة الإمام الهادي (عليه السلام).

دلائل الإمامة

  1. الأحاديث التي نقلت عن النبي الأكرم والتي ذُكرت فيها أسماء الأئمة الاثني عشر.
  2. في أحاديث متعددة تم التأكيد بشكل خاص على إمامة هذا الإمام، مثل الأحاديث التالية:

قال الإمام الجواد (عليه السلام): "الأمر بعدي للإمام علي النقي (عليه السلام) سيُسند إليه، مع أنه صبي. ثم قال: نعم، وأقل من سبع سنوات، كما كان عيسى بن مريم كذلك".

كما قال: "الإمام بعدي ابني علي. أمره أمري وكلامه كلامي، وطاعته طاعتي، والإمامة بعده في ابنه حسن".

علم الإمام الهادي

كان علم الإمام الهادي (عليه السلام) كعلم آبائه وأجداده، علم لدني، أي أنه كان يتلقى العلم مباشرة من الغيب وأيضاً من علوم ومعارف القرآن وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وآبائه الكرام.

ذكر سيد محسن أمين مؤلفات الإمام الهادي (عليه السلام).

مدة إمامة الإمام علي النقي

تولى علي بن محمد الإمامة في عام 220ق في سن الثامنة، لكن إمامة الإمام الجواد (عليه السلام) في سن صغيرة جعلت الشيعة لا يترددون في الإمامة الإمام الهادي (عليه السلام).

قبل الشيعة إمامة الإمام الهادي (عليه السلام) بعد الإمام التاسع، باستثناء عدد قليل، اعتبروا أن الإمام موسى بن محمد المعروف بـ موسى مبرقع هو الإمام. ولكن بعد فترة، قبل هؤلاء أيضاً إمامة الإمام الهادي.

استمرت فترة إمامة علي بن محمد، الإمام العاشر للشيعة، 33 سنة، حيث قضى 7 سنوات من إمامته في فترة خلافة المعتصم العباسي، وخمس سنوات منها في خلافة الواثق، وأربعة عشر عاماً في خلافة المتوكل، وستة أشهر في خلافة المستنصر، وسنتين وتسعة أشهر في خلافة المستعین، وثماني سنوات وأكثر في خلافة المعتز.

في زمن الإمام الهادي، كان هناك قمع شديد من قبل الخلفاء العباسيين، وكان يتواصل مع الشيعة من خلال تنظيم الوكالة والمراسلات، وكان علي بن جعفر الهماني، وأبو علي بن راشد، وحسن بن عبد ربه، أو وفقاً لبعض التقارير، ابنه "علي" من وكلاء الإمام الهادي.

الزوجة والأبناء للإمام الهادي

اسم زوجة الإمام الهادي (عليه السلام) هو سوسن أو سليل، وله خمسة أبناء. يذكر علماء الشيعة أربعة أبناء هم: حسن، محمد، حسين، وجعفر (مدعي الإمامة والمعروف بـ جعفر الكذاب). كما يُنسب إليه ابنة يُدعى الشيخ المفيد اسمها عائشة، وابن شهرآشوب يُسميها عِلِّية.

يعتقد كُتّاب أهل السنة أيضاً أن أبناء الإمام العاشر من الشيعة هم أربعة أبناء وابنة واحدة.

كان محمد، ابن الإمام الهادي (عليه السلام)، شاباً مهذباً ومتديناً، توفي قبل عام من وفاة والده، وكان الكثيرون يعتقدون أن مقام الولاية سينتقل إليه.

أصحاب ورفاق الإمام العاشر

من بين رفاق وأصحاب الإمام العاشر يمكن الإشارة إلى علي بن جعفر الميناوي، وابن السكيت، وعبد العظيم الحسني. قُدِّر عدد أصحاب الإمام الهادي (عليه السلام) بحوالي 190 شخصاً. وفقاً لرجال الشيخ الطوسي، بلغ عدد الذين نقلوا عنه الحديث أكثر من 185 شخصاً.

يذكر ابن شهر آشوب أشخاصاً مثل أحمد بن حمزة بن يسع، وصالح بن محمد الهمداني، ومحمد بن جزك الجمال، ويعقوب بن يزيد الكاتب، وأبو حسين بن هلال، وإبراهيم بن إسحاق، وخيران خادم، ونضر بن محمد الهمداني كأشخاص موثوقين لديه.

كما يُذكر من أصحابه داود بن زيد، وأبو سليم زنكان، وحسين بن محمد الهمداني، وأحمد بن إسماعيل بن يقطين، وبشر بن بشار النيشابوري، وسليمان بن جعفر المروزي، وفتح بن يزيد الجرجاني، ومحمد بن سعيد كلثوم، ومعاوية بن حكيم الكوفي، وعلي بن معد بن محمد البغدادي، وأبو حسن بن رجاء عبراتي، ومن وكلائه جعفر بن سهيل الصيقل. وقد عُرِّف محمد بن عثمان كباب له.

أشخاص مثل بشر بن بشار النيشابوري، وفتح بن يزيد الجرجاني، وحسين بن سعيد الأهوازي، وحمدان بن إسحاق الخراساني، وعلي بن إبراهيم الطالقاني، ومحمد بن علي الكاشاني، وإبراهيم بن شيبة الأصفهاني، وأبو مقاتل الديلمي كانوا من أصحاب هذا الإمام في إيران.

طلاب مدرسة الإمام الهادي

على الرغم من أن فترة حياة الإمام الهادي (عليه السلام) كانت عصر قمع واستبداد، ولم يكن لديه حرية في العمل الثقافي والعلمي والسياسي، مما جعل الوضع الاجتماعي مختلفاً تماماً عن عصر الإمام الباقر (عليه السلام) والإمام الصادق (عليه السلام). إلا أن الإمام (عليه السلام) في تلك الظروف السيئة، بالإضافة إلى الأنشطة الثقافية مثل المناظرات، والمراسلات، والرد على الشبهات، قام بتربية رواة ومحدثين وكبار من الشيعة، وعلمهم العلوم والمعارف الإسلامية حتى يستطيعوا حماية مجتمعهم من الأضرار الثقافية والاعتقادية، ونقل هذا التراث الكبير إلى الأجيال القادمة.

يعتبر الشيخ الطوسي (قدس سره) عدد طلابه وأصحابه في مجالات مختلفة من العلوم الإسلامية أكثر من 180 شخصاً.

من بين طلاب الإمام الهادي (عليه السلام)، توجد شخصيات علمية وروحية بارزة مثل: فضل بن شاذان، حسين بن سعيد الأهوازي، علي بن مهزيار الأهوازي، أيوب بن نوح، حسن بن راشد (المكنى بأبي علي غلام آل هلب البغدادي)، أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي، وعثمان بن سعيد العمري، حيث أن بعضهم كانوا طلاباً لأئمة آخرين ولديهم أعمال ومؤلفات قيمة في مجالات مختلفة من العلوم الإسلامية.

استشهاد ومرقد الإمام الهادي

توفي الإمام العاشر في شهر رجب عام 254هـ بعد 20 عاماً و9 أشهر من الإقامة في سامراء، عن عمر يناهز 41 عاماً. وقد استشهد الإمام العاشر في زمن حكم المعتز العباسي مسموماً. لكن ابن شهر آشوب يذكر أن الإمام استشهد في أواخر حكم المعتمد، وينقل عن ابن بابويه أن المعتمد قد سمّه.

شارك حسن بن علي (العسكري) في تشييع جنازة والده، وقبل أن يشارك الخليفة العباسي في التشييع، صلى على جنازة والده. ثم دُفن الإمام العاشر في المنزل الذي كان محتجزاً فيه لمدة عشرين عاماً وتحت نظر.

منذ ذلك العام، أصبح الإمام حسن العسكري إمام الحق وتولى عبء الإمامة. يُعرف مكان دفن الإمام الهادي (عليه السلام) وابنه الإمام حسن العسكري (عليه السلام) في سامراء بالحرم العسكريين.

مواضيع ذات صلة

الهوامش