انتقل إلى المحتوى

التوسل

من ویکي‌وحدت

التوسل هو لغةّ اتخاذ شخص أو شيء وسيلة إلى شيء أخرى وفي الإصطلاح هو اتخاذ شخص أو شيء وسيلة إلى الله تعالى لتقريب العبد إلى ربه وقضاء حاجاته، وهو من الاعتقادات الراسخة عند الشيعة وكثير من المسلمين غير الشيعة.

التوسل في القرآن الكريم

يُستدل على مشروعية التوسل بالمقربين من الله تعالى من آيات القرآن الكريم، منها قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (المائدة: 35). لذلك كان التوسل بالمقربين من الله تعالى منهجاً متبعاً في سيرة العلماء والمسلمين عبر التاريخ [١].

التوسل في آثار علماء أهل السنة

يتضح من خلال مراجعة كتب علماء أهل السنة أن كبارهم – بما في ذلك الخليفة عمر بن الخطاب – كانوا يلتجئون إلى التوسل لحل المشاكل، مما يدل على جوازه عندهم، ولم يُعرف عن علماء أهل السنة معارضة للتوسل حتى القرن الثامن الهجري، وفيما يلي بعض آرائهم:

ابن الجوزي (ت 597 هـ):

ابن الجوزي أفرد باباً في كتابه "الوفاء بفضائل المصطفى" بعنوان "التوسل بالنبي" ذكر فيه أحاديث وأقوالاً كثيرة تدل على جواز التوسل [٢].

الخطيب البغدادي (ت 463 هـ):

الخطيب البغدادي نقل في "تاريخ بغداد" عن ابن علي خلال – شيخ الحنابلة – قوله: "كان إذا حزبني أمر توجهت إلى قبر موسى بن جعفر (ع) وتوسلت به، فيتيسر لي حاجتي"[٣].

ابن حجر الهيتمي (ت 974 هـ):

ابن حجر الهيتمي أورد في "الصواعق المحرقة" أن الإمام الشافعي (ت 204 هـ) كان يجيز التوسل ويعمل به، ونقل عنه قوله: آلُ النَّبِي ذَرِيعَتِي وَهُمْ إِلَيْهِ وَسِيلَتِي \ أَرْجُو بِهِمْ أُعْطَى غَداً بِيَمِينِي صَحِيفَتِي [٤].سيرة عمر بن الخطاب العملية: جاء في "صحيح البخاري" أن الخليفة عمر كان يتوسل بالعباس بن عبد المطلب في الاستسقاء قائلاً: "اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا" [٥].

ابن حبان (ت 354 هـ):

ابن حبان قال: "كنت إذا قدمت طوس أتيت قبر علي بن موسى الرضا (ع) وتوسلت به في قضاء حاجتي"[٦].

البيهقي (ت 458 هـ):

البيهقي نقل في كتبه أحاديث وآثاراً كثيرة في جواز التوسل بالنبي (ص) في الحياة وبعد الممات، منها توسل بلال بن الحارث بقبر النبي (ص) طلباً للمطر [٧].

الإمام مالك (ت 179 هـ):

الإمام مالك عندما سأله المنصور الدوانيقي عن كيفية زيارة النبي (ص)، أجابه: "يتوجه إلى النبي ويتوسل به في شفاعته" [٨].

السخاوي (ت 902 هـ):

السخاوي أكد في كتابه "الوفاء بأحوال المصطفى" أن التوسل بالنبي (ص) جائز في كل حال وكان سيرة السلف [٩].

ابن داود المالكي الشاذلي:

ابن داود المالكي الشاذلي أجاز التوسل في كتابه "البيان والاختصار"، ونقل وقوعه من العلماء والصالحين.[١٠].

التوسل بعلماء أهل السنة:

نقل ابن الجوزي في "مناقب الإمام أحمد" عن عبد الله بن موسى قوله: "كنت آتي مع أبي إلى قبر أحمد بن حنبل فتتقاضى عنده الديون" [١١]. وهذه النقول عن سيرة علماء أهل السنة قبل ابن تيمية، إضافة إلى الأحاديث الكثيرة في جواز التوسل في مصادرهم، تدل على قبولهم لهذه المسألة. بل إن كثيراً من علماء أهل السنة بعد ابن تيمية – كالسخاوي – استمرّوا على القول بجواز التوسل، مما يدل على استقلاليتهم وعدم تأثرهم بآرائه [١٢].

التوسل بأولياء الله: الرؤية التكفيرية ومناقشتها

يُعدُّ موضوع التوسل من القضايا الخلافية التي أدت إلى افتراق التيارات التقريبية عن غيرها من المسلمين، حيث يرى بعض التيارات أن التوسل من مصاديق عبادة غير الله، ويصنفون المتوسلين بأولياء الله ضمن المشركين.وفيما يلي تبيين لرؤية التيارات التكفيرية تجاه مسألة التوسل مع عرض الأصول الاعتقادية التي تستند إليها:

عدم مشروعية التوسل في فكر الشخصيات والتيارات التكفيرية

أطروحات ابن تيمية في التوسل بالصالحين:

مفهوم الوسيلة في الآية الكريمة

يُعرِّف ابن تيمية الوسيلة في قوله تعالى: "وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ" بأنها التقرب إلى الله بطاعته واتباع أوامره ونواهيه التي بلغها الرسول صلى الله عليه وسلم.[١٣].

التوسل كمقام في الجنة

يرى أن من حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته أن يدعوا له لينال مقام "الوسيلة" - وهي مرتبة عالية في الجنة - كما ورد في بعض الأحاديث الصحيحة [١٤].

جواز التوسل بدعاء النبي وشفاعته

يجيز التوسل بمعنى طلب الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، أو طلب شفاعته يوم القيامة، بحيث يكون التوسل بدعائه لا بذاته [١٥].

منع التوسل بذات النبي والأولياء بعد وفاتهم

ينفي جواز التوسل بذوات الصالحين بعد مماتهم، ويستدل بسيرة المسلمين في التوسل بالعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم - لا بشخص النبي - بعد وفاته [١٦].

عدم مشروعية الحلف بالذوات المقدسة

يرى عدم وجود دليل معتبر على جواز الحلف بالله تعالى بذوات الصالحين [١٧].

منع طلب الحاجة من الأموات عند قبورهم

يقسم طلب الحاجة من النبي بعد وفاته إلى نوعين: النوع الأول: الطلب المباشر منه صلى الله عليه وسلم، وهو غير مشروع. النوع الثاني: طلب الدعاء منه باعتباره مقرباً عند الله، ويرى أن هذا يشبه فعل المشركين مع أصنامهم.[١٨].

التوسل بدعة في العبادة

يصف بعض أنواع التوسل بالبدعة، باعتبار أن العبادات توقيفية، وأن الدعاء - كجوهر العبادة - يجب أن يكون لله تعالى في اتجاه القبلة لا عند القبور.[١٩].

عدم معقولية التوسل لقضاء الحوائج

يناقش المتوسلين بأن اعتقادهم بقدرة الأولياء على قضاء الحوائج مع علمهم بأن الله هو القادر الحقيقي يُعدّ تناقضاً [٢٠].

المنع من التقرب إلى الله بالأموات

يحرم التقرب إلى الله تعالى بذوات الأولياء بعد وفاتهم، ويرى أن الدعاء عند قبورهم والاستغاثة بهم يفضي إلى الشرك [٢١].

تكفير المتوسلين بالأموات

يصل إلى القول بكفر من يتوسل بالأموات، ويرى وجوب قتلهم [٢٢].

أصول رؤية محمد بن عبد الوهاب في نفي مشروعية التوسل

على أساس الآيات:

  • «وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ... وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ» (يونس: 18)
  • وآية: «مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى» (الزمر: 3)
  • وآية: «أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ» (الإسراء: 57-56) فالتوسل واتخاذ أولياء الله وسائط للتقرب إلى الله وإجابة الدعاء غير جائز.

ويقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قاتل الكفار الذين كانت لديهم عقائد شركية مثل التوسل والدعاء والاستغاثة عند قبور الأولياء [٢٣].

إجماع المذاهب الإسلامية

إجماع المذاهب الإسلامية على اعتبار المرتدين والكفار أولئك الذين يجعلون أشخاصًا وسائط بينهم وبين الله أثناء الدعاء.[٢٤].

عدم تكفير المشركين أو الشك في كفرهم

عدم تكفير المشركين أو الشك في كفرهم أيضًا يضع الإنسان في وادي الكفر [٢٥].

المعيار في الإسلام هو التوحيد العبادي

التوحيد نوعان: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، والمعيار في الإسلام هو التوحيد العبادي، والتوحيد العبادي هو أن لا يُسأل ولا يُدعى عند الدعاء إلا الله وحده [٢٦].

تمسك الوهابية بآيات القرآن

الوهابية لإثبات دعواهم في اعتبار القائلين بالتوسل وغيرهم مشركين، يستندون بالإضافة إلى الأحاديث إلى آيات من القرآن. نماذج من الآيات التي يتمسكون بها كالآتي:

  • «وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا» (سورة الجن: 18).
  • «لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ...» (سورة الرعد: 14).
  • «إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ...» (سورة الأعراف: 194).
  • «قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا» (سورة الإسراء: 13).
  • «أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ...» (سورة الإسراء: 57).
  • «وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ...» (سورة يونس: 106).
  • «وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ...» (سورة الأحقاف: 5).

نقد الشهيد المطهري على القائلين بعدم مشروعية التوسل

قبل نقده لرؤية الوهابية، يذكر أمورًا في مجال مكانة التوحيد في الإسلام وتحديد محل النزاع بين التكفيريين وسائر المسلمين:

التوحيد في الذات والعبادة ركن أساسي في الدين

التوحيد الذاتي والتوحيد في العبادة من الأصول الاعتقادية الأولى للإسلام، أي إذا اختل اعتقاد الشخص بأحد هذين الأصلين لا يُعد من المسلمين. لا أحد من المسلمين يخالف هذين الأصلين.

كون النزاع بين التكفيريين وسائر المسلمين في مسألة التوسل نزاعًا صغرويًا

يقول: "... فرقة الوهابية - أتباع محمد بن عبد الوهاب وهو تابع لابن تيمية الحنبلي الشامي - ادعت أن بعض اعتقادات المسلمين مثل الاعتقاد بالشفاعة، وبعض أعمال المسلمين مثل التوسلات والاستمدادات من الأنبياء والأولياء، تتعارض مع أصل التوحيد في العبادة، لكن سائر المسلمين لا يرون هذه منافية للتوحيد في العبادة. إذن اختلاف الوهابية مع سائر المسلمين ليس في هل الموجود الوحيد المستحق للعبادة هو الله أم غير الله، مثلاً: هل الأنبياء والأولياء أيضًا مستحقون للعبادة؟ لا شك في أن غير الله لا يستحق العبادة، الاختلاف في هل الاستشفاعات والتوسلات هي عبادة أم لا؟ إذن النزاع بيننا صغروي وليس كبروي. وقد رد علماء الإسلام نظرية الوهابيين ببيانات مفصلة ومسدلة." [٢٧].

بيان شبهة التكفيريين ومحل النزاع في مسألة التوسل

(من وجهة نظرهم) أي توجه معنوي لغير الله - أي توجه لا يكون عبر وجه ولغة المتوجه ووجه وأذن الشخص المتوجه إليه الظاهريين، بل يريد المتوجه أن يقيم نوعًا من العلاقة القلبية والمعنوية بينه وبين الطرف الآخر ويناديه ويتوجه إليه ويتوسل به ويطلب منه الإجابة - كل هذا شرك وعبادة لغير الله، لأن العبادة ليست سوى هذه الأمور، وعبادة غير الله غير جائزة بحكم العقل وضرورة الشرع وتستلزم الخروج من الإسلام. بالإضافة إلى ذلك، أداء هذه المراسم، فضلاً عن كونه أداء لمراسم عملية عبادة لغير الله وعين الأعمال التي كان المشركون يفعلونها للأصنام، يستلزم الاعتقاد بقوة ما وراء الطبيعة للشخصية المتوجه إليها (النبي أو الإمام) (رؤية الوهابيين والوهابيي الميول في عصرنا)[٢٨].

كون رؤية الوهابية والتكفيريين في مسألة التوسل شركية

من وجهة نظر الشهيد مطهري، فإن الرد الدقيق على شبهة وإيراد الوهابية على التوسل مبني على أن يتم تحديد الحد الفاصل بين التوحيد والشرك - سواء كان توحيدًا وشركًا نظريًا أو عمليًا - بدقة. أي نوع من الفكر والعمل توحيدي وأي نوع شركي؟ يعتقد أن إيراد الوهابية على رأي القائلين بمشروعية التوسل بالمعنى الصحيح ليس فقط غير وارد، بل إن نفس هذه الرؤية - فكر الوهابية والتكفيريين في مسألة التوسل - من أكثر النظريات اشتمالاً على الشرك. يوضح في بيان الدعوى المذكورة ثلاث نظريات حول الحد بين التوحيد والشرك وينقدها ويحللها.

الفرضية الأولى

الاعتقاد بعدم وجود موجود غير الله أو الاعتقاد به، ويذكر في شرح هذا الفرض: هل الاعتقاد بوجود موجود غير الله شرك (شرك ذاتی)؟ وهل يلزم من التوحيد الذاتي أن لا نعتقد بوجود أي شيء غير الله؟ - ولو كمخلوق له - (نوع من وحدة الوجود)؟ ينفي صحة هذه الفرضية فيقول:من البديهي أن مخلوق الله هو فعل الله، وفعل الله نفسه شأن من شؤونه وليس ثانيًا له وفي مقابله. مخلوقات الله تعالى هي تجليات فيضيته. الاعتقاد بوجود المخلوق من حيث هو مخلوق متمم ومكمل للاعتقاد بالتوحيد وليس ضد التوحيد. إذن حد التوحيد والشرك ليس هو وجود أو عدم وجود شيء آخر - حتى لو كان مخلوقًا له.[٢٩].

الفرضية الثانية

الاعتقاد بعدم دور للمخلوقات في التأثير والتأثر والسببية أو الاعتقاد به، ويذكر في شرح هذه النظرية: هل الاعتقاد بدور المخلوقات في التأثير والتأثر والسببية شرك (شرك في الخالقية والفاعلية)؟ وهل يلزم من التوحيد الأفعالي أن ننكر نظام السببية في العالم ونجعل كل تأثير مباشرًا بلا واسطة من الله ولا نقول لدور للأسباب؟ مثلاً نعتقد أن النار لا دور لها في الإحراق والماء في الإرواء والمطر في الإنبات والدواء في الشفاء، بل الله هو الذي يحرق مباشرة ويروي مباشرة وينبت مباشرة ويشفي مباشرة، وجود وعدم هذه العوامل سواء، عادة الله جارية على أن يقوم بأعماله بحضور هذه الأمور، فمثلاً إذا كانت عادة إنسان أن يكتب الرسالة دائمًا وهو يضع طاقية على رأسه، فوجود وعدم الطاقية لا تأثير له في كتابة الرسالة، لكن كاتب الرسالة لا يريد كتابة رسالة بدون الطاقية.

يرى أن لازم هو تساوي وجود وعدم الأسباب في العالم

طبقًا لهذه النظرية، وجود وعدم الأمور التي تسمى عوامل وأسباب من هذا القبيل، وإذا قلنا بغير هذا، فقد أشركنا لله بل شركاء في الفاعلية (نظرية الأشاعرة والجبرية).

ينفي صحة هذه النظرية فيقول

هذه النظرية أيضًا غير صحيحة، كما أن الاعتقاد بوجود المخلوق لا يساوي الشرك الذاتي والاعتقاد بإله ثان ووجود قطبي في مقابل الله، بل هو متمم ومكمل للاعتقاد بوجود الله الواحد، كذلك الاعتقاد بالتأثير والسببية ودور المخلوقات في نظام العالم أيضًا - مع ملاحظة أن المخلوقات كما لا استقلال لها في الذات لا استقلال لها في التأثير، موجودة بوجوده ومؤثرة بتأثيره - ليس شركًا في الخالقية بل هو متمم ومكمل للاعتقاد بخالقية الله تعالى. ويشير في السياق إلى فرضية استقلالية تأثير الأسباب في المسببات فيقول: نعم، إذا قلنا للمخلوقات استقلال وتفويض من حيث التأثیر، وفكرنا هكذا أن نسبة الله إلى العالم نسبة الصانع إلى الصنعة (مثلاً صانع السيارة والسيارة) حيث الصنعة تحتاج إلى الصانع في نشأتها لكن بعد أن صنعت تواصل عملها طبقًا لآليتها، الصانع له دور في صنع الصنعة لا في عمل المصنوع بعد صنعه، إذا مات صانع السيارة تواصل السيارة عملها، إذا فكرنا هكذا أن عوامل العالم - الماء، المطر، الكهرباء، الحرارة، التراب، النبات، الحيوان، الإنسان وغيرها - نسبتهم إلى الله نسبة (كما أن المعتزلة أحيانًا قدموا نظر) فهو قطعًا شرك. فالمخلوق في حدوثه وبقائه محتاج إلى الخالق، في البقاء والتأثير بقدر ما هو محتاج في الحدوث، والعالم هو عين الفيض، عين التعلق، عين الارتباط، عين الارتباط، عين التعلق و"من اللهية"، تأثير وسببية الأشياء هو عين تأثير وسببية الله تعالى، خالقية قوى العالم - سواء الإنسان أو غيره - هي عين خالقية الله تعالى وبسط فاعليته، [٣٠].

إشكال مهم آخر على النظرية الثانية

يقول: ليس فقط الاعتقاد بنظام الأسباب والمسببات مع فرض عدم استقلالها في التأثير ليس شركًا، بل الاعتقاد بأن "دور الأشياء في عمل العالم شرك"، (نفس هذا الاعتقاد، نفسه) شرك، لأن هذا الاعتقاد نابع من هذا الرأي وهو أننا قد قلنا - دون وعي - للذات الموجودات استقلالاً في مقابل ذات الحق، إذا كان للموجودات دور في التأثير فإن التأثيرات نسبت إلى أقطاب أخرى. إذن حد التوحيد والشرك ليس هو أن نقول أو لا نقول لغير الله دورًا في التأثيرات والسببيات [٣١].

الفرضية الثالثة

الاعتقاد بعدم وجود قوة وتأثير ما فوق طبيعي لبعض المخلوقات أو الاعتقاد به، وهل حد التوحيد والشرك هو الاعتقاد بقوة وتأثير ما فوق الطبيعة؟ أي هل الاعتقاد بقوة تفوق القوانين العادية للطبيعة لمخلوق، سواء كان مَلَكًا أو إنسانًا (مثل نبي أو إمام)، شرك، بينما الاعتقاد بقوة وتأثير في الحد المعتاد والمألوف ليس شركًا؟... هناك سلسلة من الأعمال ذات طبيعة ما وراء طبيعية مثل الإحياء (إعادة الحياة) والإماتة (إماتة الموتى)، ورزق الخلق وأمثال ذلك، أما الباقي فأعمال عادية ومعتادة، فالأعمال فوق المعتادة هي مجال اختصاصي لله، والباقي هو مجال مخلوقاته، هذا من جانب التوحيد النظري. أما من جانب التوحيد العملي، فيقول في شرح الفرضية الثالثة: ولكن من جانب التوحيد العملي، أي توجه معنوي لغير الله - أي توجه لا يكون عبر وجه ولغة المتوجه ووجه وأذن الشخص المتوجه إليه الظاهريين، بل يريد المتوجه أن يقيم نوعًا من العلاقة القلبية والمعنوية بينه وبين الطرف الآخر ويناديه ويتوجه إليه ويتوسل به ويطلب منه الإجابة - كل هذا شرك وعبادة لغير الله، لأن العبادة ليست سوى هذه الأمور، وعبادة غير الله غير جائزة بحكم العقل وضرورة الشرع وتستلزم الخروج من الإسلام. بالإضافة إلى ذلك، أداء هذه المراسم، فضلاً عن كونه أداء لمراسم عملية عبادة لغير الله وعين الأعمال التي كان المشركون يفعلونها للأصنام، يستلزم الاعتقاد بقوة ما وراء الطبيعة للشخصية المتوجه إليها (النبي أو الإمام) (رؤية الوهابيين والوهابيي الميول في عصرنا).هذه النظرية انتشرت في زماننا إلى حد ما، وتُعد فئة معينة خاصة علامة على التنوير. [٣٢].

نقد الشهيد مطهري للفرضية الثالثة

أكثر النظريات اشتمالاً على الشرك يعلق على طبيعة هذه الفرضية المشبعة بالشرك فيقول: بالنظر إلى موازين التوحيد، فإن هذه النظرية من حيث التوحيد الذاتي على مستوى نظرية الأشاعرة مشبعة بالشرك، ومن حيث التوحيد في الخالقية والفاعلية، هي واحدة من أكثر النظريات اشتمالاً على الشرك... فقد نفى الأشاعرة عن الأشياء التأثير والسببية بحجة أن الاعتقاد بتأثير وسببية الأشياء يستلزم الاعتقاد بأقطاب ومنابع في مقابل الله؛ وقلنا - بينما - إن الأشياء تأتي على شكل أقطاب في مقابل الله فقط إذا كانت مستقلة في الذات، ومن هنا يتضح أن الأشاعرة - دون وعي - قد قالوا بنوع من الاستقلال الذاتي للأشياء الذي يستلزم شركًا ذاتيًا لكنهم كانوا غافلين عنه، وأرادوا بنفيهم الأثر عن الأشياء إثبات التوحيد في الخالقية؛ ولهذا في نفس الوقت الذي نفوا فيه الشرك في الخالقية، فقد أكدوا - دون وعي - على نوع من الشرك في الذات. ويقول في معرض بيان صحة هذا الإيراد على نظرية الوهابية: نفس هذا الإيراد وارد على نظرية الوهابيي الميول. فهؤلاء أيضًا قالوا - دون وعي - بنوع من الاستقلال الذاتي للأشياء، ومن ثم رأوا أن امتلاك دور فوق حد العوامل المعتادة يستلزم الاعتقاد بقطب وقوة في مقابل الله، غافلين عن أن الموجود الذي يرتبط بكامل هويته بإرادة الحق ولا يملك أي اعتبار مستقل عن ذاته، فإن تأثيره فوق الطبيعي مثل تأثيره الطبيعي، قبل أن يُنسب إليه نفسه، فهو منسوب إلى الحق، وهو ليس سوى مجرى لمرور فيض الحق إلى الأشياء. فهل كون جبريل وسيطًا لوحي العلم، وميكائيل وسيطًا للرزق، وإسرافيل وسيطًا للإحياء، وملك الموت وسيطًا لقبض الأرواح، هل هذا شرك؟ ويواصل قائلاً: من وجهة نظر التوحيد في الخالقية، فإن هذه النظرية هي من أسوأ أنواع الشرك، لأنها تقول بنوع من تقسيم العمل بين الخالق والمخلوق؛ جعلت الأعمال ما وراء الطبيعية مجالاً اختصاصيًا لله، والأعمال الطبيعية مجالاً اختصاصيًا لمخلوقات الله أو مجالاً مشتركًا بين الله والمخلوق، فجعل مجال اختصاصي للمخلوق هو عين الشرك في الفاعلية، كما أن القول بمجال مشترك هو أيضًا نوع آخر من الشرك في الفاعلية. ويشير في سياق متابعة هذا البحث إلى تحذير النبي من تسلل طبقات الشرك الخفية إلى عقائد الموحدين فيقول: وهنا ندرك معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: «تسرب الشرك في الأفكار والعقائد بسكون وبدون ضجئة وبدون إنذار، كسير النملة السوداء في الليل الظلم على الصخرة الصماء» [٣٣]. تأييدًا لكلام الشهيد مطهري حول اشتمال رؤية الوهابية على الشرك في مسألة التوسل، يجب القول: ورد في كلام ابن تيمية أن التوسل بالمخلوق يجب أن يكون في الأمور التي يقدر على فعلها، لكن في الأمور التي لا يقدر على فعلها لا يجوز التوسل به [٣٤]. يجب القول إن هذه الأقوال تستلزم نفي التوحيد الأفعالي، بمعنى أن استقلالية العباد في الأمور التي تبدو في مقدورهم نوع من الشرك، لأنه بناءً على التوحيد الأفعالي، لا تتم أي من الأمور والحركات في الوجود بشكل مستقل، وكلها تنسب أولاً وبالذات إلى الله تعالى. ومن ثم فإن القول باستقلالية العباد في فعل بعض الأمور سيكون شركًا.

جريان نظام الأسباب والمسببات في الوجود والتوسل أحد الأسباب المعنوية

إن الإرادة الإلهية في نظام الوجود تتحقق بناءً على الأسباب والمسببات. فكما أن قانون الأسباب والمسببات يجري في العالم المادي، فهو يسود أيضًا في الأمور المعنوية. واستنادًا إلى ذلك، في شرحه لحاكمية قانون الأسباب والمسببات أيضًا في الأمور المعنوية لإثبات مشروعية التوسل بأولياء الله، يستشهد الشهيد مطهري بالقرآن ويقول: فعل الله، له نظام، إذا أراد أحد ألا يعير نظام الخلق اهتمامًا فإنه ضال، ولهذا وجه الله تعالى المذنبين إلى أن يذهبوا إلى بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويطلبوا المغفرة بأنفسهم بالإضافة إلى أن يطلبوا من ذلك العظيم أن يطلب المغفرة لهم. يقول القرآن الكريم: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 64] [٣٥].

التوسل بأولياء الله كأحد الأسباب المعنوية هو عين التوحيد

يُعد التوسل بأولياء الله من جملة الأسباب التي شُرعت من قبل الشريعة للعباد. فمن وجهة نظره، التوسل بأولياء الله ليس فقط ليس بشرك، بل هو عين التوحيد. ونص كلامه في هذا المجال كالتالي: في التوسل والاستشفاع بأولياء الله، يجب أولاً البحث أن يكون إلى شخص ومن شخص قد جعله الله وسيلة، يقول القرآن الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾ [المائدة: 35]. ويقول في شرح الطابع التوحيدي لقانون التوسل بالصالحين: بشكل عام، التوسل بالوسائل والتسبب بالأسباب، مع الانتباه إلى أن الله هو الذي خلق السبب، وأن الله هو الذي جعل السبب سببًا، وأن الله هو الذي طلب منا استخدام هذه الوسائل والأسباب، ليس شركًا بأي وجه، بل هو عين التوحيد، في هذا الجانب، لا فرق بين الأسباب المادية والأسباب الروحية، بين الأسباب الظاهرية والأسباب المعنوية، بين الأسباب الدنيوية والأسباب الأخروية؛ غاية الأمر أن الأسباب المادية يمكن معرفتها وفهمها من خلال التجربة والاختبار العلمي: ما هو السبب؟ أما الأسباب المعنوية فيجب اكتشافها عبر الدين، أي عبر الوحي، وعبر الكتاب والسنة.

التوسل بأولياء الله هو عين عبادة الله

يقول الشهيد مطهري في هذا المجال: التوحيد هو أن الإنسان حين يتوجه إلى الله لا يجعل أي شيء وسيلة وواسطة للتوجه: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾. في التوجه إلى الله لا ضرورة ولا ينبغي جعل شيء وسيلة وواسطة. نعم، بعد أن يتوجه الإنسان إلى الله ويعرفه، في المرحلة التالية يتوجه إلى أولياء الله من حيث أنهم أولياء الله وعابدو الله والفانون فيه، وقد قطعوا مراحل العبودية. في هذه المرحلة يجعلهم وسيلة للاستغفار والدعاء؛ أي يستمد منهم - وهم عباد الله الصالحون الأحياء في العالم الآخر - أن يطلبوا من الله تعالى، مثلاً، أن يمنح قلبه نورًا، أو أن يغفر ذنوبه بلطفه وكرمه. هذا الاستمداد جائز لأن الطرف موجود حي يرزق، وقد قطع مراتب القرب بقدم العبودية، ويستطيع أن يؤدي مراتب التذلل والعبودية أفضل منا، ولهذا هو أقرب منا إلى الله. ويواصل قائلاً: نحن المسلمين في زيارة رسول الله صلى الله عليه وآله نقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَقِدُ حُرْمَةَ صَاحِبِ هَذَا الْمَشْهَدِ الشَّرِيفِ فِي غَيْبَتِهِ كَمَا أَعْتَقِدُهَا فِي حَضْرَتِهِ، وَأَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَكَ وَخُلَفَاءَكَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَحْيَاءٌ عِنْدَكَ يُرْزَقُونَ، يَرَوْنَ مَقَامِي وَيَسْمَعُونَ كَلَامِي وَيَرُدُّونَ سَلَامِي». أي: اللهم إني أحترم صاحب هذا المكان بعد الوفاة كما أحترمه في زمان الحياة. إني أعلم أن نبيك والخلفاء الذين اخترتهم، جميعًا أحياء عندك يرزقون، يرون مقامي، يسمعون كلامي، ويردون سلامي. وفي آخر هذه الزيارة نقول: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾. وَإِنِّي أَتَيْتُكَ مُسْتَغْفِرًا تَائِبًا مِنْ ذُنُوبِي، وَإِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكَ لِيَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي». أي اللهم أنت قلت في كلامك المجيد لنبيك: «إذا ظلموا أنفسهم فجاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابًا رحيمًا». ثم نخاطب رسول الله صلى الله عليه وآله قائلين: أيها النبي العزيز! إني أتيت إليك وأنا أطلب المغفرة من الله، وأنا نادم على ما فعلت من ذنوب. إني أتوسل بك - أيها العبد الصالح لله القادر على الدعاء والاستغفار لي - إلى الله الذي هو ربي وربك، ليغفر (بسبب استغفاري واستغفارك) ذنوبي. [٣٦].النتيجة هي أن التوسل والانتباه إلى أولياء الله بالصورة التي تم بيانها، ليس فقط ليس بشرك، بل هو عين عبادة الله.

ضرورة توجه المتوسل إلى الوسيلة من خلال التوجه إلى الله

حين يتوسل الإنسان أو يستشفع، يجب أن يكون توجهه إلى الله، ومن الله إلى الوسيلة والشفيع، لأن الشفاعة الحقيقية هي التي يبعث فيها المشفوع عنده (الله) الشفيع للشفاعة، وحيث أن الله قد أراد ورضي، يشفع الشفيع، بخلاف الشفاعة الباطلة التي يكون الانتباه الرئيسي فيها للشفيع ليؤثر على المشفوع عنده، ولهذا يكون انتباه المذنب كله للشفيع ليذهب ويُرضي المشفوع عنده بما له عنده من سلطة ونفوذ. فإذا كان الانتباه الأصيل للشفيع ولم ينشأ من جانب الانتباه إلى الله، كان ذلك شركًا في العبادة [٣٧].

رؤية الوهابية في التوسل مضادة للتوحيد ومضادة للإنسانية

يكتب الشهيد مطهري في هذا المجال: خلافًا للتصور الشائع، فإن الوهابية ليست مجرد نظرية مضادة للإمامة، بل هي قبل أن تكون مضادة للإمامة، هي مضادة للتوحيد ومضادة للإنسان. فهي مضادة للتوحيد لأنها تقول بتقسيم العمل بين الخالق والمخلوق، وبالإضافة إلى ذلك تقول بنوع خفي من الشرك الذاتي. وهي مضادة للإنسان لأنها لا تدرك الاستعداد الإنساني للإنسان - الذي جعله أفضل من الملائكة وجعله بنص القرآن المجيد «خليفة الله» وأمر الملائكة بالسجود له - وتنزله إلى مستوى حيوان طبيعي [٣٨].

موهبة الله لبعض العباد في بلوغ مراتب القرب وإمكان التوسل بهم

المسألة ليست أن التوسل والزيارة ومناداة الأولياء وانتظار عمل فوق طبيعي منهم شرك، المسألة شيء آخر. أولاً يجب أن نعرف هل أنبياء الله وأولياءه قد صعدوا هذا الصعود في مراتب القرب الإلهي حتى ينالوا هذا القدر من الموهبة من جانب الحق أم لا؟ يُستفاد من القرآن الكريم أن الله قد منح بعض عباده مثل هذه المقامات والدرجات [٣٩].

ضرورة تصحيح نظرة وسلوك المسلمين عند التوسل بأولياء الله

يشير إلى الطريقة غير الصحيحة لبعض المسلمين عند التوسل بأولياء الله فيقول: ... هل الناس الذين يتوسلون ويزورون ويطلبون الحاجة، لديهم من الناحية التوحيدية إدراك صحيح أم لا؟ هل يذهبون للزيارة حقًا بنظرة «إلى الله» أم بنسيان «الله» وجعل الشخص المزور مقصدًا؟ ولا شك أن الأغلبية يذهبون للزيارة بانتباه فطري كهذا. قد تكون هناك أقلية تفتقر إلى الإدراك التوحيدي - ولو في الحد الأدنى الفطري - فيجب تعليمهم التوحيد لا أن نعتبر الزيارة شركًا [٤٠].

تجنب الأقوال المبالغ فيها والمشوبة بالشرك أثناء التوسل

يشير في نهاية بحث حد التوحيد والشرك إلى نقطة مهمة في مسألة التوسل فيقول: المسألة... هي أن الأقوال والأفعال التي تعبر عن التسبيح والتهليل والتحميد والثناء على الذات المطلقة الكاملة والغنية المطلقة، إذا صدرت لغير الله فهي شرك. فالمسبّح المطلق والمنزه المطلق عن كل نقص وقصور هو الله، والعظيم المطلق هو الله، الذي تنحصر فيه جميع الثناءات هو الله، الذي تقوم به جميع القوى والقدرات هو ذاته. مثل هذه الأوصاف - سواء كانت قولية أو عملية - لغير الله هي شرك. انتقادات أخرى للشهيد مطهري لرؤية الوهابية والجماعات التكفيرية في مسألة التوسل إضافة إلى الانتقادات العلمية التي وردت في مجمل آثار الأستاذ الشهيد مطهري، توجد في مجمل ملاحظاته نقاط قيّمة في نقد نظرة الوهابية والتكفيريين في اعتبار المسلمين مشركين بسبب توسلهم بأولياء الله، يجدر مراعاتها.

إن الكلام المهم الذي يكرره الوهابيون دائمًا هو

يكتب: 1- إن الكلام المهم الذي يكرره الوهابيون دائمًا هو أن مشركي العرب الذين وصفهم القرآن بالمشركين لم يكونوا منكرين للتوحيد في الخالقية، لم يكونوا يعتبرون الأصنام خالقة، كما ينص عليه القرآن: ﴿لَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ * ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ﴾؛ ومع ذلك، بسبب توسلهم وطلبهم القربان والشفاعة من الأصناء، يصفهم القرآن بالمشركين، إذن يتضح أنه لا يجوز التوسل بأي مخلوق ولا يجوز ذبح القربان لأي مخلوق ولا طلب الاستشفاع. جواب هذا البيان هو أن صحيح أن مشركي العرب لم يكونوا قائلين بخالقية الأصنام لكنهم كانوا قائلين بربوبيتها، أي لم يكونوا يقولون إن الصنم قادر على إيجاد المعدوم لكنهم كانوا يعتبرونها متصرفة في الكائنات. (توضيح: يبدو أن مراد الأستاذ الشهيد هو أن كفار عصر الجاهلية كانوا يُعدون مشركين من وجهة نظر القرآن لأنهم قائلون بربوبية الأصنام، بينما المتوسلون بأولياء الله لم يقولوا بربوبيتهم قط، بل يعتبرونهم وسيلة إلى الله ويطلبون منهم أن يطلبوا حوائجهم لدى الربوبية، لذلك فإن المقارنة بين عمل المتوسلين ومشركي عصر الجاهلية قياس مع الفارق.)

حول جذور نشأة عبادة الأصنام

2- يكتب حول جذور نشأة عبادة الأصنام: حقيقة الأمر أن عبادة الأصنام لها جذور في عبادة أرباب الأنواع. منذ قديم الأزمان نشأ هذا الاعتقاد بأن كل نوع من الأنواع كالإنسان والغنم وغيرها تحت تدبير قوة روحانية قديرة مسلطة على الموجودات السفلية، وكانوا أحيانًا ينسبون أنواع الحوادث إلى موجود علوي فلَكي أو معقول محض. مثلًا كانوا يعتبرون الزهرة رب النوع للفرح والسرور، ونجمًا آخر رب النوع للحرب وسفك الدماء؛ أصحاب هذه المعتقدات - حسب رأي البعض - لم يكونوا مؤمنين بإله واحد، ثم تحول تعدد العبادة هذا إلى توحيد. لكن حسب رأينا، هذا النوع من تعدد العبادة نشأ بعد التوحيد؛ أي مع الاعتقاد بخالق واحد، كانوا يعتبرون التدبير والتصرف في العالم السفلي من قبل الموجودات العلوية، ولا يعتبرون الله متصرفًا ومربيًا ومدبرًا للعالم. ومن هذه الجهة كانوا يشبهون المعتزلة الذين قدموا الله كخالق منعزل عن التصرف في الكائنات. ويواصل قائلاً: سبب عبادة الصنم كان أنهم كانوا يعتبرون الأصنام مظهرًا ومحلًا لحلول وتعلق القوى العليا، كما كانوا يقيمون علاقة بين تلك القوى العليا وبعض الجداول والأشكال والطلاسم، ومن هنا نشأ علم الطلاسم. الذي كان يعبد الصنم كان في الأصل على أساس أنه يعتبر الصنم مظهرًا ومحلًا أي مركزًا لحلول وارتباط وتعلق إحدى القوى العليا، وإن كانت كل هذه الأمور تُنسى في الأجيال اللاحقة وتتحول إلى عادة.

يشرح منطق القرآن في توحيد الربوبية ونفي أرباب الأنواع

ثم يشرح منطق القرآن في توحيد الربوبية ونفي أرباب الأنواع قائلاً: القرآن حين قال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، فقد نفى في الحقيقة أرباب الأنواع. وكذلك موسى حين قال لفرعون: ﴿إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، كان ينفي أرباب الأنواع وربوبية فرعون نفسه الذي كان يعتبر نفسه الرب الأعلى للمصريين. (يجب القول: هذه الأقوال للشهيد مطهري توضح أيضًا أن القياس بين عمل المشركين في التوسل بالأصنام وعمل المتوسلين بالصالحين مختلف، بمعنى أن هؤلاء لم يعتبروا أبدًا الأشخاص الصالحين الذين يتوسلون بهم أربابًا لهم، ولا يقولون بحلول الرب فيهم.)

جهاد القرآن ضد فكر عبادة الأصنام ونفي منطق المشركين في التوسل بها

3- جهاد القرآن ضد فكر عبادة الأصنام ونفي منطق المشركين في التوسل بها: مشركو عصر الجاهلية - بحكم اعتقادهم بأرباب الأنواع وانعزال الله عن الربوبية، وبحكم اعتقادهم الجاهل بأنه يجب بالضرورة وجود وسائط بيننا وبين الله ولا يمكننا الاتصال بالله مباشرة، يجب أن ندعو آلهة صغيرة وأرباب أنواع ومظاهرها ونطلب منها القرب، وهي التي تكون على اتصال بالإله الكبير، كان المشركون لا يدعون الله ولا يذكرونه، بل يذكرون الأصنام، إما باعتقاد أن الله الكبير منعزل عن الربوبية، أو باعتقاد أننا لا نستطيع دعاءه، فهو أكبر من ذلك. الإسلام قال: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾. (مفهوم هذه الأقوال للأستاذ هو أيضًا نفي لاستدلال الوهابية في اعتبار القائلين بالتوسل بأولياء الله مشركين، بمعنى أن الآية الشريفة ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي﴾ في نفي طريقة ومعتقد الذين كانوا يؤمنون بأرباب الأنواع ويعتبرون الله منعزلاً عن الربوبية، ولهذا بدلاً من أن يخاطبوا الله في أدعيتهم، كانوا يدعون الأصنام لقضاء حوائجهم. إذن الآية المذكورة لا تهدف إلى نفي التوسل المشروع.)

أولياء الله وسائط لنزول الفيض

4- أولياء الله وسائط لنزول الفيض: القرآن يقبل وسائط الفيض، يقول عن جبرائيل: ﴿قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ﴾، وعن ملك الموت (من حيث قبض الفيض) يقول: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ﴾. ومع ذلك، لأن وسائط الفيض مجرد منفذين لقضاء وقدر الله [ليس لهم استقلال بأنفسهم]. [٤١]. (هذا الكلام للأستاذ يوضح أيضًا مشروعية التوسل بالصالحين وينفي رؤية المنكرين لذلك، بمعنى أن الإرادة الإلهية في نظام الوجود تتحقق بناءً على الأسباب والمسببات، وأولياء الله هم الأسباب المعنوية للحق في جريان الفيض الإلهي على الوجود، كما أن جبرائيل وميكائيل وغيرهم وسائط الفيض الإلهي.)

عدك امكان ايتان بعمل ما بذاته، بقطع النظر عن أي اعتقاد

5- يقول حول هل يمكن أن يكون عمل ما بذاته، بقطع النظر عن أي اعتقاد، عبادة، مثل السجود، تقديم القربان، النذر، طلب المغفرة أو الاستغاثة والنداء؟: لا يبدو أن أي عمل بذاته، بقطع النظر عن الاعتقاد بالألوهية، هو بذاته عمل عبادة. نعم، السجود لله وكذلك ربما التضحية لله، لكن هذا أمر شرعي أنه لا يجب السجود أو التضحية لغير الله. فمرتكب هذا العمل إذا لم يكن معتقدًا بألوهية ذلك الشيء أو الشخص، فهو ليس مشركًا، بل ارتكب بدعة ومعصية. (هذا الكلام للأستاد هو أيضًا نقد لرؤية التكفيريين الذين يعتبرون نفس التوسل والاستغاثة والدعاء عند قبور الصالحين عبادة. فمن وجهة نظره، تتحقق العبادة عندما يتم أداء أي من هذه الأعمال مع الاعتقاد بألوهية المخاطب، بينما المتوسلون بالصالحين لا يعتقدون أبدًا بألوهيتهم، حتى في السجود لغير الله، مع وجود النهي الشرعي، إذا لم يكن مصحوبًا باعتقاد ألوهية المخاطب، لا يمكن القول إن العبادة قد تحققت، بل في مثل هذه الحالات يمكن فقط القول إن بدعة أو عملًا محرمًا قد تحقق.)

يكتب حول هذه المسألة

ما هو الاعتقاد بالألوهية؟ وأين حد الألوهية؟: قسم بعض الناس الأعمال بين الله وغير الله، وجعلوا بعض الأعمال مختصة بالله، ومنها الإحياء والإماتة، والمغفرة، ورزق الخلق وأمثال ذلك. [من وجهة نظرهم] حد الألوهية هو هذه الأعمال، إذا تعبدنا لشخص ما مع هذا الاعتقاد، نكون قد اخترنا حد الألوهية. وآخرون اعتبروا جميع الأعمال فوق الطبيعية داخلة في حد الألوهية، مثل العلم بالغيب والخفايا، وجميع المعجزات والخوارق. الأعمال قسمان: أعمال طبيعية مرتبطة بالأسباب والعوامل، وأعمال غير طبيعية تفوق الأسباب والعوامل. الاعتقاد بأن بشرًا قادر على فعل عمل بدون أسباب وعوامل طبيعية، يعتبرونه اعتقادًا بالألوهية. ولهذا فإن بعضهم يقولون عن الشيعة - أظن أن هذا التعبير مقتبس من المسيحيين - أن الشيعة تقول بجزء من الألوهية أو شيء من اللاهوت في علي، بينما نعلم أن الشيعة لا تقول بجزء للألوهية أو اللاهوت

مسألة التوحيد ليست مسألة تعبدية محضة

7- مسألة التوحيد ليست مسألة تعبدية محضة، بحيث نعتبر شيئًا ما توحيدًا وإخلاصًا تعبدًا، ونعرف شيئًا آخر شركًا وعبادة أصنام تعبدًا، بل هي مسألة عقلية. الواجبات أو النواهي الإسلامية في هذا المجال مبنية على حقائق واقعية يمكن لعقل الإنسان إدراكها، ولا يمكن أن تكون ضد حكم العقل. كما أن التقليد والتعبد غير جائز في التوحيد الذاتي والصفاتي والأفعالي، فهو غير جائز أيضًا في التوحيد في العبادة. لا يمكننا، مثلاً، أن نقول للآخرين إن الخلاف بيننا وبينكم في مسألة فرعية فقهية، وليست أصولية، فقهنا يجيز الاستغاثة والتوسل وفقهكم لا يجيزه، فقهنا يعتبر هذه أمورًا توحيدية وفقهكم يعتبرها شركًا، كما أن فقهنا، مثلاً، يوجب مسح الرجلين في الوضوء وفقهكم يوجب غسلهما. كما أنهم هم أيضًا لا يستطيعون تخطئتنا كمسألة فرعية فقهية، بل يجب أن يناقشونا من وجهة نظر أصول الدين، ويجب أن يعترفوا بأن هذه المسألة التي تتعلق بأصول الدين - مثل سائر مسائل أصول الدين - لها جانب عقلي. وإن كان من الممكن أن يقر شخص بالجانب الأصولي الديني لهذه المسألة ولا يعتقد بعقلانيتها، بل يعتبرها من ضروريات الدين نفسه، كالمعاد الذي هو من أصول الدين، ومع ذلك يجب اقتباس كيفيته وخصوصيته من نص القرآن وأقوال رسول الله [٤٢]. ارتباط هذا الجزء من أقوال الشهيد مطهري بنقد رؤية الوهابية في مسألة التوسل ونحوها هو أن وصف الآخرين بالموحد أو المشرك ليس أمرًا تعبديًا، بل هذه المسألة عقلية، ولا يمكن اعتبار الناس مشركين بالاستناد إلى ظواهر النصوص الدينية.

التقرب إلى الله تعالى من خلال محبة الأولياء هو تقرب بعمل

8- التقرب إلى الله تعالى من خلال محبة الأولياء هو تقرب بعمل، والوهابية أيضًا تفسر الوسيلة في الآية (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) بأنها عمل، مقصودنا من الوسيلة ليس الذات، بل محبة الأولياء وقبول إمامتهم وكونهم قدوة. «أتقرّب بهم» غير «أتقرّب إليهم حتى يقرّبوني» هذه النقطة في ملاحظات الأستاذ توضح جيدًا أصالة التوحيد في التوسلات بالصالحين، بمعنى أن الهدف الرئيسي للزائر في التوسل بأولياء الله ليس سوى التقرب إلى الله تعالى، يجب الانتباه إلى التمييز والفرق بين «أتقرّب بهم» و «أتقرّب إليهم» - في الزيارات.

هناك فرق بين الانقطاع والالتجاء القلبي والتوسل العملي

9- هناك فرق بين الانقطاع والالتجاء القلبي والتوسل العملي. الالتجاء والانقطعاع القلبي يجب أن يكونا لله. لا يجب طلب الخير من الأولياء، بل يجب أن نحلف بالله لهم، أو نلتمس منهم الدعاء، أو نتصدق عنهم، أو نجعل زيارتهم وسيلة لدى الله لتحقيق المقاصد.[٤٣]. هذه النقطة للأستاد مهمة جدًا أيضًا لأنها توضح الحد بين التوحيد والشرك، بمعنى أنه يجب في الزيارات أن يكون الالتجاء والاستغاثة والانقطاع القلبي لوجه الله وحده، وأن تُعرض المطالب فقط لدى ذات الله الأحدية.

لازم كون قدرة الأولياء فوق الطبيعية في حال الحياة والموت

10- لازم كون قدرة الأولياء فوق الطبيعية في حال الحياة والموت وحتى معجزة قبورهم، ليس أن ننقطع قلبيًا لهم في الدعوات والانقطاعات، كما أن لازم وساطة وقدرة جبرائيل وميكائيل ليس أن نطلب العلم والرزق منهما [٤٤].هذه النقطة للأستاد هي تأكيد للنقطة السابقة، والتي يجب أن ينتبه لها الزائر أثناء الزيارة.

هل الأنبياء والأولياء هم أنفسهم هدف أم وسيلة؟

11- هل الأنبياء والأولياء هم أنفسهم هدف أم وسيلة؟ هل معرفتهم ومحبتهم وتكريمهم وتعظيمهم هدف أم وسيلة؟... هنا يوجد رأيان متضادان تمامًا: بعضهم يعتبر المحبة والمعرفة للأولياء هدفًا رئيسيًا بنسبة مائة بالمائة، ولكن في رأينا، الإسلام قد أمر بها كوسيلة لأهدافه... مجالسة الصالحين وسيلة لتزكية النفس، والتعلم وسيلة وليس هدفًا، أي حتى العلم نفسه مقدمة للعمل [٤٥].

الهوامش

  1. السبحانی، جعفر، آئین وهابیت، ص 145،
  2. السبحانی، جعفر، آئین وهابیت، ص 173
  3. الخطیب البغدادی، احمد ابن علی، تاریخ بغداد، ج 1، ص 120،
  4. احمد ابن محمد معروف به ابن حجر الهیثمی، صواعق المعرقه، ص 178،
  5. البخاری، محمد ابن اسماعیل، صحیح الخباری، ج 2، ص 34،
  6. ابن ابی حاتم، محمد بن حبان بن احمد، الثقات، ج 8، ص 456،
  7. متقی الهندی، علی ابن حسام الدین، کنز العمال، ج 2، ص 385،
  8. السمهودی علی ابن احمد، وفاء الوفاء، ج 2، ص 1376،
  9. السمهودی علی ابن احمد، وفاء الوفاء، ج 2، ص 1371،
  10. السبحانی، جعفر، آئین وهابیت، ص 174
  11. قنبری، روح‌الله، چهل شبهه بر ضد شیعه و پاسخ‌های الغدیر، ص 97
  12. السمهودی علی ابن احمد، وفاء الوفاء، ج 2، ص 1371،
  13. مجموعه الفتاوی ج 1ص 247-248:‌ وَالْوَسِیلَةُ الَّتِی أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نَبْتَغِیَهَا إلَیْهِ هِیَ التَّقَرُّبُ إلَی اللَّهِ بِطَاعَتِهِ وَهَذَا یَدْخُلُ فِیهِ کُلُّ مَا أَمَرَنَا اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ .وَهَذِهِ الْوَسِیلَةُ لَا طَرِیقَ لَنَا إلَیْهَا إلَّا بِاتِّبَاعِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِیمَانِ بِهِ وَطَاعَتِهِ وَهَذَا التَّوَسُّلُ بِهِ فَرْضٌ عَلَی کُلِّ أَحَدٍ
  14. مجموع الفتاوی ج 1 ص 247-248
  15. مجموع الفتاوی ج 1 ص 247-248
  16. مجموع الفتاوی ج 1 ص 247-248
  17. مجموع الفتاوی ج 1 ص 247-248
  18. مجموع الفتاوی ج 1 ص 247-248
  19. مجموع الفتاوی ج 27ص 71
  20. مجموعه الفتاوی ج 27ص 71
  21. حیات ابن تییمیه ص371-372 محمد ابوزهره
  22. حیات ابن تییمیه ص371-372 محمد ابوزهره
  23. محمدبن عبدالوهاب ص 105-106
  24. محمدبن عبدالوهاب ص 107:‌‌من جعل بینه و بین الله وسائط یدعوهم انه کافر مرتد حلال المال و الدم
  25. محمدبن عبدالوهاب ص 68-70‌من لم یکفر المشرکین او شک فی کفرهم او صحح مذهبهم کفر ....
  26. محمدبن عبدالوهاب ص110
  27. مجموعه آثار استاد شهید مطهری؛ ج‏3؛ ص71
  28. مجموعه آثار استاد شهید مطهری؛ ج‏3؛ ص129
  29. مجموعه آثار شهید مطهری ج 2ص 127
  30. مجموعه آثار شهید مطهری ج 2ص 129
  31. مجموعه آثار شهید مطهری ج 2ص 130
  32. مجموعه آثار شهید مطهری ج 2ص 128-130
  33. مجموعه آثار شهید مطهری ج 2ص 129-131
  34. مجموعه الفتاوی ج 1ص 330-329
  35. مجموعه آثار استاد شهید مطهری (عدل الهی)، ج‏1، ص: 263-264
  36. مجموعه آثار استاد شهید مطهریج‏14، ص: 230-231
  37. مجموعه آثار استاد شهید مطهریج‏14، ص: 230-231
  38. مجموعه آثار استاد شهید مطهری (جهان‏بینی توحیدی)، ج‏2، ص: 131
  39. مجموعه آثار استاد شهید مطهری (جهان‏بینی توحیدی)، ج‏2، ص 131
  40. مجموعه آثار استاد شهید مطهری (جهان‏بینی توحیدی)، ج‏2، ص: 132-133
  41. یادداشتهای استاد مطهری، ج‏8، ص180:- 183
  42. یادداشتهای استاد مطهری، ج‏8، ص180:- 188
  43. یادداشتهای استاد مطهری، ج‏8، ص180:- 183
  44. یادداشتهای استاد مطهری، ج‏8، ص180:- 183
  45. یادداشتهای استاد مطهری، ج‏8، ص180:- 193