انتقل إلى المحتوى

محمد تقی بهجت

من ویکي‌وحدت
محمد تقي بهجت
الإسممحمد تقي بهجت فومني
الإسم الکاملآية الله محمد تقي بهجت فومني
سائر الأسماءآیةالله بهجت
التفاصيل الذاتية
مكان الولادةإيران، فومن، رشت
یوم الوفاة۱۳۸۸ش.
مكان الوفاةإيران، قم
الأساتذة
  • آقا ضياء الدين عراقي
  • ميرزا محمد حسين نائيني
  • سيد أبو الحسن أصفهاني
الدينالاسلام، الشيعة
الآثاررسالة توضيح المسائل، بهجة الفقيه، وسيلة النجاة
النشاطاتفقية، عارف، مرجع التقليد

آية الله محمد تقي بهجت فومني، فقهاء، عارف، مرجع تقليد شيعة ومن تلاميذ البارزين السيد علي القاضي الطباطبائي ومحمد حسين غروي اصفهاني. بدأ آية الله بهجت منذ شبابه مراحل العرفان والسير والسلوك، وكان له كرامات ومكاشفات غيبية. من آثاره القيمة في موضوع الفقه والأصول مثل "مباحث الأصول". مرتضى المطهّري وعبدالله الجوادي الآملي ومحمد تقي مصباح اليزدي هم من تلاميذه.

الولادة

في ليلة الجمعة الخامس والعشرين من شوال عام 1334 هجري قمري، الموافق الثاني من شهر شهريور عام 1295 هجري شمسي، أشرقت منزل كربلائي محمود بالنور والفرح. في تلك الليلة المضيئة، وُلِدَ طفلٌ سيضيء قلوب الكثيرين من عشاق العلم والمعرفة، والشيعة من آل العصمت والطهارة (عليهم السلام): آية الله الحاج شيخ محمد تقي بهجت. كان كربلائي محمود رجلًا صالحًا ومشهورًا بين أهل فومن، وقد استلهم من هاتفٍ ناداه في شبابه، فسَمَّى مولوده الجديد "محمد تقي".

أول حدث مهم في حياة محمد تقي كان وفاة والدته عندما كان في السادسة عشرة من عمره. أثرت وفاة والدته على العائلة، ومنذ ذلك الحين، أصبحت أخته الكبرى هي الأم. في طفولته، كان محمد تقي يرافق والده ويشاهد كيف يتدفق حب أهل البيت (عليهم السلام) من قلب والده الحزين، ويكتب مراثي تُردد في مجالس العزاء الحسيني (عليه السلام). كان محمد تقي في كل هذه اللحظات برفقة والده، وفي حين أنه كان ينظم بعض المراثي بنفسه، بدأ يربط قلبه بتلك الشهادة، وظل حزن ذلك الإمام المظلوم في روحه حتى نهاية عمره. كانت همسات المراثي الحسينية، من حدائق فومن، تأخذه إلى زوايا مدرسة ملا حسين كوكبي الفومني، حيث استقر في تلاوة آيات القرآن. في ذلك الصمت المليء بالشوق، تعرّف على نغمة "الحمد لله رب العالمين". ثم بدأ يتلو آيات بينات بشغف وحفظ بعض سور القرآن الكريم. لكن روحه العطشى كانت لا تزال تبحث عن زلال المعرفة، وكلمات وألفاظ لم تكن كافية لإروائها.

لذا، دخل الحوزة العلمية في فومن ليغذي روحه بمعاني آيات القرآن الكريم ومعارف روايات الأئمة (عليهم السلام) التي تلامس قلبه. في تلك الحوزة الصغيرة ولكن الغنية بالنقاشات العلمية، اتخذ خطواته العلمية والروحية الأولى. بجدية لا توصف وشغف عجيب، درس الحوزة جنبًا إلى جنب مع بعض المتون الفارسية مثل "بوستان" و"گلستان" و"كليله ودمنه"، وبعد سبع سنوات من الجهد المستمر، أصبح من بين أفضل الطلاب لدى الأساتذة. لكن هذا لم يكن كل ما حصل عليه محمد تقي من الحوزة العلمية في فومن. كانت هذه الفترة لحظات نادرة لاكتساب المعرفة والأخلاق وتزكية النفس، واكتساب الفوائد من علماء مثل آية الله الحاج شيخ أحمد سعيدي فومني. كانت لحظات الحضور في الصلاة مع ذلك العالم الجليل، الذي كان يتمتع بتواضع وخشوع رباني، مليئة بأجواء روحانية لم تُمحَ من ذاكرة الإمام والمأموم.

في جمادي الثانية عام 1348 هجري قمري، الموافق لعام 1308 هجري شمسي، حان وقت الهجرة من وطنه. لا شك أن لحظات انفراد محمد تقي مع أساتذة الحوزة العلمية في فومن - الذين كانوا من خريجي النجف - كانت تتضمن أيضًا محاضرات عن دروس الحوزة العلمية في العراق، مما كان يثير حماسه ويقرب قلبه إلى صفاء حرم الإمام علي (عليه السلام) والإمام الإمام حسين (عليه السلام). كانت تلك المجالس والحوارات تثير شغف طالب الفومني نحو العتبات المقدسة، مما دفعه في النهاية إلى اتخاذ قرار الهجرة وترك وطنه.

ذكرى اختيار الاسم

هناك ذكرى لطيفة حول اسم آية الله بهجت تُروى عن أحد أقاربه، وهي: عندما كان والد آية الله بهجت في سن 16-17 عامًا، أصيب بمرض الطاعون وبدأت حالته تسوء بشكل يائس. قال: في تلك اللحظة، سمعت فجأة صوتًا يقول: "لا تتدخلوا به، لأنه والد محمد تقي". ثم غلبه النوم، وظنّت والدته التي كانت بجانبه أنه قد توفي، لكن بعد فترة استيقظ والد آية الله بهجت من نومه وبدأت حالته تتحسن، وفي النهاية شُفي تمامًا. بعد بضع سنوات من هذه الحادثة، قرر الزواج، ونسي الكلام الذي وُقِّع عليه أثناء مرضه. بعد الزواج، أطلق اسم أول ابن له على اسم والده "مهدی"، وكان ابنه الثاني بنتًا، وعندما وُلد ابنه الثالث، أطلق عليه اسم "محمد حسين"، وعندما أُعطيه الله ولده الرابع، تذكر ذلك الكلام الذي سمعه أثناء مرضه، فسماه "محمد تقي"، لكن هذا الطفل سقط في بركة ماء وتوفي. حتى أنه قرر أخيرًا تسمية ابنه الخامس مرة أخرى "محمد تقي"، وهكذا تم تحديد اسم آية الله بهجت.

بداية الطريق

في سن الثالثة عشرة، قرر محمد تقي الهجرة ليجد راحته الروحية في بارگاه الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وليجد ذهنه الفضولي في الحوزة العلمية هناك. عندما رأى والده شغف ابنه الفاضل، أرسله مع أحد أصدقائه المتمكنين الذين كانوا ينوون زيارة العتبات إلى كربلاء. لكن محمد تقي في رحلته الأولى لم يتمكن من عبور الحدود، حيث منعه حرس الحدود بحجة عدم مرافقة والديه أو عدم وجود تصريح خروج. رغم أن هذا الحدث آلم روحه المتعطشة، إلا أن تذكّره لحدث روحي في طفولته جعله مطمئنًا بأنه سيذهب إلى كربلا، وهكذا حدث؛ حيث تمكن في النهاية من تقبيل تراب كربلا. كان محمد تقي على بعد بضعة أشهر من بلوغه الرابعة عشر، ورغم روحه الكبيرة وكمية علمه، لم يكن قد بلغ سن التكليف بعد.

دخل محمد تقي إلى منزل عمه الذي كان يقيم في كربلا في ذلك الوقت، وبعد حوالي عام، ذهب إلى المدرسة وسكن في حجرات الدراسة. كانت الحوزة العلمية في كربلاء في ذلك الوقت تضم أساتذة مهمين، ودرس محمد تقي في تلك السنوات الأدب العربي وبعض كتب الفقه والأصول، وفي السنة الثانية من إقامته في كربلا، نال لباس الروحانية في محضر آية الله الحاج شيخ جعفر حائري فومني، بحضور والده الذي كان قد زار كربلا.

مرت أربع سنوات في كربلا، حيث قضى محمد تقي جهوده المستمرة في اكتساب العلم والمعرفة، وكان هذا الجهد مصحوبًا بتزكية النفس وكسب مكارم الأخلاق من فيوضات سيد الشهداء (عليه السلام).

الهجرة إلى النجف

كانت فترة الحماس في الحوزة العلمية في كربلا، فترة شوق للهجرة إلى الحوزة العلمية في النجف وقربى من حرم أمير المؤمنين ومولى الموحدين، علي (عليه السلام). كان محمد تقي قد درس جزءًا من دروس السطح، وكان يبحث عن ضالته في الحوزة العريقة والعظيمة في النجف، وفي عام 1352 هجري قمري، الموافق لعام 1312 هجري شمسي، بعد أربع سنوات من وجوده في كربلا، بدأ رحلته إلى النجف. كانت الحوزة الشامخة والعريقة في النجف، في ذلك الوقت، ملاذ العلماء ومجلس الفقهاء ومأوى العارفين.

ألقى الشيخ محمد تقي بنفسه في محيط الحوزة العلمية في النجف ليصطاد لؤلؤة العلم من تلك البحر المتلاطم. في البداية، أكمل الأجزاء النهائية من السطح العالي للعلوم الحوزوية في محضر أساتذة مثل حاج شيخ مرتضى طالقاني، وسيد هادي ميلاني، وحاج سيد أبو القاسم خویی، وشيخ علي محمد بروجردي وسيد محمود شاهرودي، ثم دخل دروس الخارج في الفقه والأصول.

لتحصيل الدروس في الخارج، جلس في محضر أساتذة من الطراز الأول في النجف وعمود الفقه والأصول ومعارف أهل البيت (عليهم السلام) مثل آية الله آقا ضياء عراقي وآية الله ميرزا نائيني في الأصول وآية الله شيخ محمد كاظم شيرازي في الفقه، واستقر في محضر الحكيم الكبير والفيلسوف الرفيع، آية الله غروي کمپاني، ودامت إقامته هناك لسنوات. كما استفاد من درس الفقيه البارز آية الله سيد أبو الحسن أصفهاني.

أدى دقة النظر، والذكاء الحاد، والإبداع الذهني في تحصيل العلم، إلى بناء شخصية متميزة وبارزة من هذا الطالب الفومني، مما جعله في نظر أساتذته وزملائه يتألق. بالإضافة إلى الفقه والأصول، كان الشيخ محمد تقي يهتم بالفلسفة والعلوم العقلية أيضًا. لذا درس الكتب الفلسفية المهمة مثل "الإشارات والتنبيهات" و"أسفار" لدى آية الله سيد حسين بادكوبه‌ای.

مع تدريس الدروس، أصبح من الفضلاء والمدرسين في المستويات العليا للحوزة، وكان من الأنشطة العلمية والمعرفية له في تلك السنوات التعاون مع المحدث الكبير الحاج شيخ عباس قمي في تأليف كتاب سفينة البحار. لكن استفادته من أساتذة وعلماء الحوزة العلمية في النجف لم تكن محصورة في تحصيل العلم فقط، بل كانت صحبة معنوية مع أصحاب القلوب والمعرفة، حيث شكلت له أولى تجارب العرفان والمعاني الروحية. بالإضافة إلى كل تلك الجهود والمجاهدات واستفادته من محضر العلماء وآيات العراق، كان لشخصيتين بارزتين في الحوزة العلمية في النجف تأثير عميق على شخصية آية الله بهجت: العلامة الكبير آية الله غروي أصفهاني المعروف بـ "کمپانی" وآية الله ميرزا علي قاضي.

كان آية الله غروي أصفهاني يتمتع بفكر جوّال ونافذ ودقيق، واستفاد آية الله بهجت لسنوات من محضر هذا الأستاذ الفريد، حيث تعلم في درسه وناقش وتقدم؛ حتى أصبح واحدًا من أفضل تلاميذ ذلك الفقيه الحكيم والعظيم. بالإضافة إلى الاستفادة العلمية من محضر الأستاذ، حصل أيضًا على فيوضات معنوية، وكان تحت تأثير علمي وروحي عميق من أستاذه الكبير، وكان هذا التأثير واضحًا في سلوكه العلمي والروحي.

كما كان العارف الشهير والسالك الفريد، آية الله ميرزا علي قاضي، له تأثير كبير على منهجه العرفاني واكتساب المراتب الروحية لآية الله بهجت. في الواقع، عندما دخل النجف الأشرف في سن الثامنة عشرة، وجد ضالته في وجود هذا الأستاذ الكبير، وظل لسنوات يتعلم في محضر ذلك البحر العرفاني والمعنوي. كان آية الله قاضي أيضًا يولي اهتمامًا خاصًا لهذا الطالب المستعد والباحث عن الحقيقة، وكان يناديه بمحبة وصداقة "الفاضل الجيلاني".

كانت فترة الحضور المباركة والمليئة بالأحداث في النجف الأشرف، فرصة ذهبية للشيخ محمد تقي ليبذل قصارى جهده في تزكية النفس واكتساب العلم؛ لكن الانشغال الشديد والدائم بالتحصيل والتزكية كان أحيانًا يضعه في حالة من التعب والمرض. لذلك، كان يتعين عليه في بعض الأحيان السفر إلى الكاظمين وسامراء وكربلاء لتغيير الجو ولحماية جسده الضعيف من المزيد من الأذى.

العودة إلى الوطن والإقامة في قم

أخيرًا، بعد ستة عشر عامًا من الإقامة بجوار ضريح الأئمة الهدى (عليهم السلام) وحضور نشط وجهود لا تعرف الكلل في سبيل اكتساب العلم والمعرفة والتعلم في محضر أساتذة الحوزة العلمية في النجف، وبعد سنوات من التدريس والبحث، مع حصوله على درجة الإجتهاد، عاد إلى وطنه.

كان شهر جمادي الثانية من عام 1364 هجري قمري، الموافق لعام 1324 هجري شمسي، هو تاريخ عودة آية الله بهجت إلى إيران في سن أقل من ثلاثين عامًا. لم يمض وقت طويل على دخوله إلى وطنه حتى اقترح عليه أخته الكبرى، التي كانت بمثابة الأم له، أن يتزوج.

بعد بضعة أشهر من وجوده في فومن، قرر مرة أخرى السفر إلى النجف؛ لكنه هذه المرة كان ينوي أن يقيم في مدينة قم لفترة قصيرة أثناء تجهيز أمور جواز السفر، ليكون لديه معرفة أكبر بالحوزة العلمية في قم، ثم يتوجه إلى النجف. لذا، في شهر شوال من عام 1364 هجري قمري، الموافق لعام 1324 هجري شمسي، توجه إلى قم.

لم يمضِ وقت طويل على وجوده في قم حتى في 28 صفر من عام 1365 هجري قمري، الموافق لعام 1325 هجري شمسي، توفي والده الحنون وهو يشعر بالراحة تجاه مصير ابنه، مما جعله حزينًا على فقدانه.

كانت أشهر الإقامة في قم مليئة بالأخبار المؤسفة التي كانت تصل من النجف. كانت وفاة آية الله سيد أبو الحسن أصفهاني في ذو الحجة 1365 هجري قمري ووفاة آية الله ميرزا علي قاضي في ربيع الأول 1366 هجري قمري، أخبارًا محزنة جعلت الفاضل الجيلاني في حالة من الحزن. والآن، كان لديه ذكريات كثيرة من أيام وليالي النجف وما تعلمه من أساتذته الروحيين والعظماء. أدت هذه الأخبار ووفاة والده إلى أن يقرر الإقامة بجوار حرم كريمة أهل البيت، السيدة فاطمة المعصومة (سلام الله عليها)، ليجذب عبير الورد من ماء الورد.

كانت إقامة آية الله بهجت في المدينة المقدسة قم، مليئة بالظهورات البارزة والتنوع في مجالات متعددة. كانت المرحلة الأولى من حياته هي حضوره في دروس الخارج لمراجع التقلید في عصره.

كانت الحوزة العلمية في قم، التي مرت حوالي 24 عامًا منذ تجديد حياتها بفضل جهود آية الله حائري، قد تحولت إلى حوزة قوية وحيوية بفضل حضور العلماء والمجتهدين البارزين، خاصة بعد دخول آية الله بروجردي (رحمة الله) الذي لم يمضِ على دخوله عدة أشهر. على الرغم من أن آية الله بهجت كان مجتهدًا مسلمًا عند دخوله إلى قم، إلا أنه احترم أساتذته البارزين وشارك في دروس الخارج آية الله حجت كوه كمره‌اي وكذلك درس آية الله بروجردي، وأصبح واحدًا من أبرز الحاضرين في درس ذلك المرجع الكبير، وسرعان ما أصبح معروفًا كأحد أهم وأدق المشاركين في درسه.

لذا، كان يلتزم بالصمت عن النقد والاعتراض العلمي حتى لا يُلاحظ، وكي لا يُلفت انتباه الآخرين.

بعد دخوله إلى قم، بدأ بالتدريس، وبعد حوالي عام، شرع في تدريس دروس الخارج في الفقه والأصول، واستمر في ذلك لأكثر من ستين عامًا، حتى آخر أيام حياته المباركة. في السنوات الأخيرة، كان يخصص الصباح لتدريس دروس الخارج في الفقه، وفي فترة العصر لتدريس دروس الخارج في الأصول، وابتعد عن الشهرة، حيث جعل حجرات المدارس ومنزله مكانًا للتدريس؛ لكن في النهاية، وبإصرار من طلابه، بدأ تدريسه في مسجد فاطميه، حيث استمر في ذلك حتى نهاية عمره.

جانب بارز آخر من أنشطة آية الله بهجت في قم هو إقامة مراسم الرضى التي استمرت لأكثر من أربعين عامًا وحتى نهاية حياته الشريفة. كانت مراسم الرضى للإمام أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) تُقام في البداية في منزله، وبعد قبول مسؤولية المرجعية، كانت تُعقد في المسجد الصغير الجميل فاطميه. كان يشارك في هذه المجالس في أشد الأيام حرارة وبرودة، وحتى في أسوأ حالاته الصحية حتى أواخر عمره، حيث كان يصر على المشاركة ويبكي على مظلومية ذلك الإمام الشهيد. في الصيف أيضاً، عندما كان يزور مشهد المقدس، كانت هذه المجالس تُقام. يبدو أن إصراره على إقامة وحضور مجلس الرضى كان اهتمامًا بتنفيذ وصية أستاذه الذي قال: "لا تتركوا رضى أسبوعي للإمام أبي عبد الله".

كان مجلس الرضى الأسبوعي له ملتقى لجميع المحبين والمخلصين لأهل البيت (عليهم السلام)؛ الذين كانوا يجتمعون من مدن مختلفة في البلاد بشغف للمشاركة في رضى الإمام أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وكانت دموع حزنهم في عزاء الحسين تمتزج بدموع الشوق لرؤية هذا المرجع العظيم.

اسم آية الله بهجت يثير في الأذهان الصلاة والمناجاة. ويعود هذا الارتباط على الأقل إلى سببين: أولاً، حالات ومعنويات ذلك الرجل الإلهي أثناء الصلاة، وثانيًا، اهتمامه الكبير بإقامة صلاة الجماعة في جميع الأيام وأوقات السنة، حيث كان كبار العلماء والمشايخ يشاركون فيها منذ البداية. كان يقيم جميع الصلوات اليومية جماعة في مسجد فاطميه؛ لكن في السنوات الأخيرة من عمره، بسبب كبر سنه، اقتصر على إقامة صلاة الظهر والعصر. إن عظمة وجلال صلاة الجماعة له في مسجد فاطميه لا يمكن وصفها في أي كتابة، فقط أولئك الذين أدركوا هذه العظمة والهيبة الروحية يمكنهم التعبير عن جزء منها. لن تُمحى ذكريات تلك الأيام والليالي التي كانت فيها صفوف الصلاة تمتد من صحن المسجد إلى الحديقة والشوارع من ذاكرة المصلين في مسجد فاطميه، وكم من الشيوخ والشباب الذين يتوقون لتلك اللحظات الروحية النادرة.

من بين برامجه الدائمة والجميلة، كان حضوره اليومي في حرم السيدة فاطمة المعصومة (سلام الله عليها). حتى نهاية حياته المليئة بالنور والبركة، وحتى قرب بلوغه تسعين عامًا، كان يذهب يوميًا بعد صلاة الصبح وتعقيباتها، لزيارة ضريح السيدة فاطمة المعصومة (سلام الله عليها) ثم في خلوتها العاشقة في زاوية من الحرم الطاهر، كان يقرأ الزيارات ويقيم الصلاة.

الأعمال العلمية

كان السعي الدؤوب في العلم من خصائص هذا المرجع الكبير. لقد كتب آية الله بهجت العديد من المؤلفات في الفقه والأصول، لكنه لم يقم بطباعة معظمها بنفسه. عندما أراد مجموعة من المؤمنين طباعة أعماله دون استخدام أموال شرعية، قال لهم: "لا يزال هناك الكثير من كتب العلماء الكبار التي بقيت مخطوطة لسنوات؛ اطبعوها، فالأوان لم يفت بعد." ولكن ما كتب من قلمه المبدع وأفكاره النيرة، يشهد على عمق أفكاره الفقهية.

بعض الأعمال المطبوعة والمخطوطة لهذا الفقيه الرفيع هي كما يلي:

  1. مباحث الأصول (دورة كاملة في الأصول)؛
  2. حاشية على المكاسب الشيخ الأنصاري (رحمه الله) واكتمالها حتى نهاية المتاجر؛
  3. مجموعة فقهية "بهجة الفقيه"، تشمل كتب الطهارة، والصلاة، والزكاة، الخمس والحج؛
  4. حاشية على مناسك الشيخ الأنصاري (رحمه الله)؛
  5. رسالة توضيح المسائل (بالعربية والفارسية)؛
  6. مناسك الحج؛
  7. وسيلة النجاة: يحتوي هذا الكتاب على آراءه في بعض أبواب الفقه التي جاءت في نص كتاب "وسيلة النجاة" تأليف آية الله السيد أبو الحسن الأصفهاني (رحمه الله) وقد طبع الجزء الأول منه؛
  8. جامع المسائل: دورة فقهية فتوائية، نتاج تأملات خمسة وعشرين عامًا لهذا الفقيه من أهل البيت في مقام الإفتاء، وهو فريد من نوعه. جزء منه هو حاشية على كتاب "ذخيرة العباد" للمرحوم الشيخ محمد حسين الغروي، الذي طبع في خمسة مجلدات؛
  9. أشعار عرفانية وأخلاقية.

الوفاة

في الأيام الأخيرة من مايو 1388، كانت أيام الانتظار الأخيرة لوصول الجنة للقاء. خلال جميع سنوات حياته المباركة، بوجوده الكامل وجسده المنهك وروحه المتعطشة والمتألمة، كان يتمنى وصالاً أبدياً. بالنسبة له، الذي كان عبدًا صالحًا لله، ولم يفكر في حياته سوى في العبادة، كانت لحظة لقاء المعبود بداية لذة روحية خالصة. كانت رؤية سفير الحق الجميل نتيجة تسعين عامًا من الجهاد في سبيل المحبوب الأزلي. الاستراحة في أحضان رحمة الله الآمنة هي نصيبٌ ثمنه الطهارة والعبودية. لكن يوم فراقه عن هذا العالم الترابي كان ليلة فراق أصدقائه ومحبيه. في ذلك اليوم، بينما كانت روح عظيمة وسعيدة تحلق إلى السماء، كانت أرواح الآلاف من عشاق الروحانية والنقاء تذرف دموع الحسرة.

في مساء يوم الأحد، السابع والعشرين من مايو 1388، عندما انتشر خبر وفاة ذلك العالم الرباني في المدينة، عمّ الحيرة والدهشة، ثم نداء ونحيب المدينة. تدفق حشد من المحبين والمخلصين للفقاهة والمرجعية نحو قم. ارتدت قم السواد، وكان ازدحام جموع المعزين يذكّر بتشييع تاريخي لآية الله البروجردي. حضر من عامة الناس والعارفين، ومن العلماء والتجار، ومن جميع طبقات المجتمع لتشييع جثمان رجل كانت صدره مليئًا بالحب والشغف، وترك خلفه إرثًا مقدسًا. وفي النهاية، دُفن جثمان ذلك الراحل الكبير في حرم السيدة فاطمة المعصومة (سلام الله عليها) في المسجد الأعلى في تراب مسك بوي عصمت.

المصادر

  1. مستخرج من موقع مركز تنظيم ونشر آثار آية الله بهجت قدس سره https://bahjat.ir
  2. مستخرج من موقع حول آية الله بهجت في ويكي تابناك اقرأ المزيد https://www.tabnak.ir › tags ›