مشهد
مدينة مشهد المقدسة الحضرية في شمال شرق إيران وعاصمة محافظة خراسان الرضوية، بمساحة 351 كيلومترًا مربعًا، تُعد مشهد ثاني أكبر مدينة في إيران من حيث المساحة، وبفضل وجود ضريح علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، الإمام الثامن الحجج لدى الشيعة الإمامية، تستقبل المدينة سنويًا أكثر من 27 مليون زائر.
أصل تسمية مدينة مشهد
كلمة "مشهد" تعني مكان الشهادة أو المشاهدة. يعتقد الشيعة أن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) دُفن في مقبرة هارون في قرية سناباد بعد استشهاده على يد المأمون العباسي عام 203 هـ. بعد ذلك، سُميت منطقة سناباد نوغان بـ "مشهد الرضا"، ثم توسعت تدريجيًا، خاصة في عهد الشاه طهماسب الصفوي ونُقل سكان مدينة طوس (توس) إلى مشهد، وبمرور الوقت استقر الاسم الحالي للمدينة [١].
تاريخ مشهد
مدينة مشهد هي إحدى المدن الكبرى في إيران وعاصمة محافظة خراسان الرضوي الواسعة، تُلفظ كلمة "خراسان" في اللغة البهلوية "خوراسان" (KHURASAN)، وتعني "أرض الشمس" أو "الشرق" أو "مكان شروق الشمس"، يرتبط التاريخ القديم لمشهد ارتباطًا وثيقًا بمدينة طوس. مشهد الحالية هي جزء صغير من مدينة نوغان القديمة، والتي يعتقد علماء الآثار - بناءً على الآثار المكتشفة حول نهر كشف رود - أن لها تاريخًا يعود إلى ثمانمائة ألف عام. وتذكر الأساطير أن جمشيد، من السلالة الكيانية، هو من بنى طوس وسلمها لخليفته كيخسرو.
مشهد قبل الإسلام
على الرغم من أن تاريخ نشوء مدينة باسم "مشهد" يعود إلى بداية القرن الثالث الهجري، أي في فترة استشهاد ودفن جثمان الإمام الرضا (عليه السلام) فيها، إلا أن منطقة (طوس) التي تقع فيها مشهد حاليًا لها تاريخ عريق. سُميت طوس بهذا الاسم لأن مؤسسها والحاكم الأول لها كان شخصًا يُدعى (طوس بن نوذر)، القائد الشهير في عهد الملك الكياني كيخسرو. لا تتوفر معلومات كثيرة عن تاريخ هذه المدينة قبل الإسلام إلا بعض الأساطير، ولكن من خلال الوثائق الموجودة يمكن التكهن بأن هذه المدينة كانت في أواخر العصر الساساني إحدى القلاع الحدودية على الطريق بين جرجان ونيسابور إلى مرو وبلخ، كما كانت من المناطق المشهورة في خراسان الكبرى.
مشهد في العصر الإسلامي
بحسب ما يذكره المؤرخون، عندما فر يزدجرد الثالث من جيوش المسلمين العرب، توجه إلى خراسان. فتعقبه جيش المسلمين بقيادة الأحنف بن قيس، المكلف بفتح خراسان. وعندما وجد يزدجرد أنهم يلاحقونه، اتجه إلى طوس طلبًا للحماية من حاكمها "كنارنج"، لكن كنارنج رفض بحجة أن طوس لا تتسع لحاشية الملك، كما أن إيواءه قد يعرّض المدينة لهجوم المسلمين، فوجه يزدجرد إلى مرو. إلا أن حاكم مرو بدوره تخلى عنه، وقُتل آخر ملوك الساسانيين على يد رحّاء (طحان) في مرو عام ٣١ هـ. أما كنارنج طوس، الذي كان حاكمًا انتهازيًا، فقد أرسل رسالة إلى عبد الله بن عامر يطلب فيها الأمان، ووعد بأنه إذا قُبل عرضه، فسيساعد المسلمين في فتح نيسابور. وبالفعل، نفذ وعده وحصل على إمارة نيسابور. وهكذا حافظ الكنارنجيون على نفوذهم في منطقة طوس حتى نهاية العصر الأموي، إلى أن انتصر جيش أبو مسلم عام ١٢٩ هـ، فاضطروا إلى مغادرة المنطقة. في بداية الإسلام، لم تكن هناك مدينة تُسمى "مشهد"، بل كانت هناك قرية صغيرة مجهولة في موقعها الحالي تُدعى "سناباد"، تابعة لأراضي طوس. وفي عام ١٩٣ هـ، قام هارون الرشيد، الخليفة العباسي، بحملة عسكرية من خراسان إلى ما وراء النهر. وفي أثناء رحلته، مرض هارون وتوفي، فدُفن في قصر "حميد بن قحطبة" الواقع في تلك المنطقة. وبعد عامين، زار المأمون العباسي قبر والده، وكان برفقته الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام). ثم دبّر المأمون مؤامرة لقتل الإمام الرضا (عليه السلام)، ولإخفاء جريمته، دفنه بجانب قبر والده، وبنى ضريحًا فوق القبرين.
بعد بضع سنوات، نشأت قرية حول الضريح، ولأن الشيعة اعتقدوا أن الإمام الثامن قُتل فيها، سموها "مشهد" (MASHHAD)، أي "مكان الشهادة". ومع مرور الوقت، ازدادت الهجرات إلى المنطقة، فتوسعت المدينة وتطورت. بقي القبران بجانب بعضهما بشكل عادي حتى حوالي عام ٥٠٠ هـ، حين أُطلق على الموقع اسم "مشهد الرضا" (أي مكان شهادة الرضا). وكُتب أن أول ضريح فضي وُضع حول القبر كان من صنع رجل إيراني زرادشتي لم يكن قد أسلم بعد، حيث شُفي من مرض عضال بعد توسله بالإمام الرضا، فصنع الضريح تكريمًا له ولجذب انتباه الناس إليه، وكان ذلك في العهد السلجوقي. ذكر ابن بطوطة في رحلته أنه زار الحرم الرضوي عام ٧٣٤ هـ، وكان الضريح آنذاك "صندوقًا خشبيًا مغطى بصفحات من الفضة". وفي العصر الصفوي، زاد الاهتمام بهذه الأماكن، فصُنع أول ضريح مذهب ووُضع على القبر. في القرن العاشر الميلادي، دُمّر الجزء الرئيسي من الضريح والمباني المحيطة به. ثم بنى السلطان محمود الغزنوي في القرن الرابع الهجري مبنى جديدًا فوق القبرين. وبعد وفاة تيمورلنك، بذل ابنه شاه رخ جهودًا كبيرة في تجميل مرقد الإمام الرضا (عليه السلام). منذ القرن السادس عشر الميلادي، عندما سيطرت السلالة الصفوية الشيعية على إيران، والتي كانت متعصبة دينيًا ووطنيًا، بدأت مشهد تشهد تطورًا وازدهارًا، وأصبح زيارة قبر الإمام الرضا (عليه السلام) شائعة منذ ذلك الوقت. وفي عهد الشاه عباس الأول، أُضيفت مبانٍ أخرى إلى المرقد. وفي عهد نادر شاه الأفشاري، بلغت مشهد ذروة ازدهارها عندما أصبحت عاصمة له.
التاريخ الحديث لمدينة مشهد
يمكن تقسيم تاريخ مشهد إلى ثلاث فترات رئيسية:
- فترة الخلافة الإسلامية: بعد تمرد العلويين ضد المأمون العباسي، اختار المأمون علي بن موسى الرضا (عليه السلام) وليًا للعهد لاستمالة الشيعة. أثناء الرحلة إلى بغداد، استشهد الإمام الرضا في قرية سناباد نوغان ودُفن هناك، لتصبح المنطقة تُعرف بـ "مشهد الرضا".
- عهد الدول الإيرانية حتى الصفويين: نمت المدينة تدريجيًا وأصبحت مركزًا دينيًا مهمًا.
- من العصر الصفوي حتى الآن: ازدهرت مشهد كمدينة كبرى، خاصة بعد نقل سكان طوس إليها في العهد الصفوي
الحوزة العلمية في مشهد
بحسب بعض المصادر، كانت الأنشطة العلمية في حرم الإمام الرضا (عليه السلام) منتشرة قبل العصر الصفوي، حيث استوطن هذه المدينة علماء كبار مثل ابن بابويه، والشيخ الطوسي، وأبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي، وأبو البركات محمد بن إسماعيل المشهدي، وابن أبي جمهور، والخواجة نصير الدين الطوسي، وأقاموا حلقات علمية. وفي العصر الصفوي، هاجر علماء من جبل عامل إلى خراسان ومدينة مشهد مثل حسين بن عبد الصمد الحارثي (والد الشيخ البهائي)، والشيخ الحر العاملي، والشيخ لطف الله الميسي، وبفضل اهتمام الدولة الصفوية بالتعليم والدعوة الدينية وبناء المدارس الدينية في خراسان، تطورت الحوزة العلمية في مشهد وأصبحت مركزًا علميًا قويًا وغنيًا. وفي العصر القاجاري، حظيت الحوزة العلمية في مشهد بمزيد من العناية والتطوير. وبعد الثورة الدستورية، خاصة بعد حادثة كوهرشاد، ازدهرت الحوزة أكثر بقدوم عالمين بارزين إلى مشهد هما آقازادة الخراساني (ابن الآخوند الخراساني)، والحاج آقا حسين القمي (المتوفى 1326ش)، وكلاهما تعلما في النجف الأشرف، بالإضافة إلى الشيخ مرتضى الآشتياني، مما أعطى دفعة قوية لتدريس خارج الفقه والأصول. خلال فترة حكم بهلوي الأول، قاد الحوزة علماء كبار مثل الحاج آقا حسين القمي وآقازادة الخراساني، وواجهوا سياسات الحكومة التي تعارضت مع القيم الدينية. وبعد سقوط رضا شاه، أعيد إحياء الحوزة بجهود ثلاثة علماء بارزين هم: الميرزا أحمد الكفائي، والشيخ مرتضى الآشتياني، والميرزا مهدي الأصفهاني. ثم جاءت هجرة آية الله الميلاني لتعزز مكانة الحوزة علميًا ودينيًا، حيث قام بإصلاحات مهمة في تنظيمها. كما كان للحوزة دور في الحركات الاجتماعية مثل تأميم النفط، وثورة 15 خرداد 1342، ومعارضة قانون مجالس الأقاليم والإصلاح الزراعي، والاحتجاج على نفي الإمام الخميني (رحمه الله)، وانتصار الثورة الإسلامية.
المدارس الشهيرة في مشهد
تمتلك مدينة مشهد المقدسة مدارس عديدة ذات أهمية دينية وتاريخية وثقافية.
مدرسة پريزاد
بُنيت هذه المدرسة سنة 823 هـ قرب مسجد كوهرشاد، وتنسب إلى پريزاد خانم، إحدى وصيفات كوهرشاد. وهي مدرسة صغيرة ذات أربعة إيوانات، تضم غرفًا وحجرات، وتتميز بزخارف من الآجر على مداخل الإيوانات والقيشاني بنقوش إسلامية على أبواب الغرف.
مدرسة دو در
تقع هذه المدرسة بالقرب من الحرم مقابل مدرسة پريزاد، وبحسب النقش على بابها، بُنيت سنة 843 هـ في عهد شاهرخ التيموري بجهود غياث الدين خواجه بهار. وهي ذات أربعة إيوانات وحجرات من طابقين، مع قبتين فيروزيتين وزخارف من القيشاني المعرق والملون. جُددت المدرسة في العصر الصفوي سنة 1088 هـ.
مدرسة نواب
أنشأها أبو صالح الرضوي في عهد الملك سليمان الصفوي سنة 1086 هـ، وتقع في شارع شيرازي بمشهد. بعد تعديلات معمارية، أعيد بناؤها، وهي من طابقين وتضم 75 غرفة مزينة بالقيشاني الملون.
مدرسة ميرزا جعفر
تقع في الجانب الشمالي من صحن الثورة، وهي من أبرز مباني العصر الصفوي، بناها ميرزا جعفر سروقدي سنة 1059 هـ، وزينت سنة 1285 هـ بقيشاني معرق وبتصميم معماري فريد [٢].
اماكن السياحيّة
مشهد، التي تُعد واحدة من أكثر المدن الإيرانية استقطابًا للسياح، تمتلك العديد من المعالم السياحية الجذابة. حرم الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) ومتحف العتبة الرضوية المقدسة، الذي يضم عدة متاحف، يُعتبران من أهم المعالم الدينية في مشهد. يستقبل حرم الإمام الرضا (عليه السلام) سنويًا أكثر من 27 مليون زائر محلي و2 مليون زائر أجنبي. حرم الإمام الرضا (عليه السلام) (الحرم الرضوي) هو مجمع يضم ضريح الإمام الرضا (عليه السلام)، ومسجد جوهرشاد، ومتحفًا، ومكتبتين، وأربع مدارس دينية، وجامعة العلوم الإسلامية الرضوية، وقاعة طعام، وأروقة واسعة.
مسجد جوهرشاد
من الأماكن الدينية المهمة في مشهد، يقع بجوار مرقد الإمام الرضا (عليه السلام)، بُنِي بأمر من جوهرشاد بيجوم (زوجة شاه رخ التيموري) عام 821 هـ. يتميز المسجد بتصاميم الفسيفساء الرائعة والهندسة المعمارية الإسلامية الأصيلة، مما يجعله تحفة فنية من العهد التيموري. بسبب موقعه المميز بجوار المرقد المطهر، يُعد المسجد من أكثر المساجد ازدحامًا في إيران، وربما الأكثر زيارة. تعرض المسجد لأضرار جراء الزلزال العنيف عام 1084 هـ، وأيضًا بسبب قصف الروس عام 1330 هـ، ولكن تم ترميمه في كل مرة. يظهر اسم جوهرشاد بيجوم (بانية المسجد) في مكانين: أعلى الباب الفضي المؤدي إلى دار السيادة، وعلى لوحة إيوان المقصورة بخط الأمير بايسنقر. صُمم المسجد على الطراز "أربعة إيوانات"، وتبلغ مساحته 2800 متر مربع (بمساحة بناء 9400 متر مربع). يضم المسجد 4 إيوانات كبيرة و7 شبابيك، وتتصل أجزاؤه عبر قبة خلف إيوان المقصورة. الإيوانات الأربعة هي: إيوان المقصورة (الجنوبي) إيوان دار السيادة (الشمالي) إيوان الاعتكاف (الشرقي) إيوان الشيخ بهاء الدين (الغربي).
ضريح خواجه ربيع
بُني هذا الضريح في العهد الصفوي بناءً على توصية الشيخ البهائي بأمر من الشاه عباس الصفوي. وهو من الآثار الوطنية المسجلة في إيران عام 1310 ش (رقم 142). خواجه ربيع (أبو زيد ربيع بن خثيم الأسدي) كان من صحابة النبي (ص) وأحد زهاد الإسلام، ورافق الإمام علي (عليه السلام) قبل أن ينتقل إلى خراسان حيث توفي عام 63 هـ. يتميز الضريح بقبة زرقاء بارتفاع 18 مترًا على بناء مربع، مع زخارف ذهبية من الداخل. التصميم الخارجي مثمن الأضلاع، بينما الداخلي يعتمد على أربعة إيوانات. يقع الضريح في نهاية شارع خواجه ربيع (عبادي)، وكان في الماضي ضمن قرية "حسين آباد خواجه ربيع"، وهي الآن تحت إدارة العتبة الرضوية.
ضريح خواجه أباصلت الهروي
هو عبد السلام بن صالح الهروي، محدث ومتكلم شهير، رافق الإمام الرضا (عليه السلام) في رحلته إلى خراسان وكان شاهدًا على شهادته. توفي عام 236 هـ. كان الضريح قديمًا بناءً متواضعًا، لكنه أعيد بناؤه حديثًا بمساحة 920 مترًا مربعًا، وأضيفت إليه مرافق مثل مطعم ومقهى ومواقف للسيارات. يقع الضريح على بعد 5 كم جنوب شرق مشهد، قرب طريق فریمان.
ضريح خواجه مراد
ينسب إلى أبو حبيب هرثمة بن أعين، الذي يُعتقد من أصحاب الإمام الرضا (عليه السلام). يقع على بعد 15 كم شرق مشهد، قرب جبال بينالود. بُني الضريح حديثًا بعد أن كان مجرد قبة بسيطة، ويضم الآن مرافق مثل زائر سرا ومطعم. يُقال إن خواجه مراد كان من قادة المأمون العباسي، لكنه كشف حقائق عن دور المأمون في شهادة الإمام الرضا (عليه السلام)، فقُتل عام 210 هـ.
ضريح بير بالاندوز
يعود ضريح بير بالاندوز إلى العصر الصفوي، وتحديدًا إلى عام 985 هجري قمري، ويقع في الجانب الشرقي من حرم الإمام الرضا (عليه السلام). يُعتبر الضريح أحد الأماكن الدينية المهمة في مشهد، وقد سُجل كأحد الآثار الوطنية الإيرانية في 5 أرديبهشت 1356 (25 أبريل 1977) تحت رقم تسجيل 1375. يضم الضريح رفات محمد عارف عباسي، أحد كبار المتصوفة في القرن العاشر الهجري. يتخذ المبنى شكلًا مربعًا، مع قبة بصلية الشكل وإيوان آجري جميل. بداخل الضريح، توجد بقايا رسوم من العصر الصفوي على الأسقف، كما يُزين المبنى بلاط فيروزي اللون بسيط التصميم.
العتبة المباركة للإمامزاده يحيى
تعد العتبة المباركة للإمامزاده يحيى أحد الأماكن الدينية في مشهد، وتقع على بعد حوالي 50 كيلومترًا شمال شرق المدينة، قرب قرية ميامي في منطقة رضوية. تضم العتبة قبر الإمامزاده يحيى بن الحسين بن زيد، أحد أحفاد زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام). يتكون ضريح الإمامزاده يحيى من رواق مربع الشكل، بقبة فيروزية ذات طبقتين، ومئذنتين على جانبي المدخل، مع نقش حجري عند المدخل يعود تاريخه إلى عام 937 هجري قمري. بُني الضريح في السنوات الأولى من حكم الشاه طهماسب الصفوي، ووفقًا للنقش، كان يُعتقد في البداية أن صاحب القبر هو ابن أخ يحيى بن زيد، لكن المريدين يعتقدون أن الموقع يضم رفات يحيى بن زيد نفسه. تشير المصادر التاريخية الإسلامية إلى أن يحيى بن زيد توفي في بغداد عام 207 أو 209 هجري قمري، إلا أن العتبة تجذب حجاجًا من داخل إيران، وكذلك مسلمين من دول الخليج العربي في السنوات الأخيرة. قرب العتبة، توجد عين مياه معدنية تتدفق عند سفح الجبل، حيث يزورها السياح بعد أداء الزيارة الدينية.
الآثار والمباني التاريخية في مشهد
نظرًا لاتساع المحافظة وتنوع المظاهر الطبيعية والتاريخية الجميلة في مدينة مشهد، لا يمكن ذكر جميع المواقع التاريخية هنا. لذلك، سنقتصر على ذكر أهم الآثار التاريخية في المدينة.
المتحف المركزي للعتبة الرضوية المقدسة
تم افتتاح هذا المتحف عام ١٣٢٤ هـ ويُعد أحد أغنى المتاحف في إيران. يقع المتحف المركزي في الجانب الشمالي الشرقي من صحن الإمام الخميني (رحمه الله) ويضم مجموعة نادرة من العملات المعدنية من عصور تاريخية مختلفة، بالإضافة إلى تحف أثرية من النحاس والحجر والذهب والبرونز وغيرها. كما يعرض عدة نقوش تاريخية ومخطوطات قيّمة أخرى. حاليًا، تُعرض التحف النفيسة لهذا المكان في إحدى عشرة قسماً منفصلاً.
ضريح الفردوسي
وُلد منصور بن حسن، الملقب بأبي القاسم الفردوسي، عام ٣٢٩ هـ في قرية "باج". يُقال إنه كان من نبلاء طوس ومن طبقة الزراع. بدأ الفردوسي نظم ملحمة "الشاهنامه" في سن الأربعين وأنهاها في ستين ألف بيت. في سن الـ٦٥، توطدت علاقته بالسلطان محمود، لكنها لم تدم طويلاً. قضى سنواته الأخيرة في فقر حتى توفي في طوس عام ٤١١ هـ (أو ٤١٦ هـ حسب بعض الروايات). البناء الحالي لضريحه، بعد سلسلة من التطورات المعمارية، بُني عام ١٣٤٥ هـ.ش بمساحة ٩٤٥ مترًا مربعًا. يقع ضريح الفردوسي في حديقة ثقافية على بعد ٢٠ كم من مشهد باتجاه قوچان. في الطريق، تمر بمدينة "طابران" التاريخية، مسقط رأس الغزالي، ثم بقبة هارونية الأثرية. يمكنك أيضًا الوصول إلى قرية "باج"، مسقط رأس الفردوسي، عبر طريق معبد يمتد لـ٢٨ كم. القرية حاليًا في حالة متردية وتُعرف باسم "فاز" لدى العرب. تشير الأدلة الأثرية إلى أن هذه المنطقة هي طوس التاريخية التي بناها البطل الإيراني توس في العصر الأسطوري. في عام ١٣٠٣ هـ.ش، قررت جمعية الآثار الوطنية بناء ضريح للفردوسي بمناسبة الذكرى الألفية له. كما دُفن الشاعر الإيراني مهدي أخوان ثالث (م.أميد) بجوار الضريح عام ١٣٦٩ هـ.ش بعد تشييعه بحضور مثقفي خراسان.
ضريح نادر شاه أفشار
هو بناء يقع في حديقة متحف نادري في مشهد، صممه هوشنگ سيحون عام ١٣٤٢ هـ.ش تخليدًا لذكرى نادر شاه أفشار، مؤسس السلالة الأفشارية الذي أنقذ إيران من انهيار الصفويين وسيطرة الأفغان. بسبب مزاجه الحاد، قُتل على يد قادته عام ١١٦٠ هـ. كان قد خطط لبناء ضريح يشبه تاج محل، لكنه لم يكتمل. بُني ضريح صغير له عام ١١٤٥ هـ قرب الحرم الرضوي. أعاد قوام السلطنة بناءه أواخر العهد القاجاري (١٢٩٦ هـ.ش)، ثم أعادت جمعية الآثار الوطنية بناءه بين ١٣٣٦-١٣٤٢ هـ.ش. يتكون البناء الحالي من قاعة الضريح، متحف، ممرات، قاعة استقبال، حديقة، ونوافير حجرية. تمثال نادر شاه البرونزي على ظهر حصان، من تصميم أبو الحسن صدّيقي، صُنع في إيطاليا ويُعرض بجوار الضريح.
قبة هارونية
هو الأثر الوحيد المتبقي من طوس القديمة، وهو بناء آجري معروف بقبة هارونية. أُطلق عليه اسم "سجن هارونية" من قبل العامة، بينما ذكره المؤرخون باسم "مسجد طوس" أو "ضريح الغزالي". تشير الأبحاث الحديثة إلى أنه مجرد ضريح أو خانقاه بُني في القرنين السابع أو الثامن الهجريين على أنقاض أبنية قديمة. يتكون البناء من قاعة مربعة بقبة بارتفاع ٢٥ م ومساحة ١٢×١٢ م، مع ثلاث غرف مزينة بالجص. الزخارف الخارجية تقتصر على إطارات عمودية وأعمدة مزيفة حول المدخل. يقع هذا الموقع على بعد ٦٠٠ م من ضريح الفردوسي، ويُعتقد أنه بُني فوق أنقاض مدينة طابران.
القبة الخضراء
تقع هذه القبة في ساحة تحمل نفس الاسم بشارع آخوند خراساني. سُميت بذلك بسبب قبّتها المزينة بالكاشي الفيروزي المائل إلى الأخضر. تصميمها ثماني الأضلاع بأربع إيوانات، وزُينت بالكاشي الجميل. هي مدفن الشيخ محمد مؤمن العارف، الذي بُنيت عام ١٠٣٦ هـ وأُكملت زخرفتها عامي ١٠٥٥ و١٠٥٨ هـ. كانت القبة تقع في مقبرة صفوية تدعى "مير هوا"، ثم جُددت عام ١٣٥٣ هـ.ش. تحتوي على نقوش من الحديث النبوي وتوقيع "حسين بن محمد المشهدي" مؤرخة بعام ١٠٥٨ هـ.
قلعة باج التاريخية
تقع قرية باج على بعد ١٥ كم شمال مشهد، عند تقاطع طريق كاردة-كلات نادري. حسب النصوص التاريخية، هذه القرية هي مسقط رأس الفردوسي الذي وُلد عام ٣٢٩ أو ٣٣٠ هـ وبدأ نظم الشاهنامه في سن الـ٣٠. تبلغ مساحة القرية ٨٠٠ هكتار، منها ٤ هكتارات للمنطقة السكنية. تقع أجزاء من القرية على تلة تُعرف بـ"قلعة باج العليا"، والتي يُعتقد أنها كانت المركز التاريخي للقرية. توجد تلة أخرى قريبة تُسمى "قلعة باج القديمة"، حيث عُثر على فخاريات تعود للقرون الهجرية الأولى.
ضريح أمير غياث الدين ملكشاه
يُعرف أيضًا بمسجد الـ٧٢ تن، ويقع في السوق الكبير. بُني بين عامي ٨٠٧-٨١٧ هـ كمقبرة لأمير غياث الدين، ثم تحول إلى مسجد. يتكون من قبة مزدوجة، مئذنتين، وإيوان. من المواقع التاريخية الأخرى في مشهد: حديقة خوني حمام مهدي قلي بيك (حمام الشاه) بيت الملك وغيرها [٣].
الهوامش
- ↑ ماخوذ من مقالة معنون ب كل شي حول مشهد بالفارسي
- ↑ خامنهای، سیدعلی، اطلال بسابقة وحاضر حوزه علمیه مشهد، ص۱۵- ۱۶
- ↑ مقتبس من موقع حوزة
المصدر
- مقتبس من موقع حوزة، تاريخ النشر: 2001 م وتاريخ المشاهدة: 4 مايو 2025م.