شهر شوال

شهر شوال هو الشهر العاشر من الأشهر القمرية في التقويم الإسلامي. شوال هو شهر مبارك جدًا، حيث يتزامن أول يوم منه مع عيد الفطر السعيد، وهذا العيد يُعتبر أكبر عيد للمسلمين. يحتفل المسلمون في جميع أنحاء العالم في هذا اليوم بأداء صلاة عيد الفطر جماعة، مما يُعتبر رمزًا قويًا لوحدتهم وتماسكهم في مختلف أنحاء العالم. شهر شوال له أعمال خاصة، من بينها قراءة سور مباركة مثل سورة الأنعام وسورة يس وسورة الكهف. يجب أن نلاحظ أن قراءة السور المباركة قرآن ليست كافية بمفردها، بل ينبغي على الأفراد أثناء تلاوة هذه الآيات المباركة أن ينتبهوا إلى المعاني والمفاهيم الكامنة في هذه الآيات. دعاء واستغفار في شهر شوال له مكانة معتبرة بين المتدينين، بحيث إذا حاولوا الحفاظ على الروحانية شهر رمضان بعد انتهاء هذا الشهر، سيصلون إلى درجة من الإخلاص في الإيمان وسيقللون من ارتكاب الذنوب.
معنى شوال
شَوَّال في اللغة مأخوذ من مصدر «شول»؛ أي «رفعت الناقة ذيلها»[١]، ويعني «الارتفاع»[٢]. حيث أن تسميتها جاءت في فصل الصيد والرعي عند العرب، سُمّي بـ «شوال»[٣].
هناك رواية عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) تشير إلى أن تسمية هذا الشهر بـ «شوال» تعود إلى مغفرة ذنوب المؤمنين فيه[٤]. شوال هو الشهر العاشر من الأشهر القمرية في التقويم الإسلامي، وأول أيامه هو عيد الفطر.
سيد بن طاووس يعتبر هذا الشهر من الأشهر الحرام
سيد ابن طاووس يقول عن هذا الشهر: «الدخول في شهر شوال كالدخول في رجب، لأنه "هذا الشهر، حرام" ويجب أن تُعظمه بالأقوال والأفعال مثل من يدخل مدينة مكة إلى المسجد الأعظم [ويعظمه]...[٥]».
يتضح من النص أن سيد بن طاووس يعتبر شوال من الأشهر الحرام، لكن هذه فكرة تخالف المشهور، ولم يطرح أحد آخر مثل هذا الاعتقاد في المصادر التي بحثنا فيها. ربما يكون مستند سيد بن طاووس في تحريمه لشهر شوال رواية تُعتبر هذا الشهر من الأشهر الحرام، لكنه لا يعتبر محرم شهرًا حرامًا[٦].
سند هذه الرواية حسن وقابل للتقبل، لكن من حيث المحتوى يتعارض مع المشهور والمتواتر بين الشيعة وأهل السنة[٧]. ويجب أن يتم تأويل نصها، كما أن بعضهم قد حاول تأويل هذه الرواية[٨].
يمكن أيضًا أن يُحتمل أن عبارة ابن طاووس كانت: «شوال، شهر إحرام» التي ربما كُتبت خطأ أو كانت في نسخة خطية ثم كُتبت خطأ في النسخة المطبوعة بـ «حرام». على أي حال، وفقًا للمشهور والروايات المتواترة؛ فإن الأشهر القمرية ذو القعدة، ذو الحجة، محرم ورجب هي الأشهر الحرام.
حول عدد الأيام التي يُستحب فيها الصيام في شهر شوال بعد عيد الفطر، هناك اختلاف في الروايات؛ يرى البعض أن صيام الأيام بعد عيد الفطر لمدة ستة أيام مستحب[٩]. ويرى البعض الآخر أن استحبابه يبدأ من اليوم الرابع من شوال لمدة ستة أيام[١٠]. بينما لم يثبت البعض استحبابه[١١]. في هذا الشأن، يمكن لكل فرد أن يتبع فتوى مرجع تقليد الخاص به.
أحكام شوال
في الشرع المقدس، تم ذكر أحكام خاصة لبعض الأيام والأشهر، بما في ذلك شهر شوال.
باب الحج
شوال من الأشهر الحج؛ بمعنى أن عمره التمتع يجب على من يريد أن يؤدي حج التمتع أن يؤديها في هذه الأشهر[١٢].
باب الصوم
رؤية هلال شهر شوال تدل على انتهاء شهر رمضان ودخول شهر شوال ووجوب إفطار في أول يوم منه. يوم الأول من شوال هو عيد الفطر وله أحكام خاصة مثل صلاة العيد، حرمة الصيام واستحباب غسل في ليلته. وجوب زكاة الفطرة على الشخص يعتمد على توفر الشروط عند رؤية هلال شهر شوال؛ كما أن الوقت الذي يجب فيه زكاة الفطرة هو إدراك هلال شوال وفقًا للقول المشهور بين المتأخرين[١٣]. ووفقًا للبعض، فإن صيام الأيام بعد عيد الفطر لمدة ستة أيام مستحب[١٤]. بينما يعتبر البعض استحبابه من اليوم الرابع من شوال لمدة ستة أيام[١٥]، بينما لم يثبت البعض استحبابه[١٦].
الأحداث التاريخية المهمة في شهر شوال
وقعت أحداث تاريخية مهمة في هذا الشهر، وأهمها:
- استشهاد الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) في السنة 148 الهجرية؛
- غزوة أحد واستشهاد الإمام حمزة في السنة 3 هجري؛
- غزوة الخندق وقتل عمرو بن عبدود البطل العربي على يد الإمام علي ابن أبي طالب (عليه السلام) في السنة 5 هجري[١٧].
أهمية وفضيلة شهر شوال
رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: سُمِّي شَوَّالاً لأَنَّ فِيهِ شَالَت ذُنُوبُ المُؤمِنِينَ أي ارتفعت؛ سُمّي شوال بهذا الاسم لأن فيه ترفع ذنوب المؤمنين[١٨]. اعلم أن وقت ظهور آثار أعمال شهر رمضان وإعطاء الثواب لها هو يوم عيد الفطر[١٩]. الإمام السجاد (عليه السلام) كان يقول لأولاده: ليلة القدر ليست أقل من ليلة القدر[٢٠].
آداب وأعمال
ليلة الأول
ليلة الأول هي ليلة عيد الفطر وهي من الليالي الشريفة، وقد وردت فيها أحاديث كثيرة حول فضل عبادة إحيائها، وقد رُوي أنها ليست أقل من ليلة القدر.
غسل
عند غروب الشمس، يُستحب أن يغتسل.
إحياء
تُحيى تلك الليلة بالصلاة والدعاء والاستغفار وسؤال الله تعالى والمبيت في المسجد.
تكبير
بعد صلاة المغرب والعشاء وصلاة الفجر وبعد صلاة العيد، يُقال التكبير على النحو التالي:
- اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ
- وَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ لِلَّهُ الْحَمْدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ
- عَلَی مَا هَدَانَا وَ لَهُ الشُّکْرُ عَلَی مَا أَوْلَانَا.
دعاء
بعد أن يُصلي صلاة المغرب ونافلةها، يرفع يديه إلى السماء ويقول: يَا ذَا الْمَنِّ وَ الطَّوْلِ يَا ذَا الْجُودِ يَا مُصْطَفَى مُحَمَّدٍ وَ نَاصِرَهُ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَحْصَيْتَهُ وَ هُوَ عِندَكَ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ؛ ثم يسجد ويقول مئة مرة في السجود: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، ثم يسأل الله تعالى كل ما يحتاجه، إن شاء الله تعالى سيُستجاب.
زيارة
يُستحب زيارة الإمام حسين (عليه السلام). وله فضيلة كبيرة، وزيارة مخصوصة لهذه الليلة قد وردت في باب الزيارات.
ذكر
يُقال هذا الذكر عشر مرات: يا دائِمَ الفَضلِ عَلَى البَرِيَّةِ يا بَاسِطَ اليَدَيْنِ بِالعَطِيَّةِ يا صَاحِبَ المَوَاهِبِ السَّنِيَّةِ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ خَيْرِ الوَرَى سَجِيَّةً وَ اغفِلْنَا يا ذَا العُلَى فِي هَذِهِ العَشِيَّةِ.
صلاة
يصلي أربع عشرة ركعة ويقرأ في كل ركعة الفاتحة وآية الكرسي وثلاث مرات قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ليحصل له في كل ركعة ثواب عبادة أربعين سنة، وعبادة من صام وصلى في هذا الشهر.
غسل
يغتسل في آخر الليل ويجلس في مكان صلاته حتى طلوع الفجر[٢١].
صفحات خارجية
الهوامش
- ↑ الأزهري، محمد بن أحمد، تهذيب اللغة، ج 11، ص 282، بيروت، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الأولى، 1421ق؛ صاحب بن عباد، المحيط في اللغة، ج 7، ص 381، بيروت، عالم الكتاب، الطبعة الأولى، 1414ق.
- ↑ الفراهيدي، خليل بن أحمد، كتاب العين، ج 6، ص 285، قم، هجرت، الطبعة الثانية، 1410ق؛ الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح (تاج اللغة والصحاح العربية)، ج 5، ص 1741 – 1742، بيروت، دار العلم للملايين، الطبعة الأولى، 1410ق.
- ↑ معجم دهخدا، كلمة «شوال».
- ↑ ابن طاووس، علي بن موسى، إقبال الأعمال، ج 1، ص 305، طهران، دار الكتب الإسلامية، الطبعة الثانية، 1367ش.
- ↑ ابن طاووس، علي بن موسى، إقبال الأعمال، ج 1، ص 305، طهران، دار الكتب الإسلامية، الطبعة الثانية، 1367ش.
- ↑ «حرم الله الأشهر الحرم في كتابه "يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ" ثلاثة أشهر متوالية وشهر مفرد للعمرة قال أبو عبدالله (عليه السلام): شوال وذو القعدة وذو الحجة ورجب»؛ عياشي، محمد بن مسعود، التفسير، ج 2، ص 88، طهران، المطبعة العلمية، الطبعة الأولى، 1380ق؛ كليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج 4، ص 240، طهران، دار الكتب الإسلامية، الطبعة الرابعة، 1407ق.
- ↑ مجلسي أول، محمد تقى، روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه، ج 4، ص 131، قم، مؤسسة ثقافية إسلامية كوشانبور، الطبعة الثانية، 1406ق.
- ↑ فيض كاشاني، محمد محسن، الوافي، ج 12، ص 38، أصفهان، مكتبة الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، الطبعة الأولى، 1406ق.
- ↑ حلي، حسن بن يوسف، قواعد الأحكام، ج 1، ص 384، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الأولى، 1413ق.
- ↑ طباطبائي يزدي، محمد كاظم، العروة الوثقى (المحشي)، ج 3، ص 660، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الأولى، 1420ق.
- ↑ موسوي عاملي، محمد، مدارك الأحكام، ج 6، ص 281، قم، مؤسسة آل البيت (عليهم السلام)؛ بحراني، يوسف، الحدائق الناضرة، ج 13، ص 386 – 387، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الأولى، 1405ق؛ كاشف الغطاء، جعفر، كشف الغطاء، ج 4، ص 51، قم، مكتب الإعلام الإسلامي، الطبعة الأولى، 1422ق.
- ↑ نجفي جواهري، محمد حسن، جواهر الكلام، ج 18، ص 12.
- ↑ نجفي جواهري، محمد حسن، جواهر الكلام، ج 15، ص 485.
- ↑ حلي، حسن بن يوسف، قواعد الأحكام، ج 1، ص 384.
- ↑ طباطبائي يزدي، محمد كاظم، العروة الوثقى، ج 3، ص 660.
- ↑ كاشف الغطاء، جعفر، كشف الغطاء، ج 4، ص 51.
- ↑ محدث قمي، هداية الأنام إلى وقائع الأيام، ص 32.
- ↑ المراقبات، ص 362.
- ↑ المراقبات، ص 334.
- ↑ المراقبات، ص 334.
- ↑ مفاتيح الجنان. الفصل الرابع. في أعمال شهر شوال.