أصول الفقه

من ویکي‌وحدت

أصول الفقه: والمراد به هو العلم بالقواعد الممهّدة التي يتوصّل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية من أدلّتها التفصيلية.

تعريف أصول الفقه

عُرّف علم أصول الفقه من ناحيتين:
الأولى: باعتبار كونه مركّبا إضافيا، ومعنى كونه مركبا اضافيا أنّه مركّب من كلمتين «أصول» و«فقه». فالأصل لغةً: هو أسفل الشيء[١]، أو ما يبنى عليه غيره. [٢] وقد ذكر له الفقهاء عدّة معان مثل «الراجح» و«الدليل» و«القاعدة» و«الأصل العملي» و«الأصل» الذي هو أحد أركان القياس الفقهي. [٣] والفقه لغة: هو الفهم والفطنة[٤]، ومنه قوله تعالى: «مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ»[٥] لكن عندما يضاف إليه الأصول، ويقال: «أصول الفقه» فيراد منه معناه الاصطلاحي وهو: «العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلّتها التفصيلية»[٦] أو هو: «العلم الحاصل بجملة من الأحكام الفرعية بالنظر والاستدلال».[٧] وقد وقع البحث في المراد بالأصل عندما يضاف إلى الفقه، فقد ذهب التفتازاني إلى أنّ المراد هو: معناه اللغوي؛ أي اساس الفقه، وما يبني عليه الفقه؛ لأنّ مخالفة الأصل اللغوي لا يصار إليها إلاّ عند الضرورة. [٨] بينما يذهب كلّ من المرتضى[٩] والطوسي[١٠] والآمدي[١١] والنسفي[١٢] والطوفي[١٣] والإصفهاني[١٤] وغيرهم إلى أنّ المعنى الأقرب له هو الدليل، فيكون معناه مضافا إلى الفقه هو أدلّة الفقه.
الثانية: باعتبار كونه علما.
عرّف علم الأصول بعدّة تعريفات:
فقد عرّفه المشهور بأنّه: «العلم بالقواعد الممهدة التي يتوصّل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية من أدلّتها التفصيلية». أو ما هو قريب منه[١٥] أو تعريفه بأنّه عبارة عن: «أدلّة الأحكام ومعرفة وجوه دلالتها على الأحكام من حيث الجملة لا من حيث التفصيل». وما هو قريب منه. [١٦] وأهمّ إشكال يوجّه إلى مثل هذه التعريفات أنّها لا تشمل الأصول العملية. العلم بالقواعد الممهدة التي يتوصّل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية من أدلّتها التفصيلية. [١٧] ولذا عرفه الآخوند الخراساني بأنّه: «صناعة يُعرف بها القواعد التي يمكن أن تقع في طريق استنباط الأحكام أو التي ينتهى إليها في مقام العمل».[١٨]
وأسلم تعريف له هو ما ذكره السيّد الصدر بأنّه: «العلم بالعناصر المشتركة في الاستدلال الفقهي خاصّة التي يستعملها الفقيه كدليل على الجعل الشرعي الكلّي».[١٩]
ومن مميزات هذا التعريف أنّه يضع للمسألة الأصولية عدّة خصائص. [٢٠]
الأولى: أن تكون عنصرا مشتركا يمكن استخدامها في جميع أبواب الفقه ولا تختصّ بباب دون باب.
الثانية: أن يكون هذا العنصر من عناصر الاستدلال الفقهي الذي يقوم به الفقيه لتحديد الوظيفة تجاه الجعل الشرعي، فإذا لم يدخل هذا العنصر في الاستدلال الفقهي الذي يستفاد منه الجعل الشرعي لا تنطبق عليه ضابطة المسألة الأصولية.
الثالثة: أن يكون هذا العنصر الدخيل في الاستدلال الفقهي دليلاً على الجعل الشرعي الكلّي سواء كان لفظيا أو عقليا أو شرعيا.

ضابط المسألة الأصولية

يختلف علم الأصول عن الفقه في ضابط المسألة الأصولية التي تمتاز عن المسألة و القاعدة الفقهية، فقد ذكرت عدّة فروق في ذلك:
الأوّل: أنّ المسألة الأصولية لا تنتج إلاّ حكما كلّيا، بخلاف القاعدة الفقهية، فإنّها قد تنتج الحكم الجزئي، وانتاجها للحكم الكلّي في بعض الموارد لا يخرجها عن كونها مسألة فقهية.[٢١] وهذا ما تشير إليه كلمات الأصوليين من أنّ وظيفة الأصولي هي معرفة الحكم الكلّي لا معرفة الحكم الجزئي الفرعي من حيث كونه أصوليا، ووظيفة الفقيه هي معرفة الجزئي ولا معرفة له بالكلّي من حيث هو فقيه. [٢٢] يقول السبكي: «الأدلّة الإجمالية هي الكلّية سمّيت بذلك؛ لأنّها تعلم من حيث الجملة لا من حيث التفصيل وهي توصله بذلك إلى حكم إجمالي مثل كون كلّ ما يؤمر به واجبا وكلّ منهي عنه حراما ونحو ذلك، وهذا لا يسمّى فقها في الاصطلاح ولا توصل إلى الفقه بالتفصيل، وهو معرفة سنية الوتر أو وجوبه والنهي عن بطلان بيع الغائب أو صحّته».[٢٣]
الثاني: أنّ نتيجة المسألة الأصولية لاتتصل بعمل العامي مباشرة، وأنّ إعمالها وتطبيقها على جزئياتها من وظيفة الفقيه والمجتهد، بخلاف المسألة والقاعدة الفقهية، فإنّها من وظيفة العامي وتتعلّق بعمله مباشرة فيمكن له تطبيقها على جزئياتها بعد أخذها من الفقيه والمجتهد. [٢٤]
الثالث: أنّ المسألة الأصولية لا يتوقّف استنتاجها على قاعدة ومسألة فقهية دائما وإن توقّفت على مسألة فقهية في بعض الأحيان، بخلاف القاعدة و المسألة الفقهية فإنّها تتوقّف على القاعدة والمسألة الأصولية دائما؛ لأنّها وليدة قياس استنباط كبراه قاعدة ومسألة أصولية. [٢٥]

ضرورة وجود موضوعٍ لكلّ علم

وقع البحث بين الأصوليين في ضرورة وجود موضوع لكلّ علم، فقد استدلّ لوجود الموضوع بدليلين:
الأوّل: أنّ الغرض من أي علم أمر واحد، فالغرض من علم الأصول هو الاقتدار على استنباط الحكم الشرعي، والغرض من علم النحو صون اللسان عن الخطأ في النطق، وهذا الغرض الوحداني يبتني على مجموع المسائل التي تبحث في العلم، وهذه المسائل متباينة في الموضوعات والمحمولات، فلابدّ وأن تكون هذه المسائل تشترك في أمر واحد تصب في تكوين هذا الغرض الوحداني، وإلاّ لزم تأثير الكثير بما هو كثير في الواحد بما هو واحد، وهو محال؛ لأن الواحد لا يصدر إلاّ عن واحد، كما هو مطروح في الفلسفة، فإذا تبيّن أنّ المؤثر في تكوّن الغرض من كلّ علم هو واحد فلابدّ أن يكون هو الموضوع. [٢٦]
الثاني: أنّ تمايز العلوم إنّما يكون بتمايز الموضوعات، فلابدّ أن يكون لكلّ علم موضوع حتّى يتميّز به عن غيره. [٢٧] وفي مقابل ذلك ذهب جماعة إلى عدم ضرورة وجود موضوع لكلّ علم. [٢٨] ويذهب السيّد محمّد باقر الصدر إلى أنّ الباعث لإنكارهم ضرورة وجود موضوع لكلّ علم هو عدم إمكانهم تصوير موضوع لعلم الأصول. [٢٩]

حدود موضوع كلّ علم

وبناء على ضرورة وجود الموضوع لكلّ علم، وقع البحث في تحديد وتوصيف هذا الموضوع، وأطالوا كثيرا في ذلك، وذكر النائيني أنّه: «ربّما كتب بعضٌ في ذلك ما يقرب من ألف بيت أو أكثر».[٣٠] وقد أطلق المشهور قول أنّ موضوع كلّ علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية[٣١]، واختلف في المراد من العرض الذاتي الذي هو قبال العرض الغريب على أقوال:
الأوّل: أنّ المراد به هو ما يعرض الشيء لذاته، أي بلا واسطة في العروض ولا واسطة في الثبوت، بل ما كان يقتضيه نفس الذات ومنتزعا من مقام الهوية. [٣٢] والمراد بالواسطة في العروض: هو عروض المحمول على الموضوع بواسطة أمر خارج، مثل: نسبة الحركة إلى الجالس في السفينة، فإنّ الحركة تعرض الجالس فيها بواسطة السفينة لا من ذاته، فحركة السفينة واسطة في عروض الحركة على الجالس فيها. [٣٣] والمراد بالواسطة في الثبوت: هو ثبوت المحمول للموضوع بواسطة أمر خارج عن ذات وماهية الشيء، مثل: ثبوت الضحك للإنسان بواسطة إدراكه الكلّيات، وثبوت الحرارة للماء بواسطة مجاورته للنار. فمرادهم من العرض الذاتي هو: ما يعرض ذات الشيء من دون واسطة في الثبوت أو العروض. والإشكال الذي يتوجّه من قبل المتأخّرين على هذا التفسير للعرض الذاتي هو خروج معظم مسائل العلم عن الموضوع، فقولنا: «الفاعل مرفوع»، الرفع انما يعرض الفاعل بواسطة ثبوت الرفع له من قبل اللسان العربي ولا يقتضيه هو بذاته، وكذلك قولنا: «خبر الواحد حجّة» فإنَّ الحجّية إنّما تثبت للخبر بواسطة جعل الشارع لها لا ما يقتضيه هو بنفسه. [٣٤]
الثاني: فسّره الخراساني [٣٥] والنائيني[٣٦] بما يعرض نفس الذات بلا واسطة في العروض وإن كان لأمر لا يقتضيه نفس الذات، فعمموا الذاتي إلى كلّ ما لم تكن فيه واسطة عروضية سواء كانت هناك واسطة في الثبوت أو لا، والسبب في هذا التعميم هو الحيلولة دون خروج معظم مسائل العلم عنه، فإنَّ القول بكون «خبر الواحد حجّة» الحجّية فيه لم تعرض لذات الخبر في نفسه، بل بتوسّط الجعل الشرعي، فهناك واسطة في الثبوت، أي ثبوت الحجّية للخبر، وهذه الواسطة هي الجعل الشرعي. ويذهب كلّ من السيّد الخوئي[٣٧] و السيّد محمّد تقي الحكيم [٣٨] إلى توسعة موضوع العلم إلى ما يشمل حتّى الأعراض الغريبة لعدم وجود ضرورة تقتضي حصره بخصوص ما كان من أعراضه الذاتية مع أنّ الحاجة تقتضي توسعة موضوع العلم إلى كلّ عوارضه سواء كانت غريبة أو ذاتية.

موضوع علم الأصول

اشتهر قديما عند الشيعة الإمامية بأنّ موضوع علم الأصول هو الأدلّة الأربعة: الكتاب والسنّة والإجماع والعقل.[٣٩] بينما يذهب أكثر أهل السنّة إلى أنّ أصول الفقه هي: الكتاب والسنّة والإجماع والقياس[٤٠]، وهي ـ ما عدا القياس ـ قطعية الدليلية عندهم، وربّما أضافوا أدلّة وأصولاً أخرى، مثل: الاستحسان، و المصالح المرسلة، و سد الذرائع، والعرف، و شَرعُ مَن قَبلَنا، ومذهب الصحابي. وذكروا فيها: إنّها ترجع إلى الأصول الأربعة المذكورة عندهم. [٤١] لكن تحديد الموضوع بذلك يوجب خروج أكثر مباحث علم الأصول منه، فإنّ البحث في خبر الواحد مثلاً ليس بحثا عن أحوال السنّة، بل عن ثبوت السنّة به، وهو ليس بحثا عن عوارض الموضوع، بل عن ثبوت الموضوع وهو خروج عن الموضوع. [٤٢] ولذلك التزم جماعة أخيرا بأنّ: «موضوعه هو الكلّي المنطبق على موضوعات مسائله المتشتتة لا خصوص الأدلّة الأربعة»[٤٣]، أو هو: «كلّ ما كان عوارضه واقعة في طريق استنباط الحكم الشرعي أو ما ينتهي إليه العمل»[٤٤]، أو هو: «ما تقع نتيجة البحث عنه في طريق الاستنباط»[٤٥] أو هو: «الأدلّة المشتركة في الاستدلال الفقهي».[٤٦]
فتشمل التحديدات المذكورة لموضوع علم الأصول جميع أبحاثه ومسائله من أدلّة قطعية وظنّية، حتّى التي تعالج مرحلة الشكّ في الحكم الواقعي وعدم وجدان الدليل المعتبر والتي تعرف بالأصول العملية كالاستصحاب والبراءة والاحتياط والتخيير عند دوران الأمر بين المحذورين. ويذهب النائيني إلى أنّه لا يلزم معرفة الموضوع بحقيقته واسمه، بل يكفي معرفة لوازمه وخواصّه. [٤٧]

غاية علم الأصول

يذكر أنّ غاية علم الأصول هي القدرة على استنباط الأحكام الشرعية من مداركها[٤٨]، وعبّر عنها الآمدي بقوله: «بأنّها الوصول إلى معرفة الأحكام الشرعية»[٤٩] فإنهّ من دون معرفة طرق وأدوات الاستنباط التي يدرسها علم الأصول لا يمكن استنباط ومعرفة الحكم الشرعي، فعلم الأصول يؤمّن لنا الآلية الصحيحة لاستخراج الأحكام الشرعية من مداركها الأصلية.
وبعبارة أخرى: «إنّ الغاية لعلم الأصول هي العلم بالوظيفة الفعلية بقول مطلق وتحصيل المؤمّن من العقاب المحتمل، سواء كان العلم بالوظيفة للعلم الوجداني بالحكم الشرعي أو للعلم التعبّدي به أو للعلم بالوظيفة المجعولة شرعا... ، أو للعلم بالوظيفة الفعلية بحكم العقل».[٥٠]

أهمّية علم الأصول

يكتسب علم الأصول أهمّيته بسبب كونه يؤمّن الوسائل والآليات لاستكشاف واستنباط الحكم الشرعي، ومن دون الاستعانة بعلم الأصول لا يمكن للفقيه أن يستنبط حكما شرعيا. [٥١]

مبادئ أصول الفقه

يحتوي علم الأصول على جملة مسائل تتبع علوما أخرى لكونها دخيلة في قياس الاستنباط الذي ينتج الحكم الشرعي، وهذه المسائل يصطلح عليها بمبادئ علم الأصول، ويذكر النائيني أنّ هذه المبادئ ليست من مباحث العلم إلاّ أنّه جرت سيرة أرباب العلوم على ذكر مبادئ كلّ علم في ذلك العلم. [٥٢]
ولذلك يذكر أنّ علم أصول الفقه يستمد من علوم أخرى كالكلام والعربية والفقه؛ أمّا وجه استمداده من علم الكلام فلتوقف معرفة الحكم الشرعي على معرفة اللّه‏ وصفاته ومعرفة رسوله وغير ذلك من مسائل علم الكلام.
وأمّا وجه استمداده من علوم العربية فلتوقّف معرفة الأدلّة اللفظية من الكتاب والسنّة على معرفة اللغة من جهة الحقيقة والمجاز و العموم والخصوص و المنطوق والمفهوم وغير ذلك.
وأمّا وجه استمداده من الفقه باعتباره مدلول الدليل وناتجا لعلم الأصول ولا يتصوّر درك الدليل من دون درك المدلول، مضافا إلى أنّ علم الأصول يحتاج إلى مزيد من الامثلة والتطبيقات في مختلف الابواب الأصولية مأخوذة من الفقه. [٥٣] إلى غير ذلك من المبادئ التي يتوقّف عليها علم الأصول والتي ترجع إلى علم الرجال والفلسفة والمنطق. واستمدَّ علم الأصول في القرون المتأخّرة من الفلسفة كثيرا، مثل: مبحث «الواحد لايصدر إلاّ من واحد»، ومبحث «أصالة الماهية»، ومبحث «أنحاء الوجود»، وغير ذلك من الأبحاث الفلسفية التي أعملت في مباحث أصولية كثيرة.
ويختلف الأصوليون في طريقة تعاملهم مع هذه المبادئ فبعض القدماء كانوا يتطرقون إلى المبادئ الكلامية وطرق الاستدلال كالطوسي[٥٤] والغزالي[٥٥] والآمدي[٥٦]، إلاّ أنّ السيّد المرتضى لم يرتض ذلك واعتبر الكلام فيها خارجا عن علم الأصول أصلاً. [٥٧]
ومع ذلك درجوا على ذكر مباحث الألفاظ، بل التوسّع فيها إلى نظريات ومباحث لم تكن موجودة في علوم اللغة أصلاً.
ويذكر السيّد محمّد تقي الحكيم أنّ هذه المبادئ التي تقع موقع الصغرى في قياس الاستنباط ليست من علم الأصول؛ لأنّ المسألة الأصولية هي خصوص الكبرى، وأمّا الصغرى فهي خارجة عن علم الأصول ، ولذا يجب الاقتصار فيها إلى مقدار ما تمس الحاجة وعدم التوسّع فيها. [٥٨]
وجود هذه المبادئ في علم الأصول إنّما هو لأجل كونها مفيدة في قياس الاستنباط، ولذا يذكر الشاطبي أنّه: «كلّ مسألة مرسومة في أصول الفقه لا ينبني عليها فروع فقهية أو آداب شرعية أو لا تكون عونا في ذلك فوضعها في أصول الفقه عارية، والذي يوضّح ذلك أنّ هذا العلم لم يختصّ بإضافته إلى الفقه إلاّ لكونه مفيدا له ومحقّقا للاجتهاد فيه، فإذا لم يفد ذلك فليس بأصل له، ولا يلزم على هذا أن يكون كلّ ما انبنى عليه فرع فقهي من جملة أصول الفقه وإلاّ أدّى ذلك أن يكون سائر العلوم من أصول الفقه كعلم النحو واللغة والاشتقاق والتصريف والمعاني والبيان والعدد والمساحة والحديث وغير ذلك من العلوم التي يتوقّف عليها تحقيق الفقه وينبني عليها من مسائله، وليس كذلك، فليس كلّ ما يفتقر إليه الفقه يعدُّ من أُصوله، وعلى هذا يخرج عن أصول الفقه كثير من المسائل تكلّم عنها المتأخّرون وادخلوها فيها، كمسألة الإباحة هل هي تكليف أم لا؟ ومسألة أمر المعدوم، ومسألة هل كان النبي(ص) متعبدا بشرع أم لا؟ ومسألة لا تكليف إلاّ بفعل، كما أنّه لا ينبغي أن يعدّ منها ما ليس منها ثُمّ البحث فيه في علمه وإن انبنى عليه الفقه، كفصول كثيرة من النحو، نحو معاني الحروف، وتقاسيم الاسم والفعل والحرف، والكلام على الحقيقة والمجاز، وعلى المشترك والمترادف والمشتقّ وشبه ذلك».[٥٩]

أصول الفقه وأدلّته هل هي قطعية أم ظنيّة؟

يذهب أصوليو الشيعة الإمامية إلى أنّ أصول الفقه وأدلّته يجب إمّا أن تكون قطعية أو مستندة إلى القطع «لأنّ طريقية كلّ شيء لابدّ وأن تنتهي إلى العلم، وطريقيّة العلم لابدّ وأن تكون ذاتية له؛ لأنّ كلّ ما بالغير لابدّ وأن ينتهي إلى ما بالذات وإلاّ لزم التسلسل».[٦٠]
فكلّ دليل وأصل من أصول الفقه إن لم يكن قطعيا لابدّ أن يقوم الدليل القطعي عليه: «فالعلم إذا هو مصدر الحجج وإليه تنتهي، وكلّ ما لا ينتهي إليه لا يصحّ الاحتجاج به ولا يكون قاطعا للعذر».[٦١]
المقياس في الحجّية وعدمها فيما يتعلَّق بأصول الفقه هو القطع فـ «الدليل إذا كان قطعيا فهو حجّة على أساس حجّية القطع، إذا لم يكن كذلك فإن قام دليل قطعي على حجّيته أخذ به، وأمّا إذا لم يكن قطعيا وشكّ في جعل الحجّية له شرعا مع عدم قيام الدليل على ذلك فالأصل فيه عدم الحجّية».[٦٢] هذا عند الشكّ في الحجية، ولذلك اشتهر عندهم قول: «الشكّ في الحجّية مساوق للقطع بعدم الحجّية»[٦٣] ونحوه. أو قول: «الأصل عند الشكّ في الحجّية عدم الحجّية».[٦٤]
وقد دلّ العقل والنقل على عدم جواز العمل بالظنّ، وأنّ الاعتماد عليه حرام. [٦٥]
أمّا أصوليو أهل السنّة فلحجّية أصول الفقه الظنّية باب واسع عندهم، ولذلك التمسوا حجّية كثير من الظنون، مثل: القياس المستنبط العلّة وبناء الأحكام على المصالح المرسلة أو الاستحسان أو العرف.
نعم، خالف في ذلك الشاطبي[٦٦] فذهب إلى أنّ أصول الفقه وأدلّته قطعية ولا مجال للظنّ فيها، بل لا يجوز الاستناد في الفقه إلى الظنّ، وهذه الأصول مستفادة ومستنبطة من كلّيات الشريعة وهي قطعية؛ أمّا كونها مستنبطة من كلّيات الشريعة فلإمكان استقراء جميع مسائل أصول الفقه؛ لأنّها محصورة وبعد الاستقراء نجد أنّها مبنية على كلّيات الشريعة الثلاث وهي الضروريات والحاجيات والتحسينيات، وتهدف إلى تحقيق هذا الغرض الشرعي[٦٧] وأمّا كونها قطعية؛ فلأنّ كليات الشريعة الثلاث ترجع إمّا إلى أحكام العقل وهي قطعية لا يشوبها شكّ، وإمّا إلى الاستقراء الكلّي من خلال ملاحظة أحكام الشارع، فإنّها وضعت للمحافظة على الضروريات الخمس: الدين والنفس والنسل والمال والعقل، فما ينتج عن ذلك من أصول الفقه وقواعد فقهية تصب في هذا المضمون والمحافظة على كلّيات الشريعة. [٦٨]
وذكر الشاطبي أنّه لا يصحّ أن تكون أصول الفقه ظنيّة؛ لأنّه لا يجوز رجوع الظنّ إلى أمر عقلي ولا يجوز رجوعه إلى كلّيات الشريعة؛ لأنّ تعلّقه بها معناه رجوع الظنّ إلى أصل الشريعة وهو ينافي الحفظ الذي أخبر به تعالى بقوله: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»[٦٩]، وقوله تعالى: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ»[٧٠]. فالآيات القرآنية تشير إلى حفظ أصول الشريعة التي نصّ عليها الشارع وكلّ ما يتضمّن ذلك.[٧١]
هذا فيما يتعلّق بأصل الكبرى المدعاة في أنّ أصول الفقه حيث يجب أن تكون قطعية ولا يجوز افتراض الظنّ فيها. أمّا فيما يتعلّق بمسلكه إلى إثبات قطعية أصول الفقه، كلّ أصل بمفرده وعلى حدة، فهو يقترح منهج الاستقراء وتجميع الظنون كطريق إلى إثبات قطعية أي أصل من أصول الفقه، فيقول: «وإنّما الأدلّة المعتبرة هنا، المستقرأة من جملة أدلّة ظنّية تضافرت على معنى واحد حتّى أفادت فيه القطع، فإنّ للإجماع من القوّة ما ليس للافتراق، ولأجله أفاد التواتر القطع، وهذا نوع منه، فإذا حصل في استقراء أدلّة المسألة مجموعها يفيد العلم فهو الدليل المطلوب وهو شبيه بالتواتر المعنوي، بل هو كالعلم بشجاعة علي رضى‏الله‏عنه، وجود حاتم المستفاد من كثرة الوقائع المنقولة عنهما»[٧٢]، فمثلاً الأدلّة الدالّة على حجّية خبر الواحد أو الإجماع أو القياس إذا نظرنا إليها كلّ دليل على حدة وبمفرده فهو دليل ظنّي لا يفيد القطع بحجّية المذكورات، وأمّا إذا نظرنا إلى مجموعها، فإنّه سوف يحصل القطع بحجّيتها. [٧٣]
وعلى ضوء هذا المنهج استشكل في اشكال جماعة على بعض الأدلّة المقامة على بعض الأصول ومناقشتها دليلاً دليلاً، ويذكر أنّه إذا اتبعنا منهج هؤلاء لم يسلم لنا أصل من أصول الفقه ولم يحصل لنا قطع بأي حكم شرعي البتة، بل لابدّ من ملاحظة مجموع الأدلّة لا كلّ دليل على حدة، فإنّه وحده لا يفيد إلاّ الظنّ. [٧٤]
ولذلك استشكل في عدّ جماعة الإجماع من الأدلّة الظنّية باعتبار أنّهم لاحظوا كلّ دليل من الأدلّة المقامة على حجّيته بمفرده ولم يلاحظوا المجموع[٧٥]. وعلى ضوء المنهج المذكور صحّح الشاطبي الرجوع إلى المصالح المرسلة باعتبار رجوعها إلى كلّيات الشريعة وملائمة لتصرّفات الشارع ومأخوذة من معناه وأدلّته، وملاحظة مجموع الأدلّة التي أقيمت على اعتبار تلك المصالح. [٧٦]

تاريخ علم الأصول

يمكن الكلام عن تاريخ علم الأصول وتطوره في ثلاث مراحل رئيسة:

المرحلة الأولى: مرحلة ما قبل التدوين

في هذه المرحلة لم يُعرف علم الأصول بشكله وملامحه بعد، بل كان مجموعة من القواعد والآليات الأصولية التي أعملها الشارع أو أقرها في بعض المسائل الفقهية[٧٧]، فقد أورد الأصوليون مجموعة من النصوص ذكروا فيها أنّ الشارع أجاز إعمال بعض القواعد الأصولية، فقد أورد أصوليو أهل السنّة مجموعة من الروايات تجيز إعمال الرأي والقياس عند فقدان النصّ على الحكم الشرعي، كما ورد من قصّة معاذ لمّا قال له النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله حيث بعثه قاضيا إلى اليمن: «كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟» قال: أقضي بكتاب اللّه‏، قال: «فإن لم تجد في كتاب اللّه‏» قال: فبسنّة رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله قال: «فإن لم تجد في سنة رسوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ولا في كتاب اللّه‏» قال: اجتهد رأيي ولا آلو، فضرب رسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وقال: «الحمد اللّه‏ الذي وفق رسول اللّه‏ لما يرضي من رسول اللّه»(ص). [٧٨]
فالنبي(ص) أقرّه على إعمال القياس فيما لم ينصّ عليه في الكتاب والسنّة وهو أحد الأصول المهمّة عندهم. [٧٩]
وأيضا ما روي عنه(ص) أنّه قال لمعاذ وأبي موسى الأشعري وقد أنفذهما إلى اليمن: «بم تقضيان؟» فقالا: إن لم نجد الحكم في الكتاب ولا السنّة قسنا الأمر بالأمر فما كان أقرب إلى الحقّ عملنا به[٨٠] فالنبي(ص) أقرّهم على العمل بالقياس فيما لم ينصّ على حكمه في الكتاب والسنّة. [٨١]
وكذلك ما روي عنه(ص) أنّه كان يعلل كثيرا من الأحكام الشرعية مثل ما روي إنّه سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال: «أينقص الرطب إذا يبس؟ فقالوا: نعم، فقال: «فلا إذا»[٨٢] وهو الذي يصطلح عليه بمنصوص العلّة وغير ذلك من الأحكام. [٨٣]
وكذلك استدلّوا للاستحسان بقوله(ص): «ما رآه المسلمون حسنا فهو عند اللّه‏ حسن».[٨٤]، فقد ادّعى أصحابه أنّ النبي(ص) كان يعمل بالاستحسان وأقرّ العمل به. [٨٥]
وغير ذلك من الأصول التي كان يعملها الشارع ـ حسب مدعى أصحابها ـ في جملة من الموارد والتطبيقات الفقهية مثل العمل بظهور الكلام والأخذ به، وحجّية خبر الثقة والاعتماد عليه، والرجوع إلى العرف في تحديد بعض الموضوعات الشرعية.
وقد اشتهر قول الإمام الصادق عليه‏السلام لبعض أصحابه: «إنّما علينا أن نلقي إليكم الأصول وعليكم التفريع»[٨٦]، وقول الإمام الرضا عليه‏السلام: «علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع»[٨٧] فإنَّ ارجاع الفروع إلى الأصول يحتاج إلى إعمال موؤنة استنباط وهو بدوره يحتاج إلى قواعد وآليات تضبط تلك العملية، وكأنّ الإمام عليه‏السلام يشير بذلك إلى تلك الآليات والضوابط التي يستعين بها المجتهد في استنباط الحكم الشرعي، فإنَّ الاجتهاد لا يتحقّق دون الاعتماد على قواعد أصولية ولو على مستوى بسيط وفي حدود ضيقة.[٨٨]
وقد أشار أئمة أهل البيت عليهم‌السلام إلى مجموعة من الأصول الفقهية مثل ما ورد عنهم من حجّية الاستصحاب واعتباره كقوله عليه‌السلام: «لا تنقض اليقين أبدا بالشكّ، وإنّما تنقضه بيقين آخر»[٨٩]، وقوله عليه‏السلام: «ولا ينقض اليقين بالشكّ ولا يدخل الشكّ في اليقين... لكنّه ينقض الشكّ باليقين...»[٩٠] وغير ذلك من الروايات التي تدلّ على الاستصحاب.
وكذلك ما ورد عنهم عليهم‌السلام من ذمّ القياس وعدم جواز العمل به في استنباط أحكام الشارع، والنقض على أصحاب القياس بمجموعة من الأحكام، وأنّه محق للدين وغير ذلك. [٩١]
وكذلك ما ورد عنهم من استحباب الاحتياط وتوقّي الشبهات في موردها، مثل ما روي عنه عليه‏السلام قوله: «أخوك دينك فاحتط لدينك».[٩٢]، وكذلك ما ورد عنهم عليهم‏السلام من البراءة الشرعية وسقوط التكليف بما لا يعلم كقوله عليه‌السلام: «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي».[٩٣]
وكذلك ما ورد عنهم عليهم‏السلام من علاج الأخبار المتعارضة كقوله عليه‏السلام: «فاتّبعوا ما وافق الكتاب، وما لم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنن رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله...». [٩٤]
وغير ذلك من النصوص التي دلّت على جملة من القواعد الأصولية التي تبحث في علم الأصول، والتي أصبحت مصدرا لكثير من الأدلّة والقواعد الأصولية العامّة، وقد ألفت كتب عديدة في هذا المجال كانت تهدف إلى استخراج القواعد الأصولية من النصوص والروايات الواردة عن أئمة أهل البيت [٩٥]، مثل كتاب «الأصول الأصيلة» للفيض الكاشاني (ت 1091 هـ)، و«الفصول المهمّة في أصول الأئمة» للحرّ العاملي (ت 1104 هـ)، و«الأصول الأصلية والقواعد المستنبطة من الآيات والأخبار المروية» للسيّد عبد اللّه‏ شبر (ت 1242 هـ)، و«أصول آل الرسول» للخونساري (ت 1318 هـ).
ففي هذه المرحلة كانت القواعد الأصولية مجموعة من الآليات والضوابط متناثرة في خلال الروايات والأحكام الصادرة عن الشارع، ولم يكن علم الأصول معروفا بملامحه وسماته كعلم له استقلاله عن العلوم الأخرى.

المرحلة الثانية: مرحلة تدوين علم الأصول

ويقصد بهذه المرحلة بداية استقلال مسائل علم الأصول ووضعها في كتاب على حدة والتعامل معها بمفردها بغض النظر عن علم الحديث وعلم الفقه، فلما كان علم الأصول في بدايات عهد التشريع مجموعة من القواعد مبثوثة هنا وهناك في كلام النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وأهل بيته عليهم‏السلاموأصحابه، مثل: مسائل تعنى بالاجتهاد والرأي والقياس والاستحسان وخبر الواحد والاستصحاب والبراءة والاحتياط وأحكام التعارض، لكن وبمرور الزمن وظهور حوادث مستجدة اشتدت الحاجة إلى تلك القواعد الأصولية ممّا أدّى بالبعض إلى التفكير في تمحيص هذه القواعد وتبويبها فوضعت في كتاب أو تصنيف على حدة ليسهل التعامل معها ومعرفة حدودها وضوابطها.
وقد وقع البحث في من هو هذا البعض بالتحديد، ومن هو أوّل من صنف في مسائل علم الأصول، وهنا أقوال:
القول الأوّل: يذهب الشيعة الامامية إلى أنّ أوّل من صنّف في مسائل علم الأصول هو هشام بن الحكم الكوفي الشيباني (ت 169 ه ) في رسالته «الألفاظ»[٩٦]، وكذلك يونس بن عبدالرحمن مولى آل يقطين في رسالته «اختلاف الحديث ومسائله».[٩٧]
يقول أسد حيدر: «فالإمام الباقر عليه‌السلام هو واضع علم الأصول وفاتح بابه، وأوّل من صنّف فيه هو هشام بن الحكم، صنف كتاب (الألفاظ ومباحثها)، وهو أهمّ مباحث علم الأصول، ثُمّ من بعده يونس بن عبد الرحمن مولى آل يقطين صنّف كتاب (اختلاف الحديث ومسائله) وهو مبحث تعارض الحديثين ومسائل التعادل والتراجيح، ثُمّ أخذت حركة التأليف في الأصول من بعدهما بالتوسعة».[٩٨]
القول الثاني: أنّ الشافعي هو أوّل من صنّف في مسائل أصول الفقه وله كتاب معروف سمّي بـ «الرسالة» واحتوى جملة من المسائل الأصولية: كالاجتهاد والتقليد والاجماع والعموم والخصوص والاستحسان وبعض مسائل الأمر والنهي. [٩٩]
وصرح بذلك جملة من العلماء كابن خلكان[١٠٠] وابن خلدون[١٠١] والتهانوي. [١٠٢] يقول الأسنوي: «كان امامنا الشافعي رضى‏الله‏عنه هو المبتكر لهذا العلم بلا نزاع وأوّل من صنّف فيه بالإجماع».[١٠٣]
ويقول الزركشي: «الشافعي أوّل من صنّف في أصول الفقه، صنّف فيه كتاب «الرسالة» وكتاب «أحكام القرآن» و«اختلاف الحديث» و«إبطال الاستحسان» و«القياس».[١٠٤]
القول الثالث: أنّ أوّل من صنّف في مسائل أصول الفقه هم الأحناف، فقد ذُكر: «إنّ أوّل من صنّف في علم الأصول... أبو حنيفة النعمان رضى‏الله‏عنه حيث بيّن طرق الاستنباط في كتاب (الرأي) له».[١٠٥]
بينما ينقل ابن خلكان عن جماعة وهو يتحدّث عن أبي يوسف: «هو أوّل من وضع الكتب في أصول الفقه على مذهب الإمام ابي حنيفة وأملى المسائل ونشرها».[١٠٦] ويقول المكّي: «إنّ أبا يوسف أوّل من وضع الكتب في أصول الفقه على مذهب أبي حنيفة».[١٠٧]
ويذكر ابن النديم في محمّد بن الحسن الشيباني (ت 189 هـ): إنّ له كتابا في أصول الفقه، وإنّ له كتابا في اجتهاد الرأي وآخر في الاستحسان. [١٠٨]
والذي يلاحظ على تأليفات وتصنيفات هذه المرحلة أنّها لم تدوّن إلاّ لمسائل معينة في أصول الفقه ولم تدون لعلم الأصول بعنوان أنّه شكله وملامحه وحدوده التي عرف فيها فيما بعد، ولم تكن تستوعب جميع مباحثه، لذلك نجد رسالة الشافعي تحتوي على كثير من المسائل والبحوث الفقهية، وحتّى المسائل الأصولية التي تطرّق لها لم يتمحّض البحث فيها بالبحث الأصولي، بل ضمنها كثير من المسائل الفقهية. [١٠٩]
لذلك ترى هناك اختلافا واضحا بين «الرسالة» وبين الكتب الأصولية التي كتبت في علم الأصول فيما بعد.

المرحلة الثالثة: مرحلة تكامل علم الأصول

لأيّ كان السبق في تدوين مسائل علم الأصول، فإنَّ كلّ ما دون من مسائل أصولية لا يشكل الملامح الرئيسة لعلم له تعريفه وموضوعه وهدفه وغايته، وإنّما غاية ما تصبو إليه هو التأليف في مسائل معينة من أصول الفقه ولم تكن مستوعبة لمسائل علم الأصول. [١١٠]
إلى أن توالت التأليفات والتصنيفات المتكاملة والشاملة بجميع مسائل أصول الفقه، فوصل علم الأصول إلى أوجه في القرن الرابع الهجري وما بعده[١١١]، وانفصل تماما عن العلوم الأخرى وبدا كعلم مستقل له أركانه ومقوماته التي يتميّز بها عن العلوم الأخرى، وأصبحت الغاية منه واضحة وهي إعانة الفقيه على استنباط الأحكام الشرعية من مداركها الأصلية.
وفي أثناء هذه المرحلة ظهر منهجان في تدوين علم الأصول:[١١٢]

المنهج الأوّل: طريقة المتكلّمين

وهي الطريقة المتّبعة في علم الكلام بتقرير مطالب ومباحث أصول الفقه من غير التفات إلى فروع المذهب أو مخالفته، بل أتباع هذا المنهج يبحثون في مسائل أصول الفقه طبق القواعد والحجج المتعارفة التي يقاس عليها صحّة كلّ أمر أو سقمه، فما وافق تلك الحجج والقواعد أُخذ به وإن خالف فروع المذهب، ولذا نجدهم يتطرّقون إلى مباحث أصولية مع عدم أخذهم بها واعتمادهم عليها في الفقه.
وقد جرى على هذه الطريقة المعتزلة و الشيعة الإمامية و المالكية و الشافعية و الحنابلة و الزيدية.
وهي بالإضافة إلى اعتمادها المنهج الكلامي في الاستدلال كان روّادها جلّهم من المتكلّمين، ولذا سمّيت بطريقة المتكلّمين. [١١٣] «وأهمّ خصائص هذه الطريقة عدم أخذ الضوابط الأصولية من الفروع الفقهية، والميل الشديد إلى الاستدلال العقلي والتبسيط في الجدل والمناظرات».[١١٤]
واُلفت معظم كتب الأصول على هذه الطريقة فألف كلّ من الباقلاّني (ت 403ه) «التقريب والإرشاد»، والمفيد (ت 413ه) «التذكرة بأصول الفقه»، وأبي الحسين البصري (ت 436ه) «المعتمد في أصول الفقه»، والمرتضى (ت 436ه) «الذريعة إلى أصول الشريعة»، والطوسي (ت 460ه) «العدّة في أصول الفقه»، وأبي يعلى (ت 458ه) «العدّة في أصول الفقه»، والجويني (ت 487ه) «البرهان في أصول الفقه»، وأبي المظفر السمعاني (ت 489ه) «قواطع الأدلّة»، والغزالي (ت 505ه) «المستصفى من علم الأصول»، والآمدي (ت 630ه) «الإحكام في أصول الأحكام» وغيرهم كثير.
ومن آثار هذه الطريقة وجود مسائل كلامية عديدة في علم الأصول مثل: مسألة «التحسين والتقبيح العقليين» ومسألة «وجوب شكر المنعم» ومسألة «الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع»، ومسألة «التكليف بالمحال» ومسألة «التكليف بالمعدوم» ومسألة «عصمة الأنبياء» كما أشار إلى ذلك السيّد المرتضى في مقام انتقاده لإدخال تلك المباحث في علم الأصول. [١١٥]

المنهج الثاني: طريقة الأحناف

وهي الطريقة التي يراعى فيها تطبيق فروع المذهب على أصول الفقه وأدلّته، ويقام البحث في حجّية الأدلّة وعدمها على ضوء ما هو موجود في فروع المذهب، بل قد يرفض أصل أو دليل معين طبقا لما هو مذكور في فروع المذهب، وأصحاب هذه الطريقة لا يتطرقون إلى أصول فقهية لم يصحّ الاستدلال بها عندهم في الفقه مثل مبحث «المصالح المرسلة» ومبحث «سد الذرائع» وغيرهما من الأدلّة المختلف فيها.
لم يقتصر الأمر على ذلك، بل أثّر المنهج المذكور على شكل وهيئة علم الأصول عندهم، فتراهم يتطرّقون إلى مباحث فقهية مثل: مبحث «الأهلية» و«الإكراه» وغير ذلك من المباحث التي حقّها أن تذكر في علم الفقه، فكانت الفروع الفقهية هي المصدر والأساس لتشكيل علم الأصول عندهم، وأصبح يعكس لما هو معتمد عندهم في علم الفروع.
وألّف على هذه الطريقة كثير من الأحناف كالجصّاص (ت 370ه) «الفصول في الأصول»، والدبوسي (ت 430ه) «تقويم الأدلّة»، والسرخسي (ت 490ه) «المحرر في أصول الفقه» الذي عرف فيما بعد بـ «أصول السرخسي»، وصدر الشريعة المحبوبي (ت 747ه) «تنقيح الأصول»، وابن الهمام (ت 861ه) «التحرير»، وابن عبد الشكور (ت 1180ه) «مسلّم الثبوت».
ويذكر أنّ هناك جماعة خرجوا عن المنهجين المذكورين في التأليف كابن حزم الظاهري (ت 456ه) والشاطبي (ت 790ه )، حيث سلك ابن حزم منهجا نقليا في بحثه الأصولي فعمد إلى حشد كثير من النصوص الشرعية في طي المباحث الأصولية فألف كتابه «الإحكام في أصول الأحكام» وسلك الشاطبي منهجا خاصّا يعتمد نظريته ومبناه في «مقاصد الشريعة» في تأليف كتابه «الموافقات في أصول الشريعة».[١١٦]
وبقي أصول الفقه بعد ذلك على حاله عند أهل السنّة ولم يمر بمراحل غيّرت منهجه أو أضافت له مسائل جديدة أو توسعت في أبحاثه وظلّ يسير على خُطى رتيبة ولم يتأثّر بعوامل الزمان والمكان، ولعلّ السرّ في ذلك هو انغلاق باب الاجتهاد عندهم ممّا أفقد دوره في عملية الاستنباط لعدم الحاجة إليه بعد غلق باب الاجتهاد وفتح باب التقليد على مصراعيه عند المذاهب الأربعة. بخلافه علم الأصول عند الشيعة الإمامية ـ ولعلّه لانفتاح باب الاجتهاد عندهم ـ فقد مرّ بمراحل ومنعطفات أثّرت عليه تأثيرا كبيرا، فيذكر أنّ علم الأصول عندهم ولمدّة قرن كامل مرّ بمرحلة جمود وركود واستمرّت هذه المرحلة من بداية عصر الشيخ الطوسي (ت 460ه) حتّى عصر ابن إدريس الحلّي (ت 598ه) وهي المرحلة التي أطلق عليها «عصر المقلّدة»[١١٧]، ثُمّ ما أن لبث ونهض من جديد على يد الشيخ ابن ادريس الحلّي (ت 598ه) فاستخدم مسائل أصولية كثيرة في فقهه «السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى» والشيخ ابن زهرة (ت 585ه) في كتابه «غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع».[١١٨]
ومن ثَمّ توالت التأليفات في علم الأُصول فألف المحقّق الحلّي (ت 676ه) «معارج الأصول»، وألف العلاّمة الحلّي (ت 726ه) «تهذيب الوصول» و«مبادئ الوصول» و«نهاية الوصول»، واستمرّ الحال على هذا النهج إلى زمان ظهور المدرسة الأخبارية عند الشيعة الإمامية على يد زعيمها محمّد أمين الإسترآبادي (ت 1033ه) الذي ألف كتابه «الفوائد المدنية» منتقدا فيه علم الأصول وناسبا مسائله إلى أهل السنّة[١١٩]، وتبعه في ذلك الحرّ العاملي (ت 1104ه) فألف كتابه «الفوائد الطوسية» منتقدا فيه أيضا علم الأصول ومبيّنا أنّ أكثر رجالاته هم من أهل السنّة، وأنّ الشيخ الطوسي والسيّد المرتضى لم يؤلّفا في علم الأصول إلاّ للردّ عليه. [١٢٠]
لكن ما لبث الأمر إلاّ وتراجعت المدرسة الأخبارية وانحسر نفوذها لصالح المدرسة الأصولية التي تزعمها آنذاك الوحيد البهبهاني (ت 1205ه) فظهرت تأليفات عدّة في علم الأصول فألف الشيخ جعفر كاشف الغطاء (ت 1227ه) «كشف الغطاء» الذي خصص قسما منه بمباحث علم الأصول، وألف الميرزا القمّي (ت 1231ه) «القوانين المحكمة»، وألف السيّد محمّد الطباطبائي (ت 1242ه) «مفاتيح الأصول»، وألف أحمد النراقي (ت 1245ه) «مناهج الأحكام والأصول»، وألف محمّد تقي الإصفهاني (ت 1248ه) «هداية المسترشدين»، وألف محمّد حسين الإصفهاني (ت 1250ه) «الفصول الغروية». إلى أن دخل علم الأصول في مرحلة جديدة على يد الشيخ الأنصاري (ت 1281ه) وكان من ملامح هذه المرحلة خصلتان بارزتان:
الأولى: حذف أبحاث كثيرة من علم الأصول والتي كان بعضها ينسب إلى أصول فقه السنة من قبيل «القياس» و«الاستحسان» و«المصالح المرسلة» وحتّى «قياس الأولوية» و«تنقيح المناط» و«القياس المنصوص العلّة»، فلم تبحث هذه المباحث في علم الأصول بعد هذه المرحلة ولم تول اهتماما كسائر المباحث الأصولية الأخرى، ولم ينقح المراد منها تحديدا، ولم يلجوا في تفاصيلها وشرائطها ومعارضاتها.
الثانية: التوسّع في المباحث الأصولية إلى افتراضات وتشعبات ذهنية واسعة لا مجال لها إلاّ الدقّة العقلية، واُدخلت فيه مباحث فلسفية عديدة فإنَّ «انتشار فلسفات كبيرة ومجددة كفلسفة صدر الدين الشيرازي (ت 1050ه ) أدّى إلى إقبال الفكر الأصولي... على الاستمداد من الفلسفة واستلهامها أكثر من استلهام علم الكلام، وبخاصّة التيار الفلسفي الذي أوجده صدر الدين الشيرازي ومن أمثلة ذلك: ما لعبته مسألة أصالة الوجود وأصالة الماهية في مسائل أصولية متعددة كمسألة اجتماع الأمر والنهي ومسألة تعلّق الأوامر بالطبائع والأفراد».[١٢١]
ولم يقتصر الأمر على الشيخ الأنصاري بل تبعه الآخوند الخراساني (ت 1329ه) في ذلك وبالغ في إقحام المباحث والمفاهيم الفلسفية في علم الأصول حتّى قيل فيه بأنّه: «أدخل المسائل الفلسفية في الأصول أكثر من قبله».[١٢٢]
ولايزال البحث الأصولياليوم ينهج نفس النهج الذي انتهجه الأنصاري ومن بعده الآخوند الخراساني في بحثهما الأصولي.

الهوامش

  1. لسان العرب 1: 106 مادة «أصل».
  2. تاج العروس 14: 18 مادة «أصل».
  3. أنظر: شرح مختصر المنتهى ابن الحاجب 1: 5، الأصول العامة للفقه المقارن: 35.
  4. لسان العرب 3: 3065 مادة «فقه».
  5. هود: 91.
  6. بدائع الأفكار الرشتي: 6.
  7. الإحكام «الآمدي» 1 ـ 2: 8.
  8. التلويح إلى كشف حقائق التنقيح 1: 28.
  9. الذريعة 1: 7.
  10. العدّة في أصول الفقه 1: 7.
  11. الإحكام 1 ـ 2: 8، 10.
  12. كشف الأسرار 1: 9.
  13. شرح مختصر الروضة 1: 111.
  14. الفصول الغروية: 9.
  15. أنظر: منتهى الوصول ابن الحاجب: 3، كشف الأسرار (النسفي) 1: 9، شرح مختصر الروضة 1: 120، شرح مختصر المنتهى 1: 4، زبدة الأصول (البهائي): 41، الفصول الغروية: 9، أصول الفقه (الخضري): 13.
  16. أنظر: المستصفى 1: 9، المحصول 1: 11، روضة الناظر: 4، الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 8، منتهى السول: 8، منهاج الوصول: 210، نهاية الوصول (العلاّمة الحلّي) 1: 66، الوافية: 59.
  17. أنظر: بحوث في علم الأصول (الهاشمي) 1: 20.
  18. كفاية الأصول: 9.
  19. بحوث في علم الأصول الهاشمي 1: 31، دروس في علم الأصول 2: 18.
  20. بحوث في علم الأصول الهاشمي 1: 31 ـ 32.
  21. فوائد الأصول 1 ـ 2: 19 و4: 308.
  22. أنظر: الذريعة 1: 7 ـ 8، العدّة في أصول الفقه الطوسي 1: 7، المحصول (الرازي) 1: 11، الإحكام (الآمدي) 1: 8.
  23. الإبهاج في شرح المنهاج 1: 23.
  24. فوائد الأصول 4: 309، الأصول العامة للفقه المقارن: 39.
  25. التوضيح شرح التنقيح 1: 53، التلويح إلى كشف حقائق التنقيح 1: 53 ـ 55، فوائد الأصول 1 ـ 2: 19، مصباح الأصول 1 ق 1: 20، الأصول العامة للفقه المقارن: 39.
  26. أنظر: مصباح الأصول 1 ق 1: 25، بحوث في علم الأصول الهاشمي 1: 38.
  27. أنظر: بحوث في علم الأصول الهاشمي 1: 40.
  28. مصباح الأصول 1 ق 1: 31، أصول الفقه المظفر 1 ـ 2: 51.
  29. دروس في علم الأصول 2: 19 ـ 21.
  30. فوائد الأصول 1 ـ 2: 20.
  31. الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 8، تيسير التحرير 1: 18، هداية المسترشدين 1: 108، الفصول الغروية: 10، إرشاد الفحول 1: 33، كفاية الأصول: 7، فوائد الأصول 1 ـ 2: 20.
  32. أنظر: فوائد الأصول 1 ـ 2: 20 ـ 21.
  33. أنظر: فوائد الأصول 1 ـ 2: 20.
  34. أنظر: فوائد الأصول 1 ـ 2: 20 ـ 21، منتهى الدراية 1: 17.
  35. كفاية الأصول: 7.
  36. فوائد الأصول 1 ـ 2: 21.
  37. مصباح الأصول 1 ق 1: 34.
  38. الأصول العامة للفقه المقارن: 10 ـ 11.
  39. الفصول الغروية: 11، القوانين المحكمة: 5.
  40. أنظر: كشف الأسرار النسفي 1: 9، شرح مختصر الروضة 1: 123، أصول البزدوي 1: 62.
  41. أنظر: نور الانوار 1: 15 ـ 16.
  42. أنظر: كفاية الأصول: 8.
  43. كفاية الأصول: 8.
  44. فوائد الأصول 1 ـ 2: 28.
  45. مصباح الأصول 1 ق 1: 40. وذكر ابن الهمام أنّ موضوعه هو: «الدليل السمعي الكلّي من حيث يوصل العلم بأحواله إلى قدرة إثبات الأحكام لأفعال المكلّفين»، وعلل الشارح ذلك بكونه مفهوما واحدا وأقرب للضبط، ولم يعلل ذلك بما عليه اليوم متأخّري الأصوليين. تيسير التحرير 1: 18.
  46. بحوث في علم الأصول الهاشمي 1: 52.
  47. فوائد الأصول 1 ـ 2: 29.
  48. فوائد الأصول 1 ـ 2: 20.
  49. الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 9.
  50. مصباح الأصول 1 ق 1: 15.
  51. أنظر: المعالم الجديدة للأصول: 29.
  52. فوائد الأصول 1 ـ 2: 27. وأنظر: شرح مختصر المنتهى العضدي 1 : 3 ـ 4.
  53. أنظر: البرهان في أصول الفقه 1: 7، الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 9.
  54. العدّة في أصول الفقه 1: 12 وما بعدها، 42 وما بعدها.
  55. المستصفى 1: 10 وما بعدها.
  56. الإحكام 1 ـ 2: 10 وما بعدها.
  57. الذريعة 1: 1 ـ 4.
  58. الأصول العامة للفقه المقارن: 38.
  59. الموافقات 1: 42 ـ 44.
  60. فوائد الأصول 3: 7.
  61. الأصول العامة للفقه المقارن: 27.
  62. دروس في علم الأصول 2: 59.
  63. أنظر: مصباح الأصول 2: 111، محاضرات في أصول الفقه 3: 276.
  64. دروس في علم الأصول 1: 204.
  65. أصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 18، الأصول العامة للفقه المقارن: 29، فرائد الأصول 1: 125 ـ 126.
  66. الموافقات 1: 29 ـ 42.
  67. المصدر السابق: 29.
  68. المصدر نفسه: 29 ـ 30.
  69. الحجر: 9.
  70. المائدة: 3.
  71. الموافقات 1: 30، 32.
  72. المصدر السابق: 36.
  73. الموافقات 1: 37.
  74. المصدر السابق.
  75. المصدر نفسه: 41.
  76. المصدر نفسه: 39.
  77. أنظر: نظرة في تطوّر علم الأصول: 23 ـ 24.
  78. سنن أبي داود 3: 303، كتاب الأقضية، باب اجتهاد الرأي في القضاء ح3592.
  79. أنظر: الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 293.
  80. أنظر: سنن الدارمي 1: 60، باب الفتيا وما فيه الشدّة من حديث معاذ. باختلاف.
  81. أنظر: الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 293.
  82. سنن أبي داود 3: 251، كتاب البيوع، باب في التمر بالتمر ح3359.
  83. أنظر: الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 295 ـ 296.
  84. مجمع الزوائد 1: 177.
  85. أنظر: الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 391.
  86. الفصول المهمّة الحر العاملي 1: 554.
  87. وسائل الشيعة 27: 62 كتاب القضاء، باب 6 عدم جواز القضاء والحكم بالرأي والاجتهاد والمقاييس ح 52.
  88. أنظر: نظرة عامة في تطوّر علم الأصول: 24.
  89. وسائل الشيعة 1: 245 كتاب الطهارة، ابواب نواقض الوضوء، باب 1 أنّه لا ينقض الوضوء إلاّ اليقين كحصول الحدث ح 1.
  90. الكافي 3: 352 كتاب الصلاة، باب السهو في الثلاث والأربع ح 3.
  91. وسائل الشيعة 27: 35 ـ 62 كتاب القضاء، باب 6 عدم جواز القضاء والحكم بالرأي والاجتهاد والمقاييس، أحاديث الباب.
  92. وسائل الشيعة 27: 167 كتاب القضاء، باب 12 وجوب التوقّف والاحتياط في القضاء والفتوى ح 46.
  93. من لا يحضره الفقيه 1: 208 كتاب الصلاة، باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها ح937.
  94. وسائل الشيعة 27: 114 ـ 115 كتاب القضاء، باب 9 وجوه الجمع بين الأحاديث المختلفة ح 21.
  95. أنظر: تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: 310.
  96. أنظر: رجال النجاشي: 432، تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: 310.
  97. أنظر: تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: 311.
  98. الإمام الصادق والمذاهب الأربعة 2: 304 ـ 305.
  99. أنظر: أصول الأحكام: 22، أصول الفقه تاريخه وتطوّره ورجاله: 29 ـ 30.
  100. وفيات الأعيان 4: 165.
  101. مقدّمة ابن خلدون: 455.
  102. كشف الظنون 1: 111.
  103. التمهيد الأسنوي: 45.
  104. البحر المحيط 1: 10.
  105. أصول السرخسي 1: 3 المقدّمة، الفوائد الطوسية: 236.
  106. وفيات الأعيان 6: 382.
  107. مناقب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان 2: 124.
  108. الفهرست: 257.
  109. أنظر: نظرة عامة في أصول الفقه: 29 ـ 30.
  110. أنظر: أصول الفقه الخضري: 5.
  111. أنظر: الفكر الأصولي دراسة تحليلية نقدية: 110 وما بعدها.
  112. أنظر: أصول الفقه الخضري: 6، أصول الأحكام: 23 ـ 24، الأصول العامة للفقه المقارن: 77 ـ 78.
  113. أصول الأحكام: 24.
  114. المصدر السابق.
  115. الذريعة 1: 1 ـ 5.
  116. أنظر: أصول الإحكام: 26.
  117. أنظر: نظرة في تطوّر علم الأصول: 45.
  118. أنظر: المصدر السابق: 47.
  119. الفوائد المدنية: 75 ـ 79، 123 وأنظر: المعالم الجديدة للأصول: 98، نظرة في تطوّر علم الأصول: 52.
  120. الفوائد الطوسية: 235 ـ 236.
  121. المعالم الجديدة للأصول: 115. بتصرّف.
  122. الذريعة إلى تصانيف الشيعة 6: 186.