انتقل إلى المحتوى

سامراء

من ویکي‌وحدت
الخطوة الثانية للثورة

سَامِرَّاء وكانت تُعرف سابقاً باسم: "سُرَّ مَنْ رَأَى" أي "فَرِحَ مَنْ رَاهَا" هي رابعة المدن المقدسة لدى الشيعة من بعد: النجف الأشرف، وكربلاء المقدسة، والكاظمية؛ لاحتوائها على مرقد الإمامين الهادي والحسن العسكري عليهما السلام، وهي مدينة في وسط العراق، في محافظة صلاح الدين، تقع على ضفاف نهر دجلة، على بُعد 125 كيلومتراً شمال بغداد. تأسست في عام 836 ميلادي بأمر من الخليفة العباسي المعتصم بالله لتصبح عاصمة جديدة بدلاً من بغداد، تقع سامراء بين تكريت وبغداد. تشتهر المدينة بوجود ضريح الإمامين العسكريين ومكان ولادة الإمام المهدي. أصبحت سامراء عاصمة الخلافة في عهد المعتصم العباسي عام 221 هـ.

تاريخ مدينة سامراء

تقع مدينة سامراء على الضفة اليمنى (الشرقية) لنهر دجلة، على بُعد حوالي ١٢٠ كيلومتراً شمال بغداد. يبدو أن في موقع هذه المدينة كانت هناك قرية صغيرة في عصر ما قبل الإسلام. عالم الآثار الألماني هيرتسفيلد عثر في موقع هذه المدينة على أواني فخارية تعود للألفية السادسة قبل الميلاد، مما يدل على قدم المنطقة. [١]. وبخصوص الجذر التاريخي لاسم سامراء، قيل أن هذه الكلمة في الأصل هي اسم آرامي، ومثل باقي الأسماء الآرامية، ككربلاء وعكبرا وحرورا، يُكتَب بالألف المقصورة (بدون همزة). وبرأي هيرتسفيلد، فإن هذه الكلمة تحريف للاسم الآشوري لهذه المنطقة، وهو "سُرْمَرْتَا" الذي ذُكر في نصوص العصر الآشوري. واستناداً إلى بعض الأقوال الشعبية الشائعة في العصر الإسلامي، نُسب تأسيس سامراء إلى سام، ابن النبي نوح (عليه السلام) [٢]. أمر المعتصم بالله الخليفة العباسي (الخلافة من 218 هـ) ببناء المدينة وانتقل إليها بعد اكتمالها. وهكذا نُقلت عاصمة الخلافة من مدينة بغداد إلى سامراء. كانت المدينة تُعرف أيضاً باسم "عسكر المعتصم" نسبة إلى بانيها. كما أن لقب "العسكري" للإمام الحسن العسكري، الإمام الحادي عشر للشيعة، مأخوذ من هذا الاسم. قُتل بابك الخرمي، زعيم حراك "الثائرين بالحمراء" ضد العرب بعد الغزو الإسلامي لإيران، في 18 دي (الشهر العاشر في التقويم الفارسي) عام 236 هـ بأمر من المعتصم بالله، حيث قُطعت أطرافه تدريجياً ثم عُلقت جثته في مدينة سامراء.[٣]. حتى عام 256 هـ، حكم من هذه المدينة ثمانية خلفاء. في ذلك العام، أعاد الخليفة المعتمد على الله العباسي العاصمة إلى بغداد مرة أخرى. شهدت سامراء خلال ثلاثة عقود كعاصمة تطوراً هائلاً، حيث بُنيت العديد من القصور ومناطق الترفيه والمساجد في المدينة. [٢] كانت سامراء في عام 227 هـ، عندما توفي المعتصم، مزدهرة جداً لدرجة أنها تنافست بغداد في عظمة القصور وجمال المباني. استمرت عظمة وجلال سامراء طالما جعلها الخلفاء العباسيون مقراً لخلافتهم. بعد عودتهم إلى بغداد، انتهت عظمة وجلال سامراء، وتدهورت تلك القصور واحداً تلو الآخر.[٤].

الأماكن المقدسة

تحتوي هذه المدينة على المعالم الاثرية مهمة منها:

مرقد العسكريين

ضريح الإمام الهادي والإمام العسكري هو أهم موقع مقدس في مدينة سامراء.

تدمير حرم العسكريين

تعرض حرم الإمامين العسكريين للتدمير مرتين على يد الإرهابيين. وقع الهجوم الأول في 22 فبراير 2006، والهجوم الثاني بعد ستة عشر شهراً في 13 يونيو 2007. في التدمير الأول، استخدم المفجرون أكثر من مائتي كيلوغرام من مادة TNT مما أدى إلى تدمير القبة وجزء من المآذن الذهبية للحرم. في الهجوم الثاني، دُمِّرت المآذن الذهبية أيضاً. بعد هذه الهجمات الإرهابية، دخل ضريح الإمامين في مرحلة إعادة البناء والتجديد.

السرداب المقدس

السرداب هو قبو منزل الإمام العسكري عليه السلام في سامراء.. وقدسية هذا المكان ترجع لنسبته إلى الأئمة المعصومين عليها السلام؛ لأنه منزل الإمام الهادي عليه السلام، والإمام العسكري عليه السلام، والإمام المهدي، حيث يقع السرداب على بعد حوالي 15 متراً من ضريح الإمامين العسكريين عليه السلام كما يقع شمال غرب مرقدهماعليهما السلام [٥]. بحسب ما ذكره الشيخ عباس القمي، المؤرّخ الشيعي (ت 1359 هـ)، فإن تسمية هذا المكان بسرداب الغيبة يعود إلى العصر المتأخر، لكن لم يتبين دليله في الكتب التي أُلّفت بخصوص الإمام الحجة [٦].

المدفونون فيها

  • الإمام الهادي (عليه السلام)، الإمام العاشر للشيعة.
  • الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، الإمام الحادي عشر للشيعة.
  • نرجس خاتون، والدة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وقبرها داخل الضريح خلف رأسَيْ الإمامين العسكريين.
  • حكيمة خاتون، بنت الإمام الجواد (عليه السلام) وعمة الإمام العسكري، ومدفونة عند قدمي الإمامين العسكريين.
  • الحسين بن علي الهادي، ابن الإمام الهادي (عليه السلام) وأخو الإمام العسكري (عليه السلام).
  • سمانة أو سمانة المغربية، الملقبة بـ "أم الفضل"، والدة الإمام الهادي (عليه السلام)، دُفنت بجانب ابنها.
  • سوسن، والدة الإمام العسكري (عليه السلام).
  • إبراهيم الأشتر النخعي، ابن مالك الأشتر، في منطقة الدُجَيل بالقرب من سامراء.
  • جميل بن دراج، من محدثي الشيعة، في منطقة الدُجَيل في قرية طارمية.
  • أبو هاشم الجعفري، من محدثي ورواة الشيعة، وقبره داخل ضريح العسكريين.
  • ابن السكيت، أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الأهوازي.
  • النجاشي، عالم الرجال الشيعي. وُلد النجاشي سنة ٣٧٢ هـ وتوفي سنة ٤٥٠ هـ في مطيرآباد، ومطيرآباد أو "مَيْطَرَة" قرية في نواحي سامراء.
  • آقا رضا الهمداني، من مراجع التقليد في القرن الثالث عشر الهجري.
  • زيد بن موسى بن جعفر (عليه السلام)، المعروف بـ "زيد النار"[٧].
  • محمد بن علي الهادي، المعروف بـ "الإمامزادة سيد محمد"، مدفون في مدينة بلد على بُعد ٤٥ كيلومتراً من مدينة سامراء [٨].

الجامع الكبير

بُني الجامع الكبير في سامراء سنة ٢٣٧ هـ بأمر من الخليفة العباسي المتوكل. طوله ٢٤٠ متراً وعرضه ١٥٦ متراً ومساحته ٣٧٤٤٠ متراً مربعاً، وكان عند بنائه أكبر مسجد في العالم الإسلامي. كان للمسجد ستة عشر مدخلاً، وكما كتب الجغرافي المسلم "المقدسي"، كان ينافس الجامع الأموي في دمشق. أظهرت التنقيبات الأثرية أن جدران المسجد كانت مزينة بطبقة من زخارف الفسيفساء. [٩]. اليوم، معظم الأجزاء الداخلية للمسجد قد اندثرت ولم يتبق سوى جدرانه الخارجية. كما تلفت الأنظار منارة المسجد الفريدة خارج الجدار الشمالي للمسجد، والتي تُعد بسبب شكلها المميز من أبرز مآذن العالم الإسلامي، والمنارة الوحيدة المشابهة لها وهي نسخة مصغرة عنها هي منارة مسجد أبي دلف في سامراء. مئذنة الجامع الكبير في سامراء هي برج مرتفع تقع درجاته حول الجزء الخارجي من بدن المئذنة، ومن هنا اشتهرت باسم "المَلَوِيَّة". تقوم هذه المئذنة على قاعدة مربعة طولها ٣٣ متراً وعرضها ثلاثة أمتار، ويبلغ ارتفاع بدنها خمسين متراً [١٠].

مسجد أبي دلف

يقع مسجد أبي دلف على بُعد حوالي عشرين كيلومتراً شمال سامراء، وقد بُني سنة ٢٤٧ هـ بأمر من المتوكل في موقع مدينة المتوكلية. من حيث الشكل والعمارة، فهو يشبه إلى حد كبير الجامع الكبير في سامراء، لكنه أصغر منه. أبعاده ٢١٣ في ١٣٥ متراً وله خمسة عشر مدخلاً. هذا المسجد يشبه الجامع الكبير في سامراء في أنه يمتلك أيضاً مئذنة ملوية، لكن هذه المئذنة أصغر من ملوية سامراء. يبلغ ارتفاع القاعدة المربعة للمئذنة ٢.٥ متر، ومساحتها ١١.٢ متراً مربعاً، وارتفاع بدنها ستة عشر متراً [١١].

قصر الجوسق أو القصر الخاقاني

هو قصر المعتصم العباسي، وتقع آثاره شمال سامراء. بدأ بناؤه متوازيا مع تأسيس مدينة سامراء، بأمر من المعتصم سنة 221 هـ. ولكن لأن بناءه نسب إلى الفتح بن خاقان (وفاة 247 هـ) وزير المتوكل العباسي، اشتهر باسم "جوسق الخاقاني". كان المعتصم يستقبل الناس في هذا القصر، ودفن فيه بعد وفاته [١٢]. بعد نقل عاصمة الخلافة العباسية مجددا من سامراء إلى بغداد، تهدم قصر الجوسق، واستخدمت مواد بنائه في إنشاء مباني جديدة في سامراء. منذ بداية القرن الرابع عشر الهجري (الرابع عشر الميلادي)، حظي هذا المبنى باهتمام العلماء والمؤرخين، وفي الفترة ما بين 1907 و 1988 م، أجريت حفريات أثرية في عدة مراحل لهذا القصر، وتم التعرف على أجزاء منه. يعتبر قصر الجوسق أكبر قصر من عصر الإسلام في العراق، بل وربما في كافة أنحاء العالم الإسلامي. قدرت مساحته بحوالي 175 هكتارا، كان حوالي 21 هكتارا منها مساحة مبنية، وكان 71 هكتارا آخر حديقة كبيرة في المنطقة الواقعة بين المباني وضفة نهر دجلة. كان هذا القصر يزخر بزخارف ولوحات جدارية رائعة، لا تزال بعض أجزائها محفوظة حتى اليوم في متحففات غربية مهمة، مثل: المتحف الدوالي في برلين ومتحف المتروبوليتان للفنون [١٣].

قصر المعشوق وقصر الجص

على الجانب الغربي لنهر دجلة، قرب الطريق الرابط بين هذه المدينة والموصل، تقع بقايا قصرين آخرين من قصور العباسيين، يسمى أحدهما "قصر المعشوق" والآخر "قصر الجص". يعرف قصر المعشوق أيضا باسم "قصر العاشق"، ويبعد حوالي 125 كيلومترا عن بغداد، ويعد من أهم قصور العصر العباسي في سامراء. بناه المعتمد العباسي سنة 275 هـ، قبل انتقاله إلى بغداد. أما قصر الجص، فهو قصر آخر مهم يقع في منطقة "حويلات"، شمال قصر المعشوق. بناه المعتصم العباسي، وشكله الخارجي مربع. استخدم في بنائه الآجر والجص واللبن، وجدران قاعاته مزرينة [١٤].

القبة الصليبية

تقع على أرض مرتفعة، جنوب قصر المعشوق وتقريبا مقابل لقصر الجوسق، على الجانب الغربي لنهر دجلة، وتعرف باسم "القبة الصليبية". هذا المبنى هو ضريح من القرن الثالث الهجري، ويجب اعتباره من أقدم المباني الإسلامية التذكارية التي بقيت حتى اليوم. تحول المبنى، مع مرور الزمن، إلى دار نصف مهدمة، وسقطت قبته. ولكن العلماء والمؤرخين أعادوا ترميمه في الفترة الحديثة. ثمة اختلاف بين الباحثين حول سبب التسمية ووظيفة هذا المبنى؛ فبعضهم يرى أنه كان مكانا لإعدام معارضي حكم العباسيين وصلبهم، في حين يعتبره آخرون ضريحا لزوجة أحد خلفاء العباسيين التي كانت من قبيلة "صليب". وأشار هيرتسفيلد، العالم الآثاري الألماني، إلى أنه أثناء حفرياته الآثارية في هذا المبنى سنة 1911 م، وجد في سرداب تحت المبنى ثلاثة قبور، وبالنظر إلى إشارة المؤرخين إلى وفاة ودفن ثلاثة من خلفاء العباسيين بجانب بعضهم البعض في سامراء، فمن المحتمل جدا أن هذا المبنى هو ضريحهم. وهؤلاء الخلفاء الثلاثة هم: المنتصر (وفاة 248 هـ)، والمعتز (وفاة 255 هـ)، والمهتدي (وفاة 256 هـ). يتكون هذا الضريح من غرفة شكلها من الخارج مثمن الأضلاع، ومن الداخل مربع، ولكن شكله المربع يتحول إلى مثمن الأضلاع في منطقة انتقال القبة، بواسطة "مقرنسات". وحول محيط الغرفة، يوجد رواق عرضه 2.60 م، وقد أحيط بجدران سمك كل منها 1.20 م. شكل المبنى من الخارج مثمن الأضلاع، وطول كل ضلع من الداخل 6.30 م، ومن الخارج 7.70 م. وأيضا، للمبنى أربعة مداخل رئيسية، تقع تقريبا في الاتجاهات الجغرافية الرئيسية الأربعة [١٥].

رؤية الإمام المهدي في سامراء

تشير روايات إلى أنه في الفترة الممتدة من الولادة حتى استشهاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، كان الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) يظهر بتوجيه من الإمام العسكري (عليه السلام) لأفراد مختارين، وذلك في سامراء وبجوار والده الجليل [١٦]. لم يقتصر رؤيته على الأقارب المقربين وخدم بيت الإمامة فحسب، بل من الأصحاب والأنصار المقربين للإمام قد نعموا برؤية جماله الوضّاء. جميع هذه الروايات تحكي عن حياة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في سامراء إلى جانب والده. فقد روى يعقوب بن منقوش قال: دخلت على الإمام العسكري (عليه السلام) وكان جالسًا على دكة في الدار، وعلى يمينه غرفة مُسدَل عليها ستور. فقلت: "يا سيدي، من صاحب الأمر؟" فقال: "ارفع الستار." فرفعته فخرج غلامٌ قامته خمسة أشبار، له جبينٌ مشرق ووجهٌ أبيض وعينان وكتفان عريضتان وركبتان بارزتان، وفي خدّه الأيمن خال وعلى رأسه ذوائب، فجلس على ركبة أبيه أبي محمد. ثم قال لي الإمام: "هذا صاحبكم." ثم قال الإمام للغلام: "يا بني، ادخل إلى الوقت المعلوم." فدخل الغلام وأنا أنظر إليه. فقال لي: "يا يعقوب، ادخل الغرفة وانظر من فيها." فدخلت فلم أر أحدًا [١٧]. كما روى أحمد بن إسحاق أنه رآه (عليه السلام) في زمن الإمام العسكري (عليه السلام) في سامراء [١٨].

مواضيع ذات صلة

الهوامش

  1. الموسوعة التاریخیة الاسلامیة الشیعیه، ج۱۳، صص۱۴۵ - ۱۴۶
  2. الحموی، یاقوت بن عبدالله، معجم البلدان، ج۳، ص۱۷۴
  3. قمی، محمدرضا: اماکن زیارتی و سیاحتی عراق، نشر مشعر، ۱۳۷۹. ص: ۷۰
  4. صحتی سردرودی، گزیده سیمای سامرا سینای سه موسی، ص116
  5. الحسیني الجلالي، مزارات أهل بیتعليه السلام وتاریخها، ص 141
  6. القمي، هدیة الزائرین، ص 97
  7. احسان مقدس، ص۳۱۲
  8. ابن‌ بابویه، ص ۴۹۴
  9. هئیة الموسوعة العربیه، الموسوعة العربیه، ج۱۰، ص۶۰۱
  10. هئیة الموسوعة العربیه، الموسوعة العربیه، ج۱۰، ص۶۰۱
  11. هئیة الموسوعة العربیه، الموسوعة العربیه، ج۱۰، ص۶۰۱
  12. یعقوبی، احمد بن ابی‌یعقوب، تاریخ الیعقوبی، ج۲، ص۴۷۸
  13. بنیاد دائرة المعارف اسلامی، دانشنامه جهان اسلام، ج۱، ص۵۲۰۶
  14. امین، حسن، دایرة المعارف الاسلامیة الشیعیه، ج۱۳، ص۱۴
  15. ناهض عبدالرزاق دفتر، سومر، «القبة الصلیبیة»، شماره ۵۳، ص۳۷۲
  16. الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، ج۱، ص۳۲۹
  17. الضدوق، محمد بن علی، الدین و تمام النعمه، ج۲، ص۴۰۷
  18. الصدوق، محمد بن علی، کمال الدین و تمام النعمة، ج۱، ص۳۸۴