انتقل إلى المحتوى

الشيعة في نيجيريا

من ویکي‌وحدت

الشیعة في نیجیریا هم الأقلّیة المذهبیّة الأکبر في قارّة إفریقیا، تُعدّ جمهوریة نیجیریا الاتحادیّة الواقعة في غرب إفریقیا، والبالغ عدد سکانها قرابة 170 ملیون نسمة، البلد الأکثر تعدادًا للسکان في هذه القارّة، ومن أکثر دول العالم ازدحامًا بالسکان، وهي أيضًا أکبر منتج للنفط في قارّتها، وتضمّ ترکیبة سکانیّة تشمل المسلمین في الشمال والمسیحیّین في الجنوب، وغالبیّة مسلمی هذا البلد من أتباع المذهب السنیّ على المذهب المالکی. في حین أن عدد السکان الشيعة في هذا البلد تضاعف عدة مرات خلال سنوات قلیلة، وتُعدّ مدينة زاریا، الواقعة في شمال البلد، والتی هی عاصمة ولایة کادونا، مکانًا لتجمع وتمرکز الشیعة، کما تُعتبر مدینتا لاغوس وکانو من المدن المهمّة للشیعة، وجزءٌ کبیر من هذه الزیادة فی عدد السکان لا یکون بسبب الإنجاب لدى شیعة هذا البلد، بل یشمل أولئک الذین کانوا یتبعون سابقًا مذهبًا أو دینًا آخر، ثمّ اعتنقوا المذهب الشیعيّ فيما بعد، وأصبحوا معروفین بـ "المستبصرین". وقبل عام 2000 میلادی، بالکاد کان یصل عدد الشیعة في هذا البلد إلی بضعة آلاف شخص، في حین أن عدد الشیعة في هذا البلد قدّر في السنوات الأخیرة بحوالي 12 إلی 14 ملیون شخص. وتتولّى قیادة شیعة هذا البلد مکتب الشیخ إبراهیم الزکزاکي، وقد أسّس هو وبالتعاون مع مجموعة قلیلة من الشباب المسلم في المراکز العلمیّة، وبمتابعة أخبار وتطورات الثورة الإسلامیّة وتأثّرًا بانتصار الثورة الإسلامیّة، طیفًا ثوریًا. وأدّى هذا النهج إلی وقوع منازعات بینهم وبین الأجهزة الأمنیّة، نتج عنها سجن قادة هذا التیّار مرّات عدیدة، وعلى مدار هذه السنوات، واجه شیعة نیجیریا التحدّی من اتجاهین: مجموعة المسیحیّین والمسلمین المتطرّفین من جهة، والجیش والمنظمات الأمنیّة النیجیریّة من جهة أخرى.

خلفية تاريخة لنيجيريا

إن الصورة العامة لمجتمع نیجیريا خلال العقود القلیلة الماضیة توضّح أن هذا البلد کان ساحة للحروب المذهبیّة بین الصوفیّة والشیعة والسنیّین والمسیحیّین. في القرن العشرین، وفي مواجهة آثار الصحوة الإسلامیّة في إحیاء الإسلام، تدخّلت الدول الغربیّة واهتمّت بـ "أفربة المسیحیّة" و"توطینها". وقبل ذلک، خلال فترة دخول الإسلام إلی قارّة إفریقیا وتقدّمه حتّى حدود نیجیریا، وأیضًا منذ أن المستعمرون قارّة إفریقیا، کانت نیجیریا دائمًا محلّ تقابل الإسلام والمسیحیّة في إفریقیا. لطالما سعت المسیحیّة، من خلال تقدیم خدمات متنوّعة، إلی جذب انتباه مسلمي دول قارّة إفریقیا، بما فیها نیجیریا. تقریبًا لم یکن هناك في أيّ فترة زمنیّة انسجام واستقرار بین المسلمین والمسیحیّین في نیجیریا، ووقعت دائمًا نزاعات کبیرة بین المسیحیّین والمسلمین حول قضایا ومواضیع متعدّدة، منها تطبیق الشریعة الإسلامیّة خلال السنوات الماضیة، مما أدّی إلی وقوع سلسلة من التوترات. وقد کان النزاع الدامی في شمال نیجیریا من أبرز الأخبار في إفریقیا منذ تسعینیات القرن العشرین. وفي خضمّ هذا، فإن شیعة نیجیریا، والذین لا یمتلکون سابقة وقاعدة تاریخیّة راسخة في هذا البلد، یواجهون تحدّیات من جبهتین: الجبهة الأولى هی جماعات المسیحیّین الذین لا یتقبّلون النهج الدینی للشیعة، والجبهة الثانیة هی الجماعات السلفیّة والتکفیریّة الناشطة في مجتمع نیجیریا، والتی تعتبر الشیعة العدوّ الأوّل لها، وترى النموّ السریع للشیعة خلال العقود الثلاثة الماضیة خطرًا جدیًا على مواقفها [١]. وفي العموم، فإن مسلمي نیجیریا من أتباع المذهب السنیّ المالکی یشکّلون غالبیّة المجتمع المسلم في نیجیریا، ولکن من الضروريّ الانتباه إلی أن الشیعة في نیجیریا هم أکبر مجتمع شیعي في إفریقیا، وأن "المستبصرین" یشکّلون 95% من شیعة نیجیریا. ومدینة کادونا هی أکبر المدن الشیعیّة في نیجیریا، ویمکن في هذه المدینة رؤیة الآثار والمبانی القدیمة التی تعود إلی القرن التاسع عشر میلادی، یعنی فترة دخول الإسلام إلی نیجیریا. وهذه المدینة تحظی باهتمام کثیر من وسائل الإعلام لأنّ کثیرًا من المکاتب الإسلامیّة التابعة لحرکة الشیعة الإسلامیّة في نیجیریا تقع في هذه المدینة. في الماضي، کانت هذه الحرکة صغیرة ومحدودة، ولکنّها الآن انتشرت وانضمّ إلیها کثیر من الأشخاص، وتحوّلت إلی حرکة کبیرة. لا یتمتّع شیعة نیجیریا بظروف اقتصادیّة وسیاسیّة واجتماعیّة مناسبة. ومع أن قیادة هذا التیّار تتمتّع بنوع من النفوذ والکاریزما، إلا أن عدم امتلاک قاعدة في هیکل السلطة في هذا البلد أحدث مشکلات وعقبات في طریق أنشطة الشیعة. ومن ناحیة أخرى، فإنّ انشغال جزءٍ کبیر من طاقة الشیعة ووقتهم بالمنازعات والخلافیات العقائدیّة مع المسیحیّین وجماعات أهل السنّة المتطرّفة، یضیق علیهم المجال أکثر من أيّ وقتٍ مضى.

العوامل المهيئة لنمو التشيّع

حسب الإحصاءات الرسمية، خلال السنوات 1955 إلى 1975 ميلادية، لم يكن هناك وجود للشيعة في نيجيريا، لكن بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، تم تعريف مدرسة أهل البيت بأسلوب مدهش في نيجيريا، ووجدت الكثير من الأتباع. يوجد الآن العديد من الأشخاص الذين كانوا سابقًا من أهل السنة ثم مالوا لاحقًا إلى مدرسة أهل البيت [٢]. وكان الشباب النيجيري يمتلكون القدرة للارتواء من معين الثورة الإسلامية وفكرها المناهض للاستكبار، كما أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية كانت لديها الاستعداد لنقل التعاليم الثورية إلى هؤلاء الشباب، وأدت هذه الظروف من جهة إلى تقريب الجانبين، ومن جهة أخرى أثارت مخاوف المعارضين العالميين والمنافسين الإقليميين لإيران، فشرعوا في شن حرب نفسية لعرقة تأثير الثورة الإسلامية في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك نيجيريا. بشكل عام، يمكن تلخيص العوامل المهيئة لمذهب أهل البيت في نيجيريا في النقاط التالية:

  • سابقة اهتمام الناس بموضوع المهدوية في شمال وغرب أفريقيا.
  • انتصار ثورة عثمان دان فوديو واستمرارها.
  • انتصار الثورة الإسلامية في إيران.
  • نمو وعي المسلمين في نيجيريا.
  • الأنشطة المنظمة في نشر مذهب أهل البيت من قبل محبي هذه المدرسة.
  • عودة الطلاب الدارسين للعلوم الإسلامية من الدول الإسلامية، خاصة إيران [٣].

لم تبقَ الحملات الدعائية المكثفة التي نظمتها الولايات المتحدة ضد الثورة وقادتها بفترة قصيرة بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، حبيسة إيران وقادتها فقط، بل طالت أيضًا كل المؤيدين لهذه الجمهورية الإسلامية الجديدة. وسرعان ما تعرض هؤلاء الشباب المؤيدون للثورة الإسلامية لحملة دعائية مضللة. أطلقت الوهابية على أنصار الثورة الإسلامية صفة "الشيعة". ومنذ ذلك الوقت حتى اليوم، عرفت الوهابية لنفسها مهمة تقديم الشيعة بين المسلمين الآخرين كمذهب من مذاهب اليهود لا علاقة له بالإسلام. وقد حظيت في هذا الإجراء بدعم من بعض الحكومات العربية والمنظمات السلفية المتطرفة الموجودة في هذه الدول. وكان نتيجة هذا المسار أن الحملة الدعائية المضللة ضد التشيع وكل ما يرتبط به، بدأت نشاطها على الساحة السياسية في وقت سبق وجود الشيعة كمعتقد ودين في نيجيريا أصلاً. الحقيقة أن أنصار الثورة الإسلامية في هذا الوقت وحتى أواخر تسعينيات القرن العشرين كانوا لا يزالون ضمن مسلمي أهل السنة، في الواقع، قبل أن يجذبهم مذهب التشيع، كانوا معجبين بشدة بالقيادة وتعاليم الثورة الإسلامية في إيران حول مكافحة الاستكبار والطاغوت والاستعمار والظلم، وقد تأثروا بأساسيات الفكر الثوري لما حدث في إيران أكثر من تأثرهم بالجانب الديني للثورة الإسلامية. خاصة أن فكرة تصدير الثورة الإسلامية من قبل قادة الثورة، كانت تتيح للشباب الثوري النيجيري فرصة الاستفادة من الدعم المعنوي والفكري للثورة الإسلامية [٤]. من الجدير بالذكر أنه بعد الحرب الأهلية في لبنان، دخل عدد من شيعة لبنان تدريجيًا إلى منطقة غرب أفريقيا، خاصة سيراليون ونيجيريا، واستقر جزء منهم في شمال هذا البلد في مدينة كانو، وشكلوا بعد فترة أقلية ملحوظة تبلغ حوالي 10 آلاف شخص [٥].

عدد سكان الشيعة في نيجيريا

من بين 55% من المسلمين، هناك حوالي 7 ملايين نسمة من الشيعة الإمامية. أيضًا، وفقًا لإحصاءات أخرى، فإن حوالي 5% من سكان نيجيريا، الذين يضمون بين 8 إلى 10 ملايين نسمة، يتبعون المذهب الشيعي، ويُعتبرون أكبر مجموعة شيعية في أفريقيا. ويشكل المستبصرون حوالي 95% من شيعة هذا البلد. دعاية الشيخ إبراهيم الزكزاكي، القائد البارز للشيعة في غرب ووسط أفريقا معروفة جيدًا، وهو يتمتع بشعبية نسبية في المجتمع الإسلامي في هذه المنطقة. اعتنق إبراهيم الزكزاكي المذهب الشيعي في السنوات الأولى للثورة الإسلامية، بعد أن قام برحلة إلى إيران، وبعد السكان الأصليين، هناك عدد من المهاجرين اللبنانيين الشيعة يعيشون أيضًا في نيجيريا. [٦]. ويوجد حوالي 10 آلاف من الشيعة اللبنانيين المهاجرين في شمال نيجيريا [٧].

أوضاع الشيعة في نيجيريا

لا يتمتع شيعة نيجيريا بوضع اقتصادي وثقافي جيد؛ [٨]. وهذا الأمر جذوره في المشكلات الهيكلية لنيجيريا، وكذلك في عدم ارتباط المجتمع الشيعي بالمؤسسات والهياكل الاقتصادية والحكومية. يواجه أتباع أهل البيت في الدول التي يعتبر فيها الشيعة أقلية، تهديدات من المنافسين والمعاندين من جهة، ومن الضعف والقصور الداخلي من جهة أخرى. عند دراسة الفرص والتهديدات التي تواجه الشيعة، هناك عدة نقاط تُؤخذ في الاعتبار كمسلّمات: النقطة الأولى: بناءً على الدراسات الميدانية وفحص الوثائق والمقابلات والكتب المتعددة، هي أن الشيعة في جميع دول غرب أفريقيا وخاصة نيجيريا هم أقلية. أقلية يشكل المستبصرون غالبية كبيرة منها.

النقطة الثانية: فيما يتعلق بالشيعة، هي أنه باستثناء المجتمع الشيعي غير الأصلي مثل اللبنانيين، فإن معظم أتباع مدرسة أهل البيت في غرب أفريقيا، وتحديدًا نيجيريا، يعيشون في ظل أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية صعبة، ويواجهون في الأساس ضغوطًا وتهديدات من تيارين؛ التيار الأول هو الحكومات العلمانية الحاكمة وأتباعها المسيحيين، والتيار الآخر هو بقية المسلمين، أي أهل السنة الذين يشكلون أغلبية المجتمع المسلم في هذه الدول.

النقطة الثالثة: النشاط الواسع للوهابية وجهاز الدعوة التابع لآل سعود في المنطقة، الذي يسعى بفضل رأس المال المالي الضخم إلى جذب المجتمعات غير المسلمة السنية وحتى الشيعية نحوها، هذا الفضاء الدعائي الوهابي يضيق الخناق على الشيعة أكثر فأكثر. هذه الظروف أدت في المقام الأول إلى صراع بين المسلمين. الصراع الرئيسي هو بين حركتي الشيعة والوهابية. هذان التياران يدعيان إحياء وتصحيح الدين في غرب أفريقيا. أسلوب الإصلاح لدى هذين التيارين متناقض بعمق. الوهابيون جامدون جدًا وغير مرنين ويقاومون العادات والتقاليد الأفريقية، التي تتميز بعمق بالتوسل والضراعة إلى العوامل الوسيطة؛ في المقابل، جوهر المذهب الشيعي ممزوج بالتوسل والتوسل، وهذا الجوهر يتناغم بعمق مع أسلوب حياة السكان الأصليين. تسعى الوهابية بجدية إلى دفع الدعوة الشيعية إلى اتخاذ موقف معاد للوهابية، لكي تسلب من الشيعة الفرص الجيدة. والنتيجة الخطيرة لهذه الصراعات هي منح فرصة للمسيحيين. يجب الاعتراف أنه في فضاء مثل غرب أفريقيا، حيث تبذل السعودية كل جهدها لإثارة صراعات مذهبية، فإن إبعاد الشيعة عن الوقوع في شرك الصراع أمر صعب، ولكن لا ينبغي نسيان أن نجاح الشيعة في غرب أفريقيا رهين بالابتعاد والوقاية من الصراع الطائفي وتقديم التشيع في قالب أفريقي.

في المرتبة التالية، وجود الجماعات التكفيرية التي تنظر بعينها المتطرفة والرجعية إلى الشيعة كمشركين خرجوا عن الدين ولا أمل في إصلاحهم. ومن الواضح أن هذه الجماعة الأخيرة تستهدف أكثر من أي شيء آخر حياة ووجود الشيعة في هذه المنطقة. جماعة "بوكو حرام" التكفيرية السلفية هي مثال واضح على مثل هذه التيارات، التي اعتدى مرات عديدة على شيعة نيجيريا، مما تسبب في أذاهم وإزعاجهم وعدم أمنهم. في المقابل، فإن وجود عدد كبير من المستبصرين، وتوفر ظروف نشر مذهب التشيع، ووجود الشيخ الزكزاكي كقائد كاريزمي، وتأثر الشيعة بالثورة الإسلامية، هي من النقاط الملحوظة في المجتمع الشيعي النيجيري.

قيادة الشيخ إبراهيم الزكزاكي

لعب وجود شخصيات شيعية مثل إبراهيم الزكزاكي في غرب أفريقيا دورًا مباشرًا ومؤثرًا في نشر الخطاب الشيعي في نيجيريا والنمو المذهل لعدد الشيعة في هذا البلد وحتى في الفضاء الأوسع أي غرب أفريقيا. يسافر الشيخ "إبراهيم بن يعقوب بن علي بن تاج الدين بن حسين الزكزاكي" في بداية الثورة الإسلامية إلى إيران بغرض البحث عن الحكومة الإسلامية، وفي هذه الرحلة يعتنق المذهب الشيعي، وبعد عودته إلى نيجيريا، يبدأ في الدعوة للشيعة بين سكان نيجيريا الأصليين.

أسس "الحركة الإسلامية للشيعة" لنشر المذهب الشيعي في نيجيريا. جهز الشيخ برامج دعوية واسعة، والآن بعد مرور ثلاثة عقود على نشاطه، تُقام برامج بمليونيات بحضور الشيعة في نيجيريا. ومن بين الطقوس التي تُقام في نيجيريا نتيجة لنشاط الشيخ الزكزاكي: مراسم أيام استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) خاصة في التاسوعاء وعاشوراء، والأربعين الحسيني، والمسيرات في يوم القدس العالمي. كانت شعبية وجاذبية ونفوذ قائد شيعة نيجيريا من أسباب قمع المعارضين لأتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) والاعتداء عليه وعلى عائلته. وهو قائد الحركة الإسلامية في شمال نيجيريا (الحركة الإسلامية لشيعة نيجيريا). من مواليد 1953، خريج اقتصاد من جامعة أحمدو بيلو في زاريا، وله تعليم ديني، وسابقة في تنظيم تظاهرات واحتجاجات مليونية أحيانًا، سُجن عدة مرات، ويعتقد بضرورة تغيير الوضع الحالي وتأسيس حكومة إسلامية. وهو يعتبر نفسه من أتباع عثمان دان فوديو والإمام الخميني (رحمه الله). في 12 ديسمبر 2015، اعتدى جنود نيجيريون على منزل السيد إبراهيم الزكزاكي قائد حركة شيعة نيجيريا، مما أدى إلى استشهاد نجله وعدد من أعضاء الحركة، واعتقلوه بعد أن أصيب بجروح بالغة في هذا الاعتداء.

دور المذهب في نيجيريا

المقصود هنا هو الخصائص السوسيولوجية لغرب أفريقيا التي تؤثر أيضًا الشيعة، وبالطع فإن المجتمعات الشيعية في هذه الدول، وخاصة نيجيريا، تتجه نحو هوية موحدة.

الأعراق والأجناس المختلفة

إحدى خصائص المجتمعات الأفريقية، وبشكل خاص غرب أفريقيا، وبطريقة أكثر تحديدًا نيجيريا، هي وجود قبائل وأعراق وأجناس مختلفة داخل الحدود الإقليمية لكل من هذه الدول. في الواقع، في ظل عملية بناء الأمة وتشكيل الدولة-الأمة حدثت بشكل غير كامل في هذه المجتمعات، تشكل القبائل عنصرًا مُكَوِّنًا للهوية للمجتمعات البشرية في هذه الدول. ربما تكون نظرة على الوضع العرقي في نيجيريا مقدمة جيدة لدراسة الموضوع المطروح. هناك آراء مختلفة حول عدد القبائل الموجودة في نيجيريا. البعض يذكر 250 قبيلة، والبعض الآخر 374 قبيلة، وإحصاءات أخرى تذكر 550 قبيلة، وأعلى إحصاء تم الإعلان عنه هو 619 قبيلة. تعد نيجيريا من أندر دول العالم من حيث التنوع العرقي، ويُعد هذا اللا تجانس العرقي من أهم مشاكل هذا البلد. قُدِّر عدد سكان قبائل نيجيريا من 100 شخص إلى حوالي 10 ملايين نسمة. من أهم قبائل هذا البلد: الهوسا والفولاني، واليوروبا، والإيبو (الإيغبو)، التيف، الإيغالا، الإيغبارا، النوبي، الإيجاو، الإيفيه والكانوري. المجموعات العرقية الرئيسية الثلاث في نيجيريا والتي تلعب دورًا أساسيًا في التطورات السياسية والاجتماعية لهذا البلد، هي:

الهوسا فولاني:

قبيلة الهوسا هي أكبر قبيلة في نيجيريا، تقطن في شمال هذا البلد وتتحدث بلغتها.

اليوروبا:

يعيش اليوروبا في ولايات الجنوب الغربي لاغوس، كوارا، أويو، أوسون، أوغون، أوندو وإيكيتي، ويتراوح عدد أفراد هذه القبيلة بين 40 إلى 45 مليون نسمة.

الإيبو أو الإيغبو:

لأن أفراد هذه القبيلة لم يكونوا مركزيين أو متحدين في أي وقت، فإن لهم ماضيًا غامضًا، ويتضمن 200 مجموعة مختلفة ومنفصلة عن بعضها البعض، وكثيرًا ما يتنازعون ويتقاتلون مع بعضهم البعض [٩]. مصدر آخر يقول: "يوجد في هذا البلد أكثر من 250 مجموعة عرقية أكبرها يبلغ عدد سكانها حوالي 40 مليونًا، وأصغرها حوالي 100 شخص. تشكل مجموعات الهوسا، الفولاني، اليوروبا، الكانوري، التيو، الإيدو، النوبي، الإيبو، والإيجاو مجتمعة حوالي 80% من إجمالي سكان هذا البلد. قوم الهوسا 21% وقوم الفولاني 9% (في الشمال)، وقوم اليوروبا 20% (في الجنوب الغربي)، وقوم الإيبو (في الجنوب الشرقي) وهم يشكلون 17% من إجمالي سكان البلد. وتشكل المجموعات الأصغر الثلث المتبقي من السكان." [١٠]. تكملة لهذه المقدمة، تجدر الإشارة إلى أن التوترات العرقية في هذا البلد، سواء في فترة الهيمنة الاستعمارية أو في فترة ما بعد الاستقلال، كانت دائمًا مصدرًا لأحداث وصراعات عنيفة. إلى جانب عوامل الاستعمار والتدخلات والتحركات الخارجية، تمتلك نيجيريا دائمًا الاستعداد والخلفية اللازمة لإثارة التوترات العرقية.

العنصر المكون للهوية

هذه الصورة العامة للوضع العرقي في هذا البلد توضح أن عنصري القبيلة والعرق يلعبان دورًا بارزًا في العلاقات الاجتماعية في هذا البلد، ولكن هذه ليست القصة كلها، النقطة الأهم هي الدور المكون للهوية لعنصر المذهب، الذي بالطبع يكن له نفس التأثير على كل جسم المجتمع في هذا البلد، ولكنه طرح الشيعة كمصطلح رئيسي استطاع أن يكون مُكَوِّنًا للهوية الشيعة في هذا البلد مقدَّمًا على عنصر العرق. في الواقع، فإن الشيعة في كثير من الأحيان قد وضعوا السمات القبلية والعرقية جانبًا إلى المشتركات المذهبية، وسعوا على الهوية الشيعية نحو تحقيق تجانس على المذهب المشترك.

تعزيز العلاقات الداخلية

من الواضح أنه كلما استطاع الشيعة في هذا البلد تعزيز دور هذه المشتركات في علاقاته الداخلية، سنشهد بركات وثمار أكثر لها بين أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام). إضافة إلى أن شيعة هذا البلد أصليون ومستبصرون، ونظرًا لتجربتهم المشتركة في الميل التشيع، فإنهم يولون اهتمامًا مضاعفًا للمذهب كعنصر رئيسي في تكوين الهوية. بشكل عام، يمكن الادعاء أن شيعة نيجيريا، تحت قيادة موحدة، يتجهون نحو أن يكون المذهب مقدَّمًا على العرق في منحهم الهوية.

تشكيل التنظيمات الشيعية

ما ساهم فعليًا في انتشار المذهب الشيعي وتعريف وسماع تعاليم هذه المدرسة في نيجيريا، هو نشاط قادة الشيعة بشكل منظم، أي بشكل تنظيمي. من أمثلة التنظيمات الشيعية في نيجيريا: الحركة الإسلامية النيجيرية، المؤسسة الشيعية "الحيدر"، مجموعة "حزب الله" في لاغوس، مؤسسة "إحسان"، مدرسة "أهل البيت"، وجماعة "الإمام الكاظم"، وغيرها... والتي وفرت الأرضية للعمل التنظيمي في هذا البلد. إلى هذه التنظيمات، يجب إضافة حسينية "بقية الله" في زاريا، والتي تعتبر مركزًا للتجمعات والعمل المنظم شيعة نيجيريا. ومن الضروري ذكر أن انتشار التشيع في نيجيريا كان أساسًا نتيجة لتشكيل "الحركة الإسلامية النيجيرية" بقيادة الشيخ الزكزاكي وبالدعم المعنوي من الجمهورية الإسلامية الإيرانية لهذه الحركة. تُعدّ بداية الحركات الدعوية الشيعية في هذا البلد ولها مكانة مهمة في الشيعة. توفر هذه التنظيمات طاقة هائلة أمام الشيعة للتخطيط والأنشطة الدعوية والدينية المنظمة، وفي ظلها يمكن العمل على حل مشاكل الشيعة. كما أن وجود مثل هذه المؤسسات ذات الهوية الشيعية يلعب دورًا مهمًا في منح الشيعة مكانة كأقلية المسلمين ومجتمع نيجيريا. بالإضافة إلى أنها يمكن أن توصل صوت مذهب التشيع إلى الكثيرين في هذا البلد، وتلعب دورًا في نشر هذا المذهب وجذب المزيد من الأفراد.

هيمنة الثقافة الدينية

أدى تركّز السكان المسلمين في شمال نيجيريا إلى انتشار الثقافة الدينية في هذه المنطقة، مما أدى إلى تعريف السكان في هذا الجزء بالتعاليم الدينية. على الرغم من عدم وجود انسجام مذهبي في شمال نيجيريا بين المسلمين، إلا أن وجود تيارات صوفية مثل الطائفتين المهمتين التيجانية والقادرية، بالإضافة إلى انتماء العديد من أهل السنة للمذهب المالكي - الذي لديه اختلافات أقل مع المسلمين الآخرين - يعني أن الشيعة لا يواجهون ظروفًا غير مواتية للغاية. إن وجود أغلبية مالكية، إلى جانب الطوائف الصوفية، بجانب أقلية شيعية تعدّ بالملايين في شمال نيجيريا، قد وفّر أرضية مناسبة للتحرك نحو ثقافة دينية قائمة على التسامح، وفي مثل هذا الفضاء، يتمتع الشيعة - بغض النظر عن التهديدات المحتملة والفعلية من قبل الحكومة والتيارات المسلحة الجهادية - بظروف جيدة للنشاط وتنفيذ تعاليم مدرسة أهل البيت. نقطة أخرى هي أن النفور من أنشطة المتطرفين الدينيين والسلفيين عامة المسلمين، وكذلك مع المبادئ العقائدية الأشعرية في نيجيريا مثل القضاء والقدر [١١].، قد وفّر أرضية مناسبة للشيعة للاستفادة من هيمنة الثقافة الدينية. إضافة إلى ذلك، فإن الطبيعة المتصوفة للإسلام في شمال نيجيريا نقطة أخرى يمكن للشيعة في هذا البلد الاستفادة منها بشكل ما. في الواقع، التشيع في هذا البلد مرتبط بطبيعة الحال بخصائص التصوف والطرق الصوفية، وأتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) يمكنهم من هذا المنظور أيضًا ممارسة نشاطهم في فضاء أكثر هدوءًا [١٢].

التهديدات التي تواجه شيعة نيجيريا

على الرغم من أن المجتمع الشيعي في نيجيريا شهد اتجاهًا نموًا من حيث عدد السكان في السنوات الأخيرة، إلا أن هذا الاتجاه معرض دائمًا لمخاطر وأضرار جسيمة. عوامل مثل الانقسام والخلاف المذهبي، والضعف الهوياتي، ومواجهة الحكومة والقوات العسكرية، وتأثير التيارات السياسية المتحالفة مع حكومة نيجيريا مثل الكيان الصهيوني والجماعات الإرهابية مثل بوكو حرام، تشكل جزءًا من التهديدات التي تواجه المجتمع الشيعي في نيجيريا.

الانقسام المذهبي

كما سبق ذكره، فإن المسلمين يقيمون في شمال نيجيريا والمسيحيين في جنوبها، وقد أدى التوزيع الجغرافي إلى تهيئة الأرضية للنزاع المذهبي في نيجيريا في سنوات ما بعد الاستعمار، وقد تحول هذا الانقسام المذهبي منذ سنوات إلى صراع سياسي في هيكل السلطة. منذ استقلال نيجيريا عام 1963، عاش المسلمون والمسيحيون جنبًا إلى جنب دون مشاكل تذكر، لكن سرعان ما غلب هشاشة العلاقات على كلا الطرفين الدينيين في البلد. وقد ذُكرت أسباب سياسية وثقافية واقتصادية واجتماعية مختلفة لصراعات أتباع الديانتين السماويتين، ولكن من بينها يمكن الإشارة إلى عدة حالات بارزة: التناقضات الثقافية والدينية والعرقية (حادثة مقتل 100 شخص في اشتباكات كفنشان في مايو 2000). الخلاف حول سيادة قانون الشريعة الإسلامية وإدراجه في الدستور. الخلاف حول كيفية انضمام نيجيريا إلى منظمة المؤتمر الإسلامي. تعد نيجيريا واحدة من أكبر دول العالم من حيث عدد المسلمين الخاضعين لقانون الشريعة الإسلامية، حيث أن أكثر من سبعين مليون مسلم في هذا البلد، في 13 ولاية من أصل 36 ولاية، ملزمون بالامتثال لقوانين الشريعة الإسلامية. خلال 60 عامًا من الحكم غير المباشر للاستعمار البريطاني على هذا البلد، مُنحت المؤسسات الإسلامية في الولايات الشمالية من البلاد حرية واستقلالية كبيرة. بعد الحصول على الاستقلال السياسي في عام 1960، وبما أن المسلمين شعروا بمكانتهم وموقعهم في الحكومة الفيدرالية النيجيرية على مستوى عالٍ، أخذت أهمية الشريعة في شمال البلاد في الانخفاض. أعطى الانقلاب العسكري في يناير 1966، الذي أدى إلى مقتل رئيس الوزراء المسلم من شمال نيجيريا، صدمة كبيرة للبلاد، وفي أعقاب ذلك، قرر مسلمو الشمال اتخاذ إجراء انتقامي، مما أدى إلى معركة استمرت ثلاثة أيام في عام 1967. في الواقع، لم تكن الحرب الأهلية المذكورة مناسبة بين المسلمين والمسيحيين، واستفاد الانفصاليون في شرق نيجيريا من ذلك. ومع توسع دور الحكومة الفيدرالية، استمر التمكين السياسي للمسلمين بينما تراجع النفوذ الثقافي والشرعية القانونية للمسلمين. طغت المؤسسات الحكومية الفيدرالية حتى عام 1970 على الأنظمة الإقليمية القديمة القائمة على القوة والمحاكم القانونية، وانخفض دور الإسلام في مجال القضاء. في تسعينيات القرن العشرين، استجاب مسلمو الولايات الشمالية من البلاد لتراجع المكانة والموقع السياسي والإسلامي في منطقة الشمال. على الفور تقريبًا، ومع إدراك المسلمين لتراجع قوتهم الوطنية، شعروا بنوع من فقدان الهوية الثقافية، وبالتالي من أجل استعادة الهوية الثقافية والدينية للمسلمين، أصبحت صيحة المطالبة بالشريعة الشعار الرئيسي للحركة الإسلامية المعاصرة وشملت واحدة تلو الأخرى جميع الولايات الشمالية للبلاد، وأصبح الهدف من الحركة الإسلامية الحالية هو إحياء الدور القانوني للإسلام على مستوى الولاية في البلد. ونتيجة لذلك، خلال السنوات القليلة الماضية، أخذت الولايات الشمالية في البلاد ترفع تدريجيًا صوت المطالبة بإقامة الشريعة الإسلامية رسميًا وقانونيًا في مناطقهم من الحكومة. ولكن في مرحلة تطبيق الشريعة، سواء من الناحية النظرية أو العملية، كانت ظروف الولايات في البلد مختلفة. في كثير من الحالات، كان يحدث أن لا تُنفّذ قوانين الشريعة بشكل صحيح، وفي غضون ذلك، كان عدم الجدية وعدم الالتزام الكامل بالحق يُعتبر المشكلة الأساسية. زادت المنافسات والصراعات الانتخابية قبل الانتخابات الرئاسية في نيجيريا في أبريل 2011 من التوترات السياسية والسياسية العرقية في البلد>

لحكومة العلمانية

الحكومة النيجيرية هي المؤسسة المسيطرة في هذا البلد، التي فرضت من خلال تنظيم وإنشاء أجهزتها النظام والتنظيم الذي تريده على المجتمع.

فرض النموذج العلماني

في مثل هذا الفضاء والنظام المسيطر، لا يحتل المسلمون والشيعة مكانة كمجموعة دينية. فرضت الحكومة التيار الفكري ونموذج الحياة الذي تريده، وهو النموذج العلماني، لضمان بقائها على الناس. علاقة على ذلك، فإن الحكومة، بسبب طبيعتها العلمانية، اتبعت سياسات مزدوجة في المناطق ذات الأغلبية المسلمة والمناطق ذات الأغلبية المسيحية، سياسات غذت الانقسام بين هذين الجزأين من المجتمع في مجالات التعليم والاقتصاد والثقافة، وزادت من تهميش الشيعة يومًا بعد يوم [١٣]. على الرغم من أن شيعة نيجيريا كانوا دائمًا يؤدون شؤونهم الدينية في الحسينيات والمساجد وبعيدًا عن التوترات والصراعات السائدة في نيجيريا، إلا أن الجيش النيجيري في فترات مختلفة اتهمهم بالسعي للإطاحة بحكومة نيجيريا. أدى تقارب الزكزاكي الشديد مع إيران وحزب الله اللبناني إلى وصول منتقديه في نيجيريا إلى قناعة بأن أعضاء الحركة تحت قيادته تلقوا تدريبات عسكرية. لكن قادة الحركة كانوا دائمًا ينفون هذا الاتهام وأكدوا مرارًا أن تدريبات أعضاء الحركة الإسلامية النيجيرية لم تكن أكثر من تدريبات للدفاع عن النفس.

تهميش الشيعة

نيجيريا، بينما تدعي محاربة الجماعة الإرهابية "بوكو حرام" وتحاول بتحالف دول غرب أفريقيا مثل بنين والنيجر وتشاد والكاميرون التظاهر بقيادة التحالف الأفريقي لمكافحة التطرف، فإنها بتهميشها لشيعة هذا البلد تمنع تزايد نفوذهم السكاني متزايد النمو. تولى محمد بخاري في 29 مايو 2015 زمام إدارة نيجيريا بشعار القضاء على جماعة بوكو حرام، وبدأ منذ البداية برحلات إلى الدول المجاورة حتى يتم في ظل التحالف تطهير غرب أفريقيا من رجس متطرفي بوكو حرام. ولكن يبدو أن محاربة جماعة مثل بوكو حرام، التي ترتكب أفعالاً شنعاء مثل خطف النساء والفتيات وقتل المدنيين العزل، ليست الهدف النهائي الوحيد للرئيس الجديد لنيجيريا، بل إنه جعل قمع الشيعة أيضًا على جدول أعماله. يمكن من خلال النظر إلى المواقع الإعلامية فهم التيار المعادي للشيعة المسيطر على البلد. بعض هذه المواقع تقدم الحركة الإسلامية الشيعية على أنها أكثر خطورة من بوكو حرام، وتدعي أن التشيع طائفة تسللت إلى جميع أركان الأمة المسلمة في نيجيريا ويجب من خلال إزالتهم من الوظائف الحكومية والتجارية منعهم من اكتساب القوة وارتباطهم بعالم السياسة. في هذه المواقع، يُشار إلى الطقوس الدينية مثل مراسم عاشوراء وحتى أعياد الشيعة كفرصة لتجمعهم وإثارة الفوضى [١٤]. إن حكومة نيجيريا، بسبب طبيعتها العلمانية بالأساس، لا تتقبل أي تيار ديني، وفي مثل هذه الظروف، يُعتبر الشيعة كتيار خارج إطار العلمانية في المجتمع السياسي النيجيري، ويُنظر إليهم كقوى مناهضة للسلطة المركزية، وحتى لو لم يحملوا السلاح ولم يحاولوا الإطاحة بالنظام السياسي، فإنهم يُعدون خطرًا كامنًا على مقربة من حكومة هذا البلد؛ لذلك تحاول الحكومة، مع السيطرة الكاملة على سلوك وتصرفات الشيعة، إلحاق الضرر بهذه الأقلية الدينية من خلال إيجاد ذرائع واهية، كما حدث في عام 2015 خلال مسيرة يوم القدس، مما أدى إلى استشهاد عدد من الشيعة وإصابة واعتقال الشيخ الزكزاكي قائد شيعة نيجيريا لاحقًا.

العلاقة مع إسرائيل

نقطة أخرى هي أنه بالتزامن مع اتجاه المجتمع النيجيري نحو التشيع، شعرت تيارات داخل البلد وخارجه بالخطر، وفي مقدمة هذه التيارات الكيان الصهيوني والحكومة الوهابية السعودية. فقد أبرمت إسرائيل اتفاقيات اقتصادية وأمنية عديدة مع الدول الأفريقية. فنيجيريا وحدها تستحوذ على نصف صادرات إسرائيل من الأسلحة إلى أفريقيا من الناحية العسكرية. بالإضافة إلى ذلك، استثمرت إسرائيل بكثافة في مجالات اقتصادية في نيجيريا مثل النفط والغاز والخدمات وغيرها، وتحقق أرباحًا طائلة من نيجيريا. وبناءً على ذلك، فإن إقامة حكومة في هذا البلد لا تحساس بالناحية تجاه إسرائيل تعتبر أولوية للكيان الصهيوني. ومن هذا المنطلق، وتحت ذريعة الحفاظ على أمن نيجيريا، تمكنت من توقيع اتفاقيات أمنية مع الحكومة النيجيرية أيضًا، تقوم بموجبها بتدريب القوات الأمنية النيجيرية. ونظرًا لأن الشيعة في العالم الإسلامي يظهرون حساسية أكبر تجاه احتلال الأراضي الفلسطينية وإقامة الكيان الصهيوني فيها، وقد ازداد هذا الأمر بعد الثورة الإسلامية في إيران، فإن إسرائيل تشعر بالخطر من النمو المتزايد للإسلام بخطاب الثورة الإسلامية الإيرانية في نيجيريا. وبناءً على هذا الأساس، لم تتصرف الأجهزة الأمنية والعسكرية النيجيرية بشكل مناسب مع أنصار هذا الخطاب في السنوات الأخيرة، وهددتهم في عدة مراحل حتى الآن. وقد تزايدت هذه الإجراءات خاصة مع إعلان موقف أنصار الزكزاكي في نيجيريا الداعم لفلسطين والمعادي لحكومة الكيان الصهيوني العنصري، لا سيما في إحياء يوم القدس العالمي. كان هجوم القوات العسكرية والأمنية النيجيرية على متظاهري يوم القدس العالمي في عام 2014 ميلادي إلى هذا الشعور بالخطر من قبل إسرائيل. هجوم استشهد فيه العديد من المسلمين من بينهم 3 من أبناء الشيخ إبراهيم الزكزاكي. أما الحكومة الوهابية السعودية، التي ترى أن انتشار مثل هذا الخطاب في أفريقيا يساوي انتشار نفوذ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فقد سعت، من خلال ضخ الأموال النفطية وإنشاء المدارس الوهابية، إلى التصدي - بزعمها - للاتجاه المتزايد نحو التشيع في نيجيريا. وكان حصاد هذا الإجراء من قبل الحكومة السعودية الوهابية، هو الولادة المشؤومة لظاهرة إرهابية - تكفيرية باسم بوكو حرام.

بوكو حرام

منذ أكثر من عقدين، وسعت الجماعات الإسلامية المتطرفة أنشطتها بشكل منظم في مختلف أنحاء القارة الأفريقية، مما أطلق موجة من التطرف في مختلف دول هذه القارة. بوكو حرام هي إحدى هذه الجماعات المتطرفة المتشددة التي تنشط في نيجيريا. الاسم الرسمي لبوكو حرام هو "جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد"[١٥].

تهديدات المجتمع الشيعي

لقد جعل نمو الإرهابيين السلفيين الحياة أكثر صعوبة على المجتمع الشيعي في نيجيريا. يرى الزكزاكي أن بوكو حرام هي نتاج الغرب، ويعتقد أنه لو لم يكن الغرب والتيارات الغربية موجودين في نيجيريا لما تشكلت بوكو حرام. التهديدات التي يشكلها بوكو حرام على المجتمع الشيعي في نيجيريا لها وجهان: الوجه الأول: إلى تقارب هذه الجماعة السلفية في السنوات الماضية مع القاعدة، وفي النصف الأول من العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين مع التيارات التكفيرية-الإرهابية لداعش، والتأثر الفكري والعقائدي لقادة وأعضاء بوكو حرام بهذين التيارين، فإن منهج هذه الجماعة المعادي للشيعة وتفسيرهم للشيعة كآخر مُكفَّر يؤدي حتمًا إلى تضييق الخناق على الشيعة من قبل بوكو حرام، وتنظر هذه الجماعة بالضرورة إلى الشيعة كعدو عقائدي يشكل خطرًا على الإسلام السلفي. أما الوجه الثاني فيرجع إلى الدعاية الإعلامية للغرب والحكومة العلمانية في نيجيريا في إطار "الإسلاموفوبيا" من جهة، والعمل ضد الشيعة كتيار إسلامي من جهة أخرى. كما يتضح من تجربة العشرين سنة الماضية، فإن حكومة نيجيريا لا تملك الإرادة للقضاء الكامل على بوكو حرام، بل على العكس تحاول من خلال تقديم هذه الجماعة كممثل للإسلام السياسي، ممارسة الضغط على كل التيار الإسلامي في نيجيريا، ونظرًا لأن الشيعة لم يتبعوا أبدًا منهج المواجهة المسلحة مع الحكومة، فإنهم في موقف أضعف وأكثر عرضة للخطر. دعونا لا ننسى أن غالبية السكان المسلمين في نيجيريا يتركزون في شمالها، وأن الضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمارسها الحكومة على مسلمي هذه المنطقة تحت ذريعة الخوف من الإسلام السياسي، تزيد بالطبع على المجتمع الشيعي في هذا البلد الذي يتركز في المنطقة الشمالية.

الضعف الهوياتي

ربما يمكن اعتبار السمة الرئيسية للقارة الأفريقيا في القرن الماضي هي الاستعمار، وأوضح صورة يمكن تصورها للسنوات الأخيرة في هذا البلد، هي آثار وبقايا استعمار القرون الماضية في الهيكل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي لدول هذه القارة.

تحول الهوية في أفريقيا

يمكن اعتبار الهوية أحد جوانب القارة الأفريقية المتغيرة، التي due إلى الأحداث والوقائع الثقافية والاجتماعية الخارجية، لم تستطع في جزء كبير من هذه القارة الوصول إلى معنى وهيكل جديدين. يرتبط وقوع أفريقيا في مجموعات هويات جديدة بعوامل خارجية، فجزء من هذه المجموعات الهوياتية هو إرث الاستعمار، والبعض الآخر ناتج عن دخول الثقافات الدينية إلى المجتمع الأفريقي، حيث يعتبر الإسلام والمسيحية ومؤخرًا الثقافة الشيعية من بين العناصر المؤثرة على الهوية الأفريقية. في أفريقيا قبل هذه التحولات، كان الأفارقة ينقسمون إلى قبائل، ومجموعات قرابة، وطبقات اجتماعية (نبلاء، عبيد، إلخ) ومهنية (حداد، حرفي، مزارع، راعٍ، إلخ)، وكان الفرد يكتسب هويته في كنف هذه المجموعات. لكن التحولات التي حدثت، أي الاستعمار والتغلغل الثقافي غير الأصلي، شجع الاعتماد على أشكال هوياتية جديدة. [١٦]. يبدو أن هذا التحول في النماذج الهوياتية لدى الأفارقة ينبع من ثلاثة أسباب رئيسية: احتياجات الإدارة الاستعمارية التي كانت بحاجة إلى خلط البنية الاجتماعية والاقتصادية والمحلية والسعي لتعريف هوية عرقية بناءً على الحداثة المستوردة. رغبة المجموعات التي اعتنقت ديانات غير أصلية في التمسك بإطار هوياتي جديد ومستقل. محاولة الحكومات الناشئة في مرحلة ما بعد الاستعمار لخلق مجتمع متجانس من خلال إرساء هوية وطنية [١٧].

التهديدات الثقافية الداخلية والخارجية

نيجيريا نموذج للمجتمعات الأفريقية التي كانت العرقية والقومية والدين كثلاثة هياكل رئيسية للمطالبة بالتعبئة في العقود الأربعة الماضية. دخول وانتشار التشيع في هذا البلد والترحيب بهذا الدين في نيجيريا، وإن حدث بسرعة ملحوظة، إلا أن النقل الكامل لتعاليم هذه الثقافة واجه عوائق، مما جعل تشكيل هوية شيعية مستقلة أيضًا يواجه مقاومة وعقبات. الشيعة، الذين من الطبقات الدنيا والأقل تعليمًا في المجتمع، يواجهون تهديدات داخلية وخارجية في مواجهة ما نسميه هنا "الثالوث الثقافي". التهديد الداخلي من منظور أنهم إلى العوائق الهيكلية والثقافية من جهة، والضعف الموجود في النقل الصحيح للتعاليم العقائدية الشيعية واختلاطها بالتقاليد الخرافية والمحلية المتاحة من جهة أخرى، يواجهون مشاكل في تعريف هوية حقيقية ومستقلة وقائمة على المعتقدات الشيعية. والتهديد الخارجي هو أن المجموعات الدينية الأخرى والحكومة قد تفاعلت ضد تشكيل مثل هذه الهوية الدينية الشيعية. يتضاعف هذا التهديد الخارجي إلى التمييز الديني من قبل الحكومة من جهة، ووجود الجماعات الإسلامية المتطرفة من جهة أخرى. المشكلة الأساسية للشيعة في مجتمع نيجيريا هي أن وقوعهم في الهوية الوطنية يحول بينهم وبين الوصول إلى الأسس العقائدية والدينية. من ناحية أخرى، لا تستطيع الهوية العرقية أيضًا تلبية مطالبهم الدينية والسياسية والاقتصادية.

تصادم الثقافات الفرعية

مشكلة أخرى للشيعة في الوصول إلى هيكل هوياتي هي تصادم الثقافات الفرعية العرقية واللغوية مع هويتهم الشيعية. نتيجة مثل هذه الظروف هي أن الاعتماد على الهوية الدينية يزيد من قدرة المواجهة الهوياتية مع الحكومة، والمجموعات الدينية الأخرى، والمواقف العرقية. ربما يمكن القول إنه إلى هذه الصراعات الأعراق والأديان والمجموعات السياسية، ساد جو من التوتر على مجتمع نيجيريا في العقود الأخيرة، مما منع شعب هذه المنطقة من الاستقرار والتحرك في مسار التنمية والتقدم. في الواقع، المشكلة الرئيسية في هذا الإطار ولشعب نيجيريا بشكل عام والشيعة بشكل خاص، هي تصادم الثقافة الأصلية وغير الأصلية ومطالب ومصالح التيارات الثقافية، التي تخلق مع ضعف الوصول إلى الهوية المطلوبة، حاجزًا أمام الاستقرار والهدوء السياسي والاجتماعي في هذا البلد، وأدت أحيانًا إلى صراعات دموية. هذه الصراعات الهوياتية من الشكل الذي أعلن فيه مواكيكا جيل في مقدمة كتاب "السياسات العرقية في كينيا ونيجيريا" أن عدم السيطرة عليها سيؤدي إلى تدمير أفريقيا. في شمال نيجيريا، الأغلبية من عرق الهوسا-الفولاني، ومعظمهم من المسلمين، لكن سكان الحزام الأوسط لنيجيريا مسلمون ومسيحيون ولديهم ثقافة ولغة متميزة عن الشمال، والنظام التقليدي للشمال قائم على نظام الإقطاع، بينما لأهل الحزام الأوسط نظام مساواتي [١٨]. علاقة على ذلك، هناك تطور غير متوازن في مناطق نيجيريا المختلفة، مما يتحدى هذه الخصائص الهوياتية. يبدو الشمال، ذو الأغلبية المسلمة، أقل تطورًا، بينما الجنوب، ذو السكان الأقل، أكثر تطورًا، والشرق يرى حضورًا كبيرًا للنخب في الحكومة المركزية [١٩].

تصادم الهوية السياسية والثقافية

كل هذه القضايا تؤدي إلى تصادم الهوية السياسية والهويات الثقافية، وقد حولت المطالبة بهوية ثقافية مستقلة، خاصة في إطار المعتقدات الدينية وكما هو مهتم بين الشيعة، النزاعات الهوياتية إلى أحد المصادر المهمة للصراعات السياسية العنيفة. في غضون ذلك، لم يحدث بعد أن أصبحت الهوية الدينية قيمة في المجتمع النيجيري. علاقة على ذلك، يعتبر الآخرون السعي للوصول إلى مثل هذه الهوية سعيًا غير مشروع. في مثل هذه الظروف، فإن ضعف هوية الشيعة في غرب أفريقيا بشكل عام ونيجيريا بشكل خاص، ناتج في الواقع عن انشغال التجمعات الشيعية بالثالوث الهوياتي. يشمل هذا الثالوث الهوية الوطنية، والهوية العرقية، والهوية الدينية، التي لها احتكاكات وتعارضات متنوعة وأحيانًا متناقضة مع بعضها البعض. مثل هذه الظروف تجعل تعريف إطار هوياتي والوصول إليه من قبل تجمع الشيعة يواجه مشاكل وعقبات. الهوية الوطنية، على سبيل المثال في نيجيريا، تقوم على قيم استعارتها الحكومة من الحداثة. للهويات العرقية جذور في تقاليد سكان هذه الأرض منذ مئات السنين، والهوية الدينية، خاصة بين الشيعة، إلى حداثة عهد هذا التجمع وعمرهم الذي يقل عن أربعة عقود، ترتبط بتعاليم دينية وإلهية كان سكان هذه المنطقة من العالم أقل دراية بها سابقًا. في مثل هذه الظروف، يواجه المواطن النيجيري الذي اعتنق المذهب الشيعي ولديه قاعدة عرقية محددة، ثالوثًا هوياتيًا، حيث أن الميل نحو أي واحد يخلق تناقضات داخله. بشكل عام، أيضًا، يواجه أتباع المذهب الشيعي كجماعة أقلوية هذه التناقضات. الحكومات الحديثة، الحكومة العلمانية في نيجيريا، تميل كثيرًا نحو التوحيد وتعريف هوية موحدة داخل النسيج الوطني، وتحاول إضفاء الشرعية على جنسية واحدة لجميع المجموعات العرقية والدينية، وتسجيل الهوية الوطنية فقط على أوراق تعريف الفرد. في الواقع، هذه الحكومات لا تتقبل الهوية المتعددة وهكذا تُعتبر الهوية الدينية وحتى العرقية كقوى معادية للمركز، وتضع تحت الضغط، خاصة الشيعة الذين يسعون لتعريف هوية دينية مستقلة لأنفسهم. الإكراهات القانونية، والإلزام العرقي والتقليدي، والميول العقائدية، تضع هذه الجماعة عند مفترق طرق هوياتي، نتيجه غير محددة. يمكن اعتبار هذا الثالوث الهوياتي والتناقضات الموجودة تهديدًا للتجمع الشيعي في نيجيريا، تُحمّل عليه عوامل أخرى الحكومة، والمجموعات الدينية الأخرى، وكذلك الجذور التقليدية والعرقية، وتخلق مصائب لهذا التجمع حديث العهد. مخرجات مثل هذا الفضاء هي سيطرة ظروف الأزمة والصراع على المجتمع. جزء كبير من هذه التوترات والعنف في العقود الأخيرة في نيجيريا المسلمين والحكومة، والشيعة وبوكو حرام، والحكومة والشيعة، والحكومة وبوكو حرام، والمسلمين والمسيحيين، إلخ، له جذور في التناقضات الهوياتية التي سعت كل من هذه الأجهزة والجماعات لتعريفها وقاومت من أجلها.

الهوامش

  1. مصاحبه با حجت‌الاسلام‌والمسلمین فلاح زرومی، نماینده المصطفی در‌ نیجریه‌.
  2. احمدی نوحدانی، سیروس‌، قوم‌شناسی‌ سیاسی‌ آفریقا، انتشارات صنم، تهران ۱۳۸۶
  3. کیبا، محمدرضا، سرزمین و مردم نیجریه، ص۳۰۹
  4. شکیبا، محمدرضا، سرزمین و مردم نیجریه، ص۷۴-۷۳
  5. شکیبا، محمدرضا، سرزمین و مردم نیجریه، ص۳۰۸‌
  6. گزارش معاون ارتباطات و بین‌الملل از کشور نیجریه، ص۲۱
  7. نیم نگاه، جستاری در معرفی‌ کشور آفریقایی نیجریه، ص۱۰
  8. جعفریان، رسول، اطلس‌ شیعه‌، ص۵۶۴
  9. جمهوری فدرال نیجریه، دفتر مطالعات سیاسی و بین‌المللی وزارت امورخارجه، ص۹۵
  10. شکیبا، محمدرضا، سرزمین و مردم نیجریه، ص۲۵
  11. مقیمی‌فر، محمود، نیجریه، ص۳۷
  12. حسینی، سیده‌ مطهره‌، شیعیان‌ و فرصت‌ها و چالش‌های حضور آنان در آفریقا، ص۵۴
  13. شهریاری‌، ابوالقاسم و دیگران، «بررسی بسترهای شکل‌گیری و رشد رادیکالیسم اسلامی در نیجریه»، ص۲۰۵
  14. مصاحبه‌ نگارنده با حجت‌الاسلام‌والمسلمین فلاح زرومی‌، نماینده‌ جامعه‌ المصطفی در نیجریه
  15. .Ogpaga، Adagba & Ugwu Sam Chijioke & Okechukwo Innocet، “Activities of Boko Haram and Insecurity Question in Nigera” Arabian Journal of Business And Management Review (OMAN Chapter)، Vol ۱،
  16. احمدی نوحدانی، سیروس‌، قوم‌شناسی‌ سیاسی‌ آفریقا، ص۱۸۳‌-۱۸۲
  17. Khadijat، Rashid، K. Ethnicity and Subnationalism in Nigeria: Movement for a Mid-West State in African Studeis، Vol ۴۶، No ۲. .
  18. احمدی نوحدانی، سیروس‌، قوم‌شناسی‌ سیاسی‌ آفریقا، ص۱۹۲)
  19. Khadijat، Rashid، K. Ethnicity and Subnationalism in Nigeria: Movement for a Mid-West State in African Studeis، Vol ۴۶، No ۲.

المصدر