انتقل إلى المحتوى

مؤتمر مكانة تقريب المذاهب في العصر الحديث

من ویکي‌وحدت
مراجعة ٢١:٥٣، ١٥ ديسمبر ٢٠٢٥ بواسطة Halimi (نقاش | مساهمات)

مؤتمر دراسة مكانة التقريب بين المذاهب في الظروف الراهنة، عنوان مؤتمر عقد بمناسبة أسبوع البحث العلمي، وبمبادرة من معهد الدراسات التقريبية، وتحدث فيه كل من: حجة الإسلام والمسلمين الدكتور حميد الشهرياري، الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، وآية الله محسن الأراكي، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، وآية الله سعيد وعظي، عضو [[جماعة المدرسين في حوزة قم العلمية]]، وحجة الإسلام والمسلمين أحمد المبلغي، عضو مجلس خبراء القيادة، وقد انعقد هذا المؤتمر يوم السبت الموافق 22 من شهر آذار/ديسمبر، المصادف 22 جمادى الآخرة، في قاعة المؤتمرات بمعهد الدراسات التقريبية، وكان يهدف هذا المؤتمر العلمي إلى تبيين مكانة التقريب بين المذاهب في الظروف الراهنة، وتقديم حلول علمية وعملية لتعزيز الوحدة الإسلامية، بحضور مفكرين وأساتذة وعلماء من العالم الإسلامي.

كلمة الأمين العام للمجمع

وقد تحدث حول محاور مهمة جدا وصرّح من خلال كلماته:

الشعب الإيراني نموذج للإسلام العالمي

صرح حجة الإسلام والمسلمين الدكتور حميد شهرياري، الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية: "إن الشعب الإيراني بجميع أعراقه ومذاهبه يقف موحدًا وأصبح نموذجًا للعالم الإسلامي". وأشار إلى التطورات الأخيرة في المنطقة وتجربة التماسك الوطني، قائلاً: "أظهرت الحرب المفروضة لمدة 12 يومًا أن الشعب الإيراني، المكون من جميع الأعراق والمذاهب، يقف متحدًا إلى جانب بعضه البعض في مواجهة العدو. وهذا فخر كبير لنظام الجمهورية الإسلامية الذي استطاع، رغم الجهود الواسعة لأعداء الإسلام لخلق انقسامات مذهبية وطائفية، الحفاظ على وحدة وتماسك الأعراق والمذاهب". وأضاف: "إن النضج الفكري والشجاعة المعرفية التي أظهرها الشيعة وأهل السنة في إيران والعالم الإسلامي، تشكل نموذجًا جذابًا للعالم الإسلامي؛ نموذجًا يوضح أنه يمكن التعايش السلمي جنبًا إلى جنب، والحوار حول الحقيقة، وفي نفس الوقت الصمود والمقاومة أمام أعداء الإسلام".

خطوات جديدة في طريق التقريب

وأشار الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية إلى المحاور المطروحة في هذا المؤتمر قائلاً: "تم تناول موضوعات هذا المؤتمر من قبل أربعة متحدثين، وتركز النقاش بشكل رئيسي على مفهوم وإمكانية ومعنى التقريب بين المذاهب، والظروف الراهنة للعالم الإسلامي، وسُبل تعزيز وتطوير خطاب التقريب. كما تم توضيح كيفية أن تعزيز خطاب الحقيقة يمكن أن يساعد في اتخاذ خطوات جديدة على طريق التقريب". وتابع الدكتور شهرياري بالإشارة إلى الإجراءات الأخيرة للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية قائلاً: "عقد مؤتمرات إقليمية في المحافظات ذات التنوع العرقي في البلاد، وكذلك في بعض الدول الإسلامية، كان من بين الإجراءات المهمة للمجمع في السنوات الأخيرة. والحمد لله، لقد تطور فكر التقريب في العالم الإسلامي، لدرجة أن التيارات التي كانت حتى قبل بضع سنوات تسعى لتعزيز خطاب التكفير، تقوم اليوم بتنظيم مؤتمرات للوحدة تحت عناوين مثل 'بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية'". وفي الختام، وصف هذا المسار بأنه دليل على نجاح المشروع الفكري والحضري للجمهورية الإسلامية، مؤكدًا: "إن انتشار هذا النهج في دول مثل مصر والمملكة العربية السعودية وتركيا، هو إنجاز كبير يوضح أن خطاب التقريب استطاع تجاوز الحدود وأصبح مطلبًا جادًا في العالم الإسلامي"

كلمة آية الله محسن اراكي

وقد اشار سماحته إلى نقاط مهمة جدّا ومنها:

مسألة التقريب مسألة حفظ الامة الاسلامية

تحدث آية الله محسن اراكي، عضو المجلس الاعلى للحوزات العلمية، في هذا المؤتمر، مع تقديره وشكره لجهود القائمين على المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية لتنظيم هذا المؤتمر والجلسات العلمية، وواكد على ضرورة الحفاظ على الوحدة والتقريب في المجتمع الاسلامي، قائلا: "مسألة التقريب هي مسألة حفظ الامة الاسلامية. وهناك محوران حول هذه المسألة: المحور الاول فردي، بمعنى ان لكل فرد في المجتمع واجبا يجب ان يقوم به. لكن عمل الفرد هو مقدمة لعمل وتشكيل المجتمع، ولذلك، فإن اساس عمل الانبياء -صلى الله عليهم اجمعين- منذ بدء الخليقة وحتى اليوم، كان تشكيل المجتمع المسلم؛ اي المجتمع الذي يقبل بحكم الله، ويطبق فيه هذا الدين، وهو الحكم الالهي"." حيث يقول الله تعالى في القران الكريم: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي اوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى ان اقيموا الدين ولا تتفرقوا ...) [الشورى–13]. يبين الله تعالى في هذه الاية بوضوح ان الدين امر مشترك بين جميع انبياء الله، وكان هدفهم الرئيسي اقامة الدين ومنع التفرق فيه، لذلك، من زمن نوح وابراهيم وموسى وعيسى (عليهم السلام) الى النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله)، جميعهم اكدوا على اصل واحد، وهو اقامة الدين في المجتمع. واقامة الدين هذه تعني اقامة نظام يكون حكم الله محوره، ويدار المجتمع على اساسه، وبدون هذه النظرة، يتحول الدين الى مستوى من الطقوس الفردية ويبتعد عن هدفه الاصلي".

النظرة الاممية الى مسألة الاسلام

اذا نظرنا الى مسألة الاسلام بنظرة اممية، لا يوجد اختلاف كبير بين المسلمين، جميعنا نقول: يجب ان يحكم الاسلام. جميعنا نؤمن بالتوحيد. وجميعنا نعتبر القران والسنة النبوية مصدر ديننا. فيما يتعلق بنظام الاسلام الاجتماعي، فالاختلافات محددة جدا وليست من النوع الذي يمنعنا من العيش معا او تشكيل مجتمع واحد". واضاف: "دستور جمهورية ايران الاسلامية مصمم بشكل يتوافق مع اسس جميع المذاهب الاسلامية. هذا يظهر انه من الممكن تصميم نظام قانوني واجتماعي مشترك على اساس الاسلام. حتى في المسائل الفقهية والتكاليف الفردية، يمكن التصرف بطريقة تحفظ ارضية التعايش والوحدة. لان اختلاف الاراء بين المجتهدين امر طبيعي وموجود في جميع المذاهب الاسلامية. اختلاف الاراء بين المجتهدين ليس حصرا على مذهب واحد؛ كما انه توجد اختلافات بين فقهاء الشيعة، توجد ايضا اختلافات فقهية بين فقهاء اهل السنة. هذه الاختلافات ليست باي حال من الاحوال بمعنى اننا لا نستطيع العيش مع بعضنا البعض او لا نستطيع العبادة الى جانب بعض. نحن امة واحدة، واختلاف الراي الفقهي لا يمنع تحقق الامة الواحدة". "حدث في عدة مناسبات اني تصدرت الامامة في صلاة الجماعة لجماعة من اهل السنة، وهذا يظهر انه يمكن حفظ الوحدة العملية مع الحفاظ على الاسس الفقهية. ما يهم هو النظرة الاممية الى الاسلام. اذا كانت نظرتنا اممية، فإن كثيرا من الاختلافات يتلاشى وتبزغ القضايا الاساسية للامة الاسلامية. يجب ان نرى الاسلام كحقيقة واحدة؛ اسلام هدفه تشكيل مجتمع الهي مسلم لحكم الله".

النظرة الاممية: من موسى الى الامة المحمدية

كان موسى (عليه السلام) طموحا حيث تمكن من انشاء مجتمع توحيدي. قصة موسى وهارون من اهم النماذج التي ذكرها القران الكريم لفهم مسألة الامة والوحدة. بعد ان ازيح فرعون ونجا بنو اسرائيل من سيطرته، وقع موسى (عليه السلام) في ظروف تهيئ مقدمات اقامة الحكم الالهي. بامل تحقق مجتمع اياهي، ذهب موسى (عليه السلام) الى طور سيناء لاستلام الشريعة. تصور موسى (عليه السلام) انه الآن وقد زال العدو واصبح المجتمع مستعدا، يمكن ان يستمر حكم بني اسرائيل الالهي الى قيام الساعة. كانت هذه النظرة نوعا من الطموح الالهي؛ طموح لتحقيق حكم الله كاملا على الارض. طلب موسى من الله ان يثبت هذا المجتمع كمجتمع ناجح واهلي؛ مجتمع يشمل رحمة الله في الدنيا والاخرة. في الاجابة، يطرح الله مسألة الرحمة ويفرق بين الرحمة العامة والرحمة المكتوبة. الرحمة العامة الالهية تشمل الجميع، لكن الرحمة المكتوبة والمسجلة هي رحمة اذا نزلت على قوم فانها تستمر. لهذه الرحمة المكتوبة شروط خاصة؛ يبين الله تعالى لاحقا صفات القوم الذين تشملهم رحمة الله المكتوبة، وهذه الصفات في النهاية ترتبط باتباع رسول الله (صلى الله عليه وآله). يؤكد القران الكريم ان هذا النبي هو نفسه الرسول الامي الذي ذكر اسمه وعلاماته في التوراة والانجيل، ورسالته هي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحليل الطيبات ورفع الاغلال عن الناس". وبناء على هذه الايات، فإن الحكم الالهي النهائي الذي من المقرر ان يستمر الى نهاية التاريخ، سيتحقق في امة النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله)، وليس في الامم السابقة. هذا هو نفس الوعد الذي اعطاه الله في الزبور وغيره من الكتب السماوية بان الارض ستيرثها العباد الصالحون. عندما ذهب موسى (عليه السلام) الى الميقات لاستلام الشريعة، زل بنو اسرائيل في غيابه واتجهوا الى عبادة العجل، وهذا في حين انه قد جهد سنين لانقاذهم من الشرك والظلم. كانت هذه الحادثة اختبارا عظيما لامة بني اسرائيل واظهرت ان حفظ الامة في ظروف الازمة يتطلب تدبيرا وصبرا".

الدور الحيوي التاريخي لعلماء التقريب

العديد من العلماء، من بينهم الاية الله البروجردي، والامام الخميني، والامام الخامنئي، والاية الله السيستاني، ومراجع اخرين، اكدوا دائما على ضرورة التقريب بين المذاهب. اظهر هؤلاء الكبار ان التقريب بين المذاهب ليس شعارا، بل مسؤولية واقعية وضرورية لحفظ وحدة وتماسك الامة الاسلامية". كثير من علماء اهل السنة، على الرغم من انهم قد يبدون في الظاهر متوافقين مع بعض الجريانات الفكرية المتطرفة، الا انهم في الحقيقة مهتمون بالتقريب وحفظ وحدة الامة. تظهر هذه التفاعلات ان الارضية للعمل المشترك والتقريب بين المذاهب موجودة، ويكفي الا تضخم الخلافات الفقهية والتاريخية كعامل مختلف".

"يقام في بعض الاعلامات (الوسائل الاعلامية) انشطة غير متوافقة مع هدف التقريب بين المذاهب، وتسبب في العمل التفرق بين الامة الاسلامية. يؤكد العلماء الكبار انه يجب الحذر من مثل هذه الانشطة الاعلامية وتعزيز وحدة ومنطق الامة الاسلامية دائما".

"اعداء العالم الاسلامي لا يفرقون بين الشيعة والسنة. اذا وقعت فلسطين او اي منطقة اسلامية اخرى تحت سيطرة العدو، فستكون تاثيراتها على جميع المسلمين. اي ضربة توجه الى مجتمع اهل السنة ستؤثر في النهاية على مجتمع الشيعة ايضا، وبالعكس. لذلك، فالامة الاسلامية هي كائن واحد بقدر مشترك".