صلاة الجماعة

من ویکي‌وحدت

صلاة الجماعة: وهي من الصلوات المستحبة المؤکدة التي قد تجب حسب الشرائط حتی قال النبي(ص): «لا صلاة لمن جاره المسجد إلا في المسجد» واريد بالمسجد صلاة الجماعة. والمقصود من هذا العنوان بيان أحکام فقهية تطبيقية بين الإمامية والمذاهب الاخری خصوصاً الشافعية و الحنفية.

صلاة الجماعة

الاجتماع في فرائض اليوم والليلة عدا فريضة الجمعة سنة مؤكدة. [١]. وليست بواجبة بلا خلاف بين الإمامية والحنفية والمختار من مذهب الشافعي.
وقال أبو العباس بن سريج[٢] وأبو إسحاق[٣]: هي من فروض الكفايات.
وقال داود[٤]: إنها من فروض الأعيان.
واستدل الإمامية بما روى نافع[٥] عن ابن عمر أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال: ( صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرون درجة )، فاضل صلى الله عليه بين صلاة الجماعة وصلاة الفذ والتفاضل إنما يصح في المشتركين في الشئ فلو كانت صلات الفذ غير مجزية لما وقعت المفاضلة فيها. [٦]
وأيضا الأصل براءة الذمة وشغلها بإيجاب الاجتماع يحتاج إلى دليل.
" ومن شرط انعقاد الصلاة جماعة الأذان والإقامة "[٧]
وقال الشيخ في نهايته وفي جمله وعقوده وفي مبسوطه: بوجوبهما على الرجال في صلاة الجماعة[٨]، دليله طريقة الاحتياط و اليقين لبراءة الذمة.
وأن يكون الإمام عاقلا مؤمنا بلا خلاف عدلا[٩]، خلافا للشافعي وأبي حنيفة فإنهما يقولان: إمامة الفاسق وولد الزنا جائزة وإن كانت مكروهة لما رووه عنه ( عليه السلام ): صلوا خلف كل بر وفاجر. [١٠]
ودليل شرط العدالة للإمام قوله تعالى: «ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار»[١١] والفاسق ظالم والاقتداء به ركون إليه، وهو منهي، فيكون معصية وأيضا فالفضل معتبر في باب الإمامة على ما دل عليه سياق قوله ( عليه السلام ): ( يؤمكم أقرأكم ) وإذا ثبت ذلك وكان الفسق نقصا عظيما في الدين، لم يجز تقديم الفاسق على العدل التقي، وأما ولد الزنا فمقطوع على عدم عدالته في الباطن وإن أظهر خلاف ذلك[١٢] وما روي من قوله ( صلى الله عليه وآله ) صلوا خلف كل بر وفاجر معلوم أنه من الأحاديث المفتريات عقلا، لأن تقديم الفاسق على العدل تقديم المفضول على الفاضل.
" ولا يصح الإئتمام بالأبرص والمجذوم والمحدود والزمن والخصي والمرأة إلا لمن كان مثله، دليله إجماع [[الإمامية[[ وطريقة الاحتياط.
ويكره الإئتمام بالأعمى والعبد ومن يلزمه التقصير، ومن يلزم‍ [ - ه ] الإتمام والمتيمم إلا لمن كان مثلهم.
وإذا حضر جماعة لهم الصفات التي ذكرناها للإمامة فالأولى بالتقديم رب القبيلة، أو البيت، أو المسجد، فإن لم يكن فأقرأهم، فإن تساووا فأفقههم، فإن تساووا فالهاشمي فإن تساووا فأكبرهم سنا وهذا لا خلاف فيه.
وأقل ما تنعقد به الجماعة - لا الجمعة - اثنان، يقف المؤتم منهما عن يمين الإمام ".[١٣] كما أقام رسول الله ابن عباس حيث صلى معه، وإن كان اثنين اصطفا خلفه كما صلى بعلي وجعفر وإن كانت معهما امرأة وقفت خلفهما كما وقفت خديجة[١٤] خلف علي وجعفر.
ويلزم أن يقتدي بالإمام عزما وفعلا.
ولا يقرأ عند الشيعة وعند أبي حنيفة خلف الإمام خلافا للشافعي فإنه قال: يقرأ[١٥] لقوله ( عليه السلام ): ( لا صلاة إلا بالقراءة ) [١٦]
والدليل علی عدم جواز القراءة قوله ( عليه السلام ): ( الإمام ضامن ) [١٧]، فإذا ضمن الإمام برئت ذمة المضمون عنه من القراءة فلا يجب عليه وقوله ( عليه السلام ): ( من كان له أمام فقراءة الإمام له قراءة ) [١٨] وروي أنه لا يقرأ في الأوليين من كل صلاة ولا في الغداة، إلا أن يكون في صلاة الجهرة وهو لا يسمع قراءة الإمام فأما الأخريان وثالثة المغرب فحكمه حكم المنفرد.[١٩] والأول هو الأظهر والأشهر في الروايات.
" ويستحب أن يقدم في الصف الأول الخواص وبعدهم العوام والأعراب، وبعدهم العبيد وبعدهم الصبيان وبعدهم النساء "[٢٠]، لقوله ( عليه السلام ): ( خير صفوف الرجال أولها وشرها أخرها وشر صفوف النساء أولها وخيرها آخرها )، ثم قال ( عليه السلام ): ( أخروهن من حيث أخرهن الله ). [٢١]
ولا يجوز أن يكون بين الإمام وبين المأموم حائل ولا بين الصفين ما لا يتخطى مثله من مسافة أو بناء أو نهر. [٢٢] وقال الشافعي إذا كان الحائل في مسجد واحد صح. [٢٣]
والدليل علی عدم جواز الحائل أن الحائل مانع من الإئتمام فلا تكون صلاته جماعة.
وإن صلى خارج المسجد وليس بينه وبين الإمام أو الصفوف المتصلة حائل صحت صلاته إذا لم يكن بعيدا منهم[٢٤]. والطريق ليس بحائل وبه قال الشافعي لأن الأصل الجواز والمنع يحتاج إلى دليل. [٢٥] وقال أبو حنيفة: الطريق حائل.
وإذا كان بين المأموم والصف حائل يمنع الاستطراق والمشاهدة لم تصح صلاته، سواء كان حائط المسجد أو حائط داره لأن الحائل مانع من الاجتماع فلا يكون جماعة وفاقا للشافعي وخلافا لأبي حنيفة فإنه قال: كل هذا ليس بحائل إذا علم صلاة الإمام. [٢٦]
والماء بين الإمام والمأموم ليس بحائل إذا لم يكن بينهما ساتر لأن كونه حائلا يحتاج إلى دليل ولا دليل عليه في الشرع. وفاقا للشافعي وخلافا لأبي حنيفة.[٢٧]
ومن دخل المسجد ولم يجد له مقاما في الصفوف، أجزأه أن يقوم وحده، محاذيا لمقام الإمام، وانعقدت صلاته[٢٨]، وذلك لا خلاف فيه بين الإمامية وبين الشافعية والحنفية ".[٢٩]
و دليل من خالف هؤلاء ما روي أن أبا بكر[٣٠] دخل المسجد وهو يلهث، فوجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) راكعا، فركع خلف الصف، ثم دخل في الصف، فلما فرغ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال: من أحرم خلف الصف، فقال: أنا فقال: زادك الله حرصا ولا تعد فلو لم تكن صلاته منعقدة لأمره بإعادتها، ونهيه عن العود يحتمل أن يكون عن العود إلى التأخر عن الصلاة، أو عن دخول المسجد وهو يلهث، لأن المصلي مأمور بأن يأتي الصلاة وعليه السكينة والوقار.
ومن أدرك الإمام راكعا فقد أدرك الركعة بلا خلاف، فإن سبقه بركعة حول ثانية الإمام له أولة، فإذا جلس الإمام للتشهد، جلس مستوفزا ولم يتشهد، فإذا نهض الإمام إلى الثالثة، نهض معه إليها وهي له ثانية، فقرأ الحمد وسورة لنفسه على رواية والأظهر أنه لا يقرأ، فإذا ركع الإمام ركع بركوعه وسجد بسجوده، و [ إذا ] نهض الإمام إلى الرابعة جلس وتشهد تشهدا خفيفا ولحق الإمام قائما، وركع بركوعه وسجد بسجوده، فإذا جلس الإمام للتشهد الأخير، جلس هو مستوفزا فإذا سلم نهض وتمم الصلاة، لما روي من قوله ( عليه السلام ): ( إذا أقمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا ) وحقيقة الإتمام في إكمال ما تلبس به، والقول بأن ذلك قضاء لما فات ترك لظاهر الخبر. [٣١] خلافا لمن قال: إن ما أدركه آخر صلاته ويقضي ما فاته من أولها.
يجوز أن يقتدي المتنفل بالمفترض والمفترض بالمتنفل، والقاضي بالمؤدي والمؤدي بالقاضي وفاقا للشافعية، لما روى جابر[٣٢] قال: كان معاذ[٣٣] يصلي مع رسول الله العشاء ثم ينصرف إلى موضعه في بني سلمة فيصليها بهم وهي له تطوع ولهم مكتوبة. [٣٤] وخلافا للحنفية لأن عندهم لا يصلي المفترض خلف المتنفل لأنه أدنى حالا.
لا يجوز أن يكون الإمام موضعه أعلى من موضع المأموم إلا ما لا يعتد به، وأما المأموم فيجوز أن يكون أعلى منه، وقال أبو حنيفة: إن كان موضع الإمام أعلى من القامة منع وإن كان قامة فما دونها لم يمنع، وقال الشافعي: إن أراد تعليم الصلاة جاز أن يصلي على الموضع المرتفع ليراه من وراءه فيقتدي به وإلا فالمستحب أن يكونوا على مستو من الأرض. [٣٥]
ليس من شرط صلاة المأموم أن ينوي الإمام إمامته، وفاقا للشافعي، وقال أبو حنيفة: ينوي إمامة النساء ولا يحتاج أن ينوي إمامة الرجال.
ودليل الإمامية والشافعي أن الأصل براءة الذمة وكون هذه النية واجبة يحتاج إلى دليل، وروي عن ابن عباس أنه قال: بت عند خالتي ميمونة[٣٦]، فقام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فتوضأ، ووقف يصلي، فقمت وتوضأت، وجئت فوقفت على يساره، فأخذ بيدي فأدارني من ورائه إلى يمينه ومعلوم من النبي أنه ما كان نوي إمامته. [٣٧]

المصادر

  1. الغنية : 87 .
  2. أحمد بن عمر ، البغدادي ، أخذ الفقه عن أبي القاسم الأنماطي، توفي سنة ( 303 ) . طبقات الشافعية الكبرى للسبكي : 3 / 21 رقم 85 .
  3. إبراهيم بن أحمد بن إسحاق المروزي الفقيه الشافعي أقام بغداد دهرا طويلا ثم ارتحل إلى مصر في آخر عمره فتوفي بها سنة ( 340 ه‍ ) . وفيات الأعيان : 1 / 26 الرقم 3 .
  4. بن علي أبو سليمان بن خلف الإصبهاني المشهور المعروف بالظاهري . مولده بالكوفة سنة ( 202 ه‍ ) توفي ببغداد سنة ( 270 ) ودفن بالشونيزية . وفيات الأعيان : 2 / 255 الرقم 223 .
  5. مولى ابن عمر ، أبو عبد الله كان ديلميا توفي سنة ( 117 ) . وفيات الأعيان : 5 / 367 رقم 756 .
  6. الخلاف : 1 / 541 مسألة 279 .
  7. الغنية : 87 .
  8. النهاية 64 ، الرسائل العشر : ص 190 ، المبسوط : 1 / 95 .
  9. الغنية 87 .
  10. اللباب في شرح الكتاب : 1 / 79 ، الهداية في شرح البداية : 1 / 57 .
  11. هود : 113 .
  12. الغنية 88 .
  13. الغنية 88 .
  14. خديجة بنت خويلد زوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، أول امرأة تزوجها ، كانت قبل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تحت أبي هالة بن زرارة ، وبعده خلف عليها عتيق بن عابد ، وكانت وزيرة صدق على الإسلام كان يسكن إليها ، توفيت قبل الهجرة بخمس سنين ودفنت بالحجون ، كان عمرها ( 65 ) سنة . أسد الغابة: 6 / 78 رقم 6867 .
  15. الهداية في شرح البداية : 1 / 56 ، الوجيز : 1 / 42 .
  16. نصب الراية : 2 / 492 .
  17. الغنية : 87 .
  18. سنن البيهقي : 2 / 531 حديث 2971 .
  19. الغنية 88 .
  20. الغنية 88 .
  21. نصب الراية : 2 / 45 .
  22. الغنية 88 .
  23. الخلاف : 1 / 556 مسألة 300 .
  24. الخلاف : 1 / 556 مسألة 302 .
  25. الخلاف : 1 / 557 مسألة 303 .
  26. الخلاف : 1 / 557 مسألة 304 .
  27. الخلاف : 1 / 558 مسألة 306 .
  28. الغنية 89 .
  29. التذكرة : 4 / 249 مسألة 549 .
  30. عبد الله بن عثمان بن عامر القريشي التيمي ، أبو بكر بن أبي قحافة ، واسم أبي قحافة عثمان ، وكان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة . هو أول خليفة كان في الإسلام كانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال مات سنة ( 13 ه‍ ) ، وهو ابن ( 63 ) سنة . أسد الغابة : 3 / 205 رقم 3064 .
  31. الغنية : 89 - 90 .
  32. ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري الخزرجي، أبو عبد الله ، أبو محمد المدني ، مات سنة ( 78 ) . تهذيب الكمال : 4 / 443 رقم 871 .
  33. بن جبل الأنصاري الخزرجي ، أبو عبد الرحمن المدني ، مات سنة ( 17 ) . تهذيب الكمال : 28 / 105 رقم 6020 .
  34. الخلاف : 1 / 546 مسألة 284 .
  35. الخلاف : 1 / 563 مسألة 314 .
  36. بنت الحارث بن حزن الهلالية ، اسمها برة فسماها النبي ( صلى الله عليه وآله ) ميمونة ، كان قبل النبي ( صلى الله عليه وآله ) عند أبي رهم بن عبد العزى تزوجها رسول الله بسرف وبنى بها في قبة لها ، ماتت بسرف سنة ( 51 ) . الإصابة : 8 / 126 رقم 11779 .
  37. الخلاف : 1 / 565 مسألة 317 .