النكاح

من ویکي‌وحدت

النكاح: النكاح مستحب مؤكد لمن يمكنه فعله، ولا يخاف بتركه الوقوع في محرم وإلا وجب. قال الله تعالى: «فانكحوا ما طاب لكم من النساء» [١]؛ «وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم»[٢]. وأقل مراتب الأمر الاستحباب، وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «من رغب عن سنتي فليس مني، وإن من سنتي النكاح».[٣] فقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) بطريق أهل البيت (عليهم السلام) أنه قال: «ما استفاد امرء مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة تسره إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله».[٤] وللنكاح في الفقه الإسلامي شروط و أحكام سنذکرها تطبیقاً علی فقه الإمامية و الشافعية و الحنفية.

كتاب النكاح

نحتاج أولا أن نبين من يحرم نكاحه، ثم نبين أقسام النكاح المباح وشروطه، والأسباب الموجبة لتحريم الوطئ بعد صحة العقد، وما يتعلق بذلك كله من الأحكام، فنقول: من يحرم العقد عليهن على ضربين: أحدهما يحرم على كل حال، والثاني يحرم في حال دون حال.

المحرمات بالنسب والرضاع

فالضرب الأول المحرمات بالنسب. وهنّ ست: الأم وإن علت، والبنت وإن نزلت، والأخت، وبنت الأخ والأخت وإن نزلتا، والعمة والخالة وإن علتا، بلا خلاف.
والمحرمات بالرضاع، وهن ست أيضا كالمحرمات بالنسب، إلا أن الراضع من لبن المرأة يحرم عليه كل من ينتسب إلى بعلها بالولادة والرضاع، ولا يحرم من ينتسب إلى المرأة إلا بالولادة دون الرضاع. ولا يقتضي التحريم الرضاع إلا بشروط: منها: أن يكون سن الراضع والمرتضع من لبنه دون الحولين. [٥]
إذا حصل الرضاع المحرم، لم يحل للفحل نكاح أخت هذا المولود المرتضع بلبنه، ولا لأحد من أولاده من غير المرضعة ومنها، لأن الإخوة والأخوات بمنزلة أولاده. وخالف جميع الفقهاء في ذلك. [٦]

نشر حرمة الرضاع

وتنتشر حرمة الرضاع إلى أم المرضعة والفحل، فيصير الفحل بالمرضع، وأبوه جده، وأمه جدته وأخته عمته، وأخوه عمه وكل ولد له فهم إخوة لهذا المرضع، وبه قال علي (عليه السلام)، وابن عباس، وفي الفقهاء مالك و أبو حنيفة و الشافعي وأحمد، وذهب قوم إلى أن لبن الفحل لا ينشر الحرمة، ولا يكون من الرضاع أب، ولا عم، ولا عمة، ولا جد، ولا أخ لأب. ولهذا الفحل أن يتزوج التي أرضعتها زوجته وهم ابن عمر وابن الزبير وربيعة بن أبي عبد الرحمن[٧] أستاد مالك، وحماد بن أبي سليمان[٨] أستاد أبي حنيفة، وابن علية[٩] وهو أستاد الأصم، وأهل الظاهر وهم داود وشيعته.
لنا مضافا إلى إجماع الإمامية ما روي عن علي (عليه السلام) أنه قال: يا رسول الله هل لك في ابنة عمك بنت حمزة فإنها أجمل فتاة في قريش؟ فقال (عليه السلام): أما علمت أن حمزة[١٠] أخي من الرضاعة، وأن الله حرم من الرضاعة ما حرم من النسب.
وما روي عن عائشة، أنها قالت: دخل علي أفلح أخو أبي القعيس[١١] فاستترت منه، فقال: تستترين مني وأنا عمك؟ فقلت: من أين؟ فقال: أرضعتك امرأة أخي قلت: إنما أرضعتني امرأة ولم يرضعني الرجل، فدخلت على رسول الله فحدثته، فقال: إنه عمك فليلج عليك. وهذا نص في المسألة، فإنه أثبت الاسم و الحکم. [١٢]
والرضاع إنما ينشر الحرمة إذا كان الولد صغيرا، وإن كان كبيرا لم ينشر الحرمة، وبه قال عمرو بن العاص[١٣] و ابن عباس و ابن مسعود و أبو حنيفة و الشافعي ومالك وغيرهم. وقالت عائشة: رضاع الكبير يحرم كما يحرم رضاع الصغير، وبه قال أهل الظاهر. [١٤]
لنا على ما قلنا من أن سن الراضع والمرتضع من لبنه يجب أن يكون دون الحولين، بعد إجماع الإمامية قوله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة} [١٥] لأن المراد إثبات الرضاع الشرعي، الذي يتعلق به الحرمة، بدليل أنه لا يجوز أن يريد الرضاع اللغوي، لأنه ينطلق على ما يحصل بعد الحولين وقبل تمامهما، ولا يريد نفي جوازه دونهما، أو بعدهما، لأن ذلك جائز بلا خلاف، ولا نفي الكفاية بدونها، لأن الكفاية قبل تمامها قد تحصل بلا شبهة، فلم يبق إلا ما قلناه.
ومن شروط تحريم الرضاع: أن يكون لبن ولادة لا درّ[١٦] خلافا لـ الشافعية و الحنفية فإن في الخلاصة أن الصغيرة إذا خرج من ثديها وسنها دون سن الحيض لا يتعلق به الحرمة وإن بلغت سن الحيض فنزل لها لبن تعلقت به الحرمة وإن لم تسبق ولادة.
وفي البداية: وإذا نزل للبكر لبن فأرضعته صبيا تعلق به التحريم. [١٧]
لنا بعد إجماع الإمامية قوله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن}[١٨] ومن لا ولد لها من النساء لا يطلق عليها اسم الوالدة فلا يتعلق برضاعها ولبنها حكم.
ومنها أن يكون مما ينبت اللحم ويشد العظم، بأن يكون يوما وليلة، أو عشر رضعات متواليات، عند بعض أصحابنا، وعند بعضهم خمس عشرة رضعة، والأول أحوط، كل رضعة منها تروي الصبي لا يفصل بينهما برضاع امرأة أخرى، بلا خلاف بين أصحابنا، ولا يثبت الرضاع بقول المرضعة، بل يفتقر ثبوته إلى بينة عادلة. [١٩]
القدر المعتبر في الرضاع أن يكون في مدة الحولين، فإن وقع بعضه خارجا عنها لم يعتبر. وقال الشافعي: إن وقع أربع رضعات في الحولين والخامسة بعدهما لم ينشر الحرمة. وبه قال أبو يوسف ومحمد. والمدة عند مالك حولان وشهر، وعند أبي حنيفة حولان ونصف: ثلاثون شهرا. وقال زفر ثلاثة أحوال. [٢٠]
وأما عدد الرضعات، فاختار الشيخ خمس عشرة رضعة. وقال الشافعي لا يحرم إلا خمس رضعات مفترقات، وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن الرضعة الواحدة أو المصة الواحدة ولو كان قطرة تنشر الحرمة، وبه قال مالك.
لنا ما روي عن النبي (عليه السلام) الرضاعة من المجاعة، يعني ما سد الجوع. وقال (عليه السلام): الرضاع ما أنبت وشد العظم. [٢١]
والرضعة ما يشربه الصبي حتى يروي ولا تعتبر المصة. وقال الشافعي: المعتبر في الرضعة العادة فما يسمى رضعة اعتبر، ولم يعتبر أيضا أن لا يدخل بينهما رضاع امرأة أخرى، بل قال: لا فرق بين أن يدخل بينهما ذلك وأن لا يدخل. [٢٢]
إذا أوجر اللبن في حلقه، ووصل إلى جوفه، لم يحرم. وكذا إذا سعط باللبن حتى يخرج إلى جوفه لم ينشر الحرمة وفاقا لداود وعطاء في المسألتين وخلافا للشافعي ولباقي الفقهاء. وكذا إذا حقن المولود باللبن. وللشافعي فيه قولان: أحدهما ما قلناه وهو قول أبي حنيفة، والآخر أنه ينشر. وبه قال محمد. وكذا إذا شيب اللبن بغيره ثم سقي، غالبا كان اللبن أو مغلوبا، وشيب بجامد أو مايع، مستهلك، كان أو غير مستهلكا بدلالة قوله تعالى: {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم}[٢٣] وهذه ما أرضعت.
وقال الشافعي: إنما ينشر الحرمة إذا تحقق وصوله إلى جوفه، مثل أن حلبت في قدح وصب عليه الماء، واستهلك فيه، فشرب كالماء نشر الحرمة، لأنا تحققنا وصوله إلى جوفه، وإن وقعت قطرة في جب من الماء فإنه إذا شرب بعض الماء لم ينشر الحرمة، لأنا لا نتحقق وصوله إلى جوفه إلا بشرب الماء كله. قال أبو حنيفة: إن كان مشوبا بجامد لم ينشر الحرمة، سواء كان غالبا أو مغلوبا وإن كان مشوبا بمايع نشر الحرمة إن كان غالبا، ولم ينشرها مغلوبا.
وقال أبو يوسف ومحمد: ينشر إن كان غالبا نشرها ولم ينشرها إن كان مغلوبا مستهلكا، والجامد والمائع سواء.
قالوا: فإن شيب بلبن امرأة أخرى، فالمولود عند أبي يوسف وأبي حنيفة ابن لمن غلب لبنها. وقال محمد: هو ابنهما معا. [٢٤]
ولو ارتضع بعض الرضعات حال حياتها وتمامها بعد مماتها لا ينشر الحرمة لأنه لا دليل عليه وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة وأصحابه ومالك: لبنها كما هو في حال حياتها. [٢٥]
إذا كانت له زوجة مرتضعة، فأرضعتها من يحرم عليه بنتها انفسخ النكاح بلا خلاف، ولا يلزمه شئ من المهر إذا لم يكن بأمره ولأنه لا دليل عليه. وقال الشافعي: يلزمه نصف المهر قياسا على المطلقة. [٢٦]
إذا كانت له زوجة كبيرة لها لبن من غيره، وله ثلاث زوجات صغار لهن دون الحولين، فأرضعت منهن واحدة بعد واحدة، فإذا أرضعت الأولى الرضاع المحرم، انفسخ نكاحها ونكاح الكبيرة، فإذا أرضعت الثانية، فإن كان دخل بالكبيرة انفسخ نكاح الثانية، وإن لم يكن دخل بها فنكاحها بحاله، لأنها بنت من لم يدخل بها، فإذا أرضعت بعد ذلك الثالثة، صارت الثالثة أخت الثانية، من رضاع، وانفسخ نكاحها ونكاح الثانية، وبه قال أبو حنيفة و الشافعي في القديم. وقال في الأم: ينفسخ نكاح الثالثة وحدها، لأن نكاح الثانية كان صحيحا بحاله، وإنما تم الجمع بينهما وبين الثانية بفعل الثالثة، فوجب أن ينفسخ نكاحها. يدل على المسألة قوله (عليه السلام): يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. [٢٧]
ولا تقبل شهادة النساء عند الإمامية إلا ما استثني. وقال أبو حنيفة لا تقبل منفردة إلا في الولادة. وقال الشافعي: تقبل على الانفراد في أربعة مواضع: الولادة والاستهلال و الرضاع والعيوب تحت الثياب. [٢٨]
ومن هذا الضرب من المحرمات أمّ المعقود عليها[٢٩]، وبه قال ابن عباس و ابن مسعود وجميع الفقهاء إلا أن للشافعي فيه قولين، ورووا عن علي (عليه السلام) أنه قال: لا تحرم الأم بالعقد وإنما تحرم بالدخول. [٣٠] لنا ما رووه من قوله (عليه السلام): من نكح امرأة ثم ماتت قبل الدخول لم تحل له أمها، وهذا نص.
ومن هذا الضرب أيضا بنت المدخول بها، سواء كانت في حجر الزوج أو لم تكن، بلا خلاف إلا من داود فإنه قال: فإن كانت في حجره حرمت وإلا فلا، ظنا منه أن قوله تعالى: {اللاتي في حجوركم}'[٣١] شرط في التحريم، وليس ذلك شرطا، وإنما هو وصف لهن، لأن الغالب أن الربيبة تكون في حجره.
ومن هذا الضرب أم المزني بها وابنتها، فهو الظاهر من مذهب أصحابنا والأكثر من رواياتهم. [٣٢]
وروي أنه لا يتعلق به تحريم نكاح ويجوز له أن يتزوج أمهاتها وبناتها وهو المروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وابن عباس وبه قال مالك والشافعي، وبالرواية الأولى قال أبو حنيفة وأصحابه وأحمد.
وقال أبو حنيفة: لو نظر إلى فرجها بشهوة، أو قبّلها، أو لمسها فهو كما لو زنى بها، قال: ولو قبّل أم امرأته بشهوة حرمت عليه امرأته[٣٣]، ولو قبّل رجل زوجة ابنه بشهوة انفسخ نكاحها.
والذي يدل على الأول المروي من الأخبار فيه، وقوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم}[٣٤] {وأحل لكم ما وراء ذلكم}[٣٥]، وقوله (عليه السلام) الحرام لا يحرم الحلال، وهذا عام، والذي يدل على الثاني طريقة الاحتياط و الأخبار المروية في ذلك. [٣٦]
وتحرم على الابن زوجة الأب وأمته المنظور إليها بشهوة، بلا خلاف من أصحابنا، وعلى الأب زوجة الابن أيضا وأمته المنظور إليها بشهوة، ومن أصحابنا من قال: الموطوء، والأول أحوط. [٣٧]
وفي كتاب الخلاف: اللمس بشهوة مثل القُبلة واللمس إذا كان مباحا أو بشبهة انتشر التحريم، وتحرم الأم وإن علت، والبنت وإن نزلت. وبه قال أكثر أهل العلم: أبو حنيفة ومالك وهو المنصوص للشافعي. [٣٨]
وإذا نظر إلى فرجها، تعلق به تحريم المصاهرة. وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي: لا يتعلق به ذلك. ويدل على المسألة بعد إجماع الفرقة ما روي عن النبي (عليه السلام) أنه قال: لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها. وقال (عليه السلام) من كشف قناع امرأة حرمت عليه أمها وبنتها. [٣٩]
ويحرم على كل واحد من الأب والابن العقد على من زنى بها الآخر، خلافا لهم ويخص التحريم على الابن قوله تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء}[٤٠] لأن لفظ النكاح يقع على العقد والوطئ معا.
وتعلق المخالف بما يرويه من قوله (عليه السلام) الحرام لا يحرم الحلال، غير معتمد لأنه خبر واحد، ثم إنه مخصوص بـ الإجماع، ويحمل على مواضع. منها: أن وطئ المرأة في الحيض حرام ولا يحرم ما عداه من الحلال هاهنا. ومنها: أن الزنا بالمرأة لا يحرم والتزويج بها إذا تابت. ومنها: أن وطئ الأب لزوجة ابنه والابن لزوجة أبيه حرام ولا يحرم من الزوجة ما كان حلالا.
ويحرم العقد على الزانية وهي ذات بعل أو في عدة رجعية ممن زنى بها، وعلى أم الغلام الموقب وأخته وابنته ممن لاط به[٤١]، وخالف جميع الفقهاء في ذلك. [٤٢]
ويحرم أيضا على التأبيد المعقود عليها في عدة معلومة أو إحرام معلوم، والمدخول بها فيهما. [٤٣]
إذا تزوجها في عدتها مع الجهل بتحريم ذلك، ودخل بها فرق بينهما، ولا تحل له أبدا. وبه قال عمر ومالك و الشافعي في القديم. وخالف باقي الفقهاء في ذلك، فقالوا تحل له بعد انقضاء عدتها. وهو مذهب أبي حنيفة و الشافعي في الجديد. [٤٤]
وإذا تزوجها في عدتها مع العلم ولم يدخل بها فرق بينهما، ولا تحل له أبدا، وبه قال مالك. وخالف جميع الفقهاء. [٤٥]
وإذا تزوجها في حال إحرامها جاهلا، ودخل بها، فرق بينهما، ولم تحل له أبدا. وكذا إن كان عالما ولم يدخل بها. وخالف جميع الفقهاء فيهما. [٤٦]
وكذا المطلقة للعدة تسعا ينكحها بينها رجلان لم تحل له أبدا، وهو إحدى الروايتين عن مالك. وخالف باقي الفقهاء في ذلك. [٤٧]
وكذا الملاعنة والمقذوفة من زوجها وهي صماء أو خرساء[٤٨]، وفاقا للشافعي في الملاعنة، وخلافا لهما في المقذوفة الصماء أو الخرساء، فإن عندهما لا يتعلق اللعان بها[٤٩]، وفي البداية: وإذا تلاعنا لا تقع الفرقة بينهما حتى يفرق الحاكم وتكون الفرقة تطليقة بائنة عند أبي حنيفة ومحمد وهو يخطبها إذا أكذب نفسه. وقال أبو يوسف تحرم عليه أبدا. [٥٠]
يدل عليه قوله (عليه السلام): المتلاعنان لا يجتمعان أبدا، وقوله لعويمر[٥١] حين فرق بينه وبين زوجته باللعان: لا سبيل لك عليها، وقول المخالف - وهو أبو حنيفة -: أراد بذلك في هذه الحال، تخصيص بغير دليل.
واستدلال المخالف بأن الأصل الإباحة و بظاهر القرآن كقوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء}[٥٢] {وأحل لكم ما وراء ذلكم}[٥٣] غير لازم، لأنا نعدل عن ذلك بالدليل، كما عدلوا عنه في تحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها.
وحكم الأم والبنت والأخت بالرضاع في التحريم بهذه الأسباب، حكم ذوات النسب، وحكم الإماء في التحريم بالنسب والرضاع وغيره من الأسباب، حكم الحرائر.
وأما من يحرم العقد عليهن في حال دون حال فأخت المعقود عليها بلا خلاف، أو الموطوءة بالملك بلا خلاف إلا من داود، ويدل عليه قوله تعالى: {وأن تجمعوا بين الأختين}[٥٤] لأنه لم يفصل، والخامسة حتى تبين إحدى الأربع بما يوجب البينونة، والمطلقة للعدة ثلاثا، أو للسنة، على ما نبينه، حتى تنكح زوجا آخر وتبين منه، وكذا حكم كل مزوجة، والمعتدة من الطلاق الرجعي حتى تخرج من عدتها، كل هذا بلا خلاف، وبنت الأخ على عمتها، وبنت الأخت على خالتها حتى تأذنا، والأمة على الحرة حتى تأذن، الزانية حتى تتوب. [٥٥]
إذا كانت عنده حرة وأذنت له في تزويج أمة جاز خلافا لجميع الفقهاء، فإنهم: قالوا لا يجوز وإن أذنت. [٥٦]
وكذا في العمة والخالة إذا رضيا قالوا: لا يجوز نكاحهما، ولا تأثير لرضاهما. [٥٧]
و ظاهر القرآن يقتضي إباحة تزويج المرأة على عمتها وخالتها لأنه عام ولا يخرج منه إلا ما أخرجه دليل قاطع من حظر ذلك إذا لم يكن منها إذن، وما يرويه المخالف من قوله (عليه السلام): لا تنكح المرأة على عمتها وخالتها، خبر واحد مخالف لظاهر القرآن، ومعارض بأخبار تقتضي الإباحة مع الاستئذان، ومحمول - لو سلم من ذلك كله - على ما إذا لم يكن منهما إذن، فلا يمكن الاعتماد عليه. [٥٨]
لا يجوز للعبد أن يتزوج بأكثر من حرتين، أو أربع إماء. وقال الشافعي: لا يزيد على ثنتين، حرتين كانتا أو أمتين، وبه قال أبو حنيفة وأحمد. وقال مالك: إنه كالحر، له نكاح أربع[٥٩]، وفي الخلاصة: ومن كان تحته حرة وهو حر لا يجوز له نكاح أمة ولا يجوز له قط نكاح أمتين.
ويحرم العقد على الكافرة وإن اختلفت جهات كفرها حتى تسلم إلا على وجه نذكره[٦٠]، وأجاز جميع الفقهاء التزويج بالكتابيات وهو المروي عن عمر وعثمان وطلحة وحذيفة وجابر. وروي أن عثمان نكح نصرانية وكذلك طلحة ونكح حذيفة يهودية وروي عن ابن عمر كراهية ذلك، وإليه ذهب الشافعي. [٦١]
لنا ما دل على مذهبنا بعد إجماع الإمامية قوله تعالى: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر}[٦٢] وقوله: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ}[٦٣] وقوله: {لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة}[٦٤] لأنه تعالى نفى بالظاهر التساوي في جميع الأحكام التي من جملتها المناكحة.
وقوله تعالى: {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم}[٦٥] نخصه بنكاح المتعة، فإنه جائز عندنا على الكتابيات، أو نحمله على ما إذا كن مسلمات، بدليل ما قدمناه، ولا يمتنع أن يكون من جهة الشرع قبل ورود هذا البيان فرق بين من آمنت بعد كفر، وبين من لم تكفر أصلا، فيكون في البيان لإباحة نكاح الجميع فائدة.
وليس لأحد مع جواز هذا أن يقول: قد أغنى عما اشترطتموه من إسلام الكتابيات قوله تعالى: {والمحصنات من المؤمنات}.
فإن قالوا: لستم بتخصيص هذه الآية بما ذكرتموه، لتسلم لكم ظواهر آياتكم بأولى منا إذا خصصنا ظواهر آياتكم بالمرتدات والحربيات، ليسلم لنا ظاهر الآية التي نستدل بها.
قلنا: غير مسلم لكم التساوي في ذلك، بل نحن أولى بالتخصيص منكم، لأنكم تعدلون عن ظواهر كثيرة ونحن نعدل عن ظاهر واحد، فإذا كان العدول عن الحقيقة إلى المجاز إنما يفعل للضرورة، فقليله أولى من كثيره. بلا شبهة. [٦٦]
أنكحة المشركين صحيحة. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه و الشافعي وغيرهم. وقال مالك: أنكحتهم فاسدة، وكذلك طلاقهم غير واقع. فلو طلق المسلم زوجته الكتابية، ثم تزوجت بمشرك ودخل بها، لم تحل لزوجها المسلم. [٦٧]

أقسام النكاح المباح

وأما أقسام النكاح المباح فثلاثة: نكاح غبطة ونكاح متعة، ونكاح بملك يمين. ونكاح المستدام سنة بلا خلاف إلا من داود، فإنه قال: واجب.
يدل على ما قلناه قوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء} إلى قوله: {فواحدة أو ما ملكت أيمانكم}[٦٨] لأنه تعالى علق ذلك باستطابتها وما كان كذلك فليس بواجب، ولأنه خير بينه وبين ملك اليمين، و التخيير لا يكون بين واجب ومباح، ولأن ذلك يقتضي جواز الاقتصار على ملك اليمين، والمخالف لا يجيزه، ويدل على ذلك أيضا {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات} إلى قوله: {وأن تصبروا خير لكم}[٦٩] ولو كان نكاح الأمة عند عدم طول الحرة واجبا، لم يكن الصبر خيرا منه، وعند المخالف أن الصبر لا يجوز، فضلا أن يكون خيرا من النكاح.

شروط صحة عقد النكاح

ومن شرط صحة عقد النكاح أن يكون المعقود عليه معلوما متميزا، فلو قال: زوجتك من عندي، أو امرأة، أو حمل هذه الجارية، لم يصح للجهالة. وأن يكون ومن يصح نكاحه، فلا يصح العقد بين الكافر والمسلم بلا خلاف، ولا بين المسلم وإحدى المحرمات عليه اللاتي قدمنا ذكرها. وأن يحصل الإيجاب والقبول، وأيهما سبق جاز، فلو قال: زوجنيها، فقال الولي: زوجتكها، صح يدل عليه ما رووه من حديث سهل بن سعد فإنه قال: زوجنيها يا رسول الله. فقال: زوجتكها بما معك من القرآن، ولم يأمره بعد ذلك بالقبول.
ولو قال: أتزوجينها؟ فقال: زوجتكها، لم يصح حتى يقبل الإيجاب، لأن السابق استفهام، ولو اقتصر القائل على قوله: قبلت، صح العقد، لأن ذلك جواب الإيجاب وهو منضم إليه، فكأن معناه قبلت هذا التزويج بلا شبهة.
ومن شرط ذلك أن يكون بلفظ النكاح، أو التزويج، أو الاستمتاع في النكاح المؤجل عندنا، مع القدرة على الكلام[٧٠]، وفي الخلاصة: يجوز بالعجمية مع القدرة على العربية. ولا يصح العقد بلفظ الإباحة، ولا التحليل، ولا التمليك، ولا الإجارة، ولا الهبة، ولا العارية، لأن ما اعتبرناه في نكاح الدوام، مجمع على انعقاده، وليس على انعقاده بما عداه دليل[٧١]، وبما قلناه قال في التابعين: عطاء وسعيد والزهري، وهو مذهب الشافعي.
وقال أبو حنيفة: يصح بلفظ البيع و الهبة و الصدقة والتمليك. وفي لفظ الإجارة عنه روايتان سواء ذكر المهر أو لم يذكر.
وقال مالك: إن ذكر المهر وقال: بعتكها على مهر كذا صح وإلا فلا، لأن ذكر المهر يخلص اللفظ للنكاح. [٧٢]
ومن شرطه أن يكون صادرا ممن له ولاية، والولاية التي يجوز معها تزويج الصغيرة غير البالغ - سواء كانت بكرا أو قد ذهبت بكارتها بزوج أو بغيره ولا يكون لها بعد البلوغ خيار بلا خلاف، بين أصحابنا، وتزويج البكر البالغ من غير إذنها، على خلاف بينهم في ذلك - مختصة بأبيها وجدها له في حياته، فإن لم يكن الأب حيا فلا ولاية للجد[٧٣]، خلافا للشافعي فإن عنده ولاية الجد مع عدم الأب، ولا ولاية له مع وجوده. [٧٤] ومن يختاره الجد أولى ممن اختاره الأب، وليس لأحدهما فسخ العقد الذي سبق الآخر إليه، وإن كان بغير إذنه، والأولى بالأب استئذان الجد.[٧٥]
إذا بلغت الحرة رشيدة ملكت العقد على نفسها، وزالت ولاية الأب عنها وولاية الجد، إلا إذا كانت بكرا، فإن الظاهر من روايات أصحابنا أنه لا يجوز لها ذلك. وفي أصحابنا من قال: البكر أيضا تزول ولايتهما عنها.
فأما غير الأب والجد فلا ولاية لأحد عليها، سواء كانت بكرا أو ثيبا، غير أن الأفضل لها أن ترد أمرها إلى أخيها وابن أخيها أو عمها وابن عمها.
وقال الشافعي: إذا بلغت الحرة رشيدة ملكت كل عقد إلا النكاح، فإنها متى أرادت أن تتزوج افتقر نكاحها إلى الولي، وهو شرط لا ينعقد النكاح إلا به سواء كانت صغيرة أو كبيرة، بكرا أو ثيبا، فإن كان لها ولي مناسب مثل الأب أو الجد أو الأخ أو ابن الأخ أو العم أو ابن العم فهو أولى، وإن لم يكن فالحاكم، ويملك الولي أن يزوجها بنفسه، وأن يوكل من يزوجها من الرجال، فإن أذن لها أن تعقد على نفسها لم يجز، ولا أن يوكل غيرها من النساء، وعلى الجملة لا ولاية للنساء في مباشرة عقد النكاح ولا وكالة. وبه قال ابن مسعود و ابن عباس ورووه عن علي (عليه السلام) وفي الفقهاء ابن أبي ليلى، و أحمد بن حنبل.
وقال أبو حنيفة: إذا بلغت المرأة رشيدة فقد زالت ولاية الولي عنها، كما زالت عن مالها، ولا يفتقر نكاحها إلى إذنه، بل لها أن تتزوج وتعقد على نفسها. إلا أنها إن وضعت نفسها في غير كفو كان للولي أن يفسخ نكاحها.
وقال مالك: إن كانت عربية ونسيبة فنكاحها يفتقر إلى الولي وإلا فلا. [٧٦]
البكر إذا كانت كبيرة فالظاهر في روايات أصحابنا أن للأب أو الجد أن يجبرها على النكاح، و يستحب له أن يستأذنها، وإذنها صماتها، وبه قال مالك و الشافعي وأحمد.
وقال قوم من أصحابنا: ليس لوليها إجبارها على النكاح كالثيب الكبيرة. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، فاعتبر أبو حنيفة الصغر والكبر و الشافعي الثيبوبة والبكارة. [٧٧]
الثيب إذا كانت صغيرة قد ذهبت بكارتها - بزوج أو بغيره - قبل البلوغ، جاز لأبيها العقد عليها، ولجدها مثل ذلك قبل البلوغ، وحكمها حكم البكر الصغيرة، وبه قال أبو حنيفة.
وقال الشافعي: ليس لأحد إجبارها على النكاح، وينتظر بها البلوغ ثم تزوج بإذنها. [٧٨]
ولا ولاية لغير الأب والجد مع الأب على الصغيرة عندنا خلافا للفقهاء[٧٩]، يدل على ما قلنا ما رووه من قوله (عليه السلام) لقدامة بن مظعون[٨٠] وقد زوج ابنة أخيه: إنها يتيمة وإنها لا تنكح إلا بإذنها، ولا يجوز أن يقال: سماها يتيمة إن كانت بالغا، لقرب عهدها باليتم لأن ذلك رجوع عن الظاهر في الشرع بغير دليل، لأنه لا يتم بعد الحلم، على ما ورد في الخبر.
فإن عقدا بغير إذنها، فأبت العقد، لم ينفسخ عند من قال من أصحابنا: لهما إجبارها على النكاح، وعند من قال ليس لهما ذلك ينفسخ، وطريقة الاحتياط يقتضي اعتبار رضاها في صحة العقد، لأنه لا خلاف في صحته إذا رضيت، وليس كذلك إذا لم ترض، وعلى هذا، النكاح يقف على الإجازة، سواء كانت من الزوج أو الولي أو المنكوحة لما رووه من أن امرأة بكرا أتت النبي (صلى الله عليه وآله)، فقالت: إن أبي زوجني وأنا كارهة، فخيرها النبي (صلى الله عليه وآله) وهذا يدل على أن النكاح يقف على الفسخ والإجازة. [٨١]
وقال الشيخ في الخلاف: النكاح لا يقف على الإجازة، مثل أن يزوج رجل بنت غيره وهي بالغ من رجل فقبل الرجل لم يقف العقد على إجازة الولي ولا إجازتها، وكذلك لو زوج بنته الثيب الكبيرة الرشيدة لم يقف على إجازتها وكان باطلا بدلالة أن العقود الشرعية تحتاج إلى أدلة شرعية، ولا دليل على أن هذا العقد واقف على الإجازة فوجب القضاء بفسادها، وبه قال الشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة: يقف على الإجازة. [٨٢]
ولا تعقد البكر على نفسها بغير إذنهما، فإن عقدت وأبيا العقد انفسخ إلا أن يكونا قد عضلاها بمنعها من التزويج بالأكفاء، فإنه لا ينفسخ. والكفاءة تثبت عندنا بأمرين: الإيمان، وإمكان القيام بالنفقة، لأن ما اعتبرناه مجمع على اعتباره، وليس على اعتبار ما عداه دليل. [٨٣]
وقال الشافعي: شرائط الكفاءة ستة: النسب، والحرية، والدين، والصناعة، والسلامة من العيوب، وإمكان القيام بالنفقة. وقال أبو يوسف: الشرائط أربعة، حذف الحرية والسلامة من العيوب، وهي إحدى الروايتين عن أبي حنيفة. وفي رواية أخرى ثلاثة، حذف الصناعة أيضا. وقال محمد: هي ثلاثة أثبت الصناعة، وحذف الدين. [٨٤]
يجوز للعجمي أن يتزوج بعربية وبقرشية هاشمية، إذا كان من أهل الدين، وعنده اليسار. وقال الشافعي: العجم ليسوا بأكفاء للعرب والعرب ليسوا بأكفاء لقريش، وقريش ليسوا بأكفاء لبني هاشم. وقال أبو حنيفة وأصحابه: قريش كلها أكفاء وليس العرب أكفاء لقريش. [٨٥]
في الخلاصة: إن اجتمعت الأولياء في درجة واحدة كالإخوة جاز للواحد أن ينفرد بتزويجها بمرضاها من كفؤ وإن زوجها من غير كفوء برضاها لم يجز لحق بقية الأولياء، وإلا فالكفاءة ليست مشروطة في صحة النكاح، زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله) بناته ولا كفو لرسول الله، نعم الكفاءة حقها وحق الأولياء والمهر حقها فليس للولي الاعتراض عليها.
والثيب إذا كانت رشيدة لها أن تعقد على نفسها بغير ولي، وكذا البكر إذا لم يكن لها أب، وإن كان الأولى لها رد أمرها إلى بعض الصلحاء من الأقارب أو الأجانب، و الدليل على ما قلنا بعد إجماع الإمامية قوله تعالى: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره}[٨٦]، فأضاف عقد النكاح إليها، وهذا يقتضي بظاهره أنها المتولية لعقدها، ومثل ذلك قوله سبحانه: {فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن}.[٨٧]
وما يتعلق به المخالف من قوله (عليه السلام): أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، غير معتمد، لأنه مقدوح في روايته مع أنه خبر واحد، و معارض بما ورد من طرقهم من قوله (عليه السلام) الأيّم أحق بنفسها من وليها، والأيّم التي لا زوج لها، وهذا عام، وقوله (عليه السلام): ليس للولي مع الثيّب أمر، ولو سلم من ذلك كله لجاز حمله على الأمة إذا تزوجت بغير إذن مولاها، لأن الولي في اللغة والمولى بمعنى واحد.
ويشهد بهذا التأويل أنه قد روي من طريق آخر أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها، وقول المخالف: في الخبر ما يمنع من ذلك، وهو قوله (صلى الله عليه وآله): فإن دخل بها فلها مهر مثلها بما استحل من فرجها، لأنه أضاف المهر إليها والأمة لا تملكه، ليس بشئ يعول على مثله، لأن ذلك إنما جاز للعلقة التي بينهما وإن لم تملكه، كما قال النبي (عليه السلام): من باع عبدا وله مال كان المال لمولاه.
واستدلالهم بقوله (عليه السلام): لا نكاح إلا بولي، يسقط بمثل ما قلناه من القدح و المعارضة، وبأنه خبر واحد، وبأنا نقول بموجبه، لأن الولي هو الذي يملك العقد، والمرأة عندنا هذه حالها فإذا عقدت النكاح كان ذلك بولي، ولفظة «ولي» يقع على الذكر والأنثى بغير شبهة على من يعرف اللغة، كما يقع عليهما لفظة (وصي) وبأنا نحمله على نفي الفضيلة كما قال (عليه السلام): لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد، ولا صدقة وذو رحم محتاج. [٨٨]

الشهادة ليس من شرط صحة العقد

وليس من شرط صحة العقد الشهادة، بل من مستحباته، وبه قال في الصحابة الحسين بن علي وابن الزبير وابن عمر، وبه قال أهل الظاهر. وقال الشافعي: لا يصح ذلك إلا بشاهدين عدلين. ورووا ذلك عن علي (عليه السلام) وابن عباس وعمر، وفي الفقهاء أحمد. وقال أبو حنيفة: من شرطه الشهادة، وليس من شرطها العدالة ولا الذكورة، ويجوز بعدلين وفاسقين، وبشاهد وامرأتين. [٨٩]
لنا بعد إجماع الإمامية قوله تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم}[٩٠] فقد أمر الله تعالى بالنكاح، ولم يشترط الشهادة، ولو كانت شرطا لذكرها، وما رووه من قوله (عليه السلام) أوصيكم بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم، أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولا كلام يباح به فرج المرأة إلا الإيجاب والقبول، فيجب بظاهر الخبر حصول الاستباحة بذلك، من غير أمر سواه، ولا يجوز حمل الخبر على أن المراد بكلمة الله قوله تعالى: {وأنكحوا الأيامى}، وما أشبه ذلك، لأن المستفاد به الإذن فيما يقع به تحليل الفرج، وهو ما قلناه من الإيجاب والقبول، ولذلك لا يستغنى بذلك عنهما.
واستدلالهم بما رووه من قوله (عليه السلام): لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، قد بينا الجواب عنه، على أن أبا حنيفة لا يصح على مذهبه أن يزيد الشهادة بأخبار الآحاد، لأن عنده أن كل زيادة في القرآن توجب النسخ، و نسخ القرآن لا يجوز بـ أخبار الآحاد. [٩١]

أحكام المهر

وليس من شرط عقد الدوام ذكر المهر بلا خلاف، بل من مستحباته، ويدل عليه وقوله تعالى: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة}[٩٢] و الطلاق لا يقع إلا في نكاح صحيح.
والمهر ما تراضي عليه الزوجان، دائما كان العقد أو مؤجلا، مما له قيمة، ويحل تملكه، قليلا كان أو كثيرا[٩٣]، وعند الحنفية أقل المهر عشرة دراهم وإن سمى أقل من عشرة فلها عشرة[٩٤]، وعند الشافعية في الخلاصة للصداق ثلاثة أحوال الحالة الأولى أن يكون الصداق المسمى صحيحا، والمسمى الصحيح كل ما يجوز أن يكون ثمنا أو أجرة، فيجوز أن يكون أقل ما يتمول، تركنا ذكر الحالتين له لعدم الاحتياج إليهما.
ويجوز أن يكون تعليم شئ من القرآن صداقا ولو كان آية، ويدل على ما قلناه قوله تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة}[٩٥] وفي موضع آخر: {فآتوهن أجورهن}[٩٦] والاسم يتناول القليل والكثير، وما رووه من قوله (عليه السلام): أدوا العلائق، فقيل له: ما العلائق؟ فقال: ما تراضي عليه الأهلون، وقوله (عليه السلام): من استحل بدرهين فقد استحل، وقوله: لا جناح على امرئ أصدق امرأة صداقا قليلا كان أو كثيرا، وقوله (عليه السلام) للذي طلب منه تزويج المرأة زوجتكها بما معك من القرآن، بعد أن طلب منه أن يصدقها بشئ، وقال له: التمس ولو خاتما من حديد. والظاهر أنه (عليه السلام) جعل ما معه من القرآن صداقا، لأنه لم يطلب الفضل والشرف، وإنما طلب المهر، ولأنه قال (بما معك) والباء تدل على البدل والعوض، ولو أراد الشرف لقال: لما معك من القرآن، ولا يصح جعل القرآن صداقا إلا على وجه التعليم له، وفي خبر آخر عن أبي هريرة أنه قال (صلى الله عليه وآله) قم فعلمها عشرين آية وهي امرأتك، وهذا نص. [٩٧]
ليس للأولياء الاعتراض في قدر المهر، فمتى رضيت بكفؤ لزمهم أن يزوجوها منه بما رضيت من المهر، سواء كان مهر مثلها أو أقل، فإن منعوها ولت أمرها من شاءت. وعند الشافعي يكون السلطان وليها، وبه قال أبو يوسف ومحمد.
وقال أبو حنيفة: للأولياء أن يعترضوا عليها في قدر المهر، فمتى نكحت بأقل من مهر مثلها فللولي أن يقول للزوج: إما أن تبلغ بالمهر مهر المثل، وإلا فسخت عليك النكاح، وأجرى المهر مجرى الكفاءة. [٩٨]
وإذا زوجت نفسها بأقل من مهر مثلها، فالنكاح صحيح، ليس للأولياء الاعتراض. وقال أبو حنيفة: النكاح صحيح، وللأولياء الاعتراض عليها. وقال الشافعي: النكاح باطل. [٩٩]
ولا يجوز أن يقول الإنسان لغيره: زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك، على أن يكون بضع كل واحد منهما مهر الأخرى، لأن ذلك هو نكاح الشغار الذي نهى الرسول (صلى الله عليه وآله) عنه ولا خلاف في تحريمه. [١٠٠]
في الخلاف: نكاح الشغار باطل عندنا، وبه قال مالك و الشافعي وأحمد، غير أن مالكا أفسده من حيث فساد المهر، و الشافعي أفسده من حيث أنه ملك البضع كل واحد من شخصين. [١٠١] وفي الخلاصة من حيث أنه نكاح والنكاح لا يقبل التعليق.
وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن نكاح الشغار صحيح وإنما فسد فيه المهر فلا يفسد النكاح بفساده. [١٠٢]
ويجوز جعل العتق مهرا، بأن يقول لأمته، تزوجتك وجعلت عتقك مهرك، ولو قال: قد أعتقتك وتزوجتك وجعلت عتقك صداقك، ثبت العتق، وكانت مخيرة في التزويج.
وإذا عين المهر حالة العقد، كان للزوجة أن تمتنع من تسليم نفسها حتى تقبض جميعه، فإذا قبضته فله نقلها إلى منزله، وليس لها الامتناع.
وإذا دخل بها وهو أو بعضه باق في ذمته، لم يكن لها منع نفسها منه حتى تقبض ذلك، وإنما لها المطالبة [١٠٣]، وذلك لأن البضع حقه والمهر حق عليه ولا يمنع حقه لثبوت حق عليه لأن جواز ذلك يحتاج إلى دليل، وبمثل ما قلناه قال الشافعي وعند أبي حنيفة لها أن تمتنع حتى تقبض، لأن المهر في مقابلة كل وطئ في النكاح.[١٠٤]
وإذا لم يسم لها مهرا حالة العقد، ودخل بها، فإن أعطاها قبل الدخول شيئا وقبضته منه، لم يكن لها غيره، لأنها لو لم ترض به لما مكنته من نفسها، فإن لم يكن أعطاها شيئا، لزمه مهر مثلها، ويعتبر في ذلك السن والجمال والنسب و التخصيص، وكل ما يختلف المهر لأجله، فإن نقص عن مهر السنة، وهو خمسمائة درهم فضة أو قيمتها خمسون دينارا، لم يكن لها غيره، وإن زاد على ذلك رد عليه. [١٠٥]
مهر المثل يعتبر بنساء أهلها مثل أمها وأختها وخالتها وعمتها. وقال الشافعي: تعتبر بنساء عصبتها دون أمها ونساء أرحامها، ونساء أهل بلدها، ونساء عصباتها أخواتها وبنات الإخوة، وعماتها وبنات الأعمام، وعمات الأب وبنات أعمام الأب. وقال مالك: يعتبر بنساء بلدها. وقال أبو حنيفة: يعتبر بنساء أهلها من العصبات، وغيرهم من أرحامها. [١٠٦]
وفي البداية: يعتبر بأخواتها وعماتها وبنات عماتها، ولا يعتبر بأمها وخالتها، ويعتبر تساوي المرأتين في السن والجمال والمال والعقل والدين والبلد. [١٠٧]
وإذا وقع العقد على عبد مجهول، أو دار مجهولة، صح العقد، وكان لها من أوسط العبيد أو الدور. [١٠٨] وقال الشافعي: يبطل المسمى، ويجب لها مهر المثل. [١٠٩]
وإذا وقع على عين محرمة، كالخمر، وعين الغصب، صح العقد وبطل المسمى بلا خلاف، ووجب لها مهر المثل، إلا من مالك وبعض أصحابنا فإنهم يقولون بفساد النكاح.
لنا أن ذكر المهر ليس شرطا في صحة العقد، فذكر المهر الفاسد لا يكون أكثر من ترك ذكره أصلا فينبغي أن لا يؤثر في فساد العقد، كما لو عقد بغير مهر فلا خلاف أنه يصح النكاح، ولأنهما عقدان يصح أن ينفرد كل واحد منهما عن صاحبه، ففساد أحدهما لا يدل على فساد الآخر. [١١٠]
والزوجة يملك الصداق المسمى لها كله بنفس العقد، وهو من ضمان الزوج إن تلف قبل القبض، ومن ضمانها إن تلف بعده، خلافا لمالك، فإن دخل بها أو مات عنها استقر كله بلا خلاف، وإن طلقها قبل الدخول بها رجع بنصف العين [١١١] دون ما نمي. وبه قال أبو حنيفة والشافعي.
وقال مالك: إنما ملك بالعقد نصفه، فيكون الصداق بينهما نصفين، فإذا قبضته كان لها نصفه بالملك، والآخر أمانة في يدها لزوجها، فإن طلقها قبل الدخول كان له أخذ النصف لأنه ملكه ولم يزل عنه.
لنا قوله تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة}[١١٢] فأضاف الصدقة إليهن، والظاهر أنه لهن، ولم يفرق بين قبل الدخول وبعده، وأيضا فإنه أمر بإيتائهن كله، فثبت أن الكل لهن.
وأيضا فإنه إذا أصدقها غنما، ثم طلقها قبل الدخول، فإن كانت الغنم حاملا عنده فله نصفها ونصف ما ولدت، وإن أصدقها حائلا ثم حملت عندها لم يكن له من أولادها، وهذا يدل على أنها ملكت بالعقد دون الدخول. [١١٣]
ومتى لم يسم لها مهرا وطلقها قبل الدخول، فلا مهر لها ولها المتعة، ويعتبر بحال الزوج، فعلى الموسر خادم أو دابة وما أشبه ذلك، وعلى المتوسط ثوب وما أشبه ذلك، وعلى الفقير خاتم ونحوه [١١٤]، وعليه إجماع الصحابة وبه قال أبو حنيفة والشافعي. وقال مالك: يستحب أن يمتعها وبه قال الليث و ابن أبي ليلى.
لنا قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا}[١١٥]، وهذا أمر يقتضي الوجوب، وقوله تعالى: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدرة}[١١٦] قال الشافعي: المستحب من ذلك خادم، فإن لم يقدر فمقنعة، وإن لم يقدر فثلاثون درهما. [١١٧]
في الخلاصة: المتعة غير مقدرة والأولى أن يكون شيئا نفيسا على حسب حالهما وحسن أن يكون قدر ثلاثون درهما فصاعدا.
وقال أبو حنيفة: قدر المتعة ثلاثة أثواب درع وخمار وملحفة تمام ثيابها، فإن كان نصف مهر مثلها أقل من ذلك نقصا منه ما نشاء، ما لم يبلغ بالنقص أقل من خمسة دراهم وهو نصف أقل ما يكون صداقا. [١١٨]
إذا أصدقها على أن لأبيها ألفا، صح العقد بلا خلاف، ويجب عليه الوفاء بما سمى لها، وهو بالخيار فيما شرط لأبيها. [١١٩]
وقال الشافعي: المهر فاسد، ولها مهر المثل. وهو نقل المزني من الأم، وقال في القديم: الكل للزوجة وبه قال مالك. [١٢٠]
ولو أصدقها وشرط ألا يتزوج عليها ولا يتسرى، يصح النكاح و الصداق، وبطل الشرط لأنه شرط خالف الكتاب و السنة فكان باطلا. [١٢١]
وقال الشافعي: المهر فاسد ويجب مهر المثل، وأما النكاح فصحيح. [١٢٢]
ولو شرط أن لا يسافر بها، لكان الأولى الوفاء بذلك لقوله (عليه السلام): المؤمنون عند شروطهم.
وإذا شرط في النكاح أو فيه وفي الصداق معا خيار المدة بطل النكاح و الصداق، لأن ثبوت النكاح حكم شرعي يحتاج إلى دلالة شرعية، وليس في الشرع ما يدل على ثبوت ذلك ها هنا[١٢٣] وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: يبطل الشرط، والنكاح بحاله. [١٢٤]
ولو شرط الخيار في الصداق وحده لم يبطل النكاح وصح الشرط و الصداق لقوله (عليه السلام): المؤمنون عند شروطهم، وهذا شرط لا يخالف الكتاب و السنة. [١٢٥] وللشافعي في صحة النكاح قولان: فإذا قال: يصح، فله في الصداق ثلاثة أوجه: أحدها: يصح المهر و الشرط معا، كما قلناه، والثاني يبطلان معا، والثالث: يبطل الشرط دون الصداق. [١٢٦]

مسنونات النكاح


ومن السنة في عقد الدوام الخطبة قبله بلا خلاف إلا من داود فإنه قال واجبة. [١٢٧] وقال الشافعي: يستحب أن يخطب بكلمات عند الإيجاب، ويستحب للزوج مثل ذلك عند القبول. [١٢٨] والإعلان به، والوليمة. واجتماع الناس سنة[١٢٩] وهو أحد قولي الشافعي، والآخر أنها واجبة. [١٣٠] لنا أن الأصل براءة الذمة وشغلها بإيجاب شئ من ذلك يحتاج إلى دليل. [١٣١]
يستحب الحضور للوليمة، وليس بواجب أي وليمة كانت، وظاهر مذهب الشافعي أن الإجابة في جميع الولائم واجبة، وهل هو من فروض الأعيان، أو من فروض الكفايات. فيه وجهان وله قول آخر: إنه مستحب. [١٣٢]

أحكام تعدد الزوجات

لا يجوز للحر أن يجمع في عقد الدوام بين أكثر من أربع حرائر، أو أمتين، ولا للعبد أن يجمع بين أكثر من أربع إماء أو حرتين. [١٣٣]
وقال الشافعي: لا يزيد على ثنتين، حرتين كانتا أو أمتين. وبه قال عمر بن الخطاب و عبد الرحمن ابن عوف [١٣٤]، و الحسن البصري، و أبو حنيفة. وقال مالك: إنه كالحر له نكاح أربع وبه قال الزهري وداود وأبو ثور. [١٣٥]
وإذا اجتمع عنده أربع حرائر لزم العدل بينهن في المبيت، ولا يفضل واحدة إلا برضى الأخرى، بلا خلاف، فإن كان عنده زوجتان جاز أن يفضل إحداهما بليلتين[١٣٦]، خلافا لجميع الفقهاء فإنهم قالوا: يجب التسوية بينهما. [١٣٧]
لنا بعد إجماع الإمامية أن له حقا بدلالة له أن يتزوج ثنتين أخراوين، فجاز أن يجعل نصيبه لإحدى زوجتيه. [١٣٨]
وإن كان له زوجتان حرة وأمة، كان للحرة ليلتان وللأمة ليلة[١٣٩]، وبه قال على (عليه السلام) وجميع الفقهاء، إلا مالكا فإنه قال: يسوي بينهما.
لنا ما روي من قوله (عليه السلام): من نكح أمة على حرة فللحرة ليلتان وللأمة ليلة وهذا نص. [١٤٠]
وإن كان عنده زوجة أو أكثر فتزوج بأخرى، فإن كانت بكرا، فلها حق التقديم وحق التخصيص بسبعة أيام، وإن كانت ثيبا فلها حق التقديم و التخصيص بثلاثة أيام، من غير قضاء، أو سبعة تقضيها في حق الباقيات، ولها الخيار في ذلك[١٤١]، وفاقا للشافعي ومالك وأحمد. وقال أبو حنيفة وأصحابه: للجديدة حق التقديم فحسب، دون التخصيص. فإن كانت بكرا قدمها بالبيتوتة عندها سبعا ثم يقضي، وإن كانت ثيبا قدمها بثلاث ثم يقضي.
لنا ما رواه أنس أن النبي (عليه السلام) قال: للبكر سبع ليال وللثيب ثلاث ليال، فأضاف إليهما بلام الملك. وروت أم سلمة: أن النبي (عليه السلام) لما تزوجها قال لها: ما بك على أهلك من هوان، إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن وإن شئت ثلثت عندك ودرت. [١٤٢]

مكروهات النكاح

ويكره للحر أن يتزوج بأمة وهو يجد طول الحرة ولا يخاف العنت. [١٤٣] وفي الخلاف: لا يجوز للحر المسلم تزويج الأمة إلا بشروط ثلاثة: أن تكون مسلمة أولا، وأن لا يجد طولا، ويخاف العنت. بدلالة قوله تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات}[١٤٤] وبه قال ابن عباس وجابر ومالك والشافعي.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يحل له إلا بشرط واحد، وهو أن لا يكون عنده حرة، وإن كانت تحته حرة لم يحل، وبه قال قوم من أصحابنا. وقال قوم: يجوز له نكاحها مطلقا كالحرة. [١٤٥]
ويجوز للحر أن يتزوج بأمتين، ولا يزيد عليهما. وقال الشافعي: لا يجوز له أن ينكح أكثر من واحدة، وإن نكح بأمة وتحته أمة فنكاح الثانية باطل. وقال أبو حنيفة: إذا لم يكن تحته حرة فله أن يتزوج أربع إماء إما بعقد واحد أو أكثر. [١٤٦]

أحكام نكاح العبد والأمة

وللعبد أن ينكح أربع إماء، أو حرتين، أو حرة وأمتين ولا يجوز أن ينكح أمة على حرة إلا برضا الحرة. وقال الشافعي: له نكاح أمة وأمتين، ونكاح أمة على حرة، وحرة على أمة. وقال أبو حنيفة: يجوز ذلك إلا إذا كانت تحته حرة، فإنه لا يجوز له نكاح أمة، كالحر. [١٤٧]
إذا كانت عنده حرة، وأذنت له في تزويج أمة، جاز عند أصحابنا. وخالف جميع الفقهاء في ذلك، فقالوا: لا يجوز وإن أذنت. [١٤٨]
لا يجوز للحر أن يتزوج أمة، ولا للحرة أن تتزوج عبدا إلا بإذن السيد، فإن فعلا ذلك بغير إذنه، كان العقد موقوفا على إجازته، والولد حر مع الإذن، ورق مع عدمه. [١٤٩]
قال الشيخ في الخلاف في مسألة النكاح لا يقف على الإجازة: إذا تزوج الأمة بغير إذن سيدها بطل النكاح، وقال فيها أيضا: وقد روى أصحابنا أن تزويج العبد خاصة يقف على إجازة مولاه، وله فسخه. ورووا أنهم (عليهم السلام) قالوا: إنما عصى مولاه ولم يعص الله. [١٥٠]
وإذا مات السيد أو باع العبد، فالوارث أو المبتاع بالخيار بين إمضاء العقد وفسخه، وكذا لو أعتق الأمة، كان الخيار لها في ذلك، سواء كان الزوج حرا أو عبدا، وإذا حصل الرضا من هؤلاء، لم يكن لهم بعد الرضا خيار. [١٥١] وقال جميع الفقهاء: أن العقد بحاله[١٥٢]

أحكام الزوجين

لا توارث بين الزوجين إذا كان أحدهما رقا. وإذا زوج عبده بأمة غيره فالطلاق بيد الزوج، والولد - إن لم يكن هناك شرط أنه رق لأحد السيدين - بينهما في الملك على السواء، ومن زوج عبده بأمته استحب له أن يعطيها شيئا من ماله، والفراق بينهما بيده، يأمر كل واحد منهما باعتزال صاحبه وليس للزوج طلاق على كل حال، بدليل إجماع الإمامية.
وإن كانت الزوجة ممن يصح الدخول بها لبلوغها تسع سنين فصاعدا وتسلمها الزوج، لزمه إسكانها، والإنفاق في كسوتها وإطعامها بالمعروف، ولزمها طاعته في نفسها، وملازمة منزله، فإن عصته وهي مقيمة فيه، وعظها وخوفها الله تعالى، فإن لم يؤثر ذلك هجرها بالإعراض عنها، أو اعتزال الفراش، أو تحويل الوجه عنها فيه، فإن لم تؤثر ذلك ضربها ضربا رفيقا غير مؤثر في جسدها، ولا يترك ما تضطر إليه من غذاء أو لباس.
فإن خرجت من منزله بغير إذنه أو بإذنه وامتنعت من العود، سقط عنه فرض نفقتها وكان له ردها إليه وإن كرهت، فتأديبها بما قدمناه، قال الله تعالى: {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن}[١٥٣] وقال كثير من أهل التفسير معنى {تخافون} تعلمون، ومن لم يقل ذلك، وحمل الخوف على ظاهره، لا بد أن يضمر: وعلمتم ذلك منهن، لأن بمجرد الخوف من النشوز وقبل حصوله، لا يفعل شئ من ذلك مما ذكرناه.
وأما الزوج إذا نشز على المرأة وكره المقام معها وهي راغبة[١٥٤] فيه فلا بأس أن تبذل له على استدامة المقام معه شيئا من مالها، وتسقط عنه فرض نفقتها والليلة التي لها منه، ويصطلحها على ذلك قال الله تعالى: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير}.[١٥٥]
والشقاق بين الزوجين يكون بأن يكره كل واحد منهما صاحبه، ويقع بينهما الخصام، ولا يستقر بينهما صلح لا على طلاق، ولا على مقام من غير شقاق، فأيهما رفع الخبر إلى الحاكم، فعليه أن يبعث رجلين مأمونين أحدهما من أهل الزوج والآخر من أهل المرأة ينظران بينهما، فإن أمكنهما الإصلاح نجزاه، وإن رأيا أن الفرقة أصلح، أعلما الحاكم بذلك ليرى رأيه. وليس له إجبار الزوج على الطلاق إلا أن يمنع من حقوق الزوجة واجبا عليه قال الله تعالى: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما}.[١٥٦]، [١٥٧]
إذا أنشزت المرأة، ضربها بنفس النشوز. وللشافعي فيه قولان: أحدهما: مثل ما قلناه، والثاني: إنه لا يحل له حتى تصر وتقيم عليه. وظاهر الآية يدل على أن الضرب لنفس النشوز لأنه قال: {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن} إلى قوله {واضربوهن} المراد واضربوهن لنشوزهن. [١٥٨]
بَعثُ الحَكَمين في الشقاق على سبيل التحكيم، لا على سبيل التوكيل، وبه قال علي (عليه السلام) وابن عباس، وهو أحد قولي الشافعي. والقول الآخر أن ذلك على سبيل التوكيل. وبه قال أبو حنيفة.
لنا أن ظاهر قوله تعالى: {فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها} يدل على التحكيم لأنه لم يقل وكيلا من أهله. وأيضا فإن الخطاب إذا ورد مطلقا فيما طريقه الأحكام كان منصرفا إلى الأئمة والقضاة كقوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما}[١٥٩] و {الزانية والزاني فاجلدوا} [١٦٠] وكذلك هاهنا.
وأيضا: فإن الخطاب لم يتوجه إلى الزوجين، لأنه لو توجه إليهما لقال فابعثا. وقال {إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما} فأضاف الإرادة إلى الحكمين، ولو كان وكيلا لم يضف إليهما. [١٦١] وإذا ثبت أن ذلك على جهة التحكيم، فليس لهما أن يفرقا، ولا أن يخلعا إلا بعد الاستئذان، ولهما أن يجمعا من غير استئذان. وقال الشافعي على هذا: إن لهما جميع ذلك من غير استئذان. [١٦٢]

العيوب المجوزة لفسخ النكاح

من تزوج امرأة على أنها حرة فخرجت أمة، أو بنت حرة فخرجت بنت أمة، أو سليمة فخرجت مجذومة أو برصاء أو عمياء أو رتقاء أو مفضاة أو مجنونة أو عرجاء – ومن أصحابنا من ألحق بذلك كونها محدودة في الزنا - كان له ردها وفسخ العقد بغير طلاق. [١٦٣]
وقال الشافعي: يفسخ النكاح من سبعة: اثنان يختص الرجال: الجب والعنة، واثنان يختص النساء: القران والرتق، وثلاثة يشتركان فيه: الجنون والجذام والبرص. وقال أبو حنيفة: النكاح لا يفسخ بالعيب أصلا، لكن إن كان الرجل مجنونا أو عنينا ثبت لها الخيار خيار الفرقة فيفرق بينهما ويكون طلاقا لا فسخا، ورووا عن علي (عليه السلام) أنه قال: إذا وجد الرجل بالمرأة الجذام والبرص، فإن شاء أمسك، وإن شاء طلق. وعن ابن مسعود: أن الحرة لا ترد بالعيب.
لنا ما دل على مذهبنا ما رواه زيد بن كعب[١٦٤] عن أبيه عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه تزوج امرأة من غفار، فلما خلا بها رأى في كشحها بياضا، فقال لها: ضمي عليك ثيابك. والحقي بأهلك. وفي بعضها: فردها وقال: دلستم علي، فالراوي نقل الحکم وهو الرد، ونقل السبب وهو وجود البرص بكشحها فوجب أن يتعلق الحکم بهذا السبب متى وجد. [١٦٥]
إذا دخل بها، ثم وجد بها عيبا، فلها المهر ويرجع على من دلسها وغرم. وللشافعي فيه قولان: أحدهما ما قلناه. والآخر: يستقر عليه، ولا يرجع على أحد.
لنا مضافا إلى إجماع الإمامية وأخبارهم ما رواه سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب أنه قال: أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها، فلها صداقها وذلك لزوجها غرم على وليها، ولم يخالفه أحد من الصحابة[١٦٦]
وإذا حدث بالرجل جب أو جنون أو جذام أو برص لم يكن له في حال العقد فإنه لا يرد بذلك إلا الجنون الذي لا يعقل منه أوقات الصلاة فإنه يرد لأن العقد قد صح ولا دلالة على ثبوت الرد. وقال الشافعي: يرد به قولا واحد. [١٦٧]
وإذا حدث بالمرأة أحد العيوب التي ترد بها ولم يكن في وقت العقد فإنه يثبت به الفسخ، بدلالة عموم الأخبار التي وردت في أن له الرد بهذه العيوب، ولم يفصلوا. وللشافعي فيه قولان: قال في القديم: لا خيار له. وقال في الجديد: له الخيار، وهو أصحهما. [١٦٨]
وإذا عقد على أنها حرة فبانت أمة كان العقد باطلا وكذا القول في الزوج إذا كان عبدا. وللشافعي فيه قولان:[١٦٩] فإن عقد على أنها حرة بشهادة شاهدين فبانت أمة وقد رزق منها ولدا، فالولد حر، ويرجع السيد بقيمة الولد والمهر على من تولى أمرها، فإن كان عقد من غير بينة بذلك، فولدها رق ويلزم سيدها دفعه إلى الأب بالقيمة، وعلى الأب دفعها إليه، فإن لم يكن له مال استسعي فيها، فإن أبى ذلك، فعلى الإمام القيام من سهم الرقاب، وعلى الأب لمولى الجارية عشر قيمتها إن كانت بكرا، ونصف عشرها إن لم تكن كذلك.
وإن علم الزوج بأحد هذه العيوب، فوطئها، أو رضي به، لم يكن له بعد ذلك رد، ولا أخذ شئ من المهر، ويكون الولد من الأمة رقا لسيدها إن كان العقد بغير إذنه ولا يلزم دفعه بالقيمة بلا خلاف.
والحرة إذا تزوجت برجل على أنه حر فظهر عبدا، أو سليم فظهر أنه مجنون أو عنين أو مجبوب، فلها رده، ولا يرد الرجل إلا بهذه العيوب، وحكم الولد ما قدمناه من حكم ولد الأمة، غير أن العنين يجب عليه الصبر سنة، بعد ثبوت عنته، فإن تعالج ووصل إليها فيها ولو مرة واحدة، فلا خيار لها في رده، وإن لم يصل إليها في هذه المدة، فلها الخيار، وهكذا حكم العنة الحاصلة بعد الدخول. [١٧٠] وبه قال جميع الفقهاء. وقال الشافعي: لا أعلم خلافا فيه عن مفت لقيته في أنه إن جامع وإلا فرق بينهما. [١٧١]
فسخ العنين ليس بطلاق. وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة ومالك: هو طلاق. [١٧٢]
والجنون الحادث بعد الدخول، إن كان يعقل معه أوقات الصلاة، فلا خيار لها في فراقه، وإن كان لا يعقل فلها الخيار، ولزم وليه أن يطلقها عنه إن طلبت الفراق بلا خلاف من أصحابنا.
وإذا حدث بالزوجة بعد الدخول أحد ما قدمناه من العيوب، لم يكن للزوج به فسخ العقد، وإنما يفارقها إذا شاء بالطلاق على خلاف بينهم في ذلك.

مسائل اخری

يجوز لمن أراد نكاح امرأة أن ينظر إلى وجهها وكفيها[١٧٣] وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي، إلا أن عندنا وعند مالك والشافعي: ما ليس بعورة الوجه والكفان فحسب. وعن أبي حنيفة روايتان: إحداهما: ما قدمناه. والثانية: والقدمان أيضا، وقال داود: ينظر إلى كل شئ من بدنها وإن تعرت.
لنا ما رواه جابر بن عبد الله أن النبي (عليه السلام) قال: إذا أراد أحدكم أن يتزوج امرأة فلينظر إلى وجهها وكفيها. وروى أبو الدرداء [١٧٤] عن النبي (عليه السلام): إذا طرح الله في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن تأمل محاسن وجهها. [١٧٥]
يكره للرجل أن ينظر في فرج امرأته، وليس بمحظور. وفاقا للشافعي في أحد وجهيه. والآخر أنه محرم. ويدل على ما قلناه ما رووه عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: النظر إلى فروج النساء يورث الطرش وقيل: العمى. [١٧٦]
كل امرأة تزوجها النبي (عليه السلام) ومات عنهن لا يحل لأحد أن يتزوجها بلا خلاف، دخل بها أو لم يدخل. وعندنا: أن حكم من فارقها النبي (عليه السلام) في حياته حكم من مات عنها، في أنه لا يحل لأحد أن يتزوجها، بدلالة قوله تعالى: {وأزواجه أمهاتهم}[١٧٧] وهو عام وقوله تعالى: {ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا}[١٧٨] وذلك عام.
وللشافعي فيه ثلاثة أقوال: أحدها: ما قلناه، الثاني: إنها تحل لكل أحد، دخل بها أو لم يدخل. والثالث: إن لم يدخل بها تحل. [١٧٩]
إذا تزوج الكتابي بمجوسية أو وثنية، ثم ترافعوا إلينا قبل أن يسلموا، أقررناهم على نكاحهم. بدلالة عموم الأخبار التي وردت بإقرارهم على أنكحتهم وعقودهم، وبه قال جميع أصحاب الشافعي. وقال الإصطخري: لا نقرهم. [١٨٠]

نكاح المتعة

وأما نكاح المتعة فتفتقر صحته إلى شرطين زائدين على ما تقدم من الشروط: أحدهما تعيين الأجر، والثاني تعيين الأجل، فإذا ذكر الأجر دون الأجل كان دواما، وإن ذكر الأجل فقط فسد العقد.
ويستحب ذكر ما عدا هذين الشرطين، نحو أن يقول: علي أن لا ترثيني ولا أرثك، وأن أضع الماء حيث شئت، وأنه لا سكنى لك ولا نفقة، وعليك العدة إذا انقضت المدة.
والمتمتع بها لا يتعلق بها حكم الإيلاء، ولا يقع بها طلاق، ولا يصح بينها وبين الزوج لعان، ويصح الظهار، وانقضاء الأجل يقوم في الفراق مقام الطلاق، ولا سكنى لها، ولا نفقة، ولا توارث بينهما، بلا خلاف بينهم، ولو شرط ذلك كله، لم يجب أيضا عند بعض أصحابنا، لأنه شرط يخالف السنة، وعند بعضهم يثبت بالشرط.
ويجوز الجمع في هذا النكاح بين أكثر من أربع، ولا يلزم العدل بينهن في المبيت، ويلحق الولد بالزوج، ويلزمه الاعتراف به إذا وطئ في الفرج وإن كان يعزل الماء. [١٨١]
وهذا النكاح أعني نكاح المتعة مباح لا خلاف بين أصحابنا وبه قال علي (عليه السلام) على ما رواه أصحابنا. وروي ذلك عن ابن مسعود وجابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع[١٨٢] وأبي سعيد الخدري وابن عباس والمغيرة بن شعبة[١٨٣] ومعاوية بن أبي سفيان[١٨٤] وسعيد بن جبير ومجاهد، وعطاء، خلافا لجميع الفقهاء.
لنا ما يدل على مذهبنا أولا أن الأصل الإباحة، و التحريم يحتاج إلى دليل شرعي قطعي، وأيضا فإن هذا النكاح كان مباحا في عهد النبي (عليه السلام) بلا خلاف وإنما ادعي النسخ وعلى من ادعاه الدليل، وقوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء}[١٨٥] وهذا مما طاب له منهن، وقوله: {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن}[١٨٦] وفي قراءة ابن مسعود فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى، ولفظة الاستمتاع لا تفيد عند الإطلاق إلا نكاح المتعة. [١٨٧]
فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون المراد بالاستمتاع الالتذاذ هاهنا والانتفاع دون العقد المخصوص بدليل أن قوله: {وأحل لكم ما وراء ذلكم} يتناول عقد الدوام بلا خلاف.
قلنا: لا يجوز حمل الاستمتاع على ما ذكر لأمرين: أحدهما: أنه يجب حمل الألفاظ الواردة في القرآن على ما يقتضيه العرف الشرعي، دون الوضع اللغوي، على ما تبين في أصول الفقه، والثاني: أن الإلتذاذ لا اعتبار به في وجوب المهر، لأنا لو قدرنا ارتفاعه عمن وطئ زوجته ولم يلتذ، لأن نفسه كرهتها، أو لغير ذلك، لوجب المهر بالاتفاق، فثبت أن المراد ما قلناه.
وأما إباحته تعالى بالآية نكاح الدوام، فغير مناف لما ذكرناه، من إباحة نكاح المتعة، لأنه سبحانه عم الأمرين جميعا، لقوله: {وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين} ثم خص نكاح المتعة بقوله: {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة}.
ويؤيد ذلك ما روي عن أمير المؤمنين وعبد الله بن عباس وابن مسعود ومجاهد[١٨٨] وعطاء من أنهم كانوا يقرؤن {فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى} وقوله تعالى: {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة} والمراد بذلك على ما اتفق عليه أصحابنا، ورووه عن آل الرسول عليه وعليهم السلام: الزيادة من الزوج في الأجر، ومن الزوجة في الأجل.
واستدل المخالف بقوله تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}[١٨٩] وادعاؤهم أن المتمتع بها ليست زوجة، لأنها لا ترث ولا تورث ولا تبين بالطلاق، ولا يلحقها حكم الإيلاء والظهار، ولا يصح بينها وبين زوجها لعان، ولا يلحق الولد بزوجها، ولا تعتد لانقضاء الأجل وللوفاة إذا كانت حرة كعدة الحرائر من الأزواج، ولا يحل للمطلق ثلاثا العود إلى الزوجة، ولا يجب لها سكنى ولا نفقة، ليس بشئ يعول على مثله، لأن الأحكام الشرعية إنما تثبت بالأدلة الشرعية، ولا مدخل فيها للقياس، وإذا ثبت ذلك، وكان الدليل الشرعي قد قرر هذه الأحكام في المتمتع بها، وجب القول بها، ولم يجز قياسها على غيرها من الزوجات.
على أن ما ذكروه من الميراث ينتقض بالقاتلة لزوجها، فإنها لا ترثه بالزوجية، وإذا كانت زوجته ذمية أو أمة، فإنها لا توارث بينها وبين زوجها.
وأما الطلاق فقد قام مقامه في الفرقة غيره في كثير من الزوجات، كالملاعنة، والمرتدة، والأمة المبيعة، والمالكة لزوجها، فما أنكروا أن يكون انقضاء الأجل يقوم في الفرقة مقام الطلاق، ولا يحتاج إليه.
وليس لأحد أن يقول: فالواقع الطلاق قبل انقضائه. لأن كل من أجاز النكاح إلى أجل، منع من وقوع الطلاق قبله، فالقول بأحد الأمرين دون الآخر، يبطله الإجماع.
وأما الإيلاء فإن الله تعالى علق حكم من لم يراجع ولم يكفر بالطلاق ولا يقع بالمتمتع بها طلاق، فلا يلحقها حكم الإيلاء مع أنه قد يكون أجل المتعة أقل من أجل المضروب في الإيلاء، وهو أربعة أشهر، فكيف يصح في هذا النكاح الإيلاء.
وأما اللعان فعند أبي حنيفة أن الشرط في وقوعه بين الزوجين أن يكونا حرين مسلمين، وعنده أن الأخرس لا يصح قذفه ولا لعانه، فلا يصح له التعلق في نفي زوجية المتمتع بها بانتفاء اللعان.
وأما الظهار فيقع بالمتمتع بها عندنا، ويلحق الولد بأبيه في هذا النكاح بخلاف ما ظنوه.
وأما العدة إذا انقضى أجلها فقرءان، وقد ثبت بلا خلاف أن عدة الأمة كذلك، وإن كانت زوجة، وإذا توفي زوجها قبل انقضاء الأجل فعدتها عندنا أربعة أشهر وعشرة أيام، كعدة المعقود عليها عقد الدوام.
وما يستدل به المخالف في تحريم المتعة من أخبار الآحاد وقد طعن أصحاب الحديث في رواتها، وضعفوهم بما هو مسطور، وعارضها أخبار كثيرة في إباحة المتعة، واستمرار العمل بها، حتى ظهر من نهي عمر منها ما نقله الرواة، وقوله: متعتان كانتا في عهد رسول الله حلالا إلا أنا أحرمهما وأعاقب عليهما: متعة النساء و متعة الحج، يبطل دعوى المخالف أن النبي (عليه السلام) هو الذي حرمها، لأنه اعترف بأنها كانت حلالا في عهده، وأضاف النهي و التحريم إلى نفسه.
فإن قيل: كيف يصرح بتحريم ما أحله النبي (عليه السلام)، ولا ينكر على ذلك.
قلنا: ارتفاع النكير يحتمل أن يكون للتقية، ويحتمل أن يكون لشبهة وهي اعتقاد التغليظ والتشديد في إضافة النهي إليه وإن كان (صلى الله عليه وآله) الذي هو حرمها، أو اعتقاد جواز نهي بعض الأئمة عما أباحه الله إذا أشفق في استمراره عليه من ضرر في الدين.
وهذا الوجه هو الذي حمل الفقهاء نهي عمر عن متعة الحج عليه، على أن المتمتع لا يستحق حدا من رجم ولا غيره باتفاق، وقد قال عمر: لا أوتي بأحد تزوج متعة إلا رجمته بالحجارة، وما أنكر أحد ذلك عليه، ومهما اعتذر عن ذلك كان عذرا في ترك النكير لتحريم المتعة. [١٩٠]
وما رووه من الأخبار في تحريم المتعة مع أنها آحاد، فيها اضطراب، لأن فيها أنه حرمها يوم خيبر في رواية ابن الحنفية عن أبيه. وروي الربيع بن سبرة[١٩١] عن أبيه قال: كنت مع رسول الله - (صلى الله عليه وآله) - بمكة عام الفتح، فأذن في متعة النساء، فخرجت أنا وابن عمي وعلينا بردان لنفعل ذلك، فلقيتني امرأة فأعجبها حسني، فتزوجت بها، وكان الشرط عشرين ليلة فأقمت عندها ليلة، فخرجت فأتيت النبي - (صلى الله عليه وآله) - وهو بين الركن والمقام فقال: كنت أذنت لكم في متعة النساء وقد حرمها الله إلي يوم القيامة، فمن كان عنده شئ من ذلك فليخل سبيلها ولا يأخذ مما آتاها شيئا، وفي هذا ما ترى من الاضطراب، فإنه كان بين الوقتين قريب من ثلاث سنين.
فإن قالوا: حرمها يوم خيبر، وأعاد تحليلها بمكة، فإن هذا ساقط بالإجماع لأن أحدا لا يقول: أن النبي (عليه السلام) أباحها دفعتين وحرمها دفعتين، ودخل بينهما نسخ دفعتين، وكيف يدعي نسخها وقد قال عمر بن الخطاب: متعتان كانتا على عهد رسول الله حلالا وأنا أنهي عنهما، وأعاقب عليهما: متعة النساء ومتعة الحج.
وابن عباس كان يفتي به. ويناظر فيها ومناظرته مع ابن الزبير فيها مشهورة ونظم الشعراء فيها القول فقال بعضهم:
«أقول للشيخ لما طال مجلسه * يا شيخ هل لك في فتوى ابن عباس»
«هل لك في قينة بيضاء تهكنه * يكون مثواك حتى يصدر الناس»
وقوله بذلك مجمع عليه ورجوعه من ذلك لا دليل عليه. [١٩٢]

ملك اليمين

وأما ملك اليمين فيكون بأحد أسباب التمليك، وإذا انتقلت إلى الملك بأحد أسباب التمليك لم يجز وطؤها حتى تستبرأ بحيضة أو بخمسة وأربعين يوما إن كانت ممن لا تحيض، إلا أن يكون البايع لها قد استبرأها قبل وهو ممن يوثق بأمانته، فإنه لا يجب على المشتري - والحال هذه - استبراؤها، وإنما يستحب له ذلك. [١٩٣]
في الخلاف: الأمة المشتراة والمسبية يستبرئان بقرءين، وقال الشافعي: بقرء واحد[١٩٤] وإذا كانتا من ذوات الشهور استبرئتا بخمسة وأربعين يوما. وللشافعي فيه قولان: أحدهما: تستبرأ بشهر واحد. والثاني: وهو الأظهر عندهم بثلاثة أقراء. [١٩٥]
وإذا ملك أمة بابتياع، فإن كان وطأها البايع، فلا يحل للمشتري وطؤها إلا بعد الاستبراء إجماعا. وهكذا إذا أراد تزويجها لم يجز له ذلك إلا بعد الاستبراء. وكذلك إذا أراد أن يعتقها ثم يتزوجها قبل الاستبراء، لم يكن له ذلك.
وكذلك إن استبرأ ووطئها ثم أراد تزويجها قبل الاستبراء لم يجز، وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: يجوز أن يزوجها قبل الاستبراء، ويجوز أن يعتقها ويتزوجها. [١٩٦]
فإن كانت حاملا لم يجز له وطؤها في الفرج - حتى يمضي لها أربعة أشهر - إلا بشرط عزل الماء، فإن لم يعزل لم يجز له بيع الولد، ولا أن يعترف به ولدا، بل يجعل له قسطا من ماله، لأنه غذاه بنطفته. [١٩٧]
وفي الخلاف: كره له وطؤها قبل أربعة أشهر وعشرة أيام. وقال الشافعي وغيره: لا يجوز له وطؤها حتى تضع. [١٩٨]
ولا يحل وطؤ الأمة إذا كان بعضها حرا وبعضها رقا، بل يكون لمالك البعض خدمتها في الزمان بمقدار ما يملكه منها، ولها من نفسها بمقدار ما هو حر منها، وقد روي أنه يجوز أن يعقد عليها في يومها عقد المتعة خاصة.
وإن كانت مشتركة بين شريكين لم يجز لأحدهما وطؤها، إلا أن يحله شريكه من ذلك على ما رواه أصحابنا، ولا بد من اعتبار لفظ التحليل، بأن يقول: أحللت لك من وطئها، وجعلتك منه في حل، وكذلك لو كانت خاصة في الملك، فإنه يجوز وطؤها لغير المالك بتحليله لها، فإن وطأها أحد الشريكين من غير تحليل أثم ووجب تأديبه، فإن جاءت بولد ألحق به، ولزمه لشريكه سهمه من قيمته، فإن وطآها جميعا أثما وأدبا، فإن جاءت بولد ألحق بمن خرج له اسمه بالقرعة، ودفع إلى شريكه بمقدار نصيبه من قيمته.
ويجوز شراء الجارية ووطؤها، وإن سباها الظالمون، إذا كانت مستحقة للسبي وإن لم يخرج منها الخمس، لتحليل مستحقيه شيعتهم إياه خاصة من ذلك لتطيب مواليدهم، ويجوز وطؤها وإن لم تسلم إذا كانت كتابية.
ومتى ملك المرء من يحرم عليه مناكحته بالنسب، عتق عليه عقيب ملكه بلا فصل. ويجري على أم الولد أحكام الرق إلا بيعها وولدها حي في غير ثمنها، فإنه لا يجوز على ما بيناه في كتاب البيع.
ويجوز الجمع في الوطئ بملك اليمين بقليل العدد وكثيره ويجوز الجمع بين المحرمات بالنسب والسبب في الملك دون الوطئ.
ووطؤ النساء الحلائل في الدبر غير محظور بدليل قوله تعالى: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}[١٩٩] ومعنى {أنى شئتم} من أين شئتم، وكيف شئتم، في قول العلماء بالتفسير واللغة، وحمل ذلك على الوقت - وأن يكون المعنى {متى شئتم} على ما حكى عن الضحاك - خطأ عند جميعهم.
وقول المخالف: إذا سمى الله تعالى النساء حرثا، وجب أن يكون الوطؤ حيث يكون النسل، لا يعول على مثله، لأنه لا يمتنع تسميتهن بذلك، مع إباحة وطيهن فيما لا يكون منه الولد، بدليل أنه لا خلاف في جواز وطئهن فيما عدا القُبل والدُبر، لأنه لو صرح بأن قال: فأتوا حرثكم أني شئتم من قبل ودبر، لحسن ولما كان متنافيا، ولو كان ذكر الحرث يمنع من الوطئ في الدبر، لتنافى ذلك ولم يحسن التصريح به.
ومن يقول: إن المراد بالآية إباحة وطئ المرأة في قبلها من جهة دبرها، خلافا لما يكرهه اليهود، مخصص للظاهر من غير دليل، ولو صح نزول الآية على هذا السبب لم يجز أكثر من مطابقتها له، فأما منع تعديها إلى غيره مما يقتضيه ظاهرها فلا يجب. [٢٠٠]
وقد حكى الطحاوي عن الشافعي أنه قال: ما صح عن النبي (عليه السلام) في تحريم ذلك ولا تحليله شئ و القياس أنه مباح، وحكى عن مالك أنه قال: ما أدركت أحدا أقتدي به في ديني يشك أن وطئ المرأة في دبرها حلال وتلا الآية، وروى مالك ذلك عن نافع عن ابن عمر.
وقال الشيخ في الخلاف: يكره إتيان النساء في أدبارهن، وليس بمحظور. ونقل المزني كلاما ذكره في القديم في إتيان النساء في أدبارهن، فقال: قال بعض أصحابنا: حلال، وقال بعضهم: حرام. ثم قال: وآخر ما قال الشافعي: ولا أرخص فيه، بل أنهي عنه. وقال الربيع: نص على تحريمه في ستة كتب.
وحكوا تحريمه عن علي وابن عباس وابن مسعود وأبي الدرداء والحسن البصري ومجاهد وطاووس وعكرمة وقتادة. وبه قال الثوري، و أبو حنيفة وأصحابه.
وذهب زيد بن أسلم[٢٠١] إلى أنه مباح. وحكى الطحاوي عن حجاج بن أرطأة. [٢٠٢]: إباحة ذلك. وعن مالك روايتان. وروي نافع قال: قال لي ابن عمر: امسك علي هذا المصحف، فقرأ عبد الله حتى قرأ {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} فقال يا نافع أتدري في فيمن نزلت هذه الآية. قال، قلت: لا، قال: في رجل من الأنصار أصاب امرأته في دبرها، فوجد في نفسه من ذلك، فسأل النبي (صلى الله عليه وآله) فأنزل الله تعالى: '{نساؤكم حرث لكم}.[٢٠٣]

المصادر

  1. النساء : الآية 3.
  2. النور : الآية 32.
  3. ابن قدامة، المغني ج 6 كتاب النكاح ص 480.
  4. حر عاملي، وسائل الشيعة، كتاب النكاح، باب 9، الحديث 10
  5. الغنية 335.
  6. الخلاف: 5 / 93 مسألة 1، من كتاب الرضاع.
  7. ابن أبي عبد الرحمان، القرشي التيمي أبو عثمان، ويقال: أبو عبد الرحمن المدني المعروف بربيعة الرأي روى عن: إسماعيل بن عمرو بن قيس، وأنس بن مالك، وبشير بن يسار وغيرهم. وروى عنه: إسماعيل بن أمية القرشي، وإسماعيل بن جعفر المدني، وغيرهما. توفي سنة (136) بالمدينة وقيل بالأنبار. تهذيب الكمال: 9 / 123 رقم 1881.
  8. واسمه مسلم الأشعري، أبو إسماعيل الكوفي الفقيه روى عن: إبراهيم النخعي، وأنس بن مالك، والحسن البصري، وروى عنه: جرير بن أيوب البجلي، وحفص بن عمر، قاضي حلب وغيرهما توفي (120). تهذيب الكمال: 7 / 269 رقم 1483.
  9. إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، أبو بشر الأسدي الكوفي ولي المظالم ببغداد في أيام هارون الرشيد ولد سنة (110) ومات (193) ودفن ببغداد. طبقات الحنابلة: 1 / 99 رقم 108.
  10. بن عبد المطلب، أبو يعلى، سيد الشهداء، عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخوه من الرضاعة، أسلم في السنة الثانية من المبعث، هاجر إلى المدينة، وشهد بدرا وقتل في أحد في شوال سنة (3) وكان عمره (75) سنة. أسد الغابة: 1 / 528 رقم 1251.
  11. عم عائشة من الرضاعة. ويقال: أفلح بن أبي القعيس. أنظر الإصابة: 1 / 99 رقم 227.
  12. الخلاف: 5 / 93 مسألة 2.
  13. أبو عبد الله وأبو محمد، أسلم عام خيبر واستعمله رسول الله على عمان وسيره أبو بكر أميرا إلى الشام ثم سيره عمر في جيش إلى مصر وشهد صفين مع معاوية وهو أحد الحكمين واستعمله معاوية على مصر مات بها سنة (43). أسد الغابة: 3 / 741 رقم 3965.
  14. الخلاف: 5 / 98 مسألة 4.
  15. البقرة: 233.
  16. الغنية 336.
  17. الهداية في شرح البداية 1 / 219.
  18. البقرة: 233.
  19. الغنية 336.
  20. الخلاف: 5 / 99 مسألة 5.
  21. الخلاف: 5 / 95 مسألة 3.
  22. الخلاف: 5 / 100 مسألة 7.
  23. النساء: 23.
  24. الخلاف: 5 / 100 مسألة 8 - 11.
  25. الخلاف 5 / 104 مسألة 14.
  26. الخلاف: 5 / 104 مسألة 15.
  27. الخلاف: 5 / 105 مسألة 18.
  28. الخلاف: 5 / 105 مسألة 19.
  29. الغنية: 336.
  30. الخلاف 4 / 303 مسألة 75.
  31. النساء: 23.
  32. الغنية 336 - 3337.
  33. في النسخة: أمه.
  34. النساء: 3.
  35. النساء: 24.
  36. الخلاف: 4 / 306 مسألة 79.
  37. الغنية 337.
  38. الخلاف: 4 / 308 مسألة 81.
  39. الخلاف: 4 / 308 مسألة 82.
  40. النساء: 22.
  41. الغنية: 337 - 338.
  42. الخلاف: 4 / 308 مسألة 80.
  43. الغنية 338.
  44. الخلاف: 4 / 321 مسألة 98.
  45. الخلاف: 4 / 321 مسألة 97.
  46. الخلاف: 4 / 322 مسألة 99.
  47. الخلاف: 4 / 322 مسألة 100.
  48. الغنية: 338.
  49. الخلاف: 5 / 12 مسألة 8 و 9.
  50. الهداية في شرح البداية: 2 / 271.
  51. ابن أبيض العجلاني الأنصاري صاحب اللعان، وهو الذي رمى زوجته بشريك بن سحما، فلاعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بينهما وذلك في شعبان سنة تسع لما قدم من تبوك. أسد الغابة: 4 / 17 رقم 4133.
  52. النساء: 3.
  53. النساء: 24.
  54. النساء: 23.
  55. الغنية 338 - 339.
  56. الخلاف: 4 / 315 مسألة 87.
  57. الخلاف: 4 / 296 مسألة 64.
  58. الغنية 339.
  59. الخلاف: 4 / 295 مسألة 63.
  60. الغنية 339.
  61. الخلاف: 4 / 311 مسألة 84.
  62. الممتحنة: 10.
  63. البقرة: 221.
  64. الحشر: 20.
  65. المائدة: 5.
  66. الغنية 339 - 340.
  67. الخلاف: 4 / 333 مسألة 112.
  68. النساء: 3.
  69. النساء: 25.
  70. الغنية 340 - 341.
  71. الغنية 342.
  72. الخلاف: 4 / 288 مسألة 57.
  73. الغنية 342.
  74. الخلاف: 4 / 265 مسألة 17.
  75. الغنية 342.
  76. الخلاف: 4 / 250 مسألة 6.
  77. الخلاف: 4 / 255 مسألة 10.
  78. الخلاف: 4 / 264 مسألة 15.
  79. الخلاف: 4 / 265 مسألة 17.
  80. بن موسى بن عمر، القرشي الجمحي المكي. روى عن: أنس بن مالك. مات سنة (153). تهذيب الكمال: 23 / 553 رقم 4860.
  81. الغنية 343.
  82. الخلاف: 4 / 257 مسألة 11.
  83. الغنية 343.
  84. الخلاف: 4 / 271 مسألة 27.
  85. الخلاف: 4 / 271 مسألة 27 - 28.
  86. البقرة: 230.
  87. البقرة: 232.
  88. الغنية ص 343 - 345.
  89. الخلاف: 4 / 261 مسألة 13.
  90. النور: 32.
  91. الغنية 345 - 346.
  92. البقرة: 236.
  93. الغنية: 346.
  94. الخلاف: 4 / 364 مسألة 2، كتاب الصداق.
  95. النساء: 4 و 24.
  96. النساء: 4 و 24.
  97. الغنية 346 - 347.
  98. الخلاف: 4 / 277 مسألة 34.
  99. الخلاف: 4 / 277 مسألة 35.
  100. الغنية 347 - 348.
  101. الخلاف: 4 / 338 مسألة 118.
  102. الخلاف: 4 / 338 مسألة 118.
  103. الغنية 348.
  104. الخلاف: 4 / 393 مسألة 39، كتاب الصداق.
  105. الغنية: 348.
  106. الخلاف: 4 / 382 مسألة 24.
  107. الهداية في شرح البداية: 1 / 205.
  108. الغنية: 348.
  109. الخلاف: 4 / 398 مسألة 43.
  110. الخلاف: 4 / 363 مسألة 1.
  111. الغنية: 349.
  112. النساء: 3.
  113. الخلاف: 4 / 369 مسألة 6.
  114. الغنية: 349.
  115. الأحزاب: 49.
  116. البقرة: 236.
  117. الخلاف: 4 / 374 مسألة 15 - 16.
  118. الخلاف: 4 / 376 مسألة 16.
  119. الغنية 349.
  120. الخلاف: 4 / 387 مسألة 31.
  121. الغنية 349.
  122. الخلاف: 4 / 388 مسألة 32.
  123. الغنية 349 - 350.
  124. الخلاف: 4 / 292 مسألة 59.
  125. الغنية: 350.
  126. الخلاف: 4 / 388 مسألة 33.
  127. الغنية: 350.
  128. الخلاف: 4 / 293 مسألة 61.
  129. الغنية 350.
  130. الخلاف: 4 / 405 مسألة 1.
  131. الغنية 350.
  132. الخلاف: 4 / 405 مسألة 2 من كتاب الوليمة.
  133. الغنية: 350.
  134. أبو محمد الزهري، ولد بعد الفيل بعشر سنين، ومات بالمدينة سنة (32). تهذيب الكمال: 17 / 324 رقم 3923.
  135. الخلاف: 4 / 295 مسألة 63.
  136. الغنية: 350.
  137. الخلاف: 4 / 412 مسألة 4.
  138. الغنية: 350.
  139. الغنية: 350.
  140. الخلاف: 4 / 411 مسألة 3.
  141. الغنية: 351.
  142. الخلاف: 4 / 413 مسألة 6.
  143. الغنية 351.
  144. النساء: 25.
  145. الخلاف: 4 / 313 مسألة 86.
  146. الخلاف: 4 / 315 مسألة 88.
  147. الخلاف: 4 / 316 مسألة 89، وكان في النسخة: (أو حرة وأربع إماء) بدل (أو حرة وأمتين) فصوبناه حسب الخلاف.
  148. الخلاف: 4 / 315 مسألة 87.
  149. الغنية 352.
  150. الخلاف: 4 / 257 مسألة 11.
  151. الغنية: 352.
  152. الخلاف: 4 / 298 مسألة 67.
  153. النساء: 34.
  154. في النسخة: فهي راضية فيه.
  155. النساء: 128.
  156. الغنية 352 - 353.
  157. النساء: 35.
  158. الخلاف: 4 / 415 مسألة 8.
  159. المائدة: 38.
  160. النور: 2.
  161. الخلاف: 4 / 416 مسألة 9.
  162. الخلاف: 4 / 416 مسألة 10.
  163. الغنية 354.
  164. عن جميل بن زيد قال صحبت شيخا من الأنصار يقال له كعب بن زيد أو زيد بن كعب أن رسول الله تزوج امرأة من بني غفار، فلما دخل عليها وقعد على الفراش ووضع ثوبه أبصر بكشحها بياضا، فقال: ضمي إليك ثيابك. الإصابة: 2 / 618 رقم 2931.
  165. الخلاف: 4 / 346 مسألة 124.
  166. الخلاف: 4 / 348 مسألة 126. وفيه: يرجع على من دلسها وغرم.
  167. الخلاف: 4 / 349 مسألة 127.
  168. الخلاف: 4 / 349 مسألة 128.
  169. الخلاف: 4 / 352 مسألة 132، وفيه: «وكذلك القول في الزوج إذا كان حرا».
  170. الغنية 354.
  171. الخلاف: 4 / 354 مسألة 135.
  172. الخلاف: 4 / 355 مسألة 136.
  173. الغنية 355.
  174. اسمه: عويمر بن مالك الخزرجي الأنصاري روى عن: النبي (صلى الله عليه وآله)، وعن زيد بن ثابت. توفي سنة (32). تهذيب الكمال: 22 / 469 رقم 4558.
  175. الخلاف: 4 / 247 مسألة 3.
  176. الخلاف: 4 / 247 مسألة 4، عن بعض نسخه (الطمس) مكان الطرش.
  177. الأحزاب: 6.
  178. الأحزاب: 53.
  179. الخلاف : 4 / 245 مسألة 1 .
  180. الخلاف : 4 / 334 مسألة 113.
  181. الغنية : 355 - 356 .
  182. سلمة بن عمرو بن الأكوع، أبو إياس، وأبو عامر، المدني، شهد بيعة الرضوان، روى عن النبي (صلى الله عليه وآله)، وروى عنه: ابنه إياس، وبريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي، والحسن بن محمد بن الحنفية وغيرهم، مات بالمدينة سنة 74 وهو ابن 80 سنة. تهذيب الكمال: 11 / 301 رقم 2462.
  183. المغيرة بن شعبة ابن أبي عامر بن مسعود توفي سنة (49) بالكوفة، أنظر ترجمته في تهذيب الكمال: 28 / 369 رقم 6132.
  184. معاوية بن صخر بن حرب أمية، أسلم يوم الفتح، واستخلفه أبو بكر على الشام ولم يزل واليا عليه خلافة عمر وعثمان ولم يبايع عليا (عليه السلام) فكان وقعة صفين وتوفي سنة (60). أسد الغابة: 4 / 433 الرقم 4977.
  185. النساء: 3.
  186. النساء: 24.
  187. الخلاف: 4 / 340 مسألة 119.
  188. ابن جبر، المكي، أبو الحجاج القرشي المخزومي، روى عن: إبراهيم بن الأشتر النخعي، وروى عنه: أبان بن صالح، ولد (21) في خلافة عمر، ومات بمكة سنة (103). تهذيب الكمال: 27 / 228 رقم 5783.
  189. المؤمنون: 6.
  190. الغنية: 356 - 360.
  191. بن معبد، ويقال: ابن عوسجة، الجهني المدني، التابعي روى عن أبيه سبرة، وعمر بن عبد العزيز وروى عنه: عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز. تهذيب الكمال: 9 / 82 رقم 1862.
  192. الخلاف: 4 / 340 مسألة 119.
  193. الغنية 360.
  194. الخلاف: 5 / 80 مسألة 36.
  195. الخلاف: 5 / 80 مسألة 37.
  196. الخلاف: 5 / 81 مسألة 39، وكان في النسخة: «وكذلك إن اشتراها ووطئها ثم أراد أن يتزوجها... يجوز أن يتزوجها، والتصويب من الخلاف».
  197. الغنية 360.
  198. الخلاف: 5 / 85 مسألة 46.
  199. البقرة: 223.
  200. الغنية: 360.
  201. القرشي، العدوي، أبو أسامة، المدني، الفقيه. روى عن: إبراهيم بن عبد الله بن حنين، وأبيه أسلم، وأنس بن مالك، وغيرهم. وروى عنه: ابنه أسامة بن زيد بن أسلم، وإسماعيل بن عياش، وأيوب السختياني، وغيرهم. مات سنة (136). تهذيب الكمال: 10 / 12 رقم 2088.
  202. بن ثور، النخعي، أبو أرطأة الكوفي القاضي. روى عن: ثابت بن عبيد، وروى عنه: إسماعيل بن عياش، مات بخراسان أو بالري. تهذيب الكمال: 5 / 420 رقم 1112.
  203. الخلاف: 4 / 336 مسألة 117.