انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الشيعة»

من ویکي‌وحدت
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
> '''الشيعة''' أحد الديانتين الرئيسيتين في [[الإسلام|الدين الإسلامي]]، وهي ثاني أكبر مذهب من [[المذاهب الإسلامية]] من حيث عدد الأتباع. وفقًا لمذهب الشيعة، فقد اختار [[محمد بن عبد‌الله (خاتم الانبیا)|نبي الإسلام (صلّى الله عليه وآله)]، بأمر من [[خدا|الله]]، [[علی بن ابی‌طالب|الإمام علي (عليه السلام)]] كخليفة مباشر له. [[الإمامة]] هي من المبادئ العقائدية للشيعة وتميزهم عن [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]]. ووفق هذا المبدأ، يُعيّن [[الإمام]] من قبل الله ويُعرّف به الناس عبر النبي. جميع الشيعة ما عدا [[الزيدية]] يعتبرون الإمام [[معصومًا]] ويؤمنون بأن [[حجت بن الحسن (مهدی)|المهدي المنتظر]] هو الإمام الأخير الذي في الغيبة وسيقوم يومًا ما لإقامة [[العدل]] في العالم. بعض المعتقدات الكلامية المميزة للشيعة تشمل: [[حسن وقبح عقلي]]، تنزيه صفات الله، نظرية الأمر بين الأمرين، [[التقية]]، [[التوسل]] و[[الشفاعه]]. بعض فرق الشيعة لديها آراء مختلفة في بعض هذه المعتقدات. في مذهب الشيعة، كما في مذهب أهل السنة، مصادر استنباط الأحكام الفقهية هي [[القرآن]]، [[السنة]]، [[العقل]] و[[الإجماع]]، لكن خلافًا لأهل السنة، بالإضافة إلى [[سنة النبي|سنة النبي]]، تعتبر سنة الأئمة، أي أقوالهم وأفعالهم، حججًا أيضًا.
```مذهب الشيعة``` أحد المذهبين الرئيسيين في [[الإسلام|الدين الإسلامي]] وثاني أكبر مذهب من [[المذاهب الإسلامية]] من حيث العدد. وفقًا لمذهب الشيعة، فقد اختار [[محمد بن عبد الله (خاتم الأنبياء)|نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله)]], بأمر من [[الله|الله]]، [[علي بن أبي طالب|الإمام علي (عليه السلام)]] كخليفة مباشر له. [[الإمامة]] من أصول عقيدة الشيعة ووجه تميزهم عن [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]]. وفق هذا الأصل، يُعيّن [[الإمام]] من قبل الله ويُعرّف به الناس عبر النبي. جميع الشيعة ما عدا [[الزيدية]] يعتبرون الإمام [[معصومًا]] ويؤمنون بأن [[حجت بن الحسن (المهدي)|المهدي المنتظر]] هو الإمام الأخير الذي في الغيبة وسيقوم يومًا لإقامة [[العدل]] في العالم. بعض المعتقدات الكلامية المميزة للشيعة تشمل: [[الحسن والقبح العقلي]]، تنزيه صفات الله، نظرية الأمر بين الأمرين، [[التقية]]، [[التوسل]] و[[الشفاعة]]. بعض فرق الشيعة لديها آراء مختلفة في بعض هذه المعتقدات. في مذهب الشيعة، كما في مذهب أهل السنة، مصادر استنباط الأحكام الفقهية هي [[القرآن]]، [[السنة]]، [[العقل]] و[[الإجماع]]. ولكن خلافًا لـ[[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]]، بالإضافة إلى [[سنة النبي|سنة النبي]]، تعتبر سنة الأئمة، أي أقوالهم وأفعالهم، حججًا أيضًا.


> ## المعنى اللغوي
== المعنى اللغوي ==
> كلمة "شيعة" في اللغة تعني أتباع أو أنصار شخص ما، وجمعها "شِيع" و"أشياع"، ويقال: تبعَه كما يقال: والاه وتآزر معه<ref>لسان العرب، ج ۸، ص ۱۸۸، واژه «تشیّع».</ref>.<br>قال ابن فارس: للشيعة معنيان أصليان، أحدهما يدل على النصرة والآخر على التفرق والانتشار. وقولهم: فلان لما خرج، مشى الآخرون معه، من المعنى الأول<ref>مقاییس اللغة، ج ۳، ص ۲۳۵، واژه «شیع».</ref>.<br>الشيعة في اللغة تطلق على معنيين، أحدهما اتفاق وتوافق اثنين أو أكثر على أمر، والآخر متابعة فرد أو جماعة لفرد أو جماعة أخرى؛ قال ابن منظور في لسان العرب: «الشيعة قوم اجتمعوا على أمر، وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة»<ref>ابن منظور، لسان العرب، ج ۸، ص ۱۸۸. طباطبایی، محمد حسین، المیزان، ج ۱۷، ص۱۴۷.</ref>.
الشيعة في اللغة تعني أتباع أو أنصار شخص ما، وجمعها «شِيع» و«أشياع»، ويقال: تبعه كما يقال: والاه وتآزر معه<ref>لسان العرب، ج ۸، ص ۱۸۸، واژه «تشیّع».</ref>.<br>قال ابن فارس: للشيعة معنيان أصليان، أحدهما يدل على النصرة والآخر على التفرق والانتشار. وقولهم: فلان لما خرج، مشى الآخرون معه، من المعنى الأول<ref>مقاییس اللغة، ج ۳، ص ۲۳۵، واژه «شیع».</ref>.<br>يطلق لفظ الشيعة في اللغة على معنيين: أحدهما اتفاق وتوافق اثنين أو أكثر على أمر، والآخر متابعة فرد أو جماعة لفرد أو جماعة أخرى؛ قال ابن منظور في لسان العرب: «الشيعة قوم اجتمعوا على أمر، وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة»<ref>ابن منظور، لسان العرب، ج ۸، ص ۱۸۸. طباطبایی، محمد حسین، المیزان، ج ۱۷، ص۱۴۷.</ref>.
كلمة «شيعة» هي اختصار لـ «شيعة علي»، أي أتباع أو حزب [[علي بن أبي طالب|علي بن أبي طالب]]. يشكل الشيعة ۱۰ إلى ۱۳<ref>[https://www.pewresearch.org/religion/2009/10/07/mapping-the-global-muslim-population/ خريطة توزيع المسلمين في العالم]</ref> بالمئة من سكان المسلمين في العالم، و۳۸ بالمئة من سكان المسلمين في [[الشرق الأوسط]]<ref>[https://archive.org/details/nationalgeograph0000nati_y7q6 أطلس الشرق الأوسط]</ref>.


> كلمة "شيعة" هي اختصار لـ "شيعة علي"، أي أتباع أو حزب [[علی بن ابی‌طالب|علي بن أبي طالب]]. يشكل الشيعة ما بين ۱۰ إلى ۱۳<ref>[https://www.pewresearch.org/religion/2009/10/07/mapping-the-global-muslim-population/ خريطة توزيع المسلمين في العالم]</ref> بالمئة من سكان المسلمين في العالم، و۳۸ بالمئة من سكان المسلمين في [[الشرق الأوسط]]<ref>[https://archive.org/details/nationalgeograph0000nati_y7q6 أطلس الشرق الأوسط]</ref>.
== المعنى الاصطلاحي ==
يطلق اسم «شيعة» اصطلاحيًا على أولئك المسلمين الذين يؤمنون بخلافة وإمامة علي (عليه السلام) المباشرة، ويقولون إن الإمام وخليفة النبي (صلى الله عليه وآله) يُعيّن عبر نص شرعي، وأن إمامة علي (عليه السلام) والإمامان الآخرون في مذهب الشيعة مثبتة بنفس الطريقة<ref>شيخ مفيد، محمد بن محمد بن نعمان، أوائل المقالات، ص۳۵.</ref><ref>شهرستاني، محمد بن عبدالکريم، الملل والنحل، ج۱، ص۱۴۶.</ref>.
وقد أُطلق لفظ الشيعة على أصدقاء وأتباع علي (عليه السلام) أولًا من قبل النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وورد في أحاديثه المتعلقة به. فقد روى السيوطي عن جابر بن عبد الله الأنصاري وابن عباس عن علي (عليه السلام) أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في تفسير الآية الكريمة: «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية»<ref>سورة البينة، آية 7</ref> أشار إلى علي (عليه السلام) وقال: «أنت وشيعتك» ستكونون ناجين يوم القيامة»<ref>السيوطي، جلال الدين، الدر المنثور، ج۸، ص۵۸۹.</ref><ref>الأمين، عبد الحسين، الغدير، ج ۲، ص ۵۷۵۸.</ref>.


> ## المعنى الاصطلاحي
== الخاستگاه ==
> يُطلق اسم "شيعة" اصطلاحيًا على أولئك المسلمين الذين يؤمنون بخلافة و[[إمامة]] علي (عليه السلام) المباشرة، ويقولون إن الإمام وخليفة النبي (صلّى الله عليه وآله) يُعيّن عبر نص شرعي، وأن إمامة علي (عليه السلام) والأئمة الآخرين عند الشيعة مثبتة بهذه الطريقة<ref>شیخ مفید، محمد بن محمد بن نعمان، اوائل المقالات، ص۳۵.</ref><ref>شهرستانی، محمد بن عبدالکریم، الملل و النحل، ج۱، ص۱۴۶.</ref>.
بعد وفاة رسول الله، كان الذين يؤمنون بأولوية علي بن أبي طالب للخلافة يُسمون شيعة. ولم يكن تميز هذه الجماعة عن بقية المسلمين واضحًا إلا في زمن الإمام محمد باقر، حيث برزت المحبة لأهل البيت والاعتقاد بأحقية حصرية لهم في حكم المسلمين. ومنذ ذلك الحين، أصبح الشيعة تدريجيًا مذهبًا فقهيًا وقانونيًا مستقلًا. في زمن الإمام جعفر الصادق، ومع توسع النقاشات الكلامية للشيعة (أتباعه)، أسسوا مذهبًا خاصًا بهم إلى جانب المعتزلة والأشاعرة<ref>مدرسي طباطبائي، المذهب في مسيرة التطور، شابك ۹۶۴–۸۱۶۱–۷۵–۵، صفحات: ۲۹–۳۲</ref>.
ومنذ زمن الإمام جعفر الصادق، وبسبب تجنبه السعي للسلطة السياسية في ظل الصراع بين الأمويين والعباسيين، كان الاعتقاد السائد بين غالبية أتباعه أنه لن يحدث تغيير في الوضع السياسي للشيعة حتى قيام [[حجت بن الحسن (المهدي)|القائم آل محمد]]، ولهذا السبب كان الشيعة الإثنا عشرية لسنوات عديدة يستفسرون من الأئمة التاليين عن كونهم القائم أم لا<ref>مدرسي طباطبائي، المذهب في مسيرة التطور، شابك ۹۶۴–۸۱۶۱–۷۵–۵، صفحات: ۳۵–۴۰</ref>.


> أُطلق اسم "شيعة" على أصدقاء وأنصار علي (عليه السلام) أولًا من قبل النبي محمد (صلّى الله عليه وآله) وورد في أحاديثه. كما روى [[سیوطی]] عن [[جابر بن عبدالله انصاری|جابر بن عبدالله الأنصاري]] و[[عبدالله ابن عباس|ابن عباس]] عن علي (عليه السلام) أن النبي (صلّى الله عليه وآله) في تفسير الآية الكريمة: «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية»<ref>سورة البينة، آية 7</ref> أشار إلى علي (عليه السلام) وقال: «أنت وشيعتك» ستكونون فائزين يوم القيامة»<ref>سیوطی، جلال‌الدین، الدر المنثور، ج۸، ص۵۸۹.</ref><ref>أميني، عبدالحسين، الغدير، ج ۲، ص ۵۷۵۸.</ref>.
«الشيعة» في الاصطلاح الحديث يُطلق على أولئك المسلمين الذين يؤمنون بخلافة وإمامة علي (عليه السلام) المباشرة ويعتقدون أن الإمام وخليفة رسول الله يُعيّن عبر نص شرعي، وأن إمامة علي والإمامان الآخرون في مذهب الشيعة مثبتة بنفس الطريقة<ref>أوائل المقالات، ص۳۵</ref><ref>شهرستاني، الملل والنحل، ج۱، ص۱۴۶</ref>.
وبحسب مادلونغ، لم يُعطِ القرآن ولا وثيقة المدينة مكانة تفضيلية لقريش، كما لم تحدد وثيقة المدينة طريقة خلافة النبي. ومع ذلك، فإن طريقة انتقال [[الإرث]] العامة مذكورة في سورة النساء، وفي القرآن، تنتقل النبوة أيضًا بالوراثة. يمكن لكل فرد أن يعيّن وصيًا لنفسه قبل موته ويكتب «وصية» لتنفيذها بعد موته. ظل النبي يأمل في وجود وريث ذكر حتى آخر خمس سنوات من حياته، وبعد ثلاث سنوات أنجبت جاريته القبطية ماريه ولدًا اسمه إبراهيم، لكنه توفي مبكرًا. لذلك، كانت فاطمة (عليها السلام) الوارثة الشرعية الوحيدة لرسول الله وخليفته الشرعية.
مرض النبي بعد عشر سنوات من الهجرة، وبعد عدة أشهر من عودته من حجة الوداع، وتوفي ظهر يوم الاثنين ۱۲ ربيع الأول سنة ۱۱ هـ الموافق ۷ يونيو ۶۳۲ م في بيت زوجته [[عائشة]] في المدينة عن عمر يناهز ۶۳ عامًا<ref>شبارو، عصام محمد (۱۹۹۵). الدولة العربية الإسلامية الأولى (۱-٤۱هـ/٦۲۳-٦٦۱م) (الطبعة 3). بيروت: دار النهضة العربية. ص. ۲۰۲</ref>. بعد ذلك، توجهت مجموعة من الناس إلى سقيفة بني ساعدة لمناقشة خلافة [[رسول الله]]<ref>مصطفى حلمي (۲۰۰۶): الخلافة، ص۳۷–۳۸</ref>. وكان ذلك بينما كان علي مع طلحة وزبير وجماعة من أقاربه وصحابة النبي مشغولين بتكفين وتدفين جسد النبي الطاهر، لكن نتيجة اجتماع المسلمين في سقيفة كانت اختيار أبي بكر خليفة لمحمد. كان بعض الأنصار في سقيفة بني ساعدة يدعمون سعد بن عبادة، لكن المهاجرين رفضوا ذلك واعتبروا أنفسهم أقرب نسبًا إلى النبي. ومن بين المهاجرين كان علي وزعيمهم زبير وطلحة وعباس بن عبد المطلب ومقداد وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري وعمّار ياسر، الذين اعتبروا علي وارث الرسالة الشرعي. يعتقد بوناوالا أن المؤرخين المسلمين يتفقون على أن الأزمة في تلك المرحلة حُلّت بواسطة ثلاثة من المهاجرين المعروفين بأسماء أبي بكر وعمر وأبو عبيدة جراح، حيث جمعوا الأنصار وفرضوا أبي بكر عليهم. وقد سهّلت الحسد بين قبيلتي الأنصار المهمتين، أوس وخزرج، وعدم نشاط [[بني هاشم]] في نشر رأيهم، نجاح هؤلاء الثلاثة.
أدى هذا الاختيار إلى خلاف بين مؤيدي أبي بكر وأنصار علي. كان أنصار علي يرون أنه عُين خليفة من قبل النبي شخصيًا وأن الخلافة يجب أن تكون له. نقل الطبري في تاريخه أن مجموعة من معارضي أبي بكر، منهم زبير، اجتمعوا في بيت فاطمة (عليها السلام) وطردهم عمر مهددًا بإحراق البيت. قال علي لاحقًا إنه لو كان لديه أربعون من أنصاره لثار. ووفقًا لبوناوالا، رفض علي وبنو هاشم البيعة لأبي بكر حتى استشهاد فاطمة (حوالي ستة أشهر). لم يصر علي على حقه لأنه لم يرغب في أن يقع الصراع في الأمة الناشئة. وهكذا نشأت تدريجيًا مؤسسة الخلافة التي ليس لها مثيل خارج العالم الإسلامي. كان للخليفة مكانة القيادة وحق اختيار الحكام. وكان التعيين في الخلافة نوعًا من العقد الذي يخلق التزامات متبادلة بين الخليفة والأمة.
جميع الشيعة يؤمنون بأن اختيار الإمامة من قبل الله وإبلاغها عبر النبي، وبناءً على حديث الغدير (وآيات مثل آية الولاية<ref>آية ۵۵، من سورة ۵: المائدة</ref> وآية التطهير<ref>آخر آية ۳۳، من سورة ۳۳: الأحزاب</ref> وأحاديث متواترة أخرى مثل حديث المنزلة وحديث الثقلين)<ref>راجع دورة الإمام‌شناسي، العلامة سيد محمد حسين الحسيني الطهراني، منشورات العلامة الطباطبائي</ref>، يرون عليًا إمامًا بحق، بينما أهل السنة يؤمنون بالشورى.
يعتقد الشيعة أن محمدًا في حياته عين خليفة من بعده وهو ابن عمه وصهره علي بن أبي طالب، كوصي وخليفة له. ويرون أن أساس وخاستگاه الشيعة هو الدفاع عن الإسلام والولاية والعدل. ويستندون في ذلك إلى واقعة [[غدير خم]]<ref>[http://www.sooremag.ir/%D8%A7%DB%8C%D8%B1%D8%A7%D9%86/%D8%B4%DB%8C%D9%86%D9%90-%D8%B4%DB%8C%D8%B9%D9%87 موقع سوره]</ref>.
كما يستند الشيعة في إثبات حقانيتهم إلى روايات من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مصادر أهل السنة التي تشير إلى «شيعة علي». من بينها يروي السيوطي، وهو من أهل السنة، أن النبي قال لعلي: «والذي نفسي بيده إن هذا الرجل – علي – وشيعته في الآخرة ناجون»<ref>السيوطي (عالم سني)، «الدر المنثور» تحت آية ۷ سورة البينة</ref>. أما العلامة الأميني، وهو من علماء الشيعة المشهورين والمحبوبين لدى الشيعة، فقد جمع كل الروايات المتعلقة بواقعة الغدير من كتب أهل السنة ونشرها في أربعين مجلدًا تحت عنوان الغدير.
يربط بعضهم التشيع بشخص يدعى [[عبد الله بن سبأ]]. رغم أن بعض الكتب التاريخية و«كتب الملل والنحل» تعتبره من الغلاة في الشيعة ومؤسس فرقة السبئية التي تعتقد بألوهية علي، ولهذا السبب لُعن وتكفّر علي بن أبي طالب، وبعض الأخبار تقول إنه وأتباعه أُحرقوا بأمر علي. يرى [[مرتضى العسكري]] في كتابه وبعض المستشرقين وبعض علماء السنة في القرون الأخيرة أن عبد الله بن سبأ شخصية خيالية ومختلقة من خصوم الشيعة<ref>[https://fa.wikipedia.org/wiki/%D8%BA%D8%A7%D9%84%DB%8C%D8%A7%D9%86 الغلاة]</ref>.
يعتقد بعض أهل السنة، مثل [[الشيخ شلتوت]]، مفتي الأزهر الأكبر، أن تقليد [[فقه]] [[مذهب جعفري]] مثل المذاهب الأربعة لأهل السنة معتبر<ref>[https://web.archive.org/web/20061111031850/http://maarefislam.com/doreholomvamaarefislam/bookscontent/imamshenasi/imam3/imam3.6.htm نص فتوى الشيخ محمود شلتوت بجواز اتباع المذهب الشيعي]</ref>.


> ## النشأة
== كلمة شيعة في القرآن الكريم ==
> بعد وفاة رسول الله، الذين آمنوا بأولوية علي بن أبي طالب في [[الخلافة]] كانوا يُعرفون بالشيعة. لم يكن تمييز هذه المجموعة عن باقي المسلمين واضحًا إلا في زمن [[محمد بن علي (باقر العلوم)|الإمام محمد الباقر]]، حينما أصبح حب [[أهل البيت]] والاعتقاد في استحقاقهم الحصري للحكم أبرز ما يميزهم. منذ ذلك الحين، بدأ الشيعة يتبلورون كمذهب فقهي وقانوني مستقل. في زمن [[جعفر بن محمد (صادق)|الإمام جعفر الصادق]]، توسعت المناقشات الكلامية للشيعة (أتباعه) وأسسوا مذهبًا خاصًا بهم إلى جانب [[المعتزلة]] و[[الأشاعرة]]<ref>مدرسی طباطبایی، مکتب در فرایند تکامل، شابک ۹۶۴–۸۱۶۱–۷۵–۵، ص ۲۹–۳۲</ref>.
في [[القرآن|القرآن الكريم]] وردت كلمة «شيعة» بمعنى أتباع الأنبياء والشخصيات العظيمة. قال الله تعالى في قصة [[حضرت موسى|موسى (عليه السلام)]]: «فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ»<ref>سورة القصص، آية ۱۵</ref>. وقال أيضًا: «وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإبراهيم...»<ref>سورة الصافات، آية ۸۳</ref>. ووردت كلمة شيع في قوله تعالى: «مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا»<ref>سورة الروم، آية ۳۲</ref>. جمع «شيعة» تعني فرقة يتفقون على اتباع سنة ومذهب واحد<ref>طباطبائي سيد محمد حسين، تفسير الميزان، ج ۱۲، ص ۱۹۵.</ref>.


> منذ زمن الإمام جعفر الصادق، وبسبب ابتعاده عن السعي وراء السلطة السياسية في ظل الصراع بين [[الأمويين]] و[[العباسيين]]، اعتقد غالب أتباعه أنه لن يحدث تغيير سياسي حتى قيام [[حجت بن الحسن (مهدی)|القائم آل محمد]]، ولهذا السبب كان الشيعة الاثنا عشرية يسألون الأئمة اللاحقين طويلاً عما إذا كانوا هم القائم أم لا<ref>مدرسی طباطبایی، مکتب در فرایند تکامل، شابک ۹۶۴–۸۱۶۱–۷۵–۵، ص ۳۵–۴۰</ref>.
== فرق الشيعة ==
تاريخيًا، ظهرت فرق كثيرة في الشيعة، وقد انقرضت معظمها، ولا فائدة من مناقشتها. ومع ذلك، الفرق الرئيسية الموجودة حاليًا هي: [[الاثني عشرية|الشيعة الاثني عشرية]]، [[الزيدية|الشيعة الزيدية]]، و[[الإسماعيلية|الشيعة الإسماعيلية]]. ومن منظور آخر، ينقسم الشيعة إلى [[الزيدية]] و[[الكيسانية]] و[[الإمامية]]. الزيدية ثلاثة فرق، والكيسانية فرقتان، والإمامية خمسة عشر فرقة<ref>تاريخ مذاهب الإسلام - محمد جواد مشكور، ص ۴۸، في بيان كلام الرافضة</ref> والمعروفة بفرق [[الإمامية]]. اليوم توجد عدة فروع رئيسية للشيعة الإثني عشرية، الإسماعيلية، العلويون والزيدية.


> "الشيعة" اصطلاحًا اليوم يُطلق على أولئك المسلمين الذين يؤمنون بخلافة وإمامة علي (عليه السلام) المباشرة ويعتقدون أن الإمام وخليفة رسول الله يُعيّن عبر نص شرعي، وإمامة علي والأئمة الآخرين عند الشيعة مثبتة بنفس الطريقة<ref>اوائل المقالات، ص۳۵</ref><ref>شهرستانی، الملل و النحل، ج۱، ص۱۴۶</ref>.
== سبب التسمية ==
الغالبية العظمى من الشيعة هم شيعة الإمامية أو الاثني عشرية. يؤمنون بإمامة اثني عشر إمامًا بعد [[محمد بن عبد الله (خاتم الأنبياء)|نبي الإسلام]]، ويعتبرونهم خلفاء النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) الشرعيين، لذا سُمّوا الاثني عشرية. ويسمى هذا المذهب أيضًا الشيعة الجعفرية أو الشيعة الاثني عشرية.
تركز الشيعة الاثني عشرية بشكل خاص على مسألة الإمامة، وتعتبر عصمة الإمام وفضله على باقي أفراد الأمة الإسلامية أمرًا مهمًا وأساسيًا. وترى الإمامة بعد الأئمة الثلاثة الأوائل محصورة في نسل [[الحسين بن علي (سيد الشهداء)|الإمام الحسين (عليه السلام)]]. وبناءً على هذه المعتقدات الخاصة بالإمامة، يُعرف الشيعة الاثني عشرية بالإمامية.
الشيعة الاثني عشرية اليوم، في بداية القرن الحادي والعشرين، هم أكبر فرع من مذهب الشيعة. وتعتبر الإمامية من أشهر المصطلحات الكلامية لهذا المذهب، والمأخوذة من كلمة «إمام» التي تعني القائد والذي يُتبع قوله، وجمعها «أئمة». حرف الياء في نهايتها هو ياء النسبة بمعنى المنسوب إلى الإمام، ولأنها وصف لـ«فرقة» فهي مؤنثة، أي فرقة الإمامية، ويقصد بها الجماعة التي تتبع «الإمام المعين من قبل النبي» بعد وفاة النبي.


> وفقًا لما قاله مادلونغ، لا يوجد في القرآن ولا في ميثاق [[المدينة]] تفضيل لقريش ولا تحديد لكيفية خلافة النبي. مع ذلك، شرح القرآن طريقة انتقال [[الوراثة]] في سورة النساء، والنبوة تنتقل أيضًا وراثيًا. يمكن لأي شخص قبل موته أن يعين وصيًا ويكتب "وصية" لينفذها بعد موته. النبي لم يفقد الأمل في وجود وريث ذكر له حتى السنوات الخمس الأخيرة من حياته، وأنجب ابناً اسمه إبراهيم من جاريته القبطية ماريه بعد ثلاث سنوات، لكنه توفي مبكرًا. لذلك، كانت فاطمة (سلام الله عليها) الوريثة الشرعية الوحيدة للنبي وخليفته الشرعي.
[[محمد بن محمد بن نعمان|الشيخ مفيد]] بعد تعريفه للشيعة الذين يؤمنون بالإمامة المباشرة لعلي (عليه السلام)، قال عنهم: «هذا اللقب خاص بالشيعة الذين يؤمنون بوجود إمام في كل زمان، ووجوب النص الجلي والعصمة والكمال لكل إمام، ويرون أن الإمامة (باستثناء الأئمة الثلاثة الأوائل) محصورة في ذرية الإمام الحسين (عليه السلام)»<ref>الشيخ مفيد، محمد بن محمد بن نعمان، أوائل المقالات، ص۳۸.</ref>.


> توفي النبي بعد عشر سنوات من الهجرة، وبعد عدة أشهر من عودته من حجة الوداع، ظهر يوم الاثنين ۱۲ ربيع الأول سنة ۱۱ هـ الموافق ۷ يونيو ۶۳۲ م في منزل زوجته [[عائشة]] بمدينة المدينة عن عمر ۶۳ سنة<ref>شبارو، عصام محمد (۱۹۹۵). الدولة العربية الإسلامية الأولى (۱-٤۱هـ/٦۲۳-٦٦۱م) (3 ed.). بيروت: دار النهضة العربية، ص. ۲۰۲</ref>. بعد ذلك، ذهب فريق من الناس إلى سقيفة بني ساعدة لمناقشة خلافة النبي<ref>مصطفى حلمي (۲۰۰۶): الخلافة، ص۳۷–۳۸</ref>. وكان علي، مع طلحة وزبير وعدد من أقاربه وصحابة النبي، مشغولين بتكفين ودفن جسد النبي الطاهر، لكن اجتماع السقيفة انتهى باختيار أبو بكر خليفة للنبي. بعض الأنصار دعموا سعد بن عبادة، لكن المهاجرين رفضوا ذلك واعتبروا أنفسهم أقرب إلى النبي من ناحية القرابة. بين المهاجرين، كان فريق بقيادة علي ويضم زبير وطلحة وعباس بن عبدالمطلب ومقداد وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري وعمّار ياسر، يرون أن علي هو الوارث الشرعي للرسالة. يعتقد بوناوالا أن المؤرخين المسلمين يتفقون على أن الأزمة في هذا الوقت حُلّت بواسطة ثلاثة مهاجرين مشهورين: أبو بكر، عمر، وأبو عبيدة جراح، الذين جمعوا الأنصار وفرضوا أبو بكر عليهم. حسد قبيلتي الأنصار "أوس" و"خزرج" وعدم نشاط بني هاشم في نشر رأيهم سهّل نجاح هؤلاء الثلاثة.
== أئمة الشيعة ==
أسماء وخصائص الأئمة الاثني عشر في الشيعة وردت في أحاديث عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله). وهم:


> هذا الاختيار سبب انقسامًا بين أنصار أبو بكر وأنصار علي. أنصار علي كانوا يؤمنون بأنه عُيّن خليفة من قبل النبي شخصيًا وأن الخلافة يجب أن تكون له. نقل الطبري في تاريخه أن مجموعة من معارضي أبو بكر، منهم زبير، اجتمعوا في بيت فاطمة (سلام الله عليها)، فهدد عمر بإحراق البيت وأخرجهم. قال علي لاحقًا إنه لو كان لديه أربعون رجلاً لثار. وفقًا لبوناوالا، رفض علي وبني هاشم البيعة لأبي بكر حتى شهادة فاطمة (حوالي ستة أشهر). لم يصر على حقه لأنه لم يرغب في أن يشق الأمة الإسلامية الوليدة. وهكذا نشأت تدريجيًا مؤسسة الخلافة التي ليس لها مثيل في خارج العالم الإسلامي. الخليفة له مكانة القيادة وحق اختيار الحكام. تعيين الخليفة كان نوعًا من العقد الذي يخلق التزامات متبادلة بين الخليفة والأمة.
۱- [[علي بن أبي طالب|علي بن أبي طالب (عليه السلام)]]؛


> جميع الشيعة يؤمنون بأن الإمامة تُختار من قبل الله ويُعلن عنها النبي، وبناءً على حديث الغدير (وآيات مثل آية الولاية<ref>آية ۵۵، من سورة ۵: المائدة</ref> وآية التطهير<ref>آخر آية ۳۳، من سورة ۳۳: الأحزاب</ref> وأحاديث متواترة أخرى مثل حديث المنزلة وحديث الثقلين)<ref>راجع قسم الإمام‌شناسي، العلامة سيد محمد حسين الحسيني الطهراني، منشورات العلامة طباطبائي</ref> يعتبرون علي الإمام الحق، بينما أهل السنة يؤمنون بالشورى.
۲- [[حسن بن علي (مجتبی)|حسن بن علي (عليه السلام)]]؛


> يعتقد الشيعة أن محمد في حياته عين خليفة بعده، وهو ابن عمه وصهره علي بن أبي طالب كوصي وخليفة له. يؤمن الشيعة أن أساس ونشأة الشيعة هي الدفاع عن الإسلام والولاية والعدل. يستندون في ذلك إلى واقعة [[غدير خم]]<ref>[http://www.sooremag.ir/%D8%A7%DB%8C%D8%B1%D8%A7%D9%86/%D8%B4%DB%8C%D9%86%DB%90-%D8%B4%DB%8C%D8%B9%D9%87 موقع سوره]</ref>.
۳- [[حسين بن علي (سيد الشهداء)|حسين بن علي (عليه السلام)]]؛


> كما يستند الشيعة في إثبات حقانيتهم إلى أحاديث من النبي (صلّى الله عليه وآله) في مصادر أهل السنة التي تشير إلى "شيعة علي". من ذلك ما رواه [[سیوطی]] [[سني]] المذهب عن النبي وهو يشير إلى علي قائلاً: «والذي نفسي بيده، إن هذا الرجل - علي - وشيعته في الآخرة هم الفائزون»<ref>سیوطی (عالم سني)، "الدر المنثور" تحت آية ۷ سورة البينة</ref>. و[[علامة أميني]]، وهو من علماء الشيعة المشهورين، جمع جميع الأحاديث المتعلقة بواقعة الغدير من كتب أهل السنة ونشرها في أربعين مجلدًا تحت عنوان الغدير.
۴- [[علي بن الحسين (زين العابدين)|علي بن الحسين (عليه السلام)]]؛


> ينسب البعض التشيع إلى شخص يدعى [[عبدالله بن سبأ]]، رغم أن بعض الكتب التاريخية و"كتب الملل والنحل" تعتبره من الغلاة في الشيعة ومؤسس فرقة السبئية التي كانت تؤمن بألوهية علي، ولذلك لُعن وتكفّر من قبل علي بن أبي طالب، ويُروى أنه هو وأتباعه أُحرقوا بأمر علي. [[مرتضى عسكري]] في كتابه وبعض المستشرقين وحتى علماء سنة في القرون الأخيرة يرون أن عبدالله بن سبأ شخصية خيالية من تأليف معارضي الشيعة<ref>[https://fa.wikipedia.org/wiki/%D8%BA%D8%A7%D9%84%DB%8C%D8%A7%D9%86 الغلاة]</ref>.
۵- [[محمد بن علي (باقر العلوم)|محمد بن علي (عليه السلام)]]؛


> بعض أهل السنة مثل [[شيخ شلتوت]]، مفتي الأزهر، يرون جواز تقليد [[فقه]] [[مذهب جعفري]] مثل المذاهب الأربعة عند أهل السنة<ref>[https://web.archive.org/web/20061111031850/http://maarefislam.com/doreholomvamaarefislam/bookscontent/imamshenasi/imam3/imam3.6.htm نص فتوى الشيخ محمود شلتوت في جواز اتباع مذهب الشيعة]</ref>.
۶- [[جعفر بن محمد (صادق)|جعفر بن محمد (عليه السلام)]]؛


> ## كلمة "شيعة" في القرآن الكريم
۷- [[موسى بن جعفر (الكاظم)|موسى بن جعفر (عليه السلام)]]؛
> في [[القرآن|القرآن الكريم]]، "شيعة" تعني أتباع الأنبياء والشخصيات العظيمة. يقول الله في قصة [[موسى عليه السلام]]: الذي كان من شيعته طلب العون ضد عدوه: «فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِیعَتِهِ عَلَی الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ»<ref>سورة القصص، آية ۱۵</ref>. ويقول أيضًا: ومن شيعته إبراهيم الذي جاء بقلب سليم إلى ربه: «وَ إِنَّ مِنْ شِیعَتِهِ لاَِبْراهِیمَ...»<ref>سورة الصافات، آية ۸۳</ref>. كلمة "شيع" في آية: «مِنَ الَّذِینَ فَرَّقُوا دِینَهُمْ وَ کانُوا شِیَعاً»<ref>سورة الروم، آية ۳۲</ref> تعني جماعة أو فرقة متفقة على مذهب معين<ref>طباطبایی سید محمد‌حسین، تفسیر المیزان، ج ‏12، ص 195.</ref>.


> ## الفرق الشيعية
۸- [[علي بن موسى (الرضا)|علي بن موسى (عليه السلام)]]؛
> في تاريخ الشيعة ظهرت فرق كثيرة، معظمها انقرض ولا فائدة في مناقشتها. الفرق الرئيسية الموجودة اليوم هي: [[اثنی عشریة|الشيعة الاثنا عشرية]]، [[الزیدية|الشيعة الزيدية]] و[[الإسماعيلية|الشيعة الإسماعيلية]]. ومن ناحية أخرى، تنقسم الشيعة إلى [[الزیدية]] و[[الکیسانیة]] و[[الامامية]]، حيث الزيدية ثلاث فرق، الكیسانية فرقتان، والامامية خمس عشرة فرقة<ref>تاریخ مذاهب اسلام ـ محمد جواد مشکور ص۴۸</ref>. اليوم، الفروع الرئيسية هي الشيعة الاثنا عشرية، الإسماعيلية، العلويون والزيدية.


> ## سبب التسمية
۹- [[محمد بن علي (جواد)|محمد بن علي (عليه السلام)]]؛
> الغالبية العظمى من الشيعة هم الشيعة الإمامية أو الاثنا عشرية الذين يؤمنون بإمامة اثني عشر إمامًا بعد [[محمد بن عبد‌الله (خاتم الانبیا)|النبي محمد]]، ويعتبرونهم خلفاءه الشرعيين، لذا يُسمون الاثنا عشرية.


> يسمون هذا المذهب أيضًا الشيعة الجعفرية أو الاثنا عشرية. يؤكد مذهب الشيعة الاثنا عشرية على الإمامة وعصمة الإمام وتفضيله على بقية الأمة، ويعتقدون أن الإمامة بعد الثلاثة الأئمة الأوائل محصورة في نسل [[حسین بن علی (سید الشهدا)|الإمام الحسين (عليه السلام)]]. لهذا السبب يُعرفون بالإمامية.
۱۰- [[علي بن محمد (هادي)|علي بن محمد (عليه السلام)]]؛


> الشيعة الاثنا عشرية اليوم، في بداية القرن الواحد والعشرين، هم أكبر فرع من مذهب الشيعة. "الإمامية" هو من أشهر المصطلحات الكلامية لهذا المذهب، وهو مشتق من "إمام" التي تعني القائد الذي يُتبع، وجمعها "أئمة". حرف الياء في نهايتها يدل على النسبة، وتعني فرقة الإمامية وهم الذين يتبعون "الإمام المعين من الله" بعد وفاة النبي.
۱۱- [[حسن بن علي (عسكري)|حسن بن علي (عليه السلام)]]؛


> قال [[محمد بن محمد بن نعمان|الشيخ المفيد]] عن تعريف الشيعة بأنهم الذين يؤمنون بإمامة علي (عليه السلام) المباشرة: «هذا اللقب خاص بفئة من الشيعة الذين يؤمنون بوجود إمام في كل زمان، وبوجوب النص الصريح والعصمة والكمال لكل إمام، ويعتقدون أن الإمامة (عدا الثلاثة الأوائل) محصورة في نسل الإمام الحسين (عليه السلام)»<ref>الشيخ مفيد، محمد بن محمد بن نعمان، اوائل المقالات، ص۳۸.</ref>.
۱۲- [[حجت بن الحسن (المهدي)|حجت بن الحسن (عليه السلام)]].


> ## الأئمة الشيعة
== تاريخ نشأة التشيع ==
> أسماء وخصائص الأئمة الاثني عشر مذكورة في أحاديث النبي محمد (صلّى الله عليه وآله):
رغم وجود بعض الخلافات بين المسلمين في عصر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في بعض المسائل<ref>الإمام شرف الدين، النص والاجتهاد.</ref>، إلا أن الفرق والتصنيفات التي ظهرت لاحقًا لم تكن موجودة في ذلك الوقت، ولكن بعد وفاة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ظهرت خلافات أدت إلى نشوء فرق مختلفة بين المسلمين. أهم خلاف ظهر في الأيام الأولى بعد وفاة النبي كان حول مسألة الخلافة والإمامة، مما قسم المسلمين إلى فريقين.
>  
فريق يؤمن أن الإمامة مثل النبوة منصب ومقام إلهي، ومن شروط الإمام العصمة من الخطأ والمعصية، ولا يعلم هذه الصفة إلا الله، وطريقة تعيين الإمام هي النص الإلهي المذكور في القرآن أو الأحاديث النبوية، ووفقًا لهذه النصوص، فإن علي بن أبي طالب (عليه السلام) هو خليفة النبي وإمام المسلمين. كان الإمام علي (عليه السلام) وبنو هاشم وبعض كبار الصحابة، من المهاجرين والأنصار، من أنصار هذا الرأي، وهو عقيدة الشيعة - خصوصًا الشيعة الإمامية - في مسألة الإمامة.
> 1- [[علی بن ابی‌طالب|علي بن أبي طالب (عليه السلام)]]؛
والفريق الآخر - الذي كان في مقدمتهم [[أبو بكر بن أبي قحافة|أبو بكر]] و[[عمر بن الخطاب|عمر]] - كانوا يرون أن النبي الأكرم لم يعين خليفة لنفسه، وترك الأمر للمسلمين ليقرروا بأنفسهم. وبناءً على ذلك، وبالنظر لأهمية مسألة الخلافة والإمامة ودورها الحيوي في مصير الأمة الإسلامية، في خطوة متسرعة - في ظل تجهيز علي بن أبي طالب وبعض كبار الصحابة لجثمان النبي - اجتمع عدد من المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة، وبعد مناقشات حول خليفة النبي (صلى الله عليه وآله) بينهم، بايعوا أخيرًا أبو بكر خليفة للنبي (صلى الله عليه وآله).
>
> 2- [[حسن بن علی (مجتبی)|حسن بن علي (عليه السلام)]]؛
>
> 3- [[حسین بن علی (سید الشهدا)|حسين بن علي (عليه السلام)]]؛
>
> 4- [[علی بن الحسین (زین العابدین)|علي بن الحسين (عليه السلام)]]؛
>
> 5- [[محمد بن علی (باقر العلوم)|محمد بن علي (عليه السلام)]]؛
>
> 6- [[جعفر بن محمد (صادق)|جعفر بن محمد (عليه السلام)]]؛
>
> 7- [[موسی بن جعفر (کاظم)|موسى بن جعفر (عليه السلام)]]؛
>
> 8- [[علی بن موسی (رضا)|علي بن موسى (عليه السلام)]]؛
>
> 9- [[محمد بن علی (جواد)|محمد بن علي (عليه السلام)]]؛
>
> 10- [[علی بن محمد (هادی)|علي بن محمد (عليه السلام)]]؛
>
> 11- [[حسن بن علی (عسکری)|حسن بن علي (عليه السلام)]]؛
>
> 12- [[حجت بن الحسن (مهدی)|حجت بن الحسن (عليه السلام)]].


> ## تاريخ نشأة التشيع
== صمت علي ==
> رغم وجود بعض الخلافات بين المسلمين في زمن النبي (صلّى الله عليه وآله) حول بعض المسائل<ref>الإمام شرف الدين، النص والاجتهاد.</ref>، لم تكن هناك فرق أو تصنيفات كما ظهرت لاحقًا. بعد وفاة النبي، نشأت خلافات أدت إلى تقسيم المسلمين إلى فرق مختلفة. أهم خلاف ظهر في الأيام الأولى بعد وفاة النبي كان حول الخلافة والإمامة، مما قسم المسلمين إلى فئتين.
نظرًا للظروف السياسية والاجتماعية في العالم الإسلامي، ولأن الإمام علي (عليه السلام) وأنصاره كانوا قد يلجؤون لأعمال عدائية لإثبات عقيدتهم وتطبيقها، وكان وجود الإسلام مهددًا من أعداء خارجيين (الإمبراطورية الفارسية والرومانية) وأعداء داخليين (المنافقين)، رأى الإمام علي (عليه السلام) مصلحة الإسلام والمسلمين في اتباع منهج الصبر والتسامح، ورغم أنه كان ينتقد أداء الآخرين في الأوقات المناسبة، إلا أنه تجنب النزاعات العدائية، ولم يتوانَ في قيادة وتطوير المجتمع الإسلامي، وساعد في حل المشاكل ودعم جهاز الخلافة. وقد نقل عن الخليفة الثاني قوله سبعين مرة: «لو لم يكن علي لهلك عمر»<ref>الكليني، محمد بن يعقوب، ج۷، ص۴۲۴.</ref>، وقال أيضًا: «اللهم لا تتركني لمشكلة لا يوجد فيها علي»<ref>الأمين، عبد الحسين، الغدير، ج۶، ص۲۴۷.</ref>.


> فئة تؤمن بأن [[الإمامة]] مثل [[النبوة]] منصب إلهي، ويجب أن يكون الإمام معصومًا من الخطأ والخطيئة، وهذه العصمة لا يعلمها إلا الله. لذلك، طريقة تعيين الإمام هي النص الإلهي في القرآن أو الأحاديث النبوية، وبموجب هذه النصوص، علي بن أبي طالب هو خليفة النبي والإمام للمسلمين. كان علي وبني هاشم وبعض كبار الصحابة من [[المهاجرين]] و[[الأنصار]] مؤيدين لهذه النظرية، وهي عقيدة الشيعة، خصوصًا الإمامية، في مسألة الإمامة.
== الشيعة في زمن النبي ==
على كل حال، ظهر الشيعة كأتباع علي بن أبي طالب ومؤمنين بإمامته المباشرة في الأيام الأولى بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله). وهناك روايات تشير إلى أن لفظ «شيعة» كان يُطلق في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) على أربعة من الصحابة وهم: [[سلمان]]، [[مقداد]]، [[أبو ذر]]، و[[عمار ياسر|عمار ياسر]]<ref>النوبختي، حسن بن موسى، فرق الشيعة، ص۱۷۱۸.</ref><ref>الأمين، سيد محسن، أعیان الشيعة، ج۱، ص۱۸۱۹.</ref>. وكان هؤلاء من الذين يرون أن الإمامة والخلافة لعلي (عليه السلام). وبناءً على أن نظرية الشيعة في مسألة الإمامة مستندة إلى نصوص الكتاب والسنة، يمكن القول إن التشيع كان مصاحبًا للإسلام، رغم أن وجوده كمذهب مستقل بدأ بعد وفاة النبي.


> والفئة الأخرى، بقيادة [[أبوبكر بن أبي قحافة|أبوبكر]] و[[عمر بن خطاب|عمر]]، تؤمن بأن النبي لم يعين خليفة لنفسه، وترك الأمر للمسلمين ليقرروا. بناءً على ذلك، وفي إجراء سريع، اجتمع بعض المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة أثناء تجهيز جسد النبي (صلّى الله عليه وآله)، وناقشوا من يخلفه، وانتهى الاجتماع بمبايعة أبي بكر خليفة.
== فرق الشيعة ==
لأن مذهب الشيعة فهم الإمامة بشكل كامل خلال قرنين ونصف، واجه العديد من الأحداث والأزمات خاصة في مسألة الإمامة والمهديّة. ولهذا السبب، ظهرت فرق شيعية منحرفة نتيجة انحراف بعض الأفراد عن الشيعة الإمامية، منها: [[الكيسانية]]، [[الزيدية]]، [[الإسماعيلية]]، [[الفتحية]] و[[الواقفيات]]. على كل حال، هذه الفرق هي فروع منحرفة عن عقائد الشيعة الحقّة، وحتى مع تطور هذه الفرق، لا يُطلق لفظ «شيعة» عليها إلا إذا أضيف إلى مذهبها، مثل الشيعة الإسماعيلية والزيدية وغيرها من الفرق المنقرضة.


> ## صمت علي
== الغلو في الشيعة ==
> بسبب الظروف السياسية والاجتماعية في العالم الإسلامي التي كانت تهدد وجود الإسلام من أعداء خارجيين (الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية) وأعداء داخليين (المنافقين)، رأى الإمام علي (عليه السلام) أن مصلحة الإسلام والمسلمين تقتضي الصبر والتسامح. رغم انتقاداته في الوقت المناسب، تجنب الصراعات العدائية وساعد في توجيه المجتمع الإسلامي وحل مشكلاته، حتى أن الخليفة عمر قال سبعين مرة: «لو لم يكن علي، لهلك عمر»<ref>كليني، محمد بن يعقوب، ج۷، ص۴۲۴.</ref> وقال أيضًا: «اللهم لا تترك لي أمرًا عسيرًا إلا وعلي حاضر فيه»<ref>أميني، عبدالحسين، الغدير، ج۶، ص۲۴۷.</ref>.
كان الغلو في مذهب الشيعة بالنسبة لبعض المستغلين أو الغافلين عن حقائق عقيدة الشيعة طريقًا إلى الكفر والشرك، ووقع بعض الأفراد في الكفر والغلو. هؤلاء الكفار المغالون لا يمثلون جوهر عقائد الشيعة، لكن بعض الكتاب مثل شهرستاني وسمعاني يحاولون تصوير جميع الأفراد والفرق المنحرفة عن الشيعة، مثل الكيسانية، الإسماعيلية، الزيدية، الغلاة وغيرهم، كشيعة غلاة، ويوهمون القارئ بأن فرق الشيعة كثيرة جدًا ويهدفون إلى إخفاء العقائد الصحيحة للشيعة وتقديم صورة مشوهة لهم<ref>شهرستاني، محمد بن عبدالکريم، الملل والنحل، ج۱، ص۹۲.</ref><ref>شهرستاني، محمد بن عبدالکريم، الملل والنحل، ج۱، ص۱۴۶</ref>.


> ## الشيعة في زمن النبي
== الشيعة والصمود ==
> الشيعة كمجموعة من أتباع علي (عليه السلام) المؤمنين بإمامته المباشرة ظهرت بعد وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله). لكنها أيضًا وردت في بعض الروايات أن لفظ "شيعة" كان يُطلق على أربعة من الصحابة في حياة النبي وهم: [[سلمان]]، [[مقداد]]، [[أبوذر]] و[[عمار ياسر|عمار ياسر]]<ref>نوبختي، حسن بن موسى، فرق الشيعة، ص۱۷۱۸.</ref><ref>أمين، سيد محسن، أعیان الشيعة، ج۱، ص۱۸۱۹.</ref>. هؤلاء كانوا من الذين يرون أن علي هو الخليفة المباشر للنبي. بناءً على ذلك، يمكن القول إن التشيع كان موجودًا مع الإسلام، وإن كان كمذهب ظهر بعد وفاة النبي.
أصدقاء وأنصار علي (عليه السلام) الذين عرفوا بالشيعة، بعد وفاة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) انتقدوا واحتجوا من أجل استعادة حقوق أهل البيت في الخلافة والمرجعية العلمية، وانفصلوا عن غالبية الناس الذين بايعوا أبو بكر لأسباب مختلفة. وكان سلمان وأبو ذر ومقداد وعمّار وحذيفة بن اليمان وغيرهم من أنصار الإمام علي الحقيقيين الذين دافعوا عن حقه في مناسبات متعددة<ref>الكشي، محمد بن عمر، رجال الكشي، مجلد ۱، منشورات جامعة مشهد، ۱۳۴۸ هـ ش، ص۶-۷.</ref>.
كان شيعة آل محمد عليهم السلام في ذلك الوقت تحت ضغط مستمر حتى تعرض [[أبو ذر الغفاري]] للتعذيب من قبل معاوية بسبب كشفه للحقائق، ثم نُفي إلى صحراء ربذة حيث توفي في الغربة<ref>مجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت - لبنان، مؤسسة الوفاء، ۱۴۰۴ هـ ق، ۱۱۰ مجلد، ج۲۲، ص۳۹۹.</ref>. كما استشهد كبار الشيعة مثل [[مالك الأشتر]]، [[محمد بن أبي بكر]]، [[حجر بن عدي]]، جويرة بن مسهر، [[ميثم تمار]]، [[كميل بن زياد]]، رشيد هجري وقنبر... بمكر معاوية<ref>علامة حلي، حسن بن يوسف، كشف اليقين، مؤسسة الطباعة والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد، ۱۴۱۱ هـ ق، ج ۱، ص۷۷.</ref>. وفي عهد [[بني أمية|بني أمية]] (۴۰ـ۱۳۲ هـ) أُزيلت كل الحصانات عن الشيعة في النفس والمال، حتى أن [[حجاج بن يوسف]] كان يقتل من يشاء من الشيعة متى أراد<ref>علامة حلي، حسن بن يوسف، كشف اليقين، مؤسسة الطباعة والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد، ۱۴۱۱ هـ ق، مجلد واحد، ص۷۷.</ref>. لكن كلما اشتد الظلم والاضطهاد على الشيعة، ازدادوا ثباتًا في عقيدتهم. ومع قيام [[بني العباس]]، تصاعدت قسوة الاضطهاد على الإمامة والشيعة، وكانوا أحيانًا يلجأون إلى [[التقية]] لحماية أنفسهم.
في بداية القرن الرابع، وصل سلاطين آل بويه إلى السلطة. دعمهم للمذهب والعقائد الشيعية أعطى قوة كبيرة للمجتمع الشيعي. وقد وفر الدعم السياسي للشيعة حرية عمل كبيرة. في هذه الفترة برز علماء مثل الشيخ الكليني، الشيخ الصدوق، [[محمد بن محمد بن نعمان|الشيخ مفيد]]، [[الشيخ الطوسي]] وغيرهم، الذين أعلنوا عن عقائدهم وناقشوا آراء الآخرين، وتركوا تراثًا ثمينًا من المؤلفات والمصادر الأساسية للعلوم الدينية كالحديث والفقه والتفسير وغيرها من علوم آل محمد (عليهم السلام).
في بداية القرن السادس، مع بداية الغزو المغولي، ساهم اعتناق بعض سلاطين المغول في إيران للشيعة وحكم سلاطين المرعشي في مازندران، ومركزية الشيعة في [[قم]]، [[الكوفة]] و[[النجف]] في تقوية مكانة الشيعة وعددهم. استمر هذا الوضع حتى أواخر القرن التاسع الهجري، ومنذ القرن العاشر الهجري، مع ظهور الدولة الصفوية في إيران، اكتسب مذهب الشيعة صفة رسمية ولا يزال كذلك حتى القرن الخامس عشر الهجري، وإلى جانب ذلك يعيش مئات الملايين من الشيعة في أنحاء العالم.


> ## الفرق الشيعية
== واجب الشيعة ==
> بسبب فهم الشيعة الكامل للإمامة خلال قرنين ونصف، واجه التشيع أزمات وفتن خاصة في موضوع الإمامة والمهدي. لذلك، ظهرت فرق منحرفة عن الإمامية منها: [[الكيسانية]]، [[الزيدية]]، [[الإسماعيلية]]، [[الفطحية]] و[[الواقف]]... هذه الفرق هي فروع منحرفة عن عقائد الشيعة الحقة، ومع تطور هذه الفرق، لم يُطلق عليها لفظ "شيعة" إلا بإضافة مذهبها الخاص، مثل الشيعة الإسماعيلية والزيدية وغيرها التي انقرضت.
اليوم، أعداء الشيعة الأساسيون هم قادة الاستكبار والكفر وحلفاؤهم. يستثمر قادة الاستكبار ويدعمون بلا حدود التيارات المنحرفة ليس فقط لإلحاق الضرر بالتشيع، بل لوضع مخططات لضرب [[عالم الإسلام|عالم الإسلام]]. ومن الضروري لجميع الشيعة أن يدافعوا عن عقائد هذا المذهب علميًا ودقيقًا، إلى جانب معرفتهم بأعداء التشيع الأساسيين.


> ## الغلو في الشيعة
== المعتقدات ==
> الغلو في مذهب الشيعة أدى ببعض المستغلين أو الجهلاء إلى الوقوع في الكفر والشرك. هؤلاء الكفار المغالون لا يمثلون جوهر عقائد الشيعة، لكن بعض المؤلفين مثل شهرستاني وسمعاني يحاولون تصوير جميع الفرق المنحرفة والفرق الغالية على أنها كلها شيعية ومغالية، ويزعمون أن هناك فرقًا شيعية كثيرة، ويهدفون إلى تقديم صورة مشوهة عن الشيعة.
عقيدة الشيعة هي نصب علي بن أبي طالب لخلافة النبي، والإمامة بعده. بينما عقيدة [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]] هي أن [[محمد بن عبد الله (خاتم الأنبياء)|نبي الإسلام]] لم يعين خليفة لنفسه، وكان يرغب أن يقرر المجتمع أمر القيادة بين أفراده<ref>Sodiq, Yushau (2010). An Insider's Guide to Islam. Trafford Publishing. و اختيار الخليفة يكون ديمقراطيًا من قبل المجتمع المسلم Khadduri, Majid; Liebesny, Herbert J. (2008). Origin and Development of Islamic Law. The Lawbook Exchange, Ltd</ref>.
معظم عقائد ومناسبات الشيعة الاثني عشرية اليوم جمّعها ونظّمها [[محمد باقر مجلسی|محمد باقر مجلسی]] في عهد [[الصفويين]]<ref>الخرافة كأيديولوجيا في السياسة الإيرانية من مجلسی إلى أحمدي نجاد، علي رهنما (مقدمة)</ref>.


> ## الشيعة والصمود
=== أصول الدين ===
> أنصار علي (عليه السلام) الذين عرفوا بالشيعة، بعد وفاة النبي، طالبوا بحقوق أهل البيت في الخلافة والمرجعية العلمية وانتقدوا واعترضوا، وانفصلوا عن الأغلبية التي بايعت أبي بكر لأسباب مختلفة. من أنصار علي الحقيقيين: سلمان، أبوذر، مقداد، عمار، حذيفة بن اليمان... الذين دافعوا عن حقه<ref>كشي، محمد بن عمر، رجال الكشي، ص۶ - ۷.</ref>.
وفقًا لمعتقد الشيعة، أصول الدين خمسة، بالإضافة إلى ثلاثة أصول وهي [[التوحيد]]، [[النبوة]] و[[المعاد]]، يؤمنون أيضًا بوجود أصلين آخرين هما [[العدل]] و[[الإمامة]].


> تعرض أبوذر الغفاري للتعذيب من معاوية بسبب كشفه للحقائق، ثم نُفي إلى ربذة حيث توفي في غربته<ref>مجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج۲۲، ص۳۹۹.</ref>. كما استشهد كبار الشيعة مثل مالك الأشتر، محمد بن أبي بكر، حجر بن عدي، جويرة بن مسهر، ميثم التمار، كميل بن زياد، رشيد هجري وقنبر بسبب مكائد معاوية<ref>علامة حلي، حسن بن يوسف، كشف اليقين، ج 1، ص۷۷.</ref>. في عهد [[الأمويين]] (۴۰ـ۱۳۲ هـ) أُزيلت الحصانة عن أرواح وأموال الشيعة، وكان [[حجاج بن يوسف|حجاج]] يقتل أحد الشيعة متى شاء<ref>علامة حلي، حسن بن يوسف، كشف اليقين، ج 1، ص۷۷.</ref>. لكن كلما ازداد الظلم، ازداد الشيعة ثباتًا على عقيدتهم. مع قيام [[العباسيين]]، اشتدت الملاحقات ضد الإمامة والشيعة، وكانوا يلجأون أحيانًا إلى [[التقية]].
==== المعاد ====
يؤمن الشيعة بالمعاد الجسدي<ref>ناصر مكارم شيرازي. «اعتقادنا، المعاد الجسدي». الموقع الرسمي لدانشنامه پایگاه حوزه</ref>. رغم وجود بعض الشبهات حول روحية المعاد<ref>إبراهيمي ديناني. «شبهة الأكل والمأكول». دائرة المعارف الإسلامية الكبرى</ref> إلا أن معظم علماء الشيعة مثل [[محمد بن حسن الطوسي|الشيخ الطوسي]]، [[خواجه نصير الدين الطوسي]] والإمام [[محمد الغزالي]] يؤكدون على المعاد الجسدي<ref>دورة المعادشناسي، العلامة سيد محمد حسين الحسيني الطهراني، ج ۶، ص ۶۴، نقلاً عن آخر الفصول في الهیّات الشفاء، بوعلي سينا</ref>.


> في أوائل القرن الرابع، وصل سلاطين آل بويه إلى السلطة، ودعمهم للمذهب الشيعي أعطى المجتمع الشيعي قوة كبيرة وحرية عمل. ظهرت في هذه الفترة علماء مثل الشيخ الكليني، الشيخ الصدوق، الشيخ المفيد، الشيخ الطوسي وغيرهم، الذين نشروا عقائد وعلوم آل محمد (عليهم السلام).
==== القرآن ====
يعتبر الشيعة [[القرآن]] محفوظًا<ref>[https://web.archive.org/web/20051124205643/http://www.hojjat.net/defa08.htm أقوال العلماء والأساطين في مذهب التشيع في نفي تحريف القرآن]</ref>، ويؤكدون على اتباع القرآن و[[السنة]]، ويعتقدون أن تعيين خليفة النبي هو أمر خاص بالله والنبي فقط.


> في أوائل القرن السادس مع غزو المغول، اعتنق بعض سلاطين المغول في إيران الشيعة، وحكم سلاطين المرعشي في مازندران، وكانت مراكز الشيعة في قم، الكوفة والنجف قوية، مما ساعد على نمو الشيعة. استمر هذا الوضع حتى أواخر القرن التاسع الهجري، ومع ظهور الدولة الصفوية في إيران، أصبح المذهب الشيعي رسميًا ولا يزال كذلك حتى القرن الخامس عشر الهجري، ويعيش اليوم مئات الملايين من الشيعة في كل أنحاء العالم.
==== المنجي ====
الإيمان بظهور أو عودة المنجي (المنقذ) والموعود أمر واضح في معظم الفرق الإسلامية وكذلك في الديانات الأخرى، إذ ينتظر اليهود ملك بني إسرائيل، والمسيحيون يؤمنون بعودة عيسى، وفي معتقدات [[الزرادشتيين]]، [[البوذيين]] وبعض الديانات الأخرى توجد أشكال مشابهة لهذا الاعتقاد. في الفرق الإسلامية، خصوصًا الشيعية، كان هذا الاعتقاد شائعًا وظاهرًا بعد الإسلام. تعتبر الكيسانية القائم محمد حنفيّة ابن علي بن أبي طالب الآخر، وتعتبر الإسماعيلية القائم إسماعيل ابن جعفر الصادق الأكبر. أما معتقد الشيعة الاثني عشرية فهو أن المنجي في آخر الزمان من آل محمد، ويسمونه قائم آل محمد أو المهدي، ويعتقدون أنه الإمام الثاني عشر حجت بن الحسن العسكري.


> ## واجب الشيعة
==== الرجعة ====
> اليوم، أعداء الشيعة الرئيسيين هم قادة الاستكبار والكفر وحلفاؤهم. هؤلاء يستثمرون ويدعمون التيارات المنحرفة لضرب التشيع وللإضرار بالعالم الإسلامي. من واجب كل شيعي أن يعرف أعداء التشيع الحقيقيين، ويدافع عن عقائد هذا المذهب علميًا ودقيقًا.
الإيمان بـ[[الرجعة]] بمعنى عودة بعض الموتى إلى الحياة في هذه الدنيا عند ظهور المهدي، من معتقدات الشيعة، وبعض علماء الشيعة لا يعتبرون الرجعة من الضروريات<ref>مرتضى مطهري. «الرجعة في اعتقاد الشيعة». الموقع الرسمي لحوزة قم</ref>، لكن لا ينكرها أحد بسبب الأدلة العقلية والنقلية والقرآنية عليها<ref>«الرجعة». الموقع الرسمي لمكتب التبليغات الإسلامية في حوزة قم؛ شبكة البلاغ</ref>. رغم أن بعض [[الديانات]] وحتى الفرق الإسلامية تؤمن بأشكال مختلفة من الرجوع إلى الحياة بعد الموت كعودة الروح إلى جسد آخر أو بالتناسخ أو حلول، إلا أن نظرة الشيعة في الرجعة هي من أكبر الفروق بينهم وبين الآخرين، بمعنى أن الشيعة يؤمنون ليس فقط بالمعاد الجسدي، بل يعتقدون أنه في [[الآخر الزمان]] وبعد ظهور قائم آل محمد،<ref>«الظهور والرجعة». الموقع الرسمي لمكتب التبليغات الإسلامية في حوزة قم؛ شبكة البلاغ</ref> سيعود بعض الأنبياء مثل [[عيسى المسيح]] والأولياء مثل [[مالك الأشتر]] وبعض أئمة الشيعة وأيضًا بعض الأشرار والفجار من أزمنة البشر إلى الحياة. وبهذا يحكم الصالحون على الدنيا ويُعاقب الأشرار<ref>«مفهوم الرجعة». الموقع الرسمي لمكتب التبليغات الإسلامية في حوزة قم؛ شبكة البلاغ</ref>.


> ## المعتقدات
==== العصمة ====
> عقيدة الشيعة هي تعيين علي بن أبي طالب كخليفة للنبي، والإمامة بعده. بينما عقيدة [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]] تقول إن النبي (صلّى الله عليه وآله) لم يعين خليفة، وكان يريد أن يقرر المجتمع أمر القيادة<ref>Sodiq, Yushau (2010). An Insider's Guide to Islam. Trafford Publishing; Khadduri, Majid; Liebesny, Herbert J. (2008). Origin and Development of Islamic Law. The Lawbook Exchange, Ltd</ref>.
كلمة «[[العصمة]]» في اللغة العربية تعني الحفظ والمنع والوقاية<ref>المنجد في اللغة/مادة «عصم»</ref>. أما في علم الكلام، فتعني الحصانة من الذنب أو الخطأ لبعض البشر مثل الأنبياء والأئمة. كانت نظرية العصمة في أئمة الشيعة أولًا عند [[هشام بن حكم|هشام ابن حكم]] من علماء الكلام المهمين في الشيعة ومن أصحاب الإمام السادس<ref>مدرسي طباطبائي، المذهب في مسيرة التطور، شابك ۹۶۴–۸۱۶۱–۷۵–۵، ص ۳۹</ref>. أشار علماء الكلام الإسلامي مثل خواجه نصير الدين الطوسي في كتابه تجريد الاعتقاد و[[علامة حلي]] في شرح التجريد إلى أن العصمة تُطرح في ثلاث مستويات:
 
المستوى الأول: العصمة بمعنى الحفظ من الخطأ في تبليغ الرسالة. في هذا المجال يؤكد علماء الكلام من أهل التشيع والتسنن عصمة النبي (صلى الله عليه وآلهلأن الآية الثالثة من سورة الن
> معظم عقائد وطقوس الشيعة الاثنا عشرية الحالية نظمها [[محمد باقر مجلسی|محمد باقر مجلسی]] في عهد [[الصفويين]]<ref>Superstition as Ideology in Iranian Politics From Majlesi to Ahmadinejad علی رهنما(Page i)</ref>.
 
> ### أركان الدين
> وفقًا لمعتقد الشيعة، أركان الدين خمسة، بالإضافة إلى التوحيد، النبوة والمعاد، يؤمنون أيضًا بـ [[العدل]] و[[الإمامة]].
 
> #### المعاد
> يؤمن الشيعة بالمعاد الجسدي<ref>ناصر مکارم شیرازی. «اعتقاد ما، معاد جسمانی». الموقع الرسمي لدانشنامه پایگاه حوزه</ref>. رغم وجود بعض الشبهات حول روحية المعاد<ref>ابراهيمي دیناني. «شبهه آكل وماكول». دائرة المعارف الإسلامية الكبرى</ref>، إلا أن معظم علماء الشيعة مثل [[محمد بن حسن طوسي|الشيخ الطوسي]]، [[خواجه نصیرالدین طوسي]] و[[محمد الغزالي]] يؤكدون المعاد الجسدي<ref>دورة معادشناسی، العلامة سید محمد حسین الحسيني الطهراني، ج ۶، ص ۶۴</ref>.
 
> #### القرآن
> يعتبر الشيعة [[القرآن]] محفوظًا<ref>[https://web.archive.org/web/20051124205643/http://www.hojjat.net/defa08.htm أقوال علماء ومراجع مذهب التشيع في نفى تحريف القرآن]</ref>، وهم جميعًا يدعون اتباع القرآن و[[السنة]]، ويعتبرون أن تعيين خليفة النبي خاص بالله والنبي فقط.
 
> #### المنجي
> الإيمان بظهور أو رجوع منجي (مخلص) هو معتقد شائع في معظم الفرق الإسلامية والديانات الأخرى، مثل اليهود الذين ينتظرون ملك بني إسرائيل، والمسيحيين الذين يؤمنون بعودة المسيح، والزرادشتيين والبوذيين وغيرهم. في الفرق الإسلامية، خاصة الشيعة، كان هذا الاعتقاد واضحًا. الكيسانيون يرون القائم محمد حنفيه ابن علي بن أبي طالب، والإسماعيلية يرون القائم إسماعيل ابن جعفر الصادق. لكن الشيعة الاثنا عشرية يؤمنون بأن المنجي من آل محمد ويسمونه قائم آل محمد أو المهدي، وهو الإمام الثاني عشر الذي في الغيبة.
 
> #### الرجعة
> الإيمان بالرجعة، أي عودة بعض الأموات إلى الحياة في الدنيا عند ظهور المهدي، من معتقدات الشيعة. بعض علماء الشيعة لا يرون الرجعة من الضروريات<ref>مرتضى مطهري. «الرجعة في اعتقاد الشيعة». موقع حوزه</ref> لكن لا أحد ينكرها بسبب الأدلة العقلية والنقلية والقرآنية<ref>«الرجعة». الموقع الرسمي لمكتب التبليغات الإسلامية في قم؛ شبكة البلاغ</ref>. رغم أن بعض الأديان والفرق الإسلامية تؤمن بأشكال مختلفة من الرجعة مثل تناسخ الأرواح أو حلولها، إلا أن رؤية الشيعة في الرجعة هي من الفروق الكبرى بينهم وبين الآخرين، إذ يؤمنون بالمعاد الجسدي العميق، وأن في آخر الزمان بعد ظهور قائم آل محمد<ref>«الظهور والرجعة». الموقع الرسمي لمكتب التبليغات الإسلامية في قم؛ شبكة البلاغ</ref>، سيرجع بعض الأنبياء مثل [[عيسى المسيح]] والأولياء مثل [[مالك الأشتر]] وبعض الأئمة وبعض الأشرار إلى الدنيا، فيحكم الصالحون ويُعاقب الأشرار<ref>«مفهوم الرجعة». الموقع الرسمي لمكتب التبليغات الإسلامية في قم؛ شبكة البلاغ</ref>.
 
> #### العصمة
> كلمة "العصمة" في اللغة العربية تعني الحفظ والوقاية والمنع<ref>المنجد في اللغة/مادة «عصم»</ref>، لكنها في علم الكلام تعني الحصانة من الخطأ أو الذنب لبعض الناس مثل الأنبياء والأئمة. نظرية العصمة في الأئمة عند الشيعة قدمها أولًا [[هشام بن حكم]] من المتكلمين المهمين عند الشيعة وأحد أصحاب الإمام السادس<ref>مدرسی طباطبایی، مکتب در فرایند تکامل، شابک ۹۶۴–۸۱۶۱–۷۵–۵، ص ۳۹</ref>. علماء الكلام مثل خواجه نصيرالدين الطوسي في كتابه "تجريد الاعتقاد" و[[علامة حلي]] في شرح التجريد يذكرون أن العصمة تُطرح على ثلاث مستويات:
 
> - المستوى الأول: العصمة بمعنى الحفظ من الخطأ في تبليغ الرسالة. في هذا المجال، يؤمن علماء الكلام من الشيعة والسنة بالعصمة للنبي، لأن آية من سورة النجم تؤكد أن النبي لا ينطق عن الهوى<ref>مَا ضَلَّ صَاحِبُکُمۡ وَ مَا غَوَیٰ* وَ مَا یَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَیٰٓ، سورة النجم، آيات ۲-۳-۴</ref>.
 
> - المستوى الثاني: العصمة بمعنى الحفظ من الذنب والمعصية. في هذا المجال، يؤمن معظم علماء الكلام الشيعة بعصمة الأنبياء والأئمة وفاطمة بنت محمد<ref>تجريد الاعتقاد/نصير الدين الطوسي/مبحث العصمة</ref>.
 
> - المستوى الثالث: العصمة بمعنى الحفظ من كل زلة وخطأ. في هذا المجال، هناك اختلاف بين علماء الكلام الشيعة، لكن الغالبية يرون أن النبي، ابنته فاطمة، والأئمة في مرتبة لا يقعون فيها في أي خطأ. بالمقابل، بعض العلماء مثل [[الشيخ الصدوق]] يرون أن النبي قد يصدر منه زلات صغيرة في مسائل شخصية وغير مرتبطة بالرسالة<ref>الغدير، ج ۳، ص ۲۹۸–۲۹۷</ref><ref>راهنماشناسی، ص ۳۷۷–۳۷۶</ref><ref>الإمامة والقيادة، ص ۷۶–۷۵</ref><ref>دراسة مسائل الإمامة العامة، ص ۲۲۸–۲۲۷</ref>.
 
> #### التبرك
> يعتقد أن أسلحة وأدوات الأنبياء، بما في ذلك النبي محمد، ورثها الأئمة من بعده. قال الإمام جعفر الصادق في كتاب الكافي: "سلاح رسول الله عندي".
 
> كما ذكر أن سيف النبي، وخاتمه، وعصاه، وعلامته، وعلمه، ورايته عنده. وعصا موسى وخاتم سليمان وابن داوود والصينية التي كان موسى يضع عليها هداياه عنده. الشيء الذي إذا وضعه النبي بين المسلمين والمشركين، لم تصب المشركين سهام. وهو الشيء الذي جلبه الملائكة.
 
> ذكر أن وراثة سلاح النبي تعادل تولي الإمامة، مثلما وراثة عرش بني إسرائيل تعني تولي النبوة. قال الإمام الرضا: "إذا ذهب السلاح منا ذهب العلم، ولن يبتعد السلاح عن أهل العلم (الإمامة)"<ref>Al-Kulayni, Abu Jaʼfar Muhammad ibn Yaʼqub (2015). Kitab al-Kafi. South Huntington, NY: The Islamic Seminary Inc.</ref>.
 
> ## الشيعة في مصادر الفرق الإسلامية
> الأشعري يقسم الشيعة إلى ثلاث فئات: "الغلاة"، "الرافضة"، و"الزيدية"، ويعتبر الإمامية

مراجعة ٠٨:١٤، ٢ أغسطس ٢٠٢٥

```مذهب الشيعة``` أحد المذهبين الرئيسيين في الدين الإسلامي وثاني أكبر مذهب من المذاهب الإسلامية من حيث العدد. وفقًا لمذهب الشيعة، فقد اختار نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله), بأمر من الله، الإمام علي (عليه السلام) كخليفة مباشر له. الإمامة من أصول عقيدة الشيعة ووجه تميزهم عن أهل السنة. وفق هذا الأصل، يُعيّن الإمام من قبل الله ويُعرّف به الناس عبر النبي. جميع الشيعة ما عدا الزيدية يعتبرون الإمام معصومًا ويؤمنون بأن المهدي المنتظر هو الإمام الأخير الذي في الغيبة وسيقوم يومًا لإقامة العدل في العالم. بعض المعتقدات الكلامية المميزة للشيعة تشمل: الحسن والقبح العقلي، تنزيه صفات الله، نظرية الأمر بين الأمرين، التقية، التوسل والشفاعة. بعض فرق الشيعة لديها آراء مختلفة في بعض هذه المعتقدات. في مذهب الشيعة، كما في مذهب أهل السنة، مصادر استنباط الأحكام الفقهية هي القرآن، السنة، العقل والإجماع. ولكن خلافًا لـأهل السنة، بالإضافة إلى سنة النبي، تعتبر سنة الأئمة، أي أقوالهم وأفعالهم، حججًا أيضًا.

المعنى اللغوي

الشيعة في اللغة تعني أتباع أو أنصار شخص ما، وجمعها «شِيع» و«أشياع»، ويقال: تبعه كما يقال: والاه وتآزر معه[١].
قال ابن فارس: للشيعة معنيان أصليان، أحدهما يدل على النصرة والآخر على التفرق والانتشار. وقولهم: فلان لما خرج، مشى الآخرون معه، من المعنى الأول[٢].
يطلق لفظ الشيعة في اللغة على معنيين: أحدهما اتفاق وتوافق اثنين أو أكثر على أمر، والآخر متابعة فرد أو جماعة لفرد أو جماعة أخرى؛ قال ابن منظور في لسان العرب: «الشيعة قوم اجتمعوا على أمر، وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة»[٣]. كلمة «شيعة» هي اختصار لـ «شيعة علي»، أي أتباع أو حزب علي بن أبي طالب. يشكل الشيعة ۱۰ إلى ۱۳[٤] بالمئة من سكان المسلمين في العالم، و۳۸ بالمئة من سكان المسلمين في الشرق الأوسط[٥].

المعنى الاصطلاحي

يطلق اسم «شيعة» اصطلاحيًا على أولئك المسلمين الذين يؤمنون بخلافة وإمامة علي (عليه السلام) المباشرة، ويقولون إن الإمام وخليفة النبي (صلى الله عليه وآله) يُعيّن عبر نص شرعي، وأن إمامة علي (عليه السلام) والإمامان الآخرون في مذهب الشيعة مثبتة بنفس الطريقة[٦][٧]. وقد أُطلق لفظ الشيعة على أصدقاء وأتباع علي (عليه السلام) أولًا من قبل النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وورد في أحاديثه المتعلقة به. فقد روى السيوطي عن جابر بن عبد الله الأنصاري وابن عباس عن علي (عليه السلام) أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في تفسير الآية الكريمة: «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية»[٨] أشار إلى علي (عليه السلام) وقال: «أنت وشيعتك» ستكونون ناجين يوم القيامة»[٩][١٠].

الخاستگاه

بعد وفاة رسول الله، كان الذين يؤمنون بأولوية علي بن أبي طالب للخلافة يُسمون شيعة. ولم يكن تميز هذه الجماعة عن بقية المسلمين واضحًا إلا في زمن الإمام محمد باقر، حيث برزت المحبة لأهل البيت والاعتقاد بأحقية حصرية لهم في حكم المسلمين. ومنذ ذلك الحين، أصبح الشيعة تدريجيًا مذهبًا فقهيًا وقانونيًا مستقلًا. في زمن الإمام جعفر الصادق، ومع توسع النقاشات الكلامية للشيعة (أتباعه)، أسسوا مذهبًا خاصًا بهم إلى جانب المعتزلة والأشاعرة[١١]. ومنذ زمن الإمام جعفر الصادق، وبسبب تجنبه السعي للسلطة السياسية في ظل الصراع بين الأمويين والعباسيين، كان الاعتقاد السائد بين غالبية أتباعه أنه لن يحدث تغيير في الوضع السياسي للشيعة حتى قيام القائم آل محمد، ولهذا السبب كان الشيعة الإثنا عشرية لسنوات عديدة يستفسرون من الأئمة التاليين عن كونهم القائم أم لا[١٢].

«الشيعة» في الاصطلاح الحديث يُطلق على أولئك المسلمين الذين يؤمنون بخلافة وإمامة علي (عليه السلام) المباشرة ويعتقدون أن الإمام وخليفة رسول الله يُعيّن عبر نص شرعي، وأن إمامة علي والإمامان الآخرون في مذهب الشيعة مثبتة بنفس الطريقة[١٣][١٤]. وبحسب مادلونغ، لم يُعطِ القرآن ولا وثيقة المدينة مكانة تفضيلية لقريش، كما لم تحدد وثيقة المدينة طريقة خلافة النبي. ومع ذلك، فإن طريقة انتقال الإرث العامة مذكورة في سورة النساء، وفي القرآن، تنتقل النبوة أيضًا بالوراثة. يمكن لكل فرد أن يعيّن وصيًا لنفسه قبل موته ويكتب «وصية» لتنفيذها بعد موته. ظل النبي يأمل في وجود وريث ذكر حتى آخر خمس سنوات من حياته، وبعد ثلاث سنوات أنجبت جاريته القبطية ماريه ولدًا اسمه إبراهيم، لكنه توفي مبكرًا. لذلك، كانت فاطمة (عليها السلام) الوارثة الشرعية الوحيدة لرسول الله وخليفته الشرعية. مرض النبي بعد عشر سنوات من الهجرة، وبعد عدة أشهر من عودته من حجة الوداع، وتوفي ظهر يوم الاثنين ۱۲ ربيع الأول سنة ۱۱ هـ الموافق ۷ يونيو ۶۳۲ م في بيت زوجته عائشة في المدينة عن عمر يناهز ۶۳ عامًا[١٥]. بعد ذلك، توجهت مجموعة من الناس إلى سقيفة بني ساعدة لمناقشة خلافة رسول الله[١٦]. وكان ذلك بينما كان علي مع طلحة وزبير وجماعة من أقاربه وصحابة النبي مشغولين بتكفين وتدفين جسد النبي الطاهر، لكن نتيجة اجتماع المسلمين في سقيفة كانت اختيار أبي بكر خليفة لمحمد. كان بعض الأنصار في سقيفة بني ساعدة يدعمون سعد بن عبادة، لكن المهاجرين رفضوا ذلك واعتبروا أنفسهم أقرب نسبًا إلى النبي. ومن بين المهاجرين كان علي وزعيمهم زبير وطلحة وعباس بن عبد المطلب ومقداد وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري وعمّار ياسر، الذين اعتبروا علي وارث الرسالة الشرعي. يعتقد بوناوالا أن المؤرخين المسلمين يتفقون على أن الأزمة في تلك المرحلة حُلّت بواسطة ثلاثة من المهاجرين المعروفين بأسماء أبي بكر وعمر وأبو عبيدة جراح، حيث جمعوا الأنصار وفرضوا أبي بكر عليهم. وقد سهّلت الحسد بين قبيلتي الأنصار المهمتين، أوس وخزرج، وعدم نشاط بني هاشم في نشر رأيهم، نجاح هؤلاء الثلاثة. أدى هذا الاختيار إلى خلاف بين مؤيدي أبي بكر وأنصار علي. كان أنصار علي يرون أنه عُين خليفة من قبل النبي شخصيًا وأن الخلافة يجب أن تكون له. نقل الطبري في تاريخه أن مجموعة من معارضي أبي بكر، منهم زبير، اجتمعوا في بيت فاطمة (عليها السلام) وطردهم عمر مهددًا بإحراق البيت. قال علي لاحقًا إنه لو كان لديه أربعون من أنصاره لثار. ووفقًا لبوناوالا، رفض علي وبنو هاشم البيعة لأبي بكر حتى استشهاد فاطمة (حوالي ستة أشهر). لم يصر علي على حقه لأنه لم يرغب في أن يقع الصراع في الأمة الناشئة. وهكذا نشأت تدريجيًا مؤسسة الخلافة التي ليس لها مثيل خارج العالم الإسلامي. كان للخليفة مكانة القيادة وحق اختيار الحكام. وكان التعيين في الخلافة نوعًا من العقد الذي يخلق التزامات متبادلة بين الخليفة والأمة. جميع الشيعة يؤمنون بأن اختيار الإمامة من قبل الله وإبلاغها عبر النبي، وبناءً على حديث الغدير (وآيات مثل آية الولاية[١٧] وآية التطهير[١٨] وأحاديث متواترة أخرى مثل حديث المنزلة وحديث الثقلين)[١٩]، يرون عليًا إمامًا بحق، بينما أهل السنة يؤمنون بالشورى. يعتقد الشيعة أن محمدًا في حياته عين خليفة من بعده وهو ابن عمه وصهره علي بن أبي طالب، كوصي وخليفة له. ويرون أن أساس وخاستگاه الشيعة هو الدفاع عن الإسلام والولاية والعدل. ويستندون في ذلك إلى واقعة غدير خم[٢٠]. كما يستند الشيعة في إثبات حقانيتهم إلى روايات من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مصادر أهل السنة التي تشير إلى «شيعة علي». من بينها يروي السيوطي، وهو من أهل السنة، أن النبي قال لعلي: «والذي نفسي بيده إن هذا الرجل – علي – وشيعته في الآخرة ناجون»[٢١]. أما العلامة الأميني، وهو من علماء الشيعة المشهورين والمحبوبين لدى الشيعة، فقد جمع كل الروايات المتعلقة بواقعة الغدير من كتب أهل السنة ونشرها في أربعين مجلدًا تحت عنوان الغدير. يربط بعضهم التشيع بشخص يدعى عبد الله بن سبأ. رغم أن بعض الكتب التاريخية و«كتب الملل والنحل» تعتبره من الغلاة في الشيعة ومؤسس فرقة السبئية التي تعتقد بألوهية علي، ولهذا السبب لُعن وتكفّر علي بن أبي طالب، وبعض الأخبار تقول إنه وأتباعه أُحرقوا بأمر علي. يرى مرتضى العسكري في كتابه وبعض المستشرقين وبعض علماء السنة في القرون الأخيرة أن عبد الله بن سبأ شخصية خيالية ومختلقة من خصوم الشيعة[٢٢]. يعتقد بعض أهل السنة، مثل الشيخ شلتوت، مفتي الأزهر الأكبر، أن تقليد فقه مذهب جعفري مثل المذاهب الأربعة لأهل السنة معتبر[٢٣].

كلمة شيعة في القرآن الكريم

في القرآن الكريم وردت كلمة «شيعة» بمعنى أتباع الأنبياء والشخصيات العظيمة. قال الله تعالى في قصة موسى (عليه السلام): «فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ»[٢٤]. وقال أيضًا: «وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإبراهيم...»[٢٥]. ووردت كلمة شيع في قوله تعالى: «مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا»[٢٦]. جمع «شيعة» تعني فرقة يتفقون على اتباع سنة ومذهب واحد[٢٧].

فرق الشيعة

تاريخيًا، ظهرت فرق كثيرة في الشيعة، وقد انقرضت معظمها، ولا فائدة من مناقشتها. ومع ذلك، الفرق الرئيسية الموجودة حاليًا هي: الشيعة الاثني عشرية، الشيعة الزيدية، والشيعة الإسماعيلية. ومن منظور آخر، ينقسم الشيعة إلى الزيدية والكيسانية والإمامية. الزيدية ثلاثة فرق، والكيسانية فرقتان، والإمامية خمسة عشر فرقة[٢٨] والمعروفة بفرق الإمامية. اليوم توجد عدة فروع رئيسية للشيعة الإثني عشرية، الإسماعيلية، العلويون والزيدية.

سبب التسمية

الغالبية العظمى من الشيعة هم شيعة الإمامية أو الاثني عشرية. يؤمنون بإمامة اثني عشر إمامًا بعد نبي الإسلام، ويعتبرونهم خلفاء النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) الشرعيين، لذا سُمّوا الاثني عشرية. ويسمى هذا المذهب أيضًا الشيعة الجعفرية أو الشيعة الاثني عشرية. تركز الشيعة الاثني عشرية بشكل خاص على مسألة الإمامة، وتعتبر عصمة الإمام وفضله على باقي أفراد الأمة الإسلامية أمرًا مهمًا وأساسيًا. وترى الإمامة بعد الأئمة الثلاثة الأوائل محصورة في نسل الإمام الحسين (عليه السلام). وبناءً على هذه المعتقدات الخاصة بالإمامة، يُعرف الشيعة الاثني عشرية بالإمامية. الشيعة الاثني عشرية اليوم، في بداية القرن الحادي والعشرين، هم أكبر فرع من مذهب الشيعة. وتعتبر الإمامية من أشهر المصطلحات الكلامية لهذا المذهب، والمأخوذة من كلمة «إمام» التي تعني القائد والذي يُتبع قوله، وجمعها «أئمة». حرف الياء في نهايتها هو ياء النسبة بمعنى المنسوب إلى الإمام، ولأنها وصف لـ«فرقة» فهي مؤنثة، أي فرقة الإمامية، ويقصد بها الجماعة التي تتبع «الإمام المعين من قبل النبي» بعد وفاة النبي.

الشيخ مفيد بعد تعريفه للشيعة الذين يؤمنون بالإمامة المباشرة لعلي (عليه السلام)، قال عنهم: «هذا اللقب خاص بالشيعة الذين يؤمنون بوجود إمام في كل زمان، ووجوب النص الجلي والعصمة والكمال لكل إمام، ويرون أن الإمامة (باستثناء الأئمة الثلاثة الأوائل) محصورة في ذرية الإمام الحسين (عليه السلام)»[٢٩].

أئمة الشيعة

أسماء وخصائص الأئمة الاثني عشر في الشيعة وردت في أحاديث عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله). وهم:

۱- علي بن أبي طالب (عليه السلام)؛

۲- حسن بن علي (عليه السلام)؛

۳- حسين بن علي (عليه السلام)؛

۴- علي بن الحسين (عليه السلام)؛

۵- محمد بن علي (عليه السلام)؛

۶- جعفر بن محمد (عليه السلام)؛

۷- موسى بن جعفر (عليه السلام)؛

۸- علي بن موسى (عليه السلام)؛

۹- محمد بن علي (عليه السلام)؛

۱۰- علي بن محمد (عليه السلام)؛

۱۱- حسن بن علي (عليه السلام)؛

۱۲- حجت بن الحسن (عليه السلام).

تاريخ نشأة التشيع

رغم وجود بعض الخلافات بين المسلمين في عصر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في بعض المسائل[٣٠]، إلا أن الفرق والتصنيفات التي ظهرت لاحقًا لم تكن موجودة في ذلك الوقت، ولكن بعد وفاة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ظهرت خلافات أدت إلى نشوء فرق مختلفة بين المسلمين. أهم خلاف ظهر في الأيام الأولى بعد وفاة النبي كان حول مسألة الخلافة والإمامة، مما قسم المسلمين إلى فريقين. فريق يؤمن أن الإمامة مثل النبوة منصب ومقام إلهي، ومن شروط الإمام العصمة من الخطأ والمعصية، ولا يعلم هذه الصفة إلا الله، وطريقة تعيين الإمام هي النص الإلهي المذكور في القرآن أو الأحاديث النبوية، ووفقًا لهذه النصوص، فإن علي بن أبي طالب (عليه السلام) هو خليفة النبي وإمام المسلمين. كان الإمام علي (عليه السلام) وبنو هاشم وبعض كبار الصحابة، من المهاجرين والأنصار، من أنصار هذا الرأي، وهو عقيدة الشيعة - خصوصًا الشيعة الإمامية - في مسألة الإمامة. والفريق الآخر - الذي كان في مقدمتهم أبو بكر وعمر - كانوا يرون أن النبي الأكرم لم يعين خليفة لنفسه، وترك الأمر للمسلمين ليقرروا بأنفسهم. وبناءً على ذلك، وبالنظر لأهمية مسألة الخلافة والإمامة ودورها الحيوي في مصير الأمة الإسلامية، في خطوة متسرعة - في ظل تجهيز علي بن أبي طالب وبعض كبار الصحابة لجثمان النبي - اجتمع عدد من المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة، وبعد مناقشات حول خليفة النبي (صلى الله عليه وآله) بينهم، بايعوا أخيرًا أبو بكر خليفة للنبي (صلى الله عليه وآله).

صمت علي

نظرًا للظروف السياسية والاجتماعية في العالم الإسلامي، ولأن الإمام علي (عليه السلام) وأنصاره كانوا قد يلجؤون لأعمال عدائية لإثبات عقيدتهم وتطبيقها، وكان وجود الإسلام مهددًا من أعداء خارجيين (الإمبراطورية الفارسية والرومانية) وأعداء داخليين (المنافقين)، رأى الإمام علي (عليه السلام) مصلحة الإسلام والمسلمين في اتباع منهج الصبر والتسامح، ورغم أنه كان ينتقد أداء الآخرين في الأوقات المناسبة، إلا أنه تجنب النزاعات العدائية، ولم يتوانَ في قيادة وتطوير المجتمع الإسلامي، وساعد في حل المشاكل ودعم جهاز الخلافة. وقد نقل عن الخليفة الثاني قوله سبعين مرة: «لو لم يكن علي لهلك عمر»[٣١]، وقال أيضًا: «اللهم لا تتركني لمشكلة لا يوجد فيها علي»[٣٢].

الشيعة في زمن النبي

على كل حال، ظهر الشيعة كأتباع علي بن أبي طالب ومؤمنين بإمامته المباشرة في الأيام الأولى بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله). وهناك روايات تشير إلى أن لفظ «شيعة» كان يُطلق في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) على أربعة من الصحابة وهم: سلمان، مقداد، أبو ذر، وعمار ياسر[٣٣][٣٤]. وكان هؤلاء من الذين يرون أن الإمامة والخلافة لعلي (عليه السلام). وبناءً على أن نظرية الشيعة في مسألة الإمامة مستندة إلى نصوص الكتاب والسنة، يمكن القول إن التشيع كان مصاحبًا للإسلام، رغم أن وجوده كمذهب مستقل بدأ بعد وفاة النبي.

فرق الشيعة

لأن مذهب الشيعة فهم الإمامة بشكل كامل خلال قرنين ونصف، واجه العديد من الأحداث والأزمات خاصة في مسألة الإمامة والمهديّة. ولهذا السبب، ظهرت فرق شيعية منحرفة نتيجة انحراف بعض الأفراد عن الشيعة الإمامية، منها: الكيسانية، الزيدية، الإسماعيلية، الفتحية والواقفيات. على كل حال، هذه الفرق هي فروع منحرفة عن عقائد الشيعة الحقّة، وحتى مع تطور هذه الفرق، لا يُطلق لفظ «شيعة» عليها إلا إذا أضيف إلى مذهبها، مثل الشيعة الإسماعيلية والزيدية وغيرها من الفرق المنقرضة.

الغلو في الشيعة

كان الغلو في مذهب الشيعة بالنسبة لبعض المستغلين أو الغافلين عن حقائق عقيدة الشيعة طريقًا إلى الكفر والشرك، ووقع بعض الأفراد في الكفر والغلو. هؤلاء الكفار المغالون لا يمثلون جوهر عقائد الشيعة، لكن بعض الكتاب مثل شهرستاني وسمعاني يحاولون تصوير جميع الأفراد والفرق المنحرفة عن الشيعة، مثل الكيسانية، الإسماعيلية، الزيدية، الغلاة وغيرهم، كشيعة غلاة، ويوهمون القارئ بأن فرق الشيعة كثيرة جدًا ويهدفون إلى إخفاء العقائد الصحيحة للشيعة وتقديم صورة مشوهة لهم[٣٥][٣٦].

الشيعة والصمود

أصدقاء وأنصار علي (عليه السلام) الذين عرفوا بالشيعة، بعد وفاة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) انتقدوا واحتجوا من أجل استعادة حقوق أهل البيت في الخلافة والمرجعية العلمية، وانفصلوا عن غالبية الناس الذين بايعوا أبو بكر لأسباب مختلفة. وكان سلمان وأبو ذر ومقداد وعمّار وحذيفة بن اليمان وغيرهم من أنصار الإمام علي الحقيقيين الذين دافعوا عن حقه في مناسبات متعددة[٣٧]. كان شيعة آل محمد عليهم السلام في ذلك الوقت تحت ضغط مستمر حتى تعرض أبو ذر الغفاري للتعذيب من قبل معاوية بسبب كشفه للحقائق، ثم نُفي إلى صحراء ربذة حيث توفي في الغربة[٣٨]. كما استشهد كبار الشيعة مثل مالك الأشتر، محمد بن أبي بكر، حجر بن عدي، جويرة بن مسهر، ميثم تمار، كميل بن زياد، رشيد هجري وقنبر... بمكر معاوية[٣٩]. وفي عهد بني أمية (۴۰ـ۱۳۲ هـ) أُزيلت كل الحصانات عن الشيعة في النفس والمال، حتى أن حجاج بن يوسف كان يقتل من يشاء من الشيعة متى أراد[٤٠]. لكن كلما اشتد الظلم والاضطهاد على الشيعة، ازدادوا ثباتًا في عقيدتهم. ومع قيام بني العباس، تصاعدت قسوة الاضطهاد على الإمامة والشيعة، وكانوا أحيانًا يلجأون إلى التقية لحماية أنفسهم. في بداية القرن الرابع، وصل سلاطين آل بويه إلى السلطة. دعمهم للمذهب والعقائد الشيعية أعطى قوة كبيرة للمجتمع الشيعي. وقد وفر الدعم السياسي للشيعة حرية عمل كبيرة. في هذه الفترة برز علماء مثل الشيخ الكليني، الشيخ الصدوق، الشيخ مفيد، الشيخ الطوسي وغيرهم، الذين أعلنوا عن عقائدهم وناقشوا آراء الآخرين، وتركوا تراثًا ثمينًا من المؤلفات والمصادر الأساسية للعلوم الدينية كالحديث والفقه والتفسير وغيرها من علوم آل محمد (عليهم السلام). في بداية القرن السادس، مع بداية الغزو المغولي، ساهم اعتناق بعض سلاطين المغول في إيران للشيعة وحكم سلاطين المرعشي في مازندران، ومركزية الشيعة في قم، الكوفة والنجف في تقوية مكانة الشيعة وعددهم. استمر هذا الوضع حتى أواخر القرن التاسع الهجري، ومنذ القرن العاشر الهجري، مع ظهور الدولة الصفوية في إيران، اكتسب مذهب الشيعة صفة رسمية ولا يزال كذلك حتى القرن الخامس عشر الهجري، وإلى جانب ذلك يعيش مئات الملايين من الشيعة في أنحاء العالم.

واجب الشيعة

اليوم، أعداء الشيعة الأساسيون هم قادة الاستكبار والكفر وحلفاؤهم. يستثمر قادة الاستكبار ويدعمون بلا حدود التيارات المنحرفة ليس فقط لإلحاق الضرر بالتشيع، بل لوضع مخططات لضرب عالم الإسلام. ومن الضروري لجميع الشيعة أن يدافعوا عن عقائد هذا المذهب علميًا ودقيقًا، إلى جانب معرفتهم بأعداء التشيع الأساسيين.

المعتقدات

عقيدة الشيعة هي نصب علي بن أبي طالب لخلافة النبي، والإمامة بعده. بينما عقيدة أهل السنة هي أن نبي الإسلام لم يعين خليفة لنفسه، وكان يرغب أن يقرر المجتمع أمر القيادة بين أفراده[٤١]. معظم عقائد ومناسبات الشيعة الاثني عشرية اليوم جمّعها ونظّمها محمد باقر مجلسی في عهد الصفويين[٤٢].

أصول الدين

وفقًا لمعتقد الشيعة، أصول الدين خمسة، بالإضافة إلى ثلاثة أصول وهي التوحيد، النبوة والمعاد، يؤمنون أيضًا بوجود أصلين آخرين هما العدل والإمامة.

المعاد

يؤمن الشيعة بالمعاد الجسدي[٤٣]. رغم وجود بعض الشبهات حول روحية المعاد[٤٤] إلا أن معظم علماء الشيعة مثل الشيخ الطوسي، خواجه نصير الدين الطوسي والإمام محمد الغزالي يؤكدون على المعاد الجسدي[٤٥].

القرآن

يعتبر الشيعة القرآن محفوظًا[٤٦]، ويؤكدون على اتباع القرآن والسنة، ويعتقدون أن تعيين خليفة النبي هو أمر خاص بالله والنبي فقط.

المنجي

الإيمان بظهور أو عودة المنجي (المنقذ) والموعود أمر واضح في معظم الفرق الإسلامية وكذلك في الديانات الأخرى، إذ ينتظر اليهود ملك بني إسرائيل، والمسيحيون يؤمنون بعودة عيسى، وفي معتقدات الزرادشتيين، البوذيين وبعض الديانات الأخرى توجد أشكال مشابهة لهذا الاعتقاد. في الفرق الإسلامية، خصوصًا الشيعية، كان هذا الاعتقاد شائعًا وظاهرًا بعد الإسلام. تعتبر الكيسانية القائم محمد حنفيّة ابن علي بن أبي طالب الآخر، وتعتبر الإسماعيلية القائم إسماعيل ابن جعفر الصادق الأكبر. أما معتقد الشيعة الاثني عشرية فهو أن المنجي في آخر الزمان من آل محمد، ويسمونه قائم آل محمد أو المهدي، ويعتقدون أنه الإمام الثاني عشر حجت بن الحسن العسكري.

الرجعة

الإيمان بـالرجعة بمعنى عودة بعض الموتى إلى الحياة في هذه الدنيا عند ظهور المهدي، من معتقدات الشيعة، وبعض علماء الشيعة لا يعتبرون الرجعة من الضروريات[٤٧]، لكن لا ينكرها أحد بسبب الأدلة العقلية والنقلية والقرآنية عليها[٤٨]. رغم أن بعض الديانات وحتى الفرق الإسلامية تؤمن بأشكال مختلفة من الرجوع إلى الحياة بعد الموت كعودة الروح إلى جسد آخر أو بالتناسخ أو حلول، إلا أن نظرة الشيعة في الرجعة هي من أكبر الفروق بينهم وبين الآخرين، بمعنى أن الشيعة يؤمنون ليس فقط بالمعاد الجسدي، بل يعتقدون أنه في الآخر الزمان وبعد ظهور قائم آل محمد،[٤٩] سيعود بعض الأنبياء مثل عيسى المسيح والأولياء مثل مالك الأشتر وبعض أئمة الشيعة وأيضًا بعض الأشرار والفجار من أزمنة البشر إلى الحياة. وبهذا يحكم الصالحون على الدنيا ويُعاقب الأشرار[٥٠].

العصمة

كلمة «العصمة» في اللغة العربية تعني الحفظ والمنع والوقاية[٥١]. أما في علم الكلام، فتعني الحصانة من الذنب أو الخطأ لبعض البشر مثل الأنبياء والأئمة. كانت نظرية العصمة في أئمة الشيعة أولًا عند هشام ابن حكم من علماء الكلام المهمين في الشيعة ومن أصحاب الإمام السادس[٥٢]. أشار علماء الكلام الإسلامي مثل خواجه نصير الدين الطوسي في كتابه تجريد الاعتقاد وعلامة حلي في شرح التجريد إلى أن العصمة تُطرح في ثلاث مستويات: المستوى الأول: العصمة بمعنى الحفظ من الخطأ في تبليغ الرسالة. في هذا المجال يؤكد علماء الكلام من أهل التشيع والتسنن عصمة النبي (صلى الله عليه وآله)، لأن الآية الثالثة من سورة الن

  1. لسان العرب، ج ۸، ص ۱۸۸، واژه «تشیّع».
  2. مقاییس اللغة، ج ۳، ص ۲۳۵، واژه «شیع».
  3. ابن منظور، لسان العرب، ج ۸، ص ۱۸۸. طباطبایی، محمد حسین، المیزان، ج ۱۷، ص۱۴۷.
  4. خريطة توزيع المسلمين في العالم
  5. أطلس الشرق الأوسط
  6. شيخ مفيد، محمد بن محمد بن نعمان، أوائل المقالات، ص۳۵.
  7. شهرستاني، محمد بن عبدالکريم، الملل والنحل، ج۱، ص۱۴۶.
  8. سورة البينة، آية 7
  9. السيوطي، جلال الدين، الدر المنثور، ج۸، ص۵۸۹.
  10. الأمين، عبد الحسين، الغدير، ج ۲، ص ۵۷۵۸.
  11. مدرسي طباطبائي، المذهب في مسيرة التطور، شابك ۹۶۴–۸۱۶۱–۷۵–۵، صفحات: ۲۹–۳۲
  12. مدرسي طباطبائي، المذهب في مسيرة التطور، شابك ۹۶۴–۸۱۶۱–۷۵–۵، صفحات: ۳۵–۴۰
  13. أوائل المقالات، ص۳۵
  14. شهرستاني، الملل والنحل، ج۱، ص۱۴۶
  15. شبارو، عصام محمد (۱۹۹۵). الدولة العربية الإسلامية الأولى (۱-٤۱هـ/٦۲۳-٦٦۱م) (الطبعة 3). بيروت: دار النهضة العربية. ص. ۲۰۲
  16. مصطفى حلمي (۲۰۰۶): الخلافة، ص۳۷–۳۸
  17. آية ۵۵، من سورة ۵: المائدة
  18. آخر آية ۳۳، من سورة ۳۳: الأحزاب
  19. راجع دورة الإمام‌شناسي، العلامة سيد محمد حسين الحسيني الطهراني، منشورات العلامة الطباطبائي
  20. موقع سوره
  21. السيوطي (عالم سني)، «الدر المنثور» تحت آية ۷ سورة البينة
  22. الغلاة
  23. نص فتوى الشيخ محمود شلتوت بجواز اتباع المذهب الشيعي
  24. سورة القصص، آية ۱۵
  25. سورة الصافات، آية ۸۳
  26. سورة الروم، آية ۳۲
  27. طباطبائي سيد محمد حسين، تفسير الميزان، ج ۱۲، ص ۱۹۵.
  28. تاريخ مذاهب الإسلام - محمد جواد مشكور، ص ۴۸، في بيان كلام الرافضة
  29. الشيخ مفيد، محمد بن محمد بن نعمان، أوائل المقالات، ص۳۸.
  30. الإمام شرف الدين، النص والاجتهاد.
  31. الكليني، محمد بن يعقوب، ج۷، ص۴۲۴.
  32. الأمين، عبد الحسين، الغدير، ج۶، ص۲۴۷.
  33. النوبختي، حسن بن موسى، فرق الشيعة، ص۱۷۱۸.
  34. الأمين، سيد محسن، أعیان الشيعة، ج۱، ص۱۸۱۹.
  35. شهرستاني، محمد بن عبدالکريم، الملل والنحل، ج۱، ص۹۲.
  36. شهرستاني، محمد بن عبدالکريم، الملل والنحل، ج۱، ص۱۴۶
  37. الكشي، محمد بن عمر، رجال الكشي، مجلد ۱، منشورات جامعة مشهد، ۱۳۴۸ هـ ش، ص۶-۷.
  38. مجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت - لبنان، مؤسسة الوفاء، ۱۴۰۴ هـ ق، ۱۱۰ مجلد، ج۲۲، ص۳۹۹.
  39. علامة حلي، حسن بن يوسف، كشف اليقين، مؤسسة الطباعة والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد، ۱۴۱۱ هـ ق، ج ۱، ص۷۷.
  40. علامة حلي، حسن بن يوسف، كشف اليقين، مؤسسة الطباعة والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد، ۱۴۱۱ هـ ق، مجلد واحد، ص۷۷.
  41. Sodiq, Yushau (2010). An Insider's Guide to Islam. Trafford Publishing. و اختيار الخليفة يكون ديمقراطيًا من قبل المجتمع المسلم Khadduri, Majid; Liebesny, Herbert J. (2008). Origin and Development of Islamic Law. The Lawbook Exchange, Ltd
  42. الخرافة كأيديولوجيا في السياسة الإيرانية من مجلسی إلى أحمدي نجاد، علي رهنما (مقدمة)
  43. ناصر مكارم شيرازي. «اعتقادنا، المعاد الجسدي». الموقع الرسمي لدانشنامه پایگاه حوزه
  44. إبراهيمي ديناني. «شبهة الأكل والمأكول». دائرة المعارف الإسلامية الكبرى
  45. دورة المعادشناسي، العلامة سيد محمد حسين الحسيني الطهراني، ج ۶، ص ۶۴، نقلاً عن آخر الفصول في الهیّات الشفاء، بوعلي سينا
  46. أقوال العلماء والأساطين في مذهب التشيع في نفي تحريف القرآن
  47. مرتضى مطهري. «الرجعة في اعتقاد الشيعة». الموقع الرسمي لحوزة قم
  48. «الرجعة». الموقع الرسمي لمكتب التبليغات الإسلامية في حوزة قم؛ شبكة البلاغ
  49. «الظهور والرجعة». الموقع الرسمي لمكتب التبليغات الإسلامية في حوزة قم؛ شبكة البلاغ
  50. «مفهوم الرجعة». الموقع الرسمي لمكتب التبليغات الإسلامية في حوزة قم؛ شبكة البلاغ
  51. المنجد في اللغة/مادة «عصم»
  52. مدرسي طباطبائي، المذهب في مسيرة التطور، شابك ۹۶۴–۸۱۶۱–۷۵–۵، ص ۳۹