انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «عيسى المسيح»

من ویکي‌وحدت
 
(١ مراجعات متوسطة بواسطة نفس المستخدم غير معروضة)
سطر ١٢٤: سطر ١٢٤:


== العروج ==
== العروج ==
أدى تزايد إقبال الناس و[[آيين يهوديت|اليهود]] على دين عيسى (عليه السلام) إلى إثارة قلق ورعب رؤساء اليهود، فاتفقوا على قتل عيسى (عليه السلام) ورافقوا الإمبراطور الروماني في ذلك، لكن بمشيئة الله وقدرته، لم تنجح خطتهم، بل بدلاً من عيسى (عليه السلام) قتلوا شخصًا يُدعى <big>[[يهودا اسخريوطى|يهودا اسخريوطى]]</big><ref>بورمير، مير جلال، قصص من الأنبياء (6)، عيسى (عليه السلام)، ص 38.</ref>.
أدى تزايد إقبال الناس و[[اليهودية|اليهود]] على دين عيسى (عليه السلام) إلى إثارة قلق ورعب رؤساء اليهود، فاتفقوا على قتل عيسى (عليه السلام) ورافقوا الإمبراطور الروماني في ذلك، لكن بمشيئة الله وقدرته، لم تنجح خطتهم، بل بدلاً من عيسى (عليه السلام) قتلوا شخصًا يُدعى <big>[[يهودا اسخريوطى|يهودا اسخريوطى]]</big><ref>بورمير، مير جلال، قصص من الأنبياء (6)، عيسى (عليه السلام)، ص 38.</ref>.


== عروج عيسى وفقًا للقرآن ==
== عروج عيسى وفقًا للقرآن ==
سطر ١٣١: سطر ١٣١:


== عروج عيسى وفقًا للروايات ==
== عروج عيسى وفقًا للروايات ==
توجد رواية موثوقة عن [[علي بن موسى (رضا)|علي بن موسى (عليه السلام)]] تقول: "لم يُشتبه أمر قتل أو وفاة أي نبي من أنبياء الله إلا عيسى بن مريم، الذي رُفع حيًا إلى السماء، وأُخذت روحه بين السماء والأرض، وعندما وصل إلى السماء، أعاد الله تعالى روحه إلى جسده..."<ref>مجلسی، محمد باقر، تاريخ الأنبياء وبعض قصص القرآن (حياة القلوب ج2)، ص 1193.</ref>.
توجد رواية موثوقة عن [[علي بن موسى (الرضا)|علي بن موسى (عليه السلام)]] تقول: "لم يُشتبه أمر قتل أو وفاة أي نبي من أنبياء الله إلا عيسى بن مريم، الذي رُفع حيًا إلى السماء، وأُخذت روحه بين السماء والأرض، وعندما وصل إلى السماء، أعاد الله تعالى روحه إلى جسده..."<ref>مجلسی، محمد باقر، تاريخ الأنبياء وبعض قصص القرآن (حياة القلوب ج2)، ص 1193.</ref>.


== كيفية الوفاة ==
== كيفية الوفاة ==

المراجعة الحالية بتاريخ ١١:٣١، ٢ يوليو ٢٠٢٥

عيسى (عليه السلام) هو نبي المسيحية وأحد الأنبياء أولي العزم وصاحب شريعة. كتابه السماوي يُعرف بـ الإنجيل، وهو آخر نبي قبل نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن المبشرين بظهور ذلك النبي. كان عيسى (عليه السلام) ذا مقام إمامة. ومن معجزاته: خلق الطيور، إحياء الموتى، شفاء الأعمى والمُبرص، وإخبار الناس بما غاب عنهم. وفقًا لـ القرآن، وُلِد عيسى (عليه السلام) بطريقة معجزة من مريم العذراء، ثم بدأ يتحدث في المهد ويعلن نبوته. يؤمن المسيحيون أن عيسى (عليه السلام) صُلب على يد اليهود واستشهد، لكن وفقًا لـ القرآن، عندما ثار اليهود عليه وقرروا قتله، أنقذه الله تعالى من أيديهم ورفعه إليه.

الولادة

عيسى (عليه السلام) هو ابن مريم ابنة عمران، التي اختارها الله وفضلها على جميع نساء العالم[١]. وُلِد عيسى (عليه السلام) ولادة خاصة. وفقًا للقرآن، بشّر الله مريم التي كانت معتکفة في المسجد بأنها ستصبح أمًا لابن سيكون من المقربين لديه[٢].

ثم أرسل الله تعالى الروح (وهو أحد الملائكة العظام) إليها، فتجسد الروح في شكل إنسان أمام مريم، وقال لها إنه رسول من عند ربها، وقد أُرسل ليبشرها بأن الله سيهبها ابنًا بلا أب، وأخبرها أن ابنها سيظهر منه معجزات عجيبة، كما أخبرها بأن الله تعالى سيؤيده بـ الروح القدس، وسيعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل، ويرسله رسولًا إلى بني إسرائيل، رسولًا يحمل آيات بينات. ثم نفخ في مريم فحملت. انتقلت مريم إلى مكان بعيد، حيث شعرت بآلام الولادة، فاستندت إلى جذع نخلة، وكانت تقول: يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيًا منسيًا. في تلك اللحظة، سمعت نداءً:

"لا تحزني، فإن ربك قد جعل تحتك نهرًا، اهزي بجذع النخلة تساقط عليك رطبًا جنيًا، كلّي من الرطب واشربي من الماء وكوني سعيدة بطفل مثلي. إذا رأيت أحدًا من الناس، فقولي: إني نذرت للرحمن صومًا، فلن أكلم اليوم إنسًا"[٣].

عندما عادت مريم إلى الناس وهي تحمل طفلها، بدأوا يسخرون منها ويوبخونها لأنها أنجبت دون زواج، فقالوا: "يا مريم، ما هذا الذي فعلته! يا أخت هارون، لم يكن أبوك سوءًا، ولم تكن أمك بغيًا!" أشارت مريم إلى طفلها لتتحدثوا معه، فقالوا: "كيف نتحدث مع من في المهد طفلًا؟" هنا تكلم عيسى، فقال: "أنا عبد الله، آتاني الكتاب وجعلني نبيًا، وأينما كنت كنت مباركًا، وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيًا، وأوصاني ببر والدتي، ولم يجعلني جبارًا شقيًا، والسلام عليّ يوم ولدت، ويوم أموت، ويوم أُبعث حيًا"[٤].

يعتبر القرآن ولادة عيسى (عليه السلام) مشابهة لولادة آدم (عليه السلام)[٥]، لأن كليهما وُلِد بلا أب[٦].

تاريخ الميلاد

يبدو في البداية أن تاريخ ميلاد عيسى واضح تمامًا، لأنه أصبح بداية التاريخ، وتُقاس الأحداث التاريخية بميلاده، لكن الواقع هو أن التاريخ الميلادي المرتبط بميلاد عيسى ليس دقيقًا.

يبدو غريبًا أن نقول إن عيسى وُلِد في عام 4 قبل الميلاد، أو سنة أو سنتين قبل ذلك، لأن في ذلك الوقت كان هيرودس لا يزال على عرش يهودية، وهذا المعنى مع بعض القرائن، مثل عبارة لوقا في الإنجيل التي تقول إن عيسى وُلِد في السنة الحادية عشرة من حكم تيبيريوس قيصر، يضطرنا إلى تأخير تاريخ ميلاده الحقيقي لعدة سنوات[٧].

كما أن تقرير متى حول عودة يوسف ومريم إلى الناصرة في زمن أرخيلاوس[٨] لا يتوافق مع الأدلة التاريخية، لأنه لم يتولى الحكم بعد هيرودس[٩].

على أي حال، فإن روايات الأناجيل حول تاريخ ميلاد عيسى تفتقر إلى القيمة التاريخية. لا توجد أخبار موثوقة عن يوم ميلاد عيسى، وما تقرر في تقاليد المسيحيين (أن يوم 25 ديسمبر هو تاريخ ميلاد عيسى) يعود إلى قرار الكنائس الرومية والغربية في عام 354 ميلادي، وله طابع سياسي أكثر:

في بعض البلدان الأوروبية، وخاصة الروم، كانت عبادة ميثرا[١٠] شائعة جدًا، وكان يوم 25 ديسمبر هو اليوم الرئيسي للاحتفال بعبادة ميثرا، أي يوم ميلاد الشمس اللامقهورة. في هذا اليوم، كانت تُقام العديد من الاحتفالات، وكان الكثيرون يتجهون لأداء الطقوس. استخدم الكهنة والكنيسة هذه الفرصة، رغم العديد من الاعتراضات التي أُبديت[١١]، وأعلنوا هذا اليوم عيد ميلاد عيسى، وبهذا منعوا حدوث حركة معارضة[١٢].

النسب

يعود نسب مريم إلى سليمان، ومن خلاله إلى يعقوب (عليه السلام)[١٣]. وعيسى (عليه السلام) أيضًا من أنبياء بني إسرائيل (أبناء يعقوب (عليه السلام)).

مكان الميلاد والحياة

يتضح من العهد الجديد أن مريم حُملت في مدينة تُدعى الناصرة في منطقة الجليل من الروح الوحي، لكنها وضعت ابنها في بيت لحم: في الشهر السادس أُرسل جبرائيل من جانب الله إلى مدينة تُدعى الناصرة في منطقة الجليل إلى فتاة كانت متزوجة من رجل يُدعى يوسف من عائلة داود. كانت هذه الفتاة تُدعى مريم. دخل الملاك وقال لها: "سلام... أيتها الممتلئة نعمة، الرب معك... يا مريم، لا تخافي، فإن الله قد أنعم عليك. ستُحملين وستلدين ابنًا، وستسمينه عيسى...[١٤].

في تلك الأيام، صدر أمر من الإمبراطور أغسطس بإجراء إحصاء عام في جميع أنحاء العالم. وعندما أُجري هذا الإحصاء، كان كيرينيوس هو الحاكم العام سوريا. لذلك كان يجب على كل شخص العودة إلى مدينته، وجاء يوسف من مدينة الناصرة في الجليل إلى اليهودية ليُسجل في مدينة داود، التي تُدعى بيت لحم، لأنه من عائلة داود. أخذ مريم، التي كانت زوجته وبحمل، معه. وعندما كانا هناك، حان وقت ولادة الطفل، فوضعت مريم أول ابن لها، وهو ذكر، ولفته في خرقة ووضعته في مذود لأنه لم يكن لهما مكان في النزل[١٥].

يصر المسيحيون، بناءً على تعاليم الكتاب المقدس، على أن مكان ميلاد عيسى هو بيت لحم وأن مكان نشأته هو الناصرة، لأنهم يريدون أن يطابقوا النبوات والتنبؤات بشأن قائد بني إسرائيل والمسيح المنتظر مع عيسى.

سأل الملك هيرودس علماء الفلك: أين يجب أن يُولد المسيح وفقًا لنبوات الأنبياء؟ فأجابوه: يجب أن يُولد في بيت لحم، لأن ميخا النبي قد تنبأ بذلك: "يا بيت لحم، يا قرية صغيرة، لست بلا قيمة في يهودية، لأنك ستظهر قائدًا يقود بني إسرائيل"[١٦].

عندما يُخبر إنجيل متى عن إقامة عيسى ووالديه في الناصرة، يضيف: وهنا أيضًا تحققت نبوة الأنبياء التي تقول: "سيُدعى ناصريًا"[١٧]. لكن تطبيق تلك الأخبار بني إسرائيل على عيسى يبدو صعبًا، لأن:

  • أولاً، لم يكن المجوس أو الزرادشتيون الفرس يعبدون الأوثان، حتى يسافروا لعبادة طفل من الشرق في بيت لحم. بينما يكتب متى:

جاء بعض المجوس من المشرق إلى القدس وسألوا: أين هو الطفل الذي يجب أن يكون ملك اليهود؟ رأينا نجمه في المشرق وجئنا لنعبده[١٨].

  • ثانيًا، ليس واضحًا لماذا تركوا الطفل بعد أن وجدوه، ولم يبشروا به المجوس الآخرين، ولم يكونوا هم أيضًا من حواريي ذلك النبي.
  • ثالثًا، لم يقم عيسى (عليه السلام) بتأسيس دولة إسرائيل، ولم يجمع اليهود المشتتين، بل بعد ميلاده وبدء نشاطه، أصبح اليهود أكثر تشتتًا، ودُمرت القدس وفلسطين.
  • رابعًا، تقرير لوقا حول الإحصاء وإجبار والدي عيسى على الحضور إلى بيت لحم ليس صحيحًا تاريخيًا ولا منطقيًا. لا توجد أي آثار تاريخية لهذا الإحصاء.

أما بالنسبة لكون عيسى ناصريًا، فهناك ملاحظات:

  • أولاً، لا توجد نبوءة من الأنبياء تفيد بأن شخصًا ناصريًا سيظهر.
  • ثانيًا، لم يكن هناك أصلًا مدينة تُدعى الناصرة في زمن ميلاد المسيح. نعم، كانت هناك قرية صغيرة (لا يمكن اعتبارها مدينة بأي شكل من الأشكال) التي أصبحت مزارًا للمسيحيين منذ القرن الرابع الميلادي.
  • ثالثًا، من المحتمل أن تكون النبوءات تشير إلى "ناصري" بمعنى "مكرس لله" أو بمعنى "مراعاة تنفيذ الطقوس الدينية بدقة"، وليس ناصري بمعنى الانتماء إلى مدينة الناصرة[١٩].

اسم عيسى

النبوة

أُرسل عيسى (عليه السلام) إلى بني إسرائيل وأُمر بدعوتهم إلى دين التوحيد، وأبلغهم أنه جاء إليهم بمعجزة من ربهم، وهي أنه سيصنع لهم من الطين شكل طائر، ثم ينفخ فيه، فيصبح طائرًا حيًا بإذن الله، ويشفي الأعمى والمُبرص، ويحيي الموتى بإذن الله، ويخبرهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم، وهذا سيكون آية لكم بأن الله هو ربي وربكم، ويجب أن تعبدوه.

كان عيسى (عليه السلام) يدعو الناس إلى شريعة جديدة، وهي تأكيد لشريعة موسى (عليه السلام). ومع ذلك، ألغى بعض أحكام موسى، مثل تحريم بعض الأشياء التي حُرمت في التوراة بهدف التشديد على اليهود، وكان يقول دائمًا: "أُرسلت إليكم بالحكمة، لأبين لكم ما تختلفون فيه"، وكان يقول: "يا بني إسرائيل، أنا رسول الله إليكم، وأنا أصدق التوراة التي كانت كتابًا سماويًا قبلي، وأبشر برسول سيأتي بعدي اسمه أحمد".

وفى عيسى (عليه السلام) ما وعد به من معجزات، فخلق الطيور، وأحيا الموتى، وشفى الأعمى والمُبرص، وأخبر بما غاب بإذن الله.

استمر عيسى (عليه السلام) في دعوة بني إسرائيل إلى التوحيد وشريعته الجديدة حتى استنفد أمله في إيمانهم، وعندما رأى طغيانهم وعنادهم، واستهتار الكهنة والأحبار اليهود بدعوته، اختار عددًا من الحواريين الذين آمنوا به ليكونوا عونًا له في سبيل الله.

من جهة أخرى، ثار اليهود عليه وقرروا قتله، لكن الله تعالى أنقذه من أيديهم ورفعه إليه، وحدث لبس في مسألة عيسى (عليه السلام) لدى اليهود، فبعضهم اعتقدوا أنهم قتلوه، وآخرون ظنوا أنهم صلبوه، فقال الله تعالى: "بل رفعه الله إليه، وكان الله عزيزًا حكيمًا"[٢٣][٢٤][٢٥][٢٦][٢٧][٢٨].

عيسى في القرآن

يُذكر عيسى (عليه السلام) في القرآن 25 مرة كعيسى، و13 مرة كمسيح. عيسى (عليه السلام) هو أحد خمسة أنبياء أصحاب شريعة[٢٩] ومن الأنبياء أولي العزم. وفقًا للقرآن، عيسى (عليه السلام) هو عبد الله[٣٠] ورسول إلى بني إسرائيل[٣١] وأحد الأنبياء أولي العزم وصاحب شريعة، وله كتاب يُسمى الإنجيل[٣٢].

سمى الله تعالى عيسى بـ "المسيح" [٣٣] و"كلمة الله" و"روحي من الله"، وكان له مقام إمامة [٣٤] ومن الشاهدين على الأعمال[٣٥] ومن المبشرين بقدوم محمد بن عبد الله (خاتم الأنبياء)[٣٦]. كان وجيهًا ومشهورًا في الدنيا والآخرة ومن المقربين[٣٧]. كان من المختارين[٣٨]. مباركًا حيثما كان، مُطهَّرًا، آية للناس ورحمة من الله، وبارًا بأمه، ومن الذين سلَّم الله عليهم[٣٩]. ومن الذين علمهم الله الكتاب والحكمة[٤٠][٤١].

الآيات التالية هي الآيات التي ذُكرت فيها اسم عيسى (عليه السلام) أو أحداث مرتبطة به:

  1. سورة بقره، آية 87؛
  2. سورة بقره، آية 253؛
  3. سورة آل عمران، آية 45-49؛
  4. سورة آل عمران، آية 84؛
  5. سورة نساء، آية 157-158؛
  6. سورة مائدة، آية 110-116؛
  7. سورة أنعام، آية 85؛
  8. سورة مریم، آية 20-34؛
  9. سورة زخرف، آية 63-65؛
  10. سورة صف، آية 6-14.

بعض الأمثلة من الآيات التي ذُكر فيها اسم عيسى (عليه السلام):

  • إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ یَا مَرْیَمُ إِنَّ اللَّهَ یُبَشِّرُکِ بِکَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِیحُ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ وَجِیهًا فِی الدُّنْیَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِینَ (آل عمران/۴۵)
  • وَزَکَرِیَّا وَیَحْیَیٰ وَعِیسَیٰ وَإِلْیَاسَ کُلٌّ مِنَ الصَّالِحِینَ (انعام/۸۵)
  • إِنَّ مَثَلَ عِیسَیٰ عِنْدَ اللَّهِ کَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ (آل عمران/۵۹)

عيسى في الروايات

  1. الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): اعلموا أنه إذا أنكر أحد عيسى بن مريم واعتراف بنبوة الأنبياء الآخرين، فإنه لم يؤمن[٤٢].
  2. علي بن أبي طالب (عليه السلام) في وصف عيسى (عليه السلام): وإذا أردت، سأخبرك عن عيسى بن مريم (عليه السلام). كان يضع الحجر تحت رأسه، وكان يرتدي الملابس الخشنة، ويأكل الخبز الجاف. كان طعامه الجوع، وكان نوره في الليل القمر، وملاذه في الشتاء ظل الشمس في الصباح والمساء، وكان طعامه الفواكه والخضروات، والأعشاب والنباتات التي تنبتها الأرض للدواب. لم يكن لديه امرأة تشغله، ولا ولد يحزنه، ولا مال وثروة تشغله، ولم يكن لديه طمع ينقصه. مركبه كان قدميه، وخادمه كان يديه[٤٣]!
  3. نبي الله (صلى الله عليه وآله): "يا أم أيمن، ألم تعلمي أن أخي عيسى لم يكن يحتفظ بشامي للفطور ولا فطورًا للعشاء؟ كان يتغذى من أوراق الشجر، ويشرب من ماء المطر، وكان يرتدي الخشن، حيثما حل الليل كان يقضي الليل هناك، ويقول: كل يوم يأتي رزقه"[٤٤].
  4. كلمات الله العظيمة مع عيسى (عليه السلام): "يا عيسى، كما هو شخص عطوف ورحيم، أوصيك بالرحمة كي تستحق صداقتي. لقد بُركت في العظمة والصغر، وأينما كنت كنت مباركًا. أشهد أنك عبدي وابن أمتي، تقرب إليّ بالنوافل، وتوكل عليّ لأكفيك، ولا تختار غيري وليًا وصديقًا، فإنني سأتركك وحدك"[٤٥].
  5. الإمام الصادق (عليه السلام): من أساليب عيسى بن مريم كان التجول في المدن. في يوم من الأيام، خرج مع أحد أصدقائه، وكان رجلًا قصير القامة غالبًا ما يرافق عيسى (عليه السلام)، للتنزه. عندما وصل عيسى إلى البحر، قال بثقة: "باسم الله" وبدأ يسير على الماء. وعندما رأى الرجل القصير عيسى (عليه السلام) يمر على الماء، قال بثقة: "باسم الله" وبدأ يسير على الماء حتى وصل إلى عيسى (عليه السلام). في تلك اللحظة، أصابه العجب والغرور... فسقط في الماء. ثم طلب المساعدة من عيسى، فأخذه عيسى من يده وأنقذه من الماء[٤٦].
  6. نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم): عيسى بن مريم مر على قبر يُعذب صاحبه. وفي السنة التالية مر بنفس القبر ورأى أنه لم يُعذب بعد. قال: "يا رب، لقد مررت بهذا القبر العام الماضي وكان صاحبه يعذب، والآن عندما أمر عليه لم يعد يُعذب؟" فأوحى الله إليه: "يا روح الله، قد أنجب ابن صالح من هذا الرجل، وسار على الطريق الصحيح، وتولى يتيمًا، وقد غفرت له بسبب أعمال ابنه"[٤٧].
  7. قيل لعيسى بن مريم (عليه السلام): من الذي علمك الأدب؟ قال: لم يعطني أحد الأدب، بل رأيت قبح الجهل فابتعدت عنه[٤٨].

عيسى من وجهة نظر الكتاب المقدس

أقدم مصدر موجود حول هوية عيسى (عليه السلام) هو الكتاب المقدس. في رسائل بولس وإنجيل مرقس، وهما أول كتابات مسيحية، لا يوجد ذكر لأصله ونسبه، مما قد يكون دليلًا على عدم معرفة هذين الكاتبين بماضيه التاريخي.

في رسائل بولس، يُعتبر عيسى (عليه السلام) ليس إنسانًا، بل إلهًا نزل من السماء إلى الأرض لمغفرة خطايا البشر، وبعد أن صُلب، عاد إلى السماء، لذلك لا يحتاج إلى تاريخ أو ماضٍ أو عائلة. لكن كتّاب الأناجيل متى ولوقا يذكرون شجرة نسب لعيسى لتغطية الفراغ الموجود في إنجيل مرقس[٤٩].

فيما يتعلق بشجرة نسب عيسى (عليه السلام)، يجب مراعاة النقاط التالية:

  1. شجرة نسب متى تفتقر إلى الأصل التاريخي والدقة، وهي ضعيفة من الداخل؛ على سبيل المثال، قسّم أجداد عيسى إلى ثلاث مجموعات من أربعة عشر شخصًا، في حين أن المجموعة الثالثة تحتوي على ثلاثة عشر شخصًا، وبالتالي حدثت خطأ أو سهو.
  2. تختلف هذه الشجرة مع الشجرة التي يذكرها لوقا، ولا يُعرف أيهما صحيح. ومع ذلك، فإن الشجرة التي يذكرها لوقا تُظهر نسب عيسى حتى آدم أبو البشر، وهو ما يبدو أقرب إلى الخيال، ولا يُعطي الباحثون لأنفسهم الحق في تأكيدها.
  3. إن كانت الشجرة صحيحة، فهي شجرة نسب يوسف، زوج مريم، وليس شجرة نسب عيسى، لأن المسيحيين يعتقدون أن عيسى من الروح القدس، لا من يوسف[٥٠].

يصر المسيحيون على التأكيد في شجرة النسب على نقطتين:

  • الأولى أن يُوصل نسب عيسى إلى داود، ليتمكنوا من مطابقة النبوة في العهد القديم حول المخلص الذي سيخرج من نسل داود، والذي سيعيد ملكه[٥١]، مع عيسى.
  • الثانية، أن يُوصل نسبه إلى إسحاق؛ لأن الكتاب المقدس يذكر:
  • "أخذ إبراهيم إسحاق ليقدمه قربانًا، ففدى الله له بخروف ليعيش، ليظهر من نسله مخلص عالمي"[٥٢].

لكن وفقًا لتلك الشجرة، فإن هذين النبيين من أجداد يوسف، زوج مريم، وليس من عيسى نفسه؛ إلا إذا اعتبرنا، بسبب القرابة الأسرية بين يوسف ومريم، أن يُحسبا أيضًا من أجداد مريم.

في إنجيل لوقا، جاء فيه: "وبحسب ظن الناس هو عيسى ابن يوسف بن هالي...[٥٣]". ليس واضحًا ما إذا كانت عبارة "بحسب ظن الناس" قد ذكرها لوقا بنفسه، أو كما يعتقد بعض الباحثين، أنها من الإضافات التي أُدخلت لاحقًا في الإنجيل[٥٤]. على أي حال، هناك تناقض في النهاية: هل عيسى هو ابن يوسف، أم كما ذُكر في مكان آخر من الكتاب المقدس[٥٥]، عيسى هو مولود من الروح القدس؟

العروج

أدى تزايد إقبال الناس واليهود على دين عيسى (عليه السلام) إلى إثارة قلق ورعب رؤساء اليهود، فاتفقوا على قتل عيسى (عليه السلام) ورافقوا الإمبراطور الروماني في ذلك، لكن بمشيئة الله وقدرته، لم تنجح خطتهم، بل بدلاً من عيسى (عليه السلام) قتلوا شخصًا يُدعى يهودا اسخريوطى[٥٦].

عروج عيسى وفقًا للقرآن

يروي القرآن الكريم قصة قتل عيسى (عليه السلام) كالتالي: "وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ ۖ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۖ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۖ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۖ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا، بَل رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا"[٥٧][٥٨].

عروج عيسى وفقًا للروايات

توجد رواية موثوقة عن علي بن موسى (عليه السلام) تقول: "لم يُشتبه أمر قتل أو وفاة أي نبي من أنبياء الله إلا عيسى بن مريم، الذي رُفع حيًا إلى السماء، وأُخذت روحه بين السماء والأرض، وعندما وصل إلى السماء، أعاد الله تعالى روحه إلى جسده..."[٥٩].

كيفية الوفاة

توجد آراء مختلفة حول وفاة عيسى (عليه السلام)، ولذلك قال المرحوم علامة مجلسی بعد ذكر الآية 55 من سورة آل عمران[٦٠] التي تتعلق بعيسى (عليه السلام) حيث استخدم فيها كلمة توفي:

قال بعضهم إن كلمة توفي تعني الموت، وأن الله أولاً يموت ثم يحييه بعد ثلاث ساعات ويرفعه إلى السماء، بينما قال آخرون إن وفاة هذا النبي ستكون بعد نزوله إلى الأرض في آخر الزمان[٦١].

مواضيع ذات صلة

الهوامش

  1. سورة آل عمران، آية 42.
  2. سورة آل عمران، آية 45.
  3. سورة مريم، آية 20-27.
  4. سورة مريم، آية 27-34.
  5. سورة آل عمران، آية 52.
  6. المیزان، ج3، ص212.
  7. جون بي. ناز، تاريخ جامع الأديان، ص 582.
  8. إنجيل متى، 2: 22.
  9. جلال الدين آشتیانی، تحقیقی در دین مسیح، ص 147.
  10. Mithraism.
  11. كان المسيحيون في البداية يحتفلون بعيد ميلاد المسيح في السادس من يناير، وقد أدانت كنيسة الشرق الكنيسة الغربية بسبب إعلان 25 ديسمبر كعيد ميلاد عيسى واتهامها بعبادة الشمس. نفس المصدر، ص 148.
  12. هاشم رضى، الأديان الكبرى في العالم، ص 471.
  13. أنوار التنزيل وأسرار التأويل، ج2، ص13.
  14. إنجيل لوقا، 1: 26-32.
  15. إنجيل لوقا، 2: 1.
  16. إنجيل متى، 2: 5 و6.
  17. إنجيل متى، 23.
  18. إنجيل متى، 2.
  19. جلال الدين آشتیانی، تحقیقی در دین مسیح، ص 151 وأيضًا: محمد رضا زیبایی نژاد، مسیحیت شناسی مقایسه ای، ص 47.
  20. قرشي، سيد علي أكبر، قاموس القرآن، ج5، ص82.
  21. طباطبائي، المیزان، ج3، ص194.
  22. طبرسي، تفسير جوامع الجامع، ج1، ص174.
  23. سورة آل عمران 45-58.
  24. سورة زخرف، 63-65.
  25. سورة صف، 6-14.
  26. سورة مائدة، 110-111.
  27. سورة نساء، 157-158.
  28. ترجمة المیزان، ج3، ص441.
  29. سورة شوری، آية 13.
  30. سورة مريم، آية 30.
  31. سورة آل عمران، آية 49.
  32. سورة أحزاب، آية 7، سورة شوری، آية 13، سورة مائدة، آية 46.
  33. سورة آل عمران، آية 45.
  34. سورة نساء، آية 171.
  35. سورة أحزاب، آية 7.
  36. سورة نساء، آية 159، سورة مائدة، آية 117.
  37. سورة آل عمران، آية 45.
  38. سورة آل عمران، آية 33.
  39. سورة مريم، آية 19-33.
  40. سورة آل عمران، آية 48.
  41. ترجمة المیزان، ج3، ص444.
  42. الأنوار الساطعة في شرح الزيارة الجامعة، ج4، ص496.
  43. سيرة نبوي «منطق عملي»، مصطفى دلشاد تهراني، ج1، ص292.
  44. حكم النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم (محمدي ري شهري)، ج2، ص281.
  45. بحار الأنوار (علامة مجلسی)، ج14، ص289.
  46. بحار الأنوار (علامة مجلسی)، ج14، ص254.
  47. البرهان في تفسير القرآن (سيد هاشم بحراني)، ج3، ص711.
  48. بحار الأنوار (علامة مجلسی)، ج14، ص326.
  49. إنجيل متى، 1: 1-18؛ إنجيل لوقا، 3: 23-28.
  50. إنجيل لوقا، 1: 26-37؛ إنجيل متى، 1: 18-22.
  51. إشعياء، 11: 1، و2: 4.
  52. مأخوذ من: التكوين، 22: 1، يعتقد اليهود والمسيحيون أن إبراهيم أخذ إسحاق إلى قربان، على عكس المسلمين الذين يعتقدون أن إسماعيل هو الذي يُذبح.
  53. إنجيل لوقا 3: 23.
  54. كارل كائوتسكي، أساسيات المسيحية، ص 35؛ نقلاً عن: محمد رضا زیبایی نژاد، مسیحیت شناسی مقایسه ای، ص 43.
  55. إنجيل لوقا، 1: 35؛ إنجيل متى، 1: 21.
  56. بورمير، مير جلال، قصص من الأنبياء (6)، عيسى (عليه السلام)، ص 38.
  57. سورة النساء، آية 157.
  58. سورة النساء، آية 158.
  59. مجلسی، محمد باقر، تاريخ الأنبياء وبعض قصص القرآن (حياة القلوب ج2)، ص 1193.
  60. آل عمران/سورة 3، آية 55.
  61. مجلسی، محمد باقر، تاريخ الأنبياء وبعض قصص القرآن (حياة القلوب ج2)، ص 1187.