الفرق بين المراجعتين لصفحة: «النص»

من ویکي‌وحدت
(أنشأ الصفحة ب''''النص:''' اصطلاح في الفقه والأصول وهو الخطاب الصريح الوارد في القرآن و الس...')
(لا فرق)

مراجعة ٠٥:٢٥، ١٤ سبتمبر ٢٠٢١

النص: اصطلاح في الفقه والأصول وهو الخطاب الصريح الوارد في القرآن و السنة، المستدلّ به على حكم الأشياء، کما يقال إن الآیة: «کتب عليکم الصيام» نصٌ في وجوب الصوم، فهو کلام لا يحتمل إلاّ معنى واحداً. وفي مقابله الظاهر أو الأظهر.

تعريف النص لغةً

نصصتُ الحديث أنصّه نصّاً، إذا أظهرته... وكلّ شيء أظهرتَه فقد نصصتَه. والنصّ: التعيين على شيء ما [١].
النصّ: رفعك الشيء. نصّ الحديث ينصّه نصّاً: رفعه وكلّ ما اُظهر فقد نُصّ[٢].

تعريف النص اصطلاحاً

وردت للنصّ في كلمات الاُصوليين عدّة معانٍ:
الأوّل: مطلق الكلام سواء كان شفوياً أو مكتوباً. وفي هذا السياق عرّفه البعض بقوله: الخطاب الذي يمكن معرفة المراد من خلاله[٣].
وعرّفه بعض آخر بقوله: «كلّ كلام يورد كما قاله المتكلّم»[٤]. وفي السياق ذاته يقال: دلالة النص[٥] أو إشارة النص[٦] أو عبارة النصّ[٧].
الثاني: خصوص الكتاب و السنة. وقد حدّه البعض بعبارات من قبيل:
«النصّ هو اللفظ الوارد في القرآن والسنّة، المستدلّ به على حكم الأشياء»[٨]. أو «كلّ ملفوظ مفهوم المعنى من الكتاب والسنّة، سواء كان ظاهراً أو محكماً، حقيقة أو مجازاً، عامّاً أو خاصّاً».[٩] واستعمله الاُصوليون و الفقهاء بهذا المعنى كثيراً، مثل قولهم: «ورد فيه نصّ» و «لا نصّ فيه» أو التعبير المعروف لديهم: «ما لا نصّ فيه»[١٠] فمرادهم من النصّ هنا هو الكتاب والسنّة.
الثالث: ما يقابل الخطاب بمعناه المعاصر، أي الكلام المكتوب غير الشفوي مهما كان مصدره لا خصوص الكتاب والسنّة. وهو استعمال ورد عن المتأخّرين والمحدثين من الاُصوليين وغيرهم[١١]. ويبدو أنّه غير معهود عن القدماء.
الرابع: ما يقابل الظاهر، وقد وردت له عدّة تعاريف:
منها: هو ما لا يحتمل إلاّ معنى واحداً، عند عدم القرينة (على رأي البعض) أو ولو بمساعدة القرائن (على رأي البعض الآخر)[١٢].
ومنها: ما لم يحتمل فيه الخلاف[١٣].
ومنها: اللفظ الذي لا يمكن استعماله في غير معناه الواحد[١٤].
ومنها: اللفظ الدالّ على الحکم دلالة ظاهرة جلية[١٥].
ومنها: هو الذي لا يحتمل التأويل[١٦].
الخامس: ما نسب إلى الشافعي من استعمال مفردة النصّ بمعنى الظاهر وكمرادف للظاهر، حيث قال: «اللفظ الذي يغلب الظنّ بمعناه من غير قطع»[١٧].
السادس: المجمل، فقد ورد عن الشيخ الطوسي وغيره قوله: «كان يسمّى المجمل نصّاً»[١٨]. ولا بدّ أنّ هذا الاستعمال مهملاً أو مهجوراً، وما بات أحد يستعمله حالياً.

مواطن البحث

تناول الاُصوليون النصّ ـ وفق تعدّد معانيه ـ بالدراسة في مواطن عديدة:
منها: بحث الألفاظ والدلالات مثل دلالة النصّ و عبارة النص و اقتضاء النص و إشارة النص.
والمراد من النصّ في هذه العبارات المزبورة هو الكلام مطلقاً (المكتوب والشفوي) فعبارة النصّ تعني عبارة الكلام، واقتضاء النصّ هو اقتضاء الكلام، وإشارة النصّ هو إشارة الكلام.
وبذات المعنى يدرس النصّ تحت عنوان «السنّة» و«الكتاب» وعناوين اُصولية اُخرى مثل: حديث وقول وغيرهما.
والبحث في هذا المجال تارة يكون من حيث كون الكلام لفظاً، فيدخل في البحوث اللفظية الدارجة تحت مداخل متعدّدة كـ الدلالة و المعنی، وتارة من حيث كون الكلام عنصراً مشتركاً فيدرس تحت عناوين من قبيل: الحجية، و الكتاب، و السنة، و القول وما شابه، وتارة اُخرى يُدرس من حيث كونه عنصراً خاصّاً له دور في الاستنباطات الفقهية، وهو ما يتناوله غالباً الفقهاء في بحوثهم الاستدلالية.
ومنها: بحوث ما لا نص فيه، ويراد بالنصّ عندئذٍ الكتاب والسنّة، ويناقشون الموارد التي تفتقد النصّ الشرعي في حقّها، فيذهب الشيعة مثلاً إلى وجود أصول شرعية أو عقلية مدعومة شرعياً تغطّي الفراغ، بينما يذهب أهل السنة إلى آليات مثل: القياس، و الاستحسان، و المصالح المرسلة.
ومنها: ما يتناوله الاُصوليون في بحوث التعارض من حيث اختصاص بعض النصوص بمرجحات دون اُخرى.
ومنها: النصّ بمعنى ما يقابل الظاهر، وقد بحث تحت عنوان الظهور وبحوث الألفاظ ذات الصلة. ومنها: تعميم الحکم الوارد في النصّ، فقد تُناقش إمكانية تعميم الحكم الوارد في النصّ من خلال استنباط العلة واستكشافها من النصّ. وكثيراً ما يتناول هذا الموضوع تحت عناوين مثل القياس أو العلة.

الألفاظ ذات الصلة

1 ـ بيان

من تعاريفه أنّه الدلالة أو ما دلَّ على الحكم الشرعي.
وفرقه عن النصّ في أنّ العلاقة بينهما قد تكون علاقة عموم وخصوص مطلقاً، بناءً على معنى كونه ما يقابل الظاهر، فإنّ البيان قد يكون نصّاً وقد يكون ظاهراً. وقد تكون العلاقة بينهما عموم وخصوص من وجه، بناءً على كون النصّ ما كتب من الكلام، فإنّ البيان قد يكون مكتوباً، وقد لا يكون كذلك.
ولأجل الاجتماع الجزئي في المعنى اشتركت بعض بحوث البيان والنصّ، فالبحوث اللفظية، مثل الحقيقة والمجاز، تدخل في كليهما، بينما بحوث الأفعال والتقرير تختصُّ بالبيان فحسب، بناءً على معنى كونه الوجود الكتبي للكلام[١٩].

2 ـ خطاب

وهو الكلام الموجَّه من شخص إلى آخر، أو من المخاطِب إلى المخاطَب.
وفرقه عن النصّ في أنّ بينهما عموماً وخصوصاً من وجه، فالخطاب قد يكون نصّاً لا ظاهراً في المراد، كما أنّ النصّ قد يكون خطاباً وقد يكون بياناً غير خطاب، كما أنّه قد يكون شرعياً ورد في القرآن أو في السنة وقد يكون مصدره شيئاً آخر غير القرآن والسنّة.
هذا مع أنّ كثيراً من بحوث الخطاب تشترك مع النصّ، مثل النسخ والحقيقة والمجاز، فإنّه لم تخصّص البحوث المزبورة بالخطاب أو النصّ، بل شملت مجمل البيان، سواء كان خطاباً أو نصّاً أو ظاهراً [٢٠].

3 ـ دليل

من التعاريف الواردة له كونه ما يلزم من ثبوته لزوم المطلوب قطعا أو ظاهرا [٢١].
وقد يكون الدليل أعمّ مطلقاً من النصّ باعتبار أنّه قد يكون نصّاً في المطلوب وقد يكون ظاهراً، كما أنّ الدليل الشرعي الذي وصلنا هو مكتوب، فيتطابق معنى المفردتين هنا، بناءً على كونه القرآن والسنّة، لكن يختلفان في أنّ ليس كلّ نصّ شرعي دليلاً على المطلوب، لأنّ النصوص الشرعية قد تكون عبارة عن قصص المتقدّمين أو تتضمّن اُموراً اُخرى. ومن جانب آخر، فإنّ الدليل قد يكون عقلياً وليس نقلياً من كلام شفوي أو مكتوب.

أقسام النص

يقسّم النصّ وفق تعدّد معانيه إلى أقسام مختلفة. فالنصّ بمعنى الكتاب والسنّة يقسّم من حيث صدوره من الشارع إلى قطعي الصدور كالآيات القرآنية والروايات المتواترة وإلى ظنّي الصدور كأخبار الآحاد، حيث ثبت صدورها بنحو ظنّي لا قطعي. ومن حيث الدلالة يقسم إلى ظنّي الدلالة وقطعيّه، والظنّي مثل الظاهر، والقطعي هو ما يُدعى نصّاً بمعناه الرابع. ومثال الظاهر هو دلالة الأمر على الوجوب أو دلالة خبر ما على حكم شرعي والقرائن المحتفة به لا تفيد القطع بمعناه المراد. ومثال النصّ هو: «أكرم العلماء الأتقياء» فإنّ مفردة الأتقياء نصّ في تخصيص الإكرام بهم إذا لم تكن هناك قرائن تصرف عن التخصيص وتفيد الأولوية مثلاً.
والنصّ بمعناه الرابع (ما لا يحتمل إلاّ معنى واحداً) وبمعنى مطلق الكلام المكتوب يقسّم إلى قطعي الصدور وظنّيه كذلك.
وقد تكون هناك تقسيمات اُخرى وردت عن البعض[٢٢].

أحکام النص

تناول الاُصوليون النصّ من عدّة جوانب، وقد يكون أهمّ جانب هو ما تناولوه استطراداً في قاعدة لا اجتهاد في مورد النصّ (ويُراد من النصّ هنا هو الكتاب والسنّة). وهي قاعدة تناولوها بنحو غير مباشر تحت عناوين مختلفة.
لقد أثرنا هذه القاعدة عن الاُصوليين السنة و الشيعة منذ أمد بعيد، وقد أشاروا إليها بعبارات مختلفة مثل: «لا مساغ للاجتهاد في مورد النصّ» أو «لا اجتهاد في مورد النصّ» أو «الاقتصار في مورد النصّ»[٢٣] أو «لا يحلّ القياس و الخبر موجود»[٢٤] أو «لا سبيل إلى العمل بالرأي مع إمكان العمل بالنصّ»[٢٥] أو «لا خلاف في سقوط الاجتهاد مع النصّ»[٢٦] وتعابير اُخرى[٢٧].
ويبدو منهم إرسالها إرسال المسلّمات، ولذلك لم نأثر عنهم بحوثاً ذات صلة، والذي أثرناه هو ذكرها بنحو مجمل دون تفصيل، كما لم نأثر على مَن قال بعدم صحّتها أو عدم حجّيّتها أو ناقش في حجّيّتها، وإذا كان هناك خلاف ففي مصاديق هذه القاعدة.
وعليه، يمكن القول: بأنّ الإجماع هو دليل هذه القاعدة، وإن صدرت محاولات من بعض المعاصرين التي لا يبدو منها إنكاراً لأصل القاعدة بل تشكيكاً في شموليتها وتخصيصاً للنصّ الوارد فيها أو فرض تفسير خاصّ للاجتهاد (وذلك باعتبار تعدّد معاني الاجتهاد) أو اُمور اُخرى ذات صلة. ولأجل ذلك سعى البعض لتعديل القاعدة واقترح تسميتها بأسماء مختلفة مثل: «لا مساغ للاجتهاد فيما فيه نصّ صريح قطعي» أو «لا مساغ للاجتهاد في مورد النصّ الخاصّ» أو «لا اجتهاد في مورد النصّ المفسّر» أو «لا اجتهاد إلاّ بقدر الضرورة»، وهي عناوين تستبطن تخصيصاً لها وإخراجها عن حالة العموم[٢٨].
بل ذكر بعض من هؤلاء المعاصرين ما صدر من الصحابة من اجتهادات (كاجتهادات عمر بن الخطاب) واعتبرها خرماً للقاعدة منهم وشاهداً على صحّة الاجتهاد مقابل النصّ[٢٩].
هذا برغم أنّه يمكن افتراض أدلّة اُخرى عليها، مثل الروايات التي نهت عن الاجتهاد و الإفتاء بالرأي[٣٠]. وفي هذه القاعدة عدّه بحوث يمكن افتراضها:
منها: أي اجتهاد يراد بهذه القاعدة؟ هل هو بمعنى الجهد أم إعمال القياس وما شابه من الآليات؟
كثيراً ما يراد من الاجتهاد في عبارات الاُصوليين القدماء القياس، أمّا متأخّروهم والمعاصرون فيريدون من الاجتهاد في مورد النصّ إعمال قواعد مختلفة منها القياس. والقواعد هي مثل المصلحة و العرف و الاستحسان. ولا يراد من الاجتهاد هنا بذل الجهد لأجل استنباط الأحكام الشرعية، فإنّ ذلك أمر مقبول ومطلوب ولا منع منه.
ومع الأخذ بنظر الاعتبار ما يبدو من وجود إجماع من قبل جميع الطوائف على هذه القاعدة فاختلاف المذاهب هنا ينحصر في المصاديق فقط، ولذلك يرى البعض الاستدلال بالقياس ليس خارجاً عن النصوص وممارسته لا يعدّ خروجاً عنها، بينما يرى الآخر كون القياس خروجاً عن النصوص. وهكذا باقي الآليات الاُصولية[٣١].
ومنها: كون النصّ من المسالك التي تثبت العلة في القياس، فقد يكون هناك نص من آية أو حديث يثبت وصفا كونه علة للحكم[٣٢].
ومنها: أي نصّ معنيّ في هذه القاعدة؟ هل هو النصّ القطعي أو ما يشمل الظنّي كذلك؟
ومنها: هل هذه القاعدة فقهية أو كلامية؟ وذلك باعتبار كثرة استخدامها في البحوث الكلامية.
هذا وغيره من البحوث ممّا يمكن مناقشته وطرحه تحت هذه القاعدة[٣٣].

المصادر

  1. . ترتيب جمهرة اللغة 3: 435، مادّة: «نصص».
  2. . لسان العرب 4: 3930، مادّة: «نص».
  3. . الذريعة المرتضى 1: 328، رسائل المرتضى 2: 287، العدّة (الطوسي) 1: 407.
  4. . الإحكام ابن حزم 1 ـ 4: 43.
  5. . اُصول السرخسي 1: 241، المستصفى 1: 149، المحصول 1: 439، العدّة الطوسي 1: 410 و 2: 160، كفاية الاُصول: 384 و 386.
  6. . اُصول السرخسي 1: 242 و2: 141.
  7. . المصدر السابق: 242.
  8. . الإحكام ابن حزم 1 ـ 4: 43.
  9. . الاجتهاد في مورد النصّ: 38.
  10. . اُصول السرخسي 1: 241، الإحكام ابن حزم 1 ـ 4: 535، الوافية (الفاضل التوني): 190، هداية المسترشدين 3: 411.
  11. . اُنظر: الاُصول الأصلية 14 ـ 15، المعالم الجديدة للاُصول: 61.
  12. . اُنظر: الذريعة المرتضى 1: 328، رسائل المرتضى 2: 287، الفصول الغروية: 189.
  13. . الاُصول العامّة للفقه المقارن: 96.
  14. . المحصول 1: 462.
  15. . المصدر السابق.
  16. . المستصفى 1: 291.
  17. . الاجتهاد في مورد النصّ: 38 ـ 39.
  18. . العدّة الطوسي 1: 407، المعتمد في اُصول الفقه 1: 295.
  19. . الذريعة المرتضى 1: 329 ـ 331، المستصفى 1: 285.
  20. . اُنظر: الذريعة المرتضى 1: 8 ـ 15، العدّة (الطوسي) 1: 8 ـ 11، المحصول 1: 178 ـ 183، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2: 85، معارج الأصول (الحلّي): 49 .
  21. . الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 118 و 361.
  22. . اُنظر: الإحكام الآمدي 1 ـ 2 : 527 ، معالم الدين : 26 و 141 ، قوانين الاُصول: 6، الفوائد المدنية: 259، الاجتهاد في مورد النصّ : 40 ـ 42.
  23. . اُصول السرخسي 1: 50، مصباح الاُصول 2: 218 و 3: 296 و 333، الاُصول المهذبة خلاصة الاُصول: 129، الاجتهاد في مورد النصّ: 51.
  24. . الرسالة: 599.
  25. . اُصول الشاشي: 233.
  26. . الفصول في الاُصول 4: 38.
  27. . الاجتهاد في مورد النصّ: 205 ـ 207.
  28. . الاجتهاد في مورد النصّ: 252 ـ 273.
  29. . الاجتهاد في مورد النصّ: 257 و 275 ـ 282.
  30. . انُظر: الكافي 1: 58، كنز العمال 5: 801.
  31. . اُنظر: الاجتهاد في مورد النصّ: 201 ـ 274.
  32. . اُصول الفقه الإسلامي عبدالعزيز 1 ـ 2: 391 ـ 392.
  33. . الاجتهاد في مورد النصّ: 201 ـ 474.