انتقل إلى المحتوى

التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة وإسرائيل في التعامل مع إيران (ملاحظة)

من ویکي‌وحدت
واقعة حرّة

التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة وإسرائيل في التعامل مع إيران هو عنوان مذكرة تشير إلى نص نشره معهد الأمن القومي اليهودي الأمريكي (JINSA)[١]. هذا المعهد المرتبط بـاللجنة اليهودية الأمريكية للشؤون العامة (AIPAC)، أصدر مؤخرًا نصًا توصياتيًا بعنوان «تثبيت النصر؛ استراتيجية أمريكا تجاه إيران بعد الحرب التي استمرت 12 يومًا»، ويستهدف هذا النص قادة أمريكا وأوروبا وبعض دول شرق آسيا مثل اليابان وكوريا، بالإضافة إلى بعض القادة العرب. تم إعداد هذا النص في 21 صفحة، وإذا تم حذف التكرارات فسيكون حوالي 6 صفحات.

الطابع الإسرائيلي للنص

يعكس نص هذا المعهد اليهودي بشكل كامل مخاوف واهتمامات الكيان الصهيوني في مواجهة إيران، وليس مجرد توصية من مركز أبحاث أمريكي، إذ يجب أن يحمل الطابع الأمريكي صفات معينة. لذلك يمكن القول إن معهد جينسا يتابع بشكل كامل المخاوف والمطالب الأساسية للنظام الإسرائيلي، كما أن الأسماء المذكورة في مقدمة النص تؤكد الطابع الإسرائيلي للنص؛ مثل إريك أولمن، إليوت أبرامز، جون بيرد، ديفيد ديبولا، روبرت هارورد، تشارلز مور، تشارلز والد، هنري أوبيرينج، ستاف رادمكر، ري تيكيه، روجر زاكيه... هؤلاء هم شخصيات يهودية أمريكية بارزة عملوا دائمًا كممثلين نيابين لإسرائيل في أمريكا. يبرز النص كثيرًا إنجازات هجوم حزيران الذي نفذته إسرائيل والولايات المتحدة على إيران، لكن النص يؤكد أن مسؤولي تل أبيب يقيّمون هجمات أمريكا وإسرائيل بنتائج محدودة جدًا. كما أن النص، رغم المبالغة في التأثير السياسي للعقوبات الغربية على إيران، يشير إلى استمرار النشاط التجاري ونجاح إيران في ترسيخ علاقاتها التجارية، لا سيما في مجال الطاقة، ويطالب باتخاذ قرارات وسياسات أكثر حزمًا تجاه إيران. هناك ملاحظات أخرى حول هذا النص سيتم ذكرها لاحقًا.

قلق إسرائيل من انسحاب أمريكا

واقعة حرّة

يعبر نص جينسا عن قلق حكومة إسرائيل من انسحاب أمريكا من التهديدات العسكرية ومن عدم الدخول في عمليات مشابهة لما حدث في الثاني من تموز ضد ثلاث منشآت نووية إيرانية، والتي تلاها انسحاب سريع بحيث لم ترد القوات الأمريكية حتى على هجوم إيران على قاعدة العدید التي وصفها جينسا بأنها أهم قاعدة أمريكية في المنطقة. أوصى جينسا، وبالفعل المسؤولون الإسرائيليون، بضرورة إيجاد حلول لتأمين القواعد العسكرية وتقليل مخاطر أمريكا في مواجهة رد إيران. على سبيل المثال، اقترح نقل القواعد العسكرية الأمريكية من البحرين وقطر وغرب السعودية إلى دييغو غارسيا في شرق المحيط الهندي. من الطبيعي أنه لو اعتبرت أمريكا في عهد ترامب الهجوم في الثاني من تموز ناجحًا وذو تأثير مع مخاطر وتكاليف مناسبة، لكانت مهتمة بتكراره. لكن النص يعبر عن شكوك بهذا الخصوص ويقول: «يجب على الولايات المتحدة أن تعلن بوضوح دعمها لأي إجراء إسرائيلي لمنع استعادة إيران لقدرات تغيير قواعد اللعبة».

إنشاء آليات جديدة في مواجهة إيران

يتحدث النص عن ضرورة إنشاء آليات جديدة في التعامل مع إيران تكون أقوى من الآليات السابقة، وفي الوقت نفسه يشير التقرير إلى أن التعاون العسكري والاقتصادي الجديد بين ثلاث دول هي إيران والصين وروسيا يعد عاملًا مهمًا في إحباط العقوبات والتحالفات المناهضة لإيران، كما يشير إلى تردد وقلة حماس الشركاء الإقليميين - المقصود دول الخليج العربي - في الانضمام إلى أي خطة ضد إيران. وبناءً عليه، يتضح تمامًا أن القدرة على ممارسة الضغط الدولي والإقليمي ضد إيران قد انخفضت بشكل كبير، بينما يزداد ضغط اللوبي الإسرائيلي في أمريكا لزيادة هذه الضغوط.

ادعاء مبالغ فيه

الجانب الأساسي في نقاشات جينسا هو الجمهورية الإسلامية، حيث يدعي هذا اللوبي اليهودي في نصه وتوصياته أنه بعد هجمات حزيران، أصبحت إيران في وضع لا خيار لها سوى التفاوض والاتفاق مع أمريكا، بينما يشير النص إلى أن إيران من خلال خلق أداة ضغط جديدة تمتلك أفضل فرصة لإعاقة حرية حركة إسرائيل وشراء وقت ثمين لإعادة بناء قدراتها. ويضيف النص: «المقاومة قبل الحرب في إيران بقيت إلى حد كبير دون تغيير لأن البلاد تحاول خلق أداة ضغط جديدة وتستخدم الوقت لإعادة بناء نفسها... تحاول إيران الحفاظ على القدرات المتبقية لبرنامجها النووي، بما في ذلك الأعمال الإنشائية في مواقع تخص التخصيب غير المعلنة بالقرب من نطنز». ويضيف التقرير: «رغم إصرار الغرب، رفضت إيران بعد الحرب التي استمرت 12 يومًا الاستجابة لمطالبهم». لذلك من الواضح أن كتاب ومستشاري اليهود في أمريكا وإسرائيل يعانون من مأزق مطلق لأنهم يحاولون فرض ما يجب وما لا يجب على أمر خارج عن سيطرتهم! ومع ذلك، يشير النص مرارًا إلى صعوبة المواجهة مع إيران.

تشدد موقف المعارضة لأمريكا في إيران

يؤكد النص أنه بعد الحرب التي استمرت 12 يومًا، أصبح موقف المعارضين لـأمريكا في إيران أكثر تشددًا، وأن الاتجاه الحالي هو أن أي اختيار سياسي في إيران، سواء من قبل مسؤولي النظام (التعيينات) أو من قبل الشعب (الانتخابات)، يؤدي إلى تولي أشخاص أكثر صلابة في العلاقة مع الغرب. ويشير التقرير إلى أن «طهران لا تظهر حاليًا أي رغبة في التفاوض الجاد أو العاجل، كما أنها تصر على تنفيذ التزامات أمريكا والدول الأوروبية الثلاثة والوكالة الدولية قبل اتخاذ أي إجراء مضاد».

إدارة الحرب بمفردها

يشير النص عدة مرات إلى أن أي إجراء من قبل النظام الإسرائيلي أو تحقيق أي هدف إسرائيلي مرتبط بإيران يعتمد على تعاون جبهة واسعة من أمريكا إلى أوروبا، إلى دول شرق آسيا، وإلى مجموعة من الدول العربية في المنطقة. كما يؤكد النص أن الدول التي شكلت سابقًا جبهة ضد إيران لا ترغب حاليًا في المشاركة في المشاريع الإسرائيلية-الأمريكية ضد إيران. ومن هنا يتضح تمامًا أن النظام الإسرائيلي في الظروف الحالية سيدخل الحرب ضد إيران فقط إذا قرر تحمل العبء بمفرده. ونص جينسا يقول إن إسرائيل لا تمتلك هذه القدرة. كما يشدد النص على أن «أمريكا يجب أن تتولى القيادة الواضحة للإجراءات لمواجهة جهود إيران وروسيا والصين».

توصيات جينسا حول "التفاوض المباشر"

من خلال دراسة نص جينسا، نصل إلى نتيجة مفادها أن الأمريكيين والإسرائيليين لا يملكون أي مبادرات جديدة تجاه إيران. ترتكز توصيات جينسا على «التفاوض المباشر» بين أمريكا وإيران، مع «تكثيف التهديدات» و«إشراك الآخرين»، وهذه الأمور ليست جديدة، ولا يمكن الحكم على فعاليتها بنعم أو لا فقط، إذ جربت هذه الخيارات بأقصى درجاتها. في الاتفاق النووي كان هناك تفاوض وجهًا لوجه، واعتُبر توقيع وزير الخارجية الأمريكي ضمانًا داخل البلاد، ووقعت حرب على إيران، وكون تحالف خارجي، لذا فإن تكرار هذه الأمور لا يعد ابتكارًا. ومع ذلك، يشير النص إلى ضرورة تحقيق أمور يعترف في النص نفسه بعدم كفايتها وضعف تأثيرها. ربما لهذا التناقض استمر النص أكثر من اللازم وتكررت بعض عباراته حرفيًا عدة مرات.

صعوبة إقناع الحكومات

الوضع بالنسبة للنظام الإسرائيلي وحتى أمريكا في مواجهة إيران أصبح صعبًا بعد كوارث غزة، لأن إقناع الرأي العام وحتى الحكومات بضرورة ممارسة الضغط على إيران أصبح صعبًا للغاية، وهو أمر لم يكن موجودًا في السنوات التي أدت أخيرًا إلى توقيع الاتفاق النووي عام 1394 هـ، حين كان مجلس الأمن متماسكًا، وكانت الدعاية العالمية قد أقنعت بأن إيران لا تريد العمل ضمن الأطر التنظيمية، ولم تكن فعالية الإجراءات العسكرية والعقوبات الصارمة موضع شك كبير. أما الآن فقد تغيرت الظروف ضد إسرائيل وأمريكا ولصالح إيران.

ضعف إسرائيل وأمريكا في مواجهة إيران

يتناول نص جينسا بإيجاز نقاط ضعف إسرائيل وأمريكا في مواجهتهما لـإيران، وهذه النقاط تعد من أبرز وأهم الأصول العسكرية لأمريكا وإسرائيل. من بينها نقص القدرة على الدعم الجوي للمقاتلات. يطالب النص بتوفير عدد كافٍ من ناقلات التزود بالوقود الجوي (KC46A) أو توفير ذخائر موجهة (PGM) أمريكية الصنع بكميات كافية لإسرائيل، وزيادة إنتاج أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي والاعتراض الأمريكية الصنع، وغيرها. هذه الأمور لم يكن بالإمكان زيادتها خلال حرب الـ12 يومًا، ليس لأن أمريكا لم تستطع أو لم ترغب في توفيرها للجيش الإسرائيلي، ولكن كما ورد في نص جينسا، فإن فعالية هذه الأنظمة - خاصة أنظمة الاعتراض المكلفة مثل تاد وباتريوت - وقدرتها على صد الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة الإيرانية قد أصبحت محل شك.

فضاء جديد من التهديد ضد إيران

في النهاية، حاول هذا النص رسم فضاء جديد من التهديد ضد إيران، لكنه كشف عن عجز أمريكا وإسرائيل في التغلب على إيران. وربما لهذا السبب كان خلاصة وتوصيات النص تشير إلى ضرورة الضغط على إيران لقبول اتفاق يتجاوز الاتفاق النووي من خلال تقديم مقترحات وتصوير التهديدات العسكرية والاقتصادية.

مواضيع ذات صلة

الهوامش

  1. بقلم: سعد الله زارعي.

المصادر