اللجنة اليهودية الأمريكية للشؤون العامة
اللجنة الیهودیة الأمیرکیة للشؤون العامة (بالإنجلیزیة: American Israel Public Affairs Committee) واشتهرت اختصارًا باسم أیباك (AIPAC)، هي جماعة ضغط أمیرکیة تسعى إلى التأثیر على السياسة العامة تجاه إسرائيل. تأسست عام 1951، وتعتبر واحدة من أقوى جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية، وتلعب دوراً محوریاً في تشكیل العلاقات الأمریكیة الإسرائیلیة. تعمل المنظمة ضمن النظام السياسي الأمیركي لضمان استمرار الدعم الأمیركي لإسرائيل من خلال التأثیر على صناع القرار في الكونغرس والسلطة التنفیذیة.
التاریخ
التأسيس والنشأة
تعود جذور تأسیس اللجنة إلى أواخر الأربعینیات من القرن الماضي، عندما شعرت القیادات الیهودیة الأمیرکیة بضرورة وجود منظمة متخصصة للدفاع عن مصالح الدولة الإسرائیلیة الولیدة. بعد تأسیس إسرائيل عام 1948، بدأت مجموعة من الناشطین الیهود بقیادة إسحاق "آيك" ل. شودیاك في إنشاء كیان یعمل على توطید العلاقات بین البلدین. تم تسجیل المنظمة رسمیاً في واشنطن عام 1951 تحت اسم "اللجنة الیهودیة الأمیرکیة للشؤون العامة"، مع تركیز أساسي على الأنشطة السیاسیة والتشریعیة.
التطور والنمو
شهدت المنظمة تطوراً ملحوظاً منذ تأسیسها:
- في الخمسینیات والستینیات: ركزت على بناء شبكة علاقات مع أعضاء الكونغرس، وساهمت في ضمان أول حزم المساعدات الاقتصادیة والعسکریة لإسرائيل. خلال هذه الفترة، عملت على تعزیز صورة إسرائيل كحلیف استراتيجي للولايات المتحدة في فترة الحرب الباردة.
- في السبعینیات: نمت المنظمة بشكل كبیر بعد حرب أكتوبر 1973، حيث عززت وجودها في أروقة الكونغرس ووسعت من قاعدة داعمیها. خلال هذه الفترة، أصبحت قادرة على حشد تأیید لائحة واسعة من أعضاء الكونغرس من الحزبین.
- في الثمانینیات: أصبحت واحدة من أكثر جماعات الضغط نفوذاً في واشنطن، وتمكنت من تأمین دعم كاسح لصفقات الأسلحة الكبیرة مع إسرائيل، بما في ذلك صفقة الطائرات المقاتلة F-16.
- في التسعینیات: لعبت دوراً محوریاً في تأسیس العلاقات الاستراتيجية بین الولايات المتحدة وإسرائيل، وساهمت في تعزیز التعاون في مجالات الأمن والاستخبارات.
- في القرن الحادي والعشرین: وسعت من نشاطها لیشمل حملات توعية جماهیریة، وأنشأت أجنحة متخصصة في مجال الإعلام والبحث، وطورت برامج لتدریب الجیل الجدید من الناشطین.
الأهداف والأنشطة
تركز أیباك على عدة محاور أساسية:
الأنشطة التشریعیة
- الدعوة إلى تقدیم المساعدات الأمریكية العسکرية والاقتصادیة لإسرائيل: تعمل على ضمان حصول إسرائيل على حصة كبیرة من المساعدات الخارجیة الأمیرکیة، والتي تصل إلى حوالي 3 ملیارات دولار سنویاً، معظمها للأغراض العسکریة.
- مراقبة ومحاربة أي تشریعات قد تضر بمصالح إسرائيل: تتابع عن كثب كل المشاریع التشریعیة في الكونغرس وتعمل على تعدیلها أو إلغائها إذا كانت تتعارض مع المصالح الإسرائیلیة.
- العمل على إصدار تشریعات تعزز العلاقة الاستراتيجية بین البلدین: تسعى إلى إصدار قوانین تعزز التعاون في مجالات التکنولوجیا والتجارة والطاقة والأمن.
الأنشطة السیاسیة
- تنظيم مؤتمرات سنویة بحضور شخصيات بارزة: یحضر مؤتمرها السنوي آلاف الأشخاص، بما فيهم رؤساء وزراء إسرائیلیون ووزراء أمیرکیون وأعضاء كونغرس.
- بناء علاقات مع أعضاء الكونغرس من الحزبین الجمهوری والدیمقراطي: تمتلك شبكة علاقات واسعة مع صانعي القرار في الحزبین، وتعمل على بناء تحالفات متعددة الأطراف.
- تنظيم زیارات لأعضاء الكونغرس إلى إسرائيل: تشرف على برامج زیارة مكثفة لأعضاء الكونغرس وموظفیم إلى إسرائيل لتعزیز الفهم والدعم للقضية الإسرائیلیة.
الأنشطة الإعلامية
- نشر تقاریر وتحلیلات حول الشؤون الإسرائیلیة: تنتج محتوى تحلیلیاً منتظماً حول تطورات الوضع في الشرق الأوسط وتوزعه على وسائل الإعلام وصناع القرار.
- الرد على الانتقادات الموجهة لإسرائيل في الإعلام: تمتلك وحدة متخصصة لمتابعة الإعلام والرد السریع على أي انتقادات توجه لإسرائيل.
- إنتاج محتوى توعوي لدعم القضية الإسرائیلیة: تنتج أفلاماً وثائقیة ومواد توعوية تظهر إسرائيل كدولة دیمقراطية وتقدمیة في المنطقة.
الهيكل التنظيمي
تعمل أیباك من خلال هیکل تنظيمي متطور یشمل:
الهيئة الإدارية
- مجلس الإدارة: یتكون من شخصيات بارزة من الجالیة الیهودیة، یضم رجال أعمال كبار ومحامیین مرموقین وأكادیمیین متخصصین في الشؤون الدولية.
- اللجنة التنفیذية: تتابع الشؤون الإدارية والمالیة الیومیة، وتشرف على تنفیذ الاستراتیجيات العامة للمنظمة.
- لجنة السیاسات: تضم خبراء في الشؤون الدولية والعلاقات العامة، وتتولى وضع التوجهات السیاسیة العامة.
فروع المنظمة
- المقر الرئیسي في واشنطن العاصمة: یشرف على الأنشطة الوطنية والتنسیق مع الحكومة الفدرالیة.
- مكاتب إقلیمیة في várias مدن أمیرکیة: منها نیویورك، لوس أنجلس، شیکاغو، میامی، وأتلانتا.
- ممثلون في معظم الولايات الأمیرکیة: یعملون على بناء شبكات دعم محلیة وتنسیق الأنشطة على مستوى الولایات.
مصادر التمويل
- تبرعات الأفراد: تشكل المصدر الرئیسي، وتأتي من تبرعات كبار رجال الأعمال من الجالیة الیهودیة.
- مساهمات الشركات: تتلقى تبرعات من شركات كبیرة تعمل في مجالات المال والأعمال والتکنولوجیا.
- فعاليات جمع التبرعات: تنظم حفلات عشاء واجتماعات خاصة تجمع ملايين الدولارات سنویاً.
- الاستثمارات': تدیر محفظة استثمارية diversifyة تضمن استمرار تدفق الأموال.
النفوذ والتأثیر
تمتلك أیباك نفوذاً کبیراً في المشهد السیاسي الأمیركي، وذلك من خلال:
التأثیر على الانتخابات
- دعم المرشحین المؤیدین لإسرائيل: تقدم تبرعات غیر مباشرة من خلال لجان acción سیاسیة تابعة لها.
- تمویل حملات انتخابية: تدعم مرشحین من الحزبین عبر شبكة معقدة من لجان collecting الأموال.
- تنشیط قاعدة انتخابية: تمتلك قدرة على حشد آلاف المتطوعین للدعایة للمرشحین الموالین لإسرائيل.
- حملات إعلانیة: تنفق ملايين الدولارات على حملات إعلانیة تدعم أو تعارض مرشحین محددین.
العلاقات مع الإدارات المتعاقبة
- عملت مع جمیع الإدارات الأمیرکیة منذ تأسیسها: من أيزنهاور إلى بایدن، حافظت على قنوات اتصال مع البیت الأبیض.
- حافظت على علاقات قویة مع البیت الأبیض: یتمتع ممثلوها بإمكانیة الوصول المباشر إلى مستشاري الرئاسة.
- تواصل منتظم مع وزارةالخارجية والدفاع: تشارك في جلسات إحاطة منتظمة وتقدم توصیات حول تعیین مسؤولین كبار.
الجدل والانتقادات
تتعرض أیباك لانتقادات واسعة من عدة جهات:
انتقادات سیاسیة
- اتهامات بالعمل ضد المصالح الأمیرکیة: ینتقدها البعض لدفعها مصالح إسرائيل على حساب المصالح الأمیرکیة في الشرق الأوسط.
- انتقادات لتأثیرها المفرط على السياسة الخارجية: یرى محللون أنها تشكل "حكومة ظل" توجه سیاسة الولايات المتحدة في المنطقة.
انتقادات قانونية
- تساؤلات حول شفافیة أنشطتها: تتعرض لانتقادات بسبب عدم الإفصاح الكامل عن أنشطتها وتمویلها.
- جدل حول تسجیلها كلوبي وليس منظمة سیاسیة: یتهمها البعض باستغلال ثغرات قانونیة للتهرب من قوانین الشفافیة.
- انتقادات حول تمویلها: تثار تساؤلات حول مصادر تمویلها الحقیقیة وعلاقاتها بممولین أجانب.
معارضة من داخل الجالية اليهودية
- انتقادات من یهود أمیركا اللیبرالیین: یعارضها یهود لیبرالیون یرون أنها لا تمثل تعددية الآراء في الجالیة الیهودیة.
- معارضة من منظمات یهودیة تقدمیة: تنتقدها منظمات مثل "ج Strett" لمواقفها المتطرفة ودعمها لسیاسات الیمین الإسرائیلي.
- جدل حول من یتحدث باسم الیهود الأمیرکیین: تثار تساؤلات حول شرعیة ادعائها تمثیل الجالیة الیهودیة بأكملها.
إنجازات بارزة
ساهمت أیباك في عدة إنجازات مهمة:
- ضمان حصول إسرائيل على مليارات الدولارات كمساعدات عسكرية: منذ 1970، ساهمت في تأمین أكثر من 100 ملیار دولار كمساعدات.
- التصدي لمحاولات فرض عقوبات على إسرائيل: منعت مشاریع قوانین متعددة تهدف إلى فرض عقوبات على إسرائيل.
- تعزيز التعاون الاستخباراتي بين الولايات المتحدة وإسرائيل: ساهمت في إقرار قوانین تعزز تبادل المعلومات الاستخباراتیة.
- دعم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس: لعبت دوراً محوریاً في دعم قرار ترامب بنقل السفارة.
- مكافحة الحركة الفلسطینیة للمقاطعة: قادت حملات successful لمحاربة حركة BDS في الجامعات والولایات المختلفة.
التحديات المستقبلية
تواجه أیباك عدة تحديات في المستقبل:
- تغیر التوجهات داخل الجالیة الیهودیة: خاصة بین الشباب الیهود الذين یبدون أقل ارتباطاً بإسرائيل.
- تصاعد النقد الدولي لإسرائيل: مع تزاید الدعم للقضية الفلسطینیة على المستوى العالمي.
- الانقسامات الداخلیة في إسرائيل: والتي قد تؤثر على قدرة المنظمة على تقدیم روایة موحدة.
- تغیر أولویات الولايات المتحدة': مع تزاید الاهتمام بالتحديات الأخرى مثل الصین وتغیر المناخ.
