الصوم

من ویکي‌وحدت

الصوم: بمعنی إمساک المکلف للأکل والشرب وکل ما ينافيه. وهو علی أقسام: واجب ومندوب ومحظور. وههنا نقدم للقارئ الکريم مباحثَ حول مسئلة الصوم أقسامها وشرائطها وأحکامها، ومنهجنا في هذا المقال بيان آراء الإمامية أولاً ثم نذکر آراء فقهاء أهل السنة خصوصاً الشافعية و الحنفية ثانياً.

الصوم

الصوم على ثلاث أضرب: واجب ومندوب ومحظور.

أقسام الواجب من الصوم

القسم الأول

فالواجب على ضربين: أحدهما يجب مطلقا من غير سبب، والثاني يجب عند السبب.
فالأول صوم شهر رمضان، وشروطه على ضربين: أحدهما يشترك فيه الوجوب وصحة الأداء، والثاني يختص بصحة الأداء.
فالأول: البلوغ وكمال العقل والسلامة من المرض والكبر والسفر ودخول الوقت.
والثاني: الإسلام والنية و الطهارة من الجنابة، على تفصيل نذكره، ومن الحيض و الاستحاضة المخصوصة و النفاس.
وعلامة دخوله رؤية الهلال، وبها يعلم انقضاؤه. [١]
أما الإسلام، فهو شرط صحة الأداء لا شرط الوجوب لأن الكافر يجب عليه الصلاة والصيام وغيرهما من العبادات غير أنه لا يصح منه مع وجود الكفر.
وأما النية فقد وافقنا فيها الشافعي وهي تتعلق بكراهة المفطرات التي نذكرها من حيث كانت إرادة، والإرادة لا تتعلق إلا بحدوث الفعل وليس إلا كراهة المفطرات.
" ووقت النية من أول الليل إلى طلوع الفجر، ويتضيق عند طلوع الفجر. وقال الشافعي قبل طلوع الفجر الثاني لا يجوز أن يتأخر عنه. [٢] وعند الحنفية أن الصوم الواجب ضربان: ضرب منه ما يتعلق بزمان معين كصوم رمضان والنذر المعين فيجوز صومه بنية من الليل وبنية من النهار إلى وقت الزوال خلافا لنا وللشافعي. [٣]
لنا ما مضى في وجوب النية في الطهارة والصلاة وغيرهما وقوله ( صلى الله عليه وآله ): ( لا صيام لمن لم ينو الصيام من الليل ) وفي رواية أخرى: ( لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل ) فإنما سقط وجوب المقارنة هاهنا رفعا للحرج وقوله تعالى: { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } [٤] ولم يذكر مقارنة النية.
ويجوز لمن فاتته ليلا تجديدها إلى قبل الزوال يدل عليه ما روي من أنه ( صلى الله عليه وآله ) بعث إلى أهل السواد في يوم عاشوراء فقال: من لم يأكل فليصم ومن أكل فليمسك بقية يومه وكان صوم عاشوراء واجبا وقوله ( صلى الله عليه وآله ): لا صيام لمن لم يبيت الصيام بالليل محمول على أنه ترك النية بالليل عامدا.
وأما صوم النفل فيجوز له النية قبل الزوال وفاقا للشافعي وأبي حنيفة وبعد الزوال أيضا خلافا له في أحد قوليه. [٥]
لنا قوله تعالى: { وأن تصوموا خير لكم } [٦] يتناول ما قبل الزوال، وما روي أنه ( عليه السلام ) كان يدخل على بعض نسائه فقال هل بات عندكن طعام ؟ فإن قلن نعم أكل وإن قلن لا فقال ( عليه السلام ) إذا لصائم، وليس لأحد من المخالفين أن يقول: كيف تؤثر النية المتأخرة فيما مضى من النهار خاليا منها ؟ لأن ما مضى يلحق في الحكم بما يأتي، كما يقوله الأكثر منهم فيمن نوى التطوع قبل الزوال، وليس لهم أن يقولوا: قبل الزوال مضى أقل العبادة وليس كذلك بعد الزوال لأن النية إذا أثرت فيما مضي خاليا منها فلا فرق بين الأقل والأكثر، ولا يلزم جواز النية في آخر جزء من اليوم، لأنها يجب أن تكون بحيث يصح وقوع الصوم بعدها.
ونية القربة تجزئ في صوم شهر رمضان، ولا يفتقر إلى نية التعيين. [٧] وإن كان النذر متعينا بيوم يحتاج إلى نية متعينة.
وأما الصوم الواجب في الذمة مثل قضاء رمضان، أو النذر غير المتعين، فلا بد فيه من نية التعيين ونية القربة تكفي وهي أن ينوي متقربا به إلى الله تعالى، [ و ] إن أراد الفضل ينوي أنه يصوم غدا من رمضان فريضة. [٨]
وقال الشافعي: في جميع ذلك لا بد فيه من نية التعيين، وإن نوى من غيره كـ القضاء والنذر والتطوع لم يقع عن رمضان.
وقال أبو حنيفة: إن كان الصوم في الذمة، مثل قولنا.
وإن كان متعلقا بزمان بعينه كالنذر وشهر رمضان، فإن كان حاضرا لم يفتقر إلى نية التعيين فإن نوى تطوعا أو غيره وقع عن رمضان فإن كان مسافرا ونوى مطلقا وقع أيضا عن رمضان، فإن نوى نذرا أو كفارة وقع عما نوى له وإن نوى نفلا ففيه روايتان عنه أحدهما: أنه وقع عما نوى والثاني عن رمضان وقال أبو يوسف ومحمد: عن أي شئ نوى وقع عن رمضان سفرا كان أو حضر.
لنا قوله تعالى: { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } أمر بالإمساك فيه ومن أمسك مع نية القربة فقد امتثل الأمر وأتى بالمأمور به فيجب أن يجزيه. [٩]
وأيضا فنية التعيين يفتقر إليها في زمان الصوم الذي يصح أن يقع الصوم فيه على وجهين، كصوم الواجب في الذمة مثل صوم القضاء والنذر غير المتعين والنفل، وأما شهر رمضان فلا يصح أن يقع الصوم فيه إلا عن الشهر، فلا يحتاج إلى نية التعيين.
لنا والنية الواحدة في أول الشهر تكفي لجميعه، وتجديدها لكل يوم أفضل[١٠] خلافا لهم. [١١]
أن حرمة الشهر واحدة فأثرت في جميعه النية الواقعة في ابتدائه، كما أثرت في جميع اليوم إذا وقعت في ابتدائه. [١٢]
وأما علامة دخوله [ وهي ] رؤية الهلال، فلا خلاف فيه ممن يعتد به، وذهب قوم[١٣] ( 6 ) من أصحابنا اعتبروا العدد دون الرؤية، وتركوا ظواهر القرآن و المتواتر من الروايات أصحابنا، وعولوا على ما لا يجوز الاعتماد عليه من أخبار آحاد شاذة ومن الجدول الذي وضعه عبد الله بن معاوية[١٤]، ونسبه إلى الصادق ( عليه السلام )، وهو مقدوح في عدالته بما هو مشهور، من سوء طريقته، مطعون في جدوله لما تضمنه من قبيح مناقضته، وقوله تعالى: { يسألونك عن الأهلة، قل هي مواقيت للناس والحج } [١٥] نص صريح بأن الأهلة هي الدالة على أوائل الشهر، وقوله ( عليه السلام ): صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين. [١٦]
وإذا رئي الهلال قبل الزوال أو بعده فهو لليلة المستقبلة وفاقا لجميع الفقهاء. وذهب قوم من أصحابنا إلى أنه إن رئي قبل الزوال فهو لليلة الماضية وإن رأى بعده فهو لليلة المستقبلة وبه قال أبو يوسف.
لنا قوله ( عليه السلام ): إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا، وهذا رآه بالنهار، فينبغي أن يكون صومه وفطره من الغد، لأنه إن صام ذلك اليوم يكون قد صام قبل رؤية الهلال[١٧]، وكذا قوله: ( صوموا لرؤيته ) ظاهر الاستعمال يدل على أن الصوم بعد الرؤية. كما دل قوله تعالى: { أقم الصلاة لدلوك الشمس } [١٨] أن الصلاة بعد الدلوك.
ويقوم مقام رؤية الهلال شهادة عدلين مع وجود العوارض من غيم أو غيره. وأما مع انتفائها فشهادة خمسين[١٩] أو اثنان من خارج البلد.
وللشافعي قولان: أحدهما اعتبار الشاهدين سواء كان صحوا أو غيما، والآخر: أنه يقبل شهادة واحد وعليه أكثر أصحابه، خلاف هلال شوال.
وقال أبو حنيفة: إن كان يوم غيم قبلت شاهدا واحدا، وإن كان صحوا لم يقبل إلا التواتر فيه والخلق العظيم. [٢٠]
وإن فقد الأمران وجب تكميل عدة شعبان ثلاثين يوما، ثم الصوم بنية الفرض لقوله ( عليه السلام ): ( فإن غمت عليكم فعدوا ثلاثين يوما )، وقوله ( عليه السلام ): ( فإن شهد ذوا عدل فصوموا وأفطروا ) يدل على أن شهادة الواحد لا تقبل.
ولا تقبل في ذلك شهادة النساء[٢١]، وعند أبي حنيفة تقبل قالوا: لأن النبي قبل شهادة الأعرابي برؤية الهلال رجلا كان أو امرأة حرا كان أو عبدا لأنه شهادة على نفسه. [٢٢]
ويستحب صوم يوم الشك بنية أنه من شعبان، لأنه إن كان من رمضان أجزأه عندنا عن الفرض، وإن كان من شعبان أحرز الأجر، وقوله تعالى: { وأن تصوموا خير لكم } يدل على جواز صوم يوم الشك بنية الاستحباب لأنه عام لا يخرج من ظاهره إلا ما أخرجه دليل قاطع، وأيضا قول أمير المؤمنين ( عليه السلام ): لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان، وأيضا فإنه يوم في الحكم من شعبان لقوله ( صلى الله عليه وآله ): فإن غم عليكم فعدوا شعبان ثلاثين.
وما روي من النهي عن صوم يوم الشك فهو من أخبار الآحاد، ثم إنا نحمله على النهي عن صومه بنية أنه من رمضان، كما حمله الشافعي على النهي عن صومه منفردا مما قبله فيمن من لم يكن له عادة أو نذر، وحمله أبو حنيفة على ما إذا لم ينو به التطوع. [٢٣]
في الوجيز: صوم يوم الشك صحيح إن وافق [ نذرا أو ] وردا أو قضاء، وإن لم يكن له سبب فهو منهي. وفي صحته وجهان، كالصلاة في الأوقات المكروهة.
ويوم الشك أن يتحدث برؤية الهلال من لا يثبت الهلال بشهادته كالعبيد والفساق. [٢٤]، وذهب الشافعي إلى أنه يكره إفراده بصوم التطوع من شعبان أو صيامه احتياطا لرمضان فلا يكره إذا كان متصلا بما قبله من صيام الأيام وكذا إذا وافق عادة أو نذرا، وقالت عائشة ( رض ) وأختها أسماء لا يكره بحال.[٢٥]
وما يفسد الصوم فيه على ضربين:
أحدهما: يوجب مع القضاء الكفارة.
والثاني: لا يوجبها.
فالأول ما يصل إلى جوف الصائم، مع ذكره الصوم منه عن عمد منه واختيار، سواء كان بأكل، أو شرب، أو شم، أو ازدراد بما لا يؤكل في العادة، أو حقنة في مرض لا يلجأ إليها.
وأن يحصل جنبا في نهار الصوم، مع الشرط الذي ذكرنا كان ذلك بجماع أو غيره، وسواء كان مبتدأ بذلك، أو مستمرا عليه عامدا من الليل، ويجري مجرى ذلك إدراك الفجر جنبا بعد الانتباه مرتين، وترك الغسل من غير ضرورة.
وتعمد الكذب على الله، وعلى رسوله، وأحد الأئمة.
وتعمد الارتماس في الماء إن كان رجلا وإن كان امرأة فجلوسها فيه إلى وسطها. [٢٦]
في الوجيز: الكفارة واجبة على كل من أفسد صوم يوم من رمضان بجماع تام أثم به لأجل الصوم، فلا يجب على الناسي إذا جامع لأنه لم يفطر على الصحيح، ولا على المرأة لأنها أفطرت بوصول أول جزء من الحشفة إلى باطنها، ثم الصحيح أن الوجوب لا يلاقيها، وقيل يلاقيها، والزوج يحمل، ولا كفارة على من أفطر بغير جماع من الأكل ومقدمات الجماع، وتجبه بوطئ البهيمة والإتيان في غير المأتي وعلى من جامع مرارا كفارات وهذه الكفارة مرتبة ككفارة الظهار. [٢٧]
في النافع للحنفية: الصوم هو الإمساك عن الأكل والمباشرة نهارا مع النية لقوله تعالى: { فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل } [٢٨] عرفه بالألف واللام فينصرف إلى الصيام عن هذه الأشياء المذكورة فإن أكل أو جامع ناسيا لم يفطر لقوله ( عليه السلام ) للرجل: تم على صومك فإنما أطعمك الله وسقاك الله.
فإن قاء فلا شئ عليه وإن استقاء فعليه القضاء لحديث أبي هريرة يرفعه: من قاء فلا شئ عليه ومن استقاء فعليه القضاء.
ولو نظر إلى امرأة فأمنى فلا شئ، فإن قبل أو لمس بشهوة فأنزل فعليه القضاء، ولا بأس بالقُبلة إذا أمن على نفسه لحديث عائشة قالت كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقبّل بعض نسائه وهو صائم. ومن ابتلع حصاة أو نواة أو غيرهما مما ليس بطعم أفطر لوجود الأكل ولا كفارة لأنه ليس في معنى ما ورد بهما النص بإيجاب الكفارة.
ومن جامع عامدا في أحد السبيلين أو أكل أو شرب ما يتغذى به أو يتداوى فعليه القضاء والكفارة، أما القضاء فلأنه إذا وجب على المعذور إذا أفطر فعلى غير المعذور أولى، وأما الكفارة فلحديث الأعرابي في الوقاع لأنه مفسد للصوم لا لأنه وقاع وقد وجد الإفطار الكامل في الأكل والشرب لوجود صورته ومعناه.
ولو جامع بهيمة فأنزل فعليه القضاء لكمال المباشرة ولا كفارة لأنه دون الجماع الذي يتعلق به الكفارة.
ولو احتقن أو استعط أو أقطر في أذنه فوصل إلى جوفه أو دماغه أفطر وفي السرائر تصنيف ابن إدريس: قال الشيخ في نهايته: شم الرائحة الغليظة التي تصل إلى الجوف يوجب القضاء والكفارة. [٢٩]
وقال الشريف المرتضى: قال قوم في تعمد الكذب على الله أو رسوله والأئمة والارتماس والحقنة، وتعمد القئ، والسعوط، وبلع ما لا يؤكل، أنه يوجب القضاء والكفارة وقال قوم: إنه ينقض الصوم ولم يبطله وهو الذي يقوي في نفسي وقال في الحقنة وما يتيقن وصوله إلى الجوف واعتماد القئ وبلع الحصاة أنه يوجب القضاء من غير كفارة وقال وروي أن من تعمد البقاء على الجنابة عليه القضاء والكفارة وروي أن عليه القضاء فحسب وهو الذي يقوى في نفسي.
وشيخنا أبو جعفر في استبصاره لم يوجب الكفارة بالارتماس. [٣٠]
وقال في مبسوطه: يجب بالارتماس الكفارة، فأما تعمد الكذب على الله أو رسوله أو على الأئمة ( عليهم السلام )، فقال في مبسوطه: وفي أصحابنا من قال: لا يفطر. [٣١]
وأما غبار النفض فيقوي في نفسي أنه يوجب القضاء دون الكفارة لأن القضاء مجمع عليه والكفارة فيها خلاف و الأصل براءة الذمة.
وأما تعمد البقاء على الجنابة فالأقوى وجوب القضاء والكفارة وكذلك تعمد القئ والسعوط وتقطير الدهن في الأذن فقال في مسائل خلافه: إذا أتى بهيمة ولم يمن فليس فيه نص لكن الذي يقتضي المذهب أن عليه القضاء، لأنه لا خلاف فيه. [٣٢]
والأصح أن لا قضاء ولا كفارة، لنا في وجوب الكفارة في غير الجماع ما روي من قوله ( عليه السلام ): ( من أفطر في رمضان فعليه ما على المظاهر )، ولم يفصل، وما روي من أن رجلا قال: يا رسول الله إني أفطرت في رمضان. فقال: أعتق رقبة، ولم يفصل أيضا.
وفي الفطر بالبقاء على الجنابة ما روي عن أبي هريرة من قوله: من أصبح جنبا فلا صوم له، ما أنا قلته قاله محمد ورب الكعبة.
والكفارة عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا، مخير في ذلك، دليل التخيير ما رواه أبو هريرة أن رجلا أفطر في شهر رمضان فأمره رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا. [٣٣]
ومن أصحابنا من روى أنها على الترتيب وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي. ودليلهما ما روي من قوله ( عليه السلام ): من أفطر في رمضان فعليه ما على المظاهر، وكفارة الظهار على الترتيب، فإن رجحنا الترتيب فبطريقة الاحتياط وإن رجحنا التخيير فإن الأصل براءة الذمة. [٣٤]
ويجزئ في الكفارة أي رقبة كانت، إلا في القتل الخطأ، فإنه لا يجزئ إلا المؤمنة، وفاقا لأبي حنيفة وخلافا للشافعي فإنه قال: لا يجزئ إلا المؤمنة، لنا الظواهر التي وردت في وجوب عتق رقبة غير مقيدة بالإيمان والأصل براءة الذمة. [٣٥]
والضرب الثاني الذي يوجب القضاء وحده، إدراك الفجر لمن نام جنبا بعد الانتباه مرة واحدة، والحقنة والسعوط في المرض المحوج إليه، وتعمد القئ، وبلع ما يحصل في الفم والحلق منه إذا ذرعه، ووصول الماء إلى الجوف بالمضمضة، والاستنشاق للتبرد، وتناول ما يفطر مع الشك في دخول الليل ولم يكن داخلا، أو طلوع الفجر ويكون طالعا ولإخبار الغير بأنه لم يطلع ويكون طالعا، دليله قوله تعالى: { ثم أتموا الصيام إلى الليل } وقوله تعالى: { فكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود } [٣٦] وهذا لم يصم إلى الليل وأفطر وتبين له الفجر فوجب عليه القضاء.
وكذا يجب القضاء السفر المشروع المذكور، والمرض الذي لا يستطاع معه الصوم، أو يستطاع بمشقة تظهر لها الزيادة في المرض لقوله تعالى: { ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } [٣٧] لأنه سبحانه علق القضاء بنفس السفر والمرض، ومن أضمر في الآية فعليه الدليل و الأصل عدم الإضمار. [٣٨]

القسم الثاني

وأما الضرب الثاني من واجب الصيام ، فصوم قضاء الفائت ، وصوم كفارة من أفطر يوما من شهر رمضان، و صوم النذر والعهد بلا خلاف ، وصوم كفارة الفطر فيهما ، بدليل إجماع الإمامية و اليقين لبراءة الذمة، وصوم جزاء الصيد ، وصوم دم المتعة ، وصوم كفارة أذى حلق الرأس ، وصوم كفارة الظهار ، وصوم كفارة قتل الخطأ ، وصوم كفارة اليمين بلا خلاف ، وصوم كفارة من أفطر يوما يقضيه من شهر رمضان ، وصوم كفارة البراءة ، وصوم كفارة جز المرأة شعرها في مصاب ، وصوم المفوت للعشاء الآخرة ، وصوم الاعتكاف ، وصوم كفارة فسخ الاعتكاف، بدليل الإجماع المذكور واليقين لـ براءة الذمة. [٣٩]

الهوامش

  1. الغنية 131.
  2. الخلاف: 2 / 166 مسألة 5.
  3. الهداية في شرح البداية: 1 / 116.
  4. البقرة: 185.
  5. الخلاف: 2 / 167 مسألة 6.
  6. البقرة: 184.
  7. الغنية 137.
  8. الخلاف: 2 / 164 مسألة 4.
  9. الخلاف: 2 / 164 مسألة 4.
  10. الغنية 137 - 138.
  11. الخلاف: 2 / 163 مسألة 3.
  12. الغنية 138.
  13. كذا في النسخة، والظاهر أنه سقط منها شئ، وفي الخلاف: 2 / 169 مسألة 8: وذهب قوم من أصحابنا إلى القول بالعدد... وفي الغنية ص 131: وعلامة دخوله أعني الشهر رؤية الهلال وبها يعلم انقضاؤه بدليل الإجماع من الأمة بأسرها... إلى أن حدث خلاف قوم من أصحابنا فاعتبروا العدد...
  14. عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. أنظر ترجمته في الأغاني: 12 / 422 - 430.
  15. البقرة: 189.
  16. الغنية 131 - 132.
  17. الخلاف: 2 / 171 مسألة 10.
  18. الإسراء: 78.
  19. الغنية 134 - 135.
  20. الخلاف: 2 / 172 مسألة 11.
  21. الغنية 135.
  22. الهداية في شرح البداية: 1 / 119.
  23. الغنية 135 - 136.
  24. الوجيز: 1 / 103.
  25. الخلاف: 2 / 170 مسألة 9.
  26. الغنية 138.
  27. الوجيز: 1 / 104.
  28. البقرة: 187.
  29. النهاية: 1 / 296.
  30. السرائر: 1 / 375 - 380.
  31. المبسوط: 1 / 270.
  32. الخلاف: 2 / 191 مسألة 42.
  33. الغنية 138 - 139.
  34. الخلاف: 2 / 186 مسألة 32.
  35. الخلاف: 2 / 186 مسألة 33.
  36. البقرة: 187.
  37. البقرة 184.
  38. الغنية: 139 - 140.
  39. الغنية : 141 .