انتقل إلى المحتوى

العباسيون

من ویکي‌وحدت
مراجعة ١٥:٤٠، ١٠ يونيو ٢٠٢٥ بواسطة Negahban (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
بدون إطار
بدون إطار

العباسيون تولوا الخلافة منذ عام 132 هـ.ق مع أبو العباس السفاح بعد الإطاحة بـ مروان بن محمد ـ آخر خليفة من بني أمية ـ واستمرت حتى عام 656 هـ.ق، عندما انتهت في زمن الخليفة المستعصم بسبب هجوم هولاكو خان المغولي على بغداد وفتحها، وبالتالي انتهت سيطرة أبناء عباس بن عبد المطلب ـ عم النبي صلى الله عليه وآله ـ على الأراضي الإسلامية التي دامت تقريبًا خمسمائة عام.

كيفية ظهور العباسيين

قبل ظهور الإسلام، كان هناك خلاف بين بني هاشم وبني أمية حول رئاسة الكعبة، خصوصًا بعد مظالم معاوية ويزيد تجاه علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأولاده، مما أدى إلى اتساع دائرة هذه الخلافات حتى أدت إلى انهيار حكم بني أمية. بالطبع، كان لسقوط بني أمية أسباب أخرى، منها تعيين خلفاء متعددين مما أدى إلى الاختلاف والعداوة داخل الأسرة الأموية، وكذلك الاختلافات والتحيزات القبلية بين القبائل العربية الشمالية والجنوبية التي وفرت بيئة مناسبة لنشاط العباسيين، بالإضافة إلى دعم بني أمية العنصري للعرب واحتقارهم للأقوام الأخرى مثل الإيرانيين، مما ساهم في ضعف الدولة الأموية.

تعود نسب العباسيين إلى عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف عم النبي، وكان أحد أهم مراكز دعم بني هاشم في إيران، حيث كان الإيرانيون أعداء لا يقبلون التصالح مع بني أمية لعدة أسباب، منها تعديات بني أمية وولاة الأمور وسياساتهم الخاطئة القائمة على تفوق العرب واحتقار الشعوب التابعة، وخاصة الإيرانيين. ولهذا سرعان ما أدرك العباسيون كيفية الاستفادة من استياء الشعب الإيراني، كما أن الفوضى في الدول الإسلامية أعطت العباسيين الفرصة لبدء دعوتهم في مناطق إيران، وخاصة خراسان[١].

كانت قاعدة العباسيين، بالإضافة إلى الإيرانيين، تشمل فرقًا مختلفة من المذهب الشيعي، مثل العباسيين، العَلويين، الزيدية وأتباع محمد بن حنفية، الذي تولى قيادتهم بعد وفاته ابنه أبو هاشم. بعد وفاة أبو هاشم، بايع أتباعه محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وأصبحوا يعرفون باسم شيعة آل عباس، وكان شعارهم الراية واللباس الأسود.

اختار محمد بن علي قرية صغيرة تُدعى حميمة مركزًا لنشاطه، ومن هناك أرسل دعاة إلى خراسان وما وراء النهر. بعد وفاته، تولى ابنه إبراهيم القيادة.

كانت الدعوة في البداية سرية، وتمت إدارتها من خلال جمعية تتكون من 12 نقيبًا ومجلس مكون من 72 شخصًا. عندما توجه إبراهيم الإمام إلى خراسان، انضم إليه العديد من الشخصيات البارزة، بما في ذلك التاجر المعروف بكير بن ماهان، الذي بايع العباسيين في عام 105 هـ.ق في الكوفة. في عام 126 هـ.ق، عندما سُجن بكير بن ماهان، تعرف على أبو مسلم الخراساني، وبعد أن أُطلق سراحه من السجن، قدم بكير أبو مسلم إلى إبراهيم.

أرسل إبراهيم أبو مسلم إلى خراسان لنشر الدعوة، وفي ذلك الوقت كان نصر بن سيار يحكم خراسان، وكان هناك نزاع بين قبيلتين كبيرتين من العرب، المضرية واليمانية، مما أتاح لأتباع بني العباس استغلال الفرصة ودعوة الناس بشعار "الرضا من آل رسول الله أو الرضا من آل محمد". تمكن أبو مسلم من السيطرة على مرو، وفي عام 129 هـ.ق، أعلن دعوته في قرية سفيذنج مرو. وفقًا للطبري، قبل سكان قرى مرو الدعوة وبدأوا بالتدريج في التوجه إلى أبو مسلم، وفي تلك الأوقات، قُتل إبراهيم بأمر مروان بن محمد، آخر خليفة أموي في الشام.

بعد مقتله، اختار مناصروه أخاه عبد الله السفاح ليكون خليفة له، وهكذا بدأ أول حاكم عباسي رسميًا عمله، واستمر العباسيون في الحكم لأكثر من 500 عام. ونظرًا للامتداد وطول فترة حكم العباسيين وكثرة الحكام، سنشير إلى بعضهم الذين حدثت أحداث مهمة في زمنهم، والتي تقسم إلى فترتين: فترة سيطرة الإيرانيين حيث كانت الخلفاء العباسيون يحكمون بقوة، وفترة سيطرة الأتراك حيث بدأت الحكومة العباسية في الضعف والانحلال[٢].

أهم حكام العصر العباسي

أولهم أبو العباس السفاح، الذي ألقى خطبة في بداية حكمه تناول فيها وعود أصدقائه وأعدائه، وقدم نفسه كقاتل بلا رحمة يسعى للانتقام من الدماء التي أراقها الأمويون من الهاشميين[٣].

تم تعزيز قوة العباسيين في عهد السفاح الذي تمكن من السيطرة على جميع أراضي الأمويين باستثناء الأندلس. قام السفاح بتكليف عمه عبد الله بن علي لمحاربة مروان، آخر خليفة أموي، حيث اندلعت معركة بين الفريقين على ضفاف نهر زاب، وانتهت بمقتل مروان.

بعد السفاح، تولى أخوه "أبو جعفر المنصور" الخلافة، والتي شهدت ثورات ضد حكمه، بما في ذلك ثورة عبد الله بن علي (عم السفاح) الذي كان يتوقع أن يتولى الخلافة بعد وفاة السفاح، وثورات الغلاة (سنباد)، وثورة إسحاق الترك وراوندية التي نشأت بعد مقتل أبو مسلم على يد المنصور، كما يمكن ذكر ثورة الخوارج التي حققت نجاحات ملحوظة في سيستان، خراسان، وشمال أفريقيا.

أسس المنصور مدنًا جديدة مثل بغداد، الرصافة، ودافقة، وكان معروفًا بدقته في مراجعة حسابات العاملين والموظفين، ولذلك عُرف بـ "المنصور الدوانیقی"[٤].

وقعت شهادة جعفر بن محمد (الصادق) في عام 148 هـ.ق في زمن المنصور. تولى "أبو عبد الله المهدي" الحكم بعد والده، ومن إنجازاته توسيع المسجد الحرام، وإنشاء جهاز البريد (المعلومات) وانتعاش التجارة في بغداد.

كما حدثت ثورات في عهده، بما في ذلك ثورة يوسف البرمكي التي قامت من أجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وثورة المقنع (البياضين) وثورة عبد السلام يشكري.

في زمن "هادي"، الخليفة الرابع، شهد أيضًا ثورات، من أبرزها ثورة حسين بن علي (شهيد فخ) التي قادها العلويون في الحجاز.

من الأحداث الهامة في عهد الخليفة الخامس العباسي "هارون الرشيد"، يمكن الإشارة إلى ثورة يحيى بن عبد الله، وتأسيس أول دولة شيعية مستقلة على يد إدريس بن عبد الله في المغرب، وتأسيس دولة شبه مستقلة الأغالبة في جزر صقلية، واستشهاد موسی بن جعفر (الكاظم) وثورة حمزة آذرک وثورة أهل خراسان التي كانت من بين أهم الأحداث في زمن هارون.

تولى مأمون الحكم بعد قتل أخيه، ومن الأحداث المهمة في عهده يمكن الإشارة إلى ثورة أبو السرايا في الكوفة ونصر بن شيث في الجزيرة، وتعيين الإمام رضا (عليه السلام) كولي للعهد لتأكيد شرعية حكمه واستقلال الطاهريين.

مع انتهاء حكم مأمون وخروج السلطة من يد الوزراء الإيرانيين، بدأت الحكومة العباسية في الضعف والانهيار، مما أدى إلى سيطرة الأتراك على البلاط. بعد مأمون، تولى المعتصم الحكم، الذي اتبع سياسة جذب الأتراك، ومع دخول الأتراك إلى جهاز الخلافة، نشأت منافسة شديدة بينهم وبين العنصرين العربي والإيراني. من الثورات التي حدثت في زمن المعتصم:

  1. ثورة محمد بن قاسم؛
  2. ثورة الزط؛
  3. ثورة بابك خرمدين، وثورة عُجيف بن عنبسة، وثورة مازيار. كما أن الطولونيين أسسوا أول دولة مستقلة للأتراك في الأراضي الإسلامية وقطعوا مصر عن جسم الخلافة العباسية[٥].

أدت مؤامرات وفساد الأتراك إلى أن ينقل المعتصم العاصمة من بغداد إلى سامراء، التي أسسها بنفسه، كما وقعت شهادة الإمام الجواد (عليه السلام) في زمن المعتصم.

في زمن المتوكل، الخليفة العاشر العباسي، تم تشديد الخناق على الشيعة والمعتزلة، وأصبح المذهب السني هو المذهب الرسمي للدولة العباسية.

في زمن المستعین، الخليفة الثاني عشر العباسي، أسس العَلويون دولتهم في طبرستان على يد حسن بن زيد العلوي.

وقعت شهادة الإمام الهادي (عليه السلام) في زمن المعتز، الخليفة الثالث عشر العباسي، وحدثت ثورة الزنج التي تشكلت من عبيد زنوج وسود في زمن المعتمد. تأسست دولة الصفاريين على يد يعقوب الليث في زمن المعتمد، حيث تمكن يعقوب من إنهاء حكم الطاهريين، مما أنهى السيطرة الحقيقية للعباسيين على الشرق، وفتح الطريق أمام الغزنويين، السلاجقة والسامانيين. ومن الأحداث الأخرى في زمن المعتمد بدء نشاط القرامطة، واستشهاد الإمام حسن العسكري (عليه السلام) وبدء الغیبة الصغری.

تولى المعتضد، ابن أخ المعتمد، الحكم بعده، وكانت إصلاحات المعتضد بمثابة تجديد للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للعباسيين، ولذلك أُطلق عليه لقب السفاح الثاني، وتأسست دولة السامانيين في زمن المعتضد.

في زمن الراضی بالله، أسس الزیاریون على يد مرداویج، وفي زمن الخليفة المستکفی، تمكنت إحدى السلالات الإسلامية في إيران، المعروفة بـ آل بویه، من السيطرة على العراق وعاصمة الخلافة العباسية[٦].

انقراض حكم العباسي

حكم العباسيون لمدة تقارب 524 عامًا، حيث بدأ حكمهم مع "أبو العباس السفاح" وانتهى بوفاة "المستعصم" على يد المغول، ويمكن تقسيم حكمهم إلى أربع فترات.

الفترة الأولى

من عام 132 إلى 232، وهي فترة القوة والتوسع والازدهار للعباسيين، التي بدأت مع خلافة أبو العباس السفاح وانتهت مع خلافة الواثق.

الفترة الثانية

فترة نفوذ الأتراك، بدأت مع خلافة المتوكل وانتهت خلال حكم المستكفي، وتشمل السنوات من 232 إلى 334 هـ.ق.

الفترة الثالثة

فترة نفوذ آل بویه، التي انتهت في زمن خلافة القائم، وتشمل السنوات من 334 إلى 447 هـ.ق.

الفترة الرابعة

من السنوات 447 إلى 656 هـ.ق، وهي فترة نفوذ السلاجقة الأتراك، بدأت مع خلافة القائم وانتهت بوفاة المستعصم، وتتميز هذه الفترة بنقل السلطة الفعلية إلى السلاجقة الأتراك[٧].

كما ذُكر، مع دخول الأتراك إلى جهاز الخلافة، بدأت تزعزع هذه المؤسسة وأدت إلى تحول كبير في النظام الإداري والسياسي لجهاز الخلافة بمعنى الفوضى والفساد. بعد أن واجه الخلفاء العباسيون مشاكل في تأمين النفقات والتمتع بالملذات والترفيه، اضطروا إلى دفع الجزية لولاة الأتراك وبيع المناصب الحكومية لهم. ومنذ ذلك الحين، لم يكن لدى الأمراء الأتراك سوى جمع الثروات ونهب الناس، مما أدى إلى تقليص سلطة الخلفاء العباسيين. كل هذه الإجراءات وعدم كفاءة الخلفاء ساهمت في أن يقترب هولاكو خان المغولي من بغداد، وبعد احتلال بغداد في عام 656 وقتل المستعصم، انتهت دولة العباسيين إلى الأبد[٨] [٩].

مواضيع ذات صلة

الهوامش

  1. بيات، عزيز الله؛ تاريخ إيران من ظهور الإسلام حتى الديلم، طهران، جامعة شهيد بهشتي، 1370، ص 234
  2. خضري، أحمد رضا؛ تاريخ الخلافة العباسية، طهران، سمت، الطبعة الرابعة، 1383، ص 105
  3. السيوطي، جلال الدين؛ تاريخ الخلفاء؛ تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، قم، منشورات شريف الرضي، 1411-1370 هـ ق، ص 230
  4. إقبال، عباس؛ تاريخ إيران بعد الإسلام، طهران، منشورات نگاه، الطبعة الأولى، 1385، ص 365
  5. الطبري، محمد بن جرير؛ تاريخ الطبري، ترجمة أبو القاسم باينده، طهران، منشورات أساطير، الطبعة 1363، ج 11، ص 4545
  6. خضري، نفس المرجع، ص 110
  7. طقوش، محمد سهيل؛ دولة العباسيين، ترجمة: حجت الله جودکی، قم، پژوهشکده حوزه و دانشگاه، الطبعة الأولى، 1380، ص 39
  8. ميرخواند، نفس المرجع، ص 529 إلى 700
  9. حكومة العباسيين