الفرق بين المراجعتين لصفحة: «النظام العالمي الجديد (ملاحظة)»
| سطر ٢٦: | سطر ٢٦: | ||
لذلك، في أمريكا اعتُبر النصر الأخير لـ «[[زهران ممداني|زهران ممداني]]» في انتخابات بلدية نيويورك جرس إنذار كبير، وهدد ترامب صراحة سكان نيويورك بأنه سيوقف تخصيص ميزانية هذه المدينة لمنع حدوث ذلك، وكتبت صحيفة «إسرائيل هيوم» التابعة لـ [[بنيامين نتنياهو]]، بعد يوم من فوز ممداني الانتخابي «نصر ممداني تهديد وجودي لإسرائيل» وأضافت «نصر ممداني يتجاوز كونه انتصاراً سياسياً محلياً ويمكن أن يتكرر كنموذج في [[لندن]]، [[باريس]] وتورنتو». | لذلك، في أمريكا اعتُبر النصر الأخير لـ «[[زهران ممداني|زهران ممداني]]» في انتخابات بلدية نيويورك جرس إنذار كبير، وهدد ترامب صراحة سكان نيويورك بأنه سيوقف تخصيص ميزانية هذه المدينة لمنع حدوث ذلك، وكتبت صحيفة «إسرائيل هيوم» التابعة لـ [[بنيامين نتنياهو]]، بعد يوم من فوز ممداني الانتخابي «نصر ممداني تهديد وجودي لإسرائيل» وأضافت «نصر ممداني يتجاوز كونه انتصاراً سياسياً محلياً ويمكن أن يتكرر كنموذج في [[لندن]]، [[باريس]] وتورنتو». | ||
بالطبع هذا القلم يؤجل الحكم على طبيعة ممداني واختياره إلى المستقبل، لكن بغض النظر عن من فاز في انتخابات نيويورك - المدينة التي يصفها البعض بأنها عاصمة العالم بسبب وجود البعثات الدبلوماسية لجميع الدول وزيارات قادة العالم السنوية فيها - فإن حقيقة أن شخصاً قبل انتخابه يشكك في كل السياسات الداخلية والخارجية لأمريكا، ويصرح قبل انتخابه بأنه إذا وصل نتنياهو إلى نيويورك سيقوم باعتقاله وتسليمه للمحكمة الدولية، ويصف دعم أمريكا لإسرائيل في الحرب كشراكة في جريمة، ويدين [[ الهجوم الأمريكي على المواقع النووية الإيرانية 2025 |هجوم أمريكا في تموز على المنشآت النووية الإيرانية]]، ثم يفوز بنسبة 57% مقابل 41%، يعكس الوضع الداخلي لأمريكا وآفاق سياساتها. وأنه رغم الجهود الكبيرة لمجلس اليهود - [[اللجنة الأمريكية | بالطبع هذا القلم يؤجل الحكم على طبيعة ممداني واختياره إلى المستقبل، لكن بغض النظر عن من فاز في انتخابات نيويورك - المدينة التي يصفها البعض بأنها عاصمة العالم بسبب وجود البعثات الدبلوماسية لجميع الدول وزيارات قادة العالم السنوية فيها - فإن حقيقة أن شخصاً قبل انتخابه يشكك في كل السياسات الداخلية والخارجية لأمريكا، ويصرح قبل انتخابه بأنه إذا وصل نتنياهو إلى نيويورك سيقوم باعتقاله وتسليمه للمحكمة الدولية، ويصف دعم أمريكا لإسرائيل في الحرب كشراكة في جريمة، ويدين [[ الهجوم الأمريكي على المواقع النووية الإيرانية 2025 |هجوم أمريكا في تموز على المنشآت النووية الإيرانية]]، ثم يفوز بنسبة 57% مقابل 41%، يعكس الوضع الداخلي لأمريكا وآفاق سياساتها. وأنه رغم الجهود الكبيرة لمجلس اليهود - [[اللجنة اليهودية الأمريكية للشؤون العامة|إيباك]] - لاختيار ممداني، فإن هذا يعكس تراجع الصهيونية واليهودية الإنجيلية في موطنها الأصلي. فلماذا لا يريد البعض أن يصدق أن فترة الانتقال التي نقترب من نهايتها قد أسقطت أمريكا وسياساتها ومبادئها ونظرياتها من عرشها؟! | ||
== مواضيع ذات صلة == | == مواضيع ذات صلة == | ||
مراجعة ١٠:٤٩، ١٦ نوفمبر ٢٠٢٥

النظام العالمي الجديد، عنوان مذكرة تتناول الفضاء الدولي والإقليمي[١]. هذا الفضاء يواجه اتجاهات غامضة وبمظهر مسيطر. أمريكا منذ عام 1369/1990 سعت إلى إقامة نظام دولي وإقليمي خاص بها على أنقاض النظام ثنائي القطبية وحطام الاتحاد السوفيتي، والذي كانت تسميه آنذاك «النظام الدولي الجديد» (International New Order). والآن مضى 35 عاماً على ذلك الوقت وهذه المدة كافية لتأسيس نظام جديد، لكن ما نراه اليوم لا يدل على استقرار نظام جديد. أوروبا منخرطة في حرب لا يستطيع أحد التنبؤ بموعد انتهائها. روسيا تحت سياسات «فلاديمير بوتين» المستقرة تعيد إنتاج موقعها السابق. الصين كقوة عالمية كبرى تُعتبر التحدي الأول لأمريكا وفي الأدبيات الأمنية يُشار إليها مع روسيا وإيران بعبارة «العدو» (Enemy)، وحرب الرسوم الجمركية وضعت أمريكا والصين على حافة الحرب العسكرية.
قارة أوروبا منخرطة في توتر مع أمريكا
التوتر الأمريكي وصل إلى قارة أوروبا، فرنسا وألمانيا وإنجلترا التي كانت أقرب الدول إلى واشنطن ليست بمنأى عن إجراءات أمريكا. أمريكا اللاتينية على حدود أمريكا الأقرب تفوح منها رائحة البارود وقد تشتعل في أي لحظة. الكيان الإسرائيلي كحاملة ثابتة لأمريكا في غرب آسيا منخرط في عدة حروب، ونتنياهو يقول إنه يحارب في سبعة جبهات. هذه القاعدة الإرهابية منذ عام 1369 حين وعد «جورج ووكر بوش»، رئيس أمريكا آنذاك، بنظام أمريكي جديد، دخلت الحرب 9 مرات - كل أربع سنوات مرة - ومؤخراً خاضت أطول حرب لها استمرت 24 شهراً.
الأجواء الرومانسية للنظام العالمي الجديد
أبرز الدول العربية التابعة لأمريكا كلها خاضت على الأقل مرة واحدة حرباً شديدة وطويلة في أجواء النظام العالمي الجديد الرومانسية. لذلك، يمكن تقديم هذا الاستنتاج في الوضع الحالي أن التابعين لأمريكا الذين كان من المفترض أن يستقروا بشكل أفضل في النظام الجديد لأمريكا، عانوا من مزيد من عدم الاستقرار ويعيشون في خوف من تدهور الوضع. بين الوحدات الإقليمية التابعة لأمريكا سادت عدم ثقة أكبر وحتى الخوف من الحرب فيما بينها؛ مثلاً السعودية، الأردن وتركيا قلقون من التعرض لهجوم عسكري إسرائيلي، وتركيا، السعودية، الكيان الصهيوني وأمريكا في سوريا في حالة تباعد عن بعضهم البعض. من جهة أخرى، ترى مصر أن التطورات الحالية في سوريا تحمل احتمال تصدير الإرهاب مجدداً إلى مصر، وفي أفريقيا دخلت دول تركيا، السعودية، الإمارات، مصر، الكيان الإسرائيلي والدولة الهشة ليبيا في صراع عسكري مع بعضها البعض ومع قواتهم الوكيلة. السودان هو مركز التوتر العسكري بين هذه الأطراف في نظام أمريكا الجديد في أفريقيا.
الحرب الاستنزافية في أوكرانيا
في هذا السياق، اكتسب أعداء أمريكا ومعارضو نظامها الجديد قوة أكبر، إيران 1404 بالتأكيد أقوى من إيران 1369، روسيا اليوم أقوى من روسيا 1991 ولا تشك في مواجهتها القوية مع الغرب، وحرب أوكرانيا الاستنزافية رمز لهذا الوضع. الصين 2025 أصبحت أقوى وأكثر راديكالية من الصين 1991. المؤسسات الدولية التي كانت أمريكا تستخدمها كغطاء قانوني لتبرير إجراءاتها العسكرية والسياسية الحادة، في حالة انهيار. الصراع بين وحدات آسيا في مجلس الأمن مع الوحدات الأمريكية والأوروبية و«الصراع في كل شيء» هو مرآة كاملة لهذا الانهيار السياسي-الأمني، كما أن بروز تحالفات اقتصادية مثل شنغهاي، بريكس، أوراسيا، آسيان، وخمول منظمة التجارة العالمية، كأهم إرث اقتصادي للنظام ثنائي القطبية، يعكس انهيار النظام القديم ومزاعم أمريكا الجديدة.
الحرب والعقوبات
الاستخدام المفرط لأمريكا لكلمات الحرب والعقوبات رغم مرور أكثر من 35 عاماً على مزاعم النظام الدولي الجديد، يدل على فشل الولايات المتحدة في إقامة النظام الذي تريده. النظام الذي وعد به جورج ووكر بوش لا يظهر أي علامة على استقراره، كما أن «الشرق الأوسط الجديد» الذي تحدث عنه جورج دبليو بوش لم يولد بعد ويبدو أن مدعيه «نازف». أمريكا خلال هذه السنوات وخاصة في 25 سنة الأخيرة استخدمت الحرب بشكل مفرط، لكنها لم تستطع من خلالها إقامة نظام أمريكي ولو في أقرب بيئة جغرافية إليها. لذلك هنا نظريات الحرب التي طرحها «كارل فون كلاوزفيتز» تحت عنوان «الحرب هي السياسة نفسها» و«إيمانويل والرشتاين» تحت عنوان «تصاعد الأزمة» والتي تُدرس في الأكاديميات المرموقة كـ«آيات الإنجيل» وتعتبر قطعية، أصبحت منتهية الصلاحية بالكامل ودمّرت معها الأسس النظرية لإدارة العالم التي كانت قاعدة نظام الهيمنة.
الضربة الأولى أو التهديد النووي
الآن واضح تماماً أن النظريات العسكرية المبنية على «الحرب أو الهجوم الخاطف»، «الضربة الأولى»، «العمليات الصادمة»، «الحرب متعددة الطبقات» و«التهديد النووي» التي استُخدمت مرات عديدة في السنوات الأخيرة وشكلت العمليات والحروب، لم تكن قادرة على تمهيد النظام الذي تريده أمريكا وحلفاؤها. الآن الغرب خالٍ من النظريات العسكرية والحلول الأمنية-العسكرية. لذلك العالم ينتظر نظاماً آخر. حتى داخل حدود أمريكا هذه النظريات والحلول تواجه شكوكاً جوهرية. انظر إلى بعض استطلاعات الرأي التي أجريت خلال الأسبوعين الماضيين من مؤسسات أمريكية وصينية موثوقة؛ - «مجلس شيكاغو» وهو مؤسسة بحثية، بعد استطلاع رأي للمواطنين الأمريكيين أعلن أن الإجماع الثنائي الحزبي الأمريكي ضد الصين في عام 2025 - العام الذي قامت فيه الأجهزة الرسمية الأمريكية بأكبر حملات دعائية ضد الصين - قد انهار. 53% من المواطنين أعلنوا تفضيل «التعامل الودي مع الصين» على التوتر معها. هذا الرقم كان 40% قبل عام. الاستطلاع يقول إن ثلثي مؤيدي الحزب الديمقراطي وثلث مؤيدي الحزب الجمهوري يعارضون سياسات ترامب ضد الصين.
هيمنة القوى الغربية
48% من المواطنين الأمريكيين أعلنوا أن التجارة بين أمريكا والصين تضمن الأمن القومي الأمريكي. 81% من مؤيدي الحزب الديمقراطي، 58% من المستقلين و37% من مؤيدي الحزب الجمهوري عارضوا سياسة رفع الرسوم الجمركية ضد الصين واعتبروها ضارة بالاقتصاد والأمن الأمريكي. مؤسسة «بيو» في آخر استطلاع لها قبل أسبوعين أعلنت لأول مرة في أمريكا أن مؤيدي فلسطين تجاوزوا مؤيدي إسرائيل. الاستطلاع يقول الآن 51% مقابل 47% يطالبون بدعم الحكومة الأمريكية للفلسطينيين. وفيما بينهم، 2% قالوا ليس لديهم رأي. مؤسسة الدراسات الشرق أوسطية بجامعة شنغهاي الصينية نشرت قبل أسبوعين مذكرة بنتائج آخر استطلاع لها بين الشباب الصينيين، حيث كتب أن 91% يرون هيمنة القوى الغربية أكبر تحدٍ للدول في العالم. 65% قالوا إن تخفيف التوترات في العالم يجب أن يكون أولوية.
نصر ممداني، تهديد وجودي
إحصائيات المؤسسات الأمريكية إلى جانب إحصائيات المؤسسات العالمية الأخرى توضح أن الغرب الآن في النظرية والطريقة والاستراتيجية يواجه هزيمة مطلقة وفقدان الدعم التبريري. لذلك، في أمريكا اعتُبر النصر الأخير لـ «زهران ممداني» في انتخابات بلدية نيويورك جرس إنذار كبير، وهدد ترامب صراحة سكان نيويورك بأنه سيوقف تخصيص ميزانية هذه المدينة لمنع حدوث ذلك، وكتبت صحيفة «إسرائيل هيوم» التابعة لـ بنيامين نتنياهو، بعد يوم من فوز ممداني الانتخابي «نصر ممداني تهديد وجودي لإسرائيل» وأضافت «نصر ممداني يتجاوز كونه انتصاراً سياسياً محلياً ويمكن أن يتكرر كنموذج في لندن، باريس وتورنتو».
بالطبع هذا القلم يؤجل الحكم على طبيعة ممداني واختياره إلى المستقبل، لكن بغض النظر عن من فاز في انتخابات نيويورك - المدينة التي يصفها البعض بأنها عاصمة العالم بسبب وجود البعثات الدبلوماسية لجميع الدول وزيارات قادة العالم السنوية فيها - فإن حقيقة أن شخصاً قبل انتخابه يشكك في كل السياسات الداخلية والخارجية لأمريكا، ويصرح قبل انتخابه بأنه إذا وصل نتنياهو إلى نيويورك سيقوم باعتقاله وتسليمه للمحكمة الدولية، ويصف دعم أمريكا لإسرائيل في الحرب كشراكة في جريمة، ويدين [[ الهجوم الأمريكي على المواقع النووية الإيرانية 2025 |هجوم أمريكا في تموز على المنشآت النووية الإيرانية]]، ثم يفوز بنسبة 57% مقابل 41%، يعكس الوضع الداخلي لأمريكا وآفاق سياساتها. وأنه رغم الجهود الكبيرة لمجلس اليهود - إيباك - لاختيار ممداني، فإن هذا يعكس تراجع الصهيونية واليهودية الإنجيلية في موطنها الأصلي. فلماذا لا يريد البعض أن يصدق أن فترة الانتقال التي نقترب من نهايتها قد أسقطت أمريكا وسياساتها ومبادئها ونظرياتها من عرشها؟!
مواضيع ذات صلة
- زهران ممداني
- فلاديمير بوتين
- بنيامين نتنياهو
- اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشؤون العامة
- الهجوم الأمريكي على المواقع النووية الإيرانية 2025
الهوامش
- ↑ بقلم: سعدالله زارعي.
المصادر
- و هو في كمين الرماة (مذكرة يومية)، موقع صحيفة كيهان، تاريخ النشر: 24 تشرين الثاني 1404 ش، تاريخ الاطلاع: 25 تشرين الثاني 1404 ش.
