الفرق بين التعارض والتزاحم

من ویکي‌وحدت

الفرق بين التعارض والتزاحم: التعارض و التزاحم اصطلاحان في علم أصول الفقه بينهما فروق متعددة نذکرها فيما يلي:

الفرق بين التعارض والتزاحم

ذكر الكثير من الأصوليين الفرق بين التعارض والتزاحم وقالوا بفوارق محدّدة بين التزاحم و التعارض.
فيذكر المحقّق النائيني الفوارق التالية:
1 ـ كون التنافي بين الدليلين في التعارض في الجعل والتشريع، بينما هو في التزاحم في مقام الفعلية؛ باعتبار أنّ القدرة على المتعلّق مشترطة في فعلية الأحكام الشرعية.
2 ـ كون الحاكم بالترجيح أو التخيير في باب التزاحم هو العقل؛ باعتبار أنّ التنافي في مقام الامتثال، بينما الاُمور السابقة في التعارض من جهة التعبُّد الشرعي.
3 ـ التقديم في باب التعارض يتمّ مع انحفاظ موضوع الدليل الآخر، بينما يرتفع في التزاحم موضوع الدليل الآخر؛ باعتبار أنّ القدرة عليه منتفية.
4 ـ الترجيح في التعارض يتمّ من خلال أقوائية السند أو الدلالة، بينما في التزاحم يتمّ من خلال مرجّحات اُخرى[١].
ولخّص السيّد الخوئي الفرق بينهما في أنّه لا تنافي بين الدليلين من حيث المدلول أصلاً في التزاحم، بينما التنافي في التعارض حاصل في المدلولين، وكون التنافي في التزاحم في مقام الامتثال فقط[٢].
ولخّص الشيخ مكارم الفوارق بينهما في أمرين:
1 ـ علم المكلّف بكذب أحد الدليلين في باب التعارض مع علمه بصدقهما في باب التزاحم.
2 ـ التعارض يقع بين الدليلين في مقام الإثبات والدلالة أو الكشف عن الواقع، بينما التزاحم يقع بين الحكمين المدلولين الواقعيين من ناحية الامتثال[٣].
وهناك تقارير اُخرى للفرق بينهما[٤] لا تعدو عن كونها تعابير اُخرى عمّا مضى من فوارق.

تداخل مفهومي التعارض والتزاحم

على الرغم من أنّ بحث التزاحم يدرج تحت عنوان التعارض إلاّ أنّ هناك نقاشا في دخول مفهوم التزاحم في التعارض أو خروجه عنه، فبعض[٥] أخرجه عنه؛ وذلك باعتبار أنّ في التعارض أحد الدليلين ينفي الحكم عن موضوع الدليل الآخر، بينما لا شيء من الدليلين في حالة التزاحم يدلّ على نفي الحكم عن موضوع الآخر.
لكن يذهب الشهيد الصدر إلى أنّ دخول التزاحم نفيا وإثباتا في مفهوم التعارض الاصطلاحي يعدُّ مسألة اختيار؛ لأنّ مقوّم التعارض الاصطلاحي هو التنافي بين المجعولين في عالم الفعلية، فإن عمّم هذا التنافي إلى التنافي غير المباشر، أي التنافي في مقام الامتثال دخل فيه وإلاّ فلا[٦].

موارد التعارض

موارد التعارض غير المستقر التي أخرجها متأخّرو الأصوليين عن موارد التعارض المصطلح عبارة عمّا يلي:
1 ـ التزاحم، وخروجه من باب أنّ التنافي بين الدليلين في هذه الحالة ليس من حيث المدلول، بل من حيث الامتثال وفي مقام الامتثال، بأن توجَّه تكليفان للمكلّف، امتثال أحدهما متوقّف على مخالفة الآخر؛ لعجزه عن امتثال كلّيهما.
2 ـ الحكومة، وخروجها عن التعارض، باعتبار أنّ الدليل الحاكم شارح للمحكوم أو رافعا لموضوعه، ولا يحصل تنافٍ بين دليلين أحدهما شارح للآخر أو نافٍ لموضوع الآخر.
3 ـ الورود، وخروجه عن التعارض، باعتبار أنّ الدليل الوارد يرفع موضوع الدليل المورود تكوينا بواسطة التعبُّد الشرعي، فلا منافاة بين الدليلين.
4 ـ التخصّص، وخروجه عن التعارض من باب أنّ موضوع أحد الدليلين قد خرج عن موضوع الدليل الآخر بالوجدان، فانخرم شرط الاتّحاد في الموضوع.
5 ـ التخصيص، وخروجه من باب أنّ حجيّة كلّ دليل تتوقّف على اُمور ثلاثة، هي: الصدور عن الشرع وكون ظاهره مرادا للمتكلّم، وأنّ إرادته للظاهر جدية، والدليل المخصِّص بمثابة القرينة للكشف عن المراد الجدي للشارع.
وهناك تبريرات اُخرى ذكرت للموارد التي خرّجت عن التعارض المستقر[٧].
6 ـ تعارض أدلّة العناوين الأوّلية مع أدلّة العناوين الثانوية، فهنا تقدّم أدلّة العناوين الثانوية على الأوّلية، ولا تلاحظ النسبة بينهما أصلاً؛ لأنّ هذا متفرّع على تعريف التعارض، فإنّه لا تنافي ولا تضادّ هنا لاختلاف العناوين بين الدليلين.
لكن وقع الكلام في وجه تقديم أحدهما على الآخر، فبعض ذهب إلى أنّه من باب الجمع العرفي، كما هو رأي المحقّق الخراساني[٨]، وبعض آخر ذهب إلى أنّه من باب الحكومة، باعتبار كون الثانوية ناظرة ومفسرة للأولية وعارضة وطارئة عليها. وذهب آخر أيضا إلى التفصيل بين ما إذا كان العنوان الثانوي مثل الضرر والحرج فبالحكومة، وبين ما إذا كان مثل الشرط والنذر فبالجمع العرفي ، وهو ما ينسب إلى بعض محشي ( كفاية الأصول ) .
لكن أشكل على الرأي القائل بالتفصيل بأنّ الشرط ليس من قبيل العناوين الثانوية أصلاً، والعناوين الثانوية وإن كانت كثيرة لكن الشرط ليس منها[٩].

الهوامش

  1. . أجود التقريرات 4: 275 ـ 276.
  2. . مصباح الأصول 3: 354 ـ 355.
  3. . أنوار الأصول 3: 463.
  4. . كتاب التعارض: 44 ـ 45، المحكم في أصول الفقه 6: 21 ـ 23، و 6: 38 ـ 41، نظرية التزاحم الحفظي: 140 ـ 143.
  5. . كتاب التعارض: 47.
  6. . بحوث في علم الأصول الهاشمي 7: 27.
  7. . مصباح الأصول 3: 347 ـ 355، بحوث في علم الأصول 7: 14 ـ 17، المحكم في أصول الفقه 6: 48 ـ 72.
  8. . كفاية الأصول: 437 ـ 438.
  9. . أنوار الأصول 3: 451 ـ 453، عناية الأصول 6: 8 ـ 9.