الآخوند الخراساني

من ویکي‌وحدت

الآخوند الملّا محمّد كاظم بن حسين الهروي الخراساني: عالم محقّق وفاضل مدقّق من أكابر علماء الإمامية، كان جامعاً للعلوم العقلية والنقلية، فقيهاً كبيراً، ومجاهداً مصلحاً حامياً للبلاد الإسلامية من الغزو الأجنبي الاستعماري، حيث كان له جهاد مرير لإنقاذ بلاد المسلمين من براثن المحتلّين.

الملّا محمّد كاظم الخراساني
الاسم الآخوند محمّد كاظم الخراساني‏
الاسم الکامل الآخوند محمّد كاظم بن حسين الهروي الخراساني
تاريخ الولادة 1839م/ 1255 ه
محلّ الولادة طوس/ إيران
تاريخ الوفاة 1329ه /1911م
المهنة عالم ومرجع ديني
الأساتذة مرتضى الأنصاري، محمّد حسن الشيرازي، راضي النجفي
الآثار الاجتهاد والتقليد، درر الفوائد في شرح الفرائد، شرح التبصرة، الشذرات والقطرات، كفاية الأصول، اللمعات النيّرة في شرح تكملة التبصرة، الأصول في مباحث الألفاظ، رسالة في العدالة، رسالة في الوقف، رسالة في الرضاع
المذهب شیعي

ولادته

ولد الشيخ الآخوند محمّد كاظم الهروي الخراساني في مدينة طوس الإيرانية عام 1255هـ/1839م، ونشأ بها.

دراسته

في عام 1277هـ هاجر إلى طهران وقرأ فيها المقدّمات والعلوم والمنطق وشيئاً من الفقه والأصول ، ثمّ هاجر إلى مدينة النجف الأشرف عام 1278هـ ، وقيل: عام 1279هـ .

وقد تتلمذ على علمائها وفقهائها الكبار، منهم:

1- الشيخ مرتضى الأنصاري.

درس الآخوند الخراساني على الشيخ مرتضى الأنصاري الفقه والأصول. وقد أشار إلى ذلك بقوله: "اتّخذت المحقّق الأنصاري أوّل ما حللت النجف شيخاً لنفسي، واتّخذت سيّدنا الميرزا حسن الشيرازي أستاذاً، فكنت اختلف إلى سيّدي الأستاذ وأحضر أبحاثه الخصوصية والعمومية ثمّ بصحبته نحضر معاً درس شيخنا الأنصاري، فنكمل استفادتنا من بياناته".

2- السيّد محمّد حسن الشيرازي.

قرّب السيّد محمّد حسن الحسيني الشيرازي الآخوند الخراساني وأدناه ، وبعد هجرته إلى مدينة سامرّاء استقلّ الآخوند بالتدريس، وقام بإعادة دروس أستاذيه الشيخ الأنصاري والسيّد الشيرازي ، وقد استفاد من مجلس دروسه أكثر طلّاب مدرسة النجف.

3- الشيخ راضي النجفي.

قرأ الآخوند على الفقيه الشيخ راضي النجفي ، وأخذ عنه علم الفقه.

تدريسه واجتهاده

يبدو أنّ الآخوند الخرساني أصبح زعيم الحوزة العلمية في النجف الأشرف بعد وفاة السيّد محمّد حسن الشيرازي عام 1312هـ/1895م، وأصبح علم النجف في عصره، وكان مجلس دروسه يضمّ أكثر من مائتين وألف من طلّاب العلم ما بين مجتهد ومراهق للاجتهاد.

يقول الشيخ الطهراني: "وقد سمعت ممّن أحصى تلاميذ شيخنا الأستاذ الأعظم المولى كاظم الخراساني في الدورة الأخيرة في بعض بعد الفراغ من الدرس أنّه زادت عدّتهم على الألف والمائتين". وكانت حلقة درسه من أعظم الحلقات العلمية في النجف الأشرف، فقد انخرط فيها أكابر العلماء وجهابذة المجتهدين.

وقد شهدت مدرسة النجف في عهد الشيخ الآخوند الخراساني نموّا ًكبيراً ، وقد ذاع صيتها العلمي في الآفاق، وقد تلقّى حاكم النجف العثماني يومذاك من آل الآلوسي في الأستانة كتاباً جاء فيه: "بلغنا أنّ عالماً خراسانياً ظهر في النجف ، وجدّد معالم الأصول ، وأنّه في هذا العصر كالعضدي في زمانه ، فأرسل ترجمته بقدر ما تستطيع".

وكان قد اتّخذ من الجامع الهندي مكاناً للدرس ، وكانت له الروعة والهيبة إذا استوى فوق منبره، فكان صوته يصل إلى جميع أرجاء الجامع على سعته، فقد وصف بصوت صاف نفّاذ.

ولم يتأخّر عن مجلسه على كبر سنّه، حتّى أنّه في ذات يوم خاض الوحول التي سبّبتها الأمطار الغزيرة إلى حضور درسه معتمداً على بعض المساندين له، في الوقت الذي تغيّب عن في ذلك اليوم جمع من طلبة العلم بسبب هطول الأمطار.

الآخوند الخراساني والمشروطة

لقد اقترنت حركة "المشروطة" بالآخوند الخراساني، واقترنت حركة "المستبدّة" بالسيّد محمّد كاظم اليزدي، وعند تزعّم الآخوند لحركة المشروطة أمر بعزل السلطان محمّد علي شاه القاجاري ، وأفتى بوجوب المشروطة والاتّحاد بين الأمّة الإسلامية، وكان له اتّصال دائم بالدستوريّين الإيرانيّين، وبواسطته اشتدّت المطالبة بالدستور، وأراد الآخوند من علماء النجف الأشرف تأييده في هذه الفكرة وتعضيد حركة المشروطة، ولكنّ السيّد اليزدي عارضه.

وقد أشار لآخوند في فتواه إلى: أنّ الخروج على الدستور هو بمثابة الخروج على تعاليم الإسلام نفسه. وقد أشارت أحداث في تلك الفترة إلى وجود تيّارين فكريين أحدهما يمثّل التيّار التقدّمي، وقد عرف باسم: "المشروطة"، وثانيهما التيّار المحافظ، وقد عرف باسم: "المستبدّة". وقد أدّى هذا الانشطار إلى مناقشات ومحاججات عنيفة كادت أن تعصف بالمدرسة النجفية وتؤدّي إلى كارثة اجتماعية خطيرة.

وكان الآخوند يتحدّث باسم النجف الأشرف بصفته لسانها الناطق، فكان قد أبرق إلى السلطان عبد الحميد الثاني عند إعلانه الدستور بأنّ المجتهدين في النجف يطالبون بالدستور كفرض ديني، وقد أراد أن تسلك إيران الطريق الذي سلكته الدولة العثمانية، وغرضه من ذلك تحجيم سلطة الشاه وتقييد مقرّراته عن طريق إعلان الدستور وتأسيس المجلس، وقد التفّ حول الآخوند أعلام كبار لهم المقام العلمي الرفيع، وكان هو المحور الذي يدور الجميع من حوله.

ولعلّ الكثير من الأعلام قد أيّدوا الآخوند الخراساني بعد إصداره فتواه التي جاء فيها: "إنّ الإقدام على مقاومة المجلس العالي بمنزلة الإقدام على مقاومة أحكام الدين الحنيف ، فواجب المسلمين أن يقفوا دون أيّ حركة ضدّ المجلس".

وإنّ ما ورد في كتاب الشيخ محمّد حسين النائيني "تنبيه الأمّة وتنزيه الملّة في وجوب المشروطية" يتّفق مع مضمون فتوى الآخوند، وقد أراد به البرهنة على أنّ مقاومة الاستبداد والعمل من أجل حكم دستوري (شوروي) أمر يتّفق والشريعة الإسلامية، ولا يتناقض معها. وقد استند في إثبات صحّة ما ذهب إليه على القرآن والسنّة ونهج البلاغة. وقد وجّه الشيخ النائيني نقداً لاذعاً لآراء المؤيّدين للاستبداد والمعارضين للدستورية (المشروطية)، فقد أحدث كتاب النائيني دوياً في الأوساط العلمية والاجتماعية، وذلك بعد أن قام الأستاذ صالح الجعفري بترجمته من الفارسية إلى اللغة العربية ونشره في مجلّة "العرفان" تحت عنوان "الاستبدادية والديمقراطية".

جهاده

كان الآخوند الخراساني مجاهداّ وحامياّ للبلاد الإسلامية من الغزو الأجنبي الاستعماري، ففي عام 1329هـ/1911م أصدر فتوى بالجهاد ضدّ الجيوش الإيطالية الزاحفة على طرابلس الغرب، وحينما اقتحمت القوّات الروسية خراسان انتفض الخراساني في وجه الغزاة، فأبرق قائلاً : "لئن تنسحب جيوشكم من خراسان لأصرخنّ في العالم الإسلامي صرخة"، وما أن وصلت هذه البرقية إلى الغزاة حتّى سحب الروس جيوشهم من خراسان، وكان الآخوند قد أعدّ جيشاً من المجاهدين، وصمّم على الذهاب بنفسه لمجاهدة الروس، فنصبت الخيام خارج سور النجف من الجهة الشرقية، ولكنّ المنية عاجلته في تلك الليلة في 18 ذي الحجّة سنة 1329هـ ، المصادف ليوم 29 أيلول 1911م، وكانت هذه الليلة هي ليلة عيد الغدير، فحضر رؤساء العشائر إلى النجف وبايعوا الآخوند وتعهّد كلّ واحد منهم أن يحضر ومعه عدّة آلاف من الرجال المسلّحين، وقد وصل النجف مائتا ألف شخص خلال يومين، كما تعهّد رؤساء عشائر كرمانشاه بالالتحاق بركب الشيخ الآخوند، واستعدّ طلّاب العلم للجهاد، ولكنّ الحدث المفاجئ كان وفاة الشيخ الآخوند في تلك الليلة، وقد أحاطت الشكوك في وفاته لأنّه كان صحيحاً معافى في الليلة الماضية، وعند السحر من ليلة عيد الغدير فارق الحياة تاركاً ثلاث مدارس دينية حملت اسمه في مدينة النجف الأشرف، هي "مدرسة الآخوند الكبرى والوسطى والصغرى"، وكتباً في الفقه والأصول بقيت مدار التدريس يدور عليها طلبة الحوزة حتّى الوقت الحاضر، سنأتي على ذكرها.

مؤلّفاته

للشيخ الخراساني عدّة مصنّفات، منها:

1. الاجتهاد والتقليد.

2. الأصول في مباحث الألفاظ.

3. تعليقة على كتاب الطهارة.

4. تعليقة على أسفار ملّا صدرا الشيرازي.

5. تعليقة على منظومة الشيخ هادي السبزواري.

6. التكملة للتبصرة ، تلخيص كتاب تبصرة العلّامة الحلّي.

7. تعليقة (حاشية) على رسائل الشيخ الأنصاري في الأصول.

8. حاشية على كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري.

9. درر الفوائد في شرح الفرائد.

10. رسالة في الدماء الثلاثة (الحيض، والاستحاضة، والنفاس).

11. رسالة في الطلاق، لم تكمل.

12. رسالة في الإجازة، لم تكمل.

13. رسالة في العدالة.

14. رسالة في الوقف.

15. رسالة في الرضاع.

16. روح المعاني في تلخيص نجاة العباد.

17. روح الحياة في تلخيص نجاة العباد، وأضاف عليها فتاوى فقهية لمقلّديه.

18. شرح التبصرة.

19. الشذرات والقطرات.

20. شرح تكملة التبصرة.

21. شرح خطبة "أوّل الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به" الموجود في كتاب "نهج البلاغة"، بقلم تلميذه الشيخ عبد الرسول الأصفهاني.

22. الفوائد الأصولية والفقهية، يحتوي على خمس عشرة فائدة.

23. قطرات من يراع بحر العلوم، أو شذرات من عقدها المنظوم، وهو عدّة رسائل جمعت بعد وفاته، وذلك عام 1331هـ.

24. القضاء والشهادات، لم يتمّ.

25. كفاية الأصول، وهو أشهر كتبه.

26. اللمعات النيّرة في شرح تكملة التبصرة.

27. منهج الرشاد.

وفاته ومدفنه

توفّى الآخوند الخراساني في مدينة النجف الأشرف ليلة 18 ذي الحجّة، وقيل: قبل يومين أو بعد يومين، من عام 1329هـ، المصادف ليوم 29 أيلول 1911م.

وقد أحدثت وفاته صدمة أليمة في نفوس المجاهدين، وأذهل نبأ الوفاة الأوساط العلمية والطبقات الاجتماعية.

وقد شكّ بعض الباحثين في وفاة الشيخ الآخوند المفاجئة هذه، بل وجّهوا أصابع الاتّهام نحو الاستعمار البريطاني، فربطوا بين زيارة الجاسوسة البريطانية المس بيل للنجف عام 1911م وبين وفاة الآخوند المفاجئة، حيث إنّه توفّى بعد مغادرة المس بيل لمدينة النجف بأيّام. وقد أذهل نبأ الوفاة الأوساط العلمية والطبقات الاجتماعية.

يقول الشيخ هادي كاشف الغطاء: "بعد صلاة الفجر من يوم الثلاثاء 20 ذي الحجّة 1329هـ، غسّل خارج البلد في خيمة ضربت على نهر الحيدرية، وجيء به محمولاً على أعناق العلماء وطلبة العلم والجمع الغفير الذي لا يحصى وهم بين بكاء وعويل ولطم على الصدور والرؤوس، حتّى وصل الصحن الشريف وصلّى عليه الشيخ عبد الله المازندراني، ودفن في الحجرة الواقعة في باب السوق الكبير على يسار الداخل إلى الصحن العلوي الشريف، وكان ذلك اليوم يوم غيث ومطر وبرد، ولم يشعر الناس لحرّ المصاب".

وبعد وفاة الآخوند الخراساني انتظم أمر المرجعية العليا للسيّد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي.

عقبه

أعقب الآخوند خمسة أبناء ولدوا في مدينة النجف الأشرف، وهم: الميرزا مهدي، والميرزا محمّد، والميرزا أحمد، والميرزا حسين، والميرزا حسن.

المصدر

مقتبس مع نعديلات من موقع: www.dte.ir