الجمع العرفي

من ویکي‌وحدت

الجمع العرفي: اصطلاح في علم أصول الفقه يعمل به حين التعارض بين الدليلين فيخصَّص أو يقيَّد دلالة أحدهما. وأما المراد من العرف فهو العادة أي القانون الذي يعتاده الناس من قول أو فعل أو ترك ولم توضع قواعده في وثائق مكتوبة.

الجمع العرفي

الجمع العرفي هو الجمع الذي تتمّ من خلاله معالجة التعارض عبر التصرّف في دلالة أحد الدليلين أو كلاهما، بأن يخصَّص أحدهما أو يقيَّد، وبذلك يشمل كلّ ملائمة وتوافق يمكن إيجاده بين دليلين، على أن يكون عنصر الإطلاقات والاستخدامات العرفية حاصلاً فيه، ويدخل ضمن نطاق قواعد المحاورات العرفية، فيشمل مثل الورود و الحکومة[١].
وقد سمّاه البعض أو وصفه بالمقبول[٢] والدلالي[٣] والدلالتي[٤] والعقلائي[٥].
ويذكر البعض: إنّ المعيار في الجمع العرفي هو أقوائية أحد الظهورين، وباعتبار اختلاف القرائن الدالّة على هذا فتختلف الأقوائية حسب اختلاف رؤية الفقيه[٦]. ولذلك ورد عن البعض قوله: بأنّ أصول الفقه لا يبحث عن القرائن الخاصّة الجزئية للجمع الدلالي، فهي لا تدخل تحت ضابطة كلية، بل يبحث عن القرائن الكلّية التي تشكّل قاعدة عامّة وقانونا كليا للجمع الدلالي[٧].

الجمع العرفي وتعارض الأدلّة

الجمع العرفي: هو عبارة عن التوفيق بين الأدلّة التي يعتبر بعضها كالقرينة على تفسير البعض الآخر. والدليل على مشروعية العمل بالجمع العرفي هو لزوم فهم مقصود المتكلّم من مجموع الكلام [٨].
وللجمع العرفي موارد متعدّدة:
منها: ما إذا كان أحد الدليلين أخصّ من الآخر، فإنّه يقدّم عليه؛ لأنّه بمثابة القرينة.
ومنها: ما إذا كان أحدهما نصّا والآخر ظاهرا، أو كان أحدهما ظاهرا والآخر أظهر؛ فإنّه يقدّم النصّ على الظاهر والأظهر على الظاهر، كما لو كان أحد الدليلين واردا مورد التحديد و البيان للأوزان والمقادير والمسافات دون الآخر؛ فإنّ مثل هذا موجب لقوّة ظهوره على الآخر على وجه يلحقه بالنصّ.
ومنها: ما إذا كان لأحد المتعارضين أو كليهما قدر متيقن لا في اللفظ ـ إذ لو كان كذلك لخرج عن مورد التعارض ـ بل في الخارج، كما في قوله(ع): «ثمن العذرة من السحت» [٩]. و «لا بأس ببيع العذرة» [١٠]؛ فإنّ المتيّقن من الأوّل عذرة الإنسان، والمتيقّن من الثاني عذرة الحيوان، فيحمل كلّ منهما على ما هو متيّقن منه، فيرتفع التعارض بينهما.
ومنها: ما إذا كان أحد العامّين آبياً عن التخصيص بخلاف الآخر، فيحمل غير الآبي على الآبي وغير القابل على القابل.
ومنها: ما لو كان تخصيص أحد العامّين موجبا لخروج أكثر موارده بخلاف الآخر [١١].
وهناك موارد اُخرى وقع الخلاف في عدّها من موارد الجمع العرفي. ويمكن ذكر الاُمور التالية كنماذج تبحث في محالها للجمع العرفي:
1 ـ تقديم الخاصّ على العام. (التخصيص، التخصّص)
2 ـ تقديم الدليل الوارد على المورود. (الورود)
3 ـ تقديم الدليل الحاكم على المحكوم. (الحکومة)
4 ـ تقديم الدليل المقيّد على المطلق. (التقييد)
5 ـ تقديم الناسخ على المنسوخ أو تقديم النصّ الأحدث على المتقدّم. (النسخ)
6 ـ تقديم الأهمّ على المهمّ عند التزاحم.
7 ـ تقديم النصّ على الظاهر.النص
8 ـ تقديم الأظهر على الظاهر. الظهور
9 ـ تقديم القرينة على ذي القرينة.
10 ـ تقديم الأصل السببي على الأصل المسبَّبي. (الأصل السببي والمسببي)
11 ـ تقديم الدليل القطعي على الظنّي. (القطع)
12 ـ التصرّف في مضمون أحد الدليلين وحمله على ما يجعله غير متنافٍ مع الدليل الآخر، من قبيل حمله على العناوين الثانوية كـ التقية.

المصادر

  1. . فوائد الأصول 3: 255 و 264، منتهى الأصول 2: 564 ـ 565، نهاية الأفكار 5: 125، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 234.
  2. . فرائد الأصول 4: 73 و 119 و 136، نهاية الدراية 5 ـ 6: 298، إفاضة العوائد 2: 354.
  3. . نهاية الأفكار العراقي ج4، ق2: 131 و 139 و 159، منتهى الأصول 2: 565، محاضرات في أصول الفقه 2: 339.
  4. . بلغة الفقيه 3: 59، أصول الفقه المظفر 3 ـ 4: 231 و3 ـ 4: 234.
  5. . تحريرات في الأصول 2: 98 و 3: 362، تهذيب الأصول 1: 389.
  6. . المحكم في أصول الفقه 6: 78 ـ 79 و 89، عناية الأصول 6: 11، كتاب الصلاة الآملي: 335، نهاية النهاية 2: 243.
  7. . أنوار الأصول 3: 455.
  8. . اُنظر: دروس في علم الاُصول 2: 535.
  9. . وسائل الشيعة 17: 175، كتاب التجارة، باب 40 حكم بيع عذرة الإنسان، ح 1.
  10. . وسائل الشيعة 17: 175، كتاب التجارة، باب 40 حكم بيع عذرة الإنسان، ح 2.
  11. . اُصول الفقه المظفر، 3 ـ 4: 234 ـ 235.