انتقل إلى المحتوى

العلویون في سوريا

من ویکي‌وحدت

العلویون في سوريا، نُصيريون أو أنصاريون، إحدى فرق الشيعة في سوريا، ويُشار إليهم في بعض المصادر التاريخية وكتب الملل والنحل كواحدة من فرق الغلو. يعود أصل هذه الفرقة إلى القرن الثالث الهجري، والمكان الرئيسي لسكناهم هو شمال الشام.

التاريخ

تعرض العلويون في سوريا على مر العصور للظلم والاضطهاد من قبل حكومات السنة في الشام. كونهم شيعة، ووجود بعض الانحرافات الغلوّية في بعض انشقاقات هذه الفرقة، لعب دورًا مؤثرًا في زيادة الضغوط عليهم من قبل الحكومات. يعيش النُصيريون، بالإضافة إلى سوريا، في جنوب تركيا، شمال لبنان و فلسطين. في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الهجريين، تمكنوا من الوصول إلى السلطة بعد معاناة طويلة. بشار الأسد، رئيس سوريا، يُعتبر من طائفة العلويين.

نشأة النُصيرية

تُنسب نشأة هذه الفرقة إلى محمد بن نُصير، من المقربين لـ الإمام الهادي (عليه السلام)، ويشير بعض المصادر إلى أنه من أصحاب الإمام حسن العسكري (عليه السلام). أظهر محمد بن نُصير انحرافات في زمن الإمام الهادي (عليه السلام) أدت إلى تبرؤ الإمام منه وطرده. كانت انحرافاته تتركز على الغلو في حق الأئمة (عليهم السلام)، وادعى أنه بابي وسفير الإمام المهدي (عليه السلام).

العلويون في العصور التاريخية

فترة الحمدانيين

كان الحمدانيون دولة شيعية وإمامية، ولعبوا دورًا مهمًا في نشر التشيع في الشام. أوجد سيف الدولة الحمداني بيئة مناسبة لنشر النُصيرية، وتمكن خصيبي، زعيم النُصيرية، من تثبيت أسس هذه الفرقة.

فترة السلاجقة

شكلت حكومة السلاجقة في الشام أولى الإجراءات ضد الشيعة في هذه الفترة. كانت الضغوط من السلاجقة على العلويين شديدة، حتى أن بعض الباحثين يعتبرون أن السبب الرئيسي لهجرة العلويين من حلب إلى اللاذقية هو هذه الضغوط.

فترة الزنكيين

بعد هزيمة السلاجقة، حكمت سلالة الزنكيين الشام، وزادت الضغوط على العلويين. كان نور الدين زنكي من أكثر الحكام تعصبًا ضد الشيعة، وقام بمحاربة الشعائر الشيعية.

فترة الأيوبيين

بعد سقوط الخلافة الفاطميين على يد صلاح الدين الأيوبي، لعب العلويون دورًا مهمًا في انتصاراته. لكن صلاح الدين، بعد الفتوحات، هاجم العلويين مرة أخرى وقام بإجراءات متعصبة ضدهم.

فترة المماليك

واجه العلويون أيضًا الكثير من الظلم في فترة المماليك. فرض الملك الظاهر بيبرس والسلطان قلاوون قيودًا على التشيع، واستمرت الضغوط على العلويين.

وضع العلويين في فترة الإمبراطورية العثمانية

في فترة سليم الأول، السلطان العثماني، حدثت مجازر ضد العلويين في حلب. قام سليم، بناءً على فتوى علماء السنة، بعمليات قتل وحشية ضد العلويين، وهرب العديد منهم إلى الجبال والمرتفعات النُصيرية.

وضع العلويين في فترة الوصاية الفرنسية

في عام 1920م، تم الاعتراف بمنطقة جبال النُصيرية كمنطقة مستقلة عن بقية سوريا من قبل فرنسا. في عام 1922م، أطلق على أراضي العلويين اسم "دولة العلويين"، وتم تعيين الجنرال بيّوت كحاكم لها. استمرت الدولة المستقلة للعلويين حتى عام 1936م، حيث انضمت بعد ذلك إلى سوريا.

تشكيل دولة العلويين المستقلة

في عام 1925م، أصبحت استقلال العلويين أكثر جدية، وأصدرت الحكومة الفرنسية قرارًا بالاستقلال الكامل لدولة العلويين. استمرت الدولة المستقلة للعلويين حتى عام 1936م. خلال هذه الفترة، حدثت تحولات مهمة في الهياكل السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية لمجتمع العلويين، وتحولت تلك المجتمع المنعزل إلى مجتمع ديناميكي يُعتبر أحد الفاعلين في الساحة السياسية. في عام 1936م، تم حل دولة العلويين بسبب احتجاجات الوطنيين السوريين والأحزاب المعارضة لاستقلال الدولة العلوية، وانضمت أراضي العلويين إلى سوريا.

حضور الشباب العلوي في الجيش السوري

بعد انضمام مناطق العلويين إلى سوريا، تمكن الشباب العلوي من الحصول على مكانة جيدة في الجيش من خلال الالتحاق بكليات الضباط. نظرًا لأن الضباط الشباب العلويين قد عانوا من الفقر والحرمان والظلم، وقد عاشوا في مناطق ريفية، استطاعوا تشجيع الفلاحين والمزارعين العلويين وغير العلويين على مواجهة الإقطاعيين والعناصر التقليدية بشعارات مثل الإصلاح الزراعي.

نفوذ العلويين في حكومة سوريا

تزايد هذا الاتجاه مع ظهور حزب البعث في سوريا، حيث أبدت الجماهير، بما في ذلك الفلاحين وسكان المدن والأفراد من المناطق النائية، ميلاً نحو حزب البعث وبدأوا في محاربة الطبقة الأرستقراطية. زادت العلاقة بين الجيش السوري، الذي كان يسيطر عليه الضباط العلويون، وحزب البعث خلال هذه الفترة. في الستينيات، تولى حزب البعث السلطة في سوريا بدعم من الجيش. في النهاية، تولى حافظ الأسد، أحد قادة الجيش العلويين وعضو حزب البعث المعتدل، السلطة في عام 1971م بعد انقلاب، وأصبح رئيس سوريا. بعد وفاته في عام 2000م، تولى ابنه بشار الأسد الرئاسة. بعد ظهور العديد من الجماعات الإرهابية التكفيرية في سوريا منذ عام 2012م وما بعدها، أصبحت العلويون السوريون من أبرز ضحايا الهجمات المتعددة لهذه الجماعات.

جمعیة وتوزيع جغرافي

يعيش العلويون على سواحل الشام من الشمال إلى أنطاكية ومن الجنوب إلى جبال لبنان، ويشكل عدد العلويين في سوريا حوالي 12 إلى 15 في المئة من إجمالي سكان سوريا.

انشقاقات العلويين

ينقسم العلويون إلى عدة مجموعات:

  • جعفرية: لديهم معتقدات مشابهة مع الشيعة الاثني عشرية.
  • شمالية: يؤمنون بظهور الإمام المؤمنين (عليه السلام) في قلب الشمس.
  • كلازية: يعتقدون أن الإمام علي (عليه السلام) يقيم في القمر.
  • حيدريّة: تُعتبر واحدة من انشقاقات العلويين.
  • جنبلانية: مؤسس هذه الطريقة هو أبو محمد عبد الله جنبلاني.

عقائد العلويين

تُصنف النصيرية تاريخياً كجزء من فرق غلاة الشيعة. من بين معتقداتهم الإيمان بحلول الله في الإمام علي (عليه السلام) وألوهيته. ومع ذلك، في العصر الحديث، يعتبر العديد من العلويين أنفسهم ملتزمين بتنفيذ الأحكام الإسلامية.

وجهات نظر العلماء المعاصرين

يعتبر الإمام خامنئي وغيرهم من المراجع العلويين في سوريا شيعة اثني عشرية، على سبيل المثال، جعفر سبحاني من المراجع أكد على عدم وجود اختلاف في عقائد العلويين مع الشيعة الاثني عشرية. كما اعتبر العلماء والمراجع في لبنان وسوريا مثل سيد محسن أمين، سيد حسن شيرازي، العلامة شرف الدين، الإمام موسى صدر، محمد جواد مغنية، محمد مهدي شمس الدين و الشيخ عبد الأمير قبلان العلويين في سوريا جزءًا من الشيعة الإمامية وأعلنوا دعمهم لهم.

وجهة نظر الزعيم الروحي للعلويين في سوريا

أشار الشيخ غزال غزال، المرجع الديني والروحي للعلويين في سوريا ورئيس منظمة "المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهاجرين"، في بيان له إلى عدة مواضيع رئيسية، أهمها:

  1. وضع حقوق الإنسان والحريات؛ أشار إلى استمرار انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، بما في ذلك استمرار الاعتقالات التعسفية، والمفقودين قسريًا، وعدم الشفافية بشأن مصير الآلاف من المخطوفين والسجناء والمفقودين. كما انتقد استمرار أعمال العنف غير المبررة مثل القتل، والاعتقالات غير القانونية، والتشريد.
  2. بالنسبة للدولة والنظام السياسي؛ أكد الشيخ غزال أن مجتمع العلويين لم يسعَ أبدًا إلى إنشاء دولة دينية أو طائفية ذات أفكار متطرفة _ تكفيرية، بل يسعى إلى دولة مدنية علمانية تفصل الدين عن السياسة. وبيّن أن الوضع الحالي في سوريا بعيد عن هذا الطموح.
  3. طلب الفيدرالية وعدم تركيز السلطة السياسية؛ دعا إلى تنفيذ نظام فيدرالي أو عدم تركيز سياسي، مشيرًا إلى أن هذا ليس رد فعل دفاعيًا، بل ضرورة لحياة أفضل وتعاون بين جميع فئات المجتمع.

مواضيع ذات صلة

المصادر