الأربعين
الأربعين أو الأربعينية أو أربعينية الحسين هو اليوم العشرون من شهر صفر المُظفّر، واليوم الأربعون بعد استشهاد الإمام الحسين بن علي (عليه السلام)، وهو اليوم الذي عادت فيه قافلة أسرى أهل البيت من الشام إلى المدينة المنورة، كما أنه اليوم الذي وصل فيه جابر بن عبدالله الأنصاري، صحابي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين بن علي (عليه السلام)، حيث كان أول من زار قبره، وفي هذا اليوم تُستحب زيارة الحسين بن علي (عليه السلام)، ومن آداب هذه الزيارة قراءة زيارة الأربعين.
معنى الأربعين
كلمة "الأربعين" (بالعربية: الأربعین) تعني لغويًا "اليوم الأربعون"، وفي الاصطلاح الإسلامي تشير إلى اليوم العشرين من صفر سنة 61 هـ، أي بعد أربعين يومًا من مقتل الحسين بن علي، الإمام الثالث للشيعة، ابن علي بن أبي طالب (الإمام الأول للشيعة) وفاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، في واقعة كربلاء.
سبب التسمية
يوم العشرين من صفر، أي "الأربعين"، هو اليوم الأربعون بعد استشهاد الحسين بن علي (عليه السلام)، وفيه عادت أهل بيت الإمام الحسين (قافلة الأسرى) من الشام إلى المدينة، وهو أيضًا اليوم الذي وصل فيه جابر بن عبد الله الأنصاري، صحابي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر الإمام الحسين (عليه السلام)، حيث كان أول من زار قبره. وفي هذا اليوم تُستحب زيارة الحسين بن علي (عليه السلام)، وتتمثل هذه الزيارة في قراءة زيارة الأربعين، ويعتبر اليوم الأربعون بعد استشهاد الحسين بن علي (عليه السلام) يومًا ذا قيمة طقسية لدى الإمامية، حيث يعتقدون بناءً على المعتقدات القديمة أن رأس الحسين (عليه السلام) قد التحم بجسده في كربلاء في هذا اليوم، كما أن مرور أربعين يومًا على وفاة المؤمن من العادات والمعتقدات المتأصلة لدى المسلمين.
كمال العدد أربعين
للعدد أربعين جذور فكرية عميقة في المعتقد الإسلامي. يعتقد المسلمون أن الفترة بين صلب عيسى بن مريم (عليه السلام) وصعوده إلى السماء كانت أربعين يومًا. كما أن فاطمة بنت النبي محمد (صلى الله عليه وآله) أقامت المأتم على أبيها أربعين يومًا. وفي رواية عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): "إن السماء والأرض والشمس بكت على مقتل الحسين بن علي (عليه السلام) دماً أربعين يومًا بحزن وظلمة"[١].
زيارة الأربعين عند الشيعة
بحسب رأي الشيخ المفيد في كتابه "مسار الشيعة" وتلميذه الشيخ الطوسي في "مصباح المتهجد"، فإن يوم الأربعين (20 صفر) يمثل تاريخ عودة أهل بيت الإمام الحسين من الشام (دمشق) إلى المدينة المنورة. كما ورد في نقلهما أن جابر بن عبدالله الأنصاري - الصحابي البارز للنبي محمد - كان أول زائر للإمام الحسين، أو على الأقل من أوائل زواره، حيث دخل كربلاء في هذا اليوم وأدى زيارة الأربعين. يكتب إبراهيم آيتي في هذا الصدد: "جابر بن عبدالله الأنصاري... وصل إلى كربلاء في العشرين من صفر المظفر، بعد أربعين يومًا بالضبط من استشهاد الإمام، مؤسسًا بذلك تقليد زيارة الأربعين للإمام الحسين". تذكر بعض الروايات التاريخية أن حضور أسرة الإمام الحسين في كربلاء يوم الأربعين كان من العوامل التي أكسبت هذا اليوم أهمية خاصة. تشير مصادر مثل كتاب "نزهة الزاهد" إلى أن أسرى أهل البيت من واقعة كربلاء وصلوا إلى كربلاء في اليوم الأربعين بعد استشهاد الإمام الحسين [٢]. مع ذلك، لا توجد إشارة إلى هذه الرواية في المصادر التاريخية قبل القرن السابع الهجري، كما أنها تتعارض مع تصريحات علماء متقدمين مثل الشيخ المفيد الذي ذكر أن عودة الأسرى كانت إلى المدينة المنورة مباشرة. يعتبر الشيعة أن زيارة الأربعين خاصة بالإمام الحسين دون غيره من الأئمة، ولا يوجد سند تاريخي لممارسات مرتبطة بهذا اليوم قبل واقعة عاشوراء. تمثل هذه الزيارة ميزة فريدة للإمام الحسين في المذهب الشيعي.
تاريخ زيارة الاربعين
يروى إن الصحابي جابر الأنصاري في يوم العشرين من صفر وقف على القبر الشريف لأبي عبد الله الحسين فأجهش بالبكاء وقال يا حسين ثلاثاً، ثم قال حبيب لا يجيب حبيبه وأنّى لك بالجواب وقد شطحت أوداجك على أنباجك، وفُرقَّ بين رأسك وبدنك، فأشهد أنك ابن خاتم النبيين وابن سيد المؤمنين وابن حليف التقوى وسليل الهدى وخامس أصحاب الكساء وابن سيد النقباء وابن فاطمة سيدة النساء، ومالك ما تكون كذلك وقد غذتك كف سيد المرسلين، وربيت في حجر المتقين، ورضعت من ثدي الإيمان وقطمت بالإسلام فطبت حياً وطبت ميتاً غير أن قلوب المؤمنين غير طيبة بفراقك ولا شاكة في الخيرة لك، فعليك سلام الله ورضوانه، وأشهد انك مضيت على ما مضى عليه أخوك المجتبى ابن زكريا.( ثم جال بصرة حول القبر وقال السلام عليكم أيتها الأرواح التي حلّت بفناء الحسين وأناخت برحله، وأشهد أنكم أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة ، وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وجاهدتم الملحدين، وعبدتم الله حتى أتاكم اليقين، والذي بعث محمداً بالحق نبيا، لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه) فقال له عطية العوفي كيف؟ ولم نهبط وادياً ولم نعل جبلاً ولم نضرب بسيف والقوم قد فرق بين رؤوسهم وأبدانهم وأؤتمت أولادهم وأرملت الأزواج، فقال له جابر: (إني سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من أحب قوماً كان معهم ومن أحب عمل قوم أشرك في عملهم، والذي بعث محمداً بالحق نبيا إن نيتي ونية أصحابي على ما مضى عليه الحسين عليه السلام وأصحابه وتروي كتب التاريخ أن أول زائر لقبر الحسين(عليه السلام) هو عبد الله بن الحر الجعفي لقرب موضعه منه، قصد الطف ووقف على الأجداث ونظر إلى مصارع القوم فاستعبر باكياً، ورثى الحسين بقصيدة معروفة: يقول أمير غادر وابن غادر ألا كنت قاتلت الشهيد ابن فاطمه فوا ندمي ألا أكون نصرته ألا كل نفس لا تسدد نادم (أهم مراراً أن أسير بجحفل إلى فئة زاغت عن الحق ظالمه) [٣].وجاء في بحار الأنوار أن أول من قرأ الشعر على مصيبة سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) غير عبد الله بن الحر الجعفي المذكورة قصيدته آنفاً هو الشاعر عقبة بن عمرو السهمي من قبيلة بني سهم: إذا العين قرّت في الجنان وأنتم تخافون في الدنيا فأظلم نورها مررت على قبر الحسين بكربلاء ففاض عليه من دموعي [٤]. وذكر الشيخ الطوسي في رجاله: (إن أول زائر لقبر الحسين (عليه السلام) في كربلاء هو جابر بن عبد الله الأنصاري السلمي الخزرجي، ويظهر من استقراء الروايات الواردة في هذا الباب أن جابر بن عبد الله هو أول زائر للقبر في يوم الأربعين)[٥].
فضل الزيارة وثوابها
ومن الزيارات المستحبة - بإجماع الفقهاء- والتي تحظى باهتمام شعبي كبير زيارة الأربعين، وقد عقد الشيخ الحر العاملي في الوسائل باباً أسماه: «باب تأكد استحباب زيارة الحسين عليه السلام يوم الأربعين من مقتله، وهو يوم العشرين من صفر». قال أبو عبد الله عليه السلام : «مَن زارَ قَبرَ الحُسَينِ للَّهِ وفِي اللَّهِ، أعتَقَهُ اللَّهُ مِنَ النّارِ وآمَنَهُ يَومَ الفَزَعِ الأَكبَرِ، ولَم يَسأَلِ اللَّهَ تَعالى حاجَةً مِن حَوائِجِ الدُّنيا وَالآخِرَةِ إلّاأعطاهُ [٦]. وعن عاصم بن حميد الحنّاط: سَأَلتُ جَعفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ عَن زِيارَةِ قَبرِ الحُسَينِ ؟ فَقالَ: «يا عاصِمُ! مَن زارَ قَبرَ الحُسَينِ وهُوَ مَغمومٌ أذهَبَ اللَّهُ غَمَّهُ، ومَن زارَهُ وهُوَ فَقيرٌ أذهَبَ فَقرَهُ، ومَن كانَت بِهِ عاهَةٌ فَدَعَا اللَّهَ أن يُذهِبَها عَنهُ أذهَبَها عَنهُ، وَاستُجيبَت دَعوَتُهُ، وفُرِّجَ هَمُّهُ وغَمُّهُ. فَلا تَدَع أن تَأتِيَهُ، فَإِنَّكَ كُلَّما أتَيتَهُ كُتِبَ لَكَ بِكُلِّ خُطوَةٍ تَخطوها عَشرُ حَسَناتٍ، ومُحِيَ عَنكَ عَشرُ سَيِّئاتٍ، وكُتِبَ لَكَ ثَوابُ شَهيدٍ في سَبيلِ اللَّهِ اهَريقَ دَمُهُ، فَإِيّاكَ أن تَفوتَكَ زِيارَتُهُ» [٧]. وعن محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: «مَن زارَ الحُسَينَ عارِفاً بِحَقِّهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ثَوابَ ألفِ حَجَّةٍ مَقبولَةٍ، وألفِ عُمرَةٍ مَقبولَةٍ، وغَفَرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ وما تَأَخَّر»[٨]. وفي كتاب الوسائل عقد الحر العاملي باباً حول فضل زيارة الإمام الحسين عليه السلام ماشياً تحت عنوان: (باب استحباب المشي إلى زيارة الحسين ) أورد فيه ستة أحاديث في فضل ذلك، ومنها: ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: «: مَن أتى قَبرَ الحُسَينِ ماشِياً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ قَدَمٍ يَرفَعُها ويَضَعُها عِتقَ رَقَبَةٍ مِن وُلدِ إسماعيلَ». وعن أبي الصامت قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام وهو يقول: «مَن أتى قَبرَ الحُسَينِ ماشِياً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطوَةٍ ألفَ حَسَنَةٍ، ومَحا عَنهُ ألفَ سَيِّئَةٍ، ورَفَعَ لَهُ ألفَ دَرَجَةٍ». وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: «مَن خَرَجَ مِن مَنزِلِهِ يُريدُ زِيارَةَ الحُسَينِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ، إن كانَ ماشِياً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطوَةٍ حَسَنَةً، وحَطَّ بِها عَنهُ سَيِّئَةً، حَتّى إذا صارَ بِالحائِرِ كَتَبَهُ اللَّهُ مِنَ المُفلِحينَ» [٩].
زيارة الاربعين من علامات المؤمن
روى الشيخ المفيد والشيخ الطوسي قالا: روي عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليهم السلام أنه قال: «علامات المؤمن خمس: صلاة الاحدى والخمسين، وزيارة الأربعين، والتختم في اليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم» وهذه الرواية وإن كانت مرسلة إلا أنه توجد الكثير من الروايات التي تعضدها في الجملة، كما تواترت الروايات التي تنص على استحباب زيارة الإمام الحسين عليه السلام بصورة مطلقة في كل وقت، وقد روى الشيخ الطوسي بإسناده عن صفوان الجمال قال: قال لي مولاي الصادق عليه السلام في زيارة الأربعين تزور عند ارتفاع النهار وتقول: السلام على ولى الله وحبيبه... وذكر الزيارة إلى أن قال: وتصلي ركعتين، وتدعو بما أحببت وتنصرف [١٠].
أهمية إستثمار الزيارة الاربعينية
وبما أن لهذه الزيارة هذا العطاء العظيم من قبل الله تعالى فينبغي إستثمارها في جانب تطوير النفس والمجتمع والارتقاء لمستوى العبودية لله عز وجل ، والعمل على تهذيب النفس واصلاحها والأستفادة من القيم والمبادئ والمعارف التي يحصل عليها الزائر خلال مسيرته ، فهناك من القيم التي يشاهدها الزائر خلال مسيرته من قبيل قيمة الكرم والاخلاص والتواضع والتعاون وهذه مما لا يمكن تحققه بسهولة .
الدعوة لزيارة الأربعين
من قبل أهل البيت عليه السلام أدّت بالشيعة، خصوصاً شيعة العراق بأن يتوجّهوا كل سنة من كل مناطق العراق المختلفة متجهين إلى كربلاء وهذه الحركة التي غالباً ما تكون سيراً على الأقدام تعدّ من أضخم المسيرات في العالم. قدّرت بعض الإحصائيات أنّ عدد زوار الأربعين سنة 2014 هو 20 مليون زائر، وتشير بعض التقارير إلى حضور 15 مليون زائر شيعي في كربلاء في يوم الأربعين سنة 1435 هـ. وقد ذكر السيد محمد علي القاضي الطباطبائي في كتابه «التحقيق حول أول أربعين سيد الشهداء» بأنّ المشي إلى كربلاء في يوم الأربعين سنّة جرت عليها الشيعة من عصر الأئمة الأطهارعليه السلام، فقد كانوا ملتزمين بهذه الزيارة منذ عهد خلفاء بني أمية وبنو العباس [١١].
أكبر المسيرة العالمية
في السنوات الأخيرة، أصبح الحشد الذي يشارك في مراسم إحياء ذكرى الأربعين في العراق أحد أكبر التجمعات السلمية والمُوحدة على مستوى العالم. وفقاً لتصريحات رئيس مجلس محافظة كربلاء، فقد بلغ عدد زوار أربعين الإمام الحسين في عام 2015م (1437هـ) حوالي 27 مليون شخص. توافد هؤلاء الزوار إلى كربلاء على مدى عشرة أيام لأداء الزيارة ثم مغادرتها. وفي ديسمبر 2014م (1436هـ)، تجمّع ما يقارب 20 مليون شخص في العراق. يسير الملايين من الزوار على الأقدام خلال الأيام التي تسبق ذكرى الأربعين لقطع مسافة 80 كيلومتراً بين النجف وكربلاء في غضون ثلاثة أيام تقريباً، ضمن مسيرة سلمية ضخمة. ويتم استضافتهم وإيواؤهم في "المواكب" الخدمية المنتشرة على طول الطريق. معظم الزوار غير العراقيين يقطعون هذا المسار سيراً على الأقدام في هذه الفترة الزمنية. تبذل الجمهورية الإسلامية جهوداً مشتركة مع العراق لتسجيل مراسم أربعين الإمام الحسين كتراث معنوي مشترك في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، نظراً لأهميتها الروحية والتاريخية الكبيرة.
مواضيع ذات صلة
الهوامش
- ↑ دانشنامه ایران به همت مرکز دائرةالمعارف بزرگ اسلامی ج 1، ص 1971.
- ↑ ر. ک: نفس المهموم ترجمه شعرانی، ص ۴۳۰
- ↑ الطبري: 6/271
- ↑ بحار الأنوار، ج10، 168
- ↑ موسوعة العتبات المقدسة: جعفر الخليلي، ج8، ص257
- ↑ الوسائل، ج 14، ص 478
- ↑ الوسائل، ج 14، ص 478
- ↑ كامل الزيارات، ابن قولويه القمي، ص 141، رقم 430
- ↑ كامل الزيارات: 131ح 386
- ↑ المزار، الشيخ المفيد، ص 53
- ↑ القاضي الطباطبائي، تحقيق درباره اول اربعين، ص 2

