الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الشرط»
Abolhoseini (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''الشرط:''' وهو الذي يتوقّف عليه تأثير المؤثّر لا ذاته، أو هو الذي يلزم من عدمه العدم ولا يلزم م...') |
(لا فرق)
|
مراجعة ٠٢:٠٣، ١١ أغسطس ٢٠٢١
الشرط: وهو الذي يتوقّف عليه تأثير المؤثّر لا ذاته، أو هو الذي يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته. وأمثلته کثيرة کشرطية القبلة للصلاة أو شرطية القصد لصحة البيع. أما أهم المباحث في هذا المقال بعد تعريف الشرط، فأقسامُه وأحکامُه.
تعريف الشرط لغةً
الشرط: العلامة، فهو علامة على المشروط، ومنه قوله تعالى: «فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا» [١]، أي علاماتها.
قال الجوهري: الشرط بالتحريك: العلامة، وأشراط الساعة: علاماتها [٢].
وقال في المصباح: الشرط ـ مخفف من الشَّرَط بفتح الراء ـ هو العلامة، وجمعه: أشراط، وجمع الشرْط ـ بالسكون ـ : شروط، ويقال له: شريطة، وجمعه: شرائط[٣].
وقال في القاموس: الشرط هو إلزام الشيء والتزامه في البيع ونحوه، كالشريطة، وجمعه شروط.
وبالتحريك: العلامة، وجمعه أشراط [٤].
تعريف الشرط اصطلاحاً
ذكر الاُصوليون للشرط تعاريف متعدّدة نشير إليها فيما يلي:
1 ـ ما لا يوجد المشروط دونه، ولا يلزم أن يوجد عنده[٥].
وأُورد عليه:
بأنّه يستلزم الدور؛ لأنّه عرّف الشرط بالمشروط، وهو مشتّق منه، فيتوقّف تعقله على تعقله.
وبأنّه غير مطّرد؛ لأنّ جزء السبب كذلك، فإنّه لا يوجود المسبب بدونه، ولا يلزم أن يوجد عنده، وليس بشرط [٦].
2 ـ هو الذي يتوقّف عليه تأثير المؤثّر لا ذاته [٧].
وأُورد عليه:
بأنّه غير منعكس؛ لأنّ الحياة شرط في العلم و لا يتصوّر هاهنا تأثير ومؤثّر؛ إذْ المحتاج إلى المؤثّر هو الحدوث [٨].
3 ـ ما يستلزم نفيه نفي أمر آخر لا على جهة السببية فيخرج السبب وجزؤه.
واُجيب عنه:
بأنّ الفرق بين السبب والشرط يتوقّف على فهم المعنى المميز بينهما، ففيه تعريف الشيء بمثله في الخفاء [٩].
4 ـ ما استلزم عدمه عدم أمرٍ مغاير.
وهو كالذي قبله [١٠].
5 ـ ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، ولا يشتمل على شيء من المناسبة [١١].
6 ـ ما يكون سببا لتعلّق الحکم [١٢].
الألفاظ ذات الصلة
1 ـ سبب
السبب لغةً: ما يتوصّل به إلى أمرٍ ما [١٣]. وفي الاصطلاح: فقد عرّف بتعاريف أشهرها: ما يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم لذاته [١٤].
فيكون الفرق واضح بينه وبين الشرط، فإنّه ـ الشرط ـ لا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته.
2 ـ مانع
المانع لغةً : الحائل [١٥]. وفي الاصطلاح: ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته [١٦].
والفرق بينهُ وبين الشرط، أنّ الشرطَ يلزم من عدمه العدم، بخلاف المانع فإنّه لا يلزم من عدمه العدم لذاته ولا وجود.
3 ـ جزء
يطلق الجزء على بعض الشيء [١٧] وعلى الشيء الذي تكون دخالته في المركّب بنحو الشرطية، كالطهارة بالنسبة للصلاة المقيّدة به [١٨].
والفرق بين الأجزاء والشرائط: أنّ الاُولى دخيلة في المأمور به تقيّدا وقيّدا ممّا يوجب انبساط الأمر على تمام الأجزاء وإن كانت تدريجية الوجود، بخلاف الشروط، فإنّها خارجة عن المأمور به، وإنّما الداخل التقيّدات التي تحصل مِن إضافة المشروط إلى شرائطه [١٩].
4 ـ قيد
القيد لغةً: هو المنع، يقال: الإيمان قيّد الفتك، أي أنّ الإيمان يمنع من الفتك[٢٠].
وأمّا في اصطلاح الأصوليين فلم يذكر له تعريف محدد، ولكن يمكن أن يقال: بأنّه ما يقيّد الاُمور التي تكون مطلقة ويطلب على الشروط والأجزاء[٢١].
فهو أعمّ من الشرط.
أقسام الشرط
ذكرت للشرط استعمالات متعدّدة يمكن درج بعضها تحتعناوين وأقسام معينة. نشير إليها فيما يلي:
القسم الأول: شرط السبب
شرط السبب هو كلّ معنى يكون عدمه مخلاًّ بمعنى السببية، كالقدرة على تسليم المبيع ونحوه، فإنّها شرط البيع الذي هو سبب ثبوت الملك المشتمل على مصلحة، وهي حاجة الانتفاع بالمبيع، وهي متوقّفة على القدرة على التسليم، فكأنّ عدمه مخلاًّ بحكمة المصلحة التي شرع لها البيع [٢٢].
القسم الثاني: شرط الحكم
شرط الحکم هو كلّ معنى يكون عدمه مخلاًّ بمقصود الحکم مع بقاء لمعنى السببية، كالقبض للمبيع للملك التامّ، والطهارة للصلاة [٢٣].
القسم الثالث: الشرط العقلي
الشرط العقلي هو ما لا يوجد المشروط عقلاً بدونه، كاشتراط الحياة للعلم والفهم للتكليف.
وسمّي عقليا؛ لأنّ العقل ادرك لزومه لمشروطه [٢٤].
القسم الرابع: الشرط العادي
الشرط العادي هو ما يكون شرطا عادة، كنصب السلّم لصعود البيت، والطعام بالنسبة للحيوان؛ لأنّ الغالب فيه أنّه يلزم من انتفاء الطعام انتفاء الحياة، ومن وجوده وجودها. وبعبارة اُخرى: هو الذي يتوقّف عليه وجود الشيء عادة [٢٥] .
القسم الخامس: الشرط اللغوي
اللغوي هو الشرط الذي يذكر بصيغة التعليق، مثل: ان نجحت فلك جائزة [٢٦].
ويسمّى أيضا بـ الشرط الجعلي عند بعضهم [٢٧].
وذكر النراقي بأنّه لايدخل في الشرط بل في السبب، قائلاً: «وأنت خبير بأنّ الشرط اللغوي لا يدخل في الشرط المعرّف في الأصول ـ وهو ما يلزم من عدمه عدم المشروط ولا يلزم من وجوده وجوده ـ بل يدخل في السبب المعرّف في الأصول ـ وهو ما يلزم من وجوده الوجود ـ ... إلخ» [٢٨].
القسم السادس: الشرط الشرعي
الشرط الشرعي هو ما جعله الشارع شرطا لبعض الأحكام، كاشتراط الطهارة لصحّة الصلاة [٢٩].
ويمكن هنا دمج الاستعمال الثاني والثالث والرابع والسادس تحت عنوان وقسم واحد.
القسم السابع: الشرط المتأخّر
وهو الشرط المتأخّر في وجوده زمانا على المشروط، مثل: الغسل اللّيلي للمستحاضة الكبرى لصوم النهار السابق على اللّيل.
وإجازة بيع الفضولي، بناءً على أنّها كاشفة عن صحّة البيع لا ناقلة [٣٠].
القسم الثامن: الشرط المتقدّم
وهو الشرط المتقدّم في وجوده زمانا على المشروط، ومثاله الطهارات الثلاثة بالنسبة للصلاة [٣١] .
القسم التاسع: الشرط المقارن
وهو الشرط المقارن للمشروط في وجوده زمانا كالاستقبال في الصلاة، فإنّه يجب أن يحصل أثناء القيام بالصلاة [٣٢].
وتدعى الشروط الثلاثة الأخيرة بالمقدّمات المتأخّرة والمتقدّمة والمقارنة أيضا [٣٣].
وهذه الثلاثة هي بنفسها أقسام لعنوان هو المقدّمات الخارجية.
القسم العاشر: شرط الواجب
شرط الواجب هو الشرط المأخوذ قيّدا في الواجب، ومثاله الاستطاعة للحجّ، والوضوء للصلاة [٣٤].
وذكرت له عدّة خصائص:
أ ـ كونه دخيلاً في ترتّب أثر الواجب.
ب ـ كونه علّة لوجود مصلحة الوجوب في الخارج.
ج ـ كونه علّة للمراد ومعلول للإرادة الإلهية.
د ـ يجب تحصيله عند وجوب المشروط [٣٥].
القسم الحادي عشر: شرط الوجوب
شرط الوجوب هو الشرط المأخوذ قيّدا في الوجوب، ومثاله البلوغ والحرية والعقل [٣٦].
وقد وصف بالأوصاف التالية:
أ ـ كونه دخيلاً في ثبوت أصل الوجوب.
ب ـ كونه علّة للإرادة الإلهية، بحيث لا تحصل هذه الإرادة إلاّ بعد وجوده.
ج ـ كونه من مبادئ الإرادة فلا يجب تحصيله [٣٧].
القسم الثاني عشر: الشرط المنفصل
الشرط المنفصل هو الشرط غير المرتبط بالمشروط ارتباط الجزء بالكلّ، من قبيل: الوضوء الذي هو شرط منفصل عن الصلاة، وليس جزءاً منها [٣٨].
القسم الثالث عشر: الشرط المحض
الشرط المحض هو ما يتوقّف وجود العلَّة على وجوده ويمتنع وجود العلة حقيقة ـ بعد وجودها صورة ـ حتّى يوجد ذلك الشرط، فتصير موجودة عندئذٍ حقيقة، كقول المولى لعبده: «إن دخلت الدار فأنت حر»، فإنّ التحرير الذي هو علّة يتوقّف وجوده على وجود الشرط حقيقة بعد ما وجد صورة باللفظ والكلمات، وعند وجود الشرط يوجد التحرير حقيقة، فيثبت به حكم العتق [٣٩].
القسم الرابع عشر: الشرط المعلّق
الشرط المعلق هو الشرط الذي لم ينجز ولم يحصل بعد، كقدوم المسافر أو شفاء المريض في قولهم: نذرت الصوم إن شفي مريضي، أو جاء زيد من السفر [٤٠].
القسم الخامس عشر: شرط اللزوم
شرط اللزوم هو الشرط الذي يتوقّف عليه لزوم العقد ، مثل : ملكية المثمن، فهو شرط لصيرورة العقد لازما، عكس عقد الفضولي الذي لا يكون لازما؛ لكونه غير مالك للمثمن [٤١].
القسم السادس عشر: شرط الأداء
شرط الأداء هو ما يتعلّق عليه وجوب أداء الحکم، من قبيل: الوقت بالنسبة لصلاة الصبح، الذي هو من الفجر إلى طلوع الشمس [٤٢].
القسم السابع عشر: شرط الصحّة
شرط الصحة هو ما تتوقّف عليه صحّة العمل أو العقد، من قبيل: النيّة التي هي شرط لصحّة الصلاة، وإجازة مالك المثمن التيهي شرط لصحّة عقد الفضولي [٤٣].
حكم الشرط
1 ـ الشرطية حكم وضعي
يعتبر الأصوليون الشرطية من الأحكام الوضعية، حيث إنّهم قاموا بتقسيم الأحكام إلى قسمين:
الأوّل: الأحكام التكليفية.
الثاني: الأحكام الوضعية [٤٤].
والأحكام الوضعية على نحوين أيضا:
الأوّل: ما كان واقعا موضوعا للحكم التكليفي، كالزوجية الواقعة موضوعا لوجوب النفقة.
والثاني: ما كان منتزعا عن الحکم التكليفي كشرطية الزوال للوجوب المجعول لصلاة الظهر المنتزعة عن جعل الوجوب المشروط بالزوال [٤٥].
2 ـ هل يتعلّق بالشرطية الجعل استقلالاً؟
اختلف الأصوليون في ذلك، فذهب بعض إلى امتناع الجعل الاستقلالي للشرطية بالنسبة إلى التكليف [٤٦]؛ لكونها مجعولة بـ الجعل التكويني تبعا لجعل موضوعها.
وذهب بعض آخر إلى عدم امتناع ذلك [٤٧]، وأنّه ـ أي القول الأوّل ـ جاء بسبب الخلط بين الاُمور التكوينية والتشريعية، ففي الاُمور التكوينية لا يمكن جعل الفوقية والتحتية للجسمين إلاّ بجعلهما بوضع خاصّ، يكون أحدهما أقرب إلى المركز والآخر إلى المحيط، وبعد ذلك تنتزع الفوقية والتحتية منهما قهرا ولا يمكن جعلهما استقلالاً، مع أنّ القياس مع الفارق.
قال الإمام الخميني في توضيح ذلك:
«إنّ الاُمور الاعتبارية تابعة لكيفية اعتبارها وجعلها، فقد يتعلّق الأمر القانوني بطبيعة أوّلاً على نحو الاطلاق؛ لاقتضاء في ذلك، ثُمّ تحدث مصلحة في أن يجعل لها شرط أو يجعل لها قاطع ومانع بلا رفع الأمر القانوني الأوّل، فلو قال المولى: «وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ» ثم قال: «إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ» أو قال: «لاتصلّ في وبر ما لا يؤكل لحمه» ينتزع منها الشرطية والمانعية، فهل ترى أنّه يلزم أن يرفع الأمر الأوّل وينسخه، ثُمّ يأمر بالصلاة مع التقيد بالشرط أو عدم المانع؟ وأي مانع من جعل الوجوب للطبيعة المطلقة بحسب الجعل الأوّلي، ثُمّ يجعلها مشروطة بشيء بجعل مستقل، أو يجعل شيئا مانعا لها بنحو الاستقلال؛ لاقتضاء حادث، كما غير اللّه قبلة المسلمين إلى المسجد الحرام؟! فهل كان قوله تعالى: «قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء» إلى قوله: «فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ» من قبيل نسخ حكم الصلاة رأسا وإبداء حكم آخر، أو كان الجعل متعلّقا بالقبلة فقط؟! ومجرّد كون المنتزعات التكوينية تابعة لمناشئ انتزاعها لا يوجب أن تكون الشرائط كذلك... .
وبالجملة: تلك الاُمور الاعتبارية والجعلية كما يمكن جعلها بتبع منشأ انتزاعها، يمكن جعلها مستقلاً، بلا إشكال وريب...» [٤٨].
3 ـ معقولية الشرط المتأخّر
الإشكال في معقولية الشرط المتأخّر أن يقال: إنّ الشرط المتأخّر إمّا أن يؤثّر في مشروطه أو لا، والثاني يخالف معنى الشرطية، والأوّل يؤدّي إلى المحال عقلاً؛ لأنّه يؤدّي إلى تأثير المعدوم في الموجود، إذا اُريد أن يكون الشرط مؤثّرا في المشروط حين تحقّق المشروط في الزمان المتقدّم، أو إلى تغيير الواقع وقلبه عمّا وقع عليه، إذا اُريد أن يكون مؤثّرا فيه حين تحقّق الشرط في الزمان المتأخّر [٤٩].
وقبل الجواب عن ذلك لابدّ من البحث في اُمور ثلاثة:
1 ـ في الشرط المتأخّر للوجوب.
2 ـ في الشرط المتأخّر للواجب.
3 ـ فيما ألحقه صاحب الكفاية بالشرط المتأخّر وهو الشرط المتقدّم.
أمّا الأمر الأوّل، كما إذا وجب الصيام في النهار على المستحاضة مثلاً مشروطا بالاغتسال في اللّيلة القادمة.
فقد ذكر الآخوند الخراساني في هذا المجال أنّ ما هو الشرط للوجوب إنّما هو الوجود اللحاظي الذهني للشرط المتأخّر لا الخارجي؛ لأنّ الحکم والوجوب قائم في نفس المولى لا الخارج، فهو بحاجة إلى لحاظ الشرط لا أكثر، ولحاظه يكون مقارنا مع الحكم [٥٠].
قال: «فكون أحدهما ـ أي المتقدّم أو المتأخّر ـ شرطا له ـ التكليف ـ ليس إلاّ أنّ للحاظه دخلاً في تكليف الآمر كالشرط المقارن بعينه، فكما أنّ اشتراطه ـ التكليف ـ بما يقارنه ليس إلاّ أنّ لتصوّره دخلاً في أمره، بحيث لولاه لما كاد يحصل له الداعي إلى الأمر كذلك...» [٥١].
وأُورد عليه:
بأنّ هذا خلط بين الوجوب بمعنى الجعل والوجوب بمعنى المجعول، فإنّ الجعل كقضية حقيقية شرطية غير متوقّف على وجود الشرط خارجا، بل يكفي لحاظه وتقديره من قبل الجاعل.
وأمّا المجعول ـ وهو الحكم الفعلي ـ فإنّه متوقّف على فعلية الشرط وتحقّقه خارجا، فإذا كان متأخّرا عنه لزم محذور تأثير المتأخّر في المتقدّم [٥٢].
وأُجيب عنه:
بأنّ إشكال استحالة الشرط المتأخّر للوجوب له ثلاثة مواقع، فإنّه تارة يثار بلحاظ عالم الجعل، واُخرى بلحاظ عالم المجعول، وثالثة بلحاظ عالم الملاك.
أمّا الأوّل فيقرب المحذور فيه بصيغة تأثير المتأخّر في المتقدّم [٥٣].
وجوابه: ما ذكره الآخوند قبل قليل.
واُخرى يقرب بما يستفاد من كلمات الشيخ النائيني، كمحذور آخر يرد حتّى إذا افترض أنّ الشرط هو اللحاظ للشرط، وحاصله لزوم التهافت في عالم اللحاظ لدى الجاعل [٥٤]؛ لأنّ المولى إذا أراد أن يوجب على العبد مثلاً صوم السبت على تقدير أن يغتسل في ليلة الأحد فلا بدّ له من تقدير ولحاظ صدور الغسل منه في ليلة الأحد، وهذا التقدير تقدير انتهاء يوم السبت والفراغ عنه، فكيف يمكنه أن يوجب على هذا التقدير صوم يوم السبت؟
واُجيب عنه:
إنّ تقدير الغسل في ليلة الأحد لا ينحصر تقديرها في الزمان السابق، بل أمر التقدير بيد الملاحظ، فله أن يقدر أنّ العبد سوف يصلّي في اللّيلة القادمة، فلا يلزم التهافت في اللحاظ [٥٥].
وأمّا بلحاظ عالم المجعول، فقد تقدّم تقريب الإشكال فيه.
والجواب عنه:
بإنكار وجود عالم حقيقي باسم عالم المجعول، و السبب؛ لأنّه لو اُريد بالمجعول الذي يفرض تحقّقه بعد تحقّق الجعل حين فعلية موضوعه وجود شيء نسبته إلى الجعل أنّه مجعول ذلك الجعل، فهذا غير معقول؛ لأنّ الجعل والمجعول كالإيجاد والوجود شيء واحد مختلفان بالاعتبار والإضافة. ولو اُريد وجود شيء نسبته إلى الجعل نسبة المسبب إلى السبب والذي قد يتأخّر عنه في الوجود، فإن اُريد بذلك حصول مسبب في الخارج، فهو واضح البطلان، وإن اُريد حصول مسبب في نفس المولىحين تحقّق الموضوع نسميه بالوجوب الفعلي، فهو أيضا واضح الفساد؛ إذ يكفي في فعلية الحکم تحقّق الموضوع خارجا ولو لم يلتفت إليه المولى [٥٦].
وأمّا بلحاظ عالم الملاك فيمكن أن يفترض دخله ـ أي الشرط المتأخّر ـ في الملاك والحاجة إلى الواجب المتقدّم بأحد نحوين:
1 ـ كونه دخيلاً في احتياجه للواجب المتقدّم لا في الزمن المتقدّم، بل في زمن الشرط إلاّ أنّ المحتاج إليه هو إمّا جامع الفعل كالصوم في المثال الأعم من الواقع في اليوم المتقدّم والمتأخّر، فلا محالة يكون الوجوب بلحاظ أوّل أزمنته متقدّما على بشرط.
أو خصوص الفعل المتقدّم لخصوصية فيه تفوت على المكلّف إذا لم يفعله في اليوم المتقدّم.
2 ـ أن يكون الاحتياج حاصلاً في زمان الواجب المتقدّم، وليس الشرط المتأخّر هو الذي يولد الاحتياج، إلاّ أنّ عدم تحقّقه فيما بعد يوجب لمفسدة أشدّ [٥٧].
أمّا الأمر الثاني: وهو الشرط المتأخّر للواجب، كما إذا افترضنا غسل المستحاضة في ليلة الأحد شرطا لصحّة صومها يوم السبت لا لوجوبه، والإشكال بلحاظ عالم الواجب بما هو واجب واضح الاندفاع؛ لأنّه يرجع بحسب الحقيقة إلى تحصيص الواجب بخصوص الحصة التي يعقبها الشرط وليس هو من باب الشرط والتأثير ليقال كيف أثر المتأخّر في الشيء المتقدّم [٥٨].
وأمّا الإشكال بلحاظ الملاك والمصلحة، فقد أجاب الآخوند عنه: بأنّ الملاك لو كان عبارة عن المصلحة استحكم الاشكال [٥٩]؛ لأنّ المصلحة أمر واقعي ووجود تكويني في الخارج يستحيل أن يؤثّر فيه أمر متأخّر عنه. وأمّا إذا كان عبارة عن الحسن والقبح اللذان هما من المقولان الاعتبارية، فبالإمكان استناده إلى شرط من سنخه كعنوان تعقب الغسل مثلاً، فعنوان تعقب الشرط أو مسبوقية الفعل به وتقدّمه عليه يمكن أن ينتزع منه العقل الحسن أو من خلافه القبح، والقبلية تنشأ من مقايسة العقل بين الصوم والغسل، وهي حاضرة دائما لدى العقل فيصبح الشرط مقارنا في الحقيقة [٦٠].
وأمّا الأمر الثالث، أي الشرط المتقدّم الذي استشكل فيه صاحب الكفاية، فقد ذكر أنّ حاله حال الشرط المتأخّر[٦١].
ولم يستشكل أحد من الأصوليين عليه، فكأنّهم وجدانا يجدون أنّ هناك فرقا بينهما [٦٢].
المصادر
- ↑ . محمّد: 18.
- ↑ . الصحاح 3: 1136.
- ↑ . المصباح المنير: 309.
- ↑ . القاموس المحيط: 620.
- ↑ . اُنظر: الاحكام الآمدي 1 ـ 2: 513، روضة الناظر وجنة المناظر: 135، إرشاد الفحول 1: 499.
- ↑ . ارشاد الفحول 1: 499.
- ↑ . التحصيل من المحصول 1: 383.
- ↑ . اُنظر: ارشاد الفحول 1: 499.
- ↑ . الأحكام الآمدي 2: 309.
- ↑ . اُنظر: ارشاد الفحول 1: 500.
- ↑ . قوانين الاُصول: 100. أنيس المجتهدين 2: 107. واُنظر: البحر المحيط 1: 248.
- ↑ . دروس في اُصول الامامية 2: 168.
- ↑ . المصباح المنير: 262.
- ↑ . التحبير شرح التحرير 3: 1060. قوانين الاُصول: 100. أنيس المجتهدين 1: 106.
- ↑ . لسان العرب 4: 3784 مادّة «منع».
- ↑ . التحبير شرح التحرير 3: 1072. واُنظر: شرح مختصر الروضة 1: 433. اُصول ابن مفلح: 209. شرح الكوكب المنير 1: 456. البحر المحيط 2: 468. أنيس المجتهدين 1: 107. قوانين الاُصول:100.
- ↑ . التمهيد في تخريج الفروع: 298. واُنظر: معارج الاُصول: 84. مقالات الاُصول 1: 293.
- ↑ . اُنظر: أجود التقريرات 1: 222.
- ↑ . أجود التقريرات 1: 222.
- ↑ . لسان العرب 3: 3363، 3364 مادّة «قيد».
- ↑ . اُنظر: كفاية الاُصول: 105. أجود التقريرات 1: 222.
- ↑ . اُنظر: البحر المحيط 1: 248، التحبير شرح التحرير 3: 1070، شرح الكوكب المنير 1: 454.
- ↑ . اُنظر: التحبير شرح التحرير 3: 1070. شرح الكوكب المنير 1: 454.
- ↑ . البحر المحيط 1: 248. التحبير شرح التحرير 3: 1070. الجامع لمسائل اُصول الفقه: 73. قوانين الاُصول: 100. اُصول الفقه المظفر 1 ـ 2: 262.
- ↑ . اُنظر: شرح مختصر الروضة 2: 432. شرح الكوكب المنير 1: 455. الموافقات الشاطبي 1 ـ 2: 237. البحر المحيط 1: 248. قوانين الاُصول: 100.
- ↑ . البحر المحيط 1: 248. الجامع لمسائل اُصول الفقه: 74.
- ↑ . اُصول الفقه الإسلامي في نسيجه الجديد: 281.
- ↑ . أنيس المجتهدين 2: 794.
- ↑ . المستصفى 1: 86. التحبير شرح التحرير 3: 1071. قوانين الاُصول: 100. اُصول الفقه المظفر 2: 330.
- ↑ . اُصول الفقه المظفر 2: 333، دروس في علم الاُصول 2: 248. الوسيط في اُصول الفقه (السبحاني) 1: 116.
- ↑ . اُصول الفقه المظفر 2: 333. دروس في علم الاُصول 2: 248. الوسيط في اُصول الفقه (السبحاني) 1: 116.
- ↑ . دروس في علم الاُصول 2: 248. الوسيط في اُصول الفقه السبحاني 1: 116.
- ↑ . حقائق الاُصول 1: 224.
- ↑ . كفاية الاُصول: 92.
- ↑ . حقائق الاُصول 1: 239. منتهى الدراية 2: 172 ـ 173.
- ↑ . حقائق الاُصول الحكيم 1: 239. أجود التقريرات 1: 159.
- ↑ . منتهى الدراية 2: 172 ـ 173. واُنظر: قوانين الاُصول: 126. دروس في علم الاُصول 1: 325.
- ↑ . اللمع في اُصول الفقه الشيرازي: 130. الاحكام (الآمدي) 2: 309.
- ↑ . كشف الأسرار شرح البزدوي 4: 337 و338. اُصول السرخسي 2: 320. واُنظر: شرح الأزهار 3: 581.
- ↑ . الاحكام ابن حزم 5: 38. المسالك 9: 98. الحدائق 25: 233.
- ↑ . اُنظر: جامع المقاصد 12: 77. الروضة 6: 16. بدائع الصنائع 2: 232. حاشية ردّ المختار 6: 285.
- ↑ . اُنظر: اُصول السرخسي 1: 22. الخلاف 2: 433.
- ↑ . اُنظر: اُصول السرخسي 1: 377. المحصول الرازي 2: 268. حاشية على كفاية الاُصول 1: 237. محاضرات في اُصول الفقه 5: 47. معجم ألفاظ الفقه الجعفري: 242.
- ↑ . كفاية الاُصول: 399. مصباح الاُصول 3: 83 ـ 84. الاُصول العامة للفقه المقارن :53، 69، 70. الجامع لمسائل اُصول الفقه النملة: 61.
- ↑ . دروس في علم الاُصول 2: 22.
- ↑ . كفاية الاُصول: 401 ـ 402. دروس في علم الاُصول 2: 22، 23.
- ↑ . الاستصحاب الخميني: 68 ـ 69.
- ↑ . الاستصحاب الخميني: 68 ـ 69.
- ↑ . بحوث في علم الاُصول 2: 179. واُنظر: كفاية الاُصول: 93. منتهى الدراية 2: 130.
- ↑ . بحوث في علم الاُصول 2: 179 ـ 180.
- ↑ . كفاية الاُصول: 93. واُنظر: منتهى الدراية 2: 133 ـ 136.
- ↑ . محاضرات في اُصول الفقه 2: 317 ـ 318.
- ↑ . بحوث في علم الاُصول 2: 180.
- ↑ . محاضرات في اُصول الفقه 2: 318.
- ↑ . بحوث في علم الاُصول 2: 180.
- ↑ . بحوث في علم الاُصول 2: 181.
- ↑ . بحوث في علم الاُصول 2: 181 ـ 182.
- ↑ . بحوث في علم الاُصول 2: 182.
- ↑ . كفاية الاُصول: 93 و94.
- ↑ . كفاية الاُصول: 93 ـ 94.
- ↑ . كفاية الاُصول: 93.
- ↑ . بحوث في علم الاُصول 2: 184.