الجزء

من ویکي‌وحدت

الجزء: وهو بعض الشئ، والفرق بينه وبين الشرط أنّ الجزء داخل في الماهية و الشرط خارج عنها.

تعريف الجزء لغةً

يطلق الجزء لغة على بعض الشيء[١]، والذي يتقوّم به جملة الشيء[٢]، كأجزاء السفينة، وأجزاء البيت، قال تعالى: «ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءا»[٣].
وعلى النصيب، قال تعالى: «وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءا»[٤]، أي نصيبا[٥].

تعريف الجزء اصطلاحاً

وفي اصطلاح الأصوليين، فيطلق على نفس المعنى اللغوي الأوّل ـ أي بعض الشيء[٦] ـ وعلى الشيء الذي تكون دخالته في المركب بنحو الشرطية، كالطهارة بالنسبة للصلاة المقيدة به[٧].

الألفاظ ذات الصلة

شرط

وهو ما يتوقّف عليه تأثير المؤثر، من قبيل: «إذا زالت الشمس وجبت الصلاة»، فالزوال شرط للصلاة، والوجوب لايترتّب على المكلّف قبل تحقّق الشرط، وكثيرا ما يترادف معناه مع معنى المقدّمة، ولهذا يتبادل معها التسمية، ويتّحدان في التقسيم كثيرا، فالشرط الشرعي مثلاً هو عين المقدّمة الشرعية، والشرط العقلي هو عين المقدّمة العقلية[٨].
والفرق بين الأجزاء والشرائط، أنّ الأجزاء دخيلة في المأمور به تقيدا وقيدا ممّا يوجب انبساط الأمر على تمام الأجزاء وإن كانت تدريجية الوجود، بخلاف الشروط فإنّها خارجة عن المأمور به وإنّما الداخل التقيدات التي تحصل من إضافة المشروط إلى شرائطه[٩].

أقسام الجزء

1 ـ الجزء الخارجي

وهو الجزء الذي إذا انضم إليه جزءٌ آخر خارجا تشكل من مجموعها مركّب واحد، ويكون انفصاله عنه موجبا لنقص المركّب أو انعدامه أو تبديل صورته إلى صورة مركّب آخر[١٠]، ويطلق أيضا على الشرائط والموانع[١١].

2 ـ الجزء الذهني التحليلي

وهو الجزء الذي تكون دخالته في المركّب بنحو الشرطية، بمعنى أن يكون خارجا عن ذات المركّب إلاّ أنّ المركّب يكون متقيدا به.
ومن أبرز الفروق بين هذين الجزءين أنّ الأوّل بمعناه الأوّل يمكن الإشارة إليه، ويقال: هذا جزء من هذا المركّب.
أمّا الثاني فلا؛ لأنّ جزئيته الذهنية ناشئة عن تحليل العقل للمركّب وأنّه مركّب من ذات المركّب والتقيّد بالشرط[١٢].

3 ـ الجزء المادي والجزء الصوري

للصيغ الانشائية كبعتُ وطالق جزء مادي وجزء صوري، أمّا الجزء المادي فهو مبدأ الاشتقاق، وهو معنى اسمي وله مفهوم متقرر في وعاء العقل.
وأمّا الجزء الصوري فهو عبارة عن الهيئة التي وضعت لإيجاد انتساب المبدأ إلى الذات[١٣].

حكم الجزء

تعرّض الأصوليون إلى أحكامه في عدّة موارد نشير إليها فيما يلي:

1 ـ الجزئية حكم وضعي

لا إشكال بين الأصوليين بأنّ الجزئية من الأحكام الوضعية حيث قسموا الأحكام إلى قسمين: أحدهما الأحكام التكليفية، والآخر الأحكام الوضعية[١٤].
والأحكام الوضعية على نحوين:
الأوّل: ما كان واقعا موضوعا للحكم التكليفي كالزوجية الواقعة موضوعا لوجوب الإنفاق، والملكية الواقعة موضوعا لحرمة تصرّف الغير في المال بدون إذن المالك.
الثاني: ما كان منتزعا عن الحكم التكليفي كجزئية السورة للواجب المنتزعة عن الأمر بالمركّب منها[١٥].

2 ـ هل يتعلّق بالجزئية ـ كجزئية السورة للواجب ـ الجعل استقلالاً أو لا؟

ذكر بعض الأصوليين أنّه لاينبغي الشكّ في أنّ الجزئية (كجزئية السورة للواجب) ليست مجعولة للمولى بالاستقلال وإنّما هي منتزعة من جعل الحكم التكليفي؛ لأنّه مع جعل الأمر بالمركّب من السورة وغيرها، يكفي هذا الأمر التكليفي في انتزاع عنوان الجزئية للواجب من السورة، وبدونه لايمكن أن تتحقّق الجزئية للواجب بمجرّد إنشائها وجعلها مستقلاً[١٦].
إلاّ أنّ السيّد الخميني رحمه‏الله صرَّح بأنّه لايرى وجها لامتناع تعلّق الجعل الاستقلالي بالجزئية، وقال في توضيحه: إنّ الأوامر المتعلّقة بالطبائع المركّبة إنّما تتعلّق بها في حال لحاظ الوحدة، ولايكون الأمر بها متعلّقا بالأجزاء، بحيث ينحل الأمر إلى الأوامر، ولا الأمر الذي هو بسيط مبسوطا على الأجزاء، بل لايكون في البين إلاّ أمر واحد متعلّق بنفس الطبيعة في حال الوحدة، وهذا لاينافي كون الطبيعة هي نفس الأجزاء في لحاظ التفصيل، فإذا أمر المولى بالصلاة لايلاحظ إلاّ نفس طبيعتها، وتكون الأجزاء مغفولاً عنها.
فحينئذٍ نقول: إنّ الأمر بالطبيعة، يدعو إلى نفس الطبيعة بالذات، وإلى الأجزاء بعين دعوته إلى الطبيعة، فإذا جعل المولى جزءا للطبيعة فقال: «لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب» أو «إقرأ في الصلاة» أو «جعلت الفاتحة جزءا لها» يدعو الأمر المتعلّق بالطبيعة إليها بنفس دعوته إلى الطبيعة، كما إذا اسقط جزء منها تكون دعوة الأمر إلى الطبيعة دعوة إلى بقية الأجزاء.
وبالجملة: لا أرى وجها لامتناع تعلق الجعل الاستقلالي[١٧]... إلخ.

3 ـ نسخ جزء العبادة

اختلفوا في أنّ نسخ جزء العبادة ـ سواء كان جزءاً أو خارجا، أي شرطا ـ هل يقتضي نسخ العبادة؟
ذهب بعض إلى عدم الاقتضاء؛ لأنّ الدليل على الكلّ كان متناولاً للأجزاء جميعا، فخروج أحدهما لا يقتضي خروج الباقي[١٨].
وذهب القاضي عبدالجبّار إلى أنّ نقصان الجزء يقتضي نسخ الباقي ونقصان الشرط المنفصل لا يقتضي نسخ الباقي[١٩].
وفصّل السيّد المرتضى قائلاً: «إن كان ما بقي بعد النسخ من العبادة متى فعل، لم يكن له حكم في الشريعة، ولم يجر مجرى فعله قبل النقصان، فهذا النقصان نسخ له... وإن لم يكن الأمر على ذلك، فالنقصان ليس بنسخ لتلك العبادة... فأمّا نسخ الطهارة بعد إيجابها فهو غير مقتضٍ لنسخ الصلاة؛ لأنّ حكم الصلاة باقٍ على ما كان عليه من قبل، ولو كان نسخ الطهارة يقتضي نسخ الصلاة، لوجب مثله في نجاسة الماء وطهارته، وقد علمنا أنّ تغير أحكام نجاسة الماء وطهارته لا يقتضي نسخ الطهارة...»[٢٠].

المصادر

  1. . لسان العرب 1: 592.
  2. . معجم مفردات ألفاظ القرآن للراغب: 105.
  3. . البقرة: 260.
  4. . الزخرف: 15.
  5. . لسان العرب 1: 592 .
  6. . التمهيد في تخريج الفروع: 298، أنظر: معارج الأصول: 84، مقالات الأصول 1: 139.
  7. . أنظر: أجود التقريرات 1: 323.
  8. . معجم مفردات أصول الفقه المقارن: 165، أنظر: أصول الفقه المظفر 1 ـ 2 : 333 ـ 334.
  9. . أجود التقريرات 1: 323.
  10. . أنظر: هداية المسترشدين: 100.
  11. . كتاب الصلاة النائيني 2: 188.
  12. . أنظر: مقالات الأصول 1: 139، أجود التقريرات 1: 323.
  13. . فوائد الأصول 1: 45 ـ 46.
  14. . كفاية الأصول: 399، مصباح الأصول 3: 83 ـ 84، دروس في علم الأصول 2: 22، أنظر: أصول الفقه الشبلي: 52، الجامع لمسائل أصول الفقه (النملة): 19 ـ 20.
  15. . دروس في علم الأصول 2: 22.
  16. . دروس في علم الأصول 2: 22، أنظر كفاية الأصول: 401 ـ 402.
  17. . الاستصحاب الخميني: 69 ـ 70، أنظر: الأصول العامّة للفقه المقارن: 66.
  18. . المحصول الرازي 1: 569 ـ 570، أنظر: الإحكام (الآمدي) 3 ـ 4: 160.
  19. . نقله عنه في المحصول 1: 570.
  20. . الذريعة للسيّد المرتضى 1: 453.