الوكالة

من ویکي‌وحدت

الوكالة: وهي النيابة فيما يصح النيابة فيه فلا تصح الوكالة في العبادات عن المكلف بأدائهما إلا الحج، وتصح في المعاملات کالبيع والإجارة وغيرهما. والوكالة عقد جائز من الطرفين ، يجوز لكل واحد منهما فسخه ولها شروط و أحكام سنذکرها تطبیقاً علی فقه الإمامية و الشافعية و الحنفية.

الوكالة

لا يصح الوكالة إلا فيما يصح النيابة فيه ، مع حصول الإيجاب والقبول ممن يملك عقدها بالإذن فيه ، أو بصحة التصرف منه فيما هو وكالته فيه بنفسه .
فلا تصح الوكالة في أداء الصلاة و الصوم عن المكلف بأدائهما ، لأن ذلك مما لا يدخل النيابة فيه ، ولا يصح من محجور عليه أن يوكل فيما قد منع من التصرف فيه ، ولا يصح الوكالة من العبد ، وإن كان مأذونا له في التجارة ، لأن الإذن له في ذلك ليس بإذنه في الوكالة ، وكذلك الوكيل لا يجوز له أن يوكل فيما جعل له التصرف فيه إلا بإذن موكله .
ولا يصح أن يتوكل المسلم على تزويج المشركة من الكافر ، ولا أن يتوكل الكافر على تزويج المسلمة من المسلم لأنهما لا يملكان ذلك لأنفسهما ، ولا يجوز للمسلم أن يوكل الكافر ، ولا يتوكل له على مسلم. [١]
وفي مسائل الخلاف للشيخ : يكره أن يتوكل مسلم لكافر على مسلم . ولم يكره ذلك أحد من الفقهاء. [٢]
ويصح وكالة الحاضر ويلزم الخصم مخاصمة الوكيل ، ولا يعتبر رضاه بالوكالة[٣] وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد . وقال أبو حنيفة : يصح وكالة الحاضر غير أنها لا يلزم خصمه ، إلا أن يرضى بها ، ومتى أبى ذلك كان على خصمه أن يخاصمه بنفسه ، وأجبر على ذلك إن امتنع .
لنا عموم الأخبار الواردة في جواز التوكيل في الحاضر والغائب ، وأن الأصل جواز ذلك ، ومن منع منه فعليه الدليل. [٤]
وتصرف الوكيل موقوف على ما يقع عليه العقد ، إن كان مطلقا عمت الوكالة لكل شئ إلا الإقرار بما يوجب حدا أو تأديبا ، وإن كان مشروطا بشئ اختصت الوكالة به دون ما سواه ، ومتى فعل الوكيل ما لم يجعل له لم يصح الوكالة ولزمه الدرك.
ولو أقر الوكيل في الخصومة - دون الإقرار - بقبض موكله الحق الذي وكله في المخاصمة عليه ، لم يلزمه إقراره[٥] عليه بذلك ، سواء كان في مجلس الحكم أو في غيره . وهو مذهب الشافعي ، ومالك .

قول إبي حنيفة

وقال أبو حنيفة ومحمد : يصح إقراره على موكله في مجلس الحكم ، ولا يصح في غيره . وقال أبو يوسف : يصح في مجلس الحكم وغيره. [٦]
لنا أن الأصل براءة الذمة ، وعلى من ألزمه ذلك بإقرار الوكيل الدليل . فإن أذن له في الإقرار عنه لزمه ما يقر به[٧] فإن كان معلوما لزمه ذلك ، وإن كان مجهولا رجع في تفسيره إلى الموكل دون الوكيل . وللشافعي فيه قولان : أحدهما ما قلناه والآخر لا يصح من الوكيل الإقرار عن الموكل بحال ولا يصح الوكالة في ذلك .
لنا أنه لا مانع منه ، والأصل جواز ذلك والمنع منه يفتقر إلى دليل وقوله ( صلى الله عليه وآله ) المؤمنون عند شروطهم يدل على ذلك. [٨]
والوكيل مؤتمن لا ضمان عليه إلا أن يتعدى . ومطلق الوكالة بـ البيع يقتضي أن يبيع بثمن المثل من نقد البلد حالا فإن خالف لم يصح البيع ، لأنه لا خلاف في صحته مع حصول ما ذكرناه ، وليس على صحته إذا لم يحصل دليل. [٩] وبه قال الشافعي ، ومالك . وقال أبو حنيفة : لا يقتضي الإطلاق الحلول ، ولا نقد البلد ، ولا عوض المثل ، فإذا باعه بخلاف ذلك صح ، حتى قال : لو أن السلعة تساوي ألوفا ، فباعها بدانق إلى أجل ، صح بيعه. [١٠]
وإذا اشترى الوكيل وقع الملك للموكل من غير أن يدخل في ملك الوكيل ، ولهذا لو وكله على شراء من يعتق عليه فاشتراه لم ينعتق[١١] بـ الإجماع ، وبه قال الشافعي . وقال أبو حنيفة : يدخل أولا في ملك الوكيل ثم ينتقل الملك إلى الموكل .
لنا لو دخل في ملك الوكيل لانعتق عليه إذا اشترى من ينعتق عليه وخلافه مجمع عليه. [١٢]

الوكالة عقد جائز


والوكالة عقد جائز من الطرفين ، يجوز لكل واحد منهما فسخه ، فإذا فسخه الوكيل وعزل نفسه انفسخ - سواء كان موكله حاضرا أو غائبا - ولم يجز له بعد ذلك التصرف فيما وكل فيه . ومتى أراد الموكل فسخه وعزل الوكيل ، افتقر ذلك إلى إعلامه إن أمكن ، وإن لم يمكن فليشهد به ، وإذا فعل ذلك انعزل الوكيل ، ولم ينفذ تصرفه ، وإن اقتصر على عزله من غير إشهاد ، أو على الإشهاد من غير إعلام - وهو يتمكن - لم ينعزل ، ونفذ تصرفه إلى أن يعلم[١٣]
ولأصحابنا روايتان إحداهما : أنه إذا عزله ينعزل في الحال وإن لم يعلمه وهو أحد قولي الشافعي . والثانية أنه لا ينعزل حتى يعلم الوكيل وهو قوله الثاني وبه قال أبو حنيفة .
لنا على صحة هذا القول : أن النهي لا يتعلق به حكم في حق المنهي إلا بعد حصول العلم منه به ولهذا لما بلغ أهل قبا أن القبلة قد حولت إلى الكعبة وهم في الصلاة داروا وبنو على صلاتهم ، ولم يؤمروا بالإعادة. [١٤]
فإن اختلف في الإعلام ، فعلى الوكيل البينة فإن فقدت فعلى الوكيل اليمين أنه ما علم بعزله ، فإن حلف مضى ما فعله ، وإن نكل عن اليمين ، بطلت وكالته من وقت قيام البينة بعزله .

نفساخ الوكالة

وتنفسخ الوكالة بموت الموكل ، أو عتقه للعبد الذي وكل في بيعه ، أو بيعه له قبل بيع الوكيل بلا خلاف. [١٥]
إذا وكل رجلا في كل قليل وكثير ، لم يصح ذلك ، لأن في ذلك غرر ، وبه قال جميع الفقهاء إلا ابن أبي ليلى فإنه قال : يصح. [١٦]
إذا وكل رجلا في بيع ماله ، فباعه ، كان للوكيل والموكل المطالبة بالثمن . وفاقا للشافعي . وقال أبو حنيفة : للوكيل المطالبة دون الموكل .
لنا أنه قد ثبت أن الثمن للموكل دون الوكيل ، ويدخل في ملكه في مقابلة المبيع ، فينبغي أن يكون له المطالبة به. [١٧]
إذا قال : إن قدم الحاج ، أو جاء رأس الشهر ، فقد وكلتك في البيع ، لا يصح لأنه لا دلالة على صحته . وفاقا للشافعي وخلافا لأبي حنيفة. [١٨]
وإذا وكل صبيا في بيع أو شراء ، لم يصح . ولا يصح تصرفه إن تصرف . وبه قال الشافعي . وقال أبو حنيفة يصح توكيله ، وإذا تصرف صح تصرفه إذا كان يعقل ما يقول ، ولا يفتقر ذلك إلى إذن وليه. [١٩]

إبراء الوكيل


لا يصح إبراء الوكيل من دون الموكل ، من الثمن الذي على المشتري . وبه قال الشافعي . وقال أبو حنيفة : يصح إبراء الوكيل بغير إذن موكله .
لنا أن الإبراء تابع للملك ، والوكيل لا يملك الثمن لأنه لا يملك هبته بلا خلاف ، فلا يصح منه الإبراء. [٢٠]
إذا وكل رجلا في تثبيت حد القذف ، أو القصاص عند الحاكم ، وإقامة البينة عليه ، فالتوكيل صحيح ، بدلالة عموم الأخبار في جواز التوكيل وبه قال جميع الفقهاء إلا أبا يوسف ، فإنه قال : لا يصح التوكيل في تثبيت الحد بحال. [٢١]
يصح التوكيل في استيفاء الحدود التي للآدميين وإن لم يحضر الموكل لأن الأصل جوازه ولا مانع منه . ولأصحاب الشافعي ثلاث طرق : فذهب أبو إسحاق المروزي ، إلى أن الصحيح ما ذكره في كتاب الجنايات من أن التوكيل يصح مع غيبة الموكل . ومنهم من قال : الصحيح أنه يعتبر حضور الموكل . ومنهم من يقول بقولين . وقال أبو حنيفة : لا يجوز استيفاؤها مع غيبة الموكل .
واستدل من اعتبر حضور الموكل بقوله ( عليه السلام ) : ادرؤوا الحدود بالشبهات ، قال : وفي هذا الحد شبهة لأنه لا يدري الوكيل هل عفى عن هذا القصاص الموكل أو لم يعف. [٢٢]

المصادر

  1. الغنية 268 .
  2. الخلاف : 3 / 350 مسألة 15 .
  3. الغنية : 268 .
  4. الخلاف : 3 / 341 مسألة 1 .
  5. الغنية : 268 - 269 .
  6. الخلاف 3 / 343 مسألة 4 .
  7. الغنية : 269 .
  8. الخلاف : 3 / 343 مسألة 5 .
  9. الغنية : 269 .
  10. الخلاف : 3 / 348 مسألة 10 .
  11. الغنية 269 .
  12. الخلاف : 3 / 351 مسألة 18 .
  13. الغنية 269 .
  14. الخلاف : 3 / 342 مسألة 3 .
  15. الغنية : 269 .
  16. الخلاف : 3 / 350 مسألة 14 .
  17. الخلاف : 3 / 350 مسألة 16 .
  18. الخلاف : 3 / 354 مسألة 23 .
  19. الخلاف : 3 / 353 مسألة 21 .
  20. الخلاف : 3 / 351 مسألة 17 .
  21. الخلاف : 3 / 344 مسألة 6 .
  22. الخلاف : 3 / 344 مسألة 7 .