الفقه الزيدي

من ویکي‌وحدت

الفقه الزيدي: العلم المتضمّن للمسائل الفقهية لأحد المذاهب الإسلامية المعروفة (الزيدية)، والزيديّون هم أتباع مذهب الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الذي قاد ثورة من أعنف الثورات المسلّحة ضدّ الدولة الأُموية أيّام هشام بن عبدالملك، واستشهد على أثرها سنة 122 ه‍ أو 121 ه‍ (على الاختلاف).

مخطوطة زيدية

مدخل

من أبسط معاني الفقه في اللغة هوَ الفهم، فيُقال: فَقِهَ فُلان، أي: فهم، وأفقه فُلاناً، أي: أفهمه، ويُقال: فقهَ الشيخُ المسألة، أي: عقِلَها وفهمها وعرف المُراد منها. وقد وصفَ الله سُبحانهُ وتعالى تسبيحَ كُلّ شيءٍ له وبأنّنا لا نفهُم هذا التسبيح بقولهِ: (ولكن لا تفقهونَ تسبيحهُم)، أي: لا نفهم هذا التسبيح.

ويقع المعنى الاصطلاحي للفقه على نوعين، أو يُفسّرُ اصطلاحاً على أمرين، وهُما: أن يُقصد بهِ معرفة الأحكام الشرعية المُتعلّقة بأعمال المُكلّفين وأقوالهم، والمُكتسبة من أدلّتها التفصيليّة.. وهذه الأدلّة التفصيليّة هيَ القرآن الکریم والسنّة النبوية الشريفة وما يتعلّق بهما من إجماع واجتهاد.. فهذهِ المعرفة للأحكام الفقهيّة تكون بالفهم الصحيح لمصادر التشريع الرئيسيّة، وهيَ: كلامُ الله تعالى الذي لا يأتيهِ الباطل من بينِ يديهِ ولا من خلفه، وأيضاً سُنّةُ النبيّ مُحمّد (عليهِ الصلاةُ والسلام)، وهيَ: كُلّ ما وردَ عنهُ (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم) من قولٍ أو فعلٍ أو تقرير أو صفة، وكذلك إجماع الأمّة بعُلمائها على حُكمٍ من الأحكام. أمّا المعنى الآخر للفقه فالمقصود بهِ: الأحكام الشرعيّة نفسها، أي: أنَّ أحكامَ الصلاة وأحكامَ الصيام والزكاة والحجّ والبيوع والمُعاملات بشتّى أنواعها هيَ فقه، فكُلّ هذهِ الأحكام وغيرها يُقصد بها أيضاً فقه، ففي الأمر الأوّل أنتَ تعرف الأحكام الشرعيّة وتفهمها، وهذا فقهٌ، والحُكم نفسهُ هوَ أيضاً فقه.

أمّا المذهب فهو: الطريقة والمعتقد الذي يذهب إليه صاحبه، ويبنى منه مراجع الدين. وهو مجموعة من الآراء والنظريات العلمية، ارتبط بعضها ببعض ارتباطاً يجعلها وحدة منسّقة لفكر أو مدرسة. ومنه: المذاهب الفقهية، والعقدية، والأدبية، والعلمية، والفلسفية.

أسس وقواعد الفقه الزيدي

الزيدية من الطوائف الشيعية من الناحية العقائدية، لكنَّهم اقتبسوا في فقههم وأصولهم من أهل السنة أيضاً، فقالوا بالقياس مثلاً. ومذهبهم الفقهي يشابه بعض الشيء مذهب أبي حنيفة.

وتتلخّص أفكارهم فيما يلي: باب الاجتهاد عندهم مفتوح على مصراعيه، ومن عجز عنه قلّد، وتقليد أهل البيت (عليهم السلام) أولىٰ من تقليد غيرهم.

وقد اعتمد الفقه الزيدي على الأسس والمعطيات التالية كمصادر للاستنباط:

1 ـ القرآن.

2 ـ السنّة.

وفي مجال السنَّة يأخذون بالأخبار الواردة عن طرق أهل السنَّة و الشيعة، وهم لم يتقيَّدوا بأحد الطريقين، فيأخذون بالكتب الأربعة للشيعة، كما يأخذون بـ الصحاح الستّة الواردة عن طرق أهل السنّة.

3 ـ الإجماع.

ويذهبون كذلك إلى حجيَّة إجماع أهل البيت (عليهم السلام).

4 ـ القياس.

وقد اعتبر الإمام القاسم بن محمّد أنَّ الردَّ إلى الكتاب والسنّة الذي وردت فيه نصوص شرعية هو حقيقة القياس فيما لا نصَّ فيه. كما أنَّهم يدرجون المصالح المرسلة ضمن القياس، ويسمّونها قياساً.

5 ـ العقل.

وقد ورد عن أحمد بن يحيى: أنَّ المجتهد إذا لم يجد في الشرع طريقاً للتحليل والتحريم- أي: لا حكم في الموضوع ذي الصلة- رجع إلى ما يقضي به العقل.

6 ـ الاجتهاد.

ويذهبون إلى التصويب في الاجتهاد، وقد ورد عن أحمد بن يحيى قوله: «وكلّ مجتهد مصيب في الأصحّ». وورد أيضاً: «اعلم أنَّ لا هلاك في المسائل الاجتهادية قطعاً؛ إذ المخالف فيها مصيب».

وانفتاح باب الاجتهاد لديهم يكون بدرجة كبيرة، بحيث إنَّهم يأخذون من أهل السنَّة والشيعة في مجال أصول الفقه، ولا يتقيَّدون بمذهب خاصّ، برغم أنَّهم من الشيعة، ولأجل ذلك يرى الشيخ محمّد أبو زهرة هذا المذهب الأكثر نماءً وقدرة على مسايرة العصر.

وحدَّد أحمد بن يحيى ابن المرتضى أصول المذهب الزيدي بالنحو الآتي:

1 ـ الكتاب.

2 ـ السنّة.

3 ـ الإجماع.

4 ـ القياس.

5 ـ الاجتهاد.

وعدَّ أبو زهرة أصول المذهب الزيدي بالنحو التالي:

1 ـ القرآن.

2 ـ السنّة.

3 ـ الإجماع.

4 ـ القياس.

5 ـ الاستحسان.

6 ـ المصالح المرسلة.

7 ـ الاستصحاب.

8 ـ العقل.

9 ـ الاجتهاد.

وعدَّها بعض آخر بالنحو الآتي:

1 ـ كتاب اللّه‏.

2 ـ السنَّة.

3 ـ الإجماع.

4 ـ القياس، ومنه المصالح المرسلة.

5 ـ الاستصحاب.

6 ـ الاستحسان.

7 ـ شرع من قبلنا.

8 ـ العقل.

لكن أحمد بن يحيى ابن المرتضى صرّح بعدم حجّية الاستصحاب.

مسجد للزيدية

أشهر علماء الفقه الزيدي

من أشهر فقهاء المذهب الزيدي: محمّد بن إسماعيل الصنعاني اليمني المتوفّىٰ سنة 1182 ه‍ صاحب كتاب «سبل السلام شرح بلوغ المرام»، ومحمّد بن علي بن محمّد الشوكاني المتوفّىٰ سنة 1250 ه‍ صاحب كتاب «نيل الأوطار شرح منتقىٰ الأخبار من أحاديث سيّد الأخيار».. وهذان الفقيهان كانا متجاوزين للفروق المذهبية، وبات مؤلّفاهما مرجعاً لأهل العلم في الفقه المقارن.

واشتهر منهم أيضاً: القاسم بن محمّد بن علي اليمني المتوفّىٰ سنة 1029 ه‍ صاحب كتاب «الاعتصام بحبل اللّٰه المتين»، وأحمد بن يحيىٰ ابن المرتضىٰ المتوفّىٰ سنة 840 ه‍ صاحب كتاب «البحر الزخّار الجامع لمذاهب علماء الأمصار»، والحسين بن أحمد السياغي الصنعاني المتوفّىٰ سنة 1221 ه‍ صاحب كتاب «الروض النضير شرح مجمع الفقه الكبير».

أشهر الكتب الفقهية عند الزيدية

من أشهر كتب المذهب في علم الفقه: سبل السلام شرح بلوغ المرام، ونيل الأوطار شرح منتقىٰ الأخبار من أحاديث سيّد الأخيار، والاعتصام بحبل اللّٰه المتين، والبحر الزخّار الجامع لمذاهب علماء الأمصار، والروض النضير شرح مجمع الفقه الكبير.

المصدر

المقال مقتبس مع تعديلات من المواقع الألكترونية التالية:

www.zaidiah.com/www.ijtihadnet.net/www.aljazeera.net