العدد

من ویکي‌وحدت

العدد: ليس للعدد معنى اصطلاحي عند الاُصوليين، فهو مستعمل عندهم في نفس معناه اللغوي، وهو موضوع في بعض المسائل الاُصولية كمسألة مفهوم العدد، ومسألة كثرة عدد الرواة لترجيح خبر المعارض، وغيرهما من المسائل التي سنقدمها للقارئ الکريم.

تعريف العدد لغةً

العدد لغةً: اسم بمعنى المعدود، أي: مقدار ما يعدّ وهو آحاد مركبة. وقيل: تركيب الآحاد وهما واحد، وأمّا العدُّ فهو فعل بمعنى الإحصاء[١].

تعريف العدد اصطلاحاً

ليس للعدد معنى اصطلاحي عند الاُصوليين، فهو مستعمل عندهم في نفس معناه اللغوي، كما هو الظاهر من عباراتهم.

أحکام العدد

وقع العدد موضوعاً ـ بما هو مضاف أو مضاف إليه ـ في بعض المسائل الاُصولية كمسألة مفهوم العدد، ومسألة الترجيح للخبر الأكثر رواية، وغيرهما من المسائل التي سنستعرضها بالشكل التالي:

1 ـ مفهوم العدد

مفهوم العدد: هو مصطلح اُصولي معناه دلالة اللفظ أو النصّ الذي قيّد فيه الحکم بعدد معيّن على انتفائه عمّا عداه. ومثلوا له بقوله تعالى: «فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِـينَ جَلْدَةً»[٢]. فإنّه يدلّ بمفهومه على أنّه لا يجوز الزيادة على عدد الثمانين ولا النقص عنه[٣].
وحجية مفهوم العدد محلّ خلاف بين الاُصوليين:
فالمعروف، بل المشهور بين اُصوليي الإمامية عدم دلالة الجملة العددية على المفهوم. وممّن ذهب إلى هذا الرأي السيد المرتضى[٤]، و العلامة الحلي[٥]، وتقي الدين الرازي[٦]، والمظفر[٧]. وفي المقابل يبدو أنّ أكثر اُصوليي أهل السنة يقولون بمفهوم العدد، أمثال: الزركشي[٨]، والشنقيطي[٩]، والمرداوي[١٠].

2 ـ التعارض والترجيح

يكون الترجيح باُمور ذكروا منها مسألة كثرة عدد الرواة في أحد الخبرين المتعارض، حيث اعتبروه مرجحاً له، وهو من قبيل:
النظر في حال رواتهما فما كان راويه عدلاً وجب العمل به وترك العمل بما لم يروه العدل، فإن كان رواتهما جميعا عدلين ، نُظر في أكثرهما رواة عمل به وترك العمل بقليل الرواة. فإن كان رواتهما متساويين في العدد والعدالة، عمل بأبعدهما من قول العامّة ويترك العمل بما يوافقهم[١١]، وفى المقابل هناك ثمة رأي آخر لا يرى أنّ العدد من المرجحات[١٢].

3 ـ العمل بالخبر الواحد

اشترط بعض الاُصوليين في العمل بـ خبر الواحد أن يكون رواته أكثر من واحد[١٣]، فيما أطلق بعضهم به من غير اشتراط العدد[١٤].

4 ـ العمل بالخبر المتواتر

والكلام فيه يقع في اُمور:

الأمر الأوّل: شروط التواتر

إنّ من أهمّ تلك الشروط أنّه لا بدَّ أن يكون رواته عدداً كثيراً، بحيث يمنع تواطؤهم على الكذب[١٥].

الأمر الثاني: العدد الذي يحصل به التواتر

كما اختلف الاُصوليون وكبار رجال الحديث في أقلّ عدد التواتر.
فمنهم من قال: أقلّه الخمسة[١٦]، ومنهم من قال: أقلّه اثنا عشر ، ومنهم من قال: يحصل بالعشرين، وآخر قال: يحصل بالأربعين، وما إلى ذلك[١٧]، وقال آخرون: ثلاثمئة وثلاثة عشر عدد أهل بدر[١٨].
والمشهور بين الاُصوليين: إنّه لا يشترط فيه عدد محدد فالمعيار إذا، هو ما حصّل العلم، وهو يختلف باختلاف الظروف والموارد، فربّ عدد يوجب القطع في مورد دون آخر[١٩].

5 ـ تركيب العلّة في موضوع القياس

ممّا نوقش في موضوع العلّة هو عدد الأجزاء التي تتركّب منها العلّة المركبة.
لا شكّ في أنّ بعض العلل مركّبة من جزءين أو أكثر، أي غير بسيطة، وهي مثل عدم وجوب القصاص في قتل الأب ولده، فعلّة ذلك الحکم هو القتل والاُبوّة، أي: أمران[٢٠]. لكن اشترط البعض أن تكون العلّة ذات وصف واحد لا تركيب فيه، كتعليل الخمر بالإسكار[٢١].
واشترط بعض آخر في المركبة ألاّ تتجاوز الخمسة أو السبعة أجزاء، واستدلّ عليه باعتبارات عقلية[٢٢].

6 ـ أقلّ الجمع

لا خلاف بين علماء المنطق في أنّ (أقلّ الجمع) اثنان، وهل هو منقول في عرفهم أو أنّه مشهور؟ وجهان.
والمعروف بين أهل العلم هو الأوّل[٢٣]. واختلف علماء المسلمين من اُصوليين وفقهاء ومتكلّمين ونحويين في مصداق (أقلّ الجمع)، على عدّة أقوال، تصل إلى ثمانية أقوال، هي:
الأوّل: أقلّ الجمع ثلاثة، ويطلق على الواحد والاثنين مجازاً، وهو المشهور والمعروف عند الإمامية وأكثر علماء الجمهور[٢٤].
الثاني: أقلّ الجمع اثنان ؛ اختاره بعض الفقهاء والاُصوليين كالقاضي أبي جعفر السمناني ـ على ما نسب إليه تلميذه أبو الوليد الباجي[٢٥] ـ والقاضي أبي بكر الباقلاني[٢٦].
الثالث: أقلّ الجمع واحد، اختاره أبو حامد الإسفراييني؛ كما نقله عنه الزركشي[٢٧]، ونسبه الآمدي[٢٨] إلى الجويني[٢٩].
الرابع: أقلّ الجمع ثلاثة حقيقة، ويطلق على الاثنين مجازاً [٣٠].
الخامس: أقلّ الجمع ثلاثة حقيقة، ولا يطلق على الاثنين لا حقيقة ولا مجازاً [٣١].
السادس: التفصيل بين (جمع الكثرة)، فيكون أقلّ الجمع فيه أحد عشر، وبين (جمع القلّة)، فيكون أقلّ الجمع فيه ثلاثة[٣٢].
السابع: التفصيل بين جمع الأزواج، فيكون أقلّ الجمع فيه (اثنان) وبين جمع الأفراد ، فيكون أقلّ الجمع فيه ( ثلاثة ) . وهو اختيار محي الدين بن عربي [٣٣].
الثامن: التوقّف، وهو للآمدي نسبه إليه ابن عبادة العجلي[٣٤]، والأسنوي[٣٥].

7 ـ الجرح والعديل

يذهب جل الاُصوليين ـ إن لم نقل كلّهم ـ إلى أنّه يشترط العدد في المزكي والجارح في الشهادة دون الرواية؛ لأنّ شرط الشيء لا يزيد على أصله، كما في الإحصان، فإنّه يثبت بشاهدين ، والزنا بأربع [٣٦].
بينما يرى آخرون أنّ العدد معتبر في المزكّي والجارح في الرواية والشهادة على حد سواء؛ لأنّ الجرح والتعديل شهادة فيعتبر العدد فيهما كالشهادة على الحقوق[٣٧].
وهناك رأي ثالث لا يرى العدد شرطاً في تزكية الشاهد ولا في الراوي[٣٨].

الهوامش

  1. . المصباح المنير 1: 395، مادّة: «عد»، لسان العرب 3: 2525، مادّة: «عد»، مفردات ألفاظ القرآن: 362، مادّة: «عد».
  2. . النور: 4.
  3. . الوافية الفاضل التوني: 231، مفاتيح الاُصول الطباطبائي: 216، اُصول الفقه المظفر 1 ـ 2: 181، البحر المحيط 4: 41، اُصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله: 380.
  4. . الذريعة المرتضي 1: 407.
  5. . معارج الاُصول: 69.
  6. . هداية المسترشدين 2: 585.
  7. . اُصول الفقه المظفر 1 ـ 2: 181.
  8. . المهذب في علم اُصول الفقه المقارن 4: 1786.
  9. . مذكرة اُصول الفقه: 240.
  10. . إرشاد الفحول 2: 64.
  11. . العدّة الطوسي 1: 147. معالم الدين (الشهيد الثاني): 250، زبدة الاُصول (البهائي): 170، اللمع: 174، المحصول 2: 453، الأحكام الآمدي 3 ـ 4: 463.
  12. . الفوائد المدنية الإسترآبادي: 525 ـ 526، الاُصول الأصلية (الفيض الكاشاني): 100، الفصول في الاُصول (الجصاص) 3: 172 ـ 173، اُصول السرخسي 2: 24.
  13. . اُنظر : البرهان في اُصول الفقه 1 : 231 ، الإبهاج في شرح المنهاج 2 : 300.
  14. . البرهان في اُصول الفقه 1: 231 ـ 232، اُصول السرخسي 1: 333، قواطع الأدلّة 1: 399، المحصول 2: 193 ـ 218، اللمع: 157.
  15. . الاُصول المحكمة: 426، العدّة في اُصول الفقه 2: 68، المسودة: 210، بحوث في علم الاُصول الهاشمي 4: 327.
  16. . نسبه الجويني في البرهان 1: 217 إلى القاضي.
  17. . اُنظر: معارج الاُصول: 139، مفاتيح الاُصول الطباطبائي: 437، المعجم الاُصولي2: 88 ـ 89، المستصفي 1: 162، المحصول 2: 132، الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 268
  18. . نسبه الجويني في البرهان، ج 1: ص 217 إلى البعض.
  19. . البحر المحيط، 4: 232.
  20. . نهاية السؤل 4: 256.
  21. . الإحكام الآمدي 3 ـ 4: 189 ـ 190.
  22. . اللمع: 221، نهاية السول 4: 288، الواضح في اُصول الفقه 3: 42.
  23. . الفصول الغروية: 178.
  24. . الذريعة المرتضى 1: 229، العدّة (الطوسي) 1: 299، اُصول البزي 2 : 49 ، الواضح في اُصول الفقه 4 ق 1 : 446 ، معارج الاُصول : 88 ، معالم الدين (الشهيد الثاني) : 107 ، زبدة الاُصول (البهائي) : 127 ، هداية الأبرار : 281 ، القوانين المحكمة : 108 ، ارشاد الفحول 1: 419، الفصول الغروية: 177، نهاية الأفكار 1 ـ 2 : 508 ، اُصول الفقه ( المظفر ) 1 ـ 2 : 193 ، إتحاف ذوي العقول 3 : 1800.
  25. . اُنظر: أحكام الفصول: 249، وقد صححه فقال: فقال وهو الصحيح عندي.
  26. . التقريب والإرشاد 3: 324.
  27. . البحر المحيط 3: 139.
  28. . الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 435.
  29. . البرهان في اُصول الفقه 1: 125 ـ 126.
  30. . اُنظر: تلقيح الفهوم: 403 ـ 414، فواتح الرحموت 1: 270، اتحاف ذوي البصائر 3: 1800.
  31. . اُنظر: بيان المختصر 2: 127، شرح مختصر المنتهي 2: 603، هداية الأبرار: 281، فواتح الرحموت 1: 270، اتحاف ذوي البصائر 3 : 1800.
  32. . اُنظر: شرح الرضي على الكافية 3: 397، الفصول الغروية: 178، البرهان في اُصول الفقه 1: 114.
  33. . اُنظر: الفتوحات المكّية 2: 215. ونقله عنه الزركشي في البحر المحيط 3: 141.
  34. . الكاشف عن المحصول 4: 349.
  35. . نهاية السول الأسنوي 2: 391.
  36. . نهاية الوصول إلي علم الاُصول 3: 431، تهذيب الوصول إلى علم الاُصول: 234، مفاتيح الاُصول الطباطبائي: 406، المستصفي 1: 191، المحصول 2: 200، الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 316.
  37. . نسبه الرازي في المحصول 2: 200 إلي بعض المحدثين، واُنظر: تشنيف المسامع 1: 175.
  38. . نسبه الغزالي في المستصفى 1: 191 إلى القاضي ونسبة، وأنظر: كشف الأسرار 3: 208 ـ 210.