أبوبكر ابن أبي قحافة
أبو بكر بن أبي قحافة (توفي: 13 هـ، المدينة)، كان من المسلمين الأوائل والمهاجرين، صحابي مشهور، والد عائشة (زوجة النبي) والخليفة الأول حسب رأی أهل السنة. وقد هاجر مع النبي من مكة إلى المدينة المنورة. بعد وفاة النبي، تم تعيينه خليفة من قبل مجموعة اجتمعت في سقيفة بني ساعدة. كان اختياره للخلافة سبباً في تقسيم أتباع دين الإسلام إلى مجموعتين الشيعة والسنة. تولى الحكم لمدة عامين وثلاثة أشهر.
تعريف أبو بكر
وُلِد أبو بكر، وفقًا لبعض الروايات[١] وأدلة مثل مدة عمره وتاريخ وفاته، بعد عامين و کم أشهر من عام الفيل في مكة. كان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة، وبعد الإسلام، سماه النبي (صلى الله عليه) عبد الله[٢]. كان والده أبو قحافة عثمان (توفي 14 هـ) ووالدته أم الخير سلمى، بنت صخر بن عمرو بن كعب، وكلاهما من قبيلة تيم، ويرتبطان بالنبي (صلى الله عليه) عبر مَرَّة، جدهم الخامس[٣]. في بعض الروايات أهل السنة، ذُكِر اسمه عتيق؛[٤] لكن يبدو أن عتيق هو لقبه. كنيته أبو بكر. ومع ذلك، هناك خلاف حول ما إذا كان لديه ابن يسمى بكر. في أي من المصادر التي ذكرت أبناء أبو بكر، لم يُذكر اسم بكر.[٥] وفيما يتعلق بهذه التسمية، ذكر بعض المؤرخين مثل البلاذري والطبري وجوهًا أخرى[٦].
الزوجات والأبناء
كانت قُتيلة بنت عبد العزي، وأم رومان بنت عامر بن عويمر[٧]، وأسماء بنت عميس الخثعمي، وحبيبة بنت خارجة بن زيد الخزرجية[٨] زوجات أبو بكر[٩].
أبو بكر قبل الإسلام
توجد معلومات عن حياة أبو بكر وأحواله قبل الإسلام في بعض المصادر التاريخية، منها:
كان من كبار وعقلاء قريش ويعتبر خبيرًا في الأنساب[١٠].
أيضًا، ذكر ابن عبد ربه قصة حول معرفته بالأنساب[١١].
كان أبو بكر معروفًا بلطفه وحسن خلقه، وكان قريش تحبه وتستشيره في التجارة وغيرها من الأمور.
وفقًا لبعض الروايات، كان مسؤولاً عن أمور الأشنق، أي الديات، حيث كان يتعين عليه حل الدعاوى المتعلقة بالدم بين قبائل قريش وغيرها من القبائل بالصلح أو دفع الدية.
كان يحدد ديات القتلى، وكانت قريش تدفعها وفقًا لرأيه[١٢].
منذ شبابه، كان يعمل في التجارة (البيع والشراء)[١٣] وكان رجلًا غنيًا لديه 40,000 درهم مدخرة[١٤].
كتب بعض الباحثين من أهل السنة أن أبو بكر كان منذ شبابه من الأصدقاء المقربين للنبي، وقد رافق النبي في إحدى رحلاته إلى الشام[١٥].
أبو بكر في زمن النبي الأكرم
فيما يتعلق بوقت إسلامه، هناك اختلاف بين روايات أهل السنة. نظرًا لكون الإمام علي (عليه السلام) هو أول رجل مسلم بشكل مؤكد، حاولت بعض المصادر أن تظهر أبو بكر كأول رجل بالغ مسلم، لأن الإمام علي (عليه السلام) كان في ذلك الوقت أكثر من عشر سنوات. ولكن في رواية محمد بن سعد عن والده، يُذكر أن أكثر من خمسين شخصًا أسلموا قبل أبو بكر[١٦].
أبرز حادثة في حياة أبو بكر هي مرافقته للنبي في الهجرة إلى المدينة واختبائهما في غار ثور. عندما علم النبي من خلال الوحي بمؤامرة قتله، قرر الهجرة إلى المدينة، وفي بداية الطريق التقى بأبو بكر وخرجا معًا من مكة. في أثناء مطاردة المكيين، كان أبو بكر خائفًا، لكن النبي هدّأ من روعه. يعتبر أهل السنة مرافقة أبو بكر للنبي في الهجرة إلى المدينة، خاصة إقامتهما في غار ثور، أمرًا ذا أهمية كبيرة.
لكن المفسرين الشيعة، بالنظر إلى الآية «لا تحزن»[١٧] (التي تشير إلى وصية النبي لأبو بكر بعدم الخوف من شيء)، يرون أن هذه المرافقة كانت صدفة، وبالنظر إلى خوفه وقلقه، لا تعتبر فضيلة له. كان لديه عقد أخوة مع عمر بن الخطاب، وبعد ذلك تولى مع عمر وأبو عبيدة الجراح الخلافة.[١٨].
أهم الإجراءات
من بين أهم إجراءات أبو بكر:
- الهجوم على المدن التي تحت سيطرة الساسانيين (العراق وروم الشرقية (الشام)
- التوصية بعدم نقل الحديث
- جمع القرآن بشكل أولي
- عيّن أبو بكر عمر كخليفة له قبل وفاته.
بيعة أبو بكر للخلافة
بعد وفاة النبي (صلى الله عليه) مباشرة، بينما كانت أهل البيت وبعض الصحابة مشغولين بتجهيز جنازة النبي، اجتمع عدد آخر من المسلمين - من كلا المجموعتين الأنصار والمهاجرين - في مكان يسمى سقيفة بني ساعدة وناقشوا حول تعيين خليفة للنبي، وفي النهاية تم اختيار أبو بكر كخليفة.
عندما رأى عدد آخر من المسلمين، بما في ذلك أهل البيت، برئاسة علي بن أبي طالب (عليه السلام)، تجاهل واقعة غدير وتعيين الخلافة الإلهية للإمام علي (عليه السلام) - الذي ذُكِر بالتفصيل في المصادر الشيعية - من قبل بعض الصحابة، انفصلوا عن الأغلبية وبدأوا في تأسيس الشيعة (التي تعني اتباع علي بن أبي طالب). وكان من بين هؤلاء الصحابة مثل عباس، فضل بن عباس، الزبير، خالد بن سعيد، مقداد، سلمان الفارسي، أبو ذر، عمار ياسر، براء بن عازب، وغيرهم، تجمعوا في بيت فاطمة الزهراء (سلام الله عليها). ومع ذلك، لم يوقف اعتراضهم الخليفة وأنصاره عن تصرفاتهم.
إجراءات أبو بكر في فترة الخلافة
مصادرة فدك
بعد وفاة النبي، صادر أبو بكر ملك فدك، الذي كان هدية وهبة رسول الله لابنته فاطمة الزهراء، والذي أعطاه لها في حياته. ذهبت فاطمة للدفاع عن حقها إلى المسجد، واحتجت بشدة على تصرف أبو بكر في خطبة طويلة أمام المهاجرين والأنصار.
يصف اليعقوبي هذا الحدث باختصار كما يلي:
«جاءت فاطمة بنت رسول الله إلى أبو بكر وطلبت ميراثها من والدها. فقال لها: قال رسول الله: إنا معشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا صدقة، نحن جماعة الأنبياء لا نعطي ميراثًا، ما نتركه صدقة.
فقالت: أفي الله أن ترث أباك ولا أرث أبي، أما قال رسول الله: الرجل يحفظ في ولده؟» [١٩]
الحملات المتكررة إلى الشام
بعد توليه الخلافة، جهز أبو بكر جيش أسامة - الذي كان قد امتنع عن مرافقة هذا الجيش قبل وفاة النبي (صلى الله عليه) - وأرسلهم إلى حدود الروم، بينما أُعفي عمر من الذهاب مع هذا الجيش[٢٠]. ذهب أسامة مع هذا الجيش إلى الشام، وبعد أن حصلوا على غنائم، عادوا إلى المدينة.
كما أرسل أبو بكر جيشًا آخر بقيادة أبو عبيدة الجراح إلى الشام، وبعد ذلك كانت هناك قوات عسكرية متتالية تُرسل من المدينة لمساعدته. كان جيش الإسلام في اليرموك على وشك النصر عندما وردت أخبار وفاة أبو بكر في الشام (جمادى الثانية 13 هـ، عن 63 عامًا)[٢١].
التعامل مع المرتدين والممتنعين عن الزكاة
واحدة من القضايا التي واجهها أبو بكر كانت تمرد بعض القبائل التي رفضت دفع الزكاة لخليفة النبي بعد وفاته (صلى الله عليه). بعض هذه التمردات، التي تُعرف في التاريخ الإسلامي بـحروب الردة، بدأت في بعض المناطق من الجزيرة العربية.
بعض هذه التمردات بدأت في الأيام الأخيرة من حياة النبي (صلى الله عليه) ولكنها أصبحت أكثر وضوحًا خلال خلافة أبو بكر. على أي حال، تم إرسال قوات متتالية لقمع المتمردين، واستقر الحكم المركزي تحت خلافة أبو بكر[٢٢].
سياسة منع كتابة ونقل الحديث
خلال خلافة أبو بكر، تم منع كتابة أحاديث النبي الأكرم تمامًا، وإذا تم اكتشاف حديث مكتوب في مكان ما أو تم أخذه من شخص ما، كان يتم حرقه. استمر حكم منع نقل وكتابة الحديث طوال فترة الخلفاء الراشدين حتى خلافة عمر بن عبد العزيز الخليفة الأموي (99-102)[٢٣].
وفاة أبو بكر
توفي أبو بكر بسبب المرض في السابع من جمادي الآخر عام 13 هـ، بعد عامين وثلاثة أشهر و26 يومًا من الخلافة، عن عمر يناهز 63 عامًا[٢٤]. وعند وفاته، ترك وراءه بستانًا من غنائم بني النضير وأراضٍ في البحرين، غابة وخيبر. وعند وفاته، على الرغم من معارضة بعض الصحابة، اختار عمر بن الخطاب كخليفة له[٢٥]. اعتبر أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أن هذا الاختيار كان نتيجة جهود عمر في تعزيز سلطة أبو بكر، وكان شيئًا متوقعًا، وأبدى دهشته من أن عمر، رغم عدم اعتباره جديرًا بالخلافة وطلبه لعزله، اختار خليفة له[٢٦]. قام عمر بالصلاة عليه ليلاً بين منبر النبي وقبره (صلى الله عليه وآله) ودفنه بجوار قبر النبي (صلى الله عليه وآله) وفقًا لوصيته[٢٧].
الهوامش
- ↑ ابن الأثير الجزري، أسد الغابة، 1286 هـ، ج 3، ص 223
- ↑ ابن قتيبة، المعارف، 1960 م، ص 167.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، 1968 م، ج 3، ص 169؛ ابن قتيبة، المعارف، 1960 م، ص 167-168.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، 1968 م، ج 3، ص 170؛ ابن الأثير الجزري، أسد الغابة، 1286 هـ، ج 3، ص 205
- ↑ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1387 هـ، ج 3، ص 246؛ ابن كثير، البداية والنهاية، 1407 هـ، ج 6، ص 313
- ↑ (انظر: البلاذري، أنساب الأشراف، 1959 م، ج 1، ص 589؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1387 هـ، ج 3، ص 253-255؛ المفيد، الإرشاد، مكتبة بصیرتی، ص 102)
- ↑ أنساب الأشراف، ج 10، ص 101
- ↑ الطبقات، ج 3، ص 126
- ↑ عبد الله، وعبد الرحمن، ومحمد، أبناءه وأسماء، وعائشة، وأم كلثوم بناته. تزوجت عائشة من النبي (صلى الله عليه) وأسماء، تزوجت من الزبير بن العوام وأم عبدالله بن الزبير. وتربى محمد ابن أبو بكر بعد وفاة والده وزواج والدته، أسماء بنت عمیس، من أمير المؤمنين (عليه السلام) تحت إشرافه وأصبح من أصحابه المقربين، وقتله عمرو بن العاص في مصر. (أنساب الأشراف، ج 3، ص 167؛ الأمالي، ص 79) كان قاسم ابن محمد بن أبي بكر من الفقهاء السبعة في المدينة وأبًا لأم فروة، زوجة الإمام الباقر (عليه السلام) (التنبيه والأشراف، ص 249؛ أنساب الأشراف، ج 10، ص 111). استمر نسل أبو بكر بشكل أكبر من طلحة، حفيد عبد الرحمن بن أبي بكر، باسم طلحیون. (التنبيه والأشراف، ص 249)
- ↑ الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 317
- ↑ ابن عبد ربه، أحمد بن محمد، ج 3، ص 326-327، العقد الفريد، بتحقيق أحمد أمين وآخرين، بيروت، 1402 هـ/1982 م
- ↑ ابن الأثير، علي بن محمد، ج 3، ص 206، أسد الغابة، القاهرة، 1286 هـ
- ↑ ابن رسته، أحمد بن عمر، ج 7، ص 215، الأعلاق النفيسة، ليدن، 1891 م
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3، ص 172، بيروت، دار صادر
- ↑ السيوطي، الخصائص الكبرى، ج 1، ص 84، بيروت، 1405 هـ/1985 م
- ↑ تاريخ الطبري، ج 2، ص 316
- ↑ آية 40 من سورة التوبة
- ↑ من ظهور الإسلام حتى إيران الإسلامية، رسول جعفريان، ص 132
- ↑ ترجمة تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 1
- ↑ ترجمة تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 2
- ↑ موسوعة الدائرة الكبيرة، أبو القاسم القرجي، طهران: مركز الموسوعة الكبيرة، 1367، ج 8
- ↑ موسوعة الدائرة الكبيرة، أبو القاسم القرجي، طهران: مركز الموسوعة الكبيرة، 1367، ج 8
- ↑ الشيعة في الإسلام، العلامة طباطبائي رحمه الله
- ↑ الطبقات، ج 3، ص 150-151
- ↑ الطبقات، ج 3، ص 149؛ أنساب الأشراف، ج 10، ص 88؛ تاريخ الإسلام، ج 3، ص 116
- ↑ معاني الأخبار، ص 361؛ نهج البلاغة، ج 1، ص 32-33؛ الفصول المختارة، ص 247
- ↑ الطبقات، ج 3، ص 150-157