انتقل إلى المحتوى

الحديث

من ویکي‌وحدت

الحديث أو الرواية هو الكلام الذي يدل على قول أو فعل أو تقرير المعصوم (عليه السلام)، ويُطلق عليه أيضًا الخبر والسنة والرواية.

الحديث في اللغة

في أقدم المعاجم اللغوية، عُرف الحديث بأنه كل ما هو جديد وحديث؛ مثل قولهم «شاب حدث» و«شابة حدثة» للدلالة على الصبي أو الفتاة الصغيرة. [١]

يقول أحمد بن فارس: (ح-د-ث) جذر يدل على ظهور شيء كان غير ظاهر، أي أنه كان غير موجود ثم ظهر. والحديث من هذا الباب؛ لأنه كلام يظهر شيئًا فشيئًا. [٢]

يذكر ابن منظور أن الحديث هو ما ينطق به المتكلم، وقد فُسر بهذا المعنى قول الله تعالى: «وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا» [٣] أي الكلام المطلق. [٤] [٥]

يرى الطريحي أن الحديث مرادف للكلام، ويقول إن الكلام يسمى حديثًا لأنه يظهر تدريجيًا. [٦] وكتب آية الله المامقاني في شرح ذلك أنه بمعنى ظهور شيء لم يكن، فالحديث ضد القديم. وربما يكون المقصود من قوله «إياكم ومحدثات الأمور» هو هذا المعنى، أي ما لم يكن معروفًا في الكتاب والسنة وإجماع العلماء. [٧] [٨] [٩] [١٠]

يقول الفيومي إن الحديث يُطلق على الأقوال والتقارير. [١١]

يقول الفراء: المفرد من أحاديث هو «أحداثه» لكن جمع الحديث استُعمل على خلاف القاعدة. وصاحب الكشاف اعتبره اسم جمع. وأبو حيان في تفسيره «البحر» اعتبره جمع حديث على خلاف القياس، مثل أباطيل جمع باطل. [١٢]

وهذا يتفق مع ما ذكره بعض العلماء أن العرب في الجاهلية كانوا يسمون أيامهم المشهورة «الأحاديث» لأن في تلك الأيام كانت تحدث حوادث كثيرة وتُروى وتُنقل. [١٣] [١٤]

وقد استنتج بعض الباحثين المعاصرين بعد استعراض آراء اللغويين أن المعنى الأصلي للكلمة هو ظهور شيء لم يكن، وهذا الظهور يشمل الجواهر والأعراض، والأقوال والأفعال... فالحديث هو كل ما يظهر ويُذكر وينقل، ومن هنا يُعطى الحديث معنى التجدد والظهور والتقرير. [١٥]

لذلك، الحديث الذي كان يُطلق في أصله على الجديد من الأشياء وظهور أمر بعد عدمه، استُخدم لاحقًا للدلالة على الكلام المطلق.

الحديث في الاصطلاح

عرف العلماء والمحدثون الحديث بطرق مختلفة. يقول الشهيد الثاني (رضوان الله عليه) بعد أن ذكر أن الخبر والحديث مترادفان:

المقصود بالخبر هو الحديث، سواء كان قول النبي (صلى الله عليه وآله) أو الإمام (عليه السلام) أو قول الصحابي أو التابع أو العلماء والصالحين وأقرانهم، وكذلك الفعل والتقرير. وهذا المعنى هو الأكثر شيوعًا ويتوافق مع المعنى اللغوي العام. [١٦]

هذا التعريف مستند إلى المعنى اللغوي. وقد عرفه علماء العامة أيضًا بهذا الشكل، واعتبروا الخبر مرادفًا للحديث. وذكر السيوطي أن العلماء والمحدثين عرفوا الحديث بأنه قول وفعل وتقرير النبي (صلى الله عليه وآله) والصحابة والتابعين، وأن الخبر هو حديث مرفوع وموقوف ومقطوع. (المرفوع: المنسوب للنبي، الموقوف: المنقول عن الصحابي، المقطوع: المنقول عن التابع). [١٧]

لكن بين علماء العامة تعريفات أخرى وفرقوا بين الخبر والحديث. يقول السيوطي:

... وقيل إن الحديث يطلق على ما نقل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقط، والخبر على ما نقل عن غيره، ولذلك يُقال لمن يشتغل بالسنة «محدث»، وللرواة والكتاب «أخباري»... [١٨] [١٩]

يرى بعض الباحثين من أهل السنة أن الحديث في البداية كان يطلق فقط على قول النبي (صلى الله عليه وآله)، وبعد وفاته توسع معناه ليشمل كل ما نقل عنه من قول وفعل وتقرير. [٢٠]

يقول ابن حجر: في الاصطلاح الشرعي، الحديث هو ما يُنسب إلى النبي، وهو مقابل القرآن الذي هو قديم. [٢١]

عرفه الشيخ البهائي (رضوان الله عليه) في رسالته «الوجيزة» بأنه: الكلام الذي يروي قول أو فعل أو تقرير المعصوم (عليه السلام). [٢٢]

وقد انتقد البعض هذا التعريف لعدم شموليته، إذ لا يشمل الحديث المجازي، كما أنه يشمل أقوال فقهاء كثيرين في فتاواهم التي تنقل نصوص الحديث بدون سند.

قال الشيخ البهائي: الحديث هو كلام يحكي قول المعصوم أو فعله أو تقريره، وأما الفعل والتقرير فيطلق عليهما اسم السنة لا الحديث. وفي النهاية قال: قد يكون الحديث هو «كلام» المعصوم أو «حكاية» كلامه أو فعله أو تقريره. [٢٣]

كتب ميرزاي قمي (رضوان الله عليه) أن الحديث هو حكاية قول أو فعل أو تقرير المعصوم. [٢٤]

وكتب آية الله المامقاني بعد عرض آراء مختلفة أن بعض العلماء عرفوا الحديث اصطلاحًا بأنه تقرير قول أو فعل أو تقرير المعصوم. [٢٥]

هذا هو أشهر تعريف تناولته كتب الشيعة، وهو أوضح وأقوى تعريف.

سبب تسمية الحديث بالخبر

يبدو أن تسمية الخبر بالحديث جاءت لأنه مقابل القرآن، فكلاهما بيان لأحكام الله، والأحاديث من جهة حديثة بينما القرآن قديم، كما أن كثيرًا من أهل السنة يرون قدم القرآن، لذا سُمّيت أحكام النبي (الحديث) مقابل القرآن (القديم). [٢٦]

وقد ورد في القرآن إشارات إلى هذا المعنى، مثل قوله تعالى: «اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا» [٢٧] و«فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ» [٢٨] و«فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ» [٢٩] و«فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ» [٣٠]

اقترح بعضهم أن سبب التسمية لأن الحروف تأتي متعاقبة، فالحرف التالي يحدث بعد الحرف السابق، أو لأن الحديث يخلق معنى جديدًا في ذهن السامع، أما الخبر فمعناه المخبر به. [٣١]

وفي تاج العروس: الخبر هو ما يُنقل عن الآخر، والعرب أضافوا إليه احتمال الصدق والكذب، أما عند المحدثين فهو بمعنى الحديث. [٣٢]

يجب أن نعلم أن اللغويين عادة يذكرون استعمالات الكلمة، دون التركيز على أصل المعنى، فمثلاً ظاهر معنى الخبر هو الإخبار عن شيء، كما في المصباح المنير والمنجد، ولفظ «الخبير» من أسماء الله تعالى يعني العالم. في الآية «فكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا» [٣٣] فُسر بأنه العالم، ويقال «على الخبير سقطت» أي على العالم، وكذلك لفظ خبره بمعنى العالم. لذلك استعمال الخبر في كلام النبي (صلى الله عليه وآله) من حيث الإخبار بالمضمون، كما أن إطلاق الحديث من حيث حداثة المضمون بالنسبة للسامع، أو مقابل كلام الله القديم (حسب مذهب بعض أهل السنة).

علاقة السنة والحديث

السنة تعني قولًا أو فعلًا أو تقريرًا معصومًا (حسب قول أهل السنة وبعض العلماء في غير العاديات)، وهي مشتقة من السنن بمعنى الطريقة المحمودة.

في القرآن: «فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا» [٣٤] و«سُنَّةً مِمَّن أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُسُلِنَا» [٣٥]، وأحيانًا استُعملت في الأمور السيئة مثل «مَن سنَّ في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزر من عمل بها» [٣٦]

لذا السنة مقابل الكتاب، هي ما يتعلق بطريق المعصوم، مثل قوله: «من رغب عن سنتي فليس مني» [٣٧] وفي الفقه تعني غالبًا المستحب مقابل البدعة، مثل اصطلاح الطلاق السني والبدعي. وأحيانًا تعني المستحب مقابل الفرض، مثل القنوت في الصلاة. وعموماً السنة بمعناها الواسع هي فعل وقول وتقرير المعصوم مقابل الكتاب، وفي علم الحديث تطلق السنة غالبًا بهذا المعنى الواسع، ولهذا سميت بعض كتب أهل السنة «سنن» مثل سنن النسائي، سنن ابن ماجه، سنن البيهقي.

الرواية

الرواية تعني الحديث، وفي مجمع البحرين: الرواية خبر ينتهي إلى المعصوم بسلسلة نقل، وهي مشتقة من (رُوي) بمعنى الحمل. فالراوي هو حامل ناقل الحديث. [٣٨]

معاني أخرى لمادة (روي) مثل (ريان) بمعنى الشبع، و(يوم التروية) وهو الثامن من ذي الحجة نسبة إلى تجهيز الحجاج بالماء في عرفات. وكلام أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة الشقشقية «فطفقت أرتاي بنيان أصول بيد جذاء» يعني «فجعلت أفكر»، وهو من نفس الجذر. وكذلك (عين رية) و(سحاب روي) أي كثير الماء. [٣٩]

العلاقة بين الحديث والأثر

يقول الجوهري في الصحاح: «أثرت الحديث إذا ذكرته غيرك، ومنها قيل حديث مأثور أي ينقله الخلف عن السلف» [٤٠] وفي القاموس: الأثر هو نقل الحديث وروايته، وذكر ذلك أيضًا في المنجد ومجمع البحرين. وذكر الشيخ البهائي في الوجيزة أن الأثر مرادف للحديث، وبعضهم أوسع منه، وبعضهم خص الأثر بما نقل عن الصحابة. [٤١]

والأثر في الاصطلاح واللغة واحد، فهو ما يبقى من الشيء. وفي مجمع البحرين: قوله تعالى: «قالوا تالله لقد آثرك الله علينا» [٤٢] أي فضلناك على إخوانك. وكذلك: «أيتوني به كتاب من قبل هذا أو آثاره من علم» [٤٣] أي هل لكم من الكتب السابقة دليل أو أثر على عقيدتكم؟ وكذلك: «إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم» [٤٤] أي ما تركوه من أعمال.

وذكر أن الأثر هو ما يبقى بعد الشيء، وفي الحديث: «من سره أن يبسط الله في رزقه وينشأ في أثره فليصل رحمه» أي من أراد أن يوسع الله رزقه ويبقي اسمه فليصل رحمه.

لذلك الأثر عند الرواة هو بقايا الأقوال والأفعال المنقولة عن النبي والسلف الصالح، ولا يتعارض مع المعنى اللغوي.

المعنى اللغوي للحديث

الحديث في اللغة هو الشيء الجديد [٤٥]، ضد القديم [٤٦]، ويطلق أيضًا على الكلام والخبر سواء كان قليلًا أو كثيرًا [٤٧]، وبمعنى أعم هو كل كلام يُصادف الإنسان به عن طريق السمع أو الوحي، في اليقظة أو النوم [٤٨]. وسمي الكلام حديثًا لأنه يظهر أجزاؤه تدريجيًا [٤٩]. وجمع الحديث خلاف القاعدة هو «أحاديث» [٥٠] لأن المفرد منها «أحداثه» وهو مرادف للحديث [٥١]. ورد لفظ الحديث في القرآن ٢٨ مرة، ٢٣ منها مفرد و٥ جمع، واستُخدم للدلالة على قصص السابقين ومعانٍ متعددة للكلام والخبر. [٥٢].

المعنى الاصطلاحي للحديث

يختلف المعنى الاصطلاحي للحديث بين أهل السنة والشيعة.

المعنى الاصطلاحي عند أهل السنة

الحديث عند أهل السنة هو ما يُنسب إلى النبي (صلى الله عليه وآله) من قول وفعل وتقرير [٥٣]، ويشمل الصفات الخلقية والحركات والسكنات في المنام واليقظة [٥٤]، ويطلق على السيرة والفضائل والخصائص قبل البعثة أيضًا [٥٥]. وبعضهم يشمل أقوال وأفعال الصحابة والتابعين والعلماء والصالحين [٥٦]. ويُعتقد أن سبب التسمية أنه مقابل القرآن، فكلاهما بيان لأحكام الله، والقرآن عندهم قديم، والحديث حديث.

المعنى الاصطلاحي عند الشيعة

الحديث عند علماء الشيعة هو الكلام الذي يروي قول أو فعل أو تقرير المعصوم [٥٧]، وإطلاقه على ما جاء من غير المعصوم مجازي [٥٨].

العلاقة الدلالية بين الحديث والمصطلحات الأخرى

الخبر

الخبر في اللغة هو المخبر به، أما في الاصطلاح فهو مرادف للحديث. [٥٩]

السنة

السنة في اللغة تعني الطريق أو الطريقة المحمودة، وفي الاصطلاح هي قول أو فعل أو تقرير المعصوم، أو عمل شخص آخر في حضوره يقره بالقول أو السكوت، ويُسمى ذلك التقرير. والسنة مقابل الكتاب هي فعل وتقرير المعصوم، ولهذا سميت كتب الحديث المهمة عند أهل السنة «سنن» مثل سنن النسائي وابن ماجه والبيهقي. وفي الفقه تُستخدم أحيانًا بمعنى المستحب. [٦٠]

الرواية

الرواية تعني الحديث، وفي مجمع البحرين: هي الخبر الذي ينتهي إلى المعصوم بسلسلة نقل. وتُطلق أيضًا على نقل الشعر وقراءة القراء ومقالات الأدب العربي. [٦١]

الأثر

الأثر في المعاجم مرادف للحديث والرواية والخبر، لكن بعضهم خص الأثر بما نقل عن الصحابة. [٦٢]

أجزاء الحديث

متن الحديث

هو ألفاظ الحديث التي تدل على المعنى.

سند الحديث

هو سلسلة الرواة الذين نقلوا الحديث.

العلوم المتعلقة بالحديث

نظرًا لأهمية الحديث للمسلمين، نشأت علوم متعددة لدراسة محتوى وأسانيد الأحاديث، تسمى علوم الحديث، ومنها:

  • الدراية (أصول الحديث أو مصطلح الحديث).
  • علم الرجال.
  • فقه الحديث.

مصادر الحديث

في عصر النبي (عليه السلام) وبعض الصحابة كانوا يكتبون أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله). بعد وفاة النبي، اختلف وضع كتابة الحديث بين أهل السنة والشيعة. الخلفاء الأول والثاني وعثمان وحتى عهد عمر بن عبد العزيز كانوا يعارضون نقل وكتابة وتدوين الأحاديث، حتى أحرقوا كثيرًا من المخطوطات. غير أن عمر بن عبد العزيز غير السياسة الرسمية وبدأ تدوين الكتب الرواية، لكن منع التدوين أثر سلبًا على أصالة المصادر لاحقًا. أما الشيعة فقد كتبوا الأحاديث منذ عهد النبي وبعده في زمن الأئمة المعصومين حتى الغيبة الصغرى. مع مرور الوقت تشكلت كتب وأصول حديثية كبيرة في أهل السنة والشيعة.

مصادر الحديث المهمة عند أهل السنة

أشهر كتب الحديث عند أهل السنة «الصحاح الستة»: صحيح البخاري، صحيح مسلم، سنن أبي داود، سنن الترمذي، سنن ابن ماجه، سنن النسائي.

وثلاثة كتب مهمة أخرى بعد الصحاح الستة: موطأ مالك، مسند ابن حنبل، سنن الدارمي.

مصادر الحديث المهمة عند الشيعة

الأصول الأربعة أول مجموعات الحديث عند الشيعة وبعضها متوفر الآن، ومنها المحاسن لأحمد بن محمد البرقي وتحف العقول لابن شعبه الحراني. وأهم الكتب الأربعة التي كتبت بين ٣٠٠ و٤٥٠ هـ:

  • الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني
  • من لا يحضره الفقيه لشيخ الصدوق
  • تهذيب الأحكام لشيخ الطوسي
  • الاستبصار في ما اختلف من الأخبار لشيخ الطوسي

ومن الكتب الرواية المتأخرة:

  • وسائل الشيعة لمحمد بن حسن الحر العاملي
  • الوافي لفيض الكاشاني
  • بحار الأنوار لعلامة المجلسي

تصنيف الأحاديث

طالما كان الهدف من كتابة الحديث هو حفظه فقط، لم يكن مهمًا كيف صنفت هذه الأحاديث. لكن مع زيادة حجم الكتب، ظهرت مخاوف من صعوبة الوصول للأحاديث، سواء عند المحدثين أنفسهم أو العلماء والفقهاء والوعاظ. ومن منتصف القرن الثاني الهجري أصبحت تصنيفات الأحاديث موضوعًا مهمًا، ونتجت عنها أنواع مختلفة من التصنيفات.

التصنيف الموضوعي

يُصنف الحديث حسب الموضوعات التي تتناولها، وهذا هو الأساس في معظم الكتب الكبيرة.

التصنيف السندي

المسانيد التي بدأت في القرن الثالث هجريًا، كانت مرتبة حسب الصحابة الذين نقلوا الحديث عن النبي، وليس حسب الموضوع. وترتيب الأحاديث حسب الأئمة الأربعة أيضًا قريب من هذا الأسلوب.

الترتيب الأبجدي للمطلع

على مدى القرون، استخدم أسلوب آخر للتصنيف حسب مطلع الحديث، أي بداية نص الحديث، بهدف ترتيب الأحاديث أبجديًا.

تقسيمات الحديث

في علوم الحديث توجد تقسيمات متعددة لفهم السند أو المتن، منها:

  • حسب عدد الرواة: خبر واحد، خبر مستفيض، خبر متواتر.
  • حسب درجة السند: صحيح، حسن، موثوق، قوي، ضعيف وأنواعه (مدرج، مشترك، مصحف، مؤتلف، مختلف).
  • حسب اتصال أو قطع السند: مسند، متصل، مرفوع، موقوف، مقطوع، مرسل، منقطع، معضل، مضمر، معلق، معنّن، مهمل.
  • حسب المتن: نص وظاهر، مؤول، مطلق ومقيد، عام وخاص، مجمل ومبين، مكتوب ومكاتبة، مشهور، متروك، مطروح، حديث قدسي، شاذ، مقلوب، متشابه.
  • حسب العمل بالحديث: حجت ولا حجت، مقبول، ناسخ ومنسوخ.

تحريف الحديث

مع ازدياد مكانة الحديث كمصدر لفهم الدين في القرنين الأول والثاني الهجريين، بدأ سوء الاستعمال، حيث بدأ بعض الناس في تحريف الأحاديث. ووردت أحاديث كثيرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) تحث على نقل الحديث بدقة وتحذر من الكذب عليه.

وقال علي (عليه السلام) في خطبة عن انتشار الأحاديث المبتدعة: «في يد الناس من حديث النبي حق وباطل، وذكر أربع فرق من ناقلي الحديث: المنافقون الذين يكذبون عمدًا، الذين سمعوا ولم يحفظوا جيدًا، الذين سمعوا ولم يجدوا النسخ، والذين حفظوا الأمانة ونقلوها». [٦٣]

ويستخدم العلماء علم الرجال والدراية لتمييز الحديث الصحيح من الضعيف.

النقل بالمعنى

ظاهرة النقل بالمعنى هي حقيقة مؤكدة في تاريخ الحديث، حيث كان بعض الرواة في العصور المبكرة يحفظون معاني الحديث وينقلونها بألفاظ من اختيارهم، بشرط التأكد من صحة النقل. [٦٤]

نادراً ما نجد أحاديث من رواة متوازيين تتطابق ألفاظها تمامًا، مما يدل على أن النقل بالمعنى كان أكثر شيوعًا من النقل الحرفي.

استعمال الفعل في الحديث

يقال «حدثه كذا» بمعنى أخبره، و«خبره» بمعنى أنبهه. في الرواية يُستخدم الفعل الثلاثي المجرد «حدثني» إذا سمع الراوي مباشرة من المعلم، و«حدثنا» إذا كان هناك أكثر من راوٍ، و«أخبرني» عند القراءة، و«أخبرنا» إذا كان هناك أكثر من قارئ. [٦٥]

السند يُعبر عنه بعبارات مثل «حدثني» أو «أخبرني فلان» أو «عن فلان» مع حذف الفعل أحيانًا.

العلامات المختصرة

في الكتب المتأخرة وُضعت علامات مختصرة لعبارات مثل «حدثنا» و«أخبرنا» و«حدثني» و«أخبرني»، مثل:

  • «ثنا» أو «نا» لـ «حدثنا»
  • «أنا» لـ «أخبرنا»
  • «ح» رمز «حيلولة» للدلالة على النقل من سند إلى آخر، مشتق من معنى التحول أو الحاجز.

ويُحذف عادة لفظ «قال» في سلسلة السند لتوفير الاختصار.

وقد استُخدمت طرق أخرى للاختصار بذكر أسماء الرواة فقط مع إشارة إلى صحة السند ثم متن الحديث، خاصة في الكتب المشهورة مثل كتب الأربعة.

وفي بعض الأحيان تُذكر سلسلة الرواة في الحديث الأول فقط، ويُكتفى بعبارة «وبهذا الإسناد» في الأحاديث التالية.

وهناك طرق خاصة في اختصار السند عند الشيخ الصدوق والشيخ الطوسي في كتبهما.

ويقول صاحب معالم إن طريقة المشايخ الثلاثة (أصحاب كتب الأربعة) مختلفة في ذكر الأسانيد، فالكليني ينقل السند كاملاً أو يرجع إلى سند قريب، والصدوق غالبًا ما يترك السند لكنه يذكر الطريق في آخر الكتاب، والشيخ الطوسي أحيانًا يذكر السند كاملاً وأحيانًا يترك جزءًا منه، ويُسمى تركه لأوائل السند تعليقًا.

أقسام الحديث

تنقسم الأحاديث حسب درجة صحة سندها إلى: قوي، صحيح، حسن، حسن كالصحیح، حسن الأسانيد، موثوق، ضعيف.

الهوامش

  1. الفراهيدي، خليل، ترتيب العين، ج ٣، ص ١٧٧.
  2. ابن فارس، أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج ٢، ص ٣٦.
  3. التحريم/٦: ٣.
  4. ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، ج ٩، ص ٢٣٧.
  5. الطبري، فضل بن حسن، مجمع البيان، ج ١٠، ص ٥٨.
  6. الطريحي، فخر الدين بن محمد، مجمع البحرين، ج ١، ص ٤٧٠.
  7. المامقاني، عبدالله، مقباس الهدایة، ج ١، ص ٥٦.
  8. الطريحي، مجمع البحرين، ج ١، ص ٣٧٠.
  9. ابن اثير، مبارك بن محمد، النهاية في غريب الحديث والأثر، ج ١، ص ٣٥٠.
  10. ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج ٢، ص ٣٦.
  11. الفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير، ج ١، ص ٦٨.
  12. قاسمي، جمال الدين، قواعد التحديث، ص ٦١.
  13. صباحي صالح، علوم الحديث ومصطلحه، ص ٤.
  14. بلاذري، أحمد بن يحيى، فتوح البلدان، ص ٣٩.
  15. مصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن، ج ٢، ص ١٧٧.
  16. الشهيد الثاني، علي بن أحمد، الرعاية في علم الدراية، ص ٥٠.
  17. فضلي، عبد الهادي، أصول الحديث وعلومه ومصطلحه، ص ٢٨.
  18. السيوطي، عبدالرحمن بن أبوبكر، تدريب الراوي، ج ١، ص ٢٣.
  19. الشهيد الثاني، الرعاية في علم الدراية، ص ٥٠.
  20. عبد المجيد، محمود، الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري، ص ١٢-١٣.
  21. ابن حجر العسقلاني، فتح الباري في شرح صحيح البخاري، ج ١، ص ١٧٣.
  22. الشيخ البهائي، محمد بن حسين، الوجيزة في الدراية، ص ٤.
  23. الشيخ البهائي، الوجيزة، ص ٤.
  24. ميرزاي قمي، أبو القاسم بن محمد، قوانين الأصول، ص ٤٠٩.
  25. المامقاني، عبدالله، مقباس الهدایة، ج ١، ص ٥٧.
  26. ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، ج ١، ص ١٧٣.
  27. الزمر/٣٩: ٢٣.
  28. الطور/٥٢: ٣٤.
  29. المرسلات/٧٧: ٥٠.
  30. القلم/٦٨: ٤٤.
  31. قاسمي، جمال الدين، قواعد التحديث، ص ٦١.
  32. الزبيدي، مرتضى، تاج العروس، ج ١١، ص ١٢٥.
  33. الكهف/١٨: ٦٨
  34. فاطر/٣٥: ٤٣
  35. الإسراء/١٧: ٧٧
  36. صحيح مسلم، ج ٤، ص ٢٠٥٩.
  37. محدث نوري، حسين بن محمد، مستدرك الوسائل، ج ٣، ص ٢٨٩.
  38. الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين، ج ٢، ص ٢٥٦.
  39. عبده، محمد، شرح نهج البلاغة، ج ١، ص ٢٦.
  40. جوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح تاج اللغة، ج ٢، ص ٥٧٤.
  41. الشيخ البهائي، الوجيزة، ص ٤.
  42. يوسف/١٢: ٩١
  43. الأحقاف/٤٦: ٤
  44. الأنبياء/٢١: ٥٠
  45. العين، خليل بن أحمد، ج ٢، ص ١٧٧، تحت «حدث»
  46. المنهل الروي، ابن جماعة، ص ٣٠
  47. تهذيب اللغة، الأزهرى، ج ٤، ص ٤٠٥، تحت «حدث»
  48. المفردات، راغب الأصفهاني، تحت «حدث»
  49. المنهل الروي، ابن جماعة، ص ٣٠
  50. لسان العرب، ابن منظور، تحت «حدث»
  51. تهذيب اللغة، الأزهرى، ج ٤، ص ٤٠٥، تحت «حدث»
  52. انظر: التحريم: ٣؛ طه: ٩؛ طور: ٣٤؛ نجم: ٥٩؛ نساء: ٧٨، ١٤٠
  53. ابن حجر العسقلاني، ج ١، ص ١٧٣
  54. السيوطي، انصاري، سخاوي
  55. انظر ابن تيمية، ص ٧-٨
  56. السيوطي، فتح الباري، ج ١
  57. المامقاني، ج ١، ص ٥٧
  58. انظر الشيخ البهائي، صدر
  59. دراية الحديث، كاظم مديرشانچي
  60. دراية الحديث، كاظم مديرشانچي
  61. دراية الحديث، كاظم مديرشانچي
  62. دراية الحديث، كاظم مديرشانچي
  63. نهج البلاغة، المرجع ذاته
  64. محمد كاظم طباطبائي، التعرف على تاريخ وموارد الحديث، ص ٧٩
  65. عاملي، حسين، وصول الأخيار، ص ١٩٩

المصادر

1. دائرة المعارف الإسلامية الكبرى

2. دراية الحديث، كاظم مديرشانچي

3. التعرف على تاريخ وموارد الحديث، محمد كاظم طباطبائي، قم: نشر هاجر، ١٣٨٥ هـ

4. مقالات نشرية - علوم الحديث - تدوين حديث (الجزء الأول)