انتقل إلى المحتوى

السيد محسن الحكيم

من ویکي‌وحدت
مراجعة ١٥:٠٩، ٩ يوليو ٢٠٢٥ بواسطة Negahban (نقاش | مساهمات) (وفاة محسن حكيم)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)


آية الله سيد محسن طباطبائي حكيم (1390-1306 هجري قمري) هو أحد العلماء المجاهدين الشيعة وواحد من طلاب ميرزا النائيني. كان فقيهًا وأصوليًا ومرجع تقليد شيعة الإمامية ومدير حوزة علمية النجف. تولى مرجعية الشيعة العامة بعد وفاة حسين بروجردي في عام 1340 هجري قمري لمدة تزيد عن 9 سنوات. قضى عمره المبارك في خدمة الإسلام والمسلمين، واهتم ببناء وتأسيس المدارس والمكتبات والمساجد وغيرها من المعالم العلمية والدينية في العراق. كان آية الله حكيم شخصية شجاعة في الأنشطة السياسية والاجتماعية، وكان يتميز بصراحته في التعبير عن آرائه وأفكاره العلمية وشجاعته في الفتوى. كان يولي اهتمامًا كبيرًا للأحداث الإيرانية، حيث دعم مواقف علماء إيران بقيادة الإمام خميني (ره) في مواجهة ظلم نظام الشاه من خلال إصدار الرسائل والبيانات والتلغرافات.

حياة سيد محسن حكيم

وُلِد سيد محسن حكيم في عام 1306 هجري قمري في النجف في عائلة دينية. كان والده، سيد مهدي حكيم، من علماء النجف المعروفين. فقد محسن والده في سن السادسة[١]. كان لديه 10 أبناء وأربع بنات. أبناءه هم: يوسف، محمد رضا، محمد مهدي، كاظم، محمد باقر، عبد الهادي، عبد الصاحب، علاء الدين، عبد العزيز، ومحمد حسين.

كانت السنوات الأخيرة من حياة سيد محسن تتسم بالحظر المنزلي والضغوط على الحوزة العلمية والشيعة في العراق، حيث زادت الضغوط من حزب البعث بعد انقلاب حسن البكر، وحاول الحزب إجباره على الاستسلام[٢]. توفي سيد محسن طباطبائي حكيم في 27 ربيع الأول 1390 هجري قمري[٣]، عن عمر يناهز 84 عامًا، إثر مرض في بغداد. تم تشييع جنازته من بغداد إلى كربلاء ثم إلى النجف، حيث دُفن في المسجد الهندي بجانب مكتبه[٤].

سبب شهرته بـ "الحكيم"

في القرن العاشر الميلادي، كان الأمير سيد علي، طبيب خاص للملك عباس الصفوي، قد زار مرقد الإمام علي (عليه السلام) مع الملك. كانت الأجواء الروحية لهذه المدينة السماوية مؤثرة للغاية على قلب الطبيب النقي، مما دفعه للاستجابة لطلب أهالي النجف، ليصبح خادمًا لعتبة الإمام علي (عليه السلام) وحكيم سكان تلك العتبة. ومن ثم، اشتهر سيد علي بلقب الحكيم، وترك هذا الاسم كإرث في أبنائه[٥].

تعليم يتيم النجف محسن حكيم

بعد وفاة والده، سيد محمود، أزال أخوه الأكبر حزن اليتيم عن محسن، وشجعه على حفظ وقراءة القرآن الكريم. بدأ سيد محسن دراسته في الحوزة في سن التاسعة، حيث كان سيد محمود أول معلم له، يساعده في تعلم الأدب والمنطق وبعض فروع الفقه والأصول.

ثم انضم يتيم النجف إلى طلاب الشيخ صادق بن حاج مسعود بهبهاني والشيخ صادق جواهري، واستطاع أن يصل إلى درس الخارج للفقيه الكبير قبل ثلاث سنوات من وفاة آخوند خراسانی. في عام 1287 هجري شمسي، حضر في درس آقا ضياء الدين عراقي بعد وفاة آخوند خراسانی، واستفاد من دورتي أصول هذا الفقيه العظيم. بعد ذلك، ذهب إلى درس فقه الشيخ علي باقر جواهري، واستفاد من بحر علمه لمدة خمس سنوات.

بعد هذه الفترة، انضم إلى طلاب ميرزا محمد حسين نائيني، وأخيرًا لجأ إلى درس الحكيم والعالم المعروف في العراق، سيد محمد سعيد حبوبی. كان محمد سعيد يرى في وجه سيد محسن مستقبلًا مشرقًا، لذا كان يشيد بجهوده في مختلف المناسبات، مشيرًا إلى مستقبله المشرق، ويمنحه الدعم الروحي[٦].

أساتذة محسن حكيم

بدأ الحكيم في عام 1327 هجري قمري دراسة الدروس العليا في الحوزة (دورة الخارج) على يد آخوند خراسانی، آقاضياء عراقي، الشيخ علي جواهري، محمد حسين نائيني، وأبو تراب خوانساني، حيث درس الفقه والأصول والرجال، وبلغ درجة الاجتهاد. في الأخلاق، استفاد من سيد محمد سعيد حبوبی، باقر قاموسي، سيد علي قاضي طباطبائي، ملا حسينقلي همداني، والشيخ علي قمي[٧].

طلاب سيد محسن حكيم

منذ عام 1333 هجري قمري، بعد عودته من الجهاد، بدأ تدريس دورة المستوى في الحوزة، ومن عام 1337 أو 1338 هجري قمري بدأ تدريس دورة الخارج في الفقه والأصول، وقام بتخريج العديد من الطلاب على مدى أكثر من نصف قرن. ومن أشهر طلابه: ابنه سيد يوسف حكيم، محمد تقى آل الفقيه من العلماء المعروفين في لبنان (توفي 1378 هجري شمسي)، سيد إسماعيل صدر، سيد محمد تقى بحر العلوم، سيد محمد باقر صدر، محمد علي قاضي طباطبائي، سيد علي حسيني سيستاني، سيد أسد الله مدني، محمد مهدي شمس الدين، محمد حسين فضل الله، حسين وحيد خراسانی، سيد موسى صدر، سيد حسن خراسان، سيد حسين مكي عاملي، محمد تقى تبريزي، نصر الله شبستري، وسيد سعيد حكيم[٨]، خليل قبله‌ای خویی[٩].

مؤلفات سيد محسن حكيم

بالإضافة إلى تدريس الفقه والأصول وإدارة الحوزة وزعامته ومرجعيته، ألف آية الله الحكيم أكثر من أربعين كتابًا، بعضها تأليف وبعضها شروح أو حواشي، ومن بين هذه الكتب:

مستمسك العروة الوثقى

مستمسك العروة الوثقى هو أول شرح استدلالي للعروة الوثقى. طرح آية الله الحكيم محتويات هذا الكتاب أولاً في دروس الخارج الفقهية التي كانت محورها العروة الوثقى، ثم قام بتدوينه. في هذا العمل، ذكر آية الله الحكيم بدقة أدلة الأحكام بأسلوب بسيط وموجز، وقام بنقد وشرحها. وقد كان مستمسك مرجعًا واسعًا للفقهاء المعاصرين واحتل مكانة كبيرة في الأعمال أو الدروس الفقهية.

حقائق الأصول

عمل آخر له هو "حقائق الأصول"، وهو شرح على "كفاية الأصول"، وهو عمل مهم لأستاذه آخوند خراسانی في أصول الفقه.

نهج الفقهاء

نهج الفقهاء هو شرح وحاشية على كتاب "المكاسب"، وهو عمل فقهي للشيخ الأنصاري. في الجزء الأول من هذا العمل، تناول موضوع البيع، حيث شرح النصوص كما في "المكاسب"، ولكن بعد ذلك، انتقل إلى تحليل الموضوعات دون الاقتباس من نصوص "المكاسب". الجزء الثاني من هذا العمل هو حاشية على موضوع الخيارات.

منهاج الصالحين

منهاج الصالحين هو رسالة عملية مفصلة تتضمن فتاوى في أبواب متنوعة من الفقه.

أعمال أخرى

تشمل بعض الأعمال الأخرى لآية الله الحكيم:

مختصر منهاج الصالحين؛ منهاج الناسكين (مناسك وأحكام تفصيلية للحج)؛ مختصر منهاج الناسكين؛ دليل الناسك، حواشي استدلالية على مناسك الحج لنائيني، دليل الحاج؛ شرح التبصرة، وهو شرح استدلالي على "تبصرة المتعلمين" للعلامة الحلي؛ حاشية العروة الوثقى؛ شرح "تشريح الأفلاك" للشيخ البهائي، في الهيئة؛ بحث في الدراية؛ أصول الفقه؛ شرح المختصر النافع للمحقق الحلي، وهو أول عمل فقهي لآية الله الحكيم (تأليف في 1331 هجري قمري)؛ حاشية على رياض المسائل؛ المسائل الدينية؛ تعليقات على تقارير الخوانساري؛ تقارير درس آقا ضياء الدين العراقي؛ ورسالة في إرث الزوجة[١٠].

جهود سيد محسن حكيم في مجال المرجعية

بنى أو أعاد بناء وترميم العشرات من المساجد والحسينيات والمعالم الثقافية؛ أسس مكتبة عامة في النجف باسم مكتبة آية الله الحكيم العامة، وأنشأ تدريجيًا فروعًا منها في بعض المدن العراقية وكذلك في دول مثل إندونيسيا، إيران، البحرين، باكستان، سوريا، لبنان، مصر والهند؛ دعم مادي ومعنوي للصحف مثل الأضواء، رسالة الإسلام، النجف، الإيمان، الثقافة الإسلامية وسلسلة كتب وكتيبات بعنوان "من هدي النجف" وكتّابها؛ ودعم الكتّاب والخطباء والأدباء والشعراء الذين يروجون الثقافة الإسلامية ويواجهون الأفكار الإلحادية والشيوعية أو المنحرفة[١١].

كان لديه اهتمام خاص بدور المرجعية المحوري في حل المشكلات الاجتماعية والسياسية للمسلمين وحل النزاعات الطائفية والدينية، حيث كان يتخذ مواقف عندما تقتضي مصلحة المسلمين ذلك، ويسعى لحل القضايا بطريقة فكرية. ومن الأمثلة على ذلك إرسال وفد إلى الهند لحل الخلافات بين العلماء هناك، والتعبير عن موقفه من مذبحة المسلمين في باكستان، ودعمه لتأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، وموقفه من الإخوان المسلمين في مصر[١٢].

مرجعية سيد محسن حكيم

بعد وفاة ميرزا محمد حسين نائيني (1315 هجري شمسي)، بدأ بعض مقلديه بالرجوع إلى سيد محسن حكيم، وبعد وفاة سيد أبو الحسن أصفهاني (1325 هجري شمسي)، تم تثبيت مرجعيته. أصبح سيد محسن حكيم بعد وفاة سيد حسين طباطبائي بروجردي في عام 1340 هجري شمسي، في موقع المرجع الشيعي الأكثر تأثيرًا[١٣].

بعد انقلاب عبد الكريم قاسم في العراق وصعوده إلى السلطة في عام 1958 ميلادي، وظهور الأفكار الشيوعية، أصدر حكيم فتواه الشهيرة التي عنوانها الشيوعية كفر وإلحاد (الاشتراكية أو الشيوعية كفر وإلحاد) لمواجهة الشيوعيين في العراق[١٤].

على إثر حادثة مدرسة فيضية في نوروز 1342 هجري شمسي، أرسل سيد محسن حكيم برقية إلى المراجع والعلماء البارزين المقيمين في إيران، يدعوهم فيها للهجرة إلى العتبات المقدسة:[١٥].

بسم الله الرحمن الرحيم. الأحداث المؤلمة المتكررة والمآسي المحزنة قد جرحّت قلوب المؤمنين، وأثارت حزنًا عميقًا في نفسي. قالب:نص القرآن. آمل أن يتجمع العلماء للهجرة إلى العتبات العليا حتى أتمكن من إصدار رأيي حول الحكومة.

ومع ذلك، لم يعتبر علماء قم أن الهجرة كانت مناسبة، ورأوا أن الحضور في إيران ضروري[١٦].

كان لديه اهتمام كبير ببناء وتأسيس المدارس والمكتبات والمساجد وغيرها من المعالم العلمية والدينية. مكتبتُه الشهيرة المعروفة باسم مكتبة الإمام الحكيم في النجف، تُعتبر واحدة من أكثر المكتبات الإسلامية تجهيزًا وحداثة، ولديها أكثر من مئة فرع في جميع أنحاء العراق. بناءً على أوامره، تم إنشاء العديد من المدارس والمساجد في النجف وبغداد والبصرة وغيرها من مناطق العراق ودول أخرى[١٧].

جهود سيد محسن حكيم في تنظيم الحوزة

خلال فترة زعامته آية الله الحكيم، وبفضل جهوده، حققت الحوزات العلمية الشيعية، وخاصة حوزة النجف، تقدمًا ملحوظًا من حيث الكمية والنوعية، وأصبحت إدارتها أكثر تنظيمًا. ومن بين جهوده في هذا الصدد: التخطيط والجهود لزيادة عدد الطلاب، حيث ارتفع عدد الطلاب في حوزة النجف من 1200 إلى حوالي 8000 طالب؛ تأسيس مدرسة للعلوم الإسلامية وتعزيز الدروس في الحوزة من خلال إدخال دروس مثل الفلسفة والكلام والتفسير والاقتصاد، والتخطيط لتعريف الطلاب بالأفكار الإلحادية، مثل الماركسية، وتحذير كبار الحوزة من مخاطرها؛ اللامركزية في الحوزة وتوسيع الحوزات العلمية في المدن والمناطق النائية ودول أخرى، مثل باكستان والسعودية والدول الإفريقية؛ والاهتمام بتسهيلات واحتياجات التعليم والإقامة للطلاب الأجانب، بما في ذلك تخصيص مدرسة في النجف للطلاب الهنود ومدرسة أخرى للطلاب الأفغان والتبتيين[١٨].

المجال السياسي وسيد محسن حكيم

لم يكن الحكيم بعيدًا عن الأمور السياسية، بل اعتبر التدخل في هذه الأمور، إذا كان يساعد في إصلاحها وتقليل مشاكل الناس وتحقيق راحتهم، واجبًا دينيًا[١٩].

لعب دورًا أساسيًا في تأسيس وتثبيت جماعة العلماء في النجف الأشرف، التي كانت تشكيلًا سياسيًا - حوزويًا، وكان يدعم تأسيس الأحزاب الإسلامية بشروط معينة[٢٠].

في القضايا الداخلية، كان يعتبر الاعتراض على الحكومة والسعي لإصلاح أدائها أمرًا ضروريًا. ومن بين الإجراءات التي اتخذها في هذا الصدد: السفر إلى بغداد في عام 1342 هجري شمسي/ 1963 ميلادي احتجاجًا على نظام البعث بقيادة عبد السلام عارف، بسبب اعتقال وتعذيب المعارضين؛ الاحتجاج الشديد على سياسة الطائفية والتمييز الديني والتفرقة، وكذلك التصديق على قانون تأميم بعض الشركات التجارية في عام 1343 هجري شمسي/ 1964 ميلادي، الذي أدى إلى إضعاف القوة المالية للشيعة؛ رد فعل قوي على قرار حكومة عارف لقمع الأكراد في شمال العراق (استنادًا إلى فتوى عدد من علماء أهل السنة، بحجة الانفصال والخروج على الحكومة). وقد منع الحكيم من قتل الأكراد من خلال إصدار فتوى بعدم جواز الحرب ضدهم[٢١].

الأنشطة السياسية لسيد محسن حكيم

من بين الأنشطة السياسية للحكيم خلال الحرب العالمية الأولى وبعد إعلان الحرب والجهاد ضد العثمانيين، كانت القوات الإنجليزية قد احتلت ميناء الفاو في 25 ذي الحجة 1332 هجري في جنوب العراق، وقررت الاستيلاء على مناطق أخرى في العراق.

لذا، أصدر علماء الشيعة في العراق فتوى جهاد ضد القوات الإنجليزية لطرد الأعداء. اجتاحت الحماسة العامة ضد الإنجليز جميع المدن الشيعية، وتوجه عشرات الآلاف من المجاهدين المتطوعين تحت قيادة ثلاثة مجموعات من العلماء إلى جبهات القتال. كان سيد محسن حكيم من العلماء في المجموعة الثالثة.

استجابةً لأساتذته المجاهدين، بالإضافة إلى الدروس والمناقشات، كان لديه اهتمام خاص بالشؤون السياسية، وعندما سُئل: "ما رأيك في السياسة وتدخل العلماء فيها؟" أجاب بوضوح: "إذا كانت السياسة تعني إصلاح أمور الناس وفقًا لمبادئ عقلانية صحيحة وراحة حالهم، فإن الإسلام هو كل ذلك، وليس هناك شيء آخر غير السياسة، والعلماء ليس لديهم عمل آخر، وإذا كان المقصود معنى آخر، فإن الإسلام بعيد عن ذلك".

كان آية الله حكيم نشطًا في دعم الحركات التحررية الإسلامية، وكان يشجع المسلمين على مساعدة إخوانهم المسلمين الفلسطينيين، وصدرت منه بيانات متعددة ومهمة حول فلسطين ووحدة المسلمين في العالم لإنقاذ القدس. كما أدان بشدة موقف حكومة العراق في منع مظاهرات الناس ضد العدوان الثلاثي البريطاني والفرنسي ونظام الاحتلال الإسرائيلي على مصر، وأعلن عن رفضه لأداء صلاة الجماعة حتى اعتذرت الحكومة العراقية.

أيضًا، خلال الهجوم المفاجئ الذي شنه النظام الإسرائيلي على مصر وسوريا والأردن، أصدر آية الله حكيم بيانًا أعلن فيه: "الآن وقد بدأ جهاد المسلمين ضد اليهود الصهاينة، يجب أن تتضافر الجهود بشكل كافٍ وكامل، ولا يُسمح للعدو بالإسلام بقتل وإغارة إخوانهم. إن الله معنا، ويجب علينا تعميم الجهاد". كما أدان في تلغراف في سبتمبر 1348 هجري شمسي إحراق المسجد الأقصى من قبل الصهاينة، ودعا جميع المسلمين إلى التضحية بكل قوتهم من أجل إنقاذ وتحرير القدس الشريف وأرض فلسطين من أيدي الصهاينة الكفار المعتدين، والدفاع عن مقدسات الإسلام التي تعرضت للإهانة والاستخفاف من قبل أعداء الإسلام[٢٢].

مكافحة الشيوعية لدى سيد محسن حكيم

كان الحكيم معارضًا شرسًا للشيوعية. بعد انقلاب عبد الكريم قاسم في العراق وصعوده إلى السلطة في عام 1337 هجري شمسي/ 1958 ميلادي، وظهور الأفكار الشيوعية، تم توفير بيئة مناسبة لترويج القوانين المتعارضة مع الأحكام الفقهية، بما في ذلك قانون الأحوال الشخصية في العراق (المصادق عليه في 1338 هجري شمسي/ 1959 ميلادي). اعترض الحكيم رسميًا على هذا القانون، ودعا العلماء والخطباء إلى توعية الناس بطبيعته المعادية للدين. كما اعتبر في فتويين تاريخيتين في عام 1338 هجري شمسي، أن الانضمام إلى الحزب الشيوعي غير جائز شرعًا، ويعتبر كفرًا وإلحادًا أو ترويجًا للكفر والإلحاد. بعد هذه الفتوى، أصدر علماء النجف أيضًا فتاوى مشابهة، مما أجبر عبد الكريم قاسم في النهاية على الاعتذار[٢٣].

دعم سيد محسن حكيم لمواقف الإمام خميني

بعد وفاة آية الله العظمى بروجردي في أبريل 1340 هجري شمسي، تولى مرجعية الشيعة في العالم، حيث كان هناك عدد كبير من الشيعة من الكويت، العراق، إيران، البحرين، أفغانستان، الهند وباكستان يتبعونه. في جميع الأحداث والنزاعات السياسية التي حدثت منذ عام 1341 هجري شمسي بين رجال الدين ونظام محمد رضا شاه في إيران، دعم مواقف علماء إيران بقيادة الإمام خميني، من خلال إصدار الرسائل والبيانات والتلغرافات.

اعتبر آية الله الحكيم مشروع الجمعيات الإقليمية والمحلية من بين "القوانين الكافرة والمخالفة للقوانين المقدسة للإسلام"، وأدان بشدة الهجوم على مدرسة فيضية في أبريل 1342 هجري شمسي، ودعا إلى هجرة جماعية للعلماء البارزين في إيران إلى العتبات المقدسة، وهو ما لم يوافق عليه العلماء. كما أدان بشدة قمع انتفاضة 15 خرداد 1342 هجري شمسي من قبل محمد رضا شاه، وأعلن: "لقد تلقيت أخبار الأحداث الدموية في إيران التي دائمًا ما تزيد من تفاقم جروح الأحداث الماضية القريبة.

أنا متأكد من أن إصرار المسؤولين على اتباع سياسة القمع والترهيب ضد الناس في فترات متتالية يكشف عن عجزهم في إدارة شؤون البلاد. يجب أن يخافوا من هذه السياسة، لأنها ستقودهم حتمًا إلى حافة السقوط، وستكون الأفكار السيئة عاقبة لصاحبها. أبلغوا المسؤولين عن هذا السلوك غير السليم إلى جميع المؤمنين، وخاصة إلى طبقة رجال الدين...[٢٤]».

نظرة سيد محسن حكيم تجاه فلسطين

كان عام 1338 هجري شمسي عامًا مؤلمًا للمسلمين. أخيرًا، كشف الشاه عن زيفه، واعتراف بالنظام المحتل للقدس. عبر المرجع اليقظ الشيعي في رسالة إلى آية الله بهبهاني في طهران عن قلقه. بالإضافة إلى ذلك، أشاد بضرورة الاستفادة من المساعدات الشعبية لتحرير فلسطين، واعتبر ابتعاد المسلمين عن الإسلام السبب الرئيسي لمشكلة فلسطين[٢٥].

السنوات الأخيرة من حياة سيد محسن حكيم

بعد انقلاب حسن البكر، حاول حزب البعث، الذي كان له طبيعة معادية للإسلام، الضغط أكثر على آية الله الحكيم، وإجباره على الاستسلام. كانت السنوات الأخيرة من حياته مليئة بالضغوط الشديدة والحبس المنزلي والقيود المفروضة على الحوزة العلمية والشيعة في العراق، ومقاومته لهذه الضغوط[٢٦].

وفاة محسن حكيم

توفي سيد محسن حكيم في 27 ربيع الأول 1390 هجري قمري عن عمر يناهز 84 عامًا. تحول تشييع جنازته، الذي حضره مئات الآلاف، إلى مظاهرة واسعة ضد نظام البعث في العراق. أقام صلاة الجنازة ابنه الأكبر، سيد يوسف حكيم، ودفن في النجف الأشرف بجانب مكتبه. أنشأ مكتبة في جنب المسجد الهندي في بداية شارع الرسول في النجف، ويقع ضريحه في نفس المكان[٢٧].

الهوامش

  1. قاسمي، "الهيكل السياسي - الاجتماعي للشيعة في العراق"، 1393 هجري شمسي، ص163-164
  2. تبرائیان، "إحياء الحوزة"، 1387 هجري شمسي، ج1، ص281-562
  3. حائری، "التقويم القمري"، 1381 هجري شمسي، ص87
  4. علي صغیر، "أساطين المرجعية العليا في النجف الأشرف"، 1424 هجري قمري، ج1، ص162-165
  5. ترجمة "الإمام الحكيم"، مصباح نجفي، ص 43-41
  6. سيرة آية الله العظمى سيد محسن حكيم (قدس سره) | ضياء الصالحين https://www.ziaossalehin.ir › content
  7. سراج، "الإمام محسن الحكيم"، بيروت، ج1، ص27-28؛ تبرائیان، "مرجع مجدد الإمام الحكيم"، 1390 هجري شمسي، ص35.
  8. محمد حسين علي صغیر، ج1، ص126-129، "أساطين المرجعية العليا في النجف الأشرف"، بيروت 1424/2003
  9. بایسته‌های فقه و حقوق
  10. سيرة آية الله سيد محسن حكيم (قدس سره) | ضياء الصالحين https://www.ziaossalehin.ir › content
  11. هاشم فياض حسيني، "الإمام المجاهد السيد محسن الحكيم"، ج1، ص37-39، (لندن) 1420/1999
  12. محمد باقر حكيم، "مرجعية الإمام الحكيم قدس سره: نظرة تحليلية شاملة"، ج1، ص34-35، قم 1424 هجري قمري
  13. بامداد، مهدی (1357 هجري شمسي). "سيرة رجال إيران في القرنين 12 و 13 و 14 هجري"، ج5. طهران. ص190
  14. عدنان إبراهيم سراج (1414/1993). "الإمام محسن الحكيم: 1889–1970م". بيروت. ص217،225،320
  15. صفاء الدين تبرائیان. "رواية موثوقة عن لقاء آية الله حكيم وروح الله خميني". مركز وثائق الثورة
  16. دواني، علي (1360 هجري شمسي). "نهضة الروحانيين في إيران"، ج3. طهران. ص46-44
  17. آية الله سيد محسن حكيم، مؤسسة الدراسات والبحوث السياسية
  18. علي أحمد بهادلي، "الحوزة العلمية في النجف: معالمها والحركات الإصلاحية"، ج1، ص342، 1339-1401 هجري قمري/ 1920-1980 ميلادي، بيروت 1413 هجري قمري/ 1993 ميلادي
  19. عدنان إبراهيم سراج، "الإمام محسن الحكيم: 1889-1970م"، ج1، ص116-118، بيروت 1414 هجري قمري/ 1993 ميلادي
  20. حامد بياتي، "المرجعية الدينية ودورها القيادي: نموذج السيد محسن الحكيم"، ج1، ص551
  21. في ضوء الوثائق السرية البريطانية 1963-1966م»، في النجف الأشرف: مساهمات في الحضارة الإنسانية، ج 1، لندن: بوك اكسترا، 1421 هجري قمري/ 2000 ميلادي
  22. حول محسن حكيم - إيرنا https://www.irna.ir › news › حول-م...
  23. هاشم فياض حسيني، "الإمام المجاهد السيد محسن الحكيم"، ج1، ص67-69، (لندن) 1420 هجري قمري/ 1999 ميلادي
  24. آية الله العظمى سيد محسن حكيم كان مدرسة - وكالة هوزة https://www.hawzahnews.com › news
  25. دماء العلماء في سبيل الجهاد، ص51 - 50
  26. صفاء الدين تبرائیان، ج1، ص281-562، "إحياء الحوزة: حياة وزمان آية الله العظمى حكيم"، طهران 1387 هجري شمسي
  27. شيعة نيوز. 9 فروردين 1388 هجري شمسي. مؤرشف من الأصل في 18 نوفمبر 2018. تم الاسترجاع في 18 نوفمبر 2018