الفرق بين المراجعتين لصفحة: «القدس»
لا ملخص تعديل |
لا ملخص تعديل |
||
سطر ٤٩: | سطر ٤٩: | ||
كانت بداية القرن الثالث عشر مشؤومة بالنسبة للقدس؛ في عام 1223، بعد حريق كنيسة القيامة، سمح السلطان محمود الثاني لليونانيّين بإعادة بناء المبنى، لكن الإنکشارية بدأوا التحريض لمنع إعادة بناء الكنيسة. ونتيجة لذلك قامت ثورة عامّة قمعها والي دمشق، وتمّ إعدام 38 شخصاً من قادة التمرّد. وفي حوالي عام 1240، إندلع تمرّد آخر بسبب فرض الضرائب الباهظة على سكّان المدينة، وتمّ قمعه بتدخّل قوّات السلطان العثماني. | كانت بداية القرن الثالث عشر مشؤومة بالنسبة للقدس؛ في عام 1223، بعد حريق كنيسة القيامة، سمح السلطان محمود الثاني لليونانيّين بإعادة بناء المبنى، لكن الإنکشارية بدأوا التحريض لمنع إعادة بناء الكنيسة. ونتيجة لذلك قامت ثورة عامّة قمعها والي دمشق، وتمّ إعدام 38 شخصاً من قادة التمرّد. وفي حوالي عام 1240، إندلع تمرّد آخر بسبب فرض الضرائب الباهظة على سكّان المدينة، وتمّ قمعه بتدخّل قوّات السلطان العثماني. | ||
== الهوامش == | |||
{{الهوامش}} |
مراجعة ٠٦:٢٧، ١ نوفمبر ٢٠٢٣
القدس مدينة كانت تسمّى أيضاً أورشليم وإيليا قبل الإسلام. وهي من المدن التي لكل من الأديان الإسلامية والمسيحية واليهودية قدسية خاصة لها. يوجد فيها تلّ يسمّى بتلّ موريا. وقد تمّ رسم سياج في المنطقة الواقعة فوق تل موريا، والذي يسميه المسلمون الحرم الشريف بأكمله. يحتوي هذا المسجد الذي حسب الأدلّة هو نفس المسجد الأقصی المذکور في القرآن، على العديد من رموز الزیارات. وبالطبع يوجد مسجد آخر في هذه المنطقة، والذي يسمى أيضاً المسجد الأقصى، ولکن أن ذلك المسجد الأقصى الذي ذكر في القرآن وكان أول قبلة للمسلمين، والذي قال الله عنه: «تبارك الحولة»، هي نفس منطقة الحرم الشريف.
سیرة قدس
فلسطين من حيث منزلتها ومكانتها الدينية الخاصة التي كانت تحظى بها بين المسلمين والمسيحيين واليهود ولازالت هي ذات أهمّية خاصة بين أتباع هذه الأديان، فقد تمّ تقديمها كأرض مقدسة. لم تكتسب أي قضية في العالم الإسلامي وبين أتباع أدیان الأخرى أهمية أكبر من قضية فلسطين. وترجع تلك الأهمية الخاصة لفلسطين لدى المسلمين في الغالب إلى وجود الأماكن المقدسة فيها. ونذكر منها مدينة إيليا التي سُميت ببيت المقدس بعد فتح فلسطين بجهود المسلمين. بيت المقدس أو القدس الشريف، هي أرض ذات أهمية كبيرة بين الأديان الثلاث الكبرى المعاصرة، وهي الإسلام والمسيحية واليهودية، والتي تعتبر مقدّسة ولها أتباع کثير في العالم. المیزة التي يمكن عدّها لبيت المقدس من الناحية الدينية، هي أنه لا يوجد مكان في العالم مقدّس مثل القدس. وحتى مكان مثل المكّة أو المدينة المنوّرة، على الرغم من كل قدسيتهما وأهميتهما، لا يحترمه إلا أتباع دين واحد وهو الإسلام. بينما القدس لها قدسيّة عند الأدیان السماويّة الثلاث الكبرى ولها الدرجة الأولى من الأهمية في نظرهم. وما یأتي فيما يلي يوضح قدسية هذه الأرض.
تاریخ القدس
وبحسب الأدلّة الأثرية، يعود تاريخ الحياة البشريّة في منطقة القدس إلى العهد الأوّل من الفترة الجيولوجيّة الرابعة. كانت هناك على شكل «قلعة» حيث أخرجها الأعراب المهاجرون من الشبه الجزيرة العربية، وهم نفس الكنعانيين الساميّين، من أيدي الكنعانيين حوالي 3000 قبل الميلاد.
تأسست الدولة اليهودية حوالي عام 1020 قبل الميلاد، وما کان لديها تنظيم سیاسي إلّا في فترة التي دامت 80 عاماً خلال حكم داود والنبي سليمان فقط. وبدأ سليمان (علیه السلام) في السنة الرابعة من حكمه، أي بعد 539 سنة من وفاة النبي موسى (عليه السلام)، ببناء القدس إمتثالاً على وصية أبيه. وبعد 979 سنة من وفاة النبي موسى، هاجمها بخت نصر الثاني ملك بابل ودمّرها، وبقيت هذه المدينة في حالة خراب لمدة 70 عاما، وكان هذا أوّل تدمير لها. وفي وقت لاحق، في الحرب بين إيران وبابل، تمّ غزوها من قبل كورش الأخميني، وسمح هذا الملك الإيراني بإعادة بناء القدس ومعابدها.
لقد احتلّها الإيرانيون لمدة 200 عام تقريبًا، وخلال هذه الفترة، بعد سقوط الأخمينيّين، إحتلّها الإسكندر الأکبر. وسیطر علی القدس الرومان 63 عامًا قبل ظهور المسيح، والبارثيون الإيرانيّون 40 عامًا قبل ظهور المسيح. وبعد فترة سيطر الروم والإيرانيون علیها، وولد عيسى (عليه السلام) في عهدهما.
وفي عامي 132 و66 م، حدثت ثورات كبيرة في هذه المنطقة، والتي قمعها الرومان بشدة. هاجم تيطس، ملك روما، القدس بعد 40 عامًا من صعود يسوع إلى السماء في السنة الأولى من حكمه، وأشعل النار في هيكل سليمان وأحرق جميع الكتب وأفرغ القدس من بني إسرائيل، وكانت هذه بداية تشتّت اليهود في جميع أنحاء العالم. وبقت هذه المنطقة في تطور عسكري وسياسي حتى فتحها المسلمون.
تاریخ القدس الإسلامي
فتح القدس
بعد معركة اليرموك (15 رجب/ أغسطس 636)، فتح المسلمون القدس عام 1617/638.
وأول من استوطن بیت المقدّس من المسلمون هم أهل المدينة المنورة، كأوس ابن أخ حسّان بن ثابت، شاعر النبي الأکرم (صلى الله عليه وسلم) الخاص.
وقد ذكرت بعض المصادر أنّ عثمان خصص ريع حدائق سيلفام لفقراء المدينة. وبالرغم من أنّ نظام المجتمع المسيحي قد تغیّر في القدس بعد فتح المسلمين لها، إلا أنّ القدس حافظت على هويّتها المسيحيّة إلى حد ما.
العصر الأموي
وفي حوالي سنة 19هـ، تمّ تعيين معاوية بن أبي سفيان قائداً للجيش الإسلامي في فلسطين والشام. وحكم هذه البلاد أربعين سنة أوّلاً حاکماً لها، ثمّ خلیفة للمسلمین.
العصر العباسي
وفي عهد المأمون (218-198) تعرّضت القدس للمجاعة فتركها المسلمون. وفي نهاية عهد المعتصم (218-227) انتشرت ثورة «الفلاحين» الضخمة في بلاد الشام بقيادة أبو حرب المبرقع. وعندما دخل القدس هرب أهلها من المسلمين والمسيحيين واليهود منها ونهبت جميع المعابد. وأخيراً هُزم المبرقع على يد جيش المعتصم.
عصر الفاطميين والتركمان والسلاجقة
وبعد قلیل من فتح الفاطميّين لمصر، أصبحت فلسطين والقدس أيضًا تحت سيطرتهم. وكانت فلسطين تتعرض لهجمات مستمرّة من قبل القرامطة وسكّان الصحراء[١]. منذ منتصف القرن الخامس تقريبًا، حلّت القدس تدريجيّاً محلّ الرملة باعتبارها المدينة الرئيسيّة.
وفي الثلث الأخير من القرن الخامس، کانت القدس مرکزاً للأحداث العسکريّة، بدلاً من الرملة. واستعان الفاطميّون الذين سئموا المجاعة والطاعون والفوضى في مصر، بالقائد التركماني أتسيزبان أواق لقمع سكّان الصحراء المتمرّدين وهجمات السلاجقة في فلسطين؛ لكن أتسيز أصبح على عداوة معهم، وفي عام 463 استولى على القدس بعد حصار طويل وهاجم مصر أيضًا. وأخيراً، في عام 470، هُزمت على يد توتوش، شقيق الملك السلجوقي، وتمّ ضمّ القدس إلى أراضي السلاجقة[٢].
وفي شعبان 491، عندما كان الصليبيّون في طريقهم إلى القدس، حاصر الأفضل، نائب الملك الفاطمي في مصر، المدينة واستولى عليها[٣].
وكانت الديانة السائدة لأهل المدينة في القرنين الرابع والخامس، حتى قبل غزو الصليبيّين، هي الشافعية مع بعض من المذهب الحنبلي الذي نظمه أبو الفرج الشيرازي[٤].
عصر الصلیبیّین والأیّوبیّین
استولى الصليبيّون على القدس في 23 رمضان عام 491. وكانت المذبحة التي تعرّض لها المسلمون واليهود لاعتبارات دينيّة وعسكريّة. وأصبحت القدس مدينة مسيحيّة، ولکن سمح لغير المسيحيّين بالإقامة فيها. تمّ تحويل المساجد إلى الكنائس، أو استخدامها كأماكن غير دينيّة.
كانت المملكة المسيحيّة الناشئة تسمى مملكة أورشليم وازدهرت كمركز لهذه المملكة وكمكان مسيحي مقدّس. وفي أقلّ من عقد من غزو الصليبيّين للمدينة، عادت الحياة إلى طبيعتها بالنسبة للسكّان غير المسيحيّين. ولا يزال دخول هذه المدينة ممنوعاً على المسلمين واليهود؛ ولكن سُمح لهم تدريجاً بالدخول إلی المدينة لأغراض مثل التجارة والحج[٥].
تقدّم صلاح الدين الأيّوبي بعد إنتصاره الحاسم على الصليبيّين في معرکة حطّين (ربيع الثاني 583/تموز 1187)، نحو القدس وحاصر هذه المدينة. وبعد مفاوضات كثيرة، في رمضان 583هـ/ نوفمبر 1187 م، تمّت معاهدة بينه وبين الصليبيّين التي سُمح فيها لأهالي المدينة بالإفراج عن أنفسهم بعد دفع الفدية. ولم يبق في القدس سوى المسيحيّين الشرقيّين، واكتسبت المدينة وجهتها الإسلاميّة كاملاً خلال فترة قصيرة، واستعادت الأماكن المقدّسة الإسلاميّة فيها كرامتها السابقة.
المعظم ابن أخ صلاح الدين الأيوبي سلطان دمشق، رغم الجهود الكبيرة في تزيين المقام وتأسيس مرکزاً للدراسات الدينية الحنفيّة يسمى "المعظميّة"، أمر بتدمير المدينة بأكملها باستثناء حریم الهيكل، وكنيسة القيامة والقلعة العسكرية، خوفًا من تجدید التعديّات المسيحيّة، وذلك عام 1219هـ/616م.
الكامل شقيق المعظم الذي كان والياً على مصر، لكي يأمن من هجوم الأيوبيّين السوريّين، عقد معاهدة مع الإمبراطور فردريك الثاني حوالي عام 1229هـ/626م وبموجبها سلّم هذه المدينة له لمدة عشر سنوات. وبسبب الصراعات التي نشأت فيما بعد بين أيوبيّي مصر وأيوبيّي سوريا، تمّ عقد معاهدة بين أيوبيّي سوريا والمسيحيّين، وتمّ بموجبها طرد المسلمين على ما يبدو حتى من منطقة المعبد، واستطاع بسببها قائد الصليبيّين أن يسيطر على القدس بشكل كامل.
عصر الممالیك والعثمانيّین
بعد إنتصار المماليك في عين جالوت في شوال عام 658، تمّ دمج بيت المقدس في أراضيهم.
التاريخ الدقيق لوصول الأتراك العثمانيّين إلى القدس غير واضح. خلال هجمات السلطان سليم الأوّل المنتصرة على المماليك (922-923)، ترك خليفته السلطان سليمان، العديد من الأعمال الخاصة به في هذه المدينة.
طوال فترة غزو الأتراك لهذه المدينة تقريبًا، وحتى النّصف الثاني من القرن الثالث عشر، سبّب إنعدام الأمن تعويق التقدّم والتطوّر لقدس. ونشأ هذا الوضع من أنّ إسطنبول بدلاً من تنظیمها لشؤون القدس اعتبرت هذه المدينة مصدراً للدّخل. وفي هذه الفترة کان حاکم القدس جندیّاً[٦].
كانت بداية القرن الثالث عشر مشؤومة بالنسبة للقدس؛ في عام 1223، بعد حريق كنيسة القيامة، سمح السلطان محمود الثاني لليونانيّين بإعادة بناء المبنى، لكن الإنکشارية بدأوا التحريض لمنع إعادة بناء الكنيسة. ونتيجة لذلك قامت ثورة عامّة قمعها والي دمشق، وتمّ إعدام 38 شخصاً من قادة التمرّد. وفي حوالي عام 1240، إندلع تمرّد آخر بسبب فرض الضرائب الباهظة على سكّان المدينة، وتمّ قمعه بتدخّل قوّات السلطان العثماني.