ابي بن کعب

أبي بن کعب: وهو صحابي وأحد الرواة المشتركين بین الشيعة و أهل السنة. وكان أُبيّ يكتب في الجاهلية قبل الإسلام، وكانت الكتابة في العرب قليلة، فصار من كتّاب الوحي. وكانت قراءة أُبيّ هي القراءة المعتبرة عند أهل البيت عليهم السلام، فقد قال الإمام الصادق عليه السلام: «أمّا نحن فنقرأ على‏ قراءة أُبيّ»، ويُعدّ أُبيّ من جملة رواة حديث الغدير.

أُبيّ بن كعب بن قيس (... ــ 35هـ)

وهو من الصحابة ومن الرواة المشترکين.
كنيته: أبو الطُفَيل، أبو المنذر.
نسبه: الخزرجي.
لقبه: الأنصاري، المدني، سيد المسلمين، سيد القرّاء.
طبقته: صحابي.
يُنسب أُبيّ من ناحية أبيه وأُمه (صهيلة، عمة أبي طلحة الأنصاري) إلى‏ بني النجّار من قبيلة الخزرج.
كان أُبيّ يكتب في الجاهلية قبل الإسلام، وكانت الكتابة في العرب قليلة، فصار من كتّاب الوحي وطبقاً لرواية قتادة فإنّه واحد من أربعة أشخاص من الأنصار جمعوا القرآن في حياة الرسول صلى الله عليه وآله. وعن محمد بن سيرين: أنّ عثمان جمع اثني عشر رجلاً من قريش والأنصار، فيهم: أُبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، في جمع القرآن.
كان أُبيّ رأساً في العلم والعمل، وكان البعض يقصده حتّى‏ من خارج المدينة ليتعلّم منه ويسمع الحديث.
ويعتبر أُبيّ أول من ألّف كتاباً في فضائل القرآن وقد قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله بشأنه: «أقرأ أُمتي أُبيّ»، ومع ذلك فقد ذكروا: أنّ عمر كان يخالف قراءته في بعض الأحيان بل كان أُبيّ يعدّ أحد فقهاء الصحابة، وكان من جملة مَن خالف عمر في تحريم المتعة.
روي أنّه قال لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله يوماً: ما جزاء الحمّى‏؟ فقال صلى الله عليه وآله: «تجري الحسنات على‏ صاحبها ما اختلج عليه قدم، أو ضرب عليه عِرْق»، فقال أُبيّ بن كعب: اللّهم إنّي أسألك حمّىً لاتمنعني خروجاً في سبيلك، ولا خروجاً إلى‏ بيتك، ولا مسجد نبيّك. قال: فلم يُمسّ أُبيّ قط إلّا وبه حمّى. قال الذهبي: «ملازمة الحمّى‏ له حرّفت خُلُقه يسيراً، ومن ثم يقول زِرّ بن حبيش: كان أُبيّ فيه شراسة».
كان أُبيّ من جملة السبعين شخصاً الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وآله في بيعة العقبة الثانية، وقد آخى‏ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بعد الهجرة بينه وبين سعيد بن زيد بن عمرو، واشترك في جميع غزوات النبي صلى الله عليه وآله.
قال أبو العالية: «كان أبي بن كعب صاحب عبادة، فلمّا احتاج إليه الناس ترك العبادة وجلس للقوم». ويُروى‏ أنّه قال أبي بن كعب يوماً لعمر بن الخطاب: مالك لا تستعملني؟ فقال عمر: أكره أن يُدَنَّس دينُك.
ويقول قيس بن عبّاد: «قدمت المدينة للقاء أصحاب محمد صلى الله عليه وآله، فلم يكن أحد أحبّ إليّ لقاءً من أُبيّ بن كعب، فقمت في الصفّ الأول، فلمّا صلّى‏ حدّث، فما رأيت الرجال مَتَحت أعناقها إلى‏ شي‏ءٍ متوحها إليه، فسمعته يقول: هلك أهل العقد وربّ الكعبة، قالها ثلاثاً، ثم قال: أما إنّي لا آسى‏ عليهم، ولكنّي آسى‏ على‏ من يُهلكون من المسلمين».
وعن أُبيّ أنّه قال: «كنّا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ووجوهنا واحدة، حتّى‏ فارقنا فاختلفت وجوهنا يميناً وشمالاً».
وقال له النبي صلى الله عليه وآله يوماً: «إنّ اللَّه أمرني أن أقرأ عليك القرآن»، وفي لفظ: «أمرني أن أُقرئك القرآن»، قال: اللَّه سمّاني لذلك؟ قال صلى الله عليه وآله: «نعم»، قال: وذُكرت عند ربّ العالمين؟ قال صلى الله عليه وآله: «نعم»، فذرفت عيناه.

موقف الرجاليّين منه

ذكره أصحاب التراجم والرجاليّون بالخير والتعظيم. فقد قال عنه ابن حجر: «سيّد القرّاء، من فضلاء الصحابة». وقال الذهبي: «كان رأساً في العلم والعمل، وكان عمر يقول: أقضانا علي وأُبيّ، وأقرأُنا أُبيّ». وقد اعتبره ابن عبد البرّ أحد فقهاء الصحابة وأقرأهم لكتاب اللَّه عزّ وجل.
وعدّه المرتضى‏ في الفصول المختارة من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام. وأورده العلامة الحلي في القسم الأول من كتابه ضمن المعتمدين، وكذلك فعل ابن داود. قال المامقاني: «يستفاد منه وثاقة الرجل وقوة إيمانه».

أُبيّ وأهل البيت عليهم السلام

كان أُبيّ يعتقد بـ أهل البيت عليهم السلام أيّما اعتقاد، حتّى‏ أنّه مرّ عشية يومٍ بحلقة من الأنصار فسألوه: من أين أتيت؟ قال: من عند أهل بيت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، فقالوا: على أيّ حالٍ تركتهم؟ فقال: ما يكون حال قومٍ لم يزل بيتهم محطّ قدم جبرائيل، ومنزل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله الى اليوم...؟ ثم بكى‏ أُبيّ وبكى‏ الحاضرون.
وكانت قراءة أُبيّ هي القراءة المعتبرة عند أهل البيت عليهم السلام، فقد قال الإمام الصادق عليه السلام: «أمّا نحن فنقرأ على‏ قراءة أُبيّ».
ويُعدّ أُبيّ من جملة رواة حديث الغدير.

من روى‏ عنهم ومن رووا عنه

روى‏ أُبيّ عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله.
وروى‏ عنه جماعة، منهم: أنس بن مالك، عبدالله بن عباس، أبو موسى‏ الأشعري، عمر بن الخطاب، قيس بن عبُاد، أبو هريرة، وأولاده: الطفيل وعبداللَّه ومحمد، سليمان ابن صرد الخزاعي. وقال الذهبي: لأُبيّ في الكتب - أي الصحاح - الستّة نيف وستّون حديثاً.

من رواياته

عن أبي بن كعب قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: «ألا أُعلّمك كلمات ممّا علّمني جبريل عليه السلام؟» قال: قلت: نعم يا رسول اللَّه، قال صلى الله عليه وآله: «قل: اللّهم اغفر لي خطاياي وعمدي، وهزلي وجدّي، ولا تحرمني بركة ما أعطيتني، ولا تفتنّي فيما حرمتني».
وأخرج الترمذي في السنن عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: «لاتسبّوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللّهم إنّا نسألك من خير هذه الريح، وخير ما فيها، وخير ما أمرت به، ونعوذ من شرّ هذه الريح، وشرّ ما فيها، وشرّ ما أموت به».

وفاته

ذكر البعض ؛ كابن سعد و الواقدي وأبي نُعيَم وعبداللَّه بن سعد: أنّ وفاته كانت في زمان خلافة عثمان. وأيّد صاحب قاموس الرجال من المعاصرين هذا القول. وبحسب هذا القول فإنّه توفّي قبل مقتل عثمان بسبعة أو عشرة أيام، وصلّى‏ عليه عثمان. قال ابن حجر: «اختلف في سنة موته اختلافاً كبيراً، قيل: سنة تسع عشرة، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين، وقيل غير ذلك».