انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «مختار الثقفي»

من ویکي‌وحدت
أنشأ الصفحة ب'{{صندوق معلومات شخص | العنوان = مختار الثقفي | الصورة = مختار.jpg | الإسم = مختار الثقفي | الإسم الکامل = مختار بن ابی عبید بن مسعود ثقفی | سائر الأسماء = ابواسحاق، کیسان، | سنة الولادة = 1 هجري | تأريخ الولادة = | مكان الولادة = المدينة المنورة، طائف | سنة الوفاة = ۶۷ق |...'
 
 
(٨ مراجعات متوسطة بواسطة نفس المستخدم غير معروضة)
سطر ١٩: سطر ١٩:
| الموقع =  
| الموقع =  
}}
}}
'''مختار بن أبي عبيد ثقفي''' وُلِد في الطائف. هو ابن أبو عبيد بن مسعود بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غيرة بن عوف بن ثقيف، وكنيته <big>أبو إسحاق</big> ومشهور بـ <big>كيّسان</big>. قبل واقعة كربلاء، كان مضيفًا لـ [[مسلم بن عقيل]]، سفير [[حسين بن علي (سيد الشهداء)|الإمام حسين عليه السلام]] في [[كوفة]]، ورافقه حتى استشهاد مسلم، ولكنه كان في سجن [[عبيد الله بن زياد]] أثناء واقعة كربلاء. بعد 18 شهرًا من الحكومة والقتال مع ثلاث مجموعات، وهي [[المروانيون]] في [[الشام]] وآل زبير في [[الحجاز]] وأشراف الكوفة، استُشهد أخيرًا في 14 [[رمضان]] عام 67 هـ، عن عمر يناهز 67 عامًا، على يد [[مصعب بن زبیر]].
'''مختار بن أبي عبيد ثقفي''' وُلِد في الطائف. هو ابن أبو عبيد بن مسعود بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غيرة بن عوف بن ثقيف، وكنيته <big>أبو إسحاق</big> ومشهور بـ <big>كيّسان</big>. قبل واقعة كربلاء، كان مضيفًا لـ [[مسلم بن عقيل]]، سفير [[حسين بن علي (سيدالشهداء)|الإمام حسين عليه السلام]] في [[الكوفة|كوفة]]، ورافقه حتى استشهاد مسلم، ولكنه كان في سجن [[عبيد الله بن زياد]] أثناء واقعة كربلاء. بعد 18 شهرًا من الحكومة والقتال مع ثلاث مجموعات، وهي [[المروانيون]] في [[الشام]] وآل زبير في [[الحجاز]] وأشراف الكوفة، استُشهد أخيرًا في 14 [[شهر رمضان|رمضان]] عام 67 هـ، عن عمر يناهز 67 عامًا، على يد [[مصعب بن زبیر]].


== أسرة مختار ==
== أسرة مختار ==
مختار، الذي هو ابن الشخصية المعروفة في [[صدر الإسلام]]، أبو عبيد بن عمرو بن عمير بن عوف ثقفي، وُلِد في السنة الأولى من الهجرة في منطقة [[الطائف]]. اعتنق والده الإسلام في زمن [[محمد بن عبد الله (خاتم الأنبياء)|رسول الله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم)]]. ومع ذلك، لم يُحظَ بلقاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)<ref>سير أعلام النبلاء، ج 3 ص: 539.</ref>. أما والدته، فكانت تُدعى <big>دومة</big>، ابنة عمرو بن وهب بن منبه من نفس قبيلة بني ثقيف. ولذلك، كان مختار ثقفيًا من جهة الأب والأم، ويُعتبر من أسرة شريفة بين العرب. كان من كبار هذه القبيلة، خطيبًا بارعًا وشجاعًا لا يُضاهى.
مختار، الذي هو ابن الشخصية المعروفة في [[صدر الإسلام]]، أبو عبيد بن عمرو بن عمير بن عوف ثقفي، وُلِد في السنة الأولى من الهجرة في منطقة [[الطائف]]. اعتنق والده الإسلام في زمن [[محمد بن عبدالله (خاتم الأنبياء)|رسول الله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم)]]. ومع ذلك، لم يُحظَ بلقاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)<ref>سير أعلام النبلاء، ج 3 ص: 539.</ref>. أما والدته، فكانت تُدعى <big>دومة</big>، ابنة عمرو بن وهب بن منبه من نفس قبيلة بني ثقيف. ولذلك، كان مختار ثقفيًا من جهة الأب والأم، ويُعتبر من أسرة شريفة بين العرب. كان من كبار هذه القبيلة، خطيبًا بارعًا وشجاعًا لا يُضاهى.


وعم مختار، [[سعد بن مسعود]]، كان أيضًا شخصية معروفة. عُين من قبل [[علي بن أبي طالب|الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)]] كحاكم للمدائن، وأُبقي في منصبه خلال فترة خلافة [[حسن بن علي (مجتبی)|الإمام حسن المجتبي]] (قبل صلح الإمام (عليه السلام) مع [[معاوية]] وبدء [[خلافة]] ابن [[أبو سفیان|أبي سفیان]] عام 41 هـ)<ref>تحليل صلح الإمام حسن (عليه السلام) وبداية خلافة الأمويين، ص: 48-43.</ref>.
وعم مختار، [[سعد بن مسعود]]، كان أيضًا شخصية معروفة. عُين من قبل [[علي بن أبي طالب (أميرالمؤمنين)|الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)]] كحاكم للمدائن، وأُبقي في منصبه خلال فترة خلافة [[حسن بن علي (المجتبی)|الإمام حسن المجتبي]] (قبل صلح الإمام (عليه السلام) مع [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] وبدء [[خلافة]] ابن [[أبو سفیان|أبي سفیان]] عام 41 هـ)<ref>تحليل صلح الإمام حسن (عليه السلام) وبداية خلافة الأمويين، ص: 48-43.</ref>.
عندما كان [[الإمام مجتبي (ع)|الإمام المجتبي (عليه السلام)]] (أثناء تجهيز جيش [[العراق]] لمواجهة جيش [[الشام]] بقيادة معاوية بن أبي سفیان)، تعرض سعد بن مسعود لجروح على يد مجموعة من [[الخوارج]] أو أشخاص ضعيفي الإيمان من جيشه، لكنه بشجاعة ملحوظة دعم الإمام (عليه السلام) وضحى في الدفاع عن ولاية الإمام<ref>الخلافة الأموية، ص: 59-57.</ref>.
عندما كان [[حسن بن علي (المجتبی)|الإمام المجتبي (عليه السلام)]] (أثناء تجهيز جيش [[العراق]] لمواجهة جيش [[الشام]] بقيادة معاوية بن أبي سفیان)، تعرض سعد بن مسعود لجروح على يد مجموعة من [[الخوارج]] أو أشخاص ضعيفي الإيمان من جيشه، لكنه بشجاعة ملحوظة دعم الإمام (عليه السلام) وضحى في الدفاع عن ولاية الإمام<ref>الخلافة الأموية، ص: 59-57.</ref>.


كان مختار بنفسه شخصية بارزة وذو نفوذ كبير، خاصة في أرض [[العراق]]. حيث أن [[مسلم بن عقيل]]، ابن عم وسفير الإمام حسين (عليه السلام)، عندما وصل إلى مدينة [[كوفة]]، وجد مختار مناسبًا لاستضافته، كما كانت منزله لفترة مكانًا لتجمع محبي [[أهل البيت|أهل البيت (عليهم السلام)]] في الكوفة. وهذا يدل على موثوقية مختار ثقفي بين أهل البيت (عليهم السلام).
كان مختار بنفسه شخصية بارزة وذو نفوذ كبير، خاصة في أرض [[العراق]]. حيث أن [[مسلم بن عقيل]]، ابن عم وسفير [[حسين بن علي (سيدالشهداء)|الإمام حسين]] (عليه السلام)، عندما وصل إلى مدينة [[الكوفة]]، وجد مختار مناسبًا لاستضافته، كما كانت منزله لفترة مكانًا لتجمع محبي [[أهل البيت|أهل البيت (عليهم السلام)]] في الكوفة. وهذا يدل على موثوقية مختار ثقفي بين أهل البيت (عليهم السلام).


== سبب غياب مختار في كربلاء ==
== سبب غياب مختار في كربلاء ==
سطر ٤٠: سطر ٤٠:


=== الأحاديث في مدح مختار ===
=== الأحاديث في مدح مختار ===
نُقل عن [[علي بن الحسين (زين العابدين)|الإمام السجاد (عليه السلام)]] أنه قال: "جزى الله مختار خيرًا"<ref>مامقاني عبدالله، تنقيح المقال، ج 3، ص: 204</ref>.
نُقل عن [[علي بن الحسين (السجاد)|الإمام السجاد (عليه السلام)]] أنه قال: "جزى الله مختار خيرًا"<ref>مامقاني عبدالله، تنقيح المقال، ج 3، ص: 204</ref>.
[[محمد بن علي (باقر العلوم)|الإمام باقر]] (عليه السلام) عندما التقى بأبو الحكم ابن مختار، بعد تكريمه له، أثنى على مختار أيضًا وقال: "رحم الله والدك". اعتبر [[مامقاني]] رضا الإمام عن مختار دليلاً على صحة عقيدته، ويقول: "إن إظهار رضا [[الأئمة|الأئمة (عليهم السلام)]] تابع ومرتبط برضا الله، لذا يتبين أن مختار لم يكن لديه انحراف عقائدي يستوجب رضا الأئمة"<ref>مامقاني عبدالله، تنقيح المقال، ج 3، ص: 205.</ref>.
[[محمد بن علي (الباقر)|الإمام باقر]] (عليه السلام) عندما التقى بأبو الحكم ابن مختار، بعد تكريمه له، أثنى على مختار أيضًا وقال: "رحم الله والدك". اعتبر [[مامقاني]] رضا الإمام عن مختار دليلاً على صحة عقيدته، ويقول: "إن إظهار رضا [[الأئمة|الأئمة (عليهم السلام)]] تابع ومرتبط برضا الله، لذا يتبين أن مختار لم يكن لديه انحراف عقائدي يستوجب رضا الأئمة"<ref>مامقاني عبدالله، تنقيح المقال، ج 3، ص: 205.</ref>.
نُقل عن [[جعفر بن محمد (صادق)|الإمام صادق (عليه السلام)]] أن إرسال رأس عبيد الله بن زياد و[[عمر بن سعد بن أبي وقاص|عمر بن سعد]] إلى المدينة من قبل مختار كان سببًا لتسلية [[أهل البيت|أهل البيت]]، وقال: "بعد [[عاشورا|واقعة عاشورا]]، لم تتزين أي امرأة من نسائنا حتى أرسل مختار لنا رأس عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد"<ref>رجال كشي، ص: 127</ref>.
نُقل عن [[جعفر بن محمد (الصادق)|الإمام صادق (عليه السلام)]] أن إرسال رأس عبيد الله بن زياد و[[عمر بن سعد بن أبي وقاص|عمر بن سعد]] إلى المدينة من قبل مختار كان سببًا لتسلية [[أهل البيت|أهل البيت]]، وقال: "بعد [[عاشورا|واقعة عاشورا]]، لم تتزين أي امرأة من نسائنا حتى أرسل مختار لنا رأس عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد"<ref>رجال كشي، ص: 127</ref>.


=== الأحاديث في مذمة مختار ===
=== الأحاديث في مذمة مختار ===
ورد عن الإمام باقر(عليه السلام) أنه أرسل رسل مختار ولم يقبلهم، وأعاد هداياهم، ووصفه بالكاذب. يُعتبر هذا الحديث ضعيفًا. نُقل عن الإمام صادق (عليه السلام) أن مختار كان يكذب على الإمام السجاد(عليه السلام)<ref>رجال كشي، ص: 125، ح198</ref>. كما أن هذا الحديث ضعيف من حيث السند<ref>خويي سيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج 18، ص: 96</ref>.
ورد عن الإمام باقر(عليه السلام) أنه أرسل رسل مختار ولم يقبلهم، وأعاد هداياهم، ووصفه بالكاذب. يُعتبر هذا الحديث ضعيفًا. نُقل عن الإمام صادق (عليه السلام) أن مختار كان يكذب على الإمام السجاد(عليه السلام)<ref>رجال كشي، ص: 125، ح198</ref>. كما أن هذا الحديث ضعيف من حيث السند<ref>خويي سيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج 18، ص: 96</ref>.
عندما كان الإمام حسن (عليه السلام) في ساباط، اقترح مختار على عمه سعد بن مسعود تسليم الإمام لـ [[معاوية]] حتى لا تتزعزع مكانتنا<ref> الشيخ الصدوق، علل الشرائع، ج 1، ص: 221</ref>.
عندما كان الإمام حسن (عليه السلام) في ساباط، اقترح مختار على عمه سعد بن مسعود تسليم الإمام لـ [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] حتى لا تتزعزع مكانتنا<ref> الشيخ الصدوق، علل الشرائع، ج 1، ص: 221</ref>.
يرى [[سيد أبو القاسم خويي]] أن هذه الرواية غير موثوقة بسبب إرسالها، ويضيف أنه حتى لو كانت صحيحة، يمكن القول إن مختار لم يكن جادًا في قوله، بل كان يقصد اختبار رأي عمه<ref>خويي سيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج 18، ص: 97</ref>. كما يعتقد [[سيد محسن أمين]] أن مختار كان يهدف إلى اختبار عمه<ref>أمين سيد محسن، أعیان الشيعة، ج 7، ص: 230</ref>. في رواية أخرى، ذُكر أن مختار من أهل [[جهنم]]، لكن يُشفع له الإمام حسين (عليه السلام)<ref> الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام (تحقيق خرسان)، ج 1، ص 466</ref>. هذه الرواية أيضًا ضعيفة وفقًا لعلماء [[علم الرجال]]<ref> خويي سيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج 18، ص: 97</ref>.
يرى [[السيد أبو القاسم الخوئي]] أن هذه الرواية غير موثوقة بسبب إرسالها، ويضيف أنه حتى لو كانت صحيحة، يمكن القول إن مختار لم يكن جادًا في قوله، بل كان يقصد اختبار رأي عمه<ref>خويي سيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج 18، ص: 97</ref>. كما يعتقد [[سيد محسن أمين]] أن مختار كان يهدف إلى اختبار عمه<ref>أمين سيد محسن، أعیان الشيعة، ج 7، ص: 230</ref>. في رواية أخرى، ذُكر أن مختار من أهل [[جهنم]]، لكن يُشفع له الإمام حسين (عليه السلام)<ref> الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام (تحقيق خرسان)، ج 1، ص 466</ref>. هذه الرواية أيضًا ضعيفة وفقًا لعلماء [[علم الرجال]]<ref> خويي سيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج 18، ص: 97</ref>.


== رأي علماء أهل السنة حول مختار ==
== رأي علماء أهل السنة حول مختار ==

المراجعة الحالية بتاريخ ٠٩:٥٤، ٢٢ يوليو ٢٠٢٥

مختار الثقفي
الإسممختار الثقفي
الإسم الکاملمختار بن ابی عبید بن مسعود ثقفی
سائر الأسماءابواسحاق، کیسان،
التفاصيل الذاتية
مكان الولادةالمدينة المنورة، طائف
یوم الوفاة14 شهر رمضان
الدينالإسلام، الشيعة
النشاطاتمشاركة في ثورة مسلّم بن عقیل، انتقام لدم شهداء کربلاء

مختار بن أبي عبيد ثقفي وُلِد في الطائف. هو ابن أبو عبيد بن مسعود بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غيرة بن عوف بن ثقيف، وكنيته أبو إسحاق ومشهور بـ كيّسان. قبل واقعة كربلاء، كان مضيفًا لـ مسلم بن عقيل، سفير الإمام حسين عليه السلام في كوفة، ورافقه حتى استشهاد مسلم، ولكنه كان في سجن عبيد الله بن زياد أثناء واقعة كربلاء. بعد 18 شهرًا من الحكومة والقتال مع ثلاث مجموعات، وهي المروانيون في الشام وآل زبير في الحجاز وأشراف الكوفة، استُشهد أخيرًا في 14 رمضان عام 67 هـ، عن عمر يناهز 67 عامًا، على يد مصعب بن زبیر.

أسرة مختار

مختار، الذي هو ابن الشخصية المعروفة في صدر الإسلام، أبو عبيد بن عمرو بن عمير بن عوف ثقفي، وُلِد في السنة الأولى من الهجرة في منطقة الطائف. اعتنق والده الإسلام في زمن رسول الله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم). ومع ذلك، لم يُحظَ بلقاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)[١]. أما والدته، فكانت تُدعى دومة، ابنة عمرو بن وهب بن منبه من نفس قبيلة بني ثقيف. ولذلك، كان مختار ثقفيًا من جهة الأب والأم، ويُعتبر من أسرة شريفة بين العرب. كان من كبار هذه القبيلة، خطيبًا بارعًا وشجاعًا لا يُضاهى.

وعم مختار، سعد بن مسعود، كان أيضًا شخصية معروفة. عُين من قبل الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) كحاكم للمدائن، وأُبقي في منصبه خلال فترة خلافة الإمام حسن المجتبي (قبل صلح الإمام (عليه السلام) مع معاوية وبدء خلافة ابن أبي سفیان عام 41 هـ)[٢]. عندما كان الإمام المجتبي (عليه السلام) (أثناء تجهيز جيش العراق لمواجهة جيش الشام بقيادة معاوية بن أبي سفیان)، تعرض سعد بن مسعود لجروح على يد مجموعة من الخوارج أو أشخاص ضعيفي الإيمان من جيشه، لكنه بشجاعة ملحوظة دعم الإمام (عليه السلام) وضحى في الدفاع عن ولاية الإمام[٣].

كان مختار بنفسه شخصية بارزة وذو نفوذ كبير، خاصة في أرض العراق. حيث أن مسلم بن عقيل، ابن عم وسفير الإمام حسين (عليه السلام)، عندما وصل إلى مدينة الكوفة، وجد مختار مناسبًا لاستضافته، كما كانت منزله لفترة مكانًا لتجمع محبي أهل البيت (عليهم السلام) في الكوفة. وهذا يدل على موثوقية مختار ثقفي بين أهل البيت (عليهم السلام).

سبب غياب مختار في كربلاء

بعد أن تولى عبيد الله بن زياد حكم الكوفة بأمر يزيد بن معاوية، وغيّر الظروف لصالح الأمويين، نجح في إبعاد الكوفيين عن مسلم بن عقيل بالتهديد والإغراء، مما أدى إلى اعتقال مسلم بشكل غريب في مدينة الكوفة واستشهاده. في هذه الأثناء، كان لمختار مصير مرير، حيث تم القبض عليه على يد عملاء ابن زياد، وبعد الضرب والتعذيب، سُجن في الكوفة.

قضى مختار بن أبي عبيد ثقفي فترة في سجن الكوفة، وبتدخل عبد الله بن عمر بن الخطاب، الذي كان من الشخصيات البارزة في ذلك الوقت، تم الإفراج عنه، وغادر مدينة الكوفة. بعد خروجه من الكوفة، نُفي مختار ثقفي إلى مكة، حيث قضى بعض الوقت بجوار الكعبة[٤].

كانت مكة في ذلك الوقت تحت حكم عبد الله بن زبیر، الذي كان يعادي الأمويين بشدة، ولم يكن يعتبر يزيد جديرًا بالخلافة. وفقًا للمؤرخ السني البارز أحمد بن يوسف القرماني، عندما بدأ عبد الله بن زبیر ثورته ضد يزيد بن معاوية في مكة، كان يعتبر الخليفة الأموي غير جدير بالخلافة بسبب شربه المشروبات الكحولية، ولعبه بالكلاب، واحتقاره للأمور الدينية وعدم اهتمامه بالشريعة[٥]. بعد وفاة يزيد بن معاوية عام 64 هـ، وجد مختار الظروف مناسبة للقيام في الكوفة، وعاد إليها. ومع ذلك، على الرغم من أنه كان يمتلك مهارات عسكرية وعبقرية حربية عالية وقدرة إدارية ملحوظة، إلا أنه لم يتعاون مع قائد ثورة التوابين سليمان بن صرد الخزاعي، وامتنع عن دعمهم[٦].

مختار في الروايات

هناك نوعان من الأحاديث حول مختار. في نوع واحد من الأحاديث، تمت مدح مختار، وفي النوع الآخر تم ذمه.

الأحاديث في مدح مختار

نُقل عن الإمام السجاد (عليه السلام) أنه قال: "جزى الله مختار خيرًا"[٧]. الإمام باقر (عليه السلام) عندما التقى بأبو الحكم ابن مختار، بعد تكريمه له، أثنى على مختار أيضًا وقال: "رحم الله والدك". اعتبر مامقاني رضا الإمام عن مختار دليلاً على صحة عقيدته، ويقول: "إن إظهار رضا الأئمة (عليهم السلام) تابع ومرتبط برضا الله، لذا يتبين أن مختار لم يكن لديه انحراف عقائدي يستوجب رضا الأئمة"[٨]. نُقل عن الإمام صادق (عليه السلام) أن إرسال رأس عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد إلى المدينة من قبل مختار كان سببًا لتسلية أهل البيت، وقال: "بعد واقعة عاشورا، لم تتزين أي امرأة من نسائنا حتى أرسل مختار لنا رأس عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد"[٩].

الأحاديث في مذمة مختار

ورد عن الإمام باقر(عليه السلام) أنه أرسل رسل مختار ولم يقبلهم، وأعاد هداياهم، ووصفه بالكاذب. يُعتبر هذا الحديث ضعيفًا. نُقل عن الإمام صادق (عليه السلام) أن مختار كان يكذب على الإمام السجاد(عليه السلام)[١٠]. كما أن هذا الحديث ضعيف من حيث السند[١١]. عندما كان الإمام حسن (عليه السلام) في ساباط، اقترح مختار على عمه سعد بن مسعود تسليم الإمام لـ معاوية حتى لا تتزعزع مكانتنا[١٢]. يرى السيد أبو القاسم الخوئي أن هذه الرواية غير موثوقة بسبب إرسالها، ويضيف أنه حتى لو كانت صحيحة، يمكن القول إن مختار لم يكن جادًا في قوله، بل كان يقصد اختبار رأي عمه[١٣]. كما يعتقد سيد محسن أمين أن مختار كان يهدف إلى اختبار عمه[١٤]. في رواية أخرى، ذُكر أن مختار من أهل جهنم، لكن يُشفع له الإمام حسين (عليه السلام)[١٥]. هذه الرواية أيضًا ضعيفة وفقًا لعلماء علم الرجال[١٦].

رأي علماء أهل السنة حول مختار

ابن الأثير في أسد الغابة انتقد مختار ولم يقبل رواياته[١٧]. كما نُسب إلى مختار حديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال فيه: "سيظهر من ثقيف كذاب ومجرم"[١٨]. راوي هذه الرواية هي أسماء بنت أبو بكر، والدة عبد الله بن زبیر[١٩]. وفقًا لأسماء، فإن الكذاب المقصود في هذه الرواية المزيفة هو مختار[٢٠]. يبدو أن اللقب "الكذاب" قد تم استخدامه لأول مرة من قبل الحجاج بن يوسف للإشارة إلى مختار، وكان يأمر الناس بلعن الإمام علي (عليه السلام) ومختار[٢١]. يعتبر المقريزي مختار جزءًا من الخوارج[٢٢].

نهاية مختار

حكم مختار في الكوفة لمدة 18 شهرًا، وخلال هذه الفترة حارب مع ثلاث مجموعات: المروانيين في الشام وآل زبیر في الحجاز وأشراف الكوفة، وأخيرًا استُشهد في 14 رمضان عام 67 هـ، عن عمر يناهز 67 عامًا، على يد مصعب بن زبیر[٢٣]. أمر مصعب بقطع يد مختار وتعليقها على جدار مسجد الكوفة. وعندما سيطر الحجاج بن يوسف على الكوفة، لأنه كان من قبيلة ثقيف، أمر بدفنه[٢٤]. بعد استشهاد مختار، استسلم الآلاف من أنصاره الذين كانوا محاصرين في القصر، لكن مصعب أمر بإعدامهم. كانت هذه المجزرة مروعة لدرجة أن عبد الله بن عمر قال عند رؤية مصعب: "إذا كانوا أبناء خراف والدك، فلا ينبغي لك أن تفعل ذلك"[٢٥].

قبر مختار في الكوفة

بعد استشهاد مختار على يد مصعب بن زبیر، دُفن بالقرب من المسجد في جدار قصر الإمارة. كان قبره مخفيًا لسنوات حتى قام آية الله العظمى سيد مهدى بحر العلوم في زمانه بالبحث والتعرف على الآثار والمحراب في المسجد. أمر بملء مسجد الكوفة بالتربة الطاهرة لأن أرض المسجد كانت أقل ارتفاعًا من الأراضي الأخرى. ونتيجة لذلك، كانت المياه السطحية تدخل المسجد. بموجب أمر آية الله بحر العلوم، تم ملء أرض مسجد الكوفة التي كانت عمقها مساويًا لمقام النبي ومنزل حضرت نوح بالتربة الطاهرة لحمايتها من التلوث. تم بناء محراب جديد فوق نفس الأماكن التي كانت موجودة، كما هو ظاهر الآن. خلال هذه الأبحاث، تم العثور على قبر مخفي، وكان مكان هذا القبر في نهاية الممر في القبو، متجهًا إلى الخارج نحو قصر الإمارة، وعُثر على حجر فوق هذا القبر كُتب عليه اسم ولقب مختار. بعد العثور على القبر، تولى شخص يُدعى محسن الحاج عبود شلاش مهمة بناء حرم جديد وكبير لمختار، وارتبط بالحرم الخاص بالسيد مسلم من الجنوب. وضع نافذة حديدية على القبر وسد الباب المؤدي إلى الممر الموجود في زاوية مسجد الكوفة. العلامة الأميني ينقل من كتاب المزار، زيارة لمختار ثقفي، مما يدل على أن قبر مختار كان منذ زمن طويل محط اهتمام الشيعة والأحرار، وقد أشار ابن بطوطه أيضًا إلى ذلك في رحلته[٢٦].

الهوامش

  1. سير أعلام النبلاء، ج 3 ص: 539.
  2. تحليل صلح الإمام حسن (عليه السلام) وبداية خلافة الأمويين، ص: 48-43.
  3. الخلافة الأموية، ص: 59-57.
  4. افتخار زاده محمود رضا، نهضة مختار الثقفي، ص: 148.
  5. انظر، القرماني أحمد بن يوسف، أخبار الدول وآثار الأول، ج 2، ص 11
  6. صلابي علي محمد، خلافة عبد الملك بن مروان ودور في الفتوحات الإسلامية، ص: 19
  7. مامقاني عبدالله، تنقيح المقال، ج 3، ص: 204
  8. مامقاني عبدالله، تنقيح المقال، ج 3، ص: 205.
  9. رجال كشي، ص: 127
  10. رجال كشي، ص: 125، ح198
  11. خويي سيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج 18، ص: 96
  12. الشيخ الصدوق، علل الشرائع، ج 1، ص: 221
  13. خويي سيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج 18، ص: 97
  14. أمين سيد محسن، أعیان الشيعة، ج 7، ص: 230
  15. الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام (تحقيق خرسان)، ج 1، ص 466
  16. خويي سيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج 18، ص: 97
  17. ابن الأثير، أسد الغابة، ج 4، ص 347
  18. سمعاني عبد الكريم، الأنساب، ج 3، ص: 140
  19. ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج 3، ص: 909
  20. ذهبي شمس الدين، تاريخ الإسلام، ج 5، ص: 226
  21. فسوي يوسف بن سفیان، المعرفة والتاريخ، ج 2، ص: 618
  22. المقريزي تقى الدين، إمتاع الأسماع، ج 14، ص: 157
  23. ابن الأثير، أسد الغابة، ج 4، ص 347؛ فسوي يوسف بن سفیان، المعرفة والتاريخ، ج 3، ص: 330
  24. ابن الأثير، الكامل، ج 4، ص: 275.
  25. بلاذري أحمد بن يحيى، أنساب الأشراف، ج 6، ص: 445.
  26. ابن بطوطه، رحلة، ص: 232.