الحجر الأسود
حجر الأسود هو حجر مقدس يقع في الركن الشرقي (الركن الأسود أو الركن الحجري) من الكعبة. يتمتع هذا الحجر بتاريخ عريق ومكانة خاصة في الثقافة الإسلامية، خصوصًا في مناسك الحج، وقد أوصى النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام) باستلامه. في المصادر الروائية، يُذكر أن تاريخ حجر الأسود يعود إلى زمن النبي آدم (عليه السلام). وقد وُضع هذا الحجر على قمة جبل أبو قبيس أثناء طوفان نوح، وتم نصبه في مكانه بيد النبي إبراهيم (عليه السلام). كان حجر الأسود محترمًا حتى قبل الإسلام، ومع ذلك لم يُعبد في أي وقت من التاريخ، حتى في عصر الجاهلية عندما كان عبادة الأحجار شائعة.[١][٢].
معنى حجر الأسود
حجر الأسود، هو تركيب من "حجر" بمعنى الحجر و"أسود" ـ من مادة "س ـ و ـ د" ـ بمعنى الأسود.[٣][٤]. في بعض المصادر، يُشار إلى حجر الأسود بمعنى الحجر المحظوظ أو المحظوظ.[٥][٦]. يكتب ابن ظهيرة: إذا كان "أسود" من جذر "سَوْدَد" بمعنى السيادة والرفعة، فإن "حجر الأسود" سيكون بمعنى الحجر الذي منزلته فوق جميع الأحجار.[٧].
تاريخ حجر الأسود
حجر الأسود ظل في مكانه حتى زمن طوفان نوح، لكن مع بداية الطوفان، أودع الله الحجر على جبل أبو قبيس حتى أراد حضرة إبراهيم (عليه السلام) بناء الكعبة واختيار حجر ليكون علامة بداية طواف، فأتى جبريل بهذا الحجر من جبل أبو قبيس إلى إبراهيم، فنصبه في مكانه.[٨][٩]. نظرًا لأهميته، تعرض حجر الأسود على مر التاريخ للعديد من الاعتداءات. تشير التقارير إلى سرقة الحجر وإخفائه على يد "عمرو بن حارث بن مضاض الجُرهمي" من زعماء قبيلة جُرهم[١٠] وكذلك من قبل زعماء قبيلة إياد في نزاعهم مع المضريين.[١١] في فترة ما قبل الإسلام. وقد سُرق حجر الأسود مرة أخرى على يد قرامطة البحرين في عام ۳۱۷ هجري، خلال حكم المقتدر العباسي، حيث هاجم قرامطة البحرين بقيادة أبو طاهر القرامطي مكة في يوم التروية، وضمن قتل الحجاج، سرقوا حجر الأسود في اليوم الرابع عشر من ذي الحجة. في البداية، أخذ أبو طاهر حجر الأسود إلى الكوفة وعلقه على أحد أعمدة مسجد الكوفة، ثم نقله إلى هجر في البحرين[١٢][١٣]. وفي النهاية، أعيد هذا الحجر إلى مكة في يوم عيد الأضحى عام ۳۳۹ هجري بعد مرور اثنين وعشرين عامًا بيد سنبر بن حسن القرامطي، ووُضع في مكانه. وقد تضرر الحجر نتيجة الضغوط التي تعرض لها، ولحفظه وُضع حوله شريط من الفضة.[١٤]. وقد أدى تضرر وكسر حجر الأسود في حوادث متعددة إلى وضع حلقة حول قطره الخارجي لحفظ القطع. غالبًا ما كانت هذه الحلقة مصنوعة من الفضة وأحيانًا من الذهب.[١٥][١٦].[١٧][١٨]. في عام ۱۲۹۰ هجري، أضيف غلاف آخر من الفضة بوزن كيلوغرامين حول حجر الأسود، وتم ربط الحجر الذي كان في ذلك الوقت مكونًا من سبعة عشر قطعة، وتم تغطيته بغلاف من الفضة الخالصة، وصُنع منه قرص دائري بقطر ۲۷[١٩]، وبنقل ۳۷ سنتيمتر[٢٠]، بحيث يمكن لمسه وتقبيله بالوجه.[٢١].
الخصائص الظاهرة لحجر الأسود
حجر الأسود هو حجر مصقول بلون أسود مائل إلى الأحمر، وله شكل بيضاوي غير منتظم.[٢٢]. يبلغ قطر حجر الأسود حوالي ثلاثين سنتيمترًا وعرضه حوالي ۱۳.۵ سنتيمتر.[٢٣]. يقع الحجر على عمق حوالي ۹۸ سنتيمترًا، أي ذراعين في الجدار.[٢٤]، ونطاق عرضه عشرة سنتيمترات يحيط به.[٢٥].
مكان التركيب
حجر الأسود مُركب على ارتفاع متر ونصف عن سطح الأرض، في الركن الشرقي للكعبة.[٢٦][٢٧].
حجر الأسود في الروايات
يُعتبر حجر الأسود من الأحجار الجنة التي كانت مع حضرة آدم (عليه السلام)، ونزلت بعد نزول آدم إلى الأرض وقبول توبته.[٢٨][٢٩]. هذا الحجر الآن جزء من المسجد الحرام وموقف استلام المسلمين خلال الحج. وقد ورد في الروايات أن هذا الحجر كان في البداية أبيض جدًا، لكن خطايا أبناء آدم جعلته أسود.[٣٠]. وقد نُقل عن النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) أن حجر الأسود هو اليد اليمنى لله على الأرض، ومن يمسحه كأنه قد مسح يد الله.[٣١][٣٢].
فضائل حجر الأسود
من المعروف أن هذا الحجر لا يغرق في الماء.[٣٣][٣٤]. والنار لا تحرقه.[٣٥]. في المصادر الروائية الشيعية والسنية ذُكرت فضائل كثيرة لحجر الأسود، منها: بمسحه تُمحى الخطايا.[٣٦]. وتوبة آدم (عليه السلام) حدثت بين حجر الأسود وباب الكعبة.[٣٧][٣٨]. الدعاء بجانبه يُستجاب.[٣٩]. دفن سبعون نبيًا بين الركن اليماني وحجر الأسود.[٤٠][٤١]. أربعة أنهار من الجنة تجري تحتها.[٤٢][٤٣]. وقد وُضع ميثاق الله عليها.[٤٤][٤٥].
الأحكام الفقهية لحجر الأسود
في المصادر الفقهية، ذُكر أن تقبيل واستلام حجر الأسود من المستحبات المؤكدة، وقد قيل إنه في حالة الازدحام حول الكعبة، يكفي الإشارة إليه.[٤٦][٤٧][٤٨]. معظم المذاهب الإسلامية الشيعية[٤٩][٥٠][٥١] والسنية[٥٢][٥٣] تعتبر بدء الطواف من حجر الأسود واجبًا، بينما يعتبره البعض مستحبًا.[٥٤]. يُستحب للإنسان عند الذهاب إلى الصفا الخروج من أمام حجر الأسود، وعندما يصعد من جبل الصفا، يقف أمام الركن المقابل لحجر الأسود.[٥٥][٥٦][٥٧]. كما يُستحب للحاج عند وصوله إلى حجر الأسود في الطواف أن يرفع يديه ويشكر الله، ثم يصلي على النبي (صلى الله عليه وآله) وآله.[٥٨][٥٩] أو أن يكبر.[٦٠][٦١][٦٢].
الهوامش
- ↑ ر. ك، محمد طاهر الكردي، التاريخ القويم، ج ۲، جزء ۳، ص. ۲۴۱
- ↑ ر. ك مروارید، قواميس الحج، ص ۸۴۶
- ↑ معجم مقاييس اللغة، ج ۳، ص ۱۱۴
- ↑ لسان العرب، ج ۴، ص ۱۶۵ مادة
- ↑ ر. ك، لغت نامه دهخدا
- ↑ مروارید علي أصغر، قواميس الحج، ج ۱، ص ۸۴۶
- ↑ ابن ظهيرة، الجامع اللطيف في فضل مكة وأهلها وبناء البيت الشريف، القاهرة، نشر علي عمر، سنة ۱۴۲۳ هجري، ص ۴۱
- ↑ الأزرقى، أخبار مكة، ج ۱، ص ۶۲
- ↑ آثاره الترغيب، ج ۱، ص ۹۹
- ↑ مرآة الحرمين، ج ۱، ص ۳۰۲
- ↑ الرحلة الحجازية، ص ۱۵۳
- ↑ آثاره الترغيب، ج ۱، ص ۱۲۲-۱۲۳
- ↑ الأنس الجليل، ج ۱، ص ۴۰۹
- ↑ التاريخ القويم، ج ۳، ص ۲۸۵
- ↑ تحصيل المرام، ج ۱، ص ۱۹۱
- ↑ التاريخ القويم، ج ۳، ص ۲۸۵-۲۸۶
- ↑ الأزرقى، أخبار مكة، ج ۱، ص ۱۳۵
- ↑ ميرزا عبد الرسول منشی، مرآة الحرمين، ج ۱، ص ۲۶۴، ۳۰۴
- ↑ ميرزا عبد الرسول منشی، مرآة الحرمين، ج ۱، ص ۲۶۴
- ↑ موسوعة العتبات المقدسة، ج ۱، ص ۵۹
- ↑ دليل الحرمين الشريفين، ج ۱، ص ۱۸۵
- ↑ أولياء تشلبي، الرحلة الحجازية، القاهرة، نشر دار الآفاق العربية، سنة ۱۹۹۹ م، ص ۲۳۰
- ↑ دليل الحرمين الشريفين، ج ۱، ص ۱۸۵
- ↑ محمد بن أحمد بن جبير، رحلة ابن جبير، بيروت، نشر دار الهلال، ص ۵۹
- ↑ محمد طاهر الكردي، التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم، بيروت، نشر دار خضر، سنة ۱۴۲۰ هجري، ج ۲، ص ۴۴۲
- ↑ تونهای مجتبی، موعودنامه، ص ۲۷۱
- ↑ هاشمي شاهرودي سيد محمود، ثقافة الفقه وفق مذهب أهل البيت، ج ۳، ص: ۲۳۰
- ↑ كليني محمد بن يعقوب، الكافي، ج ۴، ص ۱۸۵
- ↑ كليني محمد بن يعقوب، الكافي، ج ۴، ص ۱۸۸
- ↑ كليني محمد بن يعقوب، الكافي، ج ۴، ص ۱۹۱
- ↑ كليني محمد بن يعقوب، الكافي، ج ۴، ص ۱۹۱
- ↑ شيخ حر عاملي، وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۳۲۴
- ↑ معجم البلدان، ج ۲، ص ۲۲۴
- ↑ شفاء الغرام، ج ۱، ص ۲۶۱
- ↑ شفاء الغرام، ج ۱، ص ۲۶۱
- ↑ السنن الكبرى، ج ۷، ص ۱۷۵
- ↑ شيخ صدوق، علل الشرائع، ج ۲، ص ۴۲۶؛
- ↑ شيخ حر عاملي، وسائل الشيعة، ج ۵، ص ۲۷۴
- ↑ إحياء علوم الدين، ج ۱، ص ۶۹
- ↑ شيخ كليني محمد بن يعقوب، الكافي، ج ۴، ص ۲۱۴
- ↑ علامة مجلسی بحار الأنوار، ج ۱۴، ص ۴۶۴
- ↑ شيخ صدوق، كتاب الخصال، ج ۴، ص ۶۲۵
- ↑ علامة مجلسی، بحار الأنوار، ج ۱۰، ص ۱۰۴
- ↑ شيخ صدوق، علل الشرائع، ج ۲، ص ۴۲۴
- ↑ علامة مجلسی، بحار الأنوار، ج ۹۶، ص ۲۲۱
- ↑ شيخ طوسي، كتاب الخلاف، ج ۲، ص ۳۲۰
- ↑ شيخ طوسي، كتاب النهاية، ص ۲۳۶
- ↑ شيخ محمد حسن نجفي، جواهر الكلام، ج ۱۹، ص ۳۴۰
- ↑ كتاب الخلاف، ج ۲، ص ۳۲۵؛
- ↑ علامة حلي، مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۲۲۱
- ↑ جواهر الكلام، ج ۱۹، ص ۲۸۷
- ↑ بيهقي أحمد بن حسين بن علي، السنن الكبرى، ج ۷، ص ۱۸۲
- ↑ عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، ج ۱، ص ۶۵۵
- ↑ شيخ محمد حسن نجفي، جواهر الكلام، ج ۱۹، ص ۲۸۷؛ الفقه الإسلامي، ج ۳، ص ۲۲۱۴
- ↑ شيخ حر عاملي، وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۷۵
- ↑ شيخ محمد حسن نجفي، جواهر الكلام، ج ۱۹، ص ۴۱۳ و۴۱۴
- ↑ شيخ يوسف بحراني، الحدائق الناظرة، ج ۱۶، ص ۲۶۰
- ↑ شيخ طوسي، النهاية، ص ۲۳۶
- ↑ محمد حسن نجفي، جواهر الكلام، ج ۱۹، ص ۳۴۰
- ↑ محمد بخاري، صحيح البخاري، ج ۲، ص ۱۹۸
- ↑ ابن قدامة، المغني، ج ۳، ص ۳۹۶
- ↑ أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين، ج ۱، ص ۶۷


