الجواز
الجواز: وهو الترخيص والتسويغ، والمراد به هنا مجموع الأدلة التي تدل علی الترخيص في الشرع، کـ الحلية والصحة و الإباحة و البرائة وإمکانية الفسخ في العقود.
تعريف الجواز لغةً
وأجازه: أنفذه... وأجاز له البيع: أمضاه... ابن السكيت: أجزتُ على اسمه، إذا جعلته جائزا، وجوّز له ما صنعه وأجاز له أي سوَّغ له ذلك... وفي الحديث: «كنت أبايع الناس وكان من خلقي الجواز»[١] أي التساهل والتسامح في البيع و الاقتضاء[٢].
وتجوّزت في الصلاة: ترخّصت فأتيت بأقلّ ما يكفي[٣].
تعريف الجواز اصطلاحاً
ورد الجواز بعدّة معانٍ:
التعريف الأوّل: الحِلّ
فقد فسَّر بعض الفقهاء عدم الجواز بعدم الحِلّ، وفسّر البعض الجواز[٤] بالإباحة[٥] ويعنيان صحّة الفعل و الترک أو التخيير والتساوي بينهما[٦]، ولابدّ أن يراد من الصحة هنا هو معناها اللغوي لا الاصطلاحي كحكم وضعي. فيقال مثلاً: «كلّ ما يعمل لـ التقيّة فهو جائز أي مباح فعله»[٧].
وقد يطلق على مطلق عدم الحظر بحيث يشمل الوجوب كذلك[٨]، فيطلق (جائز) على أطراف الواجب التخييري[٩].
ويحمل الجواز في بعض الروايات على هذا المعنى (عدم الحظر) كذلك[١٠] من قبيل: سألت أبا الحسن الثالث عليهالسلام في الرجل يخرج زكاته من بلد إلى بلد آخر ويصرفها في إخوانه، فهل يجوز ذلك؟ قال: «نعم»[١١].
التعريف الثاني: بمعنى الصحّة وترتيب الأثر الوضعي
سواء في العبادات أو في المعاملات. [١٢]
ففي العبادات من قبيل قولهم: «عدم جواز الصلاة في غير المأكول»[١٣]. ويحمل على هذا المعنى الجواز الوارد في بعض الروايات التي حدّدت ما يصحّ السجود عليه أو ما يصحّ الصلاة به من اللباس، من قبيل: «لا تجوز الصلاة في شعر ووبر ما لا يؤكل لحمه؛ لأنَّ أكثرها مسوخ»[١٤].
وفي المعاملات، من قبيل قولهم: «يجوز عقد الصبي»[١٥] أو «جواز عقد الصبي إذا كان بإذن الولي...»[١٦] أو «فلا يجوز عقد الصبي ولا المجنون في حال جنونه»[١٧].
والفساد يقابل هذا المعنى من الجواز.
التعريف الثالث: بمعنى إمكانية فسخ العقد والمعاملة
ويقابله اللزوم الذي يعني عدم إمكانية فسخ العقد، وذلك كما في قول بعضهم: «العقد جائز مع بقاء حقّ الفسخ»[١٨] أو «الهبة جائزة غير لازمة»[١٩] أو «الوكالة جائزة غير لازمة»[٢٠] أو «لو كانت المعاملة جائزة وتمكّن المكلّف من التخلّص من الضرر بالفسخ...»[٢١].
التعريف الرابع: أصالة الجواز
تتبُّع كلمات الأصوليين يفيد أنَّ أصالة الجواز قد وردت بمعنيين:
الأوّل: في العقود، ويراد منها أنَّ العقود جائزة ولا يثبت لزومها عند الشكّ في اللزوم إلاَّ بدليل، وذلك بدليل استصحاب بقاء العلقة السابقة، أي الملكية السابقة، وهي من الأصالات الفقهية التي تبحث في المدوّنات الفقهية[٢٢]. هذا مع أنّ أكثر الفقهاء يذهب إلى اللزوم في العقود ويعتبرون أصل جواز العقود أصلاً باطلاً[٢٣].
الثاني: في العبادات، وقد استعملت في كلمات الفقهاء بمعنى أصالة البرائة ونفي حرمة الفعل وجواز الترک في ما لا نصَّ فيه، ويعدُّ من الأصول العملية[٢٤].
الألفاظ ذات الصلة
1 ـ الإباحة
ولها قسمان، الإباحة بالمعنى الأخصّ، وتعني تخيير المكلّف بين الفعل و الترك من دون ترجيح أحدهما على الآخر[٢٥]. و الإباحة بالمعنى الأعمّ التي تعني الترخيص الشامل للأحكام التي لا إلزام فيها، كالمكروهات والمستحبّات والمباحات[٢٦].
وفسِّرت بعض موارد استخدام مفردة الجواز بالاباحة كما تقدّم، مع أنّ للجواز معان اُخرى.
2 ـ الحلال
باعتباره أحد المعاني الواردة للجواز، وقد ورد الحلال بمعنى الإباحة عمدة[٢٧].
أقسام الجواز
ذكر قسمان للجواز:
1 ـ الجواز العقلي
وله معنيان:
الأوّل: حكم العقل أو إدراكه بعدم قبح الفعل أو الترک، فيقال: هذا جائز عقلاً، أي حسن، ويقابله ما هو قبيح عقلاً[٢٨].
الثاني: الإمكان العقلي الذي يقابل الامتناع العقلي[٢٩].
2 ـ الجواز الشرعي
وقد ورد بمعنيين:
الأوّل: ما أباح الشارع فعله أو تركه، وهو ما يسمّى بالتكليفي، وما يرادف الصحّة التي تقابل الفساد[٣٠].
الثاني: الإمكان الشرعي، أي إمكان وقوعه شرعا لا حصوله ووقوعه عمليا[٣١].
المصادر
- ↑ . صحيح مسلم 3: 1195 ح 29.
- ↑ . لسان العرب 1: 697 ـ 698.
- ↑ . المصباح المنير: 115.
- ↑ . حاشية ردّ المحتار 2: 495.
- ↑ . الفصول الغروية: 111، منتقى الأصول 2: 459.
- ↑ . المستصفى 1: 88 ـ 89، نهاية الأفكار العراقي 1 ـ 2: 389.
- ↑ . كتاب الطهارة الأنصاري 2: 401.
- ↑ . تقريرات الحجّ الكلبايكاني 2: 288.
- ↑ . رسائل الشهيد الثاني 1: 222.
- ↑ . كتاب الزكاة الأنصاري: 362.
- ↑ . الوسائل 9: 283، الباب 37 من أبواب المستحقّين للزكاة، ح 4.
- ↑ . البحر الرائق ابن نجيم 1: 47 و 122 و 360، حاشية ردّ المحتار 6: 317.
- ↑ . كتاب الصلاة النائيني 1: 253.
- ↑ . الوسائل 4: 347، باب 2 من أبواب لباس المصلّي، ح 7.
- ↑ . المجموع 13: 369.
- ↑ . المسائل المنتخبة الروحاني: 278.
- ↑ . مستند الشيعة 16: 99.
- ↑ . الناصريات المرتضى: 331.
- ↑ . مواهب الجليل 3: 521 .
- ↑ . المبسوط السرخسي 1: 115 و 12: 27 و 22: 150.
- ↑ . زبدة الأصول 3: 469.
- ↑ . كتاب المكاسب 4: 281، بلغة الفقيه بحر العلوم 2: 81 و140 فما بعدها، منهاج الفقاهة (الروحاني) 5: 111.
- ↑ . تذكرة الفقهاء 11: 36، حاشية المكاسب الإصفهاني 3: 361، محصل المطالب في تعليقات المكاسب 5: 204.
- ↑ . تذكرة الفقهاء 4: 269، رسائل الكركي 1: 152، شرح نجاة العباد أبو طالب الأراكي 1: 143، القضاء في الفقه الإسلامي (الحائري): 84 ـ 86، نهج الحقّ وكشف الصدق: 508 ـ 509.
- ↑ . المحصول الرازي 1 : 15، الإحكام (الآمدي) 1 ـ 2 : 106، القوانين المحكمة 1: 282 و286، الحاشية على كفاية الأصول 1 : 370، هداية المسترشدين 2 : 285، الأصول العامّة للفقه المقارن : 61.
- ↑ . مصباح الأصول 3 : 78، دروس في علم الأصول 1 : 178.
- ↑ . مصباح الفقاهة 1: 378، إعانة الطالبين 4: 7.
- ↑ . عوائد الأيّام: 440، الفصول الغروية: 271، أصول الفقه المظفر 2: 379.
- ↑ . المستصفى 1: 107 و1: 246، المنخول: 596، الإحكام الآمدي 3: 150، المحصول 1: 572 ، هداية المسترشدين 3: 46 و 86 و 99، تقريرات المجدّد الشيرازي 2: 380 و 3: 8، وقاية الأذهان: 331.
- ↑ . تعليقة على معالم الأصول 2: 483، العناوين الفقهية 2: 632، زبدة الأصول الروحاني 1: 429.
- ↑ . نهاية النهاية 1: 182 و 183، نهاية الأفكار ج4، ق2: 256.