ستر العورة

من ویکي‌وحدت

جامع الخلاف والوفاق (ستر العورة): يشير عنوان: «جامع الخلاف والوفاق» إلی کتاب فيها أحکام تطبيقية فقهية بين الإمامية والمذاهب الاخری خصوصاً الشافعية و الحنفية، وهو کتاب جامع في الخلاف والوفاق بين المذاهب، لعلي بن محمد بن محمد القمي المتوفی سنة 700 من الهجرة حدوداً، وهو شرح للقسم الثالث من کتاب «الغنية» لأبي المکارم سيد بن زهرة الحلبي المتوفی 585ق، لأن کتاب الغنية علی ثلاثة أقسام، القسم الأول في الکلام، والقسم الثاني في أصول الفقه، والقسم الثالث في فروع الفقه، وهذا شرح علی القسم الثالث وأضاف المصنف في هذا الشرح الوفاقيات من الآراء والأقوال من أهل السنة خصوصاً الشافعية و الحنفية. وفي هذا المقال نقدم للقارئ الکريم مبحث ستر العورة.

فصل في ستر العورة وما تستر به

والعورة الواجب سترها من الرجال القبل والدبر. [١] خلافا لهما فإنها عند الشافعية ما بين السرة إلى الركبة وعند الحنفية ما تحت السرة إلى الركبة، والركبة عندهم عورة. [٢]
لنا إجماع الأمة على أن ما ادعيناه من القبل والدبر عورة وليس على ما زاد عليه إجماع فلا يثبت إلا بدليل. وما عداهما من السرة إلى الركبة مستحب للرجل. «ومن النساء جميع أبدانهن».[٣] وفي رواية إلا الجبهة والكفين. [٤] وفي أخرى وظهور القدمين. [٥]
والأولى ستر ما خلا وجهها، ومن الإماء جميع أبدانهن إلا الرؤس وما استثني من الحرائر.
وعورة الحرة عند الشافعية جميع بدنها إلا الوجه واليدين إلى الكوعين، وظهر القدم عورة في الصلاة وفي أخمصها وجهان، وما يبدو من الأمة في حال المهنة ليس بعورة وما بينهما إلى محل عورة الرجل فيه وجهان [٦] أحدهما أنه عورة والثاني أنه ليس بعورة وعليه أكثر أصحاب الشافعي وإنما عليها ستر ما بين السرة إلى الركبة مثل الرجل.
لنا أن الأخبار في أن المرأة كلها عورة وإذا وردت أخبار بجواز كشف رأسها خصصنا بها وما سواه داخل تحت العموم. [٧]
وعند الحنفية: بدن الحرة كلها عورة لقوله (عليه السلام) المرأة عورة مستورة إلا وجهها وكفيها[٨] لقوله تعالى: «ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها»[٩] قيل: هي الكحل والخاتم يعني موضعهما[١٠] وما كان عورة من الرجل فهو عورة من الأمة بطريق الأولى وبطنها وظهرها عورة وما سوى ذلك فليس بعورة لما روي من أن عمر بن الخطاب [١١] رأى جارية مقنعة قال لها: ألقي عنك الخمار يا دفار تتشبهين بالحرائر. [١٢]
لنا ما تقدم من الدليل على أنها كلها عورة إلا رأسها.
" وأما ما به تستر فشرطه أن يكون مملوكا أو في حكم المملوك وأن يكون طاهرا ومما ينبت الأرض كالقطن والكتان وغيرهما من النبات إذا صح الاستتار به، أو يكون شعر ما يؤكل لحمه أو صوفه أو وبره وكذا جلده إذا كان مذكى ".[١٣]
ولا يجوز الصلاة في جلد ما لا يؤكل لحمه، سواء ذكي أو لم يذك، دبغ أو لم يدبغ، خلافا للشافعي فإنه يجوز الصلاة في جلد ما لا يؤكل لحمه إذا دبغ إلا الكلب والخنزير فإنه لا يجوز الصلاة في جلدهما ولأبي حنيفة إلا في جلد الخنزير فإنه يجوز الصلاة في جلد الكلب إذا دبغ. [١٤]
لنا ما قدمنا من الدلالة على أن جلد الميتة لا يطهر بالدباغ لأن اسم الميتة كما يتناوله قبل الدباغ يتناوله بعده [ و ] إذا لم يطهر يكون نجسا فلا يجوز الصلاة فيه، وأما الحيوان الذي لا يؤكل لحمه لا تؤثر الذكاة في طهارته، وينجس جلده وساير أجزائه عند الشافعي وإنما يطهر ما يطهر منها بالدباغ. [١٥]
لنا أنه إذا اعترف بنجاسته فلا بد له من دليل يدل على طهارته بعد الدباغ وإلا فهو باق على نجاسته فلا يجوز الصلاة فيه " وقال أبو حنيفة: يطهره بالذكاة ".[١٦] فلا أثر للدباغ عنده.
جلد الحيوان الذي لا يؤكل لحمه عدا الكلب والخنزير إذا كان مذكى ومدبوغا يجوز التصرف فيه بالاستعمال عندنا لكن لا يجوز الصلاة فيه لأن جواز الصلاة فيه حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل شرعي ولا دليل يدل عليه.
ولا يجوز الصلاة في الإبريسم المحض للرجال خلافا لجيمع الفقهاء. [١٧]
لنا أنه حرام عليهم لبسه، فلبسه والصلاة فيه بالإجماع معصية وستر العورة واجب و لا يصح التقرب إلى الله تعالى بالمعصية وكذلك المغصوب من الثياب لا يجوز لبسه والصلاة فيه.
وإذا اختلط القطن أو الكتان بالإبريسم زال تحريم لبسه وقال الشافعي لا يزول إلا إذا تساويا أو يكون القطن أكثر. [١٨]
لنا الأصل الإباحة والمنع يحتاج إلى دليل.
ويجوز الصلاة في الخز الخالص. [١٩]
ولا يجوز في المغشوش بوبر الأرانب خلافا لجميع الفقهاء. [٢٠]
لنا ما ذكرنا أن الصلاة لا يجوز في وبر ما لا يؤكل لحمه ولا في جلده فلا نعيد ذكره.
وقد وردت رخصة في جواز الصلاة للنساء في الإبريسم المحض وفيما لا يتم الصلاة فيه منفردا وإن كان نجسا وذلك مثل الخف والنعل والقلنسوة والتكة والجورب، والتنزه عن ذلك أفضل. [٢١] وخالف جميع الفقهاء في ذلك. [٢٢] وطريقة الاحتياط يقتضي التنزه عنه.
ويكره الصلاة في المذهب والملحم بالحرير وفي الثوب المصبوغ، وأشد كراهة الأسود. [٢٣] خلافا لجميع الفقهاء.
لنا طريقة الاحتياط وقول أبي عبد الله (عليه السلام): يكره السواد إلا في ثلاثة: الخف، والعمامة، والكساء وسئل عن الصلاة في القلنسوة السوداء فقال: لا تصل فيها فإنها لباس أهل النار. [٢٤] ومتى وجد بعد الصلاة على ثوبه نجاسة، وكان العلم بها قد تقدم، أعادها على كل حال، وإن لم يتقدم، أعادها إن كان الوقت باقيا، وإلا فلا. [٢٥]
وقال أبو حنيفة و الشافعي: يعيدها على كل حال. [٢٦]
العريان إذا كان بحيث لا يراه أحد صلى قائما، وإن كان بحيث لا يأمن أن يراه صلى جالسا. خلافا للشافعي فإنه قال: العريان كالمكتسي يصلي قائما ولم يفصل.
وقال أبو حنيفة: هو بالخيار بين أن يصلي قائما أو قاعدا. [٢٧]
لنا طريقة الاحتياط إذا أمن يقتضي أن يصلي قائما وإذا لم يأمن يقتضي أن يصلي قاعدا وأيضا فإن ستر العورة واجب وإذا لم يمكن ذلك إلا بالقعود فوجب عليه ذلك.
" وإذا لم يجد إلا ثوبا نجسا يصلي عريانا ولا إعادة وبه قال الشافعي ومن أصحابه من قال: يصلي فيه ويعيد. وقال أبو حنيفة: إن كان كله نجسا فهو بالخيار بين أن يصلي فيه، وأن يصلي عريانا، و إن كان ربعه طاهرا فعليه أن يصلي فيه ".[٢٨]
لنا أنه إذا لم يجد ثوبا يجب عليه أن يصلي عريانا إجماعا والثوب النجس لا يجوز فيه الصلاة إجماعا فوجوده كعدمه فيجب عليه أن يصلي عريانا.

المصادر

خختصنيف: الفقه المقارن]]

  1. الغنية 65 .
  2. الخلاف : 1 / 398 مسألة 149 .
  3. الغنية 65 .
  4. سنن البيهقي : 10 / 251 حديث 13783 .
  5. الخلاف : 1 / 392 مسألة 144 ، الهداية في شرح البداية : 1 / 45 .
  6. الوجيز : 1 / 48 .
  7. الخلاف : 1 / 397 مسألة 147 .
  8. الهداية في شرح البداية : 1 / 45 .
  9. النور : 31 .
  10. سنن البيهقي : 10 / 251 حديث 13780 .
  11. أي عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى ، وأمه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة ولد بعد الفيل بثلاث عشرة سنة ، وأسلم بعد خمسة وأربعين رجلا وإحدى عشر امرأة وطعن يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة ، سنة ( 23 ه‍ ) وتوفي وهو ابن ( 63 ) سنة . أسد الغابة : 3 / 642 رقم 3824 .
  12. الهداية في شرح البداية : 1 / 46 .
  13. الغنية 65 .
  14. الخلاف : 1 / 511 مسألة 256 واللباب في شرح الكتاب : 1 / 24 والوجيز : 1 / 10 .
  15. الخلاف : 1 / 63 مسألة 11 .
  16. الخلاف : 1 / 63 مسألة 11 .
  17. الخلاف : 1 / 504 مسألة 245 .
  18. الخلاف : 1 / 505 مسألة 246 .
  19. الغنية 66 .
  20. الخلاف : 1 / 512 مسألة 257 .
  21. الغنية 66 .
  22. الخلاف : 1 / 479 مسألة 223 .
  23. الغنية 66 .
  24. الخلاف : 1 / 506 مسألة 247 .
  25. الغنية 66 .
  26. الخلاف : 1 / 478 مسألة 221 وفيه ( لا تجب عليه الإعادة ) . أنظر المجموع : 3 / 162 والسراج الوهاج : 55 .
  27. الخلاف : 1 / 399 مسألة 151 .
  28. الخلاف : 1 / 398 مسألة 150 .