ستر العورة

من ویکي‌وحدت

ستر العورة: والعورة من الرجال القُبُل و الدُبُر، ومن النساء تمام بدن المرأة إلا الوجه والکفين. والمقصود في هذا المقال بيان أن ستر العورة شرط في صحة الصلاة. وهناك مباحث حول هذا الشرط من وجهة نظر فقهاء الإمامية و أهل السنة خصوصاً الشافعية و الحنفية.

ستر العورة وما تستر به

والعورة الواجب سترها من الرجال القبل والدبر. [١] لـ إجماع الأمة على أن ما ادعيناه من القبل والدبر عورة وليس على ما زاد عليه إجماع فلا يثبت إلا بدليل. وما عداهما من السرة إلى الركبة مستحب للرجل. «ومن النساء جميع أبدانهن».[٢] وفي رواية إلا الجبهة والكفين. [٣] وفي أخرى وظهور القدمين. [٤] خلافا للشافعية والحنفية، فإنها عند الشافعية ما بين السرة إلى الركبة وعند الحنفية ما تحت السرة إلى الركبة، والركبة عندهم عورة. [٥]
والأولى ستر ما خلا وجهها، ومن الإماء جميع أبدانهن إلا الرؤس وما استثني من الحرائر، لـ الأخبار في أن المرأة كلها عورة وإذا وردت أخبار بجواز كشف رأسها خصصنا بها وما سواه داخل تحت العموم. [٦]
وعورة الحرة عند الشافعية جميع بدنها إلا الوجه واليدين إلى الكوعين، وظهر القدم عورة في الصلاة وفي أخمصها وجهان، وما يبدو من الأمة في حال المهنة ليس بعورة وما بينهما إلى محل عورة الرجل فيه وجهان [٧] أحدهما أنه عورة والثاني أنه ليس بعورة وعليه أكثر أصحاب الشافعي وإنما عليها ستر ما بين السرة إلى الركبة مثل الرجل.
وعند الحنفية: بدن الحرة كلها عورة لقوله (عليه السلام) المرأة عورة مستورة إلا وجهها وكفيها[٨] لقوله تعالى: «ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها»[٩] قيل: هي الكحل والخاتم يعني موضعهما[١٠] وما كان عورة من الرجل فهو عورة من الأمة بطريق الأولى وبطنها وظهرها عورة وما سوى ذلك فليس بعورة لما روي من أن عمر بن الخطاب [١١] رأى جارية مقنعة قال لها: ألقي عنك الخمار يا دفار تتشبهين بالحرائر. [١٢]
" وأما ما به تستر فشرطه أن يكون مملوكا أو في حكم المملوك وأن يكون طاهرا ومما ينبت الأرض كالقطن والكتان وغيرهما من النبات إذا صح الاستتار به، أو يكون شعر ما يؤكل لحمه أو صوفه أو وبره وكذا جلده إذا كان مذكى ".[١٣]
ولا يجوز الصلاة في جلد ما لا يؤكل لحمه، سواء ذكي أو لم يذك، دبغ أو لم يدبغ، لما قدمنا من الدلالة على أن جلد الميتة لا يطهر بالدباغ لأن اسم الميتة كما يتناوله قبل الدباغ يتناوله بعده [ و ] إذا لم يطهر يكون نجسا فلا يجوز الصلاة فيه. خلافا للشافعي فإنه يجوز الصلاة في جلد ما لا يؤكل لحمه إذا دبغ إلا الكلب والخنزير فإنه لا يجوز الصلاة في جلدهما ولأبي حنيفة إلا في جلد الخنزير فإنه يجوز الصلاة في جلد الكلب إذا دبغ. [١٤]
وأما الحيوان الذي لا يؤكل لحمه لا تؤثر الذكاة في طهارته، وينجس جلده وساير أجزائه عند الشافعي وإنما يطهر ما يطهر منها بالدباغ. [١٥] خلافاً للإمامية لأنه إذا اعترف بنجاسته فلا بد له من دليل يدل على طهارته بعد الدباغ وإلا فهو باق على نجاسته فلا يجوز الصلاة فيه " وقال أبو حنيفة: يطهره بالذكاة ".[١٦] فلا أثر للدباغ عنده.
جلد الحيوان الذي لا يؤكل لحمه عدا الكلب والخنزير إذا كان مذكى ومدبوغا يجوز التصرف فيه بالاستعمال عندنا لكن لا يجوز الصلاة فيه لأن جواز الصلاة فيه حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل شرعي ولا دليل يدل عليه.
وقال الإمامية لا يجوز الصلاة في الإبريسم المحض للرجال لأنه حرام عليهم لبسه، فلبسه والصلاة فيه بالإجماع معصية وستر العورة واجب و لا يصح التقرب إلى الله تعالى بالمعصية وكذلك المغصوب من الثياب لا يجوز لبسه والصلاة فيه، خلافا لجيمع الفقهاء. [١٧]
وإذا اختلط القطن أو الكتان بالإبريسم زال تحريم لبسه لـ الأصل و الإباحة والمنع يحتاج إلى دليل. وقال الشافعي لا يزول إلا إذا تساويا أو يكون القطن أكثر. [١٨]
ويجوز الصلاة في الخز الخالص. [١٩]
ولا يجوز في المغشوش بوبر الأرانب لأن الصلاة لا يجوز في وبر ما لا يؤكل لحمه ولا في جلده، خلافا لجميع الفقهاء. [٢٠]
وقد وردت رخصة في جواز الصلاة للنساء في الإبريسم المحض وفيما لا يتم الصلاة فيه منفردا وإن كان نجسا وذلك مثل الخف والنعل والقلنسوة والتكة والجورب، والتنزه عن ذلك أفضل. [٢١] وخالف جميع الفقهاء في ذلك. [٢٢] وطريقة الاحتياط يقتضي التنزه عنه.
ويكره الصلاة في المذهب والملحم بالحرير وفي الثوب المصبوغ، وأشد كراهة الأسود. [٢٣] لـ الاحتياط وقول أبي عبد الله (عليه السلام): يكره السواد إلا في ثلاثة: الخف، والعمامة، والكساء وسئل عن الصلاة في القلنسوة السوداء فقال: لا تصل فيها فإنها لباس أهل النار. [٢٤] خلافا لجميع الفقهاء. ومتى وجد بعد الصلاة على ثوبه نجاسة، وكان العلم بها قد تقدم، أعادها على كل حال، وإن لم يتقدم، أعادها إن كان الوقت باقيا، وإلا فلا. [٢٥]
وقال أبو حنيفة و الشافعي: يعيدها على كل حال. [٢٦]
وقال الإمامية العريان إذا كان بحيث لا يراه أحد صلى قائما، وإن كان بحيث لا يأمن أن يراه صلى جالسا، لطريقة الاحتياط إذا أمن يقتضي أن يصلي قائما وإذا لم يأمن يقتضي أن يصلي قاعدا وأيضا فإن ستر العورة واجب وإذا لم يمكن ذلك إلا بالقعود فوجب عليه ذلك. خلافا للشافعي فإنه قال: العريان كالمكتسي يصلي قائما ولم يفصل. وقال أبو حنيفة: هو بالخيار بين أن يصلي قائما أو قاعدا. [٢٧]
وإذا لم يجد إلا ثوبا نجسا يصلي عريانا ولا إعادة، لأنه إذا لم يجد ثوبا يجب عليه أن يصلي عريانا إجماعا والثوب النجس لا يجوز فيه الصلاة إجماعا فوجوده كعدمه فيجب عليه أن يصلي عريانا. وبه قال الشافعي ومن أصحابه من قال: يصلي فيه ويعيد. وقال أبو حنيفة: إن كان كله نجسا فهو بالخيار بين أن يصلي فيه، وأن يصلي عريانا، و إن كان ربعه طاهرا فعليه أن يصلي فيه.[٢٨]

المصادر

  1. الغنية 65 .
  2. الغنية 65 .
  3. سنن البيهقي : 10 / 251 حديث 13783 .
  4. الخلاف : 1 / 392 مسألة 144 ، الهداية في شرح البداية : 1 / 45 .
  5. الخلاف : 1 / 398 مسألة 149 .
  6. الخلاف : 1 / 397 مسألة 147 .
  7. الوجيز : 1 / 48 .
  8. الهداية في شرح البداية : 1 / 45 .
  9. النور : 31 .
  10. سنن البيهقي : 10 / 251 حديث 13780 .
  11. أي عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى ، وأمه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة ولد بعد الفيل بثلاث عشرة سنة ، وأسلم بعد خمسة وأربعين رجلا وإحدى عشر امرأة وطعن يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة ، سنة ( 23 ه‍ ) وتوفي وهو ابن ( 63 ) سنة . أسد الغابة : 3 / 642 رقم 3824 .
  12. الهداية في شرح البداية : 1 / 46 .
  13. الغنية 65 .
  14. الخلاف : 1 / 511 مسألة 256 واللباب في شرح الكتاب : 1 / 24 والوجيز : 1 / 10 .
  15. الخلاف : 1 / 63 مسألة 11 .
  16. الخلاف : 1 / 63 مسألة 11 .
  17. الخلاف : 1 / 504 مسألة 245 .
  18. الخلاف : 1 / 505 مسألة 246 .
  19. الغنية 66 .
  20. الخلاف : 1 / 512 مسألة 257 .
  21. الغنية 66 .
  22. الخلاف : 1 / 479 مسألة 223 .
  23. الغنية 66 .
  24. الخلاف : 1 / 506 مسألة 247 .
  25. الغنية 66 .
  26. الخلاف : 1 / 478 مسألة 221 وفيه ( لا تجب عليه الإعادة ) . أنظر المجموع : 3 / 162 والسراج الوهاج : 55 .
  27. الخلاف : 1 / 399 مسألة 151 .
  28. الخلاف : 1 / 398 مسألة 150 .