زيد بن أسلم

زيد بن أسلم: كان من التابعين الذي أدرك الصحابة ونقل عنهم الروايات، فهو أحد الرواة المشتركين في مصادر أهل السنة و الشيعة. وهو رجل ذو هيبة ولم يكن أحد من تلامذته يجترئ فيقول له: أسمعتَ؟ وكانت له في مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بالمدينة حلْقة للفتوى‏ والعلم وكان يحضر مجلس درسه أربعون فقيهاً، ونُسب إليه كتاب في التفسير. وذكر ابن حجر أنّه كان ينقل الحديث على‏ نحو الإرسال أحياناً، ولهذا فقد اتّهمه ابن عبد البّر بالتدليس، ورغم ذلك فقد وثّقه العلماء الكبار من أهل السنة، وأشادوا بصلاحه وعلمه. وأمّا الرجاليّون من الشيعة، فقد ضعّفه الشيخ الطوسي و العلامة الحلي، بينما اكتفى‏ الباقون بذكره فقط.

زيد بن أسلم (... ــ 136ق)

من الرواة المشتركين.
كنيته: أبو عبداللَّه، أبو أُسامة.
نسبه: العَدَوي، العُمَري، القُرَشي.
لقبه: المَدَني.
طبقته: الثالثة.
اعتبرته الكثير من المصادر التي ترجمت له مولىً لـ عمر بن الخطاب. وهذا عجيب، حيث إنّ عمر توفّي سنة 23 هـ، بينما توفّي زيد بن أسلم سنة 136 هـ ! وكذا اعتبره الذهبي في تاريخ الإسلام مولىً لعمر، غير أنّه ذكر في سير أعلام النبلاء أنّ أباه «أسلم» كان مولىً لعمر. مع أنّ أحداً ممّن ترجم له لم يعتبره من المعمّرين.
كان له ثلاثة أبناء، وهم: أُسامة وعبداللَّه وعبد الرحمان، وأخ اسمه خالد، وكان هؤلاء جميعاً من رواته. وعدّ ابن حبان زيداً وأخاه من التابعين الذين أدركوا الصحابة، ونقلوا عنهم الروايات.
كان زيد يحدّث من تلقاء نفسه، فإذا سكت قام، فلا يجترئ عليه إنسان، ويقول محمد بن عَجْلان الذي كان من ائمة وأعلام التابعين: «ما هبتُ أحداً قطّ هيبتي زيدَ ابن أسلم». ولم يكن أحد من تلامذته يجترئ فيقول له: أسمعتَ؟ غير محمد بن عبدالرحمان، فإنّه كان يسأله: هل أنّ ما ينقله سمعه بنفسه أم لا.
كان زيد يخالف الاعتقاد بالقَدَر بشدّة، حتّى‏ كان يسمّي من يعتقد بالقدر بإخوة إبليس، بل كان ينعتهم بأسوأ من ذلك. وكانت له في مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بالمدينة حلْقة للفتوى‏ والعلم، وكان يحضر مجلس درسه - طبقاً لما نقل أبو حازم - أربعون فقيهاً.
ونُسب إليه كتاب في التفسير، رواه عنه ابنه عبدالرحمان، وأورد ابن النديم اسم هذا التفسير ضمن ذكره لتفاسير القرآن المجيد، التفسير بالأخذ بالرأي، إلّا أنّ أحداً لم يضعّفه بسبب ذلك. وكان زيد مع عمر بن عبد العزيز أيام خلافته، واستقدمه الوليد ابن يزيد في‏جماعة من فقهاء المدينة مستفتياً لهم في مسألة الطلاق قبل النكاح.
هذا ونقل ابن عساكر عنه أنّه اشترك في غزو الاسكندرية. ويبعد قبول هذا الأمر ؛ لأنّ فتح الاسكندرية كان سنة 21 هـ، إلّا إذا نسبنا هذا الكلام لأبيه أسلم، وأنّ ابن عساكر قد أخطأ في نقله أو اشتبه النُسّاخ فيه.

موقف الرجاليّين منه

ذكر ابن حجر أنّه كان ينقل الحديث على‏ نحو الإرسال أحياناً، ولهذا فقد اتّهمه ابن عبد البّر بالتدليس، ورغم ذلك فقد وثّقه العلماء الكبار من أهل السنة، وأشادوا بصلاحه وعلمه. حتّى‏ إنّ الذهبي قال عن صاحب الكامل: «تناكد ابن عدي بذكره في الكامل، فإنّه ثقة حجّة».
وأمّا الرجاليّون من الشيعة، فقد ضعّفه الشيخ الطوسي و العلامة الحلي، بينما اكتفى‏ الباقون بذكره.
هذا وعدّه الشيخ الطوسي - في موضع - في أصحاب الإمام السجاد عليه السلام.، فيما ذكر البخاري وغيره من علماء أهل السنة: أنّ السجاد عليه السلام كان يجلس الى زيد بن أسلم، ويتخطّى‏ مجالس قومه، حتّى‏ قال له نافع بن جبير بن مطعم: تخطّى‏ مجالس قومك إلى‏ عبد عمر! فقال: إنّما يجلس الرجل الى‏ من ينفعه في دينه.
وعلّق عليه الأمين قائلاً: «نحن نعلم أنّ زين العابدين أحد ائمة البيت الطاهر، مفاتيح باب مدينة العلم، وشركاء القرآن، لم يكن بحاجة إلى‏ الانتفاع في دينه من أحدٍ سوى ما ورثه عن آبائه الطاهرين، قلنا بعصمته - كما هو الحقّ - أم لم نقل، وإنّما كان يجلس إليه إكراماً له؛ لكونه من أتباعه، ولينفعه في دينه لا لينتفع منه».
كما عدّه الشيخ الطوسي أيضاً - في موضع آخر - في أصحاب الإمام الصادق عليه السلام، وقال: «فيه نظر». إلّا أنّ الخوئي قال: «يبعد أن يكون من هو مولى عمر بن الخطاب قد أدرك الصادق عليه السلام، والظاهر أنّ قول الشيخ: «فيه نظر» ناظر إلى‏ ذلك، وأنّه لم يثبت كونه من أصحاب الصادق عليه السلام وإن ذكره ابن عقدة منهم».

من روى عنهم ومن رووا عنه

روى‏ عن الإمام علي بن الحسين السجاد عليه السلام.
وروى‏ أيضاً عن جماعة، منهم: أبوه أسلم، ابن عمر، أبو هريرة، جابر، سَلَمة بن الأكوع، عائشة، أُمّ الدرداء الصُغرى‏. إلّا أنّ ابن معين اعتبر أحاديثه عن أبي هريرة وجابر مرسلة.
وروى‏ عنه جماعة كثيرة، منهم: أبناؤه الثلاثة: أُسامة وعبدالرحمان وعبداللَّه، مالك بن أنس، عبدالرحمان بن عبداللَّه بن دينار، جَرير بن حازم، ابن جُرَيْج، الثوري، سُفيان بن عُيَيْنَة، رَوْح بن القاسم.
ووردت أحاديثه في الصحاح الستة لأهل السنّة، وقال الذهبي: «ظهر لزيد من المسند أكثر من مائتي حديث».

من رواياته

روى زيد عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: «الدين النصيحة» قال: قلنا: لمن يا رسول اللَّه؟ قال: «للَّه ولرسوله، ولكتابه، ولائمة المسلمين وعامتهم».
وروى بواسطتين عن النبي صلى الله عليه وآله قال: «لتتّبعُنّ سنن من قبلكم شبراً بشبرٍ، وذراعاً بذراعٍ، حتّى لو سلكوا حُجر ضَبٍّ لسلكتموه».

وفاته

توفّي زيد سنة 136 هـ، إبّان تسلّم أبي جعفر الدوانيقي الخلافة.