زيد بن علي بن الحسين
زيد بن علي بن الحسين: هو من الذرّية الطيّبة لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله، وتُنسب إليه فرقة الزيدية. وكان زيد نموذجاً بارزاً لتربية أهل البيت عليهم السلام، ومثالاً أعلى لتلكم الفضائل التي سقوها للأجيال المتلاحقة، فقد احتذى مثال آبائه في كثرة العبادة والاستغفار وقراءة القرآن حتّى عُرف بـ «حليف القرآن». ونقل أنّه انتهت الفصاحة و الخطابة والزهادة والعبادة في بني هاشم إليه. وقد كانت ملوك بني أُمية تكتب الى صاحب العراق: أن امنع أهل الكوفة من حضور زيد ابن علي، فإنّ له لساناً أقطع من ظبّة السيف، وأحدّ من شبا الأسنّة، وأبلغ من السحر والكهانة، ومن كلّ نفث في عقدة. ووصفه الإمام الرضا عليه السلام بأنّه من علماء آل محمد. ولزيد آثار علمية من الكتب والرسائل في علوم القرآن و الحديث والفقه أشهرها: المجموع الفقهي، المجموع الحديثي، تفسير غريب القرآن وغيرها. وهو الذي قد جمع إلى جانب العلم والفكر: الجهاد وطلب الإصلاح في الأُمة، فهو يقول: «واللَّه، لو أعلم أن تُؤجّج لي نار بالحطب الجزل، فأُقذف فيها، وأنّ اللَّه أصلح لهذه الأُمة أمرها، لفعلت». وهو أحد الرواة المشتركين في مصادر أهل السنة و الشيعة، وقد استفاضت الروايات في مدح زيد وجلالته، وأنّه طلب بخروجه الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، ولذا اتّفق علماء الإسلام على جلالته وورعه وفضله. ويقول أبو حنيفة: «شاهدت زيد بن علي، فما رأيت في زمانه أفقه منه ولا أعلم، ولا أسرع جواباً، ولا أبين قولاً، لقد كان منقطع القرين».
زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (قبل 70 ــ 122ق)
من الرواة المشتركين.[١]
كنيته: أبو الحسين.[٢]
نسبه: الهاشمي، العَلَوي.[٣]
لقبه: زيد الأزياد، المدني.[٤]
طبقته: الرابعة.[٥]
هو من الذرّية الطيّبة لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله[٦]، وتُنسب إليه فرقة الزيدية.[٧] ينتهي نسبه من ناحية أبيه إلى الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام[٨]، وأُمّه أَمة اسمها «حورية» أو «حوراء» اشتراها المختار بن أبي عبيدة الثقفي، وبعد أن رأى فيها صفات اللياقة أهداها إلى الإمام علي بن الحسين عليهما السلام.[٩]
كان النبي صلى الله عليه وآله والائمة الأطهار: قد نوّهوا باسمه وعلاماته وصفاته قبل ولادته بعشرات السنين، وذكروا أنّه ينال الشهادة، ويُصلب في كناسة الكوفة.[١٠]
روى ابن قولويه قال: روى بعض أصحابنا، قال: كنت عند علي بن الحسين عليهما السلام، فكان إذا صلّى الفجر لم يتكلّم حتّى تطلع الشمس، فجاؤوه يوم ولد فيه زيد، فبشّروه به بعد صلاة الفجر، قال: فالتفت إلى أصحابه وقال: «أيّ شيءٍ ترون أن أُسمِّي هذا الموعود؟ فقال كلّ رجل منهم: سمِّه كذا، سمِّه كذا. قال: فقال: «يا غلام عليَّ بالمصحف»، فجاءوا بالمصحف فوضعه على حجره، قال: ثم فتحه، فنظر إلى أول حرفٍ في الورقة فإذا فيه: «فضّل اللَّه المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً»ثم أطبقه، ثم فتحه ثلاثاً فنظر فيه فإذا في أول ورقةٍ: «إنّ اللَّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة يقاتلون في سبيل اللَّه فيقتلون ويُفقتلون وعداً عليه حقّاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من اللَّه فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم» ثم قال: «هو واللَّه زيد، وهو اللَّه زيد».[١١] وعلّق السيد الأمين قائلاً: وذلك أنّه عليه السلام كان يعلم بما ورثه عن آبائه عن الرسول صلى الله عليه وآله أنّ الشهيد من أولاده اسمه زيد، والآيتان دلّتا على أنّه يقاتل ويُستشهد.[١٢]
وقد اختلفوا في عمر زيد حين استشهد. فقال ابن عساكر: «قتله يوسف بن عمر الثقفي بالكوفة سنة عشرين ومائة، ويقال: سنة اثنتين وعشرين ومائة، وكان له يوم قُتل اثنان وأربعون سنة».[١٣] وقال المحقّق المقرّم: «اتّفق جمهور المؤرّخين على أنّه استشهد وله اثنان وأربعون سنة، وحدّه ابن العماد في شذرات الذهب بثلاث وأربعين، وابن خرداد بثمان وأربعين، وعلى تصحيحنا لتقدير الولادة يكون عمره ستّاً وخمسين أو سبعاً وخمسين. وتقدّم اختيار ما اتُّفق عليه في تحديد سنة شهادته بالواحد والعشرين بعد المائة...».[١٤]
تزوّج زيد عدّة زوجات، وخلف منهنّ أربعة أبناء، هم: يحيى وحسين وعيسى ومحمد.[١٥] وكان يحيى أكبرهم سنّاً، وهو الذي قام بنقل مجموعة الأدعية المعروفة ب «الصحيفة السجادية» عن أبيه عن جدّه الإمام زين العابدين .[١٦]
كان زيد نموذجاً بارزاً لتربية أهل البيت عليهم السلام، ومثالاً أعلى لتلكم الفضائل التي سقوها للأجيال المتلاحقة، فقد احتذى مثال آبائه في كثرة العبادة والاستغفار وقراءة القرآن حتّى عُرف بـ «حليف القرآن».[١٧] وكان يحيي الليل بالعبادة و الصلاة والدعاء، ويصوم في السنة ثلاثة شهور، ولايترك من الشهر ثلاثة أيام من دون صيام. وكان يبكي الليل من خشية اللَّه، ويكرّر قوله تعالى: «وجاءت سكرة الموت بالحقّ ذلك ما كنت منه تحيد».[١٨]
ونقل أنّه انتهت الفصاحة والخطابة والزهادة والعبادة في بني هاشم إليه.[١٩] وقد كانت ملوك بني أُمية تكتب الى صاحب العراق: أن امنع أهل الكوفة من حضور زيد ابن علي، فإنّ له لساناً أقطع من ظبّة السيف، وأحدّ من شبا الأسنّة، وأبلغ من السحر والكهانة، ومن كلّ نفث في عقدة.[٢٠] ووصفه الإمام الرضا عليه السلام بأنّه من علماء آل محمد.[٢١]
ولزيد آثار علمية من الكتب والرسائل في علوم القرآن والحديث والفقه أشهرها: المجموع الفقهي، المجموع الحديثي، تفسير غريب القرآن وغيرها.[٢٢]
وكان زيد قد جمع إلى جانب العلم والفكر: الجهاد وطلب الإصلاح في الأُمة، فهو يقول: «واللَّه، لو أعلم أن تُؤجّج لي نار بالحطب الجزل، فأُقذف فيها، وأنّ اللَّه أصلح لهذه الأُمة أمرها، لفعلت».[٢٣] وقال لأحد أصحابه يوماً: أما ترى هذه الثريا، أترى أحداً ينالها؟ قال صاحبه: لا، قال: واللَّه لوددت أنّ يدي ملصقة بها، فأقع إلى الأرض، أو حيث أقع، فانقطع قطعةً قطعةً، وأنّ اللَّه يجمع بين أُمة محمد صلى الله عليه وآله.[٢٤]
وقد كان سعيه للوصول إلى تلك الأهداف وتحقيقها، وفضح الجهاز الحاكم من جهة، وتعرّضه للاستصغار من قبل الخليفة هشام بن عبدالملك وعمّاله في المدينة والكوفة والشام من ناحية أُخرى، قد أدّت به أخيراً إلى أن يخيّر نفسه بين الحياة بذلّ أو الموت بعزّ، ليقول أخيراً لهشام: «واللَّه، لايحبّ الدنيا أحدٌ إلّا ذلّ».[٢٥]
وما ورد في بعض الروايات من ذمّ زيدٍ في نهضته، والتي نقلتها بعض المصادر الروائية وكتب التراجم والرجال، فإنّ التحقيقات التي جرت في مضامين وأسانيد هذه الروايات تشهد على ضعفها مقابل روايات المدح الكثيرة.
وعليه فإنّ دعوى البعض المبتنية على أنّ كلّ من نهض لغرض الإصلاح، ودعا الناس إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنّه مدّعٍ للإمامة، وكذلك الأقوال التي أوردها البعض - كابن عساكر - من أنّ زيداً إنّما خرج وثار بسبب إهانة هشام له، أو كانت ثورته للتصدّي للخلافة... ليست صحيحة، ولاتستند إلى أساس متين.[٢٦]
زيد وأهل البيت عليهم السلام
كانت العلاقة المتبادلة بين زيد و مَن عاصرهم من الائمة المعصومين عليه السلام، ممّا لايمكن إخفاؤه على أحد. ولذا وردت الروايات الكثيرة في مدحه أو ذمّه، وكذلك ثورته التي قام بها، وبيان أبعاد شخصيّته في المصادر الروائية وكتب التراجم والتاريخ.
فقد اتّفق علماء الشيعة الاثني عشرية على عظمة زيد، وثباته في عقيدته وسلوكه، وذكروه بعنوان «عالم آل محمد صلى الله عليه وآله» ممّا حدا بالكثير منهم أن يكتبوا عنه المؤلّفات الكثيرة في فضله وآثاره. وبحسب تتبّع صاحب «الذريعة» فإنّ إبراهيم بن محمد الثقفي (283ق) كان أوّل من ألّف كتاباً في أخبار زيد. وممّن ألّف فيه أيضاً:
أبو عبداللَّه محمد بن زكريا بن دينار الغلابي ساكن البصرة (298ق).
وأبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي (302ق).
والشيخ الصدوق (381 هـ ).[٢٧]
ومن الآثار المهمّة للمؤلّفين الشيعة حول شخصية وآثار زيد: كتاب زيد بن علي بن الحسين للميرزا محمد بن علي الاسترآبادي (1022 هـ ) والذي طُبع في آخر كتاب «منهج المقال». كما طبعت بعد ذلك - ولا سيّما في العقود الأخيرة - مقالات وكتب كثيرة حول زيد، من أهمّها: كتاب زيد الشهيد للمحقّق السيد عبد الرزاق المقرّم.
وقد نقل المؤلّف في هذا الكتاب أكثر من ثلاثين رواية عن الائمة المعصومين: في بيان فضل ومنزلة زيد، وكذلك نقل عدّة روايات عنه يقرّ فيها بإمامة الائمة المعصومين:، وقال أخيراً: «من جميع ما مرّ من الأحاديث ينكشف بوضوح لما ورد من الأحاديث الذامّة من الواقع، وأ نّها من وضع الكذّابين حلفاء الباطل، خصوصاً بعد ملاحظة شهادة علماء الرجال في حقّ رواتها، على أ نّا نشاهدهم فيما نقلناه من كلماتهم في حقّ زيد مصرّين على مدحه والثناء عليه بكلّ صراحة».[٢٨]
ثم تصدّى لذكر الروايات الدالّة على ذمّ زيد، ونقدها متناً وسنداً، ثم قال أخيراً: والأحاديث التي نسبت إليه: دعوى الإمامة تارةً، وتحريض الائمة عليهم السلام أصحابهم على معارضته وتعليمهم خطأه في هذا الخروج تارةً أُخرى... لو تأمّلها المنقّب لظهر له من خلال أحرفها أجنبيّتها عن الغاية المقصودة لهم، وهي الحطّ من مقام زيد الشهيد... وإن تكن تلك الدعوى - أي: دعوى زيد الإمامة - فإنّما الغرض منها استنقاذ الحقّ من أيدي المتغلّبين عليه ولاة الجور وأرباب الباطل، وإعادته إلى أهله، كما يفصح عنه قول الصادق عليه السلام: «كان زيد عالماً وصادقاً، وإنّما دعاكم إلى الرضا من آل محمد، ولو ظفر لوفى بما دعا إليه...».[٢٩]
وقال المحقّق الخوئي: «هذا وقد استفاضت الروايات غير ما ذكرنا في مدح زيد وجلالته، وأنّه طلب بخروجه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر... وإنّ استفاضة الروايات أغنتنا عن النظر في إسنادها». ثم تصدّى بعد ذلك لنقل الروايات التي دلّت على عدم رضا الإمام الصادق عن ثورة زيد، وأحياناً على منقصةٍ فيه، ثم استنتج أنّ عمدة هذه الروايات - سوى رواية الكليني في الكافي، التي سندها قوي ولكن دلالتها غير تامّة - ضعيفة السند، وأضاف: «ويؤكّد ما ذكرناه ما في عدّةٍ من الروايات من اعتراف زيد بإمامة ائمة الهدى:، وقد تقدّمت جملة منها، فتحصّل ممّا ذكرنا أنّ زيداً جليل ممدوح، وليس هنا شيء يدلّ على قدحٍ فيه وانحرافه».[٣٠]
زيد والعلماء المسلمون
ونكتفي هنا بكلام العلّامة الأميني، حيث إنّه - بعدما نقل عدداً من الروايات الواردة في مدح زيد، وبعدما ذكر جملةً كبيرةً من كبار علمائنا - قال: «فقد اتّفقوا جميعاً على معنىً واحدٍ وهو تنزيه ساحة زيد عن أيّ عيبٍ وشبهةٍ، وأنّ دعوته كانت إلهية، و جهاده في سبيل اللَّه. ويُعرب عن رأي الشيعة جمعاء قول شيخهم بهاء الملّة والدين العاملي في رسالة «إثبات وجود المنتظر»: إنّا معشر الإمامية لا نقول في زيد بن علي إلّا خيراً. والروايات عن ائمتنا في هذا المعنى كثيرة، وقال العلّامة الكاظمي في التكملة: اتّفق علماء الإسلام على جلالة زيد وورعه وفضله».[٣١]
وقال العلّامة المجلسي: «وأكثر الروايات تدلّ على أنّه مشكور، وأ نّه لم يدّعِ الإمامة... وإليه ذهب أكثر أصحابنا، بل لم أر في كلامهم غيره».[٣٢]
وروى علي بن محمد الخزّاز القمي بالإسناد عن يحيى بن زيد، قال: «سألت أبي عليه السلام عن الائمة، فقال: الائمة اثنا عشر، أربعة من الماضين، وثمانية من الباقين. قلت: فسمِّهم يا أبه. فقال: أمّا الماضين: فعلي بن أبي طالب والحسن والحسين وعلي بن الحسين، ومن الباقين: أخي الباقر، وجعفر الصادق ابنه، وبعده موسى ابنه، وبعده علي ابنه، (وبعده محمد ابنه)، وبعده علي ابنه، وبعده الحسن ابنه، وبعده المهدي. فقلت: يا أبه، ألست منهم؟ قال: لا، ولكنّي من العترة، قلت: فمن أين عرفت أساميهم؟ قال: عهد معهود، عهده إلينا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله».[٣٣]
ويقول أبو حنيفة: «شاهدت زيد بن علي، فما رأيت في زمانه أفقه منه ولا أعلم، ولا أسرع جواباً، ولا أبين قولاً، لقد كان منقطع القرين».[٣٤] وقال الشعبي: «ما ولدت النساء أفضل من زيد بن علي، ولا أفقه، ولا أشجع، ولا أزهد».[٣٥]
وقال عاصم بن عبداللَّه بن عمر بن الخطاب مخاطباً أهل الكوفة بعد شهادة زيد: «لقد أُصيب عندكم رجل ما كان في زمانه مثله، ولا أرى يكون بعده مثله، وقد رأيته وهو غلام حدث، وإنّه ليسمع الشيء من ذكر اللَّه فيغشى عليه حتّى يقول القائل: ما هو عائد إلى الدنيا».[٣٦] وقال الذهبي: «وكان ذا علمٍ وجلالةٍ وصلاح، هفا وخرج فاستشهد... خرج متأوّلاً، وقُتل شهيداً، وليته لم يخرج».[٣٧]
موقف الرجاليّين منه
اتّفق معظم علماء الشيعة، بل كلّهم تقريباً، على مدحه وجلالته. وعدّه الشيخ الطوسي في أصحاب الإمام علي بن الحسين والباقر والصادق: .[٣٨]
وأكثر علماء أهل السنة ذكره من دون جرح أو تعديل. وعدّه ابن حبان في الثقات[٣٩]، واعتبره ابن حجر ثقة.[٤٠] إلّا أنّ الجميع - شيعةً وسنّةً - اتّفقوا على جلالته وفضله. وقد وردت رواياته في الجوامع الروائية للفريقين، مثل: تهذيب الأحكام، من لايحضره الفقيه، سنن أبي داود والترمذي وابن ماجة، مسند علي للنسائي، مسند أحمد.[٤١]
من روى عنهم ومن رووا عنه
روى عن أبيه علي بن الحسين عليهما السلام، وأخيه الإمام الباقر عليه السلام.[٤٢]
وروى أيضاً عن جماعة، منهم: أبان بن عثمان بن عفان، عُبَيد اللَّه بن أبي رافع، عُروة بن الزبير.
وروى عنه جماعة، منهم: أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي، هاشم بن البريد، الأَجْلح بن عبداللَّه الكِنْدي، أبو حمزة الثمالي، أبو الجارود زياد بن المنذر، الأعمش، عبد الرحمان بن أبي الزِناد، ابنه عيسى، هارون بن سعد العِجْلي.
وذكر الأمين: أنّ ابن حجر في تهذيب التهذيب وابن عساكر في تاريخ دمشق ذكرا أنّ الصادق عليه السلام روى عنه. وعلّق قائلاً: «فإن أرادا روايته عنه في أحكام الدين، فالصادق عليه السلام لم يكن يأخذها عن غير آبائه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله عن جبرئيل عن اللَّه تعالى، وأن أرادا غيرها فليكن».[٤٣]
وممّا يجدر ذكره هنا: أنّ البعض ذكر أنّ زيداً تلمّذ عند واصل بن عطاء إمام المعتزلة. وقد ورد هذا المطلب لأول مرّة في «الملل والنحل» للشهرستاني[٤٤]، ونقل أيضاً في «وفيات الأعيان» و«فوات الوفيات». وادّعى هؤلاء أنّ زيداً أخذ مذهبه الكلامي من واصل بن عطاء! وإن واجهت هذه الدعوى الرفض والتشكيك من قبل المحقّقين الشيعة وأهل السنّة.
قال محمد أبو زهرة في الردّ على هذه الدعوى: «إنّ الرجلين - أي: زيد وواصل - كانا في سنّ واحدة، فقد ولد كلاهما في سنة 80 ه، ويظهر أنّهما عندما التقيا كان زيد في سنٍّ قد نضجت ؛ لأنّ واصلاً لايمكن أن يكون في مقام مَن يدرّس مستقلاًّ، إلّا إذا كان في سنٍّ ناضجة. ولهذا نرى أنّ التقاء زيد رضي اللَّه عنه بواصل ابن عطاء كان التقاء مذاكرة علمية، وليس التقاء تلميذٍ يتلقّى عن أُستاذٍ، فإنّ السنّ متقاربة، وزيد كان ناضجاً... الى أن قال: ونجد من الأخبار ما يذكر أنّ علماء آل البيت تكلّموا في العقائد، وكانوا قريبين ممّا قاله واصل بن عطاء، بل إنّا نجد من يقول: إنّ واصلاً تلقّى عقيدة الاعتزال عن آل البيت، فقد كانوا على علمٍ به، وخصوصاً محمد ابن الحنفية».[٤٥]
وكذلك فإنّ زيداً لو كان تلميذاً لواصل بن عطاء في الاعتزال لانعكست آراؤه في الكتب التي تركها زيد، في حين أنّنا لا نرى أثراً لهذه المسائل في كتبه.[٤٦]
من رواياته
روى زيد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: «من قُتل دون ماله فهو شهيد».[٤٧]
وروى عن أبيه عن جدّه، عن علي عليه السلام قال: «ما دخل عيني غمض ولا رأسي حتّى علمت ما نزّل به جبرئيل من حلال وحرام، وأمر ونهي، أو سنّة أو كتاب، أو فيما نزل وفي من نزل».[٤٨] وروى أيضاً عن أبيه، عن جدّه، عن علي قال: «أمرني رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين».[٤٩]
وفاته
استشهد زيد أثناء نهضته ضدّ السلطة الأموية بعد أن خذله أهل الكوفة في شهر صفر من سنة 122 هـ، ودفن في النهر ليكون قبره بعيداً عن أعين الأعداء، إلّا أنّ يوسف بن عمر والي هشام في العراق أخرجه من قبره، وصلبه في كناسة الكوفة.[٥٠]
المصادر
- ↑ اللباب في تهذيب الأنساب 2: 86، تهذيب التهذيب 3: 362، الجرح والتعديل 3: 568، تنقيح المقال 1: 467.
- ↑ وفيات الأعيان 5: 122، مختصر تاريخ دمشق 9: 149.
- ↑ فوات الوفيات 2: 35، سير أعلام النبلاء 5: 389، الوافي بالوفيات 15: 33.
- ↑ تهذيب التهذيب 3: 362، تاريخ الإسلام 8: 105.
- ↑ تقريب التهذيب 1: 276.
- ↑ سير أعلام النبلاء 5: 389.
- ↑ تهذيب التهذيب 3: 362.
- ↑ المصدر السابق.
- ↑ مقاتل الطالبيّين: 127، أعيان الشيعة 7: 107.
- ↑ تهذيب تاريخ دمشق 6: 20، نهج البلاغة 2: 306. والكناسة: اسم المكان الذي صَلَب فيه يوسف بن عمر الثقفي والي هشام على العراق زيداً.(معجم البلدان 4: 481).
- ↑ بحوث في الملل والنحل 7: 58، السرائر لابن إدريس 3: 637- 638.
- ↑ أبو الحسين زيدالشهيد: 5 و6.
- ↑ تهذيب تاريخ دمشق 6: 20.
- ↑ زيد الشهيد للمقرّم: 147. وانظر: بحوث في الملل والنحل 7: 61 - 65، الطبقات الكبرى 5: 9 23، خطط المقريزي 4: 312، رجال ابن داود: 100.
- ↑ عمدة الطالب: 258- 260.
- ↑ بحوث في الملل والنحل 7: 341.
- ↑ عمدة الطالب: 255، نور الأبصار: 403.
- ↑ أنظر: بحوث في الملل والنحل 7: 102، 103، زيد الشهيد للمقرّم: 25. والآية: 19 من سورة القمر.
- ↑ أعيان الشيعة 7: 108، خطط المقريزي 4: 317، 318.
- ↑ أعيان الشيعة 7: 108.
- ↑ عيون أخبار الرضا 1: 249، أعيان الشيعة 7: 109.
- ↑ بحوث في الملل والنحل 7: 119- 126، زيد الشهيد للمقرّم: 18- 21.
- ↑ زيد بن علي جهاد حقّ دائم: 70.
- ↑ الإمام زيد: 6، وانظر: مقاتل الطالبيّين: 129.
- ↑ الكامل في التاريخ 5: 232.
- ↑ مختصر تاريخ دمشق 9: 155، الإمام زيد: 68، 69.
- ↑ الذريعة 1: 331، 332.
- ↑ زيد الشهيد: 44 - 65.
- ↑ المصدر السابق: 64 - 86. وراجع كتاب «بحوث في الملل والنحل» 7: 195 - 202.
- ↑ معجم رجال الحديث 8: 359 - 368.
- ↑ الغدير 3: 71.
- ↑ مرآة العقول 4: 118.
- ↑ كفاية الأثر: 304.
- ↑ زيد بن علي جهاد حقّ دائم: 134 - 135.
- ↑ المصدر السابق: 136، وانظر: أعيان الشيعة 7: 108.
- ↑ المصدران السابقان.
- ↑ سير أعلام النبلاء 5: 389، 391.
- ↑ رجال الطوسي: 89، 122، 195.
- ↑ الثقات 4: 249 و 6: 313.
- ↑ تقريب التهذيب 1: 276.
- ↑ أنظر: معجم رجال الحديث 8: 369، تهذيب الكمال 10: 98، مسند أحمد 1: 78 - 79.
- ↑ تهذيب الكمال 10: 96، تهذيب التهذيب 3: 362.
- ↑ أبو الحسين زيد الشهيد: 88 - 89.
- ↑ الملل والنحل 1: 138 ب 6 من فرق الشيعة.
- ↑ الإمام زيد: 39 -40، 53.
- ↑ بحوث في الملل والنحل 7: 162.
- ↑ مسند أحمد 1: 78 - 79.
- ↑ شواهد التنزيل 1: 44.
- ↑ كنز العمال 13: 113.
- ↑ الطبقات الكبرى 5: 326، كتاب التاريخ الكبير 3: 403، كتاب الثقات 4: 250.