الفرق بين المراجعتين لصفحة: «تصريح الإمام الخميني بشأن اتفاقية الكابيتولاسيون (مقالة)»
| سطر ٣٧: | سطر ٣٧: | ||
== الخطاب القوي وإعلان الحداد العام == | == الخطاب القوي وإعلان الحداد العام == | ||
<div class="wikiInfo">[[ملف:افشاگری امام خمینی علیه کاپیتولاسیون (مقاله) 2.jpg|بديل=واقعة حرّة|مصغرة|الكابيتولاسيون]]</div> | <div class="wikiInfo">[[ملف:افشاگری امام خمینی علیه کاپیتولاسیون (مقاله) 2.jpg|بديل=واقعة حرّة|مصغرة|الكابيتولاسيون]]</div> | ||
بدأ الإمام خطابه في منزله بمدينة [[قم]] في يوم مولد [[فاطمة بنت محمد ( | بدأ الإمام خطابه في منزله بمدينة [[قم]] في يوم مولد [[فاطمة بنت محمد (الزهراء)|السيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)]], بتلاوة آية الاسترجاع: ''' إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (البقرة/156)'''. وأعلن ذلك اليوم يوم حداد عام لأمة إيران. وخاطب العلماء والروحانيين، والجيش، والسياسيين، والتجار، داعيًا إياهم إلى رفع الصوت وعدم الصمت، ولوم النظام على خيانة الوطن. | ||
=== ردود الفعل في المجتمع === | === ردود الفعل في المجتمع === | ||
مراجعة ١٤:٥٦، ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٥
تصريح الإمام الخميني بشأن اتفاقية الكابيتولاسيون، عنوان مقال يتناول موضوع اعتراض وكشف الإمام الخميني ضد قبول الكابيتولاسيون. مشروع قانون الكابيتولاسيون (حق القضاء القنصلي)، الذي أُقر في عام 1343 هـ ش (1964م) بواسطة حكومة حسن علي منصور ومجلس الشورى الوطني، كان وصمة تاريخية وانتهاكًا صريحًا لاستقلال وسيادة إيران. هذا المشروع منح للمواطنين والمستشارين الأمريكيين في إيران حصانة قضائية كاملة. كان اعتراض الإمام الخميني الحازم والكاشف في 4 آبان 1343 هـ ش نقطة تحول في نضالاته والحركة الإسلامية، ووجه تحديًا لـنظام بهلوي. تتناول هذه المقالة دراسة طبيعة مشروع قانون الكابيتولاسيون، أسباب اعتراض الإمام، مضمون خطابه التاريخي، وتبعات هذا الكشف.
مشروع قانون الكابيتولاسيون وأهمية الاعتراض
يُعتبر مشروع قانون الكابيتولاسيون (حق القضاء القنصلي) وصمة تاريخية وانتهاكًا صريحًا لاستقلال وسيادة إيران. أُقر هذا المشروع في عام 1343 هـ ش بواسطة حكومة حسن علي منصور ومجلس الشورى الوطني، ومنح للمواطنين والمستشارين الأمريكيين في إيران حصانة قضائية كاملة، بحيث إذا ارتكبوا أي جريمة على الأراضي الإيرانية، لا يخضعون لقوانين الدولة المضيفة.
الدور المحوري للإمام الخميني
كان اعتراض الإمام الخميني الحازم والكاشف في 4 آبان 1343 هـ ش، الذي يصادف مولد السيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها), ضد هذا القانون نقطة تحول في نضالاته والحركة الإسلامية، ووجه تحديًا لـنظام بهلوي. هذا التحرك أدخل مسيرة الكفاح ضد الاستعمار والاستبداد إلى مرحلة جديدة.
الكابيتولاسيون وأصوله
تعريف وطبيعة الكابيتولاسيون
التعريف القانوني
الكابيتولاسيون تعني منح امتياز قضائي لمواطني دولة أجنبية في أراضي الدولة المضيفة، بحيث إذا ارتكبوا جريمة، لا يخضعون لقوانين الدولة المضيفة، بل لقوانين دولتهم الأصلية (حق القضاء القنصلي).
الطبيعة الاستعمارية
هذا الامتياز يُعتبر دائمًا رمزًا للإذلال الوطني، والاستعمار، وانتهاك سيادة الدول الضعيفة من قبل القوى الكبرى. من الناحية الفقهية، كان اعتراض الإمام قائمًا على قاعدة نفى السبيل (عدم جواز سلطة الكافر على المؤمن).
الخلفية التاريخية في إيران
تم منح الكابيتولاسيون لأول مرة في إيران بعد الهزيمة في الحروب الإيرانية الروسية وبموجب معاهدة تركمانشاي لروسيا، ثم توسع في عهد القاجاريون ليشمل قوى أخرى. وأخيرًا، وبجهود أشخاص مثل سيد حسن مدرس، تم إلغاؤه بعد الدستور. في عهد نظام بهلوي، وفي ظل اعتماد النظام على الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على القروض والدعم العسكري، أعيد إحياء الكابيتولاسيون. تم تقديم هذا المشروع في عام 1342 هـ ش، وأُقر نهائيًا في 21 مهر 1343 هـ ش في مجلس الشورى الوطني، بطريقة سرية ودون إعلام كافٍ.
أسباب وطبيعة اعتراض الإمام الخميني
انتهاك الاستقلال والإذلال الوطني

وصف الإمام الخميني هذا المشروع بأنه «وثيقة استعباد أمة إيران» واعتبره عارًا أكبر من عهد القاجار. في خطابه التاريخي، استخدم مقارنة قوية لإيقاظ وتحفيز الرأي العام: «... إذا صدم طباخ أمريكي شاه إيران، فلا يحق لأحد الاعتراض... وإذا صدم أحد كلبًا أمريكيًا، يُحاسب؛ لكن إذا صدم شاه إيران، لا يحق لأحد الاعتراض». هذه الكلمات أظهرت عمق الإذلال الوطني. ثم أعلن: "هذا القرار المشين لمجلسي البرلمان مخالف لـالإسلام والقرآن، ولا شرعية له؛ مخالف لرأي الأمة المسلمة. نواب المجلسين ليسوا نواب الأمة؛ إنهم نواب السلاح! قرارهم لا قيمة له أمام الأمة والإسلام والقرآن."[١].
المعارضة للإسلام والقرآن
قاعدة نفى السبيل: الاستدلال الفقهي لـالإمام الخميني على بطلان هذا الاتفاق من منظور الشريعة الإسلامية. استند إلى الآية الكريمة: قالب:متن قرآن؛ التي تنفي أي سلطة أو هيمنة للكفار على حياة وأموال المؤمنين.
طبيعة النظام وأمريكا
لم يقتصر اعتراض الإمام على مشروع القانون فقط، بل اعتبره كشفًا لطبيعة نظام بهلوي التابع والقمعي وللولايات المتحدة الاستعمارية. «أمريكا أسوأ من بريطانيا، وبريطانيا أسوأ من أمريكا، والاتحاد السوفيتي أسوأ من الجميع. كلهم أسوأ من بعض، وكلهم أشرار». هذه العبارة تشير إلى تحول اتجاه النضال من القوى التقليدية (بريطانيا والاتحاد السوفيتي) إلى القوة الناشئة والمهيمنة وهي أمريكا.
الخطاب القوي وإعلان الحداد العام
بدأ الإمام خطابه في منزله بمدينة قم في يوم مولد السيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها), بتلاوة آية الاسترجاع: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (البقرة/156). وأعلن ذلك اليوم يوم حداد عام لأمة إيران. وخاطب العلماء والروحانيين، والجيش، والسياسيين، والتجار، داعيًا إياهم إلى رفع الصوت وعدم الصمت، ولوم النظام على خيانة الوطن.
ردود الفعل في المجتمع
أثار كشف الإمام موجة من الغضب والكراهية بين العلماء، والشعب، والطلاب، والتجار. وتكثفت هذه الاحتجاجات خاصة في قم والمدن الدينية الأخرى.
رفقاء الاعتراض
العلماء والروحانيون
أصدر العلماء والمراجع الدينية في مدن مختلفة مثل: آية الله السيد محمد هادي الميلاني من مشهد، بيانات ورسائل واعتراضات، مطالبين بإلغاء هذا المشروع فورًا. كما كتب طلاب مؤيدون لـالإمام الخميني رسائل احتجاج إلى السلطات الحكومية.
الشعب الثوري
شارك مختلف فئات الشعب في قم ومدن أخرى بحضور خطب الإمام وإرسال الرسائل، معبرين عن دعمهم لمواقفه وغضبهم.
عزلة الأحزاب السياسية
على عكس التوقعات، تشير التقارير التاريخية إلى أن معظم الأحزاب والتيارات السياسية آنذاك مثل الجبهة الوطنية وحركة الحرية لم تبدي رد فعل إيجابي أو موقفًا صريحًا ضد الكابيتولاسيون، وكانت الاحتجاجات ذات طابع ديني وشعبي أكثر.
تبعات ونتائج اعتراض الإمام
رد فعل نظام بهلوي
نظام بهلوي الذي خاف من تأثير كلمات الإمام على الرأي العام، اقتحم منزل الإمام في قم منتصف ليلة 13 آبان 1343 هـ ش، واعتقله ونفى إلى تركيا. حاولت حكومة حسن علي منصور تصوير اعتراض الإمام كعمل ضد أمن واستقلال البلاد ووصفت المعارضين بـ«العمود الخامس للعدو» لقمع موجة الاحتجاجات. رغم أن نفي الإمام كان يبدو انتصارًا للنظام، إلا أنه ثبت فكر الإمام ولقبه كزعيم رئيسي للنضال ضد الاستبداد والاستعمار في ذاكرة الشعب الإيراني.
قيود الإمام في المنفى والاحتجاجات الداخلية
نُفي الإمام الخميني أولًا إلى أنقرة ثم بورصة في تركيا. اختار النظام تركيا بسبب علمانيتها وبعدها عن أجواء الحوزة العلمية التقليدية. حتى أن الإمام مُنع في البداية من ارتداء زي رجال الدين هناك.
ردود الفعل والاعتصامات الداخلية
- الحوزات العلمية والأسواق: أثار خبر نفي الإمام رغم أجواء الخوف موجة احتجاجات. أضربت أسواق طهران، قم، مشهد ومدن أخرى لفترات طويلة (15 إلى 30 يومًا)، وتوقفت الدراسة في الحوزات العلمية.
- العلماء والمراجع: أصدر كبار العلماء مثل آيات الله الميلاني، المرعشي النجفي، الغلبيكي بيانات واعتراضات رسمية على هذا الإجراء غير القانوني.
- اغتيال حسن علي منصور: بعد أقل من ثلاثة أشهر من نفي الإمام الخميني، اغتيل حسن علي منصور، رئيس الوزراء الذي نفذ هذا المشروع، على يد أعضاء جماعات مؤتلفة الإسلامية. كان هذا الاغتيال ردًا عمليًا وقويًا على فعل النظام ونفي زعيم الحركة، ولاقى صدى واسعًا في الإعلام المحلي والدولي.
ردود الفعل العالمية وتغيير مكان المنفى
احتجاجات في الخارج
احتجّ المسلمون والطلاب والروحانيون في العديد من الدول الإسلامية، خاصة في النجف (الوجهة التالية للإمام)، بشدة على نفيه. رد فعل علماء الإسلام العالمي: أرسل آية الله السيد محمد باقر الصدر، من كبار علماء العراق، رسالة إلى علماء إيران، مدح فيها كفاح الإمام الخميني ضد منح الامتيازات لأمريكا، واعتبر محاولات النظام لتشويه الحركة بأنها «رجعية وتخلف» بلا أثر.
الانتقال إلى العراق
بسبب الضغوط الداخلية والخارجية الواسعة، والمشاكل الأمنية في تركيا، ورغبة النظام في الحد من نشاطات الإمام السياسية في أجواء الحوزة العلمية في النجف، قرر النظام بعد إحدى عشرة شهرًا، في 13 مهر 1344 هـ ش، نقله إلى العراق.
ترسيخ القيادة وكشف طبيعة النظام
كان اعتراض الإمام الخميني الشجاع ضد الكابيتولاسيون، ليس فقط موضوعًا رئيسيًا للنضال السياسي في تلك الفترة، بل حقق نتيجتين تاريخيتين مهمتين:
- كشف طبيعة التبعية: كشف هذا الحدث طبيعة نظام بهلوي التابع، الفاسد والمذل، بوضوح أكبر للشعب.
- ترسيخ القيادة: رغم أن النفي بدا قمعًا، إلا أنه رسخ مكانة الإمام الخميني كزعيم وحيد حازم لا يساوم أمام الشاه والاستعمار الأمريكي. كما وسع النفي أُسس النضال من داخل إيران إلى الساحة الدولية (النجف)، ومهد الطريق لاستمرار الحركة حتى انتصار الثورة.
مواضيع ذات صلة
- قم
- إيران
- تركيا
- روسيا
- نظام بهلوي
- السيد محمد رضا الغلبيكي
- السيد روح الله الموسوي الخميني
- السيد شهاب الدين المرعشي النجفي
الهوامش
المصادر
- موضع قاطع امام؛ مخالفت با لایحه کاپیتولاسیون و اعلام عزای عمومی امام خمینی، پرتال امام خمینی، تاريخ نشر: 3 آبان 1391 هـ ش، تاريخ الاطلاع: 4 آبان 1404 هـ ش.
- الإمام الخميني، صحيفة الإمام، ج 1، ص 409، تاريخ الاطلاع: 4 آبان 1404 هـ ش.
- جريدة اطلاعات، 24 ارديبهشت 1358 ش، ص 4.


