الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الشيعة»
Mohsenmadani (نقاش | مساهمات) لا ملخص تعديل |
لا ملخص تعديل |
||
| سطر ١: | سطر ١: | ||
'''الشيعة''' الشيعة | > '''الشيعة''' أحد الديانتين الرئيسيتين في [[الإسلام|الدين الإسلامي]]، وهي ثاني أكبر مذهب من [[المذاهب الإسلامية]] من حيث عدد الأتباع. وفقًا لمذهب الشيعة، فقد اختار [[محمد بن عبدالله (خاتم الانبیا)|نبي الإسلام (صلّى الله عليه وآله)]، بأمر من [[خدا|الله]]، [[علی بن ابیطالب|الإمام علي (عليه السلام)]] كخليفة مباشر له. [[الإمامة]] هي من المبادئ العقائدية للشيعة وتميزهم عن [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]]. ووفق هذا المبدأ، يُعيّن [[الإمام]] من قبل الله ويُعرّف به الناس عبر النبي. جميع الشيعة ما عدا [[الزيدية]] يعتبرون الإمام [[معصومًا]] ويؤمنون بأن [[حجت بن الحسن (مهدی)|المهدي المنتظر]] هو الإمام الأخير الذي في الغيبة وسيقوم يومًا ما لإقامة [[العدل]] في العالم. بعض المعتقدات الكلامية المميزة للشيعة تشمل: [[حسن وقبح عقلي]]، تنزيه صفات الله، نظرية الأمر بين الأمرين، [[التقية]]، [[التوسل]] و[[الشفاعه]]. بعض فرق الشيعة لديها آراء مختلفة في بعض هذه المعتقدات. في مذهب الشيعة، كما في مذهب أهل السنة، مصادر استنباط الأحكام الفقهية هي [[القرآن]]، [[السنة]]، [[العقل]] و[[الإجماع]]، لكن خلافًا لأهل السنة، بالإضافة إلى [[سنة النبي|سنة النبي]]، تعتبر سنة الأئمة، أي أقوالهم وأفعالهم، حججًا أيضًا. | ||
> | |||
= | > == المعنى اللغوي == | ||
> كلمة "شيعة" في اللغة تعني أتباع أو أنصار شخص ما، وجمعها "شِيع" و"أشياع"، ويقال: تبعَه كما يقال: والاه وتآزر معه<ref>لسان العرب، ج ۸، ص ۱۸۸، واژه «تشیّع».</ref>.<br>قال ابن فارس: للشيعة معنيان أصليان، أحدهما يدل على النصرة والآخر على التفرق والانتشار. وقولهم: فلان لما خرج، مشى الآخرون معه، من المعنى الأول<ref>مقاییس اللغة، ج ۳، ص ۲۳۵، واژه «شیع».</ref>.<br>الشيعة في اللغة تطلق على معنيين، أحدهما اتفاق وتوافق اثنين أو أكثر على أمر، والآخر متابعة فرد أو جماعة لفرد أو جماعة أخرى؛ قال ابن منظور في لسان العرب: «الشيعة قوم اجتمعوا على أمر، وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة»<ref>ابن منظور، لسان العرب، ج ۸، ص ۱۸۸. طباطبایی، محمد حسین، المیزان، ج ۱۷، ص۱۴۷.</ref>. | |||
> | |||
ولا | > كلمة "شيعة" هي اختصار لـ "شيعة علي"، أي أتباع أو حزب [[علی بن ابیطالب|علي بن أبي طالب]]. يشكل الشيعة ما بين ۱۰ إلى ۱۳<ref>[https://www.pewresearch.org/religion/2009/10/07/mapping-the-global-muslim-population/ خريطة توزيع المسلمين في العالم]</ref> بالمئة من سكان المسلمين في العالم، و۳۸ بالمئة من سكان المسلمين في [[الشرق الأوسط]]<ref>[https://archive.org/details/nationalgeograph0000nati_y7q6 أطلس الشرق الأوسط]</ref>. | ||
> | |||
> == المعنى الاصطلاحي == | |||
> يُطلق اسم "شيعة" اصطلاحيًا على أولئك المسلمين الذين يؤمنون بخلافة و[[إمامة]] علي (عليه السلام) المباشرة، ويقولون إن الإمام وخليفة النبي (صلّى الله عليه وآله) يُعيّن عبر نص شرعي، وأن إمامة علي (عليه السلام) والأئمة الآخرين عند الشيعة مثبتة بهذه الطريقة<ref>شیخ مفید، محمد بن محمد بن نعمان، اوائل المقالات، ص۳۵.</ref><ref>شهرستانی، محمد بن عبدالکریم، الملل و النحل، ج۱، ص۱۴۶.</ref>. | |||
> | |||
[[ | > أُطلق اسم "شيعة" على أصدقاء وأنصار علي (عليه السلام) أولًا من قبل النبي محمد (صلّى الله عليه وآله) وورد في أحاديثه. كما روى [[سیوطی]] عن [[جابر بن عبدالله انصاری|جابر بن عبدالله الأنصاري]] و[[عبدالله ابن عباس|ابن عباس]] عن علي (عليه السلام) أن النبي (صلّى الله عليه وآله) في تفسير الآية الكريمة: «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية»<ref>سورة البينة، آية 7</ref> أشار إلى علي (عليه السلام) وقال: «أنت وشيعتك» ستكونون فائزين يوم القيامة»<ref>سیوطی، جلالالدین، الدر المنثور، ج۸، ص۵۸۹.</ref><ref>أميني، عبدالحسين، الغدير، ج ۲، ص ۵۷۵۸.</ref>. | ||
> | |||
> == النشأة == | |||
> بعد وفاة رسول الله، الذين آمنوا بأولوية علي بن أبي طالب في [[الخلافة]] كانوا يُعرفون بالشيعة. لم يكن تمييز هذه المجموعة عن باقي المسلمين واضحًا إلا في زمن [[محمد بن علي (باقر العلوم)|الإمام محمد الباقر]]، حينما أصبح حب [[أهل البيت]] والاعتقاد في استحقاقهم الحصري للحكم أبرز ما يميزهم. منذ ذلك الحين، بدأ الشيعة يتبلورون كمذهب فقهي وقانوني مستقل. في زمن [[جعفر بن محمد (صادق)|الإمام جعفر الصادق]]، توسعت المناقشات الكلامية للشيعة (أتباعه) وأسسوا مذهبًا خاصًا بهم إلى جانب [[المعتزلة]] و[[الأشاعرة]]<ref>مدرسی طباطبایی، مکتب در فرایند تکامل، شابک ۹۶۴–۸۱۶۱–۷۵–۵، ص ۲۹–۳۲</ref>. | |||
> | |||
> منذ زمن الإمام جعفر الصادق، وبسبب ابتعاده عن السعي وراء السلطة السياسية في ظل الصراع بين [[الأمويين]] و[[العباسيين]]، اعتقد غالب أتباعه أنه لن يحدث تغيير سياسي حتى قيام [[حجت بن الحسن (مهدی)|القائم آل محمد]]، ولهذا السبب كان الشيعة الاثنا عشرية يسألون الأئمة اللاحقين طويلاً عما إذا كانوا هم القائم أم لا<ref>مدرسی طباطبایی، مکتب در فرایند تکامل، شابک ۹۶۴–۸۱۶۱–۷۵–۵، ص ۳۵–۴۰</ref>. | |||
> | |||
> "الشيعة" اصطلاحًا اليوم يُطلق على أولئك المسلمين الذين يؤمنون بخلافة وإمامة علي (عليه السلام) المباشرة ويعتقدون أن الإمام وخليفة رسول الله يُعيّن عبر نص شرعي، وإمامة علي والأئمة الآخرين عند الشيعة مثبتة بنفس الطريقة<ref>اوائل المقالات، ص۳۵</ref><ref>شهرستانی، الملل و النحل، ج۱، ص۱۴۶</ref>. | |||
> | |||
> وفقًا لما قاله مادلونغ، لا يوجد في القرآن ولا في ميثاق [[المدينة]] تفضيل لقريش ولا تحديد لكيفية خلافة النبي. مع ذلك، شرح القرآن طريقة انتقال [[الوراثة]] في سورة النساء، والنبوة تنتقل أيضًا وراثيًا. يمكن لأي شخص قبل موته أن يعين وصيًا ويكتب "وصية" لينفذها بعد موته. النبي لم يفقد الأمل في وجود وريث ذكر له حتى السنوات الخمس الأخيرة من حياته، وأنجب ابناً اسمه إبراهيم من جاريته القبطية ماريه بعد ثلاث سنوات، لكنه توفي مبكرًا. لذلك، كانت فاطمة (سلام الله عليها) الوريثة الشرعية الوحيدة للنبي وخليفته الشرعي. | |||
> | |||
> توفي النبي بعد عشر سنوات من الهجرة، وبعد عدة أشهر من عودته من حجة الوداع، ظهر يوم الاثنين ۱۲ ربيع الأول سنة ۱۱ هـ الموافق ۷ يونيو ۶۳۲ م في منزل زوجته [[عائشة]] بمدينة المدينة عن عمر ۶۳ سنة<ref>شبارو، عصام محمد (۱۹۹۵). الدولة العربية الإسلامية الأولى (۱-٤۱هـ/٦۲۳-٦٦۱م) (3 ed.). بيروت: دار النهضة العربية، ص. ۲۰۲</ref>. بعد ذلك، ذهب فريق من الناس إلى سقيفة بني ساعدة لمناقشة خلافة النبي<ref>مصطفى حلمي (۲۰۰۶): الخلافة، ص۳۷–۳۸</ref>. وكان علي، مع طلحة وزبير وعدد من أقاربه وصحابة النبي، مشغولين بتكفين ودفن جسد النبي الطاهر، لكن اجتماع السقيفة انتهى باختيار أبو بكر خليفة للنبي. بعض الأنصار دعموا سعد بن عبادة، لكن المهاجرين رفضوا ذلك واعتبروا أنفسهم أقرب إلى النبي من ناحية القرابة. بين المهاجرين، كان فريق بقيادة علي ويضم زبير وطلحة وعباس بن عبدالمطلب ومقداد وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري وعمّار ياسر، يرون أن علي هو الوارث الشرعي للرسالة. يعتقد بوناوالا أن المؤرخين المسلمين يتفقون على أن الأزمة في هذا الوقت حُلّت بواسطة ثلاثة مهاجرين مشهورين: أبو بكر، عمر، وأبو عبيدة جراح، الذين جمعوا الأنصار وفرضوا أبو بكر عليهم. حسد قبيلتي الأنصار "أوس" و"خزرج" وعدم نشاط بني هاشم في نشر رأيهم سهّل نجاح هؤلاء الثلاثة. | |||
> | |||
> هذا الاختيار سبب انقسامًا بين أنصار أبو بكر وأنصار علي. أنصار علي كانوا يؤمنون بأنه عُيّن خليفة من قبل النبي شخصيًا وأن الخلافة يجب أن تكون له. نقل الطبري في تاريخه أن مجموعة من معارضي أبو بكر، منهم زبير، اجتمعوا في بيت فاطمة (سلام الله عليها)، فهدد عمر بإحراق البيت وأخرجهم. قال علي لاحقًا إنه لو كان لديه أربعون رجلاً لثار. وفقًا لبوناوالا، رفض علي وبني هاشم البيعة لأبي بكر حتى شهادة فاطمة (حوالي ستة أشهر). لم يصر على حقه لأنه لم يرغب في أن يشق الأمة الإسلامية الوليدة. وهكذا نشأت تدريجيًا مؤسسة الخلافة التي ليس لها مثيل في خارج العالم الإسلامي. الخليفة له مكانة القيادة وحق اختيار الحكام. تعيين الخليفة كان نوعًا من العقد الذي يخلق التزامات متبادلة بين الخليفة والأمة. | |||
> | |||
> جميع الشيعة يؤمنون بأن الإمامة تُختار من قبل الله ويُعلن عنها النبي، وبناءً على حديث الغدير (وآيات مثل آية الولاية<ref>آية ۵۵، من سورة ۵: المائدة</ref> وآية التطهير<ref>آخر آية ۳۳، من سورة ۳۳: الأحزاب</ref> وأحاديث متواترة أخرى مثل حديث المنزلة وحديث الثقلين)<ref>راجع قسم الإمامشناسي، العلامة سيد محمد حسين الحسيني الطهراني، منشورات العلامة طباطبائي</ref> يعتبرون علي الإمام الحق، بينما أهل السنة يؤمنون بالشورى. | |||
> | |||
> يعتقد الشيعة أن محمد في حياته عين خليفة بعده، وهو ابن عمه وصهره علي بن أبي طالب كوصي وخليفة له. يؤمن الشيعة أن أساس ونشأة الشيعة هي الدفاع عن الإسلام والولاية والعدل. يستندون في ذلك إلى واقعة [[غدير خم]]<ref>[http://www.sooremag.ir/%D8%A7%DB%8C%D8%B1%D8%A7%D9%86/%D8%B4%DB%8C%D9%86%DB%90-%D8%B4%DB%8C%D8%B9%D9%87 موقع سوره]</ref>. | |||
> | |||
> كما يستند الشيعة في إثبات حقانيتهم إلى أحاديث من النبي (صلّى الله عليه وآله) في مصادر أهل السنة التي تشير إلى "شيعة علي". من ذلك ما رواه [[سیوطی]] [[سني]] المذهب عن النبي وهو يشير إلى علي قائلاً: «والذي نفسي بيده، إن هذا الرجل - علي - وشيعته في الآخرة هم الفائزون»<ref>سیوطی (عالم سني)، "الدر المنثور" تحت آية ۷ سورة البينة</ref>. و[[علامة أميني]]، وهو من علماء الشيعة المشهورين، جمع جميع الأحاديث المتعلقة بواقعة الغدير من كتب أهل السنة ونشرها في أربعين مجلدًا تحت عنوان الغدير. | |||
> | |||
> ينسب البعض التشيع إلى شخص يدعى [[عبدالله بن سبأ]]، رغم أن بعض الكتب التاريخية و"كتب الملل والنحل" تعتبره من الغلاة في الشيعة ومؤسس فرقة السبئية التي كانت تؤمن بألوهية علي، ولذلك لُعن وتكفّر من قبل علي بن أبي طالب، ويُروى أنه هو وأتباعه أُحرقوا بأمر علي. [[مرتضى عسكري]] في كتابه وبعض المستشرقين وحتى علماء سنة في القرون الأخيرة يرون أن عبدالله بن سبأ شخصية خيالية من تأليف معارضي الشيعة<ref>[https://fa.wikipedia.org/wiki/%D8%BA%D8%A7%D9%84%DB%8C%D8%A7%D9%86 الغلاة]</ref>. | |||
> | |||
> بعض أهل السنة مثل [[شيخ شلتوت]]، مفتي الأزهر، يرون جواز تقليد [[فقه]] [[مذهب جعفري]] مثل المذاهب الأربعة عند أهل السنة<ref>[https://web.archive.org/web/20061111031850/http://maarefislam.com/doreholomvamaarefislam/bookscontent/imamshenasi/imam3/imam3.6.htm نص فتوى الشيخ محمود شلتوت في جواز اتباع مذهب الشيعة]</ref>. | |||
> | |||
> == كلمة "شيعة" في القرآن الكريم == | |||
> في [[القرآن|القرآن الكريم]]، "شيعة" تعني أتباع الأنبياء والشخصيات العظيمة. يقول الله في قصة [[موسى عليه السلام]]: الذي كان من شيعته طلب العون ضد عدوه: «فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِیعَتِهِ عَلَی الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ»<ref>سورة القصص، آية ۱۵</ref>. ويقول أيضًا: ومن شيعته إبراهيم الذي جاء بقلب سليم إلى ربه: «وَ إِنَّ مِنْ شِیعَتِهِ لاَِبْراهِیمَ...»<ref>سورة الصافات، آية ۸۳</ref>. كلمة "شيع" في آية: «مِنَ الَّذِینَ فَرَّقُوا دِینَهُمْ وَ کانُوا شِیَعاً»<ref>سورة الروم، آية ۳۲</ref> تعني جماعة أو فرقة متفقة على مذهب معين<ref>طباطبایی سید محمدحسین، تفسیر المیزان، ج 12، ص 195.</ref>. | |||
> | |||
> == الفرق الشيعية == | |||
> في تاريخ الشيعة ظهرت فرق كثيرة، معظمها انقرض ولا فائدة في مناقشتها. الفرق الرئيسية الموجودة اليوم هي: [[اثنی عشریة|الشيعة الاثنا عشرية]]، [[الزیدية|الشيعة الزيدية]] و[[الإسماعيلية|الشيعة الإسماعيلية]]. ومن ناحية أخرى، تنقسم الشيعة إلى [[الزیدية]] و[[الکیسانیة]] و[[الامامية]]، حيث الزيدية ثلاث فرق، الكیسانية فرقتان، والامامية خمس عشرة فرقة<ref>تاریخ مذاهب اسلام ـ محمد جواد مشکور ص۴۸</ref>. اليوم، الفروع الرئيسية هي الشيعة الاثنا عشرية، الإسماعيلية، العلويون والزيدية. | |||
> | |||
> == سبب التسمية == | |||
> الغالبية العظمى من الشيعة هم الشيعة الإمامية أو الاثنا عشرية الذين يؤمنون بإمامة اثني عشر إمامًا بعد [[محمد بن عبدالله (خاتم الانبیا)|النبي محمد]]، ويعتبرونهم خلفاءه الشرعيين، لذا يُسمون الاثنا عشرية. | |||
> | |||
> يسمون هذا المذهب أيضًا الشيعة الجعفرية أو الاثنا عشرية. يؤكد مذهب الشيعة الاثنا عشرية على الإمامة وعصمة الإمام وتفضيله على بقية الأمة، ويعتقدون أن الإمامة بعد الثلاثة الأئمة الأوائل محصورة في نسل [[حسین بن علی (سید الشهدا)|الإمام الحسين (عليه السلام)]]. لهذا السبب يُعرفون بالإمامية. | |||
> | |||
> الشيعة الاثنا عشرية اليوم، في بداية القرن الواحد والعشرين، هم أكبر فرع من مذهب الشيعة. "الإمامية" هو من أشهر المصطلحات الكلامية لهذا المذهب، وهو مشتق من "إمام" التي تعني القائد الذي يُتبع، وجمعها "أئمة". حرف الياء في نهايتها يدل على النسبة، وتعني فرقة الإمامية وهم الذين يتبعون "الإمام المعين من الله" بعد وفاة النبي. | |||
> | |||
> قال [[محمد بن محمد بن نعمان|الشيخ المفيد]] عن تعريف الشيعة بأنهم الذين يؤمنون بإمامة علي (عليه السلام) المباشرة: «هذا اللقب خاص بفئة من الشيعة الذين يؤمنون بوجود إمام في كل زمان، وبوجوب النص الصريح والعصمة والكمال لكل إمام، ويعتقدون أن الإمامة (عدا الثلاثة الأوائل) محصورة في نسل الإمام الحسين (عليه السلام)»<ref>الشيخ مفيد، محمد بن محمد بن نعمان، اوائل المقالات، ص۳۸.</ref>. | |||
> | |||
> == الأئمة الشيعة == | |||
> أسماء وخصائص الأئمة الاثني عشر مذكورة في أحاديث النبي محمد (صلّى الله عليه وآله): | |||
> | |||
> 1- [[علی بن ابیطالب|علي بن أبي طالب (عليه السلام)]]؛ | |||
> | |||
> 2- [[حسن بن علی (مجتبی)|حسن بن علي (عليه السلام)]]؛ | |||
> | |||
> 3- [[حسین بن علی (سید الشهدا)|حسين بن علي (عليه السلام)]]؛ | |||
> | |||
> 4- [[علی بن الحسین (زین العابدین)|علي بن الحسين (عليه السلام)]]؛ | |||
> | |||
> 5- [[محمد بن علی (باقر العلوم)|محمد بن علي (عليه السلام)]]؛ | |||
> | |||
> 6- [[جعفر بن محمد (صادق)|جعفر بن محمد (عليه السلام)]]؛ | |||
> | |||
> 7- [[موسی بن جعفر (کاظم)|موسى بن جعفر (عليه السلام)]]؛ | |||
> | |||
> 8- [[علی بن موسی (رضا)|علي بن موسى (عليه السلام)]]؛ | |||
> | |||
> 9- [[محمد بن علی (جواد)|محمد بن علي (عليه السلام)]]؛ | |||
> | |||
> 10- [[علی بن محمد (هادی)|علي بن محمد (عليه السلام)]]؛ | |||
> | |||
> 11- [[حسن بن علی (عسکری)|حسن بن علي (عليه السلام)]]؛ | |||
> | |||
> 12- [[حجت بن الحسن (مهدی)|حجت بن الحسن (عليه السلام)]]. | |||
> | |||
> == تاريخ نشأة التشيع == | |||
> رغم وجود بعض الخلافات بين المسلمين في زمن النبي (صلّى الله عليه وآله) حول بعض المسائل<ref>الإمام شرف الدين، النص والاجتهاد.</ref>، لم تكن هناك فرق أو تصنيفات كما ظهرت لاحقًا. بعد وفاة النبي، نشأت خلافات أدت إلى تقسيم المسلمين إلى فرق مختلفة. أهم خلاف ظهر في الأيام الأولى بعد وفاة النبي كان حول الخلافة والإمامة، مما قسم المسلمين إلى فئتين. | |||
> | |||
> فئة تؤمن بأن [[الإمامة]] مثل [[النبوة]] منصب إلهي، ويجب أن يكون الإمام معصومًا من الخطأ والخطيئة، وهذه العصمة لا يعلمها إلا الله. لذلك، طريقة تعيين الإمام هي النص الإلهي في القرآن أو الأحاديث النبوية، وبموجب هذه النصوص، علي بن أبي طالب هو خليفة النبي والإمام للمسلمين. كان علي وبني هاشم وبعض كبار الصحابة من [[المهاجرين]] و[[الأنصار]] مؤيدين لهذه النظرية، وهي عقيدة الشيعة، خصوصًا الإمامية، في مسألة الإمامة. | |||
> | |||
> والفئة الأخرى، بقيادة [[أبوبكر بن أبي قحافة|أبوبكر]] و[[عمر بن خطاب|عمر]]، تؤمن بأن النبي لم يعين خليفة لنفسه، وترك الأمر للمسلمين ليقرروا. بناءً على ذلك، وفي إجراء سريع، اجتمع بعض المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة أثناء تجهيز جسد النبي (صلّى الله عليه وآله)، وناقشوا من يخلفه، وانتهى الاجتماع بمبايعة أبي بكر خليفة. | |||
> | |||
> == صمت علي == | |||
> بسبب الظروف السياسية والاجتماعية في العالم الإسلامي التي كانت تهدد وجود الإسلام من أعداء خارجيين (الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية) وأعداء داخليين (المنافقين)، رأى الإمام علي (عليه السلام) أن مصلحة الإسلام والمسلمين تقتضي الصبر والتسامح. رغم انتقاداته في الوقت المناسب، تجنب الصراعات العدائية وساعد في توجيه المجتمع الإسلامي وحل مشكلاته، حتى أن الخليفة عمر قال سبعين مرة: «لو لم يكن علي، لهلك عمر»<ref>كليني، محمد بن يعقوب، ج۷، ص۴۲۴.</ref> وقال أيضًا: «اللهم لا تترك لي أمرًا عسيرًا إلا وعلي حاضر فيه»<ref>أميني، عبدالحسين، الغدير، ج۶، ص۲۴۷.</ref>. | |||
> | |||
> == الشيعة في زمن النبي == | |||
> الشيعة كمجموعة من أتباع علي (عليه السلام) المؤمنين بإمامته المباشرة ظهرت بعد وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله). لكنها أيضًا وردت في بعض الروايات أن لفظ "شيعة" كان يُطلق على أربعة من الصحابة في حياة النبي وهم: [[سلمان]]، [[مقداد]]، [[أبوذر]] و[[عمار ياسر|عمار ياسر]]<ref>نوبختي، حسن بن موسى، فرق الشيعة، ص۱۷۱۸.</ref><ref>أمين، سيد محسن، أعیان الشيعة، ج۱، ص۱۸۱۹.</ref>. هؤلاء كانوا من الذين يرون أن علي هو الخليفة المباشر للنبي. بناءً على ذلك، يمكن القول إن التشيع كان موجودًا مع الإسلام، وإن كان كمذهب ظهر بعد وفاة النبي. | |||
> | |||
> == الفرق الشيعية == | |||
> بسبب فهم الشيعة الكامل للإمامة خلال قرنين ونصف، واجه التشيع أزمات وفتن خاصة في موضوع الإمامة والمهدي. لذلك، ظهرت فرق منحرفة عن الإمامية منها: [[الكيسانية]]، [[الزيدية]]، [[الإسماعيلية]]، [[الفطحية]] و[[الواقف]]... هذه الفرق هي فروع منحرفة عن عقائد الشيعة الحقة، ومع تطور هذه الفرق، لم يُطلق عليها لفظ "شيعة" إلا بإضافة مذهبها الخاص، مثل الشيعة الإسماعيلية والزيدية وغيرها التي انقرضت. | |||
> | |||
> == الغلو في الشيعة == | |||
> الغلو في مذهب الشيعة أدى ببعض المستغلين أو الجهلاء إلى الوقوع في الكفر والشرك. هؤلاء الكفار المغالون لا يمثلون جوهر عقائد الشيعة، لكن بعض المؤلفين مثل شهرستاني وسمعاني يحاولون تصوير جميع الفرق المنحرفة والفرق الغالية على أنها كلها شيعية ومغالية، ويزعمون أن هناك فرقًا شيعية كثيرة، ويهدفون إلى تقديم صورة مشوهة عن الشيعة. | |||
> | |||
> == الشيعة والصمود == | |||
> أنصار علي (عليه السلام) الذين عرفوا بالشيعة، بعد وفاة النبي، طالبوا بحقوق أهل البيت في الخلافة والمرجعية العلمية وانتقدوا واعترضوا، وانفصلوا عن الأغلبية التي بايعت أبي بكر لأسباب مختلفة. من أنصار علي الحقيقيين: سلمان، أبوذر، مقداد، عمار، حذيفة بن اليمان... الذين دافعوا عن حقه<ref>كشي، محمد بن عمر، رجال الكشي، ص۶ - ۷.</ref>. | |||
> | |||
> تعرض أبوذر الغفاري للتعذيب من معاوية بسبب كشفه للحقائق، ثم نُفي إلى ربذة حيث توفي في غربته<ref>مجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج۲۲، ص۳۹۹.</ref>. كما استشهد كبار الشيعة مثل مالك الأشتر، محمد بن أبي بكر، حجر بن عدي، جويرة بن مسهر، ميثم التمار، كميل بن زياد، رشيد هجري وقنبر بسبب مكائد معاوية<ref>علامة حلي، حسن بن يوسف، كشف اليقين، ج 1، ص۷۷.</ref>. في عهد [[الأمويين]] (۴۰ـ۱۳۲ هـ) أُزيلت الحصانة عن أرواح وأموال الشيعة، وكان [[حجاج بن يوسف|حجاج]] يقتل أحد الشيعة متى شاء<ref>علامة حلي، حسن بن يوسف، كشف اليقين، ج 1، ص۷۷.</ref>. لكن كلما ازداد الظلم، ازداد الشيعة ثباتًا على عقيدتهم. مع قيام [[العباسيين]]، اشتدت الملاحقات ضد الإمامة والشيعة، وكانوا يلجأون أحيانًا إلى [[التقية]]. | |||
> | |||
> في أوائل القرن الرابع، وصل سلاطين آل بويه إلى السلطة، ودعمهم للمذهب الشيعي أعطى المجتمع الشيعي قوة كبيرة وحرية عمل. ظهرت في هذه الفترة علماء مثل الشيخ الكليني، الشيخ الصدوق، الشيخ المفيد، الشيخ الطوسي وغيرهم، الذين نشروا عقائد وعلوم آل محمد (عليهم السلام). | |||
> | |||
> في أوائل القرن السادس مع غزو المغول، اعتنق بعض سلاطين المغول في إيران الشيعة، وحكم سلاطين المرعشي في مازندران، وكانت مراكز الشيعة في قم، الكوفة والنجف قوية، مما ساعد على نمو الشيعة. استمر هذا الوضع حتى أواخر القرن التاسع الهجري، ومع ظهور الدولة الصفوية في إيران، أصبح المذهب الشيعي رسميًا ولا يزال كذلك حتى القرن الخامس عشر الهجري، ويعيش اليوم مئات الملايين من الشيعة في كل أنحاء العالم. | |||
> | |||
> == واجب الشيعة == | |||
> اليوم، أعداء الشيعة الرئيسيين هم قادة الاستكبار والكفر وحلفاؤهم. هؤلاء يستثمرون ويدعمون التيارات المنحرفة لضرب التشيع وللإضرار بالعالم الإسلامي. من واجب كل شيعي أن يعرف أعداء التشيع الحقيقيين، ويدافع عن عقائد هذا المذهب علميًا ودقيقًا. | |||
> | |||
> == المعتقدات == | |||
> عقيدة الشيعة هي تعيين علي بن أبي طالب كخليفة للنبي، والإمامة بعده. بينما عقيدة [[أهل السنة والجماعة|أهل السنة]] تقول إن النبي (صلّى الله عليه وآله) لم يعين خليفة، وكان يريد أن يقرر المجتمع أمر القيادة<ref>Sodiq, Yushau (2010). An Insider's Guide to Islam. Trafford Publishing; Khadduri, Majid; Liebesny, Herbert J. (2008). Origin and Development of Islamic Law. The Lawbook Exchange, Ltd</ref>. | |||
> معظم عقائد وطقوس الشيعة الاثنا عشرية الحالية نظمها [[محمد باقر مجلسی|محمد باقر مجلسی]] في عهد [[الصفويين]]<ref>Superstition as Ideology in Iranian Politics From Majlesi to Ahmadinejad علی رهنما(Page i)</ref>. | |||
> | |||
> === أركان الدين === | |||
> وفقًا لمعتقد الشيعة، أركان الدين خمسة، بالإضافة إلى التوحيد، النبوة والمعاد، يؤمنون أيضًا بـ [[العدل]] و[[الإمامة]]. | |||
> | |||
> ==== المعاد ==== | |||
> يؤمن الشيعة بالمعاد الجسدي<ref>ناصر مکارم شیرازی. «اعتقاد ما، معاد جسمانی». الموقع الرسمي لدانشنامه پایگاه حوزه</ref>. رغم وجود بعض الشبهات حول روحية المعاد<ref>ابراهيمي دیناني. «شبهه آكل وماكول». دائرة المعارف الإسلامية الكبرى</ref>، إلا أن معظم علماء الشيعة مثل [[محمد بن حسن طوسي|الشيخ الطوسي]]، [[خواجه نصیرالدین طوسي]] و[[محمد الغزالي]] يؤكدون المعاد الجسدي<ref>دورة معادشناسی، العلامة سید محمد حسین الحسيني الطهراني، ج ۶، ص ۶۴</ref>. | |||
> | |||
> ==== القرآن ==== | |||
> يعتبر الشيعة [[القرآن]] محفوظًا<ref>[https://web.archive.org/web/20051124205643/http://www.hojjat.net/defa08.htm أقوال علماء ومراجع مذهب التشيع في نفى تحريف القرآن]</ref>، وهم جميعًا يدعون اتباع القرآن و[[السنة]]، ويعتبرون أن تعيين خليفة النبي خاص بالله والنبي فقط. | |||
> | |||
> ==== المنجي ==== | |||
> الإيمان بظهور أو رجوع منجي (مخلص) هو معتقد شائع في معظم الفرق الإسلامية والديانات الأخرى، مثل اليهود الذين ينتظرون ملك بني إسرائيل، والمسيحيين الذين يؤمنون بعودة المسيح، والزرادشتيين والبوذيين وغيرهم. في الفرق الإسلامية، خاصة الشيعة، كان هذا الاعتقاد واضحًا. الكيسانيون يرون القائم محمد حنفيه ابن علي بن أبي طالب، والإسماعيلية يرون القائم إسماعيل ابن جعفر الصادق. لكن الشيعة الاثنا عشرية يؤمنون بأن المنجي من آل محمد ويسمونه قائم آل محمد أو المهدي، وهو الإمام الثاني عشر الذي في الغيبة. | |||
> | |||
> ==== الرجعة ==== | |||
> الإيمان بالرجعة، أي عودة بعض الأموات إلى الحياة في الدنيا عند ظهور المهدي، من معتقدات الشيعة. بعض علماء الشيعة لا يرون الرجعة من الضروريات<ref>مرتضى مطهري. «الرجعة في اعتقاد الشيعة». موقع حوزه</ref> لكن لا أحد ينكرها بسبب الأدلة العقلية والنقلية والقرآنية<ref>«الرجعة». الموقع الرسمي لمكتب التبليغات الإسلامية في قم؛ شبكة البلاغ</ref>. رغم أن بعض الأديان والفرق الإسلامية تؤمن بأشكال مختلفة من الرجعة مثل تناسخ الأرواح أو حلولها، إلا أن رؤية الشيعة في الرجعة هي من الفروق الكبرى بينهم وبين الآخرين، إذ يؤمنون بالمعاد الجسدي العميق، وأن في آخر الزمان بعد ظهور قائم آل محمد<ref>«الظهور والرجعة». الموقع الرسمي لمكتب التبليغات الإسلامية في قم؛ شبكة البلاغ</ref>، سيرجع بعض الأنبياء مثل [[عيسى المسيح]] والأولياء مثل [[مالك الأشتر]] وبعض الأئمة وبعض الأشرار إلى الدنيا، فيحكم الصالحون ويُعاقب الأشرار<ref>«مفهوم الرجعة». الموقع الرسمي لمكتب التبليغات الإسلامية في قم؛ شبكة البلاغ</ref>. | |||
> | |||
> ==== العصمة ==== | |||
> كلمة "العصمة" في اللغة العربية تعني الحفظ والوقاية والمنع<ref>المنجد في اللغة/مادة «عصم»</ref>، لكنها في علم الكلام تعني الحصانة من الخطأ أو الذنب لبعض الناس مثل الأنبياء والأئمة. نظرية العصمة في الأئمة عند الشيعة قدمها أولًا [[هشام بن حكم]] من المتكلمين المهمين عند الشيعة وأحد أصحاب الإمام السادس<ref>مدرسی طباطبایی، مکتب در فرایند تکامل، شابک ۹۶۴–۸۱۶۱–۷۵–۵، ص ۳۹</ref>. علماء الكلام مثل خواجه نصيرالدين الطوسي في كتابه "تجريد الاعتقاد" و[[علامة حلي]] في شرح التجريد يذكرون أن العصمة تُطرح على ثلاث مستويات: | |||
> | |||
> المستوى الأول: العصمة بمعنى الحفظ من الخطأ في تبليغ الرسالة. في هذا المجال، يؤمن علماء الكلام من الشيعة والسنة بالعصمة للنبي، لأن آية من سورة النجم تؤكد أن النبي لا ينطق عن الهوى<ref>مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَ مَا غَوَیٰ* وَ مَا یَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَیٰٓ، سورة النجم، آيات ۲-۳-۴</ref>. | |||
> | |||
> المستوى الثاني: العصمة بمعنى الحفظ من الذنب والمعصية. في هذا المجال، يؤمن معظم علماء الكلام الشيعة بعصمة الأنبياء والأئمة وفاطمة بنت محمد<ref>تجريد الاعتقاد/نصير الدين الطوسي/مبحث العصمة</ref>. | |||
> | |||
> المستوى الثالث: العصمة بمعنى الحفظ من كل زلة وخطأ. في هذا المجال، هناك اختلاف بين علماء الكلام الشيعة، لكن الغالبية يرون أن النبي، ابنته فاطمة، والأئمة في مرتبة لا يقعون فيها في أي خطأ. بالمقابل، بعض العلماء مثل [[الشيخ الصدوق]] يرون أن النبي قد يصدر منه زلات صغيرة في مسائل شخصية وغير مرتبطة بالرسالة<ref>الغدير، ج ۳، ص ۲۹۸–۲۹۷</ref><ref>راهنماشناسی، ص ۳۷۷–۳۷۶</ref><ref>الإمامة والقيادة، ص ۷۶–۷۵</ref><ref>دراسة مسائل الإمامة العامة، ص ۲۲۸–۲۲۷</ref>. | |||
> | |||
> ==== التبرك ==== | |||
> يعتقد أن أسلحة وأدوات الأنبياء، بما في ذلك النبي محمد، ورثها الأئمة من بعده. قال الإمام جعفر الصادق في كتاب الكافي: "سلاح رسول الله عندي". | |||
> | |||
> كما ذكر أن سيف النبي، وخاتمه، وعصاه، وعلامته، وعلمه، ورايته عنده. وعصا موسى وخاتم سليمان وابن داود والصينية التي كان موسى يضع عليها هداياه عنده. الشيء الذي إذا وضعه النبي بين المسلمين والمشركين، لم تصب المشركين سهام. وهو الشيء الذي جلبه الملائكة. | |||
> | |||
> ذكر أن وراثة سلاح النبي تعادل تولي الإمامة، مثلما وراثة عرش بني إسرائيل تعني تولي النبوة. قال الإمام الرضا: "إذا ذهب السلاح منا ذهب العلم، ولن يبتعد السلاح عن أهل العلم (الإمامة)"<ref>Al-Kulayni, Abu Jaʼfar Muhammad ibn Yaʼqub (2015). Kitab al-Kafi. South Huntington, NY: The Islamic Seminary Inc.</ref>. | |||
> | |||
> == الشيعة في مصادر الفرق الإسلامية == | |||
مراجعة ٠٧:٥٦، ٢ أغسطس ٢٠٢٥
> الشيعة أحد الديانتين الرئيسيتين في الدين الإسلامي، وهي ثاني أكبر مذهب من المذاهب الإسلامية من حيث عدد الأتباع. وفقًا لمذهب الشيعة، فقد اختار [[محمد بن عبدالله (خاتم الانبیا)|نبي الإسلام (صلّى الله عليه وآله)]، بأمر من الله، الإمام علي (عليه السلام) كخليفة مباشر له. الإمامة هي من المبادئ العقائدية للشيعة وتميزهم عن أهل السنة. ووفق هذا المبدأ، يُعيّن الإمام من قبل الله ويُعرّف به الناس عبر النبي. جميع الشيعة ما عدا الزيدية يعتبرون الإمام معصومًا ويؤمنون بأن المهدي المنتظر هو الإمام الأخير الذي في الغيبة وسيقوم يومًا ما لإقامة العدل في العالم. بعض المعتقدات الكلامية المميزة للشيعة تشمل: حسن وقبح عقلي، تنزيه صفات الله، نظرية الأمر بين الأمرين، التقية، التوسل والشفاعه. بعض فرق الشيعة لديها آراء مختلفة في بعض هذه المعتقدات. في مذهب الشيعة، كما في مذهب أهل السنة، مصادر استنباط الأحكام الفقهية هي القرآن، السنة، العقل والإجماع، لكن خلافًا لأهل السنة، بالإضافة إلى سنة النبي، تعتبر سنة الأئمة، أي أقوالهم وأفعالهم، حججًا أيضًا.
>
> == المعنى اللغوي ==
> كلمة "شيعة" في اللغة تعني أتباع أو أنصار شخص ما، وجمعها "شِيع" و"أشياع"، ويقال: تبعَه كما يقال: والاه وتآزر معه[١].
قال ابن فارس: للشيعة معنيان أصليان، أحدهما يدل على النصرة والآخر على التفرق والانتشار. وقولهم: فلان لما خرج، مشى الآخرون معه، من المعنى الأول[٢].
الشيعة في اللغة تطلق على معنيين، أحدهما اتفاق وتوافق اثنين أو أكثر على أمر، والآخر متابعة فرد أو جماعة لفرد أو جماعة أخرى؛ قال ابن منظور في لسان العرب: «الشيعة قوم اجتمعوا على أمر، وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة»[٣].
>
> كلمة "شيعة" هي اختصار لـ "شيعة علي"، أي أتباع أو حزب علي بن أبي طالب. يشكل الشيعة ما بين ۱۰ إلى ۱۳[٤] بالمئة من سكان المسلمين في العالم، و۳۸ بالمئة من سكان المسلمين في الشرق الأوسط[٥].
>
> == المعنى الاصطلاحي ==
> يُطلق اسم "شيعة" اصطلاحيًا على أولئك المسلمين الذين يؤمنون بخلافة وإمامة علي (عليه السلام) المباشرة، ويقولون إن الإمام وخليفة النبي (صلّى الله عليه وآله) يُعيّن عبر نص شرعي، وأن إمامة علي (عليه السلام) والأئمة الآخرين عند الشيعة مثبتة بهذه الطريقة[٦][٧].
>
> أُطلق اسم "شيعة" على أصدقاء وأنصار علي (عليه السلام) أولًا من قبل النبي محمد (صلّى الله عليه وآله) وورد في أحاديثه. كما روى سیوطی عن جابر بن عبدالله الأنصاري وابن عباس عن علي (عليه السلام) أن النبي (صلّى الله عليه وآله) في تفسير الآية الكريمة: «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية»[٨] أشار إلى علي (عليه السلام) وقال: «أنت وشيعتك» ستكونون فائزين يوم القيامة»[٩][١٠].
>
> == النشأة ==
> بعد وفاة رسول الله، الذين آمنوا بأولوية علي بن أبي طالب في الخلافة كانوا يُعرفون بالشيعة. لم يكن تمييز هذه المجموعة عن باقي المسلمين واضحًا إلا في زمن الإمام محمد الباقر، حينما أصبح حب أهل البيت والاعتقاد في استحقاقهم الحصري للحكم أبرز ما يميزهم. منذ ذلك الحين، بدأ الشيعة يتبلورون كمذهب فقهي وقانوني مستقل. في زمن الإمام جعفر الصادق، توسعت المناقشات الكلامية للشيعة (أتباعه) وأسسوا مذهبًا خاصًا بهم إلى جانب المعتزلة والأشاعرة[١١].
>
> منذ زمن الإمام جعفر الصادق، وبسبب ابتعاده عن السعي وراء السلطة السياسية في ظل الصراع بين الأمويين والعباسيين، اعتقد غالب أتباعه أنه لن يحدث تغيير سياسي حتى قيام القائم آل محمد، ولهذا السبب كان الشيعة الاثنا عشرية يسألون الأئمة اللاحقين طويلاً عما إذا كانوا هم القائم أم لا[١٢].
>
> "الشيعة" اصطلاحًا اليوم يُطلق على أولئك المسلمين الذين يؤمنون بخلافة وإمامة علي (عليه السلام) المباشرة ويعتقدون أن الإمام وخليفة رسول الله يُعيّن عبر نص شرعي، وإمامة علي والأئمة الآخرين عند الشيعة مثبتة بنفس الطريقة[١٣][١٤].
>
> وفقًا لما قاله مادلونغ، لا يوجد في القرآن ولا في ميثاق المدينة تفضيل لقريش ولا تحديد لكيفية خلافة النبي. مع ذلك، شرح القرآن طريقة انتقال الوراثة في سورة النساء، والنبوة تنتقل أيضًا وراثيًا. يمكن لأي شخص قبل موته أن يعين وصيًا ويكتب "وصية" لينفذها بعد موته. النبي لم يفقد الأمل في وجود وريث ذكر له حتى السنوات الخمس الأخيرة من حياته، وأنجب ابناً اسمه إبراهيم من جاريته القبطية ماريه بعد ثلاث سنوات، لكنه توفي مبكرًا. لذلك، كانت فاطمة (سلام الله عليها) الوريثة الشرعية الوحيدة للنبي وخليفته الشرعي.
>
> توفي النبي بعد عشر سنوات من الهجرة، وبعد عدة أشهر من عودته من حجة الوداع، ظهر يوم الاثنين ۱۲ ربيع الأول سنة ۱۱ هـ الموافق ۷ يونيو ۶۳۲ م في منزل زوجته عائشة بمدينة المدينة عن عمر ۶۳ سنة[١٥]. بعد ذلك، ذهب فريق من الناس إلى سقيفة بني ساعدة لمناقشة خلافة النبي[١٦]. وكان علي، مع طلحة وزبير وعدد من أقاربه وصحابة النبي، مشغولين بتكفين ودفن جسد النبي الطاهر، لكن اجتماع السقيفة انتهى باختيار أبو بكر خليفة للنبي. بعض الأنصار دعموا سعد بن عبادة، لكن المهاجرين رفضوا ذلك واعتبروا أنفسهم أقرب إلى النبي من ناحية القرابة. بين المهاجرين، كان فريق بقيادة علي ويضم زبير وطلحة وعباس بن عبدالمطلب ومقداد وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري وعمّار ياسر، يرون أن علي هو الوارث الشرعي للرسالة. يعتقد بوناوالا أن المؤرخين المسلمين يتفقون على أن الأزمة في هذا الوقت حُلّت بواسطة ثلاثة مهاجرين مشهورين: أبو بكر، عمر، وأبو عبيدة جراح، الذين جمعوا الأنصار وفرضوا أبو بكر عليهم. حسد قبيلتي الأنصار "أوس" و"خزرج" وعدم نشاط بني هاشم في نشر رأيهم سهّل نجاح هؤلاء الثلاثة.
>
> هذا الاختيار سبب انقسامًا بين أنصار أبو بكر وأنصار علي. أنصار علي كانوا يؤمنون بأنه عُيّن خليفة من قبل النبي شخصيًا وأن الخلافة يجب أن تكون له. نقل الطبري في تاريخه أن مجموعة من معارضي أبو بكر، منهم زبير، اجتمعوا في بيت فاطمة (سلام الله عليها)، فهدد عمر بإحراق البيت وأخرجهم. قال علي لاحقًا إنه لو كان لديه أربعون رجلاً لثار. وفقًا لبوناوالا، رفض علي وبني هاشم البيعة لأبي بكر حتى شهادة فاطمة (حوالي ستة أشهر). لم يصر على حقه لأنه لم يرغب في أن يشق الأمة الإسلامية الوليدة. وهكذا نشأت تدريجيًا مؤسسة الخلافة التي ليس لها مثيل في خارج العالم الإسلامي. الخليفة له مكانة القيادة وحق اختيار الحكام. تعيين الخليفة كان نوعًا من العقد الذي يخلق التزامات متبادلة بين الخليفة والأمة.
>
> جميع الشيعة يؤمنون بأن الإمامة تُختار من قبل الله ويُعلن عنها النبي، وبناءً على حديث الغدير (وآيات مثل آية الولاية[١٧] وآية التطهير[١٨] وأحاديث متواترة أخرى مثل حديث المنزلة وحديث الثقلين)[١٩] يعتبرون علي الإمام الحق، بينما أهل السنة يؤمنون بالشورى.
>
> يعتقد الشيعة أن محمد في حياته عين خليفة بعده، وهو ابن عمه وصهره علي بن أبي طالب كوصي وخليفة له. يؤمن الشيعة أن أساس ونشأة الشيعة هي الدفاع عن الإسلام والولاية والعدل. يستندون في ذلك إلى واقعة غدير خم[٢٠].
>
> كما يستند الشيعة في إثبات حقانيتهم إلى أحاديث من النبي (صلّى الله عليه وآله) في مصادر أهل السنة التي تشير إلى "شيعة علي". من ذلك ما رواه سیوطی سني المذهب عن النبي وهو يشير إلى علي قائلاً: «والذي نفسي بيده، إن هذا الرجل - علي - وشيعته في الآخرة هم الفائزون»[٢١]. وعلامة أميني، وهو من علماء الشيعة المشهورين، جمع جميع الأحاديث المتعلقة بواقعة الغدير من كتب أهل السنة ونشرها في أربعين مجلدًا تحت عنوان الغدير.
>
> ينسب البعض التشيع إلى شخص يدعى عبدالله بن سبأ، رغم أن بعض الكتب التاريخية و"كتب الملل والنحل" تعتبره من الغلاة في الشيعة ومؤسس فرقة السبئية التي كانت تؤمن بألوهية علي، ولذلك لُعن وتكفّر من قبل علي بن أبي طالب، ويُروى أنه هو وأتباعه أُحرقوا بأمر علي. مرتضى عسكري في كتابه وبعض المستشرقين وحتى علماء سنة في القرون الأخيرة يرون أن عبدالله بن سبأ شخصية خيالية من تأليف معارضي الشيعة[٢٢].
>
> بعض أهل السنة مثل شيخ شلتوت، مفتي الأزهر، يرون جواز تقليد فقه مذهب جعفري مثل المذاهب الأربعة عند أهل السنة[٢٣].
>
> == كلمة "شيعة" في القرآن الكريم ==
> في القرآن الكريم، "شيعة" تعني أتباع الأنبياء والشخصيات العظيمة. يقول الله في قصة موسى عليه السلام: الذي كان من شيعته طلب العون ضد عدوه: «فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِیعَتِهِ عَلَی الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ»[٢٤]. ويقول أيضًا: ومن شيعته إبراهيم الذي جاء بقلب سليم إلى ربه: «وَ إِنَّ مِنْ شِیعَتِهِ لاَِبْراهِیمَ...»[٢٥]. كلمة "شيع" في آية: «مِنَ الَّذِینَ فَرَّقُوا دِینَهُمْ وَ کانُوا شِیَعاً»[٢٦] تعني جماعة أو فرقة متفقة على مذهب معين[٢٧].
>
> == الفرق الشيعية ==
> في تاريخ الشيعة ظهرت فرق كثيرة، معظمها انقرض ولا فائدة في مناقشتها. الفرق الرئيسية الموجودة اليوم هي: الشيعة الاثنا عشرية، الشيعة الزيدية والشيعة الإسماعيلية. ومن ناحية أخرى، تنقسم الشيعة إلى الزیدية والکیسانیة والامامية، حيث الزيدية ثلاث فرق، الكیسانية فرقتان، والامامية خمس عشرة فرقة[٢٨]. اليوم، الفروع الرئيسية هي الشيعة الاثنا عشرية، الإسماعيلية، العلويون والزيدية.
>
> == سبب التسمية ==
> الغالبية العظمى من الشيعة هم الشيعة الإمامية أو الاثنا عشرية الذين يؤمنون بإمامة اثني عشر إمامًا بعد النبي محمد، ويعتبرونهم خلفاءه الشرعيين، لذا يُسمون الاثنا عشرية.
>
> يسمون هذا المذهب أيضًا الشيعة الجعفرية أو الاثنا عشرية. يؤكد مذهب الشيعة الاثنا عشرية على الإمامة وعصمة الإمام وتفضيله على بقية الأمة، ويعتقدون أن الإمامة بعد الثلاثة الأئمة الأوائل محصورة في نسل الإمام الحسين (عليه السلام). لهذا السبب يُعرفون بالإمامية.
>
> الشيعة الاثنا عشرية اليوم، في بداية القرن الواحد والعشرين، هم أكبر فرع من مذهب الشيعة. "الإمامية" هو من أشهر المصطلحات الكلامية لهذا المذهب، وهو مشتق من "إمام" التي تعني القائد الذي يُتبع، وجمعها "أئمة". حرف الياء في نهايتها يدل على النسبة، وتعني فرقة الإمامية وهم الذين يتبعون "الإمام المعين من الله" بعد وفاة النبي.
>
> قال الشيخ المفيد عن تعريف الشيعة بأنهم الذين يؤمنون بإمامة علي (عليه السلام) المباشرة: «هذا اللقب خاص بفئة من الشيعة الذين يؤمنون بوجود إمام في كل زمان، وبوجوب النص الصريح والعصمة والكمال لكل إمام، ويعتقدون أن الإمامة (عدا الثلاثة الأوائل) محصورة في نسل الإمام الحسين (عليه السلام)»[٢٩].
>
> == الأئمة الشيعة ==
> أسماء وخصائص الأئمة الاثني عشر مذكورة في أحاديث النبي محمد (صلّى الله عليه وآله):
>
> 1- علي بن أبي طالب (عليه السلام)؛
>
> 2- حسن بن علي (عليه السلام)؛
>
> 3- حسين بن علي (عليه السلام)؛
>
> 4- علي بن الحسين (عليه السلام)؛
>
> 5- محمد بن علي (عليه السلام)؛
>
> 6- جعفر بن محمد (عليه السلام)؛
>
> 7- موسى بن جعفر (عليه السلام)؛
>
> 8- علي بن موسى (عليه السلام)؛
>
> 9- محمد بن علي (عليه السلام)؛
>
> 10- علي بن محمد (عليه السلام)؛
>
> 11- حسن بن علي (عليه السلام)؛
>
> 12- حجت بن الحسن (عليه السلام).
>
> == تاريخ نشأة التشيع ==
> رغم وجود بعض الخلافات بين المسلمين في زمن النبي (صلّى الله عليه وآله) حول بعض المسائل[٣٠]، لم تكن هناك فرق أو تصنيفات كما ظهرت لاحقًا. بعد وفاة النبي، نشأت خلافات أدت إلى تقسيم المسلمين إلى فرق مختلفة. أهم خلاف ظهر في الأيام الأولى بعد وفاة النبي كان حول الخلافة والإمامة، مما قسم المسلمين إلى فئتين.
>
> فئة تؤمن بأن الإمامة مثل النبوة منصب إلهي، ويجب أن يكون الإمام معصومًا من الخطأ والخطيئة، وهذه العصمة لا يعلمها إلا الله. لذلك، طريقة تعيين الإمام هي النص الإلهي في القرآن أو الأحاديث النبوية، وبموجب هذه النصوص، علي بن أبي طالب هو خليفة النبي والإمام للمسلمين. كان علي وبني هاشم وبعض كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار مؤيدين لهذه النظرية، وهي عقيدة الشيعة، خصوصًا الإمامية، في مسألة الإمامة.
>
> والفئة الأخرى، بقيادة أبوبكر وعمر، تؤمن بأن النبي لم يعين خليفة لنفسه، وترك الأمر للمسلمين ليقرروا. بناءً على ذلك، وفي إجراء سريع، اجتمع بعض المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة أثناء تجهيز جسد النبي (صلّى الله عليه وآله)، وناقشوا من يخلفه، وانتهى الاجتماع بمبايعة أبي بكر خليفة.
>
> == صمت علي ==
> بسبب الظروف السياسية والاجتماعية في العالم الإسلامي التي كانت تهدد وجود الإسلام من أعداء خارجيين (الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية) وأعداء داخليين (المنافقين)، رأى الإمام علي (عليه السلام) أن مصلحة الإسلام والمسلمين تقتضي الصبر والتسامح. رغم انتقاداته في الوقت المناسب، تجنب الصراعات العدائية وساعد في توجيه المجتمع الإسلامي وحل مشكلاته، حتى أن الخليفة عمر قال سبعين مرة: «لو لم يكن علي، لهلك عمر»[٣١] وقال أيضًا: «اللهم لا تترك لي أمرًا عسيرًا إلا وعلي حاضر فيه»[٣٢].
>
> == الشيعة في زمن النبي ==
> الشيعة كمجموعة من أتباع علي (عليه السلام) المؤمنين بإمامته المباشرة ظهرت بعد وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله). لكنها أيضًا وردت في بعض الروايات أن لفظ "شيعة" كان يُطلق على أربعة من الصحابة في حياة النبي وهم: سلمان، مقداد، أبوذر وعمار ياسر[٣٣][٣٤]. هؤلاء كانوا من الذين يرون أن علي هو الخليفة المباشر للنبي. بناءً على ذلك، يمكن القول إن التشيع كان موجودًا مع الإسلام، وإن كان كمذهب ظهر بعد وفاة النبي.
>
> == الفرق الشيعية ==
> بسبب فهم الشيعة الكامل للإمامة خلال قرنين ونصف، واجه التشيع أزمات وفتن خاصة في موضوع الإمامة والمهدي. لذلك، ظهرت فرق منحرفة عن الإمامية منها: الكيسانية، الزيدية، الإسماعيلية، الفطحية والواقف... هذه الفرق هي فروع منحرفة عن عقائد الشيعة الحقة، ومع تطور هذه الفرق، لم يُطلق عليها لفظ "شيعة" إلا بإضافة مذهبها الخاص، مثل الشيعة الإسماعيلية والزيدية وغيرها التي انقرضت.
>
> == الغلو في الشيعة ==
> الغلو في مذهب الشيعة أدى ببعض المستغلين أو الجهلاء إلى الوقوع في الكفر والشرك. هؤلاء الكفار المغالون لا يمثلون جوهر عقائد الشيعة، لكن بعض المؤلفين مثل شهرستاني وسمعاني يحاولون تصوير جميع الفرق المنحرفة والفرق الغالية على أنها كلها شيعية ومغالية، ويزعمون أن هناك فرقًا شيعية كثيرة، ويهدفون إلى تقديم صورة مشوهة عن الشيعة.
>
> == الشيعة والصمود ==
> أنصار علي (عليه السلام) الذين عرفوا بالشيعة، بعد وفاة النبي، طالبوا بحقوق أهل البيت في الخلافة والمرجعية العلمية وانتقدوا واعترضوا، وانفصلوا عن الأغلبية التي بايعت أبي بكر لأسباب مختلفة. من أنصار علي الحقيقيين: سلمان، أبوذر، مقداد، عمار، حذيفة بن اليمان... الذين دافعوا عن حقه[٣٥].
>
> تعرض أبوذر الغفاري للتعذيب من معاوية بسبب كشفه للحقائق، ثم نُفي إلى ربذة حيث توفي في غربته[٣٦]. كما استشهد كبار الشيعة مثل مالك الأشتر، محمد بن أبي بكر، حجر بن عدي، جويرة بن مسهر، ميثم التمار، كميل بن زياد، رشيد هجري وقنبر بسبب مكائد معاوية[٣٧]. في عهد الأمويين (۴۰ـ۱۳۲ هـ) أُزيلت الحصانة عن أرواح وأموال الشيعة، وكان حجاج يقتل أحد الشيعة متى شاء[٣٨]. لكن كلما ازداد الظلم، ازداد الشيعة ثباتًا على عقيدتهم. مع قيام العباسيين، اشتدت الملاحقات ضد الإمامة والشيعة، وكانوا يلجأون أحيانًا إلى التقية.
>
> في أوائل القرن الرابع، وصل سلاطين آل بويه إلى السلطة، ودعمهم للمذهب الشيعي أعطى المجتمع الشيعي قوة كبيرة وحرية عمل. ظهرت في هذه الفترة علماء مثل الشيخ الكليني، الشيخ الصدوق، الشيخ المفيد، الشيخ الطوسي وغيرهم، الذين نشروا عقائد وعلوم آل محمد (عليهم السلام).
>
> في أوائل القرن السادس مع غزو المغول، اعتنق بعض سلاطين المغول في إيران الشيعة، وحكم سلاطين المرعشي في مازندران، وكانت مراكز الشيعة في قم، الكوفة والنجف قوية، مما ساعد على نمو الشيعة. استمر هذا الوضع حتى أواخر القرن التاسع الهجري، ومع ظهور الدولة الصفوية في إيران، أصبح المذهب الشيعي رسميًا ولا يزال كذلك حتى القرن الخامس عشر الهجري، ويعيش اليوم مئات الملايين من الشيعة في كل أنحاء العالم.
>
> == واجب الشيعة ==
> اليوم، أعداء الشيعة الرئيسيين هم قادة الاستكبار والكفر وحلفاؤهم. هؤلاء يستثمرون ويدعمون التيارات المنحرفة لضرب التشيع وللإضرار بالعالم الإسلامي. من واجب كل شيعي أن يعرف أعداء التشيع الحقيقيين، ويدافع عن عقائد هذا المذهب علميًا ودقيقًا.
>
> == المعتقدات ==
> عقيدة الشيعة هي تعيين علي بن أبي طالب كخليفة للنبي، والإمامة بعده. بينما عقيدة أهل السنة تقول إن النبي (صلّى الله عليه وآله) لم يعين خليفة، وكان يريد أن يقرر المجتمع أمر القيادة[٣٩].
> معظم عقائد وطقوس الشيعة الاثنا عشرية الحالية نظمها محمد باقر مجلسی في عهد الصفويين[٤٠].
>
> === أركان الدين ===
> وفقًا لمعتقد الشيعة، أركان الدين خمسة، بالإضافة إلى التوحيد، النبوة والمعاد، يؤمنون أيضًا بـ العدل والإمامة.
>
> ==== المعاد ====
> يؤمن الشيعة بالمعاد الجسدي[٤١]. رغم وجود بعض الشبهات حول روحية المعاد[٤٢]، إلا أن معظم علماء الشيعة مثل الشيخ الطوسي، خواجه نصیرالدین طوسي ومحمد الغزالي يؤكدون المعاد الجسدي[٤٣].
>
> ==== القرآن ====
> يعتبر الشيعة القرآن محفوظًا[٤٤]، وهم جميعًا يدعون اتباع القرآن والسنة، ويعتبرون أن تعيين خليفة النبي خاص بالله والنبي فقط.
>
> ==== المنجي ====
> الإيمان بظهور أو رجوع منجي (مخلص) هو معتقد شائع في معظم الفرق الإسلامية والديانات الأخرى، مثل اليهود الذين ينتظرون ملك بني إسرائيل، والمسيحيين الذين يؤمنون بعودة المسيح، والزرادشتيين والبوذيين وغيرهم. في الفرق الإسلامية، خاصة الشيعة، كان هذا الاعتقاد واضحًا. الكيسانيون يرون القائم محمد حنفيه ابن علي بن أبي طالب، والإسماعيلية يرون القائم إسماعيل ابن جعفر الصادق. لكن الشيعة الاثنا عشرية يؤمنون بأن المنجي من آل محمد ويسمونه قائم آل محمد أو المهدي، وهو الإمام الثاني عشر الذي في الغيبة.
>
> ==== الرجعة ====
> الإيمان بالرجعة، أي عودة بعض الأموات إلى الحياة في الدنيا عند ظهور المهدي، من معتقدات الشيعة. بعض علماء الشيعة لا يرون الرجعة من الضروريات[٤٥] لكن لا أحد ينكرها بسبب الأدلة العقلية والنقلية والقرآنية[٤٦]. رغم أن بعض الأديان والفرق الإسلامية تؤمن بأشكال مختلفة من الرجعة مثل تناسخ الأرواح أو حلولها، إلا أن رؤية الشيعة في الرجعة هي من الفروق الكبرى بينهم وبين الآخرين، إذ يؤمنون بالمعاد الجسدي العميق، وأن في آخر الزمان بعد ظهور قائم آل محمد[٤٧]، سيرجع بعض الأنبياء مثل عيسى المسيح والأولياء مثل مالك الأشتر وبعض الأئمة وبعض الأشرار إلى الدنيا، فيحكم الصالحون ويُعاقب الأشرار[٤٨].
>
> ==== العصمة ====
> كلمة "العصمة" في اللغة العربية تعني الحفظ والوقاية والمنع[٤٩]، لكنها في علم الكلام تعني الحصانة من الخطأ أو الذنب لبعض الناس مثل الأنبياء والأئمة. نظرية العصمة في الأئمة عند الشيعة قدمها أولًا هشام بن حكم من المتكلمين المهمين عند الشيعة وأحد أصحاب الإمام السادس[٥٠]. علماء الكلام مثل خواجه نصيرالدين الطوسي في كتابه "تجريد الاعتقاد" وعلامة حلي في شرح التجريد يذكرون أن العصمة تُطرح على ثلاث مستويات:
>
> المستوى الأول: العصمة بمعنى الحفظ من الخطأ في تبليغ الرسالة. في هذا المجال، يؤمن علماء الكلام من الشيعة والسنة بالعصمة للنبي، لأن آية من سورة النجم تؤكد أن النبي لا ينطق عن الهوى[٥١].
>
> المستوى الثاني: العصمة بمعنى الحفظ من الذنب والمعصية. في هذا المجال، يؤمن معظم علماء الكلام الشيعة بعصمة الأنبياء والأئمة وفاطمة بنت محمد[٥٢].
>
> المستوى الثالث: العصمة بمعنى الحفظ من كل زلة وخطأ. في هذا المجال، هناك اختلاف بين علماء الكلام الشيعة، لكن الغالبية يرون أن النبي، ابنته فاطمة، والأئمة في مرتبة لا يقعون فيها في أي خطأ. بالمقابل، بعض العلماء مثل الشيخ الصدوق يرون أن النبي قد يصدر منه زلات صغيرة في مسائل شخصية وغير مرتبطة بالرسالة[٥٣][٥٤][٥٥][٥٦].
>
> ==== التبرك ====
> يعتقد أن أسلحة وأدوات الأنبياء، بما في ذلك النبي محمد، ورثها الأئمة من بعده. قال الإمام جعفر الصادق في كتاب الكافي: "سلاح رسول الله عندي".
>
> كما ذكر أن سيف النبي، وخاتمه، وعصاه، وعلامته، وعلمه، ورايته عنده. وعصا موسى وخاتم سليمان وابن داود والصينية التي كان موسى يضع عليها هداياه عنده. الشيء الذي إذا وضعه النبي بين المسلمين والمشركين، لم تصب المشركين سهام. وهو الشيء الذي جلبه الملائكة.
>
> ذكر أن وراثة سلاح النبي تعادل تولي الإمامة، مثلما وراثة عرش بني إسرائيل تعني تولي النبوة. قال الإمام الرضا: "إذا ذهب السلاح منا ذهب العلم، ولن يبتعد السلاح عن أهل العلم (الإمامة)"[٥٧].
>
> == الشيعة في مصادر الفرق الإسلامية ==
- ↑ لسان العرب، ج ۸، ص ۱۸۸، واژه «تشیّع».
- ↑ مقاییس اللغة، ج ۳، ص ۲۳۵، واژه «شیع».
- ↑ ابن منظور، لسان العرب، ج ۸، ص ۱۸۸. طباطبایی، محمد حسین، المیزان، ج ۱۷، ص۱۴۷.
- ↑ خريطة توزيع المسلمين في العالم
- ↑ أطلس الشرق الأوسط
- ↑ شیخ مفید، محمد بن محمد بن نعمان، اوائل المقالات، ص۳۵.
- ↑ شهرستانی، محمد بن عبدالکریم، الملل و النحل، ج۱، ص۱۴۶.
- ↑ سورة البينة، آية 7
- ↑ سیوطی، جلالالدین، الدر المنثور، ج۸، ص۵۸۹.
- ↑ أميني، عبدالحسين، الغدير، ج ۲، ص ۵۷۵۸.
- ↑ مدرسی طباطبایی، مکتب در فرایند تکامل، شابک ۹۶۴–۸۱۶۱–۷۵–۵، ص ۲۹–۳۲
- ↑ مدرسی طباطبایی، مکتب در فرایند تکامل، شابک ۹۶۴–۸۱۶۱–۷۵–۵، ص ۳۵–۴۰
- ↑ اوائل المقالات، ص۳۵
- ↑ شهرستانی، الملل و النحل، ج۱، ص۱۴۶
- ↑ شبارو، عصام محمد (۱۹۹۵). الدولة العربية الإسلامية الأولى (۱-٤۱هـ/٦۲۳-٦٦۱م) (3 ed.). بيروت: دار النهضة العربية، ص. ۲۰۲
- ↑ مصطفى حلمي (۲۰۰۶): الخلافة، ص۳۷–۳۸
- ↑ آية ۵۵، من سورة ۵: المائدة
- ↑ آخر آية ۳۳، من سورة ۳۳: الأحزاب
- ↑ راجع قسم الإمامشناسي، العلامة سيد محمد حسين الحسيني الطهراني، منشورات العلامة طباطبائي
- ↑ موقع سوره
- ↑ سیوطی (عالم سني)، "الدر المنثور" تحت آية ۷ سورة البينة
- ↑ الغلاة
- ↑ نص فتوى الشيخ محمود شلتوت في جواز اتباع مذهب الشيعة
- ↑ سورة القصص، آية ۱۵
- ↑ سورة الصافات، آية ۸۳
- ↑ سورة الروم، آية ۳۲
- ↑ طباطبایی سید محمدحسین، تفسیر المیزان، ج 12، ص 195.
- ↑ تاریخ مذاهب اسلام ـ محمد جواد مشکور ص۴۸
- ↑ الشيخ مفيد، محمد بن محمد بن نعمان، اوائل المقالات، ص۳۸.
- ↑ الإمام شرف الدين، النص والاجتهاد.
- ↑ كليني، محمد بن يعقوب، ج۷، ص۴۲۴.
- ↑ أميني، عبدالحسين، الغدير، ج۶، ص۲۴۷.
- ↑ نوبختي، حسن بن موسى، فرق الشيعة، ص۱۷۱۸.
- ↑ أمين، سيد محسن، أعیان الشيعة، ج۱، ص۱۸۱۹.
- ↑ كشي، محمد بن عمر، رجال الكشي، ص۶ - ۷.
- ↑ مجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج۲۲، ص۳۹۹.
- ↑ علامة حلي، حسن بن يوسف، كشف اليقين، ج 1، ص۷۷.
- ↑ علامة حلي، حسن بن يوسف، كشف اليقين، ج 1، ص۷۷.
- ↑ Sodiq, Yushau (2010). An Insider's Guide to Islam. Trafford Publishing; Khadduri, Majid; Liebesny, Herbert J. (2008). Origin and Development of Islamic Law. The Lawbook Exchange, Ltd
- ↑ Superstition as Ideology in Iranian Politics From Majlesi to Ahmadinejad علی رهنما(Page i)
- ↑ ناصر مکارم شیرازی. «اعتقاد ما، معاد جسمانی». الموقع الرسمي لدانشنامه پایگاه حوزه
- ↑ ابراهيمي دیناني. «شبهه آكل وماكول». دائرة المعارف الإسلامية الكبرى
- ↑ دورة معادشناسی، العلامة سید محمد حسین الحسيني الطهراني، ج ۶، ص ۶۴
- ↑ أقوال علماء ومراجع مذهب التشيع في نفى تحريف القرآن
- ↑ مرتضى مطهري. «الرجعة في اعتقاد الشيعة». موقع حوزه
- ↑ «الرجعة». الموقع الرسمي لمكتب التبليغات الإسلامية في قم؛ شبكة البلاغ
- ↑ «الظهور والرجعة». الموقع الرسمي لمكتب التبليغات الإسلامية في قم؛ شبكة البلاغ
- ↑ «مفهوم الرجعة». الموقع الرسمي لمكتب التبليغات الإسلامية في قم؛ شبكة البلاغ
- ↑ المنجد في اللغة/مادة «عصم»
- ↑ مدرسی طباطبایی، مکتب در فرایند تکامل، شابک ۹۶۴–۸۱۶۱–۷۵–۵، ص ۳۹
- ↑ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَ مَا غَوَیٰ* وَ مَا یَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَیٰٓ، سورة النجم، آيات ۲-۳-۴
- ↑ تجريد الاعتقاد/نصير الدين الطوسي/مبحث العصمة
- ↑ الغدير، ج ۳، ص ۲۹۸–۲۹۷
- ↑ راهنماشناسی، ص ۳۷۷–۳۷۶
- ↑ الإمامة والقيادة، ص ۷۶–۷۵
- ↑ دراسة مسائل الإمامة العامة، ص ۲۲۸–۲۲۷
- ↑ Al-Kulayni, Abu Jaʼfar Muhammad ibn Yaʼqub (2015). Kitab al-Kafi. South Huntington, NY: The Islamic Seminary Inc.