الفرق بين المراجعتين لصفحة: «البقيع»

    من ویکي‌وحدت
    لا ملخص تعديل
    لا ملخص تعديل
    سطر ٢١: سطر ٢١:
    ثم دفن فيه لاحقًا العديد من الصحابة مثل ابن مسعود، صهيب الرومي، [[المقداد بن الأسود]]، و[[سعد بن أبي وقاص القرشي|سعد بن أبي وقاص]] <ref>ابن‌ سعد، محمد، الطبقات‌ الکبری‌، ج۱، ص۳۰</ref>. كما دُفنت بعض زوجات الرسول (ص) مثل [[أم سلمة]]، [[صفية بنت شيبة|صفية]]، [[حفصة]]، و[[عائشة]] <ref>ابن‌ سعد، محمد، الطبقات‌ الکبری‌، ج۱، ص۶</ref>. ووردت روايات أن [[فاطمة الزهراء]] (ع) دُفنت في البقيع، <ref>ابن‌ سعد، محمد، الطبقات‌ الکبری‌، ج۱، ص۳۸</ref> لكن بعض علماء الشيعة يرون هذا غير مرجح <ref>الشیخ‌ طوسی‌، محمد، المبسوط، ص۸۶،</ref>. اكتسب البقيع أهمية خاصة لاحتوائه على قبور أربعة من الأئمة: الإمام الحسن المجتبى، الإمام زين العابدين، الإمام الباقر، والإمام الصادق (ع)<ref>الشیخ‌ مفید، محمد، الارشاد، ج۱، ص 9 الى ۸۰</ref>. لذا، وردت تأكيدات كثيرة على استحباب زيارته.<ref>حکیم‌، محسن‌، دلیل‌ الناسک‌، ج۱، ص۶۲،</ref>.
    ثم دفن فيه لاحقًا العديد من الصحابة مثل ابن مسعود، صهيب الرومي، [[المقداد بن الأسود]]، و[[سعد بن أبي وقاص القرشي|سعد بن أبي وقاص]] <ref>ابن‌ سعد، محمد، الطبقات‌ الکبری‌، ج۱، ص۳۰</ref>. كما دُفنت بعض زوجات الرسول (ص) مثل [[أم سلمة]]، [[صفية بنت شيبة|صفية]]، [[حفصة]]، و[[عائشة]] <ref>ابن‌ سعد، محمد، الطبقات‌ الکبری‌، ج۱، ص۶</ref>. ووردت روايات أن [[فاطمة الزهراء]] (ع) دُفنت في البقيع، <ref>ابن‌ سعد، محمد، الطبقات‌ الکبری‌، ج۱، ص۳۸</ref> لكن بعض علماء الشيعة يرون هذا غير مرجح <ref>الشیخ‌ طوسی‌، محمد، المبسوط، ص۸۶،</ref>. اكتسب البقيع أهمية خاصة لاحتوائه على قبور أربعة من الأئمة: الإمام الحسن المجتبى، الإمام زين العابدين، الإمام الباقر، والإمام الصادق (ع)<ref>الشیخ‌ مفید، محمد، الارشاد، ج۱، ص 9 الى ۸۰</ref>. لذا، وردت تأكيدات كثيرة على استحباب زيارته.<ref>حکیم‌، محسن‌، دلیل‌ الناسک‌، ج۱، ص۶۲،</ref>.
    وأصبحت أجزاء من البقيع مقابر لعائلات معينة، مثل قطعة دفن فيها الأئمة الأربعة والعباس بن عبد المطلب، والتي عُرفت بمقبرة بني هاشم، كما دُفن عثمان بن عفان في بستان "حش كوكب" المجاور للبقيع، والذي أصبح لاحقًا مقبرة [[بني أمية|لبني أمية]].
    وأصبحت أجزاء من البقيع مقابر لعائلات معينة، مثل قطعة دفن فيها الأئمة الأربعة والعباس بن عبد المطلب، والتي عُرفت بمقبرة بني هاشم، كما دُفن عثمان بن عفان في بستان "حش كوكب" المجاور للبقيع، والذي أصبح لاحقًا مقبرة [[بني أمية|لبني أمية]].
    == الأوصاف==
    رغم الشهرة الواسعة التي يستحقها البقيع، فإن معلوماتنا عن معالمه الظاهرية وتطوراته عبر التاريخ قليلة ومتناثرة جدًا، إحدى أقدم الأوصاف للمظهر الخارجي لمقابر الشخصيات البارزة في البقيع تعود إلى المسعودي (ت. ٣٤٦هـ/٩٥٧م)، الذي سجل في كتابه النقوش المنحوتة على شواهد قبور الأئمة <ref>المسعودی‌، علی‌، مروج الذهب ج۱، ص۳۲-۳۳</ref>.
    وابن الأثير، عند سرده لأحداث سنة ٩٥هـ، ذكر قتل معماري أرسله مجد الملك القمي (ت. ٤٩٢هـ/١٠٩٩م) – وزير بركيارق – لإصلاح وترميم قبة مقام الأئمة وعباس بن عبد المطلب في المدينة، من المحتمل جدًا أن هذه القبة كانت قد شُيدت من قبل خلفاء بني العباس لتكريم جدهم في وقت غير معروف الآن.
    وابن جبير (ت. ٦١٤هـ/١٢١٧م) وصف القباب الموجودة في البقيع أوائل القرن السابع الهجري <ref>ابن‌ جبیر، محمد، رحله، ج۱، ص۷۳-۷۴،</ref>. كما جاء وصف هذه القباب في كلام ابن النجار (ت. ٦٤٣هـ/١٢٤٥م) وبعده ابن بطوطة (ت. ٧٧٩هـ/١٣٧٧م) في القرن الثامن الهجري، بنفس الحالة تقريبًا <ref>ابن‌ نجار، محمد، الدرة الثمینة، ص۳۱-۳۴،</ref>.
    ووفقًا لابن النجار، كان للمقبرة بابان، أحدهما مفتوح دائمًا لزوار المقبرة.أما أوليا جلبي، الذي حج عام ١٠٨٢هـ/١٦٧١م، فقد وصف قبة مقام الأئمة وعباس، وتحدث عن تجديد بناء مقابر زوجات الرسول (ص) بأمر من السلطان سليمان القانوني عام ٩٥٠هـ/١٥٤٣م، وفقًا للنقش الموجود هناك <ref>اولیاچلبی‌، الرحله الحجازیة، ترجمة احمد مرسی‌، ص۴۹-۵۰،</ref>.
    ==بناء القبور و القباب في البقيع==
    قضية دفن أموات المسلمين، والشخصيات الدينية في البقيع والعناية الفائقة للمسلمين وتأكيدهم على استحباب زيارة قبور الصالحين والمؤمنين أدى إلى بناء أضرحة وقبب ومباني على هذه القبور، فمن ذلك يمكن الإرشارة إلى قبر العباس بن عبد المطلب عم النبيصلی الله عليه وآله وسلم، وأربعة من أئمة الشيعة فضلاً عن شخصيات أخرى من بني هاشم وأقرباء النبيصلی الله عليه وآله وسلم والصحابة والعلماء ووالنخب من المسلمين على مدى التاريخ، كما وقد بني على القبور قبب ووضعت لها أضرحة حيث زارها السياح ، ووردت أخبار موثقة في الكتب والمصادر، فيصف الرحالة ابن بطوطة في النصف الأول من القرن الثامن للهجرة البقيع، و بقيع الغرقد شرقي المدينة المنورة فيه قبر [[مالك بن أنس بن مالك|مالك بن أنس]] وعليه قبة صغيرة مختصرة البناء وأمامه قبر السلالة الطاهرة المقدسة النبوية الكريمة إبراهيم بن رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم، وعليه قبة بيضاء ...وروضة فيها قبر العباس بن عبد المطلب عم رسول الله، وقبر الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام وهي قبة ذاهبة في الهواء بديعة الأحكام عن يمين الخارج من باب البقيع ورأس الحسن إلى رجلي العباس عليه السلام وقبراهما مرتفعان عن الأرض متسعان مغشيان بألواح بديعة الالتصاق مرصعة بصفائح الصفر<ref>ابن بطوطة، رحلة ابن بطوطة، ص 119</ref>. كما وتحدث الصفدي عن قباب لقبور أربع أئمة من الشيعة، والعباس عم النبيصلی الله عليه وآله وسلم.
    أما بركهارت الذي قام برحلة إلى المدينة بعد أن وصلت الوهابية إلى سدة الحكم، لفت إلى أن البقيع باتت من أحقر مقابر الشرق آنذاك، وتعتبر مقبرة البقيع - كمقبرة حمزة في أحد أو مسجد قباء أول مسجد في الإسلام ـ من الأحياء التي تقع في ضاحية المدينة ومن الأماكن المقدسة، وقد يقصدونها الحجاج، ويعدون زيارتها في جملة الأعمال التعبدية.
    فرهاد ميرزا أحد أمراء القاجارية سنة 1293 ش، ومحمد حسين خان فراهاني سنة 1303 ش هكذا يصفان البقيع: البقيع يشتمل على بقع متعددة منها بقعة لقبور أربعة من الأئمةعليه السلام والعباس عم الرسول، وقبر منسوب إلى السيدة الزهراءعليه السلام كما وعليه ستار مطراز أهدي من قبل السلطان أحمد العثماني سنة 1311 هـ، وبقعة لقبور بنات الرسول الأعظم صلی الله عليه وآله وسلم، وبقعة لزوجاتهصلی الله عليه وآله وسلم، كما وهناك بقع أخرى.
    ==الأحداث التاريخية==
    عندما سيطر الوهابيون على المدينة عام ١٢٢١هـ/١٨٠٦م، هاجموا البقيع وهدموا جميع القباب فيه، ونهبوا الأموال والزخارف <ref>امین‌، محسن‌، کشف‌ الارتیاب‌، ص۵-۴</ref>.
    لكن بعد أن أرسل إبراهيم باشا (ت. ١٢٤٤هـ/١٨٢٨م) جيشًا إلى الحجاز لمحاربة الوهابيين وهزمهم، أمر السلطان محمود العثماني بإعادة بناء قباب البقيع <ref>علی‌ بن‌ موسی‌، «وصف‌ المدینة المنورة»، رسائل‌ فی‌ تاریخ‌ المدینة المنورة، ص۵-۶،</ref>.
    بعض رجال الدولة الإيرانيين الذين حجوا أواخر القرن الثالث عشر الهجري ذكروا في مذكراتهم أوصافًا عن حال البقيع في تلك الفترة <ref>حسام‌ السلطنه‌، سلطان‌ مراد، سفرنامه مکه‌، ص۵۱-۵۲،</ref>. وعندما استعاد الوهابيون سيطرتهم على الحجاز عام ١٣٤٣هـ/١٩٢٤م، شنوا هجومًا جديدًا على مقبرة البقيع <ref>هاجری‌، یوسف‌، البقیع‌، ص۷۰، بیروت‌، ۴۱۱ق‌/۹۹۱م‌.</ref>. أخبار هذا التدمير وانتهاك حرمة قبور الأئمة وغيرهم من أعلام صدر الإسلام أثارت موجة من القلق والغضب في إيران وبعض الدول الإسلامية <ref>امین‌، محسن‌، کشف‌ الارتیاب‌، ص۵،</ref>. خصوصًا في إيران، حيث نوقش الموضوع في المجلس الشورى الوطني، ثم أُرسلت بعثة رسمية للتحقيق عام ١٣٠٤ش/١٩٢٥م.<ref>اسناد روابط ایران‌ و عربستان‌ سعودی‌ ۳۰۴- ۳۵۷ش‌، ص۴۹</ref>. وعلى مدى السنوات التالية، واصل علماء وسياسيو إيران المطالبة بإعادة بناء مقبرة البقيع كما يليق بمكانتها <ref>اسناد روابط ایران‌ و عربستان‌ سعودی‌ ۳۰۴- ۳۵۷ش‌، ۶،</ref>.
    == جريمة الوهابية ==
    بعد سيطرة آل سعود على الحجاز، وبتأثير أفكار محمد بن عبد الوهاب، دمروا كل الآثار والمباني على قبور شخصيات صدر الإسلام، ففي عام ١٢٢١هـ دمروا جزءًا من مباني البقيع، ثم أكملوا تدميرها بالكامل في شوال ١٣٤٤هـ، حيث هدموا القباب والأضرحة وسرقوا التحف الثمينة، ولم يتركوا سوى أكوام من الحجارة <ref>امین، سید محسن، کشف الارتیاب فی اتباع محمد بن عبدالوهاب، کشف الارتیاب، ص ۵۵</ref>. لم يستثن الوهابيون أي قبر، بل كان قبر النبي (ص) – لشدة احترام المسلمين له – أولى بالهدم في نظرهم، لكنهم امتنعوا خشية ردود الأفعال.
    == رد فعل الشعب الإيراني ==
    عند انتشار أخبار تدمير البقيع، تفاعل الإيرانيون بشدة، وأعلن رئيس الوزراء الحداد العام في ١٦ صفر (١٥ أيلول/سبتمبر). وتجمع عشرات الآلاف في طهران للاحتجاج، حيث ألقى الخطباء كلمات مهيجة ضد الوهابيين وانتهاكهم لحرمة قبر النبي (ص) <ref>المکی، حسین، مدرس قهرمان آزادی، ج۲، ص۶۸۲</ref>.
    == لقاء منتخب الدولة وعبد العزيز==
    عشية سقوط حكومة هاشمي في الحجاز، وفي تاريخ السادس عشر من تيرماه ١٣٠٣ هـ.ق، عُيّن منتخب الدولة كرئيس لحجاج وإتباع الإيرانيين ودخل مكة، لكن بعد صعود عبد العزيز إلى السلطة وانتشار أخبار عن تدمير الأماكن المقدسة في مدينتي مكة والمدينة، وما تولد من قلق في الدول الإسلامية خاصة إيران، وحيث أن حكومة السعوديين لم تكن قد استقرت بعد، قام عبد العزيز بتكذيب هذه الأخبار وطلب من الحكومات الإسلامية إرسال ممثلين لمتابعة الموضوع، كانت إيران من بين أول الدول التي أرسلت وفداً مكوناً من غفار خان جلال السلطنة (المفوض الإيراني في مصر) وحبيب الله خان هويدا إلى الحجاز، حيث وصل هذا الوفد إلى جدة في ٢٤/٦/١٣٠٤ هـ.ق <ref>محقق، علی، اسناد روابط ایران و عربستان سعودی، ص۲۶،</ref>.
    ==المؤلفات المُعدّة==
    في مجاميع الحديثية، ذُكرت فضائل نسبية للبقيع بتفصيل <ref>السمهودی‌، علی‌، وفاء الوفا، ج۱، ص۸۸-۸۹</ref>.
    * كُتبت بعض المؤلفات المخصصة عن البقيع، منها:
    * "البقيع: قصة تدمير آل سعود للآثار الإسلامية"، ليوسف هاجري، بيروت، ٤١١ق/٩٩٠م.
    * "قبور أئمة البقيع قبل تهديمها"، لعبد الحسين حيدري الموسوي، بيروت، ٤٢٠ق/٩٩٩م.
    * "البقيع الغرقد"، لمحمد حسيني الشيرازي، بيروت، ٤٢٠ق/٩٩٩م.
    == الفضيلة ==
    زيارة الأئمة المدفونين في البقيع (الإمام الحسن المجتبى، الإمام زين العابدين، الإمام محمد الباقر، والإمام جعفر الصادق عليهم السلام) بشكل خاص، وكذلك غيرهم من المدفونين فيه، مثل أم أمير المؤمنين عليه السلام، وأبنائه، وزوجات الصحابة الكرام للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله، مستحبة <ref>الجواهر، محمد حسين، جواهر الکلام ج۲۰، ص۱۱۰</ref>.
    == الهوامش ==
    {{الهوامش}}
    ==المصادر==
    * [دائرة معارف اسلامی الكبير، مرکز دائرة المعارف الاسلامی الكبير، مقتبس من مقاله «بقیع»، ج۱۲، ص۴۹۷۲.]
    [[تصنيف:لبنان]]

    مراجعة ٢٠:٠٨، ٧ أبريل ٢٠٢٥


    البقيع هي أقدم وأشهر مقبرة إسلامية في المدينة المنورة بجوار قبر النبي الأعظم ص والمعروفة أيضًا باسم "بقيع الغرقد"، أو خاصة في العصور المتأخرة باسم "جنة البقيع"، وتضم قبور أربعة من أئمة الشيعة من أهل بيت رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم وهم: الإمام الحسن و الإمام علي بن الحسين، الإمام الباقر، الإمام الصادق عليهم السلام، كما تضم أيضا قبر العباس بن عبد المطلب عم النبي ص وقبر إبراهيم بن رسول الله ص، وقبر عدد من عمات النبي ص وزوجاته، وبعض أصحابه، وعدد من شهداء صدر الإسلام، والعديد من كبار شخصيات المسلمين،


    سبب التسمية

    سُمي البقيع بـ"بقيع الغرقد" بسبب وجود شجر شائك يُدعى "الغرقد" كان ينبت فيه [١]. وبعد اندثار هذه الشجرة، بقي الاسم، وقيل أيضًا إن "بقيع الغرقد" هو أرض تغطيها أشجار توت طويلة.

    الخلفية التاريخية

    يشير علماء اللغة إلى أن مقبرة البقيع كانت منطقة مليئة بالأشواك في ضواحي يثرب (المدينة لاحقًا) قبل الإسلام [٢]. وكان هذا البقيع متميزًا عن أماكن أخرى في المدينة مثل "بقيع الزبير" و"بقيع الخيل"[٣]. ورد ذكر "يوم البقيع" في الروايات الأسطورية عن حروب الأوس والخزرج قبل الإسلام، كما ذُكر في أشعار تلك الفترة [٤]. بعد وفاة عثمان بن مظعون (ق. ٢٤م)، اختار النبي محمد (ص) البقيع مكانًا لدفن أصحابه، يعود تاريخ المقبرة إلى ما قبل الإسلام، لكن المصادر لا توضح بالضبط متى بدأ استخدامها للدفن، وقبل الهجرة، كان أهل المدينة يدفنون موتاهم في مقبرتي "بني حرام" و"بني سالم"، أو في منازلهم [٥].وبعد هجرة المسلمين إلى المدينة، أصبح البقيع المقبرة الرئيسية للمسلمين، وازدادت أهميته بعد دفن العديد من الصحابة والتابعين وأهل بيت الرسول (ص) فيه [٦] أما المقابر القديمة، فقد هُجرت واندثرت، لم يكن للبقيع سور حتى القرن الأخير، لكنه الآن محاط بجدار عالٍ، ومنذ القدم، يزور المسلمون من جميع المذاهب البقيع بعد زيارة قبر النبي (ص)، لزيارة أهل البيت (ع) وغيرهم من المدفونين فيه.

    الموقع الجغرافي

    يقع بقيع الغرقد شرق المدينة المنورة، قرب قبر الرسول (ص)، وكان خارج السور القديم للمدينة الذي اختفى الآن، تبلغ مساحته حاليًا حوالي ٨٠ ألف متر مربع [٧].

    أول من دُفن فيه

    أول من دُفن في البقيع هو عثمان بن مظعون، [٨]. ورغم وجود خلاف بين المهاجرين والأنصار، حيث اعتبر الأنصار "أسعد بن زرارة" أول مدفون فيه [٩].

    أشهر المدفونين

    من أشهر المدفونين في البقيع في عهد الرسول (ص) هو إبراهيم ابنه الرضيع، وفي أواخر حياته، زار النبي (ص) البقيع بناءً على أمر الله ليدعو لأموات المسلمين [١٠].وبعد وفاة النبي (ص)، أراد بعض الصحابة دفنه في البقيع [١١]. ثم دفن فيه لاحقًا العديد من الصحابة مثل ابن مسعود، صهيب الرومي، المقداد بن الأسود، وسعد بن أبي وقاص [١٢]. كما دُفنت بعض زوجات الرسول (ص) مثل أم سلمة، صفية، حفصة، وعائشة [١٣]. ووردت روايات أن فاطمة الزهراء (ع) دُفنت في البقيع، [١٤] لكن بعض علماء الشيعة يرون هذا غير مرجح [١٥]. اكتسب البقيع أهمية خاصة لاحتوائه على قبور أربعة من الأئمة: الإمام الحسن المجتبى، الإمام زين العابدين، الإمام الباقر، والإمام الصادق (ع)[١٦]. لذا، وردت تأكيدات كثيرة على استحباب زيارته.[١٧]. وأصبحت أجزاء من البقيع مقابر لعائلات معينة، مثل قطعة دفن فيها الأئمة الأربعة والعباس بن عبد المطلب، والتي عُرفت بمقبرة بني هاشم، كما دُفن عثمان بن عفان في بستان "حش كوكب" المجاور للبقيع، والذي أصبح لاحقًا مقبرة لبني أمية.

    الأوصاف

    رغم الشهرة الواسعة التي يستحقها البقيع، فإن معلوماتنا عن معالمه الظاهرية وتطوراته عبر التاريخ قليلة ومتناثرة جدًا، إحدى أقدم الأوصاف للمظهر الخارجي لمقابر الشخصيات البارزة في البقيع تعود إلى المسعودي (ت. ٣٤٦هـ/٩٥٧م)، الذي سجل في كتابه النقوش المنحوتة على شواهد قبور الأئمة [١٨]. وابن الأثير، عند سرده لأحداث سنة ٩٥هـ، ذكر قتل معماري أرسله مجد الملك القمي (ت. ٤٩٢هـ/١٠٩٩م) – وزير بركيارق – لإصلاح وترميم قبة مقام الأئمة وعباس بن عبد المطلب في المدينة، من المحتمل جدًا أن هذه القبة كانت قد شُيدت من قبل خلفاء بني العباس لتكريم جدهم في وقت غير معروف الآن. وابن جبير (ت. ٦١٤هـ/١٢١٧م) وصف القباب الموجودة في البقيع أوائل القرن السابع الهجري [١٩]. كما جاء وصف هذه القباب في كلام ابن النجار (ت. ٦٤٣هـ/١٢٤٥م) وبعده ابن بطوطة (ت. ٧٧٩هـ/١٣٧٧م) في القرن الثامن الهجري، بنفس الحالة تقريبًا [٢٠]. ووفقًا لابن النجار، كان للمقبرة بابان، أحدهما مفتوح دائمًا لزوار المقبرة.أما أوليا جلبي، الذي حج عام ١٠٨٢هـ/١٦٧١م، فقد وصف قبة مقام الأئمة وعباس، وتحدث عن تجديد بناء مقابر زوجات الرسول (ص) بأمر من السلطان سليمان القانوني عام ٩٥٠هـ/١٥٤٣م، وفقًا للنقش الموجود هناك [٢١].

    بناء القبور و القباب في البقيع

    قضية دفن أموات المسلمين، والشخصيات الدينية في البقيع والعناية الفائقة للمسلمين وتأكيدهم على استحباب زيارة قبور الصالحين والمؤمنين أدى إلى بناء أضرحة وقبب ومباني على هذه القبور، فمن ذلك يمكن الإرشارة إلى قبر العباس بن عبد المطلب عم النبيصلی الله عليه وآله وسلم، وأربعة من أئمة الشيعة فضلاً عن شخصيات أخرى من بني هاشم وأقرباء النبيصلی الله عليه وآله وسلم والصحابة والعلماء ووالنخب من المسلمين على مدى التاريخ، كما وقد بني على القبور قبب ووضعت لها أضرحة حيث زارها السياح ، ووردت أخبار موثقة في الكتب والمصادر، فيصف الرحالة ابن بطوطة في النصف الأول من القرن الثامن للهجرة البقيع، و بقيع الغرقد شرقي المدينة المنورة فيه قبر مالك بن أنس وعليه قبة صغيرة مختصرة البناء وأمامه قبر السلالة الطاهرة المقدسة النبوية الكريمة إبراهيم بن رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم، وعليه قبة بيضاء ...وروضة فيها قبر العباس بن عبد المطلب عم رسول الله، وقبر الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام وهي قبة ذاهبة في الهواء بديعة الأحكام عن يمين الخارج من باب البقيع ورأس الحسن إلى رجلي العباس عليه السلام وقبراهما مرتفعان عن الأرض متسعان مغشيان بألواح بديعة الالتصاق مرصعة بصفائح الصفر[٢٢]. كما وتحدث الصفدي عن قباب لقبور أربع أئمة من الشيعة، والعباس عم النبيصلی الله عليه وآله وسلم. أما بركهارت الذي قام برحلة إلى المدينة بعد أن وصلت الوهابية إلى سدة الحكم، لفت إلى أن البقيع باتت من أحقر مقابر الشرق آنذاك، وتعتبر مقبرة البقيع - كمقبرة حمزة في أحد أو مسجد قباء أول مسجد في الإسلام ـ من الأحياء التي تقع في ضاحية المدينة ومن الأماكن المقدسة، وقد يقصدونها الحجاج، ويعدون زيارتها في جملة الأعمال التعبدية. فرهاد ميرزا أحد أمراء القاجارية سنة 1293 ش، ومحمد حسين خان فراهاني سنة 1303 ش هكذا يصفان البقيع: البقيع يشتمل على بقع متعددة منها بقعة لقبور أربعة من الأئمةعليه السلام والعباس عم الرسول، وقبر منسوب إلى السيدة الزهراءعليه السلام كما وعليه ستار مطراز أهدي من قبل السلطان أحمد العثماني سنة 1311 هـ، وبقعة لقبور بنات الرسول الأعظم صلی الله عليه وآله وسلم، وبقعة لزوجاتهصلی الله عليه وآله وسلم، كما وهناك بقع أخرى.


    الأحداث التاريخية

    عندما سيطر الوهابيون على المدينة عام ١٢٢١هـ/١٨٠٦م، هاجموا البقيع وهدموا جميع القباب فيه، ونهبوا الأموال والزخارف [٢٣]. لكن بعد أن أرسل إبراهيم باشا (ت. ١٢٤٤هـ/١٨٢٨م) جيشًا إلى الحجاز لمحاربة الوهابيين وهزمهم، أمر السلطان محمود العثماني بإعادة بناء قباب البقيع [٢٤]. بعض رجال الدولة الإيرانيين الذين حجوا أواخر القرن الثالث عشر الهجري ذكروا في مذكراتهم أوصافًا عن حال البقيع في تلك الفترة [٢٥]. وعندما استعاد الوهابيون سيطرتهم على الحجاز عام ١٣٤٣هـ/١٩٢٤م، شنوا هجومًا جديدًا على مقبرة البقيع [٢٦]. أخبار هذا التدمير وانتهاك حرمة قبور الأئمة وغيرهم من أعلام صدر الإسلام أثارت موجة من القلق والغضب في إيران وبعض الدول الإسلامية [٢٧]. خصوصًا في إيران، حيث نوقش الموضوع في المجلس الشورى الوطني، ثم أُرسلت بعثة رسمية للتحقيق عام ١٣٠٤ش/١٩٢٥م.[٢٨]. وعلى مدى السنوات التالية، واصل علماء وسياسيو إيران المطالبة بإعادة بناء مقبرة البقيع كما يليق بمكانتها [٢٩].

    جريمة الوهابية

    بعد سيطرة آل سعود على الحجاز، وبتأثير أفكار محمد بن عبد الوهاب، دمروا كل الآثار والمباني على قبور شخصيات صدر الإسلام، ففي عام ١٢٢١هـ دمروا جزءًا من مباني البقيع، ثم أكملوا تدميرها بالكامل في شوال ١٣٤٤هـ، حيث هدموا القباب والأضرحة وسرقوا التحف الثمينة، ولم يتركوا سوى أكوام من الحجارة [٣٠]. لم يستثن الوهابيون أي قبر، بل كان قبر النبي (ص) – لشدة احترام المسلمين له – أولى بالهدم في نظرهم، لكنهم امتنعوا خشية ردود الأفعال.

    رد فعل الشعب الإيراني

    عند انتشار أخبار تدمير البقيع، تفاعل الإيرانيون بشدة، وأعلن رئيس الوزراء الحداد العام في ١٦ صفر (١٥ أيلول/سبتمبر). وتجمع عشرات الآلاف في طهران للاحتجاج، حيث ألقى الخطباء كلمات مهيجة ضد الوهابيين وانتهاكهم لحرمة قبر النبي (ص) [٣١].

    لقاء منتخب الدولة وعبد العزيز

    عشية سقوط حكومة هاشمي في الحجاز، وفي تاريخ السادس عشر من تيرماه ١٣٠٣ هـ.ق، عُيّن منتخب الدولة كرئيس لحجاج وإتباع الإيرانيين ودخل مكة، لكن بعد صعود عبد العزيز إلى السلطة وانتشار أخبار عن تدمير الأماكن المقدسة في مدينتي مكة والمدينة، وما تولد من قلق في الدول الإسلامية خاصة إيران، وحيث أن حكومة السعوديين لم تكن قد استقرت بعد، قام عبد العزيز بتكذيب هذه الأخبار وطلب من الحكومات الإسلامية إرسال ممثلين لمتابعة الموضوع، كانت إيران من بين أول الدول التي أرسلت وفداً مكوناً من غفار خان جلال السلطنة (المفوض الإيراني في مصر) وحبيب الله خان هويدا إلى الحجاز، حيث وصل هذا الوفد إلى جدة في ٢٤/٦/١٣٠٤ هـ.ق [٣٢].

    المؤلفات المُعدّة

    في مجاميع الحديثية، ذُكرت فضائل نسبية للبقيع بتفصيل [٣٣].

    • كُتبت بعض المؤلفات المخصصة عن البقيع، منها:
    • "البقيع: قصة تدمير آل سعود للآثار الإسلامية"، ليوسف هاجري، بيروت، ٤١١ق/٩٩٠م.
    • "قبور أئمة البقيع قبل تهديمها"، لعبد الحسين حيدري الموسوي، بيروت، ٤٢٠ق/٩٩٩م.
    • "البقيع الغرقد"، لمحمد حسيني الشيرازي، بيروت، ٤٢٠ق/٩٩٩م.

    الفضيلة

    زيارة الأئمة المدفونين في البقيع (الإمام الحسن المجتبى، الإمام زين العابدين، الإمام محمد الباقر، والإمام جعفر الصادق عليهم السلام) بشكل خاص، وكذلك غيرهم من المدفونين فيه، مثل أم أمير المؤمنين عليه السلام، وأبنائه، وزوجات الصحابة الكرام للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله، مستحبة [٣٤].

    الهوامش

    1. القاموس المحیط، ج۳، ص۱۱
    2. الواقدی‌، محمد، المغازی‌، ج۱، ص۹۰و ۶۲
    3. اقوت‌، بلدان‌، ج۱، ص۴۰
    4. النجفی‌، محمدباقر، مدینه‌ شناسی‌، ج۱، ص۲۰
    5. النجمی، محمد صادق، تاریخ حرم ائمّه بقیع، مشعر،ص۶۱
    6. النجفی، سید محمد باقر، التعرف على المدینه ، ج۱، ص۳۲۱
    7. الهاجری‌، یوسف‌، البقیع‌، ص۶-۷،
    8. ابن‌ قتیبه‌، محمد، المعارف‌، ج۱، ص۲۲
    9. ابن‌ سعد، محمد، الطبقات‌ الکبری‌، ج۱، ص۱۲
    10. ابن‌ سعد، محمد، الطبقات‌ الکبری‌، ج۱، ص۴۱
    11. ابن‌ سعد، محمد، الطبقات‌ الکبری‌، ج۱، ص۹۲
    12. ابن‌ سعد، محمد، الطبقات‌ الکبری‌، ج۱، ص۳۰
    13. ابن‌ سعد، محمد، الطبقات‌ الکبری‌، ج۱، ص۶
    14. ابن‌ سعد، محمد، الطبقات‌ الکبری‌، ج۱، ص۳۸
    15. الشیخ‌ طوسی‌، محمد، المبسوط، ص۸۶،
    16. الشیخ‌ مفید، محمد، الارشاد، ج۱، ص 9 الى ۸۰
    17. حکیم‌، محسن‌، دلیل‌ الناسک‌، ج۱، ص۶۲،
    18. المسعودی‌، علی‌، مروج الذهب ج۱، ص۳۲-۳۳
    19. ابن‌ جبیر، محمد، رحله، ج۱، ص۷۳-۷۴،
    20. ابن‌ نجار، محمد، الدرة الثمینة، ص۳۱-۳۴،
    21. اولیاچلبی‌، الرحله الحجازیة، ترجمة احمد مرسی‌، ص۴۹-۵۰،
    22. ابن بطوطة، رحلة ابن بطوطة، ص 119
    23. امین‌، محسن‌، کشف‌ الارتیاب‌، ص۵-۴
    24. علی‌ بن‌ موسی‌، «وصف‌ المدینة المنورة»، رسائل‌ فی‌ تاریخ‌ المدینة المنورة، ص۵-۶،
    25. حسام‌ السلطنه‌، سلطان‌ مراد، سفرنامه مکه‌، ص۵۱-۵۲،
    26. هاجری‌، یوسف‌، البقیع‌، ص۷۰، بیروت‌، ۴۱۱ق‌/۹۹۱م‌.
    27. امین‌، محسن‌، کشف‌ الارتیاب‌، ص۵،
    28. اسناد روابط ایران‌ و عربستان‌ سعودی‌ ۳۰۴- ۳۵۷ش‌، ص۴۹
    29. اسناد روابط ایران‌ و عربستان‌ سعودی‌ ۳۰۴- ۳۵۷ش‌، ۶،
    30. امین، سید محسن، کشف الارتیاب فی اتباع محمد بن عبدالوهاب، کشف الارتیاب، ص ۵۵
    31. المکی، حسین، مدرس قهرمان آزادی، ج۲، ص۶۸۲
    32. محقق، علی، اسناد روابط ایران و عربستان سعودی، ص۲۶،
    33. السمهودی‌، علی‌، وفاء الوفا، ج۱، ص۸۸-۸۹
    34. الجواهر، محمد حسين، جواهر الکلام ج۲۰، ص۱۱۰


    المصادر

    • [دائرة معارف اسلامی الكبير، مرکز دائرة المعارف الاسلامی الكبير، مقتبس من مقاله «بقیع»، ج۱۲، ص۴۹۷۲.]