الفرق بين المراجعتين لصفحة: «المأمون العباسي»
لا ملخص تعديل |
لا ملخص تعديل |
||
| (٥ مراجعات متوسطة بواسطة نفس المستخدم غير معروضة) | |||
| سطر ١: | سطر ١: | ||
'''مأمون العباسي''' هو الخليفة السابع من خلفاء [[ | '''مأمون العباسي''' هو الخليفة السابع من خلفاء [[العباسيون|بني العباس]]. اسمه «عبدالله مأمون» وهو ابن [[هارون الرشيد]] العباسي. في طفولته، عينه والده هارون وليًا للعهد بعد [[أمين]]. كانت سنوات حكمه الأولى متزعزعة بسبب النزاع مع أمين وقيام [[العلويون]]، ولذلك ومن أجل تثبيت خلافته استدعى [[علي بن موسى (الرضا)|الإمام الرضا (عليه السلام)]] من [[المدينة المنورة|المدينة]] إلى مرو. ولإظهار الصداقة مع [[آل علي]]، عرض عليه أولًا تولي [[الخلافة]]، وعندما رفض الإمام هذا العرض، فرض عليه منصب ولاية العهد، وفي النهاية سممه وقتله حتى نال [[الشهادة]]. | ||
== نبذة عن مأمون العباسي == | == نبذة عن مأمون العباسي == | ||
| سطر ٢٧: | سطر ٢٧: | ||
== المعتقد الديني لمأمون == | == المعتقد الديني لمأمون == | ||
ظل وجه مأمون المنافق سببًا في إخفاء الدافع الحقيقي لاختياره عبر ثلاثة عشر قرنًا على المؤرخين | ظل وجه مأمون المنافق سببًا في إخفاء الدافع الحقيقي لاختياره عبر ثلاثة عشر قرنًا على المؤرخين والسِّيَر، لذلك قدم المؤرخون منذ القرن الثالث الهجري آراءً مختلفة في هذا الشأن. | ||
يرى [[مرتضى | يرى [[مرتضى المطهّري]] أن مأمون كان يميل إلى [[الشيعة]]، لكنه لم يكن شيعي المذهب الاثني عشري، لأن مأمون كان عالمًا ومحبًا للعلوم العقلية والاستدلال، والشيعة أيضًا تعتمد على العقل والاستدلال، ولهذا كان يميل إليهم. قال الشهيد مطهري: «لا شك في وجود ميل روحي وفكري نحو [[الشيعة|التشيع]] في مأمون»<ref>مرتضى مطهري، مجموعة آثار، صدرا، الطبعة الأولى، 78، ج 18، ص 118</ref>. | ||
واستدل على ذلك بمناظرات مأمون مع علماء [[أهل السنة والجماعة]]. | واستدل على ذلك بمناظرات مأمون مع علماء [[أهل السنة|أهل السنة والجماعة]]. | ||
يرى بعض المؤرخين المعاصرين أن مأمون كان في حد الاعتقاد يفضّل الشيعة، بمعنى أنه كان يرى أن أمير المؤمنين [[علي بن أبي طالب|الإمام علي (عليه السلام)]] هو الأحق بالخلافة والولاية من بين جميع الخلفاء<ref>جعفريان، رسول، تاريخ التشيع في إيران، ج 1، ص 280</ref>. | يرى بعض المؤرخين المعاصرين أن مأمون كان في حد الاعتقاد يفضّل الشيعة، بمعنى أنه كان يرى أن أمير المؤمنين [[علي بن أبي طالب|الإمام علي (عليه السلام)]] هو الأحق بالخلافة والولاية من بين جميع الخلفاء<ref>جعفريان، رسول، تاريخ التشيع في إيران، ج 1، ص 280</ref>. | ||
| سطر ٤١: | سطر ٤١: | ||
2. عندما جاء إلى العراق واستعد لاستعمال الآخرين في إدارة الدولة الإسلامية، وضع إلى جانب كل منهم شيعيًا. | 2. عندما جاء إلى العراق واستعد لاستعمال الآخرين في إدارة الدولة الإسلامية، وضع إلى جانب كل منهم شيعيًا. | ||
3. في عام 211 هـ أعلن رسميًا أن الإمام علي (عليه السلام) هو أفضل أصحاب [[محمد بن | 3. في عام 211 هـ أعلن رسميًا أن الإمام علي (عليه السلام) هو أفضل أصحاب [[محمد بن عبدالله (خاتم الأنبياء)|رسول الله]]. | ||
4. جاءت امرأة تطالب بحقها عند مأمون، وأقسمت في شعرها بحق النبي، ووصيّه علي، وحق الحسن والحسين، وحق من غُصب حقهم وأهل الكساء، وهذا يدل على شيعة مأمون<ref>تاريخ التشيع في إيران، ص 280</ref>. | 4. جاءت امرأة تطالب بحقها عند مأمون، وأقسمت في شعرها بحق النبي، ووصيّه علي، وحق الحسن والحسين، وحق من غُصب حقهم وأهل الكساء، وهذا يدل على شيعة مأمون<ref>تاريخ التشيع في إيران، ص 280</ref>. | ||
لكن كل هذه المظاهر والنفاق كانت للحفاظ على أركان الحكم. عندما رأى مأمون كثرة الشيعة وعلم أن [[ | لكن كل هذه المظاهر والنفاق كانت للحفاظ على أركان الحكم. عندما رأى مأمون كثرة الشيعة وعلم أن [[علي بن موسى (الرضا)|الإمام الرضا (عليه السلام)]] محبوب عند الناس، وأن الناس غير راضين عن والده هارون ويكنون العداء لحكومات بني العباس السابقة، اختار سياسة الصداقة مع [[العلويين]]، وبذلك جذب الرأي العام إليه، وأظهر التشيع نفاقًا، ودافع عن الخلافة وحقانيتها وتفوق علي (عليه السلام) على [[أبو بكر بن أبي قحافة|أبو بكر]] و[[عمر بن الخطاب|عمر]]، وعندما طرح مسألة التنازل عن الخلافة ثم ولاية العهد، كان هدفه في الحقيقة الحفاظ على السلطة وترسيخ موقعه<ref>رباني گلپایگانی، فرق ومذاهب كلامية، المركز العالمي للعلوم الإسلامية، الطبعة الثالثة، 83، ص 48</ref>. | ||
== وفاة مأمون == | == وفاة مأمون == | ||
| سطر ٥٥: | سطر ٥٥: | ||
{{الهوامش}} | {{الهوامش}} | ||
[[تصنيف: | [[تصنيف:الشخصيات]] | ||
المراجعة الحالية بتاريخ ١٤:٣١، ٣١ أغسطس ٢٠٢٥
مأمون العباسي هو الخليفة السابع من خلفاء بني العباس. اسمه «عبدالله مأمون» وهو ابن هارون الرشيد العباسي. في طفولته، عينه والده هارون وليًا للعهد بعد أمين. كانت سنوات حكمه الأولى متزعزعة بسبب النزاع مع أمين وقيام العلويون، ولذلك ومن أجل تثبيت خلافته استدعى الإمام الرضا (عليه السلام) من المدينة إلى مرو. ولإظهار الصداقة مع آل علي، عرض عليه أولًا تولي الخلافة، وعندما رفض الإمام هذا العرض، فرض عليه منصب ولاية العهد، وفي النهاية سممه وقتله حتى نال الشهادة.
نبذة عن مأمون العباسي
ولد مأمون يوم الخميس في منتصف شهر ربيع الأول عام 170 هـ، وُلد في نفس الليلة التي تولى فيها والده الخلافة. كان والده خامس خلفاء بني العباس، وهو نفسه بعد أمين الخليفة السابع في السلسلة.
كانت أمه جارية من خراسان تُدعى مراجل بادغيسي، وتوفيت بعد ولادة مأمون بفترة قصيرة، فربى مأمون يتيماً بلا أم. ذكر المؤرخون أن أمه كانت أبشع وأقذر جارية في مطبخ الرشيد، وهذا يؤكد القصة التي تفسر سبب حملها[١].
سلم والده مأمون إلى جعفر بن يحيى البرمكي ليقوم بتربيته، ثم كان مربّيه فضل بن سهل المعروف بـ«ذو الرياستين» الذي أصبح بعد ذلك وزيرًا لمأمون. وكان قائد قواته العامة طاهر بن حسين ذواليمينين[٢].
صفات مأمون
كانت حياته مليئة بالجهد والنشاط وخالية من الترف، على عكس أخيه أمين الذي تربى في حضن زبيدة. من يعرف زبيدة يدرك أن أمين كان غارقًا في اللهو واللهو. لم يكن مأمون يشعر بأصالة قوية تجاه نفسه كما أخوه، ولم يكن واثقًا من مستقبله، بل كان يعتقد أن بني العباس لن يقبلوا بحكمه، لذا رأى نفسه بلا سند يعتمد عليه، فرفع همته ووضع خطة لمستقبله. بدأ يحدد مسارات مستقبله منذ أن أدرك موقعه وعلم أن أخاه أمين يتمتع بميزات لا يملكها.
تعلم من أخطاء أمين، فمثلًا عندما كان فضل يرى أمين منهمكًا في اللهو، كان ينصحه مأمون بأن يظهر التقوى والدين وحسن السلوك، وكان مأمون يفعل ذلك. كلما بدأ أمين حركة ضعيفة، كان مأمون يأخذها على محمل الجد[٣].
آراء العلماء في مأمون
على أي حال، تفوق مأمون في العلوم والفنون المختلفة على أقرانه وحتى على جميع بني العباس. قال بعضهم: «لم يكن في بني العباس أحد أعلم من مأمون»[٤].
قال ابن نديم عنه: «كان أعلم الخلفاء جميعًا بالفقه والكلام»[٥].
وقال محمد فريد وجدي: «بعد الخلفاء الراشدين لم يأتِ أحد أكثر كفاءة من مأمون»[٦].
ونقل عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال يومًا عن بني العباس: «السابع منهم سيكون أعلمهم»[٧].
كما شهد والد مأمون بتفوقه على أخيه أمين وقال: «... قررت تصحيح ولاية العهد وتسليمها لمن أرى سلوكه أفضل وأقدر على السياسة، وأنا مطمئن إليه، وهو ليس إلا عبد الله. لكن بني العباس يتبعون أهواءهم ويفضلون محمد، وهو متبع لأهوائه، مبذر، تشارك النساء والجواري في قراراته. إن فضلت عبد الله، سأغضب بني هاشم، وإن تركت المنصب لمحمد، فلست آمنًا من الخراب الذي سيأتي على الأمة...»[٨].
وقال الرشيد أيضًا: «أرى في عبد الله حكمة منصور، وعبادة المهدي، وعظمة الهادي، لكني فضلت محمد عليه رغم معرفتي باتباعه لأهوائه، وبذخه، ومشاركة النساء والجواري في قراراته. لو لم تكن أم جعفر (زبيدة) ولم يصر بني هاشم على ذلك، لفضلت عبد الله عليه...»[٩].
المعتقد الديني لمأمون
ظل وجه مأمون المنافق سببًا في إخفاء الدافع الحقيقي لاختياره عبر ثلاثة عشر قرنًا على المؤرخين والسِّيَر، لذلك قدم المؤرخون منذ القرن الثالث الهجري آراءً مختلفة في هذا الشأن.
يرى مرتضى المطهّري أن مأمون كان يميل إلى الشيعة، لكنه لم يكن شيعي المذهب الاثني عشري، لأن مأمون كان عالمًا ومحبًا للعلوم العقلية والاستدلال، والشيعة أيضًا تعتمد على العقل والاستدلال، ولهذا كان يميل إليهم. قال الشهيد مطهري: «لا شك في وجود ميل روحي وفكري نحو التشيع في مأمون»[١٠].
واستدل على ذلك بمناظرات مأمون مع علماء أهل السنة والجماعة.
يرى بعض المؤرخين المعاصرين أن مأمون كان في حد الاعتقاد يفضّل الشيعة، بمعنى أنه كان يرى أن أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) هو الأحق بالخلافة والولاية من بين جميع الخلفاء[١١].
بشكل عام، الأسباب التي ذُكرت لإثبات شيعة مأمون هي:
1. أقام في بغداد مجلسًا من الفقهاء والعلماء لإثبات تفضيل الإمام علي (عليه السلام) على باقي الصحابة.
2. عندما جاء إلى العراق واستعد لاستعمال الآخرين في إدارة الدولة الإسلامية، وضع إلى جانب كل منهم شيعيًا.
3. في عام 211 هـ أعلن رسميًا أن الإمام علي (عليه السلام) هو أفضل أصحاب رسول الله.
4. جاءت امرأة تطالب بحقها عند مأمون، وأقسمت في شعرها بحق النبي، ووصيّه علي، وحق الحسن والحسين، وحق من غُصب حقهم وأهل الكساء، وهذا يدل على شيعة مأمون[١٢].
لكن كل هذه المظاهر والنفاق كانت للحفاظ على أركان الحكم. عندما رأى مأمون كثرة الشيعة وعلم أن الإمام الرضا (عليه السلام) محبوب عند الناس، وأن الناس غير راضين عن والده هارون ويكنون العداء لحكومات بني العباس السابقة، اختار سياسة الصداقة مع العلويين، وبذلك جذب الرأي العام إليه، وأظهر التشيع نفاقًا، ودافع عن الخلافة وحقانيتها وتفوق علي (عليه السلام) على أبو بكر وعمر، وعندما طرح مسألة التنازل عن الخلافة ثم ولاية العهد، كان هدفه في الحقيقة الحفاظ على السلطة وترسيخ موقعه[١٣].
وفاة مأمون
توفي مأمون أثناء حملته على الروم بسبب المرض في بَدَندون، ودُفن في طرسوس[١٤]. قبره اليوم في المسجد الجامع بمدينة طرطوس في محافظة مرسين جنوب تركيا وعلى الحدود مع سوريا[١٥].
اتفق المؤرخون والسير على أن تاريخ وفاة مأمون كان في شهر رجب عام 218 هـ، لكنهم اختلفوا في يوم وفاته، فبعضهم يقول الثامن، وبعضهم الحادي عشر، وبعضهم الثالث عشر، وبعضهم السابع عشر من رجب[١٦].
الهوامش
- ↑ حياة الحيوان، ج 1، ص 72
- ↑ عصر المأمون، ج 1، ص 210
- ↑ الآداب السلطانية، ص 212
- ↑ حياة الحيوان، ديميري، ج 1، ص 72
- ↑ فهرست ابن النديم، ص 174، مطبعة الاستقامة، القاهرة
- ↑ الموسوعة الإسلامية، ج 1، ص 620
- ↑ مناقب آل أبي طالب، ج 2، ص 276؛ سفیحة البحار، ج 2، ص 332، مادة «غيبة»
- ↑ مروج الذهب، بيروت، ج 3، ص 352-353
- ↑ قصيدة ابن عبدون، ص 245؛ تاريخ الخلفاء للسيوطي، ص 307؛ أخبار طوال، ص 401؛ الإتحاف بحت الأشراف، ص 96؛ تاريخ الخميس، ج 2، ص 334
- ↑ مرتضى مطهري، مجموعة آثار، صدرا، الطبعة الأولى، 78، ج 18، ص 118
- ↑ جعفريان، رسول، تاريخ التشيع في إيران، ج 1، ص 280
- ↑ تاريخ التشيع في إيران، ص 280
- ↑ رباني گلپایگانی، فرق ومذاهب كلامية، المركز العالمي للعلوم الإسلامية، الطبعة الثالثة، 83، ص 48
- ↑ الطبري، التاريخ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، 1960 م، ج 8، ص 472-489؛ طقوش، دولة العباسيين، ص 160، 1390 ش
- ↑ مأمون، موقع أولياء نت، تاريخ النشر: 27/07/1393 هـ
- ↑ الأخبار الطوال (الدينوري)، ص 400؛ الثقات (ابن حبان)، ج 2، ص 331؛ تاريخ بغداد (خطيب بغدادي)، ج 1، ص 189؛ تاريخ مدينة دمشق (ابن عساکر)، ج 33، ص 337؛ وقائع الأيام، ص 312؛ المحبر (محمد بن حبيب البغدادي)، ص 41