الفرق بين المراجعتين لصفحة: «القرينة»

من ویکي‌وحدت
(أنشأ الصفحة ب''''القرينة:''' وهي العلامة الصادرة من الشارع أو العرف تدل علی المعنی المطلوب، فالقرينة ما ي...')
(لا فرق)

مراجعة ٠٣:١٢، ٥ سبتمبر ٢٠٢١

القرينة: وهي العلامة الصادرة من الشارع أو العرف تدل علی المعنی المطلوب، فالقرينة ما يذكره المتكلّم لتعيين المعنى المراد، أو لبيان أنّ المعنى الحقيقي غير مراد، وتسمّى الاُولى قرينة معيّنة وتجري في الحقيقة والمجاز، والثانية تسمّى قرينة مانعة وتختصّ بالمجاز، كما في: «رأيت أسداً يرمي في ساحة الحرب».

تعريف القرينة لغةً

وفلان قرين فلان، وإذا كان لا يفارقه...[١] وأقرنت الشاة، إذا ألقت بعرها مجتمعاً لاصقاً بعضه مع بعض... وجيء بالقوم قِرانى، على مثال فُعالى، متقارنين، أي قرن بعضهم إلى بعض[٢]. والقرين: صاحبك الذي يقارنك[٣]. وقرينة الرجل امرأته[٤]. والقرينة: فعلية بمعنى مفعولة من الاقتران[٥].

تعريف القرينة اصطلاحاً

لم نلحظ إفراز بحث مستقلّ للقرينة من قبل جلّ قدماء ومتقدّمي الاُصوليين، ولذلك لم نشهد عن أكثرهم تعريفاً اصطلاحياً، برغم تعدّد مواطن بحثها والتمثيل عليها، لكن وردت بعض التعريفات لها من قبل اللغويين والقليل من الاُصوليين وكذلك بعض المعاصرين ممّن أفرز بحثاً خاصّاً بعنوان (القرينة): منها: بيان لما اُريد باللفظ في عرف الشرع والعادة[٦]. ومنها: أمر يشير إلى المطلوب[٧]. ومنها: الأمر الدالّ على الشيء من غير الاستعمال فيه[٨]. ومنها: كلّ أمارة ظاهرة تقارن شيئاً خفياً، فتدلّ عليه[٩]. ما يذكره المتكلّم لتعيين المعنى المراد، أو لبيان أنّ المعنى الحقيقي غير مراد، وتسمّى الاُولى قرينة معيّنة وتجري في الحقيقة والمجاز، والثانية تسمّى قرينة مانعة وتختصّ بالمجاز[١٠]. ومنها: ما يبيّن معنى اللفظ ويفسّره[١١]. ومنها: ما يصرف اللفظ عن ظاهره أو يقتصر على بعض ما وضع له كـ تخصيص العموم، ويعتبر المشترك[١٢].

أهمّية موضوع القرينة ومواطن بحثه

إنّ أهمّية موضوع بحث القرينة يعود بشكل واسع إلى كثرة مواطن بحث القرينة، فجلّ البحوث الاُصولية اللغوية يُطرح فيها بحث القرينة، فبحث العموم والخصوص و الإطلاق و التقييد، و المجمل والمبين و المفسّر والمؤول وغيرها جميعهاً يطرح فيه موضوع القرينة، وللقرينة أثر فيها، بل حتّى بعض البحوث غير اللفظية مثل النسخ يُطرح فيها موضوع القرينة كذلك. يقول الزركشي في هذا المجال: «كلّ المسائل التي نتكلّم فيها، المقصود إثبات أصل عند التجرّد عن القرائن»[١٣]. وهو ما أكّده الكثير من الاُصوليين بعبارات مختلفة[١٤]. من جانب آخر، فإنّ الكثير من الاختلافات الحاصلة بين الفقهاء تعود في حقيقتها إلى الاختلاف في وجود القرينة أو تفسيرها أو شيء ذات صلة بالقرينة.

أقسام القرينة

قسّمت القرينة باعتبارات مختلفة إلى تقسيمات عديدة:

تقسيم القرينة من حيث المنشأ إلى عرفية، وشرعية، وعقلية

القرينة العرفية

وهي القرينة الناشئة عن الاستعمال الغالب لـ أهل العرف مثل الكثير من المعاني المنقولة لدى أهل اللغة، مثل: استعمال العرف السيارة بمعنى العربة المعروفة[١٥].

القرينة العقلية

وهي استنتاجات ولوازم عقلية للدليل الذي اتّصل بها. وهي من قبيل قول البعض بأنّ الخطاب الشرعي غير شامل لغير المشافهين؛ لعدم صحّة توجيه الخطاب الحقيقي نحو المعدوم[١٦].

القرينة الشرعية

وهي القرينة الصادرة من الشارع، من قبيل الآية التي تحلّ صيد البرّ والبحر وتحلّ أكل الصيد دون قيّد، لكنّ الروايات وردت في حليّة بعض الأصناف دون بعض، فمن صيد البحر السمك ذات الفلس ومن صيد البرّ حيوانات محدّدة مثل الأنعام[١٧].

تقسيم القرينة من حيث القوّة والضعف إلى قطعية وظنّية

القرينة القطعية

هي التي تبيّن المراد من الدليل الذي اتّصلت به بنحو اليقين بأن تكون نصّاً في تخصيص عامّ أو تقييد مطلق.

القرينة الظنّية

هي التي تبيّن المراد من الدليل ذات الصلة بنحو احتمالي لا يرقى إلى اليقين بأن تكون ظاهر كلام يخصّص عامّاً أو يقيّد مطلقاً [١٨].

تقسيم القرينة من حيث كونها لفظية أو غير لفظية إلى مقالية وحالية

القرينة المقالية

وتسمّى اللفظية كذلك، هي عبارة عمّا يصدر من المتكلّم من قول يبيّن من خلاله المراد. وتنقسم إلى قسمين: متّصلة، وهي التي اتّصلت بالكلام مباشرة مثل أداة الاستثناء. ومنفصلة، وهي التي انفصلت عن الكلام والدليل ذات الصلة، بأن تكون آية اُخرى أو رواية صدرت من الرسول لبيان المراد من آية أو رواية اُخرى.

القرينة الحالية

هي الاُمور غير اللفظية المصاحبة للدليل وتفهم من حال المتكلّم أو من خلال الحس والعقل والعرف، ولذلك تسمّى القرينة غير اللفظية[١٩]. ومن مصاديقها القرينة الارتكازية، وهي القرينة التي تعتمد الارتكازات العرفية والعقلائية للدلالة على أمر ما، من قبيل أن يطلب شخص إتيانه بماء، فإنّ المتعارف كون المطلوب هو ماء الحنفية لا ماء النهر أو البحر أو ما شابه[٢٠]. ومن أصناف هذه القرينة كذلك هي القرينة المقامية، وهي كون المتكلّم يستهدف الكلام عن أمر محدّد، فيفسّر كلامه وفق ذلك الهدف، فإنّ المتكلّم لو كان في صدد الكلام عن نِعَم اللّه‏ على الإنسان فذكر نعمة السمع والبصر واللمس، فلا يمكن استفادة انحصار نِعَم اللّه‏ في الاُمور المزبورة؛ لأنّه لم يستهدف الكلام عن تعداد نِعَم اللّه‏ على الإنسان بل يستهدف بيان كون الله منعماً فحسب[٢١].

تقسيم القرينة من حيث كونها ضمن الدليل وداخلة فيه أو خارجة عنه إلى داخلية وخارجية

القرينة الداخلية

وهي التي تشكل جزء من الدليل، من قبيل السياق أو وجود ألفاظ في الدليل تصرف الدليل إلى معنى خاصّ.

القرينة الخارجية

هي القرينة الخارجة عن الدليل كالفهم العرفي الذي يصرف كلام المتكلّم إلى معنى خاصّ، وكمخصصات العموم المنفصلة. وفرق القرينة الخارجية والداخلية عن المتّصلة والمنفصلة في أنّ الأخيرتين تستخدمان في الغالب في القرائن اللفظية بينما الداخلية والخارجية تستخدمان للأعمّ من القرائن اللفظية وغيرها [٢٢].

تقسيم القرينة من حيث مورد استخدامها فى مورد محدّد أو متعدّدة الاستخدام إلى شخصية ونوعية

القرينة النوعية

هي القرينة التي تصلح للاستدلال بها على موارد عدّة وغير خاصّة بدليل محدّد، وتصلح لئن تكون قرينة على صنف أو أصناف من الأدلّة من قبيل القرينة التي تقام على إلغاء خصوصية الحضور في الخطابات الشرعية. وقد تسمّى القرينة الصنفية كذلك.

القرينة الشخصية

هي القرينة المقامة على أمر خاصّ، أي للدلالة على أمر خاصّ، ولا تصلح للدلالة على أمر آخر، من قبيل الدليل الحاكم على المحكوم والذي يتصرّف فيه سعة وضيقاً، أو من قبيل الاستظهارات الشخصية للمجتهد، والتي قد لا تنضبط وتختلف باختلاف المجتهدين[٢٣]. وهناك تقسيمات اُخرى من قبيل تقسيمها إلى صارفة، أي تصرف اللفظ إلى معنى خاصّ، كما في «رأيت أسداً يرمي في ساحة الحرب» فإنّ الرمي قرينة صارفة لمعنى الأسد من الحيوان المفترس إلى الرجل الشجاع[٢٤]. وتقسيم آخر وهو تقسيمها إلى عدمية ووجودية، والعدمية هي التي لا وجود لها في اللفظ وانعدامها يكون دليلاً على أمر ما من قبيل قوله: «أكرم العلماء» فإنّ عدم تقييد العلماء بصفة خاصّة قرينة على عموم الإكرام، والقرينة الوجودية هي التي تكون موجودة وحاضرة في النص و الخطاب، كما لو قيّد العلماء في المثال السابق بصفة التقوى، فإنّ المفردة الأخيرة تصرف الوجوب إلى العلماء المتقين وتقيّده بذلك[٢٥].

حكم القرينة

شرعية العمل بالقرينة

لم نعثر على من تناول موضوع شرعية العمل وفق القرينة؛ وذلك على ما يبدو لأجل أنّ الموضوع بديهياً ويدخل في إطار اللغة والاُمور المتبانى عليها من قبل العرف. إنّ القرينة تساعد في تشكيل ظهور الألفاظ، فهي في الحقيقة تساعد في تشكيل صغريات حجية الظهور.

تقدّم القرينة على ذيها

ورد عن الاُصوليين أنّ ظهور القرينة ومفادها مقدّم على ذي القرينة، فإذا كان مفاد القرينة التخصيص ومفاد ذي القرينة التعميم أخذ بمفاد القرينة وحكم بالتخصيص؛ وذلك لأجل عدم وجود مانع يمنع من حجّيّة ظاهر القرينة. وأكثر الاُصوليين أرسلوا هذا الموضوع إرسال المسلّمات ولم يستدلّ عليه أصلاً؛ ويبدو أنّ ذلك لأجل كونه يدخل في إطار التفاهمات العرفية، فإنّ العرف يقدم القرينة على ذيها ولا يرى إشكالاً في ذلك[٢٦]. لكن وردت تبريرات من قبل بعض الاُصوليين: منها: التبرير بـ الحکومة، فإنّ مثل العامّ والخاصّ، تكون القرينة الدالّة على التخصيص حاكمة على العامّ مع اختلاف في تفاصيل ذلك[٢٧]. ومنها: التبرير بالورود، وذلك من خلال القول بأنّ القرينة واردة وموجبة لارتفاع موضوع ذي القرينة[٢٨]. ومنها: اعتبار القرينة بمثابة مفسِّر لذي القرينة، ولأجل ذلك لا يعتبر أن يكون ظهورها أقوى من ظهور ذيها [٢٩]. وقد تكون هناك تبريرات اُخرى[٣٠]. وباعتبار أنّ التنافي بين القرينة وذيها يدخل في باب الظهور وباب التعارض و الجمع العرفى فهناك تفاصيل اُخرى تتعلّق بهذا المجال[٣١].

المصادر

  1. . ترتيب جمهرة اللغة 3: 126 مادّة: «قرن».
  2. . المصدر السابق: 127 مادّة: «قرن».
  3. . العين 5: 142، مادّة: «قرن»، تهذيب اللغة 5: 89، مادّة: «قرن».
  4. . العين 5: 143، مادّة: «قرن».
  5. . لسان العرب 3: 3206 مادّة: «قرن».
  6. . التمهيد في اُصول الفقه أبو الخطاب الكلوذاني 1: 183.
  7. . التعريفات الجرجاني: 152.
  8. . كشاف اصطلاحات الفنون 3: 575.
  9. . المدخل الفقهي العامّ الزرقا 2: 918.
  10. . اُصول الفقه الإسلامي الزحيلي 1: 297.
  11. . التبصرة في اُصول الفقه: 39.
  12. . البحر الزخار المرتضى 1: 200.
  13. . البحر المحيط 2: 404.
  14. . الوافية: 113، قوانين الاُصول: 69، هداية المسترشدين 1: 231 و 340، الفصول الغروية: 41 و 157، تعليقة على معالم الاُصول القزويني 2: 471 و 474.
  15. . اُنظر: منتقى الاُصول 7: 344، المحكم في اُصول الفقه 4: 158، كفاية الاُصول: 441، فوائد الاُصول 4: 727، محاضرات في اُصول الفقه 5: 96.
  16. . اُنظر: المحصول 2: 497، مقالات الاُصول 1: 314، نهاية الأفكار العراقي 1 ـ 2: 537 ـ 538، منتقى الاُصول 7: 333.
  17. . تعليقة على معالم الاُصول القزويني 1: 182 و 3: 244، كشف اللثام 2: 316، الفتاوى الواضحة (الصدر): 602.
  18. . اُنظر: نهاية الأفكار العراقي 3: 137، تقريرات المجدد الشيرازي 1: 19 و 4: 314، المحكم في اُصول الفقه 3: 260 و 268 و 6: 195، زبدة الاُصول (الروماني) 3: 157، مقالات الاُصول 2: 498.
  19. . المحصول 1: 140، 2: 497، محاضرات في اُصول الفقه الخوئي 2: 131، زبدة الاُصول (الروماني) 1: 115، الفصول الغروية: 31، فرائد الاُصول 1: 162، نهاية الأفكار ج 4 ق 2: 147، تحريرات في الاُصول 2: 150، فقه الصادق 15: 337.
  20. . القضاء في الفقه الإسلامي الحائري: 206، المحكم في اُصول الفقه 4: 153 و 196، 5: 51، شرح العروة الوثقى الصدر 2: 68.
  21. . درر الفوائد 1 ـ 2: 208، إفاضة العوائد 1: 329، الرافد في علم الاُصول: 53 و 258.
  22. . اُنظر: قوانين الاُصول: 178، هداية المسترشدين 2: 69، فرائد الاُصول 3: 302، نهاية الأفكار العراقي 1 ـ 2: 583، محاضرات في اُصول الفقه 2: 192 و 3: 96، مصباح الاُصول 2: 257.
  23. . تقريرات المجدّد الشيرازي 4: 318، فرائد الاُصول 4: 93، نهاية الأفكار العراقي 1 ـ 2: 537 ـ 538، حقائق الاُصول 1: 53، المحكم في اُصول الفقه 2: 152.
  24. . الإحكام الآمدي 1 ـ 2: 378 و412 و452 ـ 453، كفاية الاُصول: 23، الفوائد الحائرية: 99 و 102، هداية المسترشدين 1: 145 و152 و159، فرائد الاُصول 1: 135 ـ 136، وقاية الأذهان: 419.
  25. . تحريرات في الاُصول 2: 93 و96.
  26. . اُنظر: مصباح الاُصول 2: 543، منتهى الدراية 9: 441 ـ 442، أجود التقريرات 1: 442، منتقى الاُصول 3: 45، منتهى الاُصول 2: 546 و567.
  27. . فوائد الاُصول 1 ـ 2: 577 ـ 578، 4: 720، منتهى الاُصول 1: 231، مناهج الوصول إلى علم الاُصول 2: 322 ـ 333.
  28. . مصباح الاُصول 3: 352.
  29. . اُصول الفقه المظفر 1 ـ 2: 215.
  30. . أجود التقريرات 1: 442 ـ 443، منتقى الاُصول 3: 449 ـ 450، المحكم في اُصول الفقه 6: 78 ـ 79.
  31. . دروس في علم الاُصول 3: 545، أنوار الهداية 1: 370، تهذيب الاُصول الخميني 1: 536.