منظمة الأمم المتحدة
منظمة الأمم المتحدة، عندما كانت آثار الحرب العالمية الثانية لا تزال منتشرة من أوروبا إلى أفريقيا وآسيا، وقعت 51 دولة في 24 أكتوبر 1945 ميثاق الأمم المتحدة، لتأسيس هيئة تُسمى منظمة الأمم المتحدة؛ وهي منظمة تهدف في الأساس إلى الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، واتخاذ إجراءات جماعية فعالة لمنع ومعالجة التهديدات ضد السلام، وتطوير العلاقات الودية بين الأمم.
تأسيس منظمة الأمم المتحدة
تم استخدام مصطلح الأمم المتحدة لأول مرة من قبل فرانكلين روزفلت، رئيس الولايات المتحدة، خلال الحرب العالمية الثانية للإشارة إلى الحلفاء. وكان الاستخدام الرسمي الأول لهذا المصطلح في بيان 1 يناير 1942، حيث دعم الحلفاء بنود ميثاق الأطلسي وطُلب من الحلفاء الامتناع عن السلام المنفصل مع قوات المحور. في ذلك الوقت، تم إنشاء وثيقة تُسمى إعلان الأمم المتحدة، وقام 26 دولة من العالم، بما في ذلك إيران، بالتوقيع عليها وأعلنت استعدادها لمواجهة الحرب.
وفقاً لهذه الوثيقة، أصبحت فكرة تأسيس منظمة الأمم المتحدة أكثر جدية في مؤتمرات موسكو والقاهرة وطهران في عام 1943. من أغسطس إلى أكتوبر 1944، درس ممثلو دول الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وإنجلترا وفرنسا وجمهورية الصين في مؤتمر دامبارتن أوكس في ولاية واشنطن، برامج تأسيس منظمة الأمم المتحدة. كانت معظم المناقشات في هذا المؤتمر تدور حول دور الأعضاء في المنظمة وشروط دعوتهم. ثم في أبريل 1945، تم تحديد حق الفيتو للخمس أعضاء في مجلس الأمن في مؤتمر سان فرانسيسكو. أخيراً، في 24 أكتوبر 1945، تم توقيع ميثاق الأمم المتحدة من قبل 50 دولة، وتم تشكيل منظمة الأمم المتحدة رسمياً.
بدء النشاط وأول جلسة للمنظمة
بدأت المنظمة نشاطها في عام 1946. في البداية، كانت اجتماعات المنظمة تُعقد في لندن وجنيف حتى تم استقرار المقر الرئيسي لمنظمة الأمم المتحدة في نيويورك في عام 1951.
كما عُقدت أول جلسة للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة بحضور 51 عضواً، وعُقدت أول جلسة لمجلس الأمن في 17 يناير 1946 في كنيسة وستمنستر في لندن. اختارت الجمعية العامة مدينة نيويورك كمضيف لمقر منظمة الأمم المتحدة. تُعتبر الأماكن المرتبطة بالمنظمة، بما في ذلك مباني المقر في جنيف، وفيينا ونيروبي، مناطق دولية. كما تم اختيار تريغفه لي، وزير الخارجية النرويجي، كأول أمين عام لهذه المنظمة.
مهام وأهداف المنظمة
كان الهدف الأول والأهم لمنظمة الأمم المتحدة هو الحفاظ على السلام والأمن الدوليين. وفي الوقت نفسه، تسعى إلى تحقيق أهداف أخرى، مثل تطوير العلاقات الودية على أساس احترام مبدأ المساواة في حقوق الدول في تقرير مصيرها، وتحقيق التعاون الدولي من خلال حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والإنسانية، واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وأيضاً أن تصبح مركزاً لتنسيق الأمم المختلفة لتحقيق الأهداف المشتركة. في هذا السياق، أنشأت الأمم المتحدة منظمات جديدة واستخدمت نظام الأمم المتحدة الذي يعتمد على المادة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة، حيث تتكون المنظمة من 6 أركان رئيسية.
أركان منظمة الأمم المتحدة
الجمعية العامة
تُعتبر واحدة من 6 أركان رئيسية للمنظمة، وهي الهيئة الوحيدة التي تشارك فيها جميع الدول الأعضاء، وتُعقد الجلسات السنوية برئاسة أحد الأعضاء المنتخبين. بصفة عامة، تكون قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ذات طابع استشاري.
مجلس الأمن
يُعتبر أحد أركان المنظمة، ويتولى مسؤولية الحفاظ على الأمن الدولي. وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، تشمل صلاحيات مجلس الأمن إرسال قوات حفظ السلام، وفرض عقوبات دولية، ومنح الإذن باستخدام القوة العسكرية ضد الدول المتخاصمة.
المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة
يُعتبر أحد الأركان الرئيسية للمنظمة، ويتولى مسؤولية التعامل مع القضايا الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية. يعقد هذا المجلس كل عام عددًا من الجلسات التنظيمية لوضع جدول الأعمال، واجتماعاً موضوعياً شهرياً في شهر يوليو لمناقشة المسائل المدرجة في جدول أعماله. عدد أعضاء هذا المجلس هو 54 شخصاً، يتم انتخابهم من بين خمس مناطق جغرافية لمدة ثلاث سنوات من قبل الجمعية العامة.
الأمانة
تُعتبر واحدة من 6 أركان رئيسية لمنظمة الأمم المتحدة، وتعمل تحت إشراف الأمين العام للمنظمة، حيث توفر المعلومات والموارد اللازمة لجلسات الأعضاء. يُلزم الأمين العام بتنفيذ المهام التي تُكلفه بها الجمعية العامة أو مجلس الأمن أو غيرها من هيئات الأمم المتحدة.
المحكمة الدولية للعدل
تُعتبر الركن القضائي الرئيسي لمنظمة الأمم المتحدة. تضم هذه المحكمة 15 قاضياً يتم انتخابهم بشكل مشترك من قبل الجمعية العامة ومجلس الأمن لمدة 9 سنوات.
الأركان الفرعية للمنظمة
الأركان الفرعية لمنظمة الأمم المتحدة ليست مستقلة عن هذه الهيئة، وهي معتمدة إدارياً ومالياً عليها، وتُحدد اللوائح المتعلقة بكيفية عملها وواجباتها وتنظيماتها من قبل المنظمة. من بين الأركان الفرعية الهامة يمكن الإشارة إلى لجنة الخبراء، والمحاكم الدولية، والأركان الدولية مثل اليونيسف، وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية أو برنامج عمران الأمم المتحدة.
ميزانية منظمة الأمم المتحدة
تُموَّل ميزانية المنظمة من قبل الدول الأعضاء بناءً على مساهمات طوعية ومخطط لها. تحدد الأمانة العامة للمنظمة الميزانية الدورية لمدة عامين بناءً على تقييمات المؤسسات المالية المهنية وتعلن حصة كل دولة.
يتم تقديم مشروع الميزانية إلى الجمعية العامة، حيث تقوم الجمعية العامة بالموافقة عليه وإبلاغ الدول به.
معيار حساب حصة الدول هو الناتج القومي الإجمالي لكل دولة. وبالتالي، تتحمل الدول ذات الكثافة السكانية العالية والمتقدمة صناعيًا الجزء الأكبر من ميزانية المنظمة، بينما تسهم الدول الصغيرة والدول النامية بجزء ضئيل من تكاليف منظمة الأمم المتحدة.
تُموَّل ميزانية البرامج الخاصة للمنظمة التي لا تُعتبر في الميزانية العادية (مثل اليونيسف أو صندوق التنمية البشرية للأمم المتحدة) من مساهمات طوعية من الدول.
ميثاق الأمم المتحدة
الميثاق هو في الواقع الوثيقة التأسيسية للمنظمة والموجهة لجميع التزاماتها. يحدد حقوق والتزامات الدول الأعضاء ويحدد الأركان وطرق عمل الأمم المتحدة. عندما تصبح دولة عضواً في منظمة الأمم المتحدة، فإنها تقبل أهداف وقواعد الميثاق.
يُعتبر الميثاق كمعاهدة دولية، حيث يحدد المبادئ الرئيسية للعلاقات الدولية من المساواة في سيادة الدول إلى منع استخدام القوة في العلاقات الدولية. تم توقيع ميثاق الأمم المتحدة في 26 يونيو 1945 في سان فرانسيسكو في نهاية مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تشكيل منظمة دولية، ودخل حيز التنفيذ في أكتوبر من نفس العام.
يهدف الميثاق صراحة إلى إنشاء نظام قانوني يضمن أن جزءاً صغيراً جداً من الإيرادات والموارد الاقتصادية للدول الحرب المدمرة يُستخدم لإنتاج الأسلحة العسكرية.
تم ابتكار الأسلحة النووية بعد أسابيع قليلة من توقيع الميثاق، وتم طرح موضوع السيطرة على الأسلحة ونزع السلاح. في الواقع، كانت أول قرار للأمم المتحدة في أول جلسة للجمعية العامة في 24 يناير 1946 بعنوان إنشاء لجنة خاصة لاكتشاف الطاقة الذرية، والتي طالبت بتقديم حلول لمواجهة تطوير الأسلحة النووية وجميع الأسلحة الفتاكة.
تتحول المفاوضات التي تحدث بين الدول المختلفة في منظمة الأمم المتحدة بعد اتخاذ القرار والموافقة إلى شكل عقود ومعاهدات، وبالتالي يتم منع النزاعات الدولية، ووفقاً لقوانين الأمم المتحدة، يجب إحالة أي نزاع أو خلاف إلى المحكمة الخاصة لحلها.