معبر رفح
معبر رفح هو معبر بري يقع بين قطاع غزة في فلسطين وشبه جزيرة سيناء في مصر، وهو المعبر البري الوحيد الذي يربط سكان غزة المحاصرة بالعالم الخارجي. شهد هذا المعبر منذ إنشائه في عام 1982 العديد من الاضطرابات، بما في ذلك هجوم إسرائيل في عام 2024، انتقامًا لعملية عاصفة الأقصى التي نفذتها حماس وأسفرت عن مقتل المئات من الإسرائيليين.
التاريخ
يعد معبر رفح معبرًا حدوديًا يقع في مدينة رفح بين قطاع غزة في فلسطين وشبه جزيرة سيناء في مصر. بعد انتهاء حرب العرب وإسرائيل في عام 1948، تم إلغاء الحدود بين مصر وغزة وأصبحت المنطقة تحت السيطرة المصرية، قبل أن تحتل إسرائيل المنطقة مرة أخرى مع شبه جزيرة سيناء في حرب الأيام الستة.
بعد احتلال قطاع غزة من قبل إسرائيل في عام 1967، أُغلقت الحدود وقطعت الاتصالات بين قطاع غزة ومصر، ومنذ ذلك الحين، تعمقت الاحتلالات التي تعاني منها غزة بسبب الحصار الإسرائيلي الشديد.
تم إعادة تأهيل هذا المعبر رسميًا بعد اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل في عام 1979 وخروج إسرائيل من شبه جزيرة سيناء في عام 1982. ثم تم الاتفاق على إعادة فتح المعبر للأفراد والبضائع بموجب اتفاق أوسلو في عام 1993. حتى 11 سبتمبر 2005، عندما انسحبت إسرائيل من قطاع غزة، كان المعبر يديره مطار إسرائيل، وظل المراقبون الأوروبيون موجودين لمراقبة الحركة في المعبر.
تم إعادة فتح المعبر في 25 نوفمبر 2005. استمرت إدارة مطار إسرائيل في التحكم فيه حتى انسحابها من قطاع غزة وإغلاق مستوطناتها في 11 سبتمبر 2005، وتم نشر المراقبين الأوروبيين لمراقبة حركة المعبر بالتعاون مع مصر.
استمرت الحركة في المعبر حتى 25 يونيو 2006. بعد ذلك، أغلقت إسرائيل المعبر لأسباب أمنية في معظم الأوقات (86% من الأيام) ولا يزال مغلقًا أمام صادرات المواد الغذائية.
في يونيو 2007، بعد أن وسعت حماس سلطاتها في قطاع غزة، أُغلق المعبر تمامًا.
بعد ثورة مصر في عام 2011، قررت الحكومة المصرية إغلاق معبر رفح اعتبارًا من يوم السبت 28 مايو 2011. بعد إغلاق دام حوالي أربع سنوات من قبل النظام السابق في مصر، تم فتح المعبر لمدة ست ساعات يوميًا حتى انقلاب 6 يوليو 2013، عندما أُغلق المعبر تمامًا وتم بناء جدار الفصل بين مصر وغزة.
الرقابة على المعبر
أصبح موضوع معبر رفح ومصر بعد ثورة مصر قضية حساسة، حيث قررت مصر فتح المعبر طوال أيام الأسبوع اعتبارًا من يوم السبت 28 مايو 2011، مما أثار قلق إسرائيل. تصر إسرائيل على السيطرة على الحدود والمعابر بين قطاع غزة والخارج، بينما تسيطر بالكامل على مرور البضائع التجارية. تم اقتراح نقل معبر رفح إلى مثلث الحدود بين مصر وفلسطين وإسرائيل في كرم شالوم (كرم شالوم) على بعد عدة كيلومترات جنوب شرق موقعه الحالي.
وافقت إسرائيل على إخلاء محور صلاح الدين على الحدود المصرية، حيث تم نشر 750 حارس حدود مصري ونقل المعبر الحدودي رفح بين قطاع غزة ومصر إلى عدة كيلومترات جنوب شرق المدينة بشكل مثلثي، مما يسمح لها بفرض سيطرتها الأمنية. على الرغم من إعلانها في 24 أغسطس 2005 عن التوصل إلى اتفاق كامل مع مصر لنشر 750 جنديًا مصريًا مسلحًا على الحدود البالغة 14 كيلومترًا، لم تقدم إسرائيل أي رد بشأن وجود طرف ثالث. نشرت الصحف الإسرائيلية تفاصيل هذا الاتفاق، حيث ستجهز القوات المصرية بأربع زوارق دورية وثماني طائرات هليكوبتر وحوالي 30 مركبة مدرعة خفيفة.
الخلاف حول السيطرة
بعد سيطرة حماس على قطاع غزة في يونيو 2007، بدأت الخلافات والتغييرات الإدارية حول السيطرة على المعبر.
اعترضت حماس على مشاركة إسرائيل في عمليات المعبر، وتوقفت الرقابة الأوروبية بسبب غياب قوات السلطة الفلسطينية، وامتنع الأوروبيون عن التعامل مع موظفي حماس، مما أدى إلى إغلاق المعبر.
طالبت حماس بإعادة فتح معبر رفح دون أي قيود أو شروط، ووضعت ذلك كشرط لوقف إطلاق النار مع إسرائيل أو المصالحة مع سلطاتها، وطالبت أيضًا مصر بتحمل مسؤولياتها بغض النظر عن موقفها في هذا الشأن. اعتبرت مصر أن المعبر في غياب السلطة الفلسطينية والرقابة الأوروبية لا تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها في الاتفاق، وبالتالي فإنها لا تستطيع تنفيذه بشكل عادي. نتيجةً لذلك، أغلقت المعبر بسبب الضغوط التي تعرضت لها.
نتيجةً للاشتباكات المستمرة بين الأطراف المعنية، ومع الأخذ في الاعتبار تطور العلاقات بين مصر وحماس على مر السنين، تم تنفيذ العديد من العمليات لفتح وإغلاق المعبر، واعتُبر أداة للضغط المصري على حماس، ولكن مصر عادةً ما كانت تفتح المعبر للمساعدات الإنسانية، مثل الحرب بين إسرائيل وغزة، بما في ذلك دخول المساعدات الإنسانية.
طمع إسرائيل في السيطرة على المعبر
تصر إسرائيل على نقل معبر رفح الحالي إلى منطقة كرم شالوم الإسرائيلية، في جنوب شرق قطاع غزة، في خطوط الاتصال بين مصر وقطاع غزة وإسرائيل. وبالتالي، تسيطر إسرائيل على الأمن لدخول الأفراد والبضائع إلى قطاع غزة، بالإضافة إلى فرض السيطرة الجمركية على البضائع التي قد تُباع لاحقًا في إسرائيل أو الضفة الغربية.
وفقًا للاتفاقيات الذاتية بين إسرائيل والفلسطينيين في عام 1993، لا يحق لإسرائيل فرض رسوم جمركية على البضائع الفلسطينية، بل تدفع قيمة الرسوم الجمركية على المنتجات التي تمر عبر إسرائيل للفلسطينيين.
بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في 14 يونيو 2007، اقترحت حماس من خلال إسماعيل هنية، رئيس وزرائها، تشغيل معبر رفح وفقًا لاتفاقية 2005.
بداية الكارثة
بدأت الكارثة لسكان مدينة رفح عندما احتلت إسرائيل في عام 1967 كل من قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء مصر. نتيجة لذلك، لم يُفصل أي حدود بين مصر وفلسطين، مما أدى إلى تشكيل علاقات اجتماعية كبيرة بين مصر وفلسطين. بعد توقيع اتفاق كامب ديفيد في عام 1978 وتنفيذ الجزء المتعلق بتحديد الحدود بين فلسطين ومصر، تم فصل رفح المصرية عن رفح الفلسطينية، مما أدى إلى تشتت الأسر وفصلها عن بعضها البعض، مما أسفر عن إنشاء رفح الفلسطينية.
بدأت الكارثة الإنسانية، وخاصة بعد سيطرة إسرائيل على معبر رفح ومنع الفلسطينيين من عبور هذا المعبر بواسطة القوات الإسرائيلية.
لا تزال إسرائيل تسيطر على المعابر البرية (المساحات البرية) والمعابر البحرية (السواحل والموانئ) والأجواء (مطار غزة الدولي)، مما يجعل قطاع غزة، على الرغم من انسحاب إسرائيل من غزة في منتصف أغسطس، تحت سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في منتصف عام 2007، وتسيطر على معبر رفح، ولكن في النهاية تم فتح المعبر.
تأثير الوضع في مصر
بعد "ثورة 25 يناير" في مصر في عام 2011، قررت الحكومة المصرية بعد أربع سنوات من الإغلاق، أن تفتح المعبر إلى الأبد اعتبارًا من أردیبهشت من نفس العام، ولكن تحت تدابير صارمة في مراقبة وتدفق الأفراد.
منذ الانقلاب ضد محمد مرسي، الرئيس الراحل لمصر في عام 2013، زادت معاناة سكان غزة، حيث أغلقت السلطات المصرية هذا المعبر لفترة طويلة ولم تفتح إلا في ظروف استثنائية لبعض الحالات الإنسانية.
في 12 أكتوبر 2017، وقعت حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية (فتح) اتفاقية مصالحة في القاهرة، بموجبها ستتولى السلطة الفلسطينية إدارة قطاع غزة في محاولة لإنهاء الانقسام الداخلي الذي استمر منذ منتصف عام 2007، لكن عودة الخلاف والانقسام حالت دون تنفيذ ذلك.
في مايو 2018، فتحت مصر هذا المعبر بعد سنوات طويلة من الإغلاق تقريبًا، لمدة خمسة أيام في الأسبوع مع السماح بالعبور بسعة محددة.
إعادة الفتح
في 1 يونيو 2010، أصدر الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك أمرًا بإعادة فتح معبر رفح بشكل غير محدود طوال الأسبوع. تم اتخاذ هذا القرار بعد مجزرة أسطول الحرية على يد الكوماندوز الإسرائيليين ضد تضامن تركيا مع غزة. نشطاء كانوا يتجهون عبر البحر نحو قطاع غزة، ثم في 25 يونيو. في نوفمبر 2010، تقرر أن يكون المعبر مفتوحًا طوال أيام الأسبوع باستثناء يومي الجمعة والسبت والعطلات الرسمية. كان المعبر يعمل من الأحد إلى الخميس من الساعة 7 صباحًا حتى 7 مساءً، ثم أُغلق في 28 يناير 2011 بعد ثورة 25 يناير 2011 التي حدثت في مصر، وبعد ذلك أصدر المجلس العسكري في مصر أمرًا بإعادة فتح المعبر فقط للحالات الإنسانية (مرضى - طلاب - إقامة - تأشيرات). تم فتح المعبر في 22 فبراير 2011، وبالتالي أصبح المعبر الوحيد في المنطقة الذي يتبع ويخضع لسلطة السلطة الفلسطينية. يأمل الفلسطينيون أن يُفتح هذا المعبر أيضًا للتجارة ولا يقتصر فقط على دخول الأفراد.
هجوم كرم القواديس
أغلقت الحكومة المصرية معبر رفح لفترة غير محددة بعد الهجوم على كمين كرم القواديس في عام 2014 في شمال سيناء، والذي أسفر عن مقتل 30 جنديًا من الجيش المصري. ومع ذلك، فتحت السلطات المصرية هذا المعبر لمدة يومين فقط في نهاية نوفمبر وكذلك لفترة محدودة في ديسمبر.
مشاكل المرور
يعتبر معبر رفح البوابة الوحيدة لدخول قطاع غزة، وهو الشريان الرئيسي لحركة المواطنين من مصر إلى غزة. ومع ذلك، فإن إغلاقه لفترة طويلة من قبل السلطات المصرية جعله رمزًا لمعاناة غزة. وفقًا لتصريحات المدير العام لمعبر رفح، خالد الشاعر، يُعتبر مرور المسافرين عبر معبر رفح في عام 2015 أسوأ عام مقارنة بالسنوات السابقة، حيث لم تتجاوز ساعات العمل 120 ساعة. في هذا السياق، أوضح هذا المسؤول الفلسطيني أنه خلال عام 2015، فتح الجانب المصري معبر رفح ست مرات في 19 يومًا، بمعدل 6 ساعات في اليوم. على الرغم من أن الجانب المصري يسمح فقط بعبور المساعدات الإنسانية، إلا أن معظمهم من المرضى وحاملي جوازات السفر المصرية والأجنبية. أكد مدير المعبر أن هناك أكثر من 15000 حالة إنسانية بارزة في قطاع غزة، وأن فتح المعبر عدة مرات لا يلبي احتياجات مليوني مواطن فلسطيني في قطاع غزة.
نهاية المعاناة
تم الإعلان عن تسليم معبر رفح للسلطة الوطنية الفلسطينية من قبل حركة حماس في احتفال كبير في ساحة المعبر بحضور قادة الأمن المصري، بشرط أن يُفتح معبر رفح في الخامس عشر من هجري 2017. في نفس الشهر، تم إنهاء المعاناة التي تحملها سكان غزة على مدى أحد عشر عامًا بسبب الإغلاق المستمر لهذا المعبر.
أهمية المعبر
يعتبر هذا المعبر ذا أهمية كبيرة خاصة للفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة المحاصر من جميع الجهات، حيث يشكل بوابتهم إلى العالم الخارجي، وتشتمل أهميته على ما يلي:
- إنه ممر حيوي للبضائع والأشخاص، ولكنه مخصص بشكل أساسي لحركة الأفراد. بعضهم يمر للالتقاء بالعائلة والأصدقاء والبعض الآخر للعمل. كما أنه المخرج الوحيد لمن يرغبون في السفر من قطاع غزة إلى الخارج.
- يسمح المعبر بدخول البضائع والمساعدات الإنسانية، بما في ذلك المواد الغذائية والمواد الأولية والأدوية والمعدات الطبية إلى قطاع غزة.
- في بعض الأحيان، تسمح مصر بتصدير البضائع الفلسطينية، خاصة المنتجات الزراعية، إلى إسرائيل.
- يساعد هذا المعبر في تعزيز الحركة الاقتصادية والتجارية بين غزة ومصر من حيث الواردات والصادرات.
الإغلاق
على الرغم من عدم وجود قوات إسرائيلية دائمة على الحدود بين مصر وغزة، فإن إسرائيل تسعى إلى فرض السيطرة المباشرة وغير المباشرة على إمكانية فتح المعبر، وطالبت السلطة الفلسطينية بإبلاغها بأسماء جميع من يرغبون في عبور المعبر قبل 48 ساعة، لتقرر ما إذا كانت ستسمح لهم بالعبور أم لا.
وفقًا لتقارير مركز حقوق الإنسان فلسطين، بلغ عدد الإغلاقات خلال الفترة من 26 نوفمبر 2005 إلى 31 ديسمبر 2006 حوالي 159 يومًا من الإغلاق الكلي، بينما تم فتح المعبر جزئيًا لمدة 31 يومًا لساعات محدودة.
منذ بداية عام 2007 وحتى 9 يناير 2008، أغلق المحتلون هذا المعبر لمدة 308 أيام، وكانت نسبة الإغلاق منذ توقيع اتفاقية المعابر حتى 9 يناير 2008 حوالي 59%. كان المعبر مغلقًا في معظم أيام السنة، وكان مفتوحًا في أيام وساعات محددة للمرضى والحالات الخاصة.
يؤدي إغلاق معبر رفح إلى عواقب خطيرة على سكان قطاع غزة، بما في ذلك حجب الوصول إلى الخدمات الطبية التي لا تتوفر في غزة، وإضاعة الفرص التعليمية أو المهنية في الخارج أو في الضفة الغربية. كما يسبب أضرارًا جسيمة للتجارة، ويؤدي إلى تفريق مستمر بين أفراد العائلة على جانبي الحدود، مما يعزز شعور الاختناق والعزلة في قطاع غزة ويجعل الفرصة الحقيقية لمغادرتها حتى في الظروف السابقة للخطر الوشيك غير ممكنة.
عاصفة الأقصى
تعرض معبر رفح لعدة غارات جوية إسرائيلية خلال عملية عاصفة الأقصى في أكتوبر 2023. استهدفت هذه الغارات المنطقة الفاصلة بين أبواب مصر وفلسطين، مما أدى إلى أضرار أدت إلى إغلاق المعبر.
هددت إسرائيل بقصف شاحنات الوقود والمساعدات المصرية المتجهة إلى قطاع غزة، مما أجبرها على العودة من معبر رفح إلى سيناء.
في 9 أكتوبر، أعلن المحتلون عن فرض حصار شامل على قطاع غزة ومنع "الماء والكهرباء والغذاء والوقود".
في 12 أكتوبر، طالبت الحكومة المصرية بوقف الغارات الجوية الإسرائيلية بالقرب من معبر رفح لكي تتمكن من فتحه، لكن الحكومة المصرية امتنعت عن فتحه واشترطت الحصول على ضمانات لحماية موظفيها. حتى أن عدة دول غربية طالبت بفتح المعبر للسماح لعبور حاملي جوازات السفر الأجنبية إلى غزة.
المسار الصعب
- يجب على من يمكنهم عبور معبر رفح القيام برحلة تستغرق من 6 إلى 8 ساعات عبر صحراء سيناء، وعبور عدة نقاط تفتيش مصرية في طريقهم إلى القاهرة، على بعد 400 كيلومتر.
- المعبر الثاني من رفح إلى مصر هو بوابة صلاح الدين، التي تُستخدم لنقل البضائع.
- المعبر الثالث من رفح هو معبر كرم أبو سالم، الذي يقع تحت سيطرة إسرائيل.
مقالات ذات صلة
المصادر
- مأخوذة من الموقع www.aa.com.tr
- مأخوذة من الموقع www.swissinfo.ch
- معبر رفح.. شريان الأكسجين الوحيد لسكان قطاع غزة، (معبر رفح.. شريان الأكسجين الوحيد لسكان قطاع غزة)، موقع الجزيرة، (اللغة العربية)، 22/10/2023.